القضاء التجاري / المكتبة القانونية تصفّح المكتبة
يعالج المشرِّع الأردني الاختصاص العالمي في المادة (10\4) قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960. ويُعرَّف الاختصاص العالمي، بشكل عام، على أنه نظام يجوز من خلاله للدول تطبيق قوانينها الداخلية على الجرائم التي ترتكب في الخارج، من قبل الأجانب المقيمين أو المتواجدين ماديا فيها، على الرغم من عدم وجود أي رابط تقليدي كرابط الإقليمية، أو الشخصية، أو العينية بين تلك الدول والجريمة المرتكبة.
وبمقارنة المادة (10\4)، والتي تشترط لقيام الاختصاص العالمي أن يرتكب أجنبي، مقيم في الأردن، جناية أو جنحة في الخارج، يعاقب عليها القانون الأردني، شريطة ألا يكون استرداد ذلك الأجنبي قد طُلِبَ أو قُبِلَ، بكثير من التشريعات المتقدمة الناظمة لذات الاختصاص وتحليلها وتأصيلها، ووجدنا بأن هذه المادة لم تكن موفقة في معالجة هذا المبدأ، وتحتاج إلى كثير من التعديلات القانونية حتى تسير في ركب التشريعات المتقدمة في مجال الإختصاص العالمي.
لذا فقد قمنا بدراسة هذا الاختصاص دراسة قانونية نقدية مستخدمين المنهج المقارن، والتحليلي والوصفي، ومختتمين هذه الدراسة بخاتمة، وتوصيات، آملين أن تلقى قبولاً في التطبيق العملي.
المقدمة
العولمة الاقتصادية والثقافية والتكنولوجية، وما نتج عنها من انفتاح للحدود، وحرية الحركة للأشخاص ولرؤوس الأموال، وسهولة الاتصال بين دول العالم، وتبادل المعلومات، كل ذلك أدى، في ظل تزايد تشبث الدول بمبدأ إقليمية قانون العقوبات، وبمبدأ سيادة الدول على إقليميها، إلى زيادة الجرائم الدولية الجسيمة، وإفلات مرتكبيها من العقاب، خصوصا إذا امتنعت الدول المختصة تقليديا، والمحكمة الجنائية الدولية عن الملاحقة. والدول المختصة تقليديا هي دولة مكان ارتكاب الجريمة، أو دولة جنسية الفاعل، أو الدولة المخلة الجريمة بأمنها واستقرارها، بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة وجنسية مرتكبها.([1])
ونتيجة لذلك، فقد طالب المجتمع الدولي الدول الأعضاء بضرورة تضمين قوانينها الداخلية نصوصا قانونية داخلية، تجيز ملاحقة الجرائم الدولية الجسيمة التي ترتكب في الخارج من قبل الأجانب المقيمين لديها ضمن شروط تختلف في كل دولة عن الأخرى.
وما يؤيد ذلك الفقرة الرابعة من ديباجة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والمواد (49، 50، 129، 146) من اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، والمادة (86) من البرتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، والمادة (4) من اتفاقية قمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها عام 1974، والمادة (5\2) اتفاقية مناهضة التعذيب،([2]) فكل هذه المواد طالبت الدول الأعضاء بأن تسمح لقوانينها الداخلية بملاحقة الجرائم الدولية الجسيمة التي ترتكب في الخارج من قبل الأجانب المقيمين أو المتواجدين ماديا فيها.([3])
وبالاعتماد على ذلك، فقد قام المشرِّع الأردني، متفقا مع كثير من التشريعات الغربية المتقدمة([4]) بتضمين قانون العقوبات الأردني نصا قانونيا يعالج من خلاله الاختصاص العالمي، ألا وهو نص المادة (10\4). لقد ساير المشرِّع الأردني، من خلال هذا النص، آراء كثير من الفقهاء الغرب والعرب (الملاح، 1938؛ سرور 1972؛ عبد المنعم 2000؛ السعيد 1952؛ Lombois, 1971 Magnol, 1935)، وضمن ملاحقة الجنايات والجنح التي ترتكب في الخارج من قبل الأجانب المقيمين في الأردن، بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة وجنسيات الفاعلين، وبغض النظر عن مبدأ سيادة الدول على إقليمها ومبدأ إقليمية قانون العقوبات، شريطة أن يكون ذلك الفعل معاقبا عليه حسب القانون الأردني، وشريطة ألا يكون استرداد ذلك الأجنبي قد طُلِبَ أو قُبِلَ.
تقضي هذه المادة، وهي (10/4) “تسري أحكام هذا القانون على كل أجنبي مقيم في المملكة الأردنية الهاشمية، فاعلا كان، أو شريكا محرضا، أو متدخلا، ارتكب خارج المملكة الأردنية الهاشمية جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون الأردني. إذا لم يكن استرداده قد طُلب أو قُبل.
المتابع لهذه المادة يجد بأنها لا تتعارض مع الاختصاص المقرر للدول المختصة تقليديا، ولا مع الاختصاص المقرر للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك لأنها تعطي للأردن اختصاصاً تكميلياً حيال الدول المختصة تقليديا (المجالي، 2005)، واختصاصاً أصيلاً حيال المحكمة الجنائية الدولية. بتعبير آخر يمكن القول بأنه لا يجوز للأردن ملاحقة الجرائم الدولية الجسيمة، التي اختصاص النظر فيها يرجع للدول المختصة تقليديا، إلا إذا امتنعت هذه الدول عن الملاحقة، أو إذا رفضت الأردن طلب التسليم المقدم من قبل هذه الدول، وهذا ما تؤكده العبارة الواردة في المادة (10\4) والقائلة :”….، إذا لم يكن استرداده طُلِبَ أو قُبِلَ”.([5])
كذلك الأمر لا يجوز للمحكمة الجنائية الدولية ملاحقة الجرائم الدولية الجسيمة إذا أعلنت الأردن اختصاصها على أساس الاختصاص العالمي، أما إذا لم تعلن ذلك، أو إذا كانت غير قادرة أو راغبة بالملاحقة فيجوز للمحكمة الجنائية الدولية نظر الجريمة الواقعة، Mitsuelnazumi, 2004) )، وهذا ما تؤيده المادتان: (1 و17) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، واللتان تعطيان الاختصاص أولاً للدول المختصة تقليديا ومن ثم للدول المختصة عالميا، فإذا امتنعا عن الملاحقة فيجوز للمحكمة الجنائية الدولية الملاحقة (راشد، 1974؛ (Bouzat, 1939.
وبدراسة المادة (10\4) قانون العقوبات الأردني، والتي تشترط لقيام الاختصاص العالمي توافر شروط شخصية وموضوعية، وبمقارنتها بكثير من التشريعات المتقدمة المعالجة لذات المبدأ، وجدنا أن هذه المادة تعاني من الكثير من المشاكل القانونية، لذا فقد قررنا أن نفرد لها بحثا نعالج من خلاله مواطن قصور هذه المادة، وكيفية معالجتها، وذلك من خلال مقارنتها بكثير من التشريعات المتقدمة التي لها باع طويل في هذا المجال، آملين أن تصبح في مقدمة النصوص القانونية المعالجة لهذا المبدأ ومنارا يُحتذى بها. بالاعتماد على ذلك فقد قمنا بتقسيم هذه الدراسة إلى مبحثين وهما: الشروط الشخصية، والموضوعية اللازمة لقيام الاختصاص العالمي سندا للمادة (10\4).
المشكلة البحثية
المتابع للمادة (10\4)، والتي تشترط لقيام الاختصاص العالمي أن يكون الفاعل أجنبيا، ومقيما في الأردن، ويرتكب جناية أو جنحة في الخارج، يجد بأن هذه المادة لم تبين الوقت الذي يجب أن يكون فيه الفاعل متمتعا بالصفة الأجنبية، ومقيما في الأردن. كذلك الأمر لم تبين هذه المادة مدى أثر التقادم والحصانة الدولية على الاختصاص العالمي، وما إذا كان يجوز تطبيق الاختصاص العالمي على المتواجد ماديا في الأردن أم لا؟ إضافة إلى ذلك لم تبين هذه المادة ما هو القانون المعتبر لتحديد ما إذا كان الفعل المرتكب في الخارج جناية أم جنحة، أهو القانون الأردني أم قانون الدولة التي ارتكب فيها الفعل.
وفي سياق الحديث عن المشكلة البحثية، يجد المتابع للمادة (10\4)، والتي تشترط لقيام الإختصاص العالمي عدم طلب استرداد الأجنبي، بأن هذه المادة لم تبين ما هي الدول التي يجوز لها طلب الاسترداد؟ وما هو القانون الخاضع له هذا الطلب؟ وما هي المدة التي يجوز تقديم الطلب خلالها، وما هي الجهة المختصة بالبت فيه في الأردن؟ وما هو الوضع القانوني في حال تقديم أكثر من طلب، أو في حال رفضه أو الموافقة عليه؟ وما هي الجهة المختصة في الأردن لإقامة الدعوى في حال رفض الأردن طلب الاسترداد ورغبتها بالملاحقة على أساس الاختصاص العالمي؟ ولا ينتقص من قيمة هذه المشكلة البحثية القول بأن المشرِّع الأردني تعرض لهذه المسائل في قانون تسليم المجرمين الفارين الأردني لسنة 1927، وذلك لأن هذه القانون جاء بالنسبة للمجرمين العاديين، ولم يتحدث عن مرتكبي الجرائم الدولية الجسيمة، أو الذين يتمتعون بالحصانة الدولية.
وعلاوة على ذلك يجد المتابع للمادة (10\4) بأن هذه المادة لا تقصر الإختصاص العالمي على الجرائم الدولية الجسيمة، ولا تشترط الازدواجية في التجريم في حال كون الفعل من الجرائم الدولية غير الجسيمة. كذلك الأمر لم تعط هذه المادة أمر الملاحقة بصورة صريحة للقضاء وللقانون الأردني أسوة بالتشريعات المقارنة على الرغم من افتراض ذلك، فهي تجيز للأردن،فقط، ملاحقة الأجنبي في الأردن على أساس الإختصاص العالمي دون تبيان، بشكل صريح، بأن أمر الملاحقة يرجع للقانون وللقضاء الأردني.
وفي نهاية الحديث عن المشاكل القانونية التي تعاني منها المادة (10\4) نلفت النظر إلى أن هذه المادة لم تبين آثار الأحكام الأجنبية على الإختصاص العالمي في حال هروب الأجنبي وعودته إلى الأردن مرة أخرى، معتمدة على القواعد العامة التي لا تكفي لحل هذه المسألة. إضافة إلى ذلك لم تقصر هذه المادة الإختصاص العالمي على الفاعلين والشركاء، كما فعلت الكثير من التشريعات المقارنة، بل جاءت لكل المساهمين بالجريمة من متدخلين ومحرضين دون تبيان كيفية ملاحقتهم في حال كون الفاعل الأصلي غير مقيم في الأردن ويلاحق في الخارج.
المبحث الأول
الشروط الشخصية اللازمة لقيام الاختصاص العالمي سندا للمادة (10\4)
تُقسم الشروط الشخصية اللازم توافرها لقيام الاختصاص العالمي سندا للمادة (10\4) إلى قسمين، وهما أن يكون الفاعل أجنبيا أولاً، ومقيماً في الأردن ثانيا. وبالاعتماد على ذلك فقد قسمنا هذا المبحث إلى المطلبين الآتيين:
المطلب الأول: أن يكون الفاعل أجنبياً كشرط لقيام الاختصاص العالمي
لقد قسمنا هذا المطلب إلى فرعين، خصصنا الأول منهما لدراسة مفهوم الشخص الأجنبي من منظور الاختصاص العالمي، والثاني لمدى أثر الحصانة الدولية على الاختصاص العالمي.
الفرع الأول: مفهوم الشخص الأجنبي من منظور الاختصاص العالمي
تشترط المادة (10\4) لقيام الإختصاص العالمي أن يكون الفاعل أجنبياً، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، ما هو الوضع القانوني للشخص عديم الجنسية، فهل يُعدّ أجنبياً لغايات تطبيق الاختصاص العالمي([6]). كذلك الأمر ما هو الوضع القانوني للأردني الذي تُسحب عنه الجنسية الأردنية لأسباب سياسية، أو عنصرية، أو دينية (المصري، 2009)، أو للشخص الذي يعلن مجلس الوزراء، بموافقة الملك، فقدان الجنسية الأردنية عنه سندا للمادة (18) قانون الجنسية الأردني، فهل يُعدّون أجانب لغايات تطبيق الإختصاص العالمي([7])؟
إضافة إلى ذلك ما هو الوضع القانوني للأولاد الذين يولدون في الأردن من والدين مجهولين الجنسية، أو للقاصر الذي يتنازل والده عن الجنسية الأردنية للتجنس بجنسية أخرى، أو لأولاد الأردنيات، فهل يُعدّون أجانب لغايات تطبيق الإختصاص العالمي؟
يُعرِّف المشرِّع الأردني لفظ الأجنبي في المادتين (2) قانون الإقامة وشؤون الأجانب الأردني وتعديلاته رقم (24) لسنة 1973، وفي المادة (2) قانون الجنسية الأردني رقم (6) لسنة 1954: على أنه كل شخص غير حائز على الجنسية الأردنية بمقتضى أحكام قانون الجنسية الأردني. بالاعتماد على ذلك يمكن القول، بأن الشخص عديم الجنسية هو أجنبي لغايات تطبيق الإختصاص العالمي (الحديثي، والزعبي، 2009). كذلك الأمر بالنسبة للأردني الذي يعلن مجلس الوزراء، بموافقة الملك، فقدان الجنسية الأردنية عنه سندا للمادة (18) قانون الجنسية الأردني، فلا يعتبر أردنياً، بل أجنبي إذا ارتكب الجريمة بعد ذلك الفقدان([8]).
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، ما هو الوضع القانوني للأجنبي الذي يحمل إلى،جانب جنسيته الأجنبية، الجنسية الأردنية، فهل يُعدّ أجنبياً لغايات تطبيق الاختصاص العالمي؟ بالاعتماد على النصوص الأردنية السالفة الذكر وعلى المادة (10\1) يمكن القول: بأنه أردني وليس أجنبيا، ومن ثم لا يجوز تطبيق الاختصاص العالمي عليه إذا ارتكب خارج الأردن جناية أو جنحة. على خلاف ذلك فقد جاء بعض الفقه (الوكيل، 1958)، وبعض الاتفاقيات الدولية، في هذه المسألة، بشيء من التفصيل، حيث قالت بأن الشخص الذي يحمل، إلى جانب جنسيته الوطنية، جنسية أجنبية هو أجنبي، إلا إذا كان متواجدا في إقليم الدولة التي يحمل جنسيتها الوطنية، بتعبير آخر يمكن القول، سندا لتلك الآراء: بأن الوطني الذي يحمل جنسية أجنبية أخرى هو أجنبي وليس وطنيا، إلا إذا كان متواجدا في إقليم الدولة التي يحمل جنسيتها، ما يؤيد ذلك نص المادة (3) من معاهدة لاهاي لعام 1930([9]).
وفي مجال الحديث عن الصفة الأجنبية كشرط لقيام الاختصاص العالمي، نلفت النظر إلى مسألة على قدر كبير من الأهمية ألا وهي، ما هو الوضع القانوني للأردني الذي تُسحب عنه الجنسية الأردنية لأسباب سياسية، أو عنصرية، أو دينية، فهل هو أجنبي لغايات تطبيق الإختصاص العالمي؟
لم يتعرض التشريع الأردني لهذه المسألة، بخلاف بعض التشريعات المقارنة التي تعرضت لهذه المسألة، قائلة بأن المواطن الذي تسحب عنه الجنسية الوطنية هو وطني وليس أجنبيا، ما يؤيد ذلك المادة (1\2) قانون الأجانب الألماني لسنة (1990 AuslG,)([10]) بالارتباط مع المادة (116\1\2) من الدستور الألماني(1949 (Grundgesetz,،([11]) واللتان تقضيان باستمرار احتفاظ الألماني بالجنسية الألمانية في هذه الحالة. ما يؤيد ذلك،أيضا، المادة (15) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، التي تقضي بأنه لكل شخص الحق في جنسية ولا يجوز حرمانه من حق تغييرها أو تجريده منها بطريقة تحكمية، بمعنى آخر يمكن القول: بأن المواطن الذي تسحب عنه جنسيته الوطنية لأسباب سياسية، أو عنصرية، أو دينية يبقى مواطنا وليس أجنبيا (الداوودي، 1998).
ويثور التساؤل، في إطار هذا الموضوع عن الأجنبي الذي يكتسب الجنسية الأردنية بعد ارتكاب الجريمة، فهل يُعدّ أجنبياً لغايات تطبيق الاختصاص العالمي، خصوصا أنه كان أجنبيا وقت ارتكاب الجريمة؟ كذلك الأمر ما هو الوضع القانوني، إذا عاد ذلك الشخص وتنازل عن الجنسية الأردنية التي اكتسبها بعد ارتكاب الجريمة، فهل يُعدّ أجنبياً لغايات تطبيق الاختصاص العالمي، خصوصا إذا لم يتم ملاحقته على أساس مبدأ الشخصية؟
المتابع للمادة (10\4)، يجد بأن هذه المادة لم تتطرق للإجابة على هذا التساؤلات، إلا أنه واعتمادا على معنى المخالفة للمادة (10\1) من القانون نفسه، والتي تقضي بتطبيق مبدأ الشخصية على الأجنبي الذي يكتسب الجنسية الأردنية بعد ارتكاب الجريمة (الحلبي، 1997)، يمكن القول بأن الأجنبي الذي يكتسب الجنسية الأردنية بعد ارتكاب الجريمة هو أردني وليس أجنبيا،([12]) ومن ثم لا يمكن ملاحقته على أساس الاختصاص العالمي، وإنما على أساس الاختصاص الشخصي. كذلك الأمر بالنسبة للمسألة الثانية فلم تتعرض لها المادة (10\4)، ولا المادة (10\1)([13])، بخلاف المادة (65\1\1) قانون العقوبات النمساوي التي جاءت في هذه المسألة بشيء من التفصيل، حيث قالت بأنه إذا كان الفاعل أجنبيا وقت ارتكاب الجريمة، ومن ثم اكتسب الجنسية النمساوية، ومن ثم تنازل عنها بعد ارتكب الجريمة، ففي هذه الحالة إذا كان التنازل قد حصل قبل البدء بإجراءات التحقيق فهو أجنبي، أما إذا كان التنازل عن الجنسية النمساوية قد حصل بعد البدء بإجراءات التحقيق فهو وطني، وليس أجنبيا.([14])
وفي حال الأخذ بذلك النص في التشريع الأردني، يمكن القول بأنه إذا تنازل ذلك الفاعل عن الجنسية الأردنية قبل البدء بإجراءات التحقيق فهو أجنبي لغايات تطبيق الإختصاص العالمي، بخلاف ما إذا كان التنازل بعد البدء في إجراءات التحقيق فيبقى أردنياً.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن، ما هو الوضع القانوني للأولاد الذين يولدون في الأردن من والدين مجهولي الجنسية، أو للقاصر الذي يتنازل والده عن الجنسية الأردنية للتجنس بجنسية أخرى، أو لأولاد الأردنيين والأردنيات، فهل يُعدّون أجانب لغايات تطبيق الإختصاص العالمي؟
بالاعتماد على المواد: (3/5، 9، 10) قانون الجنسية الأردني، يمكن القول بأن الأولاد الذين يولدون في الأردن من والدين مجهولين، أو القاصر الذي يتنازل والده عن الجنسية الأردنية للتجنس بجنسية أخرى، أو أولاد الأردنيين أينما يولدون هم أردنيون وليسوا أجانب. أما بالنسبة لأولاد الأردنيات فلا يُعدون، سندا لمعنى المخالفة للمواد السالفة الذكر، أردنيين، بل أجانب، إلا إذا كان والدهم مجهول الجنسية، أو لا جنسية له، أو لم يثبت نسبتهم إليه قانوناً، فيُعدون سندا للمادة (3\3 و 9) أردنيين لا أجانب، ومن ثم لا يمكن تطبيق الإختصاص العالمي عليهم.
والمتابع للمادة (3\3 و 9)، والتي لا تعدّ أولاد الأردنيات أردنيين، إلا إذا كان والدهم مجهول الجنسية، أو لا جنسية له، أو لم يثبت نسبتهم إليه قانوناً، يجد بأن هذه المادة تخالف نص المادة (6) من الدستور الأردني، التي تقضي بأن الأردنيين أمام القانون سواء. بما أن أولاد الأردنيين هم أردنيون بغض النظر عن مكان ولادتهم، فيجب أن يُعامَلَ أولاد الأردنيات بذات المعاملة القانونية، وإلا لكان ذلك مخالفة قانونية للدستور الأردني تستوجب العرض على المحكمة الدستورية للتأكد من دستورية هذا القانون.
وفي مجال الحديث عن مفهوم الشخص الأجنبي كشرط لقيام الإختصاص العالمي، نلفت النظر إلى مسألة على قدر كبير من الأهمية ألا وهي ما هو الوضع القانوني للشخص المعنوي الأجنبي المقيم في الأردن، فهل يُعدّ أجنبياً لغايات تطبيق الاختصاص العالمي؟
تشترط المادة (10\4)، لقيام الإختصاص العالمي، أن يرتكب أجنبي مقيم في الأردن جناية أو جنحة في الخارج، شريطة ألا يكون استرداده قد طُلِبَ أو قُبِلَ. فالمتابع لصياغة هذه المادة والتي جاءت بلفظ “أجنبي” وبلفظ “إذا لم يكن استرداده قد طُلِبَ أو قُبِلَ” يجد وكأنها تقصر الإختصاص العالمي على الشخص الطبيعي لا المعنوي، وذلك لأن الاسترداد لا يكون إلا للشخص الطبيعي. ما يؤيد ذلك لفظ “الأجنبي” والعبارة القائلة “إذا لم يكن استرداده قد طُلِبَ أو قُبِلَ”. على النقيض من ذلك، فقد جاء المشرعان الفرنسي والبلجيكي بتعابير فضفاضة تتسع للشخص المعنوي أيضا، ما يؤيد ذلك نص المادتين (689-11) و(6) من قانوني الإجراءات الجنائية الفرنسي لعام 1958، والبلجيكي لعام 1878، واللتين تشترطان لقيام الاختصاص العالمي أن يكون الفاعل “شخصاً،([15]) فمن خلال كلمة (شخصاً)، والتي تصدق على الشخص الطبيعي والمعنوي، يمكن القول بجواز تطبيق الإختصاص العالمي على الشخص المعنوي أيضا. ولا ينتقص من قيمة هذه المداخلة القانونية، القول بأن الشخص المعنوي الأجنبي يتمتع بالحصانة القضائية، وذلك لأن الشخص المعنوي الذي يتمتع بالشخصية القانونية هو كيان منفصل عن الدولة الأجنبية التي أنشأته بمالها وتعود إليها نتاج أرباحه وخسائره،([16]) هذا من جهة، ولأن الحصانة يجب ألا تقف عائقا أمام الملاحقة القانونية للجرائم الدولية الجسيمة التي تخل بأمن المجتمع الدولي واستقراره، ما يؤيد ذلك المادتان (27، 28) من النظام الأساسي.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل يشترط أن تستمر الصفة الأجنبية لقيام الإختصاص العالمي من وقت ارتكاب الجريمة إلى ما بعدها؟ المتابع للمادة (10\4) يجد بأنها لم تبين بشكل صريح هذا الأمر، معتمدة على معنى المخالفة للفقرة الأولى من المادة نفسها، والتي تبين ذلك بشكل ضمني. تقضي هذه الفقرة بقيام مبدأ الشخصية إذا كان الفاعل أردنياً وقت ارتكاب الجريمة، أو إذا اكتسب الجنسية الأردنية بعد ذلك. بتعبير آخر يمكن القول: بأنه يُشترط لقيام الإختصاص العالمي أن تستمر الصفة الأجنبية في الفاعل من وقت ارتكاب الجريمة إلى ما بعدها. على النقيض من ذلك جاء المشرِّعان الألماني والنمساوي بنصوص صريحة في قانون العقوبات بّينا من خلالها، بأنه يشترط لقيام الاختصاص العالمي أن تستمر الصفة الأجنبية من وقت ارتكاب الجريمة إلى ما بعدها، وهذا ما تؤكده المادة (7\2\2) من القانون الأول، والمادة (65\1\2) من القانون الثاني.([17])
الفرع الثاني: مدى أثر الحصانة الدولية على الاختصاص العالمي
وفي سياق الحديث عن الاختصاص العالمي نلفت النظر إلى مسألة على قدر كبير من الأهمية، ألا وهي مدى أثر الحصانة الدولية المقررة للأجانب المقيمين في الأردن على الاختصاص العالمي؟ لم تتعرض المادة (10\4) لهذه المسألة، معتمدة ربما على المادة (11) قانون العقوبات، وعلى المادة (31) اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 والتي صادقت عليها الأردن في (29\7\1971). المتابع لهاتين المادتين يجد بأنهما جاءتا لمعالجة أثر الحصانة الدولية على الجرائم التي ترتكب من قبل الأجانب داخل الإقليم الأردني وليس خارجها. ما يؤيد ذلك العبارة الواردة في المادة (11) والقائلة: “… في الأردن…” والعبارة الواردة في المادة (31) والقائلة: “… في الدولة المعتمد لديها…”.([18])
بالاعتماد على ذلك، يمكن القول: بأن هاتين المادتين لا تحلان تلك المسألة القانونية، وذلك لأن الاختصاص العالمي جاء لمعالجة الجرائم التي ترتكب خارج الأردن من قبل الأجانب المقيمين فيها، وليس للجرائم التي ترتكب في داخل الأردن.
على النقيض من ذلك هناك اتجاهات فقهية وتشريعية وقضائية تعرضت لهذه المسألة، جزء من هذه الاتجاهات نادى بعدم جواز تطبيق الاختصاص العالمي على الشخص المتمتع بالحصانة الدولية، حتى بعد زوال الحصانة عنه، تاركة هذا الأمر للمحكمة الجنائية الدولية التي لا تقيم سندا للمادتين: (27، 28) من النظام الأساسي اعتبارا للحصانة الدولية.
ما يؤيد ذلك نص المادة (25) من الدستور الاتحادي الألماني، والمادة (20\2) قانون السلطة القضائية الألماني،([19]) وموقف للقضاء الألماني الذي رفض التحقيق مع موظفين روانديين كانوا في زيارة رسمية إلى ألمانيا عن الجرائم التي ارتكبوها في رواندا عام 1994 على أساس الاختصاص العالمي، وذلك بسبب الحصانة الدولية التي يتمتعون بها.
ولا يختلف الأمر على الصعيد الفرنسي والبلجيكي، حيث تم رفض الطلبات التي تقدمت بها المنظمات الأوروبية في تشرين الثاني عام 1998 لمحاكمة لوران كابيلا، رئيس جمهورية الكونغو الديموقراطية، أثناء زيارته لفرنسا وبلجيكا بحجة أنه متمتع بالحصانة الدولية. كذلك الأمر فقد قضت محكمة النقض الفرنسية بعدم اختصاصها بمحاكمة الرئيس الليبي السابق معمر القذافي عن الحادث الذي استهدف الطائرة (دي-سي 10) الفرنسية التي انفجرت سنة 1989 فوق النيجر, على اعتبار أنه رئيس دولة في ذلك الوقت، وأنه لا يجوز لهيئة داخلية أن تحاكمه، وإلا فسيشكل ذلك مساسا بسيادة الدول.([20])
جزء آخر من هذه الاتجاهات الدولية (سراج، 2003) نادى بجواز تطبيق الاختصاص العالمي على الشخص المتمتع بالحصانة الدولية، ولكن بعد زوال هذه الحصانة عنه، شريطة أن تكون الأفعال التي ارتكبها أثناء حصانته غير رسمية، ولم تكن قد ارتكبت في حدود وظيفته، ما يؤيد ذلك موقف بريطانيا من قضية “بيونيشه”.([21])
على النقيض من ذلك، هناك رأي فقهي يعتمد على الهدف من الاختصاص العالمي، ويرى بجواز تطبيق الاختصاص العالمي على الأجنبي المتمتع بالحصانة الدولية، وذلك أسوة ببعض التشريعات المقارنة،هذا من جهة، ولأن المحكمة الجنائية الدولية مزاجية في حالات،([22]) وغير قادرة على الملاحقة في حالات أخرى من جهة ثانية.
وبالنسبة لموقف التشريعات المقارنة من هذا الرأي، فيجد المتابع لبعض هذه التشريعات أن هناك قوانين لم تقم للحصانة اعتباراً، وتجيز ملاحقة الفاعل على أساس الاختصاص العالمي، ما يؤيد ذلك نص المادتين: (3، 5\3) من القانون البلجيكي الصادر في 16\7\1993 قبل تعديله عام 1999، والمتعلق بالمسؤولية الجنائية عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني، وعن جرائم الإبادة الجماعية. تقضي هذه المادة بمعاقبة أي شخص يقوم بأي تجاوز أو يسمح أو يسهل أي عمل يؤدي إلى ذلك، أو أي شخص يقوم بصنع أو نقل آلة أو أداة، وكل شخص يهمل في اتخاذ التدابير الاحتياطية لمنع ارتكاب مثل هذه الجرائم، بغض النظر عن الحصانة الدولية التي يتمتع بها.
ولا يختلف الأمر على صعيد القانون المتعلق بالمسؤولية عن انتهاكات القواعد القانونية لأحكام القانون الدولي الإنساني البلجيكي الصادر في 10\2\1999، فتحت عنوان: موجبات العدالة، جاء هذا القانون قاضيا بأن أي مصلحة، أو ضرورة سياسية عسكرية، أو قومية لا تبرر مثل هذه الجرائم والانتهاكات الخطيرة، ومن ثم لا تمنع من الملاحقة القانونية (Macedo, 2004).
أما بالنسبة لموقف المحكمة الجنائية الدولية من الجرائم الدولية الجسيمة فهو مزاجي وغير موضوعي ولا يضمن ملاحقة كل مرتكبي الجرائم الدولية الجسيمة المتمتعين بالحصانة الدولية. ما يؤيد ذلك نص المادتين: (26و 98\1و2) من النظام الأساسي(Randall, 1988) واللتين تشترطان لجواز الملاحقة إتمام الفاعل الثامنة عشر من العمر، وقبول تسليمه من الدولة المتواجد بها، وموافقة الدولة التابع لها بجنسيته والمتمتع بحصانتها على أمر الملاحقة.([23]) فإذا لم تحصل المحكمة الجنائية الدولية على هذه الموافقات فلا يجوز لها الملاحقة.
ما يؤيد ذلك، أيضا، اتفاقيات الإفلات من العقاب التي تسعى أمريكا إلى إبرامها مع حكومات العديد من الدول ومنها الأردن في الاتفاقية رقم (1) لسنة 2006، والتي تطلب بموجبها عدم تسليم أو نقل مواطنيها المتهمين بارتكاب الجرائم الدولية الجسيمة إلى المحكمة الجنائية الدولية، حتى ولو طلبت المحكمة منهم هذا الأمر.([24]) وممّا يزيد من وطأة هذا الأمر أن هذه الاتفاقيات لا توجب على أمريكا ولا تعطي الدول الأخرى المعنية حق إجراء تحقيق ومقاضاة الفاعلين الأمريكيين، حتى ولو توافرت أدلة كافية ضدهم.
ما يؤيد ذلك، أيضا، الصلاحيات التي يعطيها النظام الأساسي لمجلس الأمن، وعدم موضوعية هذا الأخير في التعامل مع الجرائم الدولية الجسيمة، فالمطالع للمادتين :(13\ب، 16) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يجد بأن هذه المادة تجيز لمجلس الأمن مطالبة المحكمة الجنائية الدولية ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وقف التحقيق الجاري من قبل المحكمة الجنائية الدولية، أو إرجائه لمدة اثنى عشر شهرا قابلة للتجديد دون بيان مبررات مقنعة وسقف محدد له، وهذا الحق قد يُساء استخدامه من قبل مجلس الأمن، فإذا قامت المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة بعض المتمتعين بالحصانة الدولية، فقد يقