بحث عن الإجارة وتطبيقها المعاصر

لائحة اعتراضية

إعداد

د. عبدالله بن موسى العمار

عضو هيئة التدريس

في كلية الشريعة في الرياض

قسم الفقه

ملخص البحث

تضمن موضوع الإجارة على الإجارة وتطبيقها المعاصر تمهيدا وخمسة مباحث وخاتمة .

 تناول التمهيد حكم تصرفات المالك الناقلة للملكية، وتبين أنها جائزة وصحيحة لأنها واردة على العين , والإجارة واردة على المنفعة.

 وتناول المبحث الأول/ حكم تأجير المستأجر للعين المؤجرة، وتبين أنه يحق له ذلك على الرأي الراجح , سواء أجرها على المالك أو على غيره، بمثل الأجرة أو بأقل أو بأكثر، اشترط عليه المؤجر عدم التأجير أو لم يشترط ؛ لأنه مالك لمنفعة العين بمقتضى عقد الإجارة ، ولكن هذا التأجير الثاني وهو ما يعرف بالتأجير من الباطن مفيد بألا يترتب عليه ضرر على العين ، وأن يكون لمن هو مثله في الانتفاع أو دونه .

وتناول المبحث الثاني / حكم تأجير المالك للعين المؤجرة ، وتبين أنه لا يحق له ذلك ، إلا على مدّة خارجة عن مدّة الإجارة الأولى ، وما نسب لشيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال: يجوز للمالك أن يؤجر العين المؤجرة لمن يحل محله في استيفاء الأجرة من المستأجر محل نظر ، والصحيح أن هذه الإجارة غير جائزة لما يترتب عليها من الربا .

وتناول المبحث الثالث/ حكم الإجارة على الإجارة في إجارة الأشخاص وتبين أنها ترد في الأجير المشترك فقط عند عدم الاشتراط .

وتناول المبحث الرابع / حكم الضمان في الإجارة على الإجارة وتبين أنه لا ضمان إلا في حالة التعدي أو التفريط ، أو في حالة الأجير المشترك فيما تلف بفعله

كما تبين في المبحث الخامس / أن الإجارة على الإجارة يمكن أن تصبح مجالاً من مجالات الاستثمار المعاصر، سواء في إجارة الأشياء أو في إجارة الأشخاص في التأجير من الباطن عند عدم الاشتراط . والله أعلم .

 بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه وتمسّك بسنته إلى يوم الدين..   وبعد :

إن البحث في أبواب المعاملات بصفة عامة من الأهميّة بمكان؛ لعلاقتها بواقع الناس في تعاملهم فيما بينهم ولا سيّما في هذا الوقت الذي كثرت فيه أنواع التعامل، واستحدثت فيه صور متعددة لكل نوع من أنواعه .

والإجارات باب من أبواب التعامل الحيّ بين الناس، له أنواعه المختلفة وصوره المتعددة، وأساليبه الجديدة، فالبحث في هذا الباب مما تشتد الحاجة إليه، لتجلية أحكام صوره المتعددة .

ولقد تكلم فقهاء الإسلام عن هذا الباب مؤصلين لأحكامه ومبينين أنواعه، ومفرعين عليها المسائل والصور مع بيان أحكام ما ذكروه استناداً إلى النصوص الشرعية والقواعد المرعية، والأعراف المتبعة .

ومما كان مورداً لبحثهم وكتابتهم : تصرف كل من المؤجر والمستأجر في العين المستأجرة. فبيّنوا ما يصح من هذا التصرف ومالا يصح، وجماع الأمر في هذا أن تصرف المالك الوارد على العين صحيح وتصرف المستأجر الوارد على المنفعة صحيح، لأن كلاً منهما يملك ما ورد عليه تصرفه بمقتضى عقد الإجارة ويدخل ضمن هذا الموضوع مسألة ذكرها تقي الدين البعلي وبرهان الدين ابن القيم رحمهما الله اختياراً لشيخ الإسلام ابن تيمية وهي :

“تأجير المالك للعين المؤجرة لمن يحل محله في استيفاء ما كان له على المستأجر الأول” .

وهذا الاختيار في ظاهره يخالف ما قرره الفقهاء من أن الإجارة بيع المنفعة، وأن الإجارة عقد لازم للعاقدين يقتضي تمليك المنفعة للمستأجر وتمليك الأجرة للمالك. بحيث يقتصر تصرف كل منهما على ما يملكه.

لهذا استوقفتني هذه المسألة، وجلعتني أفكر في بحثها، وبحث ماله علاقة بها. فرأيت أن أكتب في المسائل ذات الصلة بالمسألة مما يعين على التوصل إلى الرأي السليم فيها مما سيتضح عند بحث المسألة فكان أن جعلت عنوان البحث يشمل مسائل أخرى ذات صلة وثيقة : فأصبح العنوان :

الإجارة على الإجارة

وتطبيقها المعاصر

وجعلته في خمسة مباحث رئيسة :

الأول : في تأجير المستأجر للعين المؤجرة .

الثاني : في تأجير المالك للعين المؤجرة .

الثالث : في إجارة الأشخاص .وفيه مطلبان :

الأول : الأجير الخاص .   الثاني : الأجير المشترك

الرابع : الضمان في الإجارة على الإجارة .

الخامس : التطبيق المعاصر للإجارة على الإجارة .

ومهدت للبحث بتمهيد عن تصرفات المالك الناقلة للملكية في العين المؤجرة.

وختمت البحث بخاتمة بينت فيها نتيجة البحث .

واسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، إنه سميع مجيب .

المنهج المتبع في البحث :

سلكت في إعداد هذا البحث المنهج المتبع في إعداد البحوث العلمية ومن أهم معالم هذا المنهج :

  • التوثيق من المصادر والمراجع الأصيلة موثقاً كل مذهب من مراجع ذلك المذهب .

  • ذكر أرقام الآيات وعزوها إلى مواضعها من السور .

  • تخريج الأحاديث وبيان درجة ما ليس في الصحيحين أو أحدهما معتمداً على ما كتبه المتخصصون في الحديث .

  • ما كان موضع اتفاق بينته ووثقت هذا الاتفاق وبينت ما يدل عليه .

  • في المسائل الخلافية اتبعت الآتي:

أ – تحرير محل النـزاع إذا لزم الأمر.

ب – ذكر الأقوال ونسبتها إلى مذاهبها مع توثيقها.

ج – الاستدلال للآراء وبيان وجه الدلالة إذا خفي.

د – ذكر المناقشات الواردة على الأدلة والترجيح ووجهه.

 التمهيد

في تصرّفات المالك الناقلة للملكية

في العين المؤجرة

 وفيه المسائل الآتية :

 الأولى : بيعها .

الثانية : هبتها .

الثالثة وقفها .

الرابعة : الوصية بها .

الخامسة : انتفاع المالك بالعين المؤجرة .

 المسألة الأولى

 بيع العين المؤجرة

وفيها فرعان :

الفرع الأول : بيع العين المؤجرة على المستأجر :

اتفق الفقهاء في المذاهب الأربعة على صحة بيع العين المؤجرة على مستأجرها[1] لما يلي :

1 – أن الإجارة عقد على المنافع , والبيع عقد على الأعيان  ، فلا تمنع الإجارة صحة البيع  ،كما لو زوج أمته ثم باعها .[2]

2 – ولأن العين المبيعة في يد المشتري ولا حائل دون تسليمها له. فهو كما لو باع المغصوب من غاصبه [3].

  • أن المستأجر قد ملك المنفعة بعقد الإجارة ثم ملك العين بعقد البيع فيصح كمن ملك الثمرة بعقد ثم ملك الشجر بعقد آخر [4].

ثم اختلفوا في أثر هذا البيع على الإجارة على قولين:

القول الأول :

أن الإجارة تنفسخ فيما بقي من المدّة .

وإليه ذهب الحنفية ([5]) ، والمالكية ([6]) ، وهو وجه عند الحنابلة ([7]) .

مستدلين بقياس المسألة على اجتماع النكاح وملك اليمين فكما أنه ينفسخ النكاح بملك اليمين فكذلك هنا .[8]

القول الثاني :

أن الإجارة لا تنفسخ بل هي بحالها حتى انتهاء مدّتها. وتكون الأجرة باقيةً على المشتري فتضاف إلى الثمن وهذا القول هو الأصح عند الشافعية ([9]) ، والمذهب المعتمد عند الحنابلة([10]).

مستدلين بأن عقد الإجارة عقد لازم مستقل بنفسه وارد على المنفعة يقتضي تمام أثره وبلوغ منتهاه ، والبيع كذلك عقد مستقل وارد على الرقبة , فلا يتنافيان  كملك الثمرة ثم الأصل .[11] وهذا هو الأرجح؛ لاختلاف مورد العقدين . .وإذا اتفق الطرفان على أن الثمن  يشمل بقية الأجرة فهما على ما اتفقا عليه .وتكون الأجرة الباقية  جزءا من الثمن .

الفرع الثاني : بيعها لغير المستأجر :

وقد اختلف الفقهاء فيه على ثلاثة أقوال :

القول الأول :

أنه يصح بيع العين المؤجرة لغير المستأجر ولا تنفسخ به الإجارة وللمشتري الخيار إن لم يعلم بالإجارة .

وإليه ذهب المالكية ([12]) ، وأكثر الشافعية ([13]) ، وهو المذهب عند الحنابلة ([14]) .

مستدلين بأن البيع وارد على العين والمؤجر مالك لها وثبوت العقد على المنفعة لا يمنع بيع الرقبة قياساً على الأمة المزوجة، كما يجوز بيعها مع استحقاق منفعة بضعها للزوج فكذلك هنا ([15]) .

ولأنه ليس في بيعها إبطال حق المستأجر لأن المشتري إنما يتسلمها بعد انقضاء مدة الإجارة وكل تصرف لا يمنع حق المستأجر لا يُمنع ([16]) .

القول الثاني :

أنه لا يصح بيع العين المؤجرة لغير المستأجر مطلقاً .

وإليه ذهب الحنفية في قول عندهم([17]) . ووجه عند الشافعية وعند الحنابلة ([18]) .

مستدلين بأن يد المستأجر مانعة من تسليم العين المؤجرة .

القول الثالث :

أن البيع جائز غير لازم، ويتوقف اللزوم على إذن المستأجر .

وهو المذهب عند الحنفية ([19]) .

ولعلهم راعوا الجانبين كما قال الكاساني: “ولنا : أن البائع غير قادر على تسليمه لتعلق حق المستأجر به، وحق الإنسان يجب صيانته عن الإبطال ما أمكن، وأمكن هاهنا بالتوقف في حقه، فقلنا : بالجواز في حق المشتري، وبالتوقف في حق المستأجر صيانة للحقين، ومراعاة للجانبين”([20]) .

والأرجح – فيما يظهر – هو القول الأول، لاختلاف مورد العقدين، وصيانة للعقدين من الإبطال أو التوقف، ولأن المالك الثاني يحل محل المالك الأول في التعامل مع المستأجر .

المسألة الثانية

 هبة العين المؤجرة

وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أن حكم هبة العين المؤجرة حكم بيعها، بجامع أن كلاً منهما ناقل لملكية العين المؤجرة ([21]) .

المسألة الثالثة

وقف العين المستأجرة

وفي هذه المسألة لا خلاف أيضاً بين فقهاء المذاهب الأربعة في جواز وقف العين المؤجرة .[22]

لأن الوقف متوجه إلى العين، حيث يرد على ما يملكه المؤجر من العين المؤجرة وهو ذات الرقبة .

والإجارة واردة على المنفعة، مدّة معينة وذلك لا يمنع من الوقف  [23].

المسألة الرابعة

 الوصية بالعين المؤجرة

وقد اتفق الفقهاء أيضاً على جواز الوصية بالعين المؤجرة ولو كانت في يد المستأجر .

وعلى الموصى له الانتظار حتى تنتهي مدّة الإجارة كما ينتظر موت الموصي([24]).

وبناءً على ما سبق في هذه المسائل : يتضح أن تصرّفات المالك الناقلة للملكية في العين المؤجرة صحيحة نافذة لأنها متجهة إلى العين .

وأنها لا تنافي الإجارة؛ لأن الإجارة متجهة إلى المنفعة .

ثم إن المالك الثاني للعين المؤجرة يحل محل المالك الأول وينزل منزلته، في التعامل مع المستأجر .

المسألة الخامسة

 انتفاع المالك بالعين المؤجرة

والمقصود : أن يؤجره الدار سنة، ثم يسكن فيها بعد تسليمها للمستأجر وحينئذ فيعتبر منتفعاً بما لا يستحق الانتفاع به لأن منفعة الدار ملك للمستأجر بمقتضى عقد الإجارة، ولا تنفسخ الإجارة بذلك، وعلى المستأجر جميع الأجرة للمالك، لأن يد المستأجر لم تزل عن العين .

وله على المالك أجرة المثل مقابل سكناه في الدار لأنه انتفع في الدار بغير إذن من يملك منفعتها وهو المستأجر، فأشبه تصرف البائع للمبيع بعد قبض المشتري .

وإن كان ذلك قبل تسليمها للمستأجر فإن انقضت مدّة الإجارة قبل التسليم انفسخت الإجارة؛ لأن العاقد أتلف المعقود عليه قبل تسليمه، وإن سلمها في أثناء المدّة انفسخت الإجارة فيما مضى وتمت أجرة المدّة الباقية ([25]) .

المبحث الأول

تأجير المستأجر للعين المؤجرة

تصرفات المستأجر الناقلة للملكية لا تصح منه مطلقاً؛ لأنها واردة على العين المستأجرة لا على منفعتها، وهو إنما يملك المنفعة فقط .

وأمّا التصرّفات الواردة على المنفعة أثناء مدّة الإجارة، فتشمل الانتفاع بها وإعارتها وتأجيرها .

أما الانتفاع بها، فهو مقصود الإجارة، لأن المقصود بالإجارة الانتفاع بمنفعة العين المستأجرة .

وقد ذكر الفقهاء أن المستأجر له الانتفاع بنفسه وبنائبه، بضوابط وقيود ذكروها، ليس هذا موضع بحثها .

وأما تأجيرها فيشمل تأجيرها على مالكها وعلى غيره. وبيان ذلك في المطلبين الآتيين :

المطلب الأول : تأجيرها من مالكها .

المطلب الثاني : تأجيرها من غيره .

المطلب الأول

تأجيرها من مالكها، وهو المؤجر

لا يخلو الأمر في هذه المسألة من حالتين :

الحالة الأولى : أن يؤجرها له قبل قبضها .

وقد اختلف الفقهاء في حكم إجارة العين من مالكها قبل قبضها على قولين :

القول الأول :

أن ذلك لا يصح .

وهو الصحيح في مذهب الحنفية ([26]) ، ووجه عند الشافعية ([27]) ، وعند الحنابلة([28]) .

واستدلوا بما يلي :

1 – أن المنافع مملوكة بعقد معاوضة فاعتبر في جواز العقد عليها القبض كالأعيان([29]) .

ونوقش : بأن ذلك معتبر فيما إذا كانت الإجارة على غير المالك ، لأنه قد يتعذر تقبيض العين وهذا غير معتبر هنا؛ لأن العين المستأجرة في يد مالكها([30]) .

2 – أن إجارتها من مالكها يلزم منه تمليك المالك وهو غير جائز ([31]) .

ونوقش : بأن التمليك الوارد في عقد الإجارة ليس لما يملكه المالك وهو العين، وإنما للمنفعة التي يملكها المستأجر بعقد الإجارة .

القول الثاني :

أن إجارة العين قبل قبضها من مالكها تصح .

وإليه ذهب المالكية ([32]) ، وهو وجه عند الشافعية ([33]) ، والحنابلة هو المذهب عندهم([34]) .

واشترط المالكية والحنابلة ألا يكون ذلك حيلة لأمر محرم مما يحرم في بيوع الآجال، كما إذا استأجرها بعشرة مؤجلة، وأجرها منه بثمانية نقداً. أو عكس ذلك([35]) .

واستدلوا :

1 – أن المعقود عليه في الإجارة هو المنفعة، والمنفعة لا تصير مقبوضة بقبض العين، فلا يؤثر فيها قبض العين ([36]) .

2 – أن القبض لا يتعذر عليه باعتبار العين في يده ([37]) .

ولعل الرّاجح – والله أعلم – هو القول الثاني، مع مراعاة ما قيده به المالكية والحنابلة، تجنباً لربا النسيئة، ومما يؤيده أن المنفعة تملك بالعقد، ولهذا لو مضت المدّة والمستأجر لم يستوف المنفعة فإنها تجب عليه الأجرة .

الحالة الثانية : أن يؤجرها من مالكها بعد قبضها .

وقد اختلف الفقهاء في حكمها أيضاً على قولين :

القول الأول :

أنها تصح إجارة العين من مالكها بعد قبضها .

وإليه ذهب المالكية ([38]) ، والشافعية ([39]) ، في وجه هو الصحيح عندهم، والحنابلة([40])  في المذهب المعتمد وقَيْدُ المالكية والحنابلة معتبر هنا أيضاً: ألا يترتب على تأجير العين من المالك أمر محرم يمنع في بيوع الآجال ([41]) .

واستدلوا بالقياس على عقد البيع، قالوا : فكما يجوز بيع المبيع بعد قبضه من بائعه وغيره فكذلك تجوز إجارة المستأجر بعد قبضه من مؤجره وغيره. بجامع أن كلاً من المشتري والمستأجر مالكاً لما تصرف فيه ([42]) .

وبأن كل عقد جاز من غير العاقد جاز مع العاقد قياساً على البيع، فكما يجوز بيع المبيع بعد قبضه من البائع فكذلك يجوز للمستأجر تأجير ما استأجره على المؤجر بعد قبضه([43]) .

القول الثاني :

أنه لا يصح تأجير العين من مالكها بعد قبضها .

وإليه ذهب الحنفية ([44]) ، والشافعية في وجه عندهم ([45]) .

واستدلوا : بأن إجارتها منه يؤدي إلى تناقض الأحكام لأن التسليم مستحقٌ على المؤجر فإذا استأجرها صار مستحقاً له فيصير مستحقاً لما هو مستحق عليه، وذلك تناقض .

والرّاجح – والله أعلم – هو القول الأول لقوة دليله .

ولا تناقض في الأحكام هنا في واقع الأمر، لأن التسليمين مختلفان والاستحقاق في كل منهما له مجاله .

حيث كان التسليم مستحقاً على المؤجر في العقد الأول، وفي العقد الثاني أصبح التسليم مستحقاً على المستأجر لأنه أصبح مؤجراً لما يملكه .

والنتيجة من بحث هذه المسألة :

أن المستأجر يملك المنفعة بمجرد لزوم عقد الإجارة، فله التصرف فيها، وبناء عليه فليس للمالك التصرف فيها لأنها مملوكة لغيره والتصرف فيها ملَكَه غيره بعقد الإجارة .

المطلب الثاني

تأجير المستأجر للعين من غير مالكها

 لا يخلو عقد الإجارة  إما أن يكون مقيدا بشرط  عدم تأجير المستأجر للعين المؤجرة , او يكون مطلقا من هذا القيد  , ولا يخلو  إما أن يؤجرها  بمثل ما استأجرها به  أولا  . وبيان الحكم في ذلك  في المسائل الآتية :

المسألة الأولى : تأجير المستأجر للعين المؤجرة  مع الإطلاق .

ولها حالتان :

الحالة الأولى : تأجيرها قبل قبضها .

الحالة الثانية : تأجيرها بعد قبضها .

الحالة الأولى : إجارتها قبل قبضها من غير المؤجر .

اختلف الفقهاء – رحمهم الله – في حكم تأجير العين المستأجرة من قبل المستأجر من شخص آخر على ثلاثة أقوال :

القول الأول :

أنه يجوز إجارتها قبل قبضها .

وإليه ذهب المالكية ([46]) ، وهو وجه عند الشافعية ([47]) ،و عندالحنابلة هو المذهب([48])

واستدلوا بأنه لا يقف التصرف على القبض، لأنه لا ينتقل به الضمان ([49]) .

القول الثاني :

أنه إن كان المستأجر منقولاً لم يجز تأجيره قبل قبضه وإن كان غير منقول جاز تأجيره قبل قبضه .

وإليه ذهب الإمام أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله ([50]) .

واستدلوا بالقياس على البيع، فما جاز في البيع جاز في الإجارة ومالا فلا، لأن كلاً منهما عوض مُلك في عقد معاوضة ([51]) .

ويناقش : بعدم التسليم بهذا الإطلاق، لأن الإجارة في حكم المقبوض لأن المنفعة تملك بالعقد بخلاف المبيع .

القول الثالث :

أنه لا يصح إجارة العين المستأجرة من قبل المستأجر قبل قبضها مطلقاً .

وهو وجه عند الشافعية هو المذهب ([52]) ، ووجه كذلك عند الحنابلة ([53]) .

وقال به محمد بن الحسن من الحنفية ([54]) .

واستدلوا : بالقياس على البيع فكما أن العين المشتراة لا يتصرف فيها قبل القبض، فكذلك العين المستأجرة .

ونوقش : بأن قبض العين المؤجرة لا ينتقل به الضمان إلى المستأجر فلم يقف جواز التصرف فيها على القبض .[55]

الترجيح :

والرّاجح – والله أعلم – القول الأول لقوة تعليله .

الحالة الثانية : إجارتها بعد قبضها .

وفي هذه الحالة ذهب عامة الفقهاء إلى جواز إجارتها بشرط أن يؤجرها لمن هو مثله في الانتفاع أو أقل منه ضرراً .

فإليه ذهب الحنفية ([56]) ، والمالكية ([57]) ، والشافعية ([58]) ، والحنابلة في الرواية المعتمدة في المذهب ([59]) .

واستدلوا : بأن قبض العين يقوم مقام المنافع بدليل أنه يجوز التصرف فيها باستيفاء منافعها، فجاز العقد عليها كبيع الثمرة على الشجرة ([60]) . وقياساً على البيع وحيث جاز بيع المبيع بعد قبضه فكذلك إجارة العقار المستأجر ([61]) .

وفي المسألة قول آخر : أنه لا يجوز للمستأجر تأجير العين المستأجرة بعد قبضها .

وهو رواية عن الإمام أحمد ([62]) .

ودليلها : أن النبي e نهى عن ربح مالم يضمن، والمنافع لم تدخل في ضمانه. فإذا آجرها فقد ربح فيما لم يضمن ([63]) .

وقياساً على بيع المكيل والموزون قبل القبض بجامع أن كلاً منهما لم يدخل في ضمانه ([64]) .

ونوقش : بأنه قياس فاسد؛ لأن قبض العين يقوم مقام قبض المنافع ([65]) .

وعليه فالرّاجح – والله أعلم – هو القول الأول، مع اعتبار القيد الذي ذكروه.

لأن المستأجر قد ملك المنفعة بعقد الإجارة، فله التصرف فيها بمقتضى ذلك .

ولما يترتب على ذلك من نفي الضرر عنه، لأنه قد يستأجر العقار مدة طويلة ولا يتمكن من استيفاء المنفعة؛ لسفر ونحوه، والعقد لازم، وهو مطالب بأجرته للزومه، فكان تأجيره مراعاة لجانبه، كما روعي جانب المؤجر بلزوم عقد الإجارة .

 المسألة الثانية : تأجير المستأجر للعين المؤجرة مع اشتراط منعه من ذلك

اختلف الفقهاء في هذه المسألة  على ثلاثة أقوال :

القول الأول : أن الإجارة فاسدة  والشرط باطل  . وهوقول عند الحنفية[66]    ووجه عند الشافعية [67]

واستدلوا  بأن المالك  شرط في الإجارة شرطا ينافي موجبها  [68]  ، لأن موجبها ان يملك المستأجر المنفعة , وبالتالي يحق له التصرف فيها  .

ويناقش بأن فساد الشرط يبطل الشرط فقط ولا يتعداه إلى العقد لأنه يمكن تصحيح العقد وإبطال الشرط .

القول الثاني : أن الشرط صحيح والإجارة جائزة  , وهو قول عند الشافعية[69]  والحنابلة[70]  , وهو المعمول به الآن في نظام العقار , وعليه بعض الفتاوى العاصرة[71]

واستدلوا بأن المستأجر إنما يملك المنافع من جهة المؤجر , فلا يملك ما لم

 يرض به [72] . ولأن المالك قد يكون له غرض صحيح  في تخصيصه .[73]

ويناقش بأن هذا الشرط ينافي ما يقتضيه العقد من أن المستأجر يملك المنفعة فيحق له التصرف فيها .

القول الثالث : أن عقد الإجارة صحيح  والشرط باطل لا يلزم الوفاء به .

وإليه ذهب الجمهور ؛ فهو المعتمد عند الحنفية[74]  ،والمالكية[75]  والشافعية [76] والحنابلة[77] . وعليه الفتوى الصادرة عن الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل

 الكويتي . [78]

واستدلوا بالآتي :

1 – أن هذا الشرط ينافي مقتضى العقد ؛ إذ مقتضاه ملك المنفعة ، ومن ملك شيئا استوفاه بنفسه  وبنائبه  . [79]

2 _  القياس على البيع  ؛ فكما أنه إذا باعه عينا واشترط عليه أن لا يبيعها أن الشرط باطل  فكذلك إذا أجره عينا واشترط عليه أن لايؤجرها , بجامع أن كلا منهما يملك مورد العقد , المشتري يملك العين , والمستأجريملك المنفعة [80].

والراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الثالث  لما يأتي :

أ ـ  قوة أدلته

ب ـ ماورد على ما استدل به أصحاب القولين الآخرين من مناقشة .

ج ـ أن حق مالك العين مراعى بشرط يضمن له سلامة العين , وهو أن لا يترتب على التأجير ضرر بالعين , وأن يؤجرها على من هو مثله في الانتفاع  أو دونه , لالمن هو أكثر منه ضررا ‘بالعين .

ومع هذا فإذا رأى ولي الأمر الأخذ بأحد القولين الآخرين لمصلحة رآها فله ذلك .

المسألة الثالثة : تأجير العين المستأجرة بأكثر من أجرتها  :

هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء على ثلاثة أقوال :

القول الأول : أنه يجوز للمستأجر أن يؤجر العين المؤجرة بمثل ما استأجرها به , وبأقل  , وبأكثر إلا أن الزيادة لاتطيب له فيتصدق بها إلا إذا كان زاد في العين  فحينئذ تطيب له الزيادة . وهذا هو مذهب الحنفية [81] ورواية عن الإمام أحمد .[82]

واستدلوا تما يأتي :

1 – أن المنافع لم تدخل في ضمان المستأجر بدليل أن الدر المستأ جرة لو انهدمت لم يلزمه الأجر ، فإذا أجرها بأكثر مما استأجرها به فقد ربح فيما ليس من ضمانه . [83]

ونوقش بعدم التسليم ؛ بل قد دخلت في ضمانه لأنه لولم يستوفها كا نت من ضمانه [84].

2 – القياس على بيع الطعام قبل قبضه ن فكما أنه لايجوز فكذلك هنا ؛ بجامع أن كلا منهما غير داخل في ضمانه .[85]

 ونوقش بأن القياس مع الفارق لأن بيع الطعام قبل قبضه ممنوع  ربح فيه أولم يربح.[86]

واستدلوا لجواز الزيادة إذا عمل فيها عملا أن الزيادة تكون في مقابل ذلك العمل .[87]

ونوقش بان ذلك منقوض بما إذا كنس الدار فإن ذلك يزيد أجرتها ن ولا يجيزون الزيادة في مقابل الكنس . [88]

القول الثاني : أنه إن أذن له المالك في الزيادة جاز  وإلا لم يجز . وهو رواية عن الإمام أحمد  .ولم يذكروا له دليلا , ولعلهم بنوا ذلك على أن للمؤجر أن يشترط على المستأجر عدم تأجير العين المؤجرة  فمن باب أولى الزيادة في الأجرة . ويناقش  بما سبق من أن ذلك محل خلاف ، والجمهور على خلافه .

القول الثالث : أنه يجوز للمستأجر أن يؤجرها بمثل أجرتها وبأقل وبأكثر .

وإليه ذهب الجمهور ؛ فعليه المالكية،[89] والشافعية , [90]  والرواية المعتمدة عند الحنابلة.[91]

واستدلوا بالقياس على البيع  ، فكما يجوز للمشتري أن يبيع العين بمثل الثمن  وبأقل وبأكثر  فكذلك المستأجر بجامع أن كلا منهما  يملك ما أوقع عليه العقد .[92]

والراجح ـ والله أعلم  ـ هو القول الثالث  لما يأتي :

1 – قوة تعليله

 2 – ما ورد على ما استدل به أصحاب القولين الآخرين من مناقشة

 3 – أنه يجوز له أن يستوفي المنفعة بنفسه وبغيره  بمقابل وبغير مقابل ؛ لأنه يملك المنفعة , فيحق له أن يؤجرها بما شاء  . والله أعلم .

المبحث الثاني

تأجير المالك للعين المستأجرة

تأجير المالك للعين المستأجرة أثناء مدة الإجارة  إما أن يكون واردا على المدة التي ورد عليها العقد الأول أو على مدة بعدها ، وإذا كان بعدها فلا يخلو إما أن يكون للمستأجر الأول أو لغيره .

وبيان ذلك في المطلبين الآتيين :

المطلب الأول : تأجيرها  غير المستأجر أثناء مدة الإجارة لمدّة تلي مدّة الإجارة الأولى .

المطلب الثاني : تأجيرها أثناء مدّة الإجارة  غير المستأجر نفس المدّة أو جزءاً منها .

المطلب الأول

تأجير المالك للعين المستأجرة

أثناء مدّة الإجارة على مدّة تلي مدّة الإجارة الأولى

إن كانت الإجارة على المستأجر الأول فلا خلاف في صحتها ([93]) .

1 – لأن المدتين متصلتان كالمدّة الواحدة، فصار القبض معجلاً كما لو جمع بينهما في عقد واحد .

2 – ولأن المستأجر واحد فلا تنازع على مورد العقد، لأن اليد واحدة وليس لغيره يد تحول بينه وبين ما استأجره ([94]) .

وإن كانت على غير المستأجر الأول، فخلاف على قولين :

القول الأول :

أن الإجارة صحيحة بشرط القدرة على التسليم وقت وجوب العقد. وإليه ذهب جمهور الفقهاء .

فهو مذهب الحنفية ([95]) ، والمالكية ([96]) ، والحنابلة ([97]) ، وبعض الشافعية ([98]) .

واستدلوا بما يلي :

1 – أن المدّة التي وقع العقد على إجارتها يجوز العقد عليها مع غيرها فجاز العقد عليها مفردة كالتي تلي العقد إذ لا فرق بين كونها مضمومة مع غيرها أو منفصلة ([99]) .

2 – أن الاتفاق على إضافة العقد لمدّة مستقبلة لا يخالف مقتضى عقد الإجارة، بل هو مقرر له لأن المنافع في عقد الإجارة تحدث شيئاً فشيئا([100]) .

3 – القياس على الطلاق والعتق فكما أنه يجوز إضافتهما إلى زمن مستقبل فكذلك الإجارة ([101]) .

القول الثاني :

أن إجارة الأعيان على مدّة لا تلي العقد غير صحيحة ,

وهو المذهب عند الشافعية ([102]) .

واستدلوا به بما يلي :

1 – أن يد المستأجر الأول حائلة تمنع يد المستأجر الثاني، فبطل عقده لزوال يده([103]).

2 – أن المعقود عليه إذا كان معيناً وكان قبضه متأخراً يبطل العقد عليه، كما لو شرط تأخير القبض في معين بعقد إجارة أو بيع ([104]) .

ويناقش ما استدلوا بما يلي :

1 – أن التسليم متأخر والعين المؤجرة تكون وقت التسليم لا يد عليها لانتهاء إجارة الأول. والمعتبر هو وقت التسليم لا وقت انتهاء العقد كالسلم .

2 – كما يناقش الشافعية بالإلزام، حيث قالوا بصحة تأخير العقار لمدّة مستقبلة من المستأجر الأول مع أن مدّة العقد ليست متصلة بالعقد الأول ([105]) . فلا فرق .

وعلى هذا فالرّاجح – والله أعلم – هو ما عليه جمهور الفقهاء في صحة إجارة العين أثناء مدّة الإجارة على مدة تلي مدة الإجارة الأولى . لما يلي :

1 – قوة ما استدل به الجمهور .

2 – ما ورد على أدلة الشافعية من مناقشة .

3 – ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – من أنه : “ليس من شرط القبض أن يتعقب العقد بل القبض يجب وقوعه على حسب ما اقتضاه العقد لفظاً وعرفاً؛ ولهذا يجوز استثناء بعض منفعة المبيع مدّة معينة، وإن تأخر بها القبض على الصحيح كما يجوز بيع العين المؤجرة.. ويجوز عقد الإجارة لمدّة لا تلي العقد. سر ذلك أن القبض هو موجب العقد؛ فيجب في ذلك ما أوجبه العاقدان بحسب قصدهما الذي يظهر بلفظهما وعرفهما”([106]) .

وعلى هذا فتأخير القبض لزمن مستقبل يتفق عليه العاقدان لا يمنع صحة العقد.

المطلب الثاني

تأجير المالك للعين المستأجرة

 خلال مدّة الإجارة من غير المستأجر

تصوير المسألة :

بعد طول بحث وقراءة شاملة ونظر متأنٍّ في كلام الفقهاء وجدت أنه يمكن تصوير هذه المسألة في جانبين وكل جانب يرد عليه كلام يختلف عما يرد على الجانب الآخر .

الجانب الأول :

تأجير المالك للعين المؤجرة خلال مدّة الإجارة من غير المستأجر ليحل المستأجر الثاني محل المستأجر الأول في الانتفاع بالعين المستأجرة .

وهذه المسألة للفقهاء فيها كلام. ولكنها ليست المسألة المقصودة عندنا. وإن كان لا بد من دراستها، لقربها من مسألتنا ولأنها تفيدنا كثيراً في بيان حكم المسألة المرادة .

الجانب الثاني :

تأجير المالك للعين المستأجرة أثناء مدّة الإجارة من غير المستأجر ليحل المستأجر الثاني محل المالك في استيفاء الأجرة من المستأجر الأول .

وهذه هي المسألة المقصودة – أساساً – بالبحث .

وبحث هذين الجانبين في المسألتين الآتيتين :

المسألة الأولى : تأجير المالك للعين المؤجرة أثناء مدّة الإجارة من غير المستأجر للانتفاع

المسألة الثانية : تأجير المالك للعين المؤجرة أثناء مدّة الإجارة من غير المستأجر ليحل محل المالك .

المسألة الأولى

تأجير المالك للعين المؤجرة من غير المستأجر للانتفاع

مما هو محل اتفاق بين الفقهاء ([107]) ؛ بل هو إجماع ([108]) : أن الإجارة عقد لازم للمتعاقدين لا يحل لأحدهما فسخه بدون رضا العاقد الآخر، ويقتضي استحقاق المستأجر للمنفعة واستحقاق المؤجر للأجرة على خلاف بينهم في وقت استحقاق الأجرة .

وبناءً عليه فليس من حق المالك أن يتصرّف في منفعة العين المؤجرة خلال مدّة الإجارة بأيّ وجه من وجوه التصرّف، لا بانتفاع ولا بإعارة ولا بإجارة ولا بغير ذلك. لأنها أصبحت مملوكة لغيره بمقتضى عقد الإجارة، كما لا يحق للبائع أن يتصرف بالعين المبيعة؛ لأنها خرجت من ملكه بالبيع .

وعلى هذا فإذا تصرّف المالك بالعين المستأجرة بتأجيرها على غير المستأجر أثناء مدّة الإجارة بحيث تكون الإجارتان واردتين على مدّة واحدة، أو تكون الإجارة الثانية واردة على جزء من مدّة الإجارة الأولى .

كما إذا أجر شخصاً داراً لمدّة سنة ابتداء من 1/1/1418هـ إلى نهاية 30/12/1418هـ وتم إجراء العقد بينهما وتفرقا على ذلك فلزم العقد .

ثم أجرها بذاتها على شخص آخر نفس المدّة، أو أجرها المالك من المستأجر الثاني جزءاً من المدّة أي : من 1/6/1418هـ إلى 30/12/1418هـ مثلا ً.

فهنا تصرّف المالك بالعين المستأجرة فيما هو وارد على منفعة العين وهو السكنى – مثلاً – أثناء المدّة التي يستحق المستأجر الأول نفع العين في جميعها وقد بين الفقهاء الحكم في هذه المسألة .

فقالوا : لا يخلو الأمر من حالتين :

الحالة الأولى :

أن يترك المستأجر الأول العين المستأجرة كأن يستأجرها ثم يبدو له فيغيرها، أو يسافر ويدعها، أو ينتفع بها جزءاً من المدّة ثم يتركها .

وحينئذ فليس للمالك الحق في تأجيرها، خلال هذه المدّة المستأجرة، لأنها في واقع الأمر مشغولة بحق المستأجر الأول ولأنه تصرف فيما لا يملكه .

فإن أجرها لغير الأول فخلاف على قولين :

القول الأول :

أن عقد الإجارة الأولى صحيح ، فلا تنفسخ إجارة الأول , وعلى ذلك فيستحق المالك على المستأجر الأول جميع الأجرة ويستحق المستأجر الأول على المالك أجرة المثل، لأنه تصرف فيما يملكه المستأجر بغير إذنه .

وإليه ذهب الحنابلة ([109]) .

القول الثاني :

أن تصرف المالك موقوف على إجازة المستأجر الأول، فإن أجازه صح العقد الثاني وإن لم يجزه بطل .

وإليه ذهب الحنفية ([110]) .

واستدلوا : بأن عقد الإجارة يقع على المنفعة، إذ هو تمليك المنفعة، وهي ملك المستأجر الأول بمقتضى العقد الأول، فتجوز بإجازته وتبطل بإبطاله .

فإذا أجاز الإجارة الثانية كانت الأجرة له لا لصاحب الدار، لأنه يملك عوضها وهو المنفعة فيملك بدلها وهو الأجرة .

وحينئذ فلا ينفسخ عقد الإجارة الأولى مالم تمض مدّة الإجارة الثانية فإذا مضت فإن كانت مدتهما واحدة انقضت المدتان، وإن كانت مدّة الثانية أقل فللأول أن يسكن حتى تتم المدّة ([111]) .

والخلاف في هذه المسألة مبني على تصرّف الفضولي، فمن لم يصححه وهم الحنابلة في المعتمد أبطلوا تصرف المؤجر هنا. ومن جعله موقوفاً على إجازة المالك، جعل الإجارة هنا موقوفة على إجازة المستأجر الأول؛ لأن المالك هنا بمثابة الفضولي والمستأجر بمثابة المالك .

الترجيح :

يظهر – والله أعلم – رجحان القول الثاني القائل بأن الثانية موقوفة على إجازة المستأجر الأول، لما يلي :

1 – أن الذي يرجحه أكثر المحققين وعليه جمهور العلماء أن تصرف الفضول موقوف على إجازة المالك .

2 – نفي الضرر – هنا – عن المستأجر الأول حيث جعل الأمر بيده يجيز أو يمنع حسب ما يراه الأصلح له .

3 – أن الحنفية يتفقون مع الحنابلة ومن وافقهم في الإبطال عند عدم الإجازة.

الحالة الثانية :

أن يؤجرها المالك قبل تسليمها للمستأجر الأول، أو يمتنع من تسليمها له حتى انقضت مدته .

وحينئذ فتنفسخ الإجارة .

لأن العاقد وهو المؤجر أتلف المعقود عليه قبل تسليمه فانفسخ العقد، كما لو باعه طعاماً فأتلفه قبل تسليمه .

 الحالة الثالثة :

أن يسلمها أثناء المدّة .

وحينئذ فتنفسخ فيما مضى، ويجب على المستأجر أجر باقي المدّة بقسطه من الأجرة ([112]) .

 المسألة الثانية

تأجير المالك للعين المؤجرة من غير المستأجر

ليحل محله في استحقاق الأجرة على المستأجر الأول

بعد بحث طويل في كتب الفقهاء القديمة – قبل البعلي – لم أجد من ذكر هذه المسألة. لا في المذاهب الأخرى ولا في المذهب الحنبلي. ولا حتى عند شيخ الإسلام في كتبه الفقهية التي هي بين أيدينا كالمجموع والفتاوى الكبرى ومختصرها إلا ما ذكره البعلي في الاختيارات الفقهية عن اختيار شيخ الإسلام في هذه المسألة :

أنه يجوز للمالك أن يؤجر العين المستأجرة خلال مدة الإجارة لمن يقوم مقامه في استيفاء الأجرة من المستأجر الأول، حيث قال : “ويجوز للمؤجر إجارة العين المؤجرة من غير المستأجر في مدة الإجارة، ويقوم المستأجر الثاني مقام المالك في استيفاء الأجرة من المستأجر الأول. وغلط بعض الفقهاء فأفتى في نحو ذلك بفساد الإجارة الثانية ظناً منه أن هذا كبيع المبيع، وأنه تصرف فيما لا يملك، وليس كذلك، بل هو تصرّف فيما استحقه على المستأجر”([113]) .

ونقله أيضاً برهان الدين : إبراهيم بن شمس الدين ابن قيم الجوزية في “اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية النميري حيث قال :

“وإن إجارة العين المأجورة من غير المستأجر في مدة الإجارة جائزة، ويقوم المستأجر الثاني مقام المالك في استيفاء الأجرة من المستأجر الأول” .

وقال : “ذكر ذلك في مسودته على المحرر”([114]) .

ونقل هذا الاختيار المرداوي في الإنصاف عن البعلي – رحمهما الله – .

ثم نظرت فيمن نقل اختيارات شيخ الإسلام غير البعلي وبرهان الدين بن القيم فلم أجد من ذكر هذا الاختيار، وإنما ذكروا في موطن هذا البحث مسألة أخرى وذكروا فيها رأي شيخ الإسلام والإشارة إلى من أفتى بخلافه من الفقهاء، وهذه المسألة هي إجارة الأرض المشغولة بغراس أو بناء لغير المستأجر .

وممن ذكر هذه المسألة وبيّن اختيار شيخ الإسلام فيها :

  • ابن مفلح في الفروع .

  • ابن عبدالهادي في مغني ذوي الأفهام .

  • المرداوي في الإنصاف وإن كان نقل بعدها كلام البعلي .

  • ابن مفلح الحفيد في المبدع .

  • الرحيباني في مطالب أولي النهى .

كما ذكر المسألة غيرهم، ولكن ببيان حكمها دون الإشارة إلى اختيار شيخ الإسلام. وهي مسألة مشهورة في جميع المذاهب، وسأعرض ما ذكره هؤلاء مما يعين في التوصل إلى مواطن اللبس في هذه المسألة، عارضاً مختصر ما ذكره كل واحد شافعاً له بنقل النص الفقهي موضع البحث ليتضح المراد :

 عرض ابن مفلح في الفروع :

ذكر ابن مفلح ما يلي :

1 – قرر أنه لا يتصرف مالك العقار (المؤجر) في المنافع إلا بعد انقضاء المدّة واستيفاء المنافع المستحقة عليه بعقد الإجارة، في نقله كلام ابن عقيل .

2 – نفى التناقض عند فقهاء الحنابلة في مسألة إجارة المشغول وقت عقد الإجارة. بأن مورد العقدين مختلف. حيث جاء العقد بإجارة المشغول على مدّة تختلف عن المدّة في الإجارة الأولى .

3 – نفي جواز إجارة المؤجَّر لمن يقوم مقام المؤجِّر وذكر أن جماعة من الحنابلة وغيرهم أفتوا بعدم صحتها وذكر أنه لم يجد في كلام الفقهاء ما يخالف القول بعدم الصحة .

4 – تعجب ممن فهم من كلام الحنابلة : القول بصحة إجارة المؤجَّر لمن يقوم مقام المؤجِّر ورد عليهم بما نقله من كلام شيخ الإسلام : في فتوى بإجارة المشغول بقصب للغير .

 وهذا هو نص كلام ابن مفلح في الفروع :

قال بعد أن بين حكم إجارة العين المؤجرة في مدّة تلي مدّة الإجارة : “ولا فرق بين كونها مشغولة أو لا؛ لما ذكرنا، وكذا قال ابن عقيل في الفنون أو في الفصول : لا يتصرف مالك العقار في المنافع بإجارة ولا إعارة إلا بعد انقضاء المدّة واستيفاء المستحقة عليه بعقد الإجارة، لأنه مالم تنقضِ المدّة له حق الاستيفاء فلا تصحّ تصرفات المالك في محبوس بحق؛ لأنه يتعذر التسليم المستحق بالعقد، فمراد الأصحاب متفق وهو : أنه تجوز إجارة المؤجر ويعتبر التسليم وقت وجوبه، وأنه لا يجوز إيجاره لمن يقوم مقام المؤجر كما يفعله بعض الناس، وأفتى جماعة من أصحابنا وغيرهم في هذا الزمان : أن هذا لا يصح، وهذا واضح ولم أجد من كلامهم ما يخالف هذا .

ومن العجب : قول بعضهم في هذا الزمان : إن الذي يخطر بباله من كلام أصحابنا : أن هذه الإجارة تصح، كذا قال؛ وقد قال شيخنا فيمن استأجر أرضاً من جندي وغرسها قصباً ثم انتقل الإقطاع عن الجندي : إن الجندي الثاني لا يلزمه حكم الإجارة الأولى، وأنه إن شاء أن يؤجرها لمن له فيها القصب أو لغيره”أ.هـ ([115]) .

 عرض كلام ابن عبدالهادي :

1 – ذكر مسألة إجارة العين المنقولة بملك الغير بغرس أو بناء لا يمكن تفريغها منه في مدّة الإجارة الأولى، وبين حكم إجارتها حال كونها مشغولة مفصلاً الحكم باختلاف حالة هذا الشاغل هل هو محترم أو غير محترم .

2 – بين الحكم أنه إن كان الشاغل غير محترم جازت الإجارة وإن كان محترماً فخلاف على قولين .

3 – ذكر الخلاف في المذهب في المسألة بين مجيز وغير مجيز، وبين أن أكثر الحنابلة على عدم الجواز، وهو ما اختاره هو، وهو الموافق لمذهب الحنفية والشافعية. وممن اختار القول بالجواز صاحب الفائق وشيخ الإسلام ابن تيمية .

4 – بين أن المستأجر يقوم مقام المؤجر – المالك – في بقاء الشاغل من غرس أو بناء مع من له ذلك الغرس أو البناء .

وبين أن هذا القول موافق لمذهب المالكية . وهذا نصه :

قال ابن عبدالهادي، في معرض حديثه عن إجارة العين المؤجرة مدّة معينة (بعد فك رموز الكتاب): “ولا نعتبر وفاقاً لأبي حنيفة أن تلي العقد ولا أن تكون فارغة على خلاف في المذهب، فلو كانت مشغولة بملكه أو بملك غيره : نجيزه وفاقً لأبي حنيفة . إذا كانت تتفرغ في أول المدّة .

فأما المشغولة بملك الغير من غرس أو بناء مالا يمكن تفريغها منه في المدّة، هل يجوز إجارتها؟

إن كان غير محترم جازت خلافاً للأئمة الثالثة .

وإن كان محترماً فهل يجوز ذلك؟ على قولين عندنا .

المختار : لا وهو المعروف من مذهب الشافعي وأبي حنيفة واختاره جماعة من أئمة أصحابنا، وذكره صاحب الفائق، ظاهر كلام أصحابنا .

والثاني : يجوز. اختاره صاحب الفائق، وأبو العباس .

والمستأجر يقوم مقام من أجره في بقائها مع من له ذلك وعدمه، وهو المعروف عند المالكية .

وفائدة الحكم باحترام الغراس والبناء ليس لمتقدمي أصحابنا فيه كلام .

واختلف المتأخرون؛ فقيل : عدم القلع والإزالة مطلقا ً.

وقيل : بل عدمه مجاناً، والأول : المختار”([116]) .

ثم قال : وإنما خرجت عن قاعدتي في ذكر الخلاف في هذه المسألة لكثرة الحاجة إليها وخفاء نقلها على أكثر الناس بحيث إن بعضهم توهم أنها المسألة المذكورة في إجارة المضاف المشغولة حالة العقد وليست بها وإن كانت من بعض جزئياتها”([117]) .

 عرض المرداوي في الإنصاف :

1 – ذكر مسألة إجارة العين المشغولة وقت العقد لمدّة مستقبلة بعد انتهاء المدة الأولى .

وبين الحكم بجوازها بشرطه وهو القدرة على التسليم وقت حلول العقد .

2 – نقل كلام ابن عقيل بمنع المالك للعقار المؤجر من التصرف بمنافعه إلا بعد انقضاء مدّة الإجارة الأولى .

3 – نقل كلام ابن مفلح في الفروع في فقراته السابقة .

4 – نقل كلام البعلي في ذكر اختيار شيخ الإسلام في المسألة دون تعليق عليه.

وهذه فقرات من كلامه مما يحتاج إليه :

 “إذا علمت ذلك فقال بعض الأصحاب : إذا أجره وكانت العين مشغولة صح إن ظن التسليم عند وجوبه وقدمه في الفروع، وقال في الرعاية الكبرى : صح إن أمكن تسليمه في أولها . وقال المصنف وغيره : – في أثناء  بحث لهم – تشترط القدرة على التسليم عند وجوبه. ولا فرق بين كونها مشغولة أو لا؛ كالسَّلَم؛ فإنه لا يشترط وجود القدرة عليه حال العقد .

ثم نقل كلام ابن عقيل وكلام ابن مفلح السابق .

ثم قال : ظاهر كلام ابن عقيل السابق : أنه لا يجوز إجارة العين إذا كانت مشغولة. وقد قال في الفائق : ظاهر كلام أصحابنا : عدم صحة إجارة المشغول بملك غير المستأجر، وقال شيخنا ([118]) : يجوز في أحد القولين وهو المختار. أ.هـ .

ثم نقل فتوى شيخ الإسلام في مسألة إجارة الأرض المقطعة لجندي، ثم ينتقل الإقطاع إلى جندي آخر .

ثم قال : “قلت : قال شيخنا الشيخ تقي الدين البعلي : ظاهر كلام الأصحاب : صحة إجارة المشغول بملك لغير المستأجر من إطلاقهم جواز الإجارة المضافة، فإن عموم كلامهم يشمل المشغولة وقت الفراغ بغرس أو بناء أو غيرهما .أ.هـ .

وقال في الفروع : لا يجوز للمؤجر إجارة العين المشغولة بغراس الغير أو بنائه إلا بعد فراغ مدة صاحب الغراس والبناء .

وقال أيضاً : لا يجوز إجارة لمن يقوم مقام المؤجر كما يفعله بعض الناس .

ثم نقل كلام ابن مفلح السابق . وبعده نقل كلام البعلي في الاختيارات ([119]) .

 عرض كلام ابن مفلح صاحب المبدع :

1 – ذكر مسألة إجارة المؤجر في مدّة تلي مدّة الإجارة الأولى وذكر حكمها بشرطه السابق .

2 – نقل كلام ابن عقيل السابق، وكلام صاحب الفروع مقرراً القول بأنه لا يجوز إيجار المؤجر لمن يقوم مقام المالك .

3 – بين أن ظاهر كلام كثير من الحنابلة أنه لا يصح إجارة المشغول بملك غير المستأجر .

وبين أن فتوى شيخ الإسلام تفيد جوازه فيمن استأجر أرضاً من جند وغرسها قصباً ثم انتقل الإقطاع عن الجندي أن الثاني لا يلزمه حكم الإجارة وأنه إن شاء أن يؤجرها لمن له القصب أو لغيره ([120]) .

عرض مرعي والرحيباني في غاية المنتهى وشرحه المطالب :

1 – لم يشر إلى الخلاف وإنما ذكر مسألة إجارة العين المستأجرة أو المشغولة وأنه يجوز إجارتها إذا قدر المؤجر على تسليم ما أجره عند وجوبه .

وعقب بكلام صاحب الفروع : “فمراد الأصحاب متفق وهو أنه يجوز إجارة المؤجر ويعتبر التسليم وقت وجوبه” .

2 – رتب على ما ذكره : عدم صحة إجارة الأرض المشغولة بغرس أو بناء إذا كانت الإجارة لغير المستأجر صاحب الغرس أو البناء ونحوهما؛ لعدم القدرة على تسليمه عند وجوب التسليم .

3 – لم يشر إلى القول الثاني عند الحنابلة الذي رجحه شيخ الإسلام وهو أنه يجوز إجارة الأرض المشغولة بغرس أو بناء لغير المالك، ويحل المستأجر محل المالك في التعامل مع صاحب الغرس والبناء ([121]) .

 وبعد فمن خلال هذا العرض يغلب على الظن – ولست أجزم به – بأن تقي الدين البعلي وبرهان الدين ابن القيم – رحمهما الله – فهما من كلام شيخ الإسلام غير المراد. وأن اختيار شيخ الإسلام الذي أشار إليه ليس فيما قرراه، وإنما هو في مسألة إجارة العين المشغولة بملك المستأجر الذي لا يمكن تفريغه بعد انتهاء مدّة الإجارة، كالغرس والبناء في الأرض . وذلك لما يلي :

1 – أنني لم أجد في كلام شيخ الإسلام في كتبه ما يشير إلى ما قرره البعلي وبرهان الدين .

2 – أنني لم أجد في كلام تلاميذه الذين اعتنوا عناية فائقة باختياراته، ولا سيما ابن مفلح في الفروع وابن القيم وابن عبدالهادي وغيرهم ما يُشير إلى هذا الاختيار .

3 – ما قرره ابن مفلح في الفروع من الرد على من ذهب إلى القول بصحة إجارة العين المؤجرة لمن يقوم مقام المالك .

4 – ما قرره ابن عبدالهادي من أن المسألة الموافقة لما نحن فيه، وما بحثه ابن مفلح في الفروع هي مسألة المشغول بملك الغير .

5 – ما علق على مخطوطة الأزهر لكتاب الفروع مما يفصل النزاع في المسألة، قال المعلق على قوله : “وأنه لا يجوز إيجاره لمن يقوم مقام المؤجر : “يعني لا يجوز للمؤجر إجارة العين المشغولة بغراس الغير أو بنائه بعد فراغ مدة صاحب الغراس والبناء، ولا يجوز أن يقيم مقامه غيره”أ.هـ .

وذلك بناءً على ما ذهب إليه جمهور الحنابلة من عدم الجواز، وأما على القول بالجواز الذي اختاره تقي الدين بن تيمية فيجوز أن يقوم مقام المؤجر. ومن هنا تعرف كيف جاءت عبارة : “يجوز إجارة العين لمن يقوم مقام المؤجر.. الخ .

6 – ما قرره شيخ الإسلام في مسألة إجارة الأرض المشغولة بالقصب إذا تغير مستحق الأرض فانتهت إجارة الأرض، والأرض مشغولة بقصب المستأجر .

أنه إذا استأجرها صاحب القصب صحت الإجارة وإن استأجرها غيره جازت الإجارة أيضاً على ما اختاره شيخ الإسلام ويقوم المستأجر الثاني مقام مالك الأرض مع صاحب القصب . إن شاء أن يبقي قصبه بأجره المثل، وإن شاء أن يؤجره إياها برضاه؛ لأنه أصبح مالك منفعة الأرض .

وهذا نصّه في مجموع الفتاوى في معرض فتوى عن حكم إجارة الأرض المقطعة لشخص أجّرها لشخص آخر وزرع فيها قصباً… ثم انتقل الإقطاع إلى شخص آخر :

قال “وإذا مات المُقطع، فالمقطع الثاني لا يلزمه إجارة الأول، وليس له أن يقلع ما للمستأجر فيها من الزرع والقصب مجاناً؛ بل هو مخيّر إن شاء أن يبقي زرعه وقصبه بأجرة مستأنفة بمثل الأجرة الأولى أو أقل أو أكثر، كما يتراضيان به لكن ليس له أن يلزم المستأجر بأكثر من أجرة المثل . وإذا استأجرها صاحب القصب والزرع : صحت الإجارة؛ فإنه يتمكن من الانتفاع بها، ولو استأجرها غيرُه جاز على الصحيح وقام غيره فيها مقام المؤجر إن شاء أن يبقي زرعه وقصبه بأجرة المثل، وإن شاء أن يؤجره إياها برضاه”([122]) .

7 – أن هذه المسألة : مسألة جديدة تخالف ما عليه جماهير أهل العلم فلو كان لشيخ الإسلام فيها رأي على نحو ما ذُكر لقررها شيخ الإسلام ودعم رأيه بالحجج القوية على منهجه رحمه الله .

8 – ما قرره شيخ الإسلام من أن المالك يجوز له أن يؤجر العين المؤجرة لغير المستأجر في مدة تلي مدّة الأول .

ومفهومه أنه لا يرى تأجيرها مدّةً أثناء مدّة الأول حيث قال : “إن كان قد أجر المدّة التي تكون بعد إجارة الأول : لم يكن للأول اعتراض عليه في ذلك”([123]) .

9 – ما قرره شيخ الإسلام في أكثر من موضع من كتبه من أن الإجارة عقد لازم للطرفين ومما قاله :

“فإن الإجارة إن كانت شرعية فهي لازمة من الطرفين وإن كانت باطلة فهي باطلة من الطرفين ومن جعلها لازمة من جانب المستأجر جائزة من جانب المؤجر فقد خالف إجماع المسلمين”([124]) .

10 – ما قاله البعلي في آخر كلامه :

“… وأنه تصرّف فيما لا يملك، وليس كذلك، بل هو تصرّف فيما استحقه على المستأجر”([125]) .

أي فيما استحقه المالك على المستأجر الأول صاحب الغرس والبناء في أرض المالك، فالاستحقاق المشار إليه، ليس الأجرة، وإنما هو ما يستحقه من حق متعلق بالغرس والبناء الذي غرسه أو بناه المستأجر في أرضه وهذا الحق يخول له إما المطالبة بقلع الغرس والبناء، أو إبقائه بأجرة المثل – على خلاف بين الفقهاء في هذه المسألة – .

 الخلاف في المسألة :

اتضح أيضاً من خلال العرض السابق أن إجارة العين المؤجرة لمن يقوم مقام المؤجر في استيفاء الأجرة من المستأجر الأول، فيها خلاف على قولين :

القول الأول :

الجواز .

وإليه ذهب من ذكره ابن مفلح ممن أفتى بجواز إجارة المؤجر لمن يقوم مقام المالك([126]) . وهو اختيار شيخ الإسلام إن صحت النسبة إليه. ولا أرُاها تصح لما سبق.

ولعلهم استدلوا بما ذكره البعلي في الاختيارات من أن تصرّف المالك في هذه الإجارة ليس تصرفاً فيما لا يملك وإنما هو تصرّف فيما يستحقه على المستأجر ([127]) .

القول الثاني :

عدم الجواز .

وهو ما عليه عامة الفقهاء، حيث نصوا جميعاً في كتبهم على عدم صحة تصرّف المالك في العين المستأجرة فيما يتجه إلى منفعة العين أثناء مدّة الإجارة دون تفريق .

وأدلتهم على هذا تدور حول أن المالك لا يملك المنفعة حال إجارة العين فلا يملك التصرف فيها قياساً على العين المبيعة .

الترجيح :

ومن خلال ما سبق يتضح رجحان القول الثاني القائل بعدم الجواز والصحة .

وهذا الخلاف على حسب الظاهر من كلام البعلي في الاختيارات وابن مفلح في الفروع والمرداوي في الإنصاف .

وإلا فالمتأمل في المسألة يغلب على ظنه عدم وجود هذه المسألة في الواقع          –مطلقاً-.

وما أشير إليه في هذه الكتب مقصود به الخلاف في إجارة الأرض المشغولة بغرس أو بناء الغير، وأن قوله : يقوم مقام المؤجر .. الخ. يقصد به أن المستأجر الثاني يقوم مقام مالك الأرض في التعامل مع صاحب الغرس والبناء… الخ. ولكن العبارة لم تكن وافية ببيان المراد .

وفيما يلي بيان أوجه القول بعدم جواز تأجير العين المستأجرة أثناء مدّة الإجارة لمن يحل محل المؤجر في استيفاء الأجرة من المستأجر الأول .

أوجه القول بعدم جواز إجارة العين المستأجرة لمن يقوم مقام المالك :

الأول : أن عقد الإجارة عقد لازم للطرفين لا يحل لأحدهما فسخه بدون رضا العاقد الآخر. وهو أمر مجمع عليه ([128]) .

ومن أثر اللزوم الالتزام بمقتضى العقد .

الثاني : ما يقتضيه عقد الإجارة من تمليك المؤجر الأجرة وتمليك المستأجر المنفعة([129]).

مما يخول لكل منهما حق التصرّف فيما يملك .

الثالث : ما اتفق عليه الفقهاء من أن المالك لا يصح له التصرّف في منافع العين المستأجرة أثناء مدّة الإجارة لأنه تصرف فيما لا يملك؛ لأن الإجارة بيع المنافع وبناءً عليه فالمنفعة ملك المستأجر بمقتضى عقد الإجارة فتصرفه فيها تصرّف فيما لا يلمك، وإنما يصح له التصرف فيما يملكه وهو العين، ولذا صحت تصرفاته الواردة على العين كالبيع والهبة والوقف والوصية ([130]) .

الرابع : ما ذهب إليه عامة الفقهاء من صحة تصرّف المستأجر في منفعة العين المستأجرة، بتأجير أو بغيره لأنها ملكه بمقتضى عقد الإجارة .

ولو قيل بصحة تصرّف المالك بما يتوجه إلى منفعة العين المؤجرة، للزم التعارض والتناقض .

الخامس : ما قرره الفقهاء في شروط صحة الإجارة من أنه يشترط أن يكون المؤجر مالكاً للمنفعة، والمالك هنا غير مالك لها؛ لأنها ملك للمستأجر بمقتضى العقد .

السادس : ومما يقرر عدم الجواز : بيان المعقود عليه في هذه الإجارة .

هل هو العين المستأجرة أو المنفعة، أو هو توكيل في قبض الأجرة، أو هو المستحَق على المستأجر وهو الأجرة؟ .

لا جائز أن يكون المعقود عليه هو العين؛ لأن الإجارة ترد على المنفعة، ولأن العقد الوارد على العين بيع، وهما لا يريدان البيع .

ولا جائزَ أن يكون متوجهاً إلى المنفعة؛ لأن المنفعة مستحقة للمستأجر فلا يملك المالك التصرّف فيها أثناء مدّة الإجارة، – وأما بعدها فهي مسألة أخرى عرضناها فيما قبل  .

ولا جائز أن يكون توكيلاً في قبض الإيجار، لأنهما لم يقصداه، ولأن المدفوع لا يتناسب مع التوكيل، فلم يبق إلا أن يكون وارداً على الأجرة ، كما نصّوا على ذلك، فيكون استأجر الأجرة. وهو في واقعه بيع نقد مؤجل بنقد حال أقل منه وهذا هو الربا .

السابع : ما نص عليه فقهاء المالكية والحنابلة في مسألة تأجير المستأجر العين المؤجرة من المالك بزيادة على الأجرة .

قالوا : يجوز أن يؤجرها عليه بزيادة بشرط ألا يكون حيلة كالعينة : بأن يستأجرها بأجرة حالة نقداً ثم يؤجرها بأكثر منه مؤجلاً، فلا يصح حسماً لمادة ربا النسيئة، كمن يؤجر الدار – مثلاً – خمس سنوات : السنة بعشرين ألف ريال، ثم يؤجرها للمالك بأقل من ذلك نقداً ([131]) .

وهو الذي جعل الحنفية يمنعون تأجير المستأجر للعين المؤجرة من المالك بزيادة مطلقاً . حسماً لمادة الربا، لأنها تشبه مسألة العينة ([132]) .

ولهذا جاء في هامش الموسوعة الكويتية :

“ترى اللجنة أن إباحة إيجار المستأجر للمؤجر نفس العين المستأجرة في أكثر الصور تشبه بيع العينة المنهي عنه، ولعل هذا ما دعى الحنفية إلى منع ذلك”([133]) .

ومسألتنا شبيهة بهذه المسألة؛ لأن المستأجر الثاني استأجر العين بنقد حال بنقد أكثر منه نسيئة؛ حيث لم يكن في قصد المستأجر الثاني المنفعة وإنما قصد بيع النقود الحاضرة بنقود مؤجلة مع الربح .

الثامن : ما نص عليه فقهاء المالكية في مسألة بيع العين المؤجرة من أن الإجارة تبقى بحالها إلى انتهاء مدة الإجارة، والأجرة للبائع ، ولا يجوز أن يشترطها المشتري؛ لأنه يؤول إلى الربا إلا إن كان البيع بعروض”([134]) .

وكونه يؤول إلى الربا : لأنه يصبح دَفَع نقداً وهو الثمن بعرض ونقد وهو العين المؤجرة والأجرة .

وإذا كان البيع بعروض لم يصبح نقداً بنقد؛ فانتفى الربا .

وعلى هذا الذي ذكره الفقهاء فالمسألة – موضع البحث – قريبة من هذه؛ لأنها في الواقع بيع نقد بنقد مع التأجيل والتفاضل ، فاجتمع فيها ربا الفضل والنسيئة.

التاسع : أن المعقود عليه في الإجارة هو المنفعة .

والقول بجواز تأجير العين المستأجرة من قِبَل المالك على ذات المدّة.. يترتب عليه ورود عقدين من شخص واحد على محل واحد من عاقدين مختلفين، حيث أبرم المالك في الإجارة الأولى العقد على منفعة العين مدّة معينة مع المستأجر الأول، ثم  أبرم عقداً آخر على نفس المحل وبنفس المدّة مع شخص آخر. والحال أنه مشغول بالعقد الأول، فلا يصح كما لو باع العين من شخص ثم باعها على شخص آخر  بعد أن انتقلت من ملكه .

العاشر : أنه يترتب على صحة هذا العقد :

أنه يجوز للمؤجر أن يؤجر العين المستأجرة على غير المستأجر، ويجوز للمستأجر أن يؤجر العين المستأجرة لغيره، وهكذا من استأجر من المالك يحق له أن يؤجر العين ومن استأجر منه، وهكذا من استأجر من المستأجر الأول يحق له أن يؤجرها ومن استأجر منه… الخ .

وهذا يؤدي إلى التنازع في العين المستأجرة مما لا يتناهى من العاقِدين الذين تعلق حقهم بها

الحادي عشر : أن هذه المعاملة ذريعة إلى الربا بلا إشكال إذ يتوصل من خلالها إلى بيع نقد مؤجل بنقد حال مع التفاضل والنساء حيث استبيح بهذه الإجارة الصورية بيع مائة وخمسين ألف مؤجلة بمائة ألف حالة – مثلاً – .

وهذه الذريعة محرّمة بدلالة ما يلي :

1 –حديث الغالية بنت أيْفع بن شراحيل أنها قالت:”دخلت أنا وأم ولد زيد بن أرقم وامرأته على عائشة رضي الله عنها فقالت أم ولد زيد بن أرقم: كانت لي جارية وإني بعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم إلى عطائه، وإنه أراد بيعها فابتعتها منه بستمائة نقداً. فقالت: بئس ما شريت وما اشتريت، فأبلغي زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله e إلا أن يتوب”([135]) .

اعترض الشافعي عليه بأنه لا يصح لجهالة الغالية .

وأجاب ابن الجوزي في التحقيق بأنها : جليلة القدر معروفة، ذكرها محمد بن سعد في الطبقات قال : الغالية بنت أيْفع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق السبيعي سمعت من عائشة ([136]) ، ومال ابن القيم إلى تصحيحه كما في تهذيب السنن ([137]).

2 – ما ورى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن رجل باع من رجل حريرة بمائة ثم اشتراها بخمسين فقال : دراهم بدراهم متفاضلة دخلت بينهما حريرة. وفي لفظ : “اتقوا هذه العينة لا تبيعوا دراهم بدراهم بينهما حريرة”([138]) .

وإن كان هذا الأثر في بيع العينة. إلا أنه فيما يظهر ينطبق على هذه المعاملة في مسألتنا، حيث يتم فيها بيع دراهم مؤجلة بدراهم حالة مع التفاضل، والواسطة بينهما هذه الإجارة الصورية .

الثاني عشر : أن المعاملة في هذه المسألة من قبيل بيع الدين لغير من هو عليه .

حيث إن المؤجر يبيع الأجرة الواجبة له بالعقد وهي مؤجلة في ذمة المستأجر على المستأجر الجديد بنقد حال .

فأصبح بيع دين مؤجل في ذمة المستأجر الأول بنقد حال ، ومعلوم تحريم بيع الدين الذي في الذمة على غير من هو له، أو على من هو له مع التفرق قبل التقابض .

ومما يدل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قلت يا رسول الله إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذا من هذا وأعطي هذا من هذا؟ فقال رسول الله e : “لا بأس أن تأخذها بسعر يومها مالم تفترقا وبينكما شيء”([139]) .

ولا يعترض على هذا بأنه من قبيل الصرف بخلاف ما نحن فيه، حيث هو تأجير على تأجير، لأنه يقال : إنه تبيّن من خلال ما سبق أن التأجير غير صحيح لوروده على منفعة مملوكة للغير .

فحقيقته : بيع الأجرة المستحقة بالإجارة الأولى بالأجرة المستحقة بالإجارة الثانية، فهو بيع نقد بنقد فدخل في مدلول الحديث .

والحديث يدل على أنه لابد من التقابض في مجلس العقد أو ما هو في معنى التقابض، فيما إذا كان أحد النقدين حاضراً في المجلس والآخر في الذمة؛ لأنه يشترط ألا يفترقا وبينهما شيء .

وهنا في هذه المعاملة يحصل الافتراق وبينهما شيء؛ بل إن العوض الذي في الذمة مؤجل التسْليم على أقساط هي الإيجار السنوي .

الثالث عشر : هذه المعاملة، يترتب عليها ربح مالم يضمن .

وقد جاء النهي عن ربح مالم يضمن؛ كما في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال : قال رسول الله e : “لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح مالا يضمن، ولا بيع ما ليس عندك”([140]) .

ويدل لهذا المعنى أيضاً حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله e قضى أن : “الخراج بالضمان”([141]) .

وفي هذه المعاملة يتحقق ربح مالا يضمن، لأن العين المؤجرة في مدّة الإجارة من ضمان المستأجر لو تعدى فيها أو فرط، فكان ينبغي أن يكون ربحها للمستأجر، لأن الخراج بالضمان وقد نهى عن ربح مالا يضمن فإذا ما أجّرها المؤجر وهي في ملك المستأجر الأول وفي ضمانه فقد ربح مالا يدخل في ضمانه

المبحث الثالث

الإجارة على الإجارة في إجارة الأشخاص

 المبحث الثالث

الإجارة على الإجارة في إجارة الأشخاص

تمهيد:

تقسم الإجارة تقسيمات عديدة باعتبارات مختلفة، فتقسم من حيث ورودها على مدّة أو على عمل إلى قسمين؛ إجارة على مدّة معينة، وإجارة على عمل معين وتُقسّم من حيث ورودها على عين معينة، أو على الذمة إلى قسمين:

إجارة الأعيان ، والإجارة في الذمة.

وإجارة الأعيان تقسم من حيث ورودها على الآدميين أو غيرهم إلى قسمين: إجارة الأشخاص، وإجارة الأشياء.

وبحثنا هنا في إجارة الأشخاص .

أما إجارة الأشياء كاستئجار دابة للركوب عليها أو للحرث ، وكاستئجار دار للسكنى ، فهذه سبق بحثها – في المبحث الأول من هذا البحث – ، وعرفنا من خلاله إمكانية ورود الإجارة على الإجارة في هذا النوع، وكان مدار البحث في المبحث الأول على ذلك .

وأما إجارة الأشخاص والمراد : استئجار الآدميين للعمل. فلها حالتان  , بيانهما في المطلبين الآتيين :

المطلب الأول : الأجير الخاص :

المراد به :

عرف الأجير الخاص بتعريفات عديدة متقاربة في معناها من أهمها : أنه من قدر نفعه بالزمن [142] , أو هو من يقع العقد علي عينه في مدة معلومة يستحق المستأجر نفعه في جميعها [143] , او هو من يعمل لواحد  , [144]  , أو هو من يستحق الأجرة بتسليم نفسه وإن لم يعمل .[145] ، سمي بذلك لاختصاص المستأجر بمنفعته في مدة الإجارة .

ورود الإجارة على الإجارة في الأجير الخاص :

في هذه الحالة لا ترد الإجارة على الإجارة ؛ لأن : المعقود عليه في إجارة الأجير الخاص هو منفعة الأجير بعينه , لأداء عمل معين في مدة معينة ، وبناء عليه فإذا تم العقد صحيحا , فإنه يلزم الأجير الخاص أن يعمل لدى مستأجره وليس له أن يستأجر شخصاً آخر يحل محله في أداء العمل الذي ستؤجر له إلا بإذن صاحب العمل .

فإذا استأجر شخص خادماً أو مزارعاً أو راعياً، أو سائقاً فليس لأي من هؤلاء أن يستأجر من يحل محله في هذا العمل إلا بإذن المستأجر وهو صاحب العمل  ([146]).لأن المعقود عليه-  كماسبق – هو عمل الأجير بنفسه – فلزم القيام به على الوجه المطلوب , كمن استأجر دابة معينة  من إنسان لركوبها فإنه ليس له إبدالها .[147]

إنابة المستأجر من يقوم بعمل الأجير الخاص عند عدم قيامه بالعمل  :

إذا لم يقم الأجير الخاص بعمله فلا يخلو إما أن يكون ذلك لعذر أو لغير عذر , فإن كان لعذر كمرض أو حدوث أمر غالب منعه من العمل كسيل أو حرب أو حريق  …الخ  فإن الأجير لا يكلف أن يقيم من يعمل بدله ؛ لأن المعقود عليه معين  وهو عين الأجير  [148] , ولأنه معذور بتخلفه عن العمل .

وإن لم يكن لعذر فإن الأجير يجبر على أداء العمل ، وليس له أن ينيب من يعمل بدله, لأن العقد وقع على عينه . وليس للمستأجر أن يستأجر من يقوم بعمله على حساب الأجير  ، بل يخير بين فسخ الإجارة أو الصبر حتى يقوم بالعمل ؛ لتعذر استيفاء المعقود عليه [149], ولأن غرض المستأجر يفوت بإقامة غير الأجير مناب الأجير وحينئذ فلأفضل له أن يفسخ العقد معه ويستأجر غيره .وإذا لم يتمكن من إجبار الأجير غير المعذور على القيام بالعمل فإن الأجير لايستحق الأجرة ؛ لعدم قيامه بالعمل  .

المطلب الثاني : الأجير المشترك  .

المراد به :

كما اختلفوا في المراد بالأجير الخاص اختلفوا  في الأجير المشترك  فقيل : هو من  قدر نفعه بالعمل [150] ، وقيل هو من يقع العقد معه على عمل معين ، أو على مدة لايستحق  المستأجر جميع نفعه فيها [151] ، وقيل غير ذلك  .والمعقود عليه في الأجير المشترك  منفعة في الذمة لإنجاز عمل معين أو موصوف بصفات تضبطه :

ولا تكون الإجارة هنا إلا لآدمي؛ لأنها متعلقة بالذمة ولا ذمة لغير الآدمي([152]).

 سمي الأجبر المشترك بهذا الاسم ؛ لأن منفعته تكون لأكثر من شخص، حيث إنه يتقبل أعمالاً لجماعة ، ومنفعته مشتركة بينهم ([153]).

ورودالإجارة على الإجارة في الأجير المشترك :

الإجارة على الإجارة واردة هنا ، وذلك أنه إذا استؤجر الأجير المشترك لعمل معين أو موصوف فلا يخلو من ثلاث حالات :

الحالة الأولى:

أن يقوم بالعمل بنفسه، وهذا هو الأصل، فلا إشكال فيه .

الحالة الثانية:

أن تكون طبيعة العمل المستأجر لإنجازه تقتضي ألا ينفرد بعمله كأن يستأجره لبناء بيت، فظاهر الحال أنه لن يقوم بجميع الأعمال اللازمة لبناء البيت بنفسه، وإنما يلزم أن يستأجر البناء والنجار والمبلط والسباك والدهان والكهربائي…

فهنا تحققت الإجارة على الإجارة، حيث استأجر صاحب البيت الأجير الأول، وهذا الأجير استأجر أجراء للقيام بالأعمال اللازمة لبناء المنزل.

الحالة الثالثة:

أن يحصل للأجير المستأجر لعمل معين مانع يمنعه من القيام بهذا العمل ، وحينئذ فعليه أن ينيب من يقوم بالعمل بدله، فإن امتنع أو هرب: استأجر صاحب العمل من يقوم بالعمل، وأجرة الأجير الثاني على الأجير الأول.

وهذا هو ما قرر الفقهاء في المذاهب الأربعة؛ حيث اتفقوا على أنه يجوز للأجير المشترك أن يقوم بالعمل الذي استؤجر له بنفسه ، وهذا هو الأصل، ويجوز أن يستأجر هو من يقوم بالعمل نيابة عنه بشرطه ([154]).

وبناءً على ما سبق يتضح أن الإجارة على الإجارة واردة في إجارة الأشخاص إذا كان الأجير مشتركاً بالشروط الآتية :

الشرط الأول:

ألا يشترط صاحب العمل أن يقوم الأجير بالعمل بنفسه فإن شرط ذلك ، فليس له أن يستأجر من يقوم بالعمل .

الشرط الثاني:

ألا يكون العمل المعقود عليه مما يختلف باختلاف الأشخاص، فإن كان العمل في الإجارة الأولى مما يختلف باختلاف الأجير ، كالخط ونحوه، فلا تدخل الإجارة على الإجارة، لأن الأجير الأول حينئذ مقصوداً لعينه، وللمستأجر الأول غرض صحيح في قيام الأجير الأول بالعمل .

الشرط الثالث:

ألا يكون الأجير الأول أجيراً خاصاً ، فإن كان أجيراً خاصاً ، فليس له أن ينيب غيره في القيام بعمله ، وليس له أن يستأجر من يقوم بالعمل بدله .

الشرط الرابع:

ألا يكون العقد الأول في الإجارة الأولى قد انتهى، لأنه إذا انتهى العقد الأول بين المستأجر والأجير الأول، فلا يكون هناك إجارة على إجارة؛ لأن العقد الثاني مبني على العقد الأول، فإذا انتهى الأصل انتفى الفرع ([155]).

 المبحث الرابع

 الضمان في الإجارة على الإجارة

وفيه مطلبان:

 المطلب الأول : في إجارة الأشياء.

 المطلب الثاني: في إجارة الأشخاص.

المطلب الأول

الضمان في الإجارة على الإجارة في إجارة الأشياء

المراد بالأشياء هنا: الأعيان المؤجرة من غير الآدميين ، فيدخل فيها العقار والدواب، والآلات المختلفة ، والمراكب المختلفة، ويدخل في ذلك السفن والطائرات والسيارات ، … الخ .

والبحث هنا في حكم الضمان إذا حصل تلف كلي أو جزئي للعين المؤجرة، في الإجارة الثانية، إذا أجر المستأجر الأول العين المؤجرة على مستأجر ثانٍ فحصل التلف عند الثاني، فهل يضمن ، أو لا يضمن؟ وإذا كان يضمن ، فهل يضمِّن المالكُ المستأجرَ الأول أو المستأجر الثاني…؟

مما اتفق عليه الفقهاء في المذاهب الأربعة أن يد المستأجر على العين المؤجرة يد أمانة، والمستأجر أمين ([156])، فتنطبق عليه قاعدة الضمان على الأمناء وهذه القاعدة: أن من كانت يده يد أمانة فلا ضمان عليه إلا إذا تعدّى أو فرط ([157]) .

وعلى ذلك فالمستأجر الأول أمام المالك أمين لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط، والمستأجر الثاني كذلك أمام المستؤجر الأول، لأن المستأجر الثاني، أمام المستأجر الأول كالمستأجر الأول أمام المالك.

وعلى ذلك، فإذا حصل من المستأجر الثاني تعد أو تفريط تسبب في تلف العين المؤجرة، فإنه يضمنها لمالكها ، ولا ضمان على المستأجر الأول، لعدم تعديه وعدم تفريطه. وإذا حصل التلف بدون تعدٍّ أو تفريط فلا ضمان على واحد منهما.

 المطلب الثاني

الضمان في الإجارة على الإجارة في إجارة الأشخاص

البحث هنا في حكم تضمين الأجير الثاني، المستأجر من قبل الأجير الأول. فإذا استأجر شخص أجيراً ليعمل له عملاً معيناً، فإن كان الأجير أجيراً خاصا، فليس داخلاً في هذا البحث ؛ لأن الأجير الخاص ليس له أن يستأجر من يقوم بعمله بدله ، فلا إجارة على الإجارة ، كما سبق .

وإن كان الأجير أجيراً مشتركاً ،ولم يشترط عليه أن يقوم بالعمل بنفسه واستأجر شخصاً آخر يقوم بالعمل بدله فلا يخلو إما أن يكون الأجير الثاني أجيراً خاصاً عند الأجير الأول، أو أجيراً مشتركاً، فإن كان خاصاً ، فلا ضمان في الإجارة الثانية ؛ لأن الأجير الخاص لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط .

وحينئذ فيكون الضمان على الأجير الأول.

وإن كان الأجير الثاني أجيراً مشتركاً فينطبق عليه في مسألة الضمان أمام الأجير الأول، ما ينطبق على الأجير الأول أمام صاحب العمل. وقد اتفق الفقهاء في المذاهب الأربعة على تضمين الأجير المشترك إذا حصل منه تعدٍ أو تفريط ([158]).

وأما إذا لم يحصل منه تعد ولا تفريط وأقام البينة على ذلك فقد اتفقت المذاهب الأربعة في المشهور عندهم .

أنه لا يضمن .

لأن الأصل عدم تضمين الأجراء ([159]).

وإن لم يقم البينة على عدم التعدي والتفريط وكان التلف بغير فعله فخلاف على ثلاثة أقوال :

القول الأول:

أنه لا يضمن ، وإليه ذهب الإمام أبو حنيفة وزفر، والحسن بن زياد ([160]) ، وهو الصحيح عند الشافعية ([161])، ومذهب الحنابلة ([162]) .

واستدلوا بالآتي:

  • ما ورد عن علي t أنه قال بعدم تضمين الأجير المشترك([163]).

  • أن الأصل عدم الضمان إلا على المتعدي . ولم يحصل منه تعد؛ لأن التلف ليس من صنعه([164]).

  • أن الأجير قبض العين بإذن مالكها فلا يضمنها قياساً على الوديعة والعارية، والمضاربة ([165]).

القول الثاني:

أنه يضمن . وإليه ذهب المالكية ([166])، وهو قول عند الشافعية ([167])، ورواية عند الحنابلة ([168]).

واستدلوا بالآتي:

1) حديث سمرة t أن رسول الله e قال: “على اليد ما أخذت حتى تؤدي”([169]).

ونوقش: بأن الحديث ضعيف . وأنه لا يتناول الإجارة .

2) ما ورد عن عمر وعلي أنهما قالا بتضمين الأجير المشترك .

ونوقش، بأنه لم يثبت ([170]) وأنه معارض بما ورد أن علياً قال بعدم تضمينه .

3) أن الأجير قد قبض العين لمصلحة نفسه ، فلزمه ضمانها كالمستعير ([171]) .

ونوقش : بأن القياس على المستعير قياس مع الفارق؛ لأن المستعير ينفرد بنفع العين بخلاف الأجير لأن النفع مشترك بينه وبين صاحب العين؛ هذا في الانتفاع بالعين وذلك بالأجرة .

4) أن المعقود عليه – هنا – هو الحفظ ، فلا بد أن يكون سليماً من العيب؛ لأن عقد المعاوضة يقتضي سلامة المعقود عليه، فإذا هلك تبين أن الحفظ لم يكن سليماً ، فيجب الضمان.

ونوقش: بعدم التسليم أن المعقود عليه هو الحفظ بل المعقود عليه هو الضمان، والحفظ يجب تبعاً لا قصداً. ولو كان المعقود عليه هو الحفظ لكان له حصة من الأجر([172]).

5) أنه لو قيل بعدم التضمين لادعى كثير من الأجراء هلاك الأموال وأكلوها بالباطل.

ونوقش: بأن هذا مقصود فيما إذا كان الهلاك بفعله والعين تحت يده، أما إذا هلك بغير فعله فالأصل أن الأجير مؤتمن ، ولا يترك هذا الأصل من أجل التهمة.

القول الثالث:

التفصيل: إن كان التلف بما يمكن التحرز منه: ضمن وإلا فلا . وإليه ذهب أبو يوسف ومحمد بن الحسن ([173])، وهو رواية عند الحنابلة ([174]).

واستدلوا على التضمين في حالة إمكان التحرز بأدلة القائلين بالتضمين مطلقاً.

ونفوا الضمان في حالة عدم إمكان التحرز ، لانتفاء التهمة لأن التلف حينئذ يكون بأمر عام يمكن معرفته ([175]).

الترجيح:

من خلال النظر في هذه الأقوال ، وما ورد على أدلتها من مناقشة ، يظهر – والله أعلم بالصواب – رجحان القول الأول القائل بعدم التضمين . لقوة أدلته ، ولما ورد على أدلة القولين الآخرين من مناقشة  .

الحالة الثانية:

أن يكون التلف بفعل الأجير المشترك.

وحينئذ فللفقهاء تفصيل في التفريق بينما إذا كان الأجير يعمل تحت يد صاحب العمل، أو كان يعمل خارج يده فإن كان يعمل تحت يد صاحب العمل فجمهور الفقهاء على أنه لا يضمن لأنه حينئذ كالأجير الخاص ، ولا ضمان على الخاص، ولأنه لم يقبض العين موضع العمل، فلا تزال يد رب العمل عليها. وهذا هو مذهب الحنفية ([176]) ، والمالكية ([177]) ، والشافعية ([178]) ، وقول عند الحنابلة ([179]).

وخالف الحنابلة في مشهور المذهب ([180]) فقالوا بالضمان مستدلين بأن التلف حصل بجناية يده فيضمن ، وقياساً على ضمان الطبيب والختان ([181]).

ونوقش ذلك بأن التهمة المتوجهة إلى الأجير ضعيفة والأصل عدم الضمان، والقياس على الطبيب قياس على موضع خلاف، فالطبيب والختان لا يضمنان على الراجح إلا بالتعدي أو التفريط ([182]) ، فيترجح هنا القول بعدم التضمين.

وإن كان يعمل خارج يد رب العمل فقد اختلف الفقهاء في تضمينه حينئذ على قولين :

القول الأول:

أنه يضمن . وإليه ذهب الحنفية ([183]) . وهو مقتضى مذهب المالكية ([184]) وقول عند الشافعية ([185]) ، والحنابلة ([186]) واستدلوا بالآتي:

  • أن الأجير قبض العين فوجب عليه ضمانها؛ لأن الضمان يجب بالقبض([187]).

  • أن التلف حصل بفعل غير مأذون فيه، فيضمن ([188]).

القول الثاني:

أنه لا يضمن . وإليه ذهب زفر ([189]) ، وهو الصحيح في مذهب الشافعية ([190]).

واستدلوا بالآتي:

1) أن الفعل الذي حصل بسببه التلف مأذون فيه فلا يجتمع معه الضمان([191]).

ونوقش بأن المأذون فيه هو الفعل الصحيح . لا المفسد؛ لأن مطلق عقد المعاوضة يقتضي سلامة المعقود عليه فإذا تلف كان التلف حاصلاً بفعل غير مأذون فيه ([192]).

2) أن الأجير أخذ العين لمنفعة نفسه، ولمنفعة رب العمل، فلا يضمن قياساً على المضارب.

ونوقش بأن التلف إذا كان بفعله وتحت يده، فإن التهمة تقوى في حقه بأنه تعدى أو فرط . فالمصلحة في تضمينه.

الترجيح :

وعلى ما سبق يتضح رجحان القول بتضمينه .

وعلى ما تقرر هنا في تضمين الأجير المشترك أمام صاحب العمل أو عدم تضمينه يتقرر الحكم في تضمين الأجير المشترك الثاني أمام الأجير الأول؛ لأن الأجير الثاني أمام الأجير الأول، كالأجير الأول أمام صاحب العمل، يضمن فيما يضمن  فيه، ولا يضمن فيما لا يضمن فيه، وعليه فيتلخص الضمان في الإجارة الثانية (الإجارة على الإجارة) في الآتي:

  • في حال التعدي والتفريط مطلقاً.

  • إذا كان أجيراً مشتركاً ، والعمل ليس تحت يد صاحب العمل . ولا يضمن : إذا لم يحصل تعدٍّ ولا تفريط والعمل تحت يد صاحب العمل .

 المبحث الخامس

التطبيق المعاصر للإجارة على الإجارة

تمهيد:

عرفنا فيما سبق إن الإجارة قد تكون واردة على الأعيان من غير الآدميين لمدة معينة ، كاستئجار العقار ، ودواب الركوب ، وآلات الحرث، وجميع الأشياء الداخلة تحت ضابط ما تصح إجارته .

وقد تكون واردة على عين الآدمي لمدة معينة، في إجارة الأجير الخاص، وقد تكون واردة على عمل في الذمة في إجارة الأجير المشترك والناظر للإجارة على الإجارة في مسائلها وصورها القديمة يلحظ أنه يمكن تطبيقها في صور جديدة معاصرة، بل إنها يمكن أن تكون مجالاً استثمارياً معاصراً سليماً من التعاملات المحرّمة.

سواء فيما يتعلق بإجارة الأعيان زمناً معيناً ، أو فيما يتعلق بإجارة الأشخاص.

وبيان ذلك في المطلبين الآتيين:

 المطلب الأول: التطبيق المعاصر للإجارة على الإجارة في إجارة الأشياء.

المطلب الثاني: التطبيق المعاصر للإجارة على الإجارة في إجارة الأشخاص.

 المطلب الأول

في إجارة الأشياء:

خلص البحث في مسائل الإجارة على الإجارة في إجارة الأعيان المؤجرة أنه ليس للمالك أن يؤجر العين المؤجرة خلال مدّة الإجارة لشخص يحل محله أمام المستأجر الأول، كما ترجح أنه يحق للمستأجر أن يؤجر العين التي استأجرها، مدّة معينة لشخص آخر يحل محله في الانتفاع بهذه العين خلال مدّة الإجارة بشروط معينة. وهذا الإيجار الثاني  هو ما يعرف في التعامل المعاصر بالإيجار من الباطن , ولإيجار من الباطن يرد في إجارة الأشياء ، ويرد كذلك في إجارة الأشحاص .أما في إجارة الأشخاص فسيأتي الكلام عنها في المطلب الثاني .

وأما في إجارة الأشياء فهو مجال خصب للاستثمار في التطبيقات المعاصرة أمام المستثمرين من أصحاب رؤوس الأموال والشركات العقارية ، والمؤسسات المصرفية والبنوك الإسلامية وغيرها وعلى سبيل المثال لا الحصر.

يقوم البنك أو المصرف أو الشركة أو المؤسسة العقارية أو حتى فرد أو أفراد باستئجار منشأة عقارية كعمارة، أو مركز تجاري أو نحوهما، من المالك لمدّة معينة بأجرة معلومة .

ثم يقوم هذا المستثمر بتأجير وحدات العمارة على المنتفعين بالسكنى، وتأجير وحدات المركز التجاري على المنتفعين بهذه الوحدات لبيع سلعهم…

فهنا المستأجر الأول استأجر العمارة أو المركز التجاري جملة ، وأجر الوحدات تجزئة على المنتفعين . وفي هذا النوع من التعامل مصلحة لكل من المالك والمستثمر .

فمصلحة المالك تتحقق في أمور منها:

  • التعامل مع شخص واحد، أو جهة واحدة، بدل أن يتشتت ذهنه وجهده أمام العدد الكثير من الناس . فتتحق له مصلحة الراحة بالتعامل مع شخص واحد.

  • تجميع الأجرة ، بدل أن يتتبع المستأجرين واحداً واحداً ، ويجمع الأجرة منهم، بأخذها مجتمعة من واحد.

  • مصلحة استيعاب جميع الوحدات بالإجارة ، وفي ذلك ضمان من كساد بعض الوحدات لعدم الرغبة فيها.

  • ضمان تسليم كامل الأجرة، مقابل امتناع بعض المستأجرين من السداد أو تأخرهم ، كما هو حاصل عند كثير من المستأجرين .

هذه المصالح وغيرها، يتنازل بموجبها المالك عن كثير من الأجرة للمستثمر . وبالمقابل يتحقق للمستثمر عدّة مصالح أيضاً: منها:

  • تخفيض كامل الأجرة، مما يتحقق به الاستثمار المنشود.

  • تأجير الوحدات بأجرة أكثر مما كلفته مقابل التجزئة ، ومقابل أتعاب ملاحقة المستأجرين أو كساد بعض الوحدات أو انخفاض أجورها.

 المطلب الثاني

التطبيق المعاصر للإجارة على الإجارة في إجارة الأشخاص

سبق أن عرفنا أن إجارة الأشخاص نوعان. الإجارة في استئجار الأجير الخاص، والإجارة في استئجار الأجير المشترك .

وعلى ما تقرر في إجارة الأجير الخاص، ، وأن المستأجر يستحق نفع الأجير خلال مدّة الإجارة وأن الأجير الخاص ليس له أن ينيب من يقوم بالعمل المستأجر له إلا بإذن صاحب العمل، فيقرر في التطبيقات المعاصرة ذلك، وعليه فليس للموظف في المجال الحكومي أو في المجال الخاص ، في الشركات والمؤسسات والأفراد ، أن يستأجر من يقوم بالعمل نيابة عنه، إلا بإذن الدولة أو الشركة أو صاحب العمل لأن كل واحد من هؤلاء ، أجيراً خاصاً تستحق الدولة أو الشركة أو المؤسسة أو الفرد نفعه في وقت دوامه أو عمله.

وعلى ما قرره الفقهاء في إجارة الأجير المشترك ، وأنه يحق له أن يقيم بدله من يقوم بالعمل المستأجر لإنجازه بشروط معينة يتقرر في التطبيقات المعاصرة للأجير المشترك جواز الإجارة على الإجارة؛ فكل ما يدخل في التعاملات المعاصرة في الأجير المشترك من بنائين وسباكين وكهربائيين ومهندسي ورش ومقاولين ومتعهدي أعمال…الخ .

يحق لكل من هؤلاء ونحوهم أن يستأجر من يقوم بالعمل الذي استؤجر هو للقيام به بالشروط السابقة .

ويعرف هذا النوع من التأجير في التعامل المعاصر: التأجير من الباطن، – كما سبق – أو المقاولة من الباطن ([193]).

وعرفت المقاولة من الباطن بأنها :

“اتفاق بين المقاول الأصلي ومقاول آخر على أن يقوم الثاني بتنفيذ الأعمال المسندة إلى الأول أو جزء منها مقابل أجر” ([194]).

وعلى هذا يمكن أن تسمى الإجارة على الإجارة في إجارة الأشخاص إجارة من الباطن ، ويكون تعريفها :

اتفاق بين الأجير الأول وأجير ثانٍ على أن يقوم الأجير الثاني بالعمل الذي أسند إلى الأول أو جزء منه مقابل أجرة معينة.

وصور هذا النوع من التأجير في الزمن المعاصر كثيرة ومتنوعة والمقصود : التنبيه على أصل هذا التأجير وإمكانية تطبيقه في الواقع المعاصر إذا تحققت شروطه، المشار إليها ([195]) .

وأن الضمان في ذلك مبني على قاعدة الضمان في إجارة الأجير المشترك .

هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه… وبعد :

فقد تبين من خلال هذا البحث في مسألة الإجارة على الإجارة ما يلي :

1 – أن عقد الإجارة عقد لازم من الطرفين لا يحل لأحدهما فسخه من دون إذن الآخر .

2 – أنه إذا لزم العقد فيقتضي ملك المستأجر لمنفعة العين المؤجرة بحيث يحق له التصرف فيها بالانتفاع بنفسه أو بنائبه، أو بإجارته على المالك أو غيره بشرط عدم تجاوز ما استؤجرت له العين .

3 – أن تصرفات المالك الناقلة لملكية العين المؤجرة صحيحة نافذة ولا يمنعها تعلق حق المستأجر بمنفعتها، لإمكان المستأجر من استيفاء حقه مع انتقال الملكية .

4 – أنه يحق للمالك أن يؤجر العين أثناء مُدة الإجارة الأولى على شخص آخر مدّة أخرى بعد انتهاء عقد الإجارة الأول .

5 – لا يحق للمالك أن يؤجر العين المؤجرة خلال مدّة الإجارة على شخص آخر بحيث يرد العقد على المدة الأولى. كما لا يحق له أن يؤجرها على من يحل محله لأخذ الأجرة من المستأجر الأول .

6 – أن الإجارة على الإجارة في حالات الجواز يمكن أن تتعدد صور التعامل بها لتكون وسيلة من وسائل المؤسسات المالية المعاصرة في الاستثمار المباح .

 فهرس المراجع

  • الاختيارات الفقهية ، للعلامة الشيخ أبي الحسن علي بن محمد بن عباس البعلي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، الطبعة الأولى.

  • إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل ، تأليف محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الأولى، 1399هـ، المكتب الإسلامي ، بيروت.

  • أسنى المطالب شرح روض الطالب ، تأليف زكريا الأنصاري الشافعي ت (926هـ) ، دار الكتاب الإسلامي ، القاهرة.

  • أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه الإمام مالك ، لأبي بكر بن حسن الكشناوي ، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت.

  • الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية، للإمام جلال الدين السيوطي ، تحقيق المعتصم بالله البغدادي، دار الكتاب العربي ، بيروت الطبعة الأولى.

  • إعانة الطالبين ، للعلامة السيد أبي بكر المشهور بالسيد البكري، الطبعة الرابعة ، دار إحياء التراث العربي.

  • أعلام الموقعين عن رب العالمين، لشمس الدين أبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، المتوفى سنة 751هـ)، تحقيق : محمد محيي الدين عبدالحميد ، دار الفكر، بيروت.

  • الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ، تأليف : الشيخ محمد بن أحمد الشربيني، الناشر: دار المعرفة ، بيروت ، لبنان .

  • الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل ، لأبي النجا شرف الدين موسى الحجاوي المقدسي ، المتوفى سنة (968هـ) ، الناشر : دار المعرفة، بيروت، توزيع دار البار.

  • الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ، للشيخ شمس الدين محمد بن محمد الخطيب الشربيني ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

  • الأم، للإمام محمد بن إدريس الشافعي، طبعة دار الشعب .

  • الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ، تأليف: علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي، الطبعة الأولى 1377هـ/1958م، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

  • البحر الرائق شرح كنز الدقائق، للعلامة زين الدين ابن نجيم الحنفي، الطبعة الثالثة 1413هـ/1993م ، دار المعرفة ، بيروت.

  • بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، تأليف: الإمام علاء الدين أبوبكر مسعود الكاساني الحنفي، (ت587هـ) ، الطبعة الأولى 1417هـ/1997م ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

  • بداية المجتهد ونهاية المقتصد ، تأليف : محمد بن أحمد بن رشد القرطبي، أبي الوليد ، الطبعة الرابعة 1398هـ، دار المعرفة ، بيروت.

  • بلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك، للصاوي ، دار المعرفة ، بيروت .

  • تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لفخر الدين عثمان بن علي الزيلعي (ت743هـ) ، دار المعرفة ، بيروت ، الطبعة الثانية.

  • تحفة الفقهاء ، لعلاء الدين محمد السمرقندي (ت540÷ـ) ، دار الكتب العلمية، بيروت ، الطبعة الثانية ، 1414هـ.

  • التاج والإكليل بهامش كتاب مواهب الجليل ، لأبي عبدالله محمد بن يوسف العبدري (ت897هـ) ، دار الفكر ، بيروت.

  • تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج لابن الملقن (ت804هـ) ، الطبعة الأولى 1406هـ، دار حراء ، مكة المكرمة.

  • التفريع ، لعبدالله بن الحسين بن جلاب، (ت378هـ)، تحقيق: الدكتور زبن سالم الدهماني، الطبعة الأولى ، 1408هـ، دار الغرب الإسلامي، بيروت.

  • تهذيب السنن ، لابن قيم الجوزية ، تحقيق : أحمد شاكر، محمد الفقي ، دار المعرفة ، بيروت ، 1400هـ.

  • جواهر الإكليل شرح مختصر خليل في مذهب الإمام مالك، للشيخ صالح عبدالسميع الآبي الزهري، دار المعرفة ، بيروت.

  • الحاوي الكبير في فقه الإمام الشافعي، وهو شرح مختصر المزني، تصنيف أبي الحسن على بن محمد بن حبيب الماوردي، تحقيق وتعليق الشيخ : علي محمدمعوض والشيخ عادل أحمد عبدالموجود، دار الكتب العلمية ، بيروت ، الطبعة الأولى 1414هـ.

  • حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، تأليف : محمد عرفة الدسوقي، طبعة دار الفكر ، بيروت.

  • حاشية قليوبي وعميرة ، للإمامين : شهاب الدين القليوبي، والشيخ عميرة، على شرح جلال الدين المحلى على منهاج الطالبين ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة .

  • رد المحتار على الدر المختار المعروف بحاشية ابن عابدين ، للعلامة : محمد أمين بن عمر بن عبدالعزيز عابدين الدمشقي (ت1252هـ)، الطبعة الأولى 1419هـ/1998م)، دار إحياء التراث العربي.

  • الروض المربع بحاشية عبدالرحمن بن قاسم، الطبعة السادسة 1414هـ/1994م .

  • روضة الطالبين، للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الدمشقي (ت676هـ)، المكتب الإسلامي للطباعة والنشر.

  • سنن ابن ماجة، للحافظ أبي عبدالله محمد بن يزيد القزويني ، المتوفى سنة (275هـ)، حقق نصوصه، ورقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبدالباقي، الناشر: دار إحياء التراث العربي.

  • سنن أبي داود ، للإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجتاني، راجعه ، وضبط أحاديثه وعلق عليه: محمد محيي الدين عبدالحميد، الناشر: دار إحياء السنة النبوية.

  • سنن الترمذي وهو الجامع الصحيح ، للإمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت279هـ) ، دار الفكر.

  • سنن الدراقطني، تأليف شيخ الإسلام الإمام الكبير علي بن عمر الدارقطني، المتوفى سنة (385هـ)، وبذيله التعليق المغني على الدارقطني، تأليف : أبي الطيب محمد شمس الحق، عالم الكتب.

  • السنن الكبرى، للإمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت458هـ)، الطبعة الأولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية في الهند 1344هـ.

  • سنن النسائي، مع شرح الحافظ جلال الدين السيوطي، وحاشية الإمام السندي، الناشر : دار إحياء التراث العربي.

  • شرح ألفاظ الواقفين والقسمة على المستحقين ، لأبي زكريا يحيى بن محمد الرعيني الطرابلسي المكي، المعروف بالحطاب (ت995هـ)، الطبعة الأولى 1415هـ/1995م .

  • شرح روض الطالب من أسنى المطالب ، للإمام أبي يحيى زكريا الأنصاري الشافعي، المكتبة الإسلامية.

  • شرح الزرقاني على مختصر خليل ، لعبدالباقي الزرقاني، دار الفكر ، بيروت 1398هـ.

  • شرح الزركشي على مختصر الخرقي في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، تأليف: شمس الدين محمد عبدالله الزركشي المصري، (ت772هـ)، الطبعة الأولى 1410هـ.

  • الشرح الصغير، تأليف : أحمد بن محمد الدردير، موجود بهامش بلغة السالك لأقرب المسالك ، طبعة عام 1398هـ، عن دار المعرفة للطباعة، بيروت .

  • الشرح الكبير، تأليف: أبي البركات أحمد الدردير، مطبعة دار الفكر، بيروت.

  • الشرح الكبير على متن المقنع، للشيخ : شمس الدين أبي الفراج عبدالرحمن أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت682هـ)، جامعة الإمام محمد بن سعود، كلية الشريعة ، الرياض.

  • شرح معاني الآثار، للإمام أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي الحنفي، حققه وعلق عليه : محمد زهري النجار، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1399هـ.

  • شرح منتهى الإرادات، للشيخ العلامة: منصور بن يونس بن إدريس البهوتي (ت1051هـ)، دار الفكر.

  • صحيح البخاري مع الفتح تصحيح وتعليق وإشراف عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، وترقيم محمد فؤاد عبدالباقي ، نشر إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية .

  • صحيح مسلم ، المؤلف: أبي الحسن مسلم بن حجاج القشيري النيسابوري (ت261هـ) ، تحقيق وتصحيح : محمد فؤاد عبدالباقي، نشر وتوزيع: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، تاريخ الطبعة (1400هـ/1980م).

  • عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة ، تأليف جلال الدين عبدالله بن نجم بن شاس ، (ت616هـ)، الطبعة الأولى 1415هـ/1995م ، دار الغرب الإسلامي .

  • عقد المقاولة ، دراسة مقارنة بين تشريعات الدول العربية ، تأليف محمد عبدالرحيم عنبر ، طبعة 1977م.

  • عقد المقاولة، رسالة دكتوراه ، إعداد د. عبدالرحمن بن عايد العابد، إشراف الأستاذ الدكتور صالح بن عثمان الهليل.

  • الفتاوى الهندية ، المسماة بالفتاوى العالمكيرية للعلامة الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند الأعلام ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت الطبعة الأولى 1406هـ.

  • فتح الباري شرح صحيح الإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري، للإمام أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، نشر وتوزيع : إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

  • فتح القدير شرح الهداية ، تأليف الشيخ: كمال الدين محمد بن عبدالواحد بن عبدالحميد السيواسي المعروف بابن همام (ت816هـ)، الناشر: دار الكتب العلمية ، بيروت، لبنان.

  • فتح المعين المطبوع بهامش إعانة الطالبين ، تأليف الشيخ : زين الدين ابن الشيخ عبدالعزيز بن أحمد الشافعي الملباري ، الناشر: دار إحياء التراث العرير ، بيروت، لبنان .

  • فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب ، لأبي يحيى زكريا الأنصاري، (ت926هـ) ، دار إحياء الكتب العربية لعيسى البابي الحلبي وشركاه بمصر.

  • الفروع، لشمس الدين محمد بن مفلح المقدسي ، المتوفى سنة (763هـ)، ومعه تصحيح الفروع للمرداوي ، الطبعة الرابعة 1405هـ/1985م ، عالم الكتب.

  • القواعد في الفقه الإسلامي، للحافظ أبي الفرج عبدالرحمن بن رجب الحنبلي، دار الكتب العلمية، بيروت ، الطبعة الأولى 1413هـ.

  • قوانين الأحكام الشرعية ، للشيخ : محمد بن أحمد بن جزي الغرناطي المالكي، تحقيق ومراجعة : عبدالرحمن حسن محمود، الناشر: عالم الفكر، القاهرة، الطبعة الأولى 1405هـ.

  • الكافي في فقه أهل المدينة المالكي ، لأبي عمر يوسف بن عبدالله بن عبدالبر النمري القرطبي ، تحقيق: محمد أحيد ولد ماديك الموريتاني ، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، الطبعة الثانية 1398هـ.

  • الكافي في فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل لأبي محمد موفق الدين ابن قدامة المقدسي، المكتب الإسلامي ، دمشق – بيروت ، الطبعة الثانية 1399هـ.

  • كشاف القناع عن متن الإقناع، للشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، عالم الكتب ، بيروت.

  • اللباب في شرح الكتاب، تأليف الشيخ : عبدالغني الغنيمي الدمشقي الميداني الحنفي، 1400هـ/1980م، المكتبة العلمية بيروت.

  • المبدع في شرح المقنع ، لأبي إسحاق برهان الدين بن محمد بن عبدالله بن محمد بن مفلح الراميني الحنبلي (ت884هـ)، طبع المكتب الإسلامي ، الطبعة الأولى.

  • المبسوط ، لشمس الدين أبي بكر محمد بن أبي سهل السرخسي ، تصنيف الشيخ: خليل الميس مدير أزهر لبنان ، الناشر: دار المعرفة ، بيورت ، طبعة 1414هـ/1993م .

  • مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر ، تأليف شيخ زادة : عبدالرحمن بن شيخ محمد بن سليمان، وملتقى الأبحر ، لإبراهيم بن محمد الحلبي (ت956هـ) ، طبعة عثمانية 1327هـ.

  • مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن تيمية ، جمع وترتيب الشيخ عبدالرحمن بن قاسم – رحمه الله – ، مطابع دار العربية، بيروت، مصور عن الطبعة الأولى.

  • مختصر الطحاوي لأبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، تحقيق أبي الوفاء الأفغاني، دار إحياء العلوم ، بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ.

  • المدونة الكبرى ، للإمام مالك بن أنس (ت679هـ) ، رواية سحنون عن ابن القاسم ، دار الفكر – بيروت .

  • المستدرك على الصحيحين ، للحافظ أبي عبدالله الحاكم النيسابوري ، دار المعرفة – بيروت .

  • المصنف ، للحافظ أبي بكر عبدالرزاق بن همام الصنعاني ، تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي، من منشورات المجلس العلمي في الهند، توزيع المكتب الإسلامي ، بيروت ، الطبعة الأولى 1392هـ.

  • المسند ، للإمام أحمد بن حنبل، الناشر : دار صادر، بيروت.

  • مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، تأليف العلامة: مصطفى السيوطي الرحيباني ، الطبعة الثانية 1415هـ/ 1994م.

  • معونة أولي النهى شرح المنتهى، “منتهى الرادادت” ، تصنيف : تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي الحنبلي الشهير بابن النجار ، الطبعة الأولى 1416هـ/1996م ، دار خضر .

  • المعونة على مذهب عالم المدينة ، للقاضي عبدالوهاب البغدادي (ت422هـ)، تحقيق د. حميش عبدالحق ، مكتبة نزار مصطفى الباز ، مكة المكرمة ، الطبعة الأولى 1415هـ.

  • المغني، لموفق الدين أبي محمد عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت620هـ) تحقيق د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي، د. عبدالفتاح الحلو . هجر للطباعة، القاهرة، الطبعة الأولى 1409هـ.

  • مغني ذوي الأفهام

  • مغني المحتاج، للشيخ : محمد الشربيني الخطيب، طبعة شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر ، 1377هـ.

  • المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام الشرعيات والتحصيلات المحكمات لأمهات مسائلها المشكلات، تأليف : أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشاد القرطبي (ت520هـ)، الطبعة الأولى ، 1408هـ/1988م، دار الغرب الإسلامي.

  • المقنع في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل الشيباني ، تأليف: الإمام موفق الدين عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي، مكتبة الرياض الحديثة ، 1400هـ .

  • منح الجليل شرح مختصر الخليل ، لمحمد عليش ، الطبعة الأولى 1404هـ، دار الفكر ، بيروت .

  • المنهاج، للإمام أبي زكريا بن شرف النووي ، مطبوع مع مغني المحتاج، دار الفكر.

  • المهذب في فقه الإمام الشافعي، لأبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، (ت476هـ)، الطبعة الثانية 1379هـ، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، دار الفكر.

  • مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل، لأبي عبدالله محمد بن حمد بن عبدالرحمن المغربي المعروف بالحطاب (ت954هـ)، الطبعة الثالثة 1412هـ/ 1992م، دار الفكر .

  • الموسوعة الكويتية .

  • نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج في الفقه على مذهب الشافعي، تأليف : شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملي، (ت1004هـ)، الطبعة الثالثة 1413هـ/1992م، دار إحياء التراث العربي .

  • الوجيز في فقه الإمام الشافعي لأبي حامد الغزالي ، دار الباز ، مكة المكرمة.

  • الوسيط في المذهب ، للغزالي، تحقيق : أحمد محمود ، ومحمد ثامر، دار السلام ، الطبعة الأولى، 1417هـ.

  • الهداية لأبي الخطاب الكلوذاني، الطبعة الأولى ، 1390هـ.

 [1]  – ينظر : بدائع الصنائع 4 / 207 وفتح القدير 5 /185 والفتاوى الهندية 5/ 464 والمعونة على مذهب عالم المدينة 2 / 1106 والكافي للقرطبي 2 / 478 والتفريع 2 /188 والشرح الصغير مع بلغة السالك 2 / 271 والحاوي الكبير 7 / 403 والوجيز 1 /239 والمهذب 1 / 407 وروضة الطالبين5 / 253 ومغني المحتاج 2 /360 والفروع 4 /442 والإنصاف 6 / 69 والمبدع 5 /107                  وكشاف القناع 4 / 31 والروض المربع5 /31

[2] – نظر: المغني 8 / 48 و كشاف الإقناع 4 / 31 .

[3] –  ينظر : مغني المحتاج 2 / 360  ونهاية المحتاج 5 / 324  .

[4] – ينظر : المغني 8 / 49 والمبدع 5 / 108

([5])    ينظر : الفتاوى الهندية 5/464 .

([6])    انظر : الكافي للقرطبي 2/748، ومواهب الجليل 5/407 .

([7])    ينظر : الإنصاف 6/96 .

[8]– ينظر : الفتاوى الهندية 5 / 464 ومواهب الجليل 5 / 407 والمبدع / 107 .

([9])    ينظر : الوجيز 1/239، والمهذب 1/417، وروضة الطالبين 5/253، والأشباه والنظائر للسيوطي ص151 .

([10])    الإنصاف 6/69، والمبدع 5/108، والقواعد لابن رجب ص44 .

[11] –  ينظر المبدع 5 / 108 وكشاف القناع 4 / 31 .

([12])    ينظر : المدونة 4/466، والتفريع لابن جلاب 2/188، والكافي للقرطبي 2/748، والمعونة 2/1106، ومواهب الجليل 5/408 .

([13])    ينظر : الحاوي الكبير 7/403، والوجيز 1/239، وروضة الطالبين 5/255، وشرح روض الطالب 2/435 .

([14])    ينظر : الهداية لأبي الخطاب 1/181، والإنصاف 6/69، والمقنع 2/215، وإعلام الموقعين 1/359 .

([15])    ينظر : المعونة 2/1106، ومغني المحتاج 2/360 .

([16])    ينظر : المعونة 2/1106 .

([17])    ينظر : تحفة الفقهاء 2/49، وبدائع الصنائع 4/207 .

([18])    ينظر : الوجيز 1/239، 240، ومغني المحتاج 2/360، والإنصاف 6/68 .

([19])    ينظر : بدائع الصنائع 4/207، وتحفة الفقهاء 2/47، ومختصر الطحاوي ص130، 131 .

([20])    بدائع الصنائع 4/408 .

([21])    ينظر : تحفة الفقهاء 3/164، والقوانين الفقهية ص241، وأسهل المدارك 3/88-90، والمهذب 1/446، وروضة الطالبين 5/255، ونهاية المحتاج 5/328، والإنصاف 6/39، والقواعد ص45، وشرح المنتهى 2/376 .

[22] ينظر الهداية 3 / 15 والبناية 6 / 157 وحاشية الدسوقي 4 / 77 وأسهل المدارك 2 /101 والمهذب 1 /441 والإقناع للشربيني 2 /81 والقواعد ص45 وشرح المنتهى  2376

[23] – ينظر : معونة أولي النهى 5 / 124  .

([24])    ينظر : تحفة الفقهاء 3/207، والمهذب 1/452، وروضة الطالبين 5/255، ونهاية المحتاج 5/328، والإنصاف 6/39، وشرح المنتهى 2/376 .

([25])    ينظر : المغني 8/25، 26، وكشاف القناع 4/24، 25 .

([26])    ينظر : البحر الرائق 7/304، ورد المحتار على الدر المختار 9/33، 107 .

([27])    ينظر : روضة الطالبين 5/256 .

([28])    ينظر : المغني 8/55، والفروع 4/445 .

([29])    ينظر : المغني 8/55، والكافي لابن قدامة 2/325 .

([30])    ينظر : المغني 8/55 .

([31])    ينظر : رد المحتار على الدر المختار 9/107 .

([32])    ينظر : الشرح الكبير للدردير 4/9، ومنح الجليل 7/458، ومواهب الجليل 5/406 .

([33])    ينظر : حلية العلماء 5/402، والمهذب 1/403 .

([34])    ينظر : المغني 8/55، والإنصاف 6/35 .

([35])    ينظر مواهب الجليل 5/406، ومنح الجليل 5/458، والإنصاف 6/35، وشرح المنتهى2/361.

([36])    ينظر : المهذب 1/403 .

([37])    ينظر : المغني 8/55 .

([38])    ينظر : مواهب الجليل 5/406، وشرح الزرقاني على خليل 7/10، ومنح الجليل 5/458 .

([39])    ينظر : المهذب 1/403 .

([40])    ينظر : المغني 8/55، والإنصاف 6/35 .

([41])    ينظر : الخرشي 7/9، ومواهب الجليل 5/406، ومنح الجليل 5/458، والإنصاف 6/35، وشرح المنتهى 2/361 .

([42])    ينظر : المهذب 1/403، والمغني 8/55 .

([43])    ينظر : روضة الطالبين 5/253، وشرح المنتهى 2/361 .

([44])    ينظر : البحر الرائق 7/304، وحاشية ابن عابدين 9/107 .

([45])    ينظر : الحاوي 7/408، وروضة الطالبين 5/253 .

([46])    ينظر : التفريع لابن جلاب 2/185 .

([47])    ينظر : المهذب 1/403 .

([48])    ينظر : المغني 8/55، والكافي لابن قدامة 2/325، والإنصاف 6/35، وشرح المنتهى 2/361، وغاية المنتهى 2/196 .

([49])    ينظر : المهذب 1/403، والمغني 8/55 وكشاف القناع 3/ 566 .

([50])    ينظر : الفتاوى الهندية 4/425، وحاشية ابن عابدين 9/107 .

([51])    ينظر : المرجعان السابقان .

([52])    ينظر : المهذب 1/403، وحلية العلماء 5/401 .

([53])    ينظر : الإنصاف 6/35 .

([54])    ينظر : الفتاوى الهندية 4/425، وحاشية ابن عابدين 9/107 .

[55]– ينظر : معونة أولي النهى 5 / 58 .

([56])    ينظر : مختصر الطحاوي ص129، والدر المختار 9/107، والفتاوى الهندية 4/425، وحاشية ابن عابدين 9/107 .

([57])    ينظر : المدونة 4/515، والتفريع 2/185، والكافي 2/748، ومواهب الجليل 5/406، وشرح الزرقاني على خليل 7/10، ومنح الجليل 5/458 .

([58])    ينظر : المهذب 1/403، وحلية العلماء 5/402، وروضة الطالبين 5/256، وتحفة المحتاج 6/200 .

([59])    ينظر : المغني 8/54، والإنصاف 6/35، وكشاف القناع 4/15، وغاية المنتهى 2/196 .

([60])    ينظر : المغني 1/54 .

([61])    ينظر : المهذب 1/403، والكافي لابن قدامة 2/325 .

([62])    ينظر : الروايتين والوجهين 1/430، والمغني 8/54، والفروع 4/445 .

([63])    ينظر : المغني 8/54 .

([64])    ينظر : المرجع السابق .

([65])    ينظر : المرجع السابق .

[66] – ينظر البحر الرائق 8 / 17  .

[67] – ينظر : المهذب 1 / 534

[68] -ينظر : المصدر السابق

[69] – الصدر السابق

[70] – ينظر ك المبدع 5 / 92  .

[71] – ينظر المعايير الشرعية الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ص 145 والدليل الشرعي للإجارة ص 27 ، 171 وفتوى ندوة البركة الفقهية رقم 2/ 4  .

[72] – ينظر المهذب 1 / 534

[73] – ينظر المبدع 5 / 93

[74] – البحر الرائق 8 / 17 ورد المحتار على الدر المختار 6 / 28 .

[75] – ينظر : عقد الجواهر الثمينة 2 / 853 .

[76] – ينظر المهذب 1 / 534  ومغني المحتاج 2 / 350

[77] – ينظر المدع 5 / 922  وكشاف القناع 4 / 15 ومعونة أولي النهى 5 / 89 .

[78] – ينظر : الدليل الشرعي للإجارة ص174 .

[79] – ينظر : المبدع  5/ 92 وكشاف القناع 4 / 15 .

[80]– ينظر : مغني المحتاج 2 / 350 .

[81] – ينظر المبسوط  15 / 130 والفتاوى الهندية 4 / 425

[82] – ينظر : المغني 8 / 56 والمقنع مع شرحه المبدع 5 / 81 .

[83] – ينظر المرجعان السابقان .

[84] – ينظر المغني 8 / 56

[85] – المصدر السابق

[86] – المصدر السابق

[87]  – المغني 8 / 56 .

[88] – ينظر الفتاوى الهندية 4 / 425  والمغني 8 / 56  .

[89] – ينظر عقد الجواهر الثمينة 2 / 853 , والتفريع 2 / 185 .

[90] – ينظر : المهذب 1 / 410  وروضة الطالبين 5 / 256

[91] – ينظر المغني 8 / 56 , والإنصاف 6 / 34  .

[92] – ينظر : المهذب 1 / 410 , والمغني 8 / 56  .

([93])    ينظر : تحفة لفقهاء 1/348، وبدائع الصنائع 4/203، والشرح الكبير للدردير 4/10، ومواهب الجليل 5/407، ومنح الجليل 7/461، والحاوي الكبير 7/408، والمهذب 1/396، ومغني المحتاج 2/338، وأسنى المطالب شرح روض الطالب 2/408، والفروع 4/439، والإنصاف 6/41، وكشاف القناع 4/6

([94])    ينظر : الحاوي الكبير 7/409، وأسنى المطالب 2/408 .

([95])    ينظر : تحفة الفقهاء 1/348، وبدائع الصنائع 4/203، والفتاوى الهندية 5/415، والدر المختار 6/6 .

([96])    ينظر : الشرح الكبير للدردير 4/10، 11، والشرح الصغير له بهامش بلغة السالك 2/271، ومواهب الجليل 5/407، والتاج والإكليل بهامشه ومنح الجليل 7/461 .

([97])    ينظر : الفروع 4/439، والإنصاف 6/41، والمبدع 5/85، وكشاف القناع 4/6، وشرح المنتهى 2/364 .

([98])    ينظر : مغني المحتاج 2/338، وتكملة المجموعة الثانية 15/38 .

([99])    ينظر : الشرح الكبير 3/32، وكشاف القناع 4/6، وشرح المنتهى 2/364 .

([100])    ينظر : بدائع الصنائع 4/203 .

([101])    المرجع السابق .

([102])    ينظر : الحاوي 7/408، والمهذب 1/396، ومغني المحتاج 2/338، وأسنى المطالب شرح روض الطالب 2/407، وفتح الوهاب 1/248 .واستثنى الشافعية مسألتين  الأولى : إذا أجر المالك العين على المستأجر السنة الثانية قبل انقضاء المدة الأولى . وهذه المسألة داخلة فيما ذكر أنه لاخلاف فيه في مقدمة الكلام عن هذه المسألة . المسألة لبثانية : مسألة كراء العقب : أن يؤجر صاحب الدابة دابته على اثنين يعتقبان عليها , فإنها تصح  مع أن تأجير الثاني على مدة لاتلي العقد ( ينظر : مغني المحتاج 2 / 238 , 239 . )

([103])    ينظر : الحاوي 408 .

([104])    المصدر السابق .

([105])    ينظر : الشرح الكبير 3/324 .

([106])    ينظر : مجموع الفتاوى 30/275 .

([107])    ينظر : بدائع الصنائع 4/195، والمعونة 2/1091، والمقدمات 2/166، والتفريع لابن جلاب 2/185، والفوائد الفقهية ص282، والحاوي الكبير 7/394، والمهذب 1/400، ومغني المحتاج 2/355، والمغني 8/23، والإنصاف 6/58، وكشاف القناع 4/24، ومطالب أولي النهى 3/655 .

([108])    ينظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام 30/165 .

([109])    المغني 8/24، 25، والإنصاف 6/58، وكشاف القناع 4/24، ومطالب أولى النهى 3/661، 662 .

([110])    بدائع الصنائع 4/208 .

([111])    المرجع السابق .

([112])    ينظر : المغني 8/26، والإنصاف 6/58، وكشاف القناع 4/25، ومطالب أولى النهى 3/662 .

([113])    الاختيارات الفقهية ص151، 152 .

([114])    بعد البحث لم أجد من عثر على مسودة شيخ الإسلام على المحرر .

([115])    الفروع 4/439 .

([116])    مغني ذوي الأفهام ص285 .

([117])    يقصد بذلك خروجه عن قاعدته في استعمال الرموز للمذاهب حيث خرج إلى التصريح؛ لما ذكره . مغني ذوي الأفهام ص285 .

([118])    أي : ابن تيمية .

([119])    ينظر : الإنصاف 6/41-43، وانظر : الفروع 4/437-439 .

([120])    المبدع 5/86 .

([121])    ينظر : مطالب أولي النهى 3/624 .

وقريب مما في المطالب موجود في الكشاف 4/6، وفي معونة أولى النهى بطريقة أكثر بسطاً مع نقل كلام ابن مفلح في الفروع، ثم رتب علي ما ذكر عدم صحة إجارة الأرض المشغولة بغرس أو بناء للغير، يتعذر تحويله وقت التسليم 5/68-70 .

([122])    ينظر : مجموع الفتاوى 30/170، 247 .

([123])    مجموع الفتاوى 30/164 .

([124])    نفس المصدر 30/165 .

([125])    الاختيارات الفقهية ص275 .

([126])    لم أجد مستنداً لهذا القول ينسب الفتوى إلى أصحابها وربما كانت فتاوى معاصرة لهم غير محررة في كتب .

([127])    الاختيارات العلمية ص275، والإنصاف 6/43، وانظر : اختيارات ابن تيمية لبرهان الدين بن القيم ص17.

([128])    ينظر : بدائع الصنائع 4/195، ومقدمات ابن رشد 2/ 166، والمعونة 2/1091، والحاوي 7/394، والمهذب 1/400، والمغني 8/231، والإنصاف 6/58، وكشاف القناع 4/24، ومجموع الاختيارات 30/165 .

([129])    ينظر : بدائع الصنائع 4/201، والمعونة 2/1093، والحاوي 7/395، والإنصاف 6/58 .

([130])    انظر : ص 5 فما بعدها من هذا البحث .

([131])    ينظر : مواهب الجليل 5/406، ومنح الجليل 5/458، والإنصاف 6/35، وشرح المنتهى 2/361 .

([132])    ينظر : رد المحتار 9/107 .

([133])    الموسوعة الكويتية 1/268 .

([134])    ينظر : مواهب الجليل 5/408، والقوانين الفقهية ص282 .

([135])    أخرجه الدارقطني 3/52، والشافعي في الأم 4/78، وعبدالرزاق في المصنف 8/184، والبيهقي في السنن الكبرى 5/330، 331 .

([136])    ينظر : التحقيق وتنقيح التحقيق بهامشه، لابن الجوزي والذهبي 7/127-129 .

([137])   5/104 .

([138])    ذكره ابن حزم في المحلى 9/689، وذكره ابن القيم في تهذيب السنن 5/101، وقال : ثبت عن ابن عباس أنه سئل عن رجل باع من رجل حريرة بمائة ثم اشتراها بخمسين فقال: دراهم بدراهم متفاضلة، دخلت بينهما حريرة .

([139])    أخرجه أبو داود في تاب البيوع، 3/250 ورقمه (3354) والترمذي في كتاب البيوع 3/544 ورقمه (1242) والنسائي في كتاب البيوع (7/283)، وابن ماجه 2/760 ورقمه (2262). والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي، المستدرك وتلخيص المستدرك 2/44 ، وضعفه ابن حزم في المحلى 7/452، والألباني في إرواء الغليل 5/173 .

([140])    أخرجه الإمام أحمد في المسند 2/179، وأبو داود في كتاب البيوع 3/769، والترمذي في كتاب البيوع 3/526، والنسائي في كتاب البيوع 7/295، والحاكم في المستدرك 2/17، وقال : هذا حديث على شرط جملة من أئمة المسلمين ، ووافقه الذهبي .

كما رواه ابن ماجه في سننه 2/737، والدارقطني 3/75، قال ابن حجر وصححه ابن خزيمة. (بلوغ المرام 2/478) .

([141])    أخرجه الإمام أحمد في المسند 6/49، وأبو داود في كتاب البيوع 3/777، والترمذي في كتاب البيوع 3/572، والنسائي في البيوع 7/254، وابن ماجة في كتاب التجارات 2/754، والحاكم في المستدرك 2/15. قال ابن حجر : وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن الجاورد وابن حبان والحاكم وابن القطان. بلوغ المرام 2/504 .

[142] – ينظر الفروع 4 / 449 , وكشاف القناع 4 32 .

[143] – ينظر ينظر المغني 8 / 103 .

[144]  – ينظر بدائع الصنائع 4 / 174  وتبصرة الحكام 2 / 331 .

[145] – ينظر : الهداية 3 / 244 .

([146])   ينظر: الهداية 3/245، 234  وبدائع الصنائع 4 / 208  ومنح الجليل 7 / 441 والبهجة شرح التحفة 2 / 182  وروضة الطالبين 5 224  والفتاوى الكبرى لابن حجر 3 / 148 , .والمغني 8 / 36      ومعونة أولي النهى 5 / 71  ومطالب أولي النهى 3 / 626 .

[147] – ينظر : مجمع الأنهر 2 / 374 ومعونة أولي النهى 5 / 71 .

[148] – ينظر المغني 8 /       ومطالب أولي النهى 3 / 658 .

[149] – ينظر المبسوط 16 / 6  والبحر ارائق 8 / 6 والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 31  ، وروضة الطالبين 5 / 239 وشرح روض الطالب 2 / 418  وكشاف القناع 4 / 31 ومطالب ألي النهى 3 / 631  .

[150] –  ينظر : كشاف القناع 4 / 32

[151] – ينظر : ينظر الغني 8 / 106 .

([152])   ينظر : المبدع 5/89، وكشاف القناع 4/11 .

([153])   ينظر: الهداية للمرغيناني 3/244، وكشاف القناع 4/11 .

([154])   ينظر : الهداية للمرغيناني 3/234 ، وتبيين الحقائق 5/111، ونتائج الأفكار 8/21، والذخيرة 5/500، والفواكه الدواني 2/166، وشرح المحلى على المنهاج 3/68 ، وأسنى المطالب 2/409، والمغني 8/36، والمبدع 5/89، 90 ، وشرح المنتهى 2/375 .

([155])   ينظر: المصادر السابقة .

([156])   ينظر : شرح الجصاص على مختصر الطحاوي 1/383، 384، ومجلة الأحكام العدلية المادة 768 بشرح سليم رستم باز وقوانين الأحكام الشرعية ص349، 350، والأشباه والنظائر للسيوطي 759، والكافي لابن قدامة 2/282، وكشاف القناع 3/485، والقواعد والأصول الجامعة ص50 القاعدة الرابعة عشرة.

([157])   ينظر: شرح مجلة الأحكام العدلية لسليم رستم المادة : (768) ، والفرائد البهية للحمزاوي ص99، 100 ، وقوانين الأحكام الشرعية لابن جزي ص349، 350، والكافي لابن قدامة 2/282  .

([158])   ينظر: بدائع الصنائع 4/210،  والاختيار لتعليل المختار 2 / 54  المقدمات الممهدات 2/243، وحاشية الدسوقي 4 / 26  والحاوي 7/426، والمهذب 1 / 408   والإنصاف 6/72 وكشاف القناع 4 / 33 .

([159])   ينظر: بدائع الصنائع 4/210، والدخيرة 5/502، والمهذب 1/408، والإنصاف 6/72 .

([160])   ينظر: بدائع الصنائع 4/210، وتبيين الحقائق 5/134 .

([161])   ينظر: مغني المختاج 2/357 .

([162])   ينظر: الإنصاف 6/73 .

([163])   أخرجه البيهقي في السنن الكبرى في كتاب الإجارة باب ما جاء في تضمين الأجراء 60/122.

([164])   ينظر: بدائع الصنائع 4/210 .

([165])   ينظر: تبيين الحقائق 5/135، والمغني 8/113 .

([166])   ينظر: جواهر الإكليل 2/190، 191 .

([167])   ينظر: الحاوي 7/426 .

([168])   ينظر: الإنصاف 6/73 .

([169])   أخرجه أبو داود بهذا اللفظ في سننه في كتاب البيوع، باب في تضمين العارية 3/526 . وأخرجه الترمذي في جامعه في كتاب البيوع ، باب ما جاء في أن العارية مؤداه 3/557 ، وابن ماجه في سننه في كتاب الصدقات ، باب العارية 2/802، وذكر أهل السنن : أن هذا الحديث ضعيف لأنه من رواية الحسن عن سمرة، والحسن مدلس رواه عنه بالعنعنة . ينظر: نصب الراية 4/167، والتلخيص الحبير 3/53، وإرواء الغليل 5/348 .

([170])   نصب الراية 4/141، والتلخيص الحبير 3/61،

([171])   ينظر: المهذب 1/408، والمغني 8/113 .

([172])   ينظر: تبيين الحقائق 5/134، 135 .

([173])   ينظر: بدائع الصنائع 4/210، ورد المحتار 6/65 .

([174])   ينظر : المغني 8/112، والإنصاف 6/73 .

([175])   ينظر: البدائع 4/210، وتبيين الحقائق 5/134 .

([176])   بدائع الصنائع 4/210 .

([177])   الشرح الكبير 4/28 .

([178])   نهاية المحتاج 5/310 .

([179])   المغني 8/104 .

([180])   الإنصاف 6/76، وشرح المنتهى 2/378 .

([181])   المغني 8/105 ، والروض المربع 5/340 .

([182])   رسالة عقد المقاولة ، للعايد ص249 .

([183])   ينظر: تبيين الحقائق 5/134 .

([184])   ينظر: بداية المجتهد 2/232، والمنتقى 6/71 ، وأسهل المدارك 2/325 .

([185])   ينظر: المهذب 1/408، ونهاية المحتاج 5/310 .

([186])   ينظر: كشاف القناع 4/34 ، وشرح المنتهى 2/378 .

([187])   بدائع الصنائع 4/210 .

([188])   تبيين الحقائق 5/135 .

([189])   تبيين الحقائق 5/135 .

([190])   ينظر: المهذب 1/408، ومغني المحتاج 2/351 .

([191])   ينظر : تبيين الحقائق 5/135 .

([192])   ينظر : تبيين الحقائق 5/135 .

([193])   ينظر : الوسيط 7/208، وعقد المقاولة لمحمد عبدالرحيم عنبر ص247 ، وعقد المقاولة للدكتور عبدالرحمن العايد ص294 .

([194])   المصادر السابقة.

([195])   ينظر : ص 50  من البحث .

فسخ عقد الزواج

error: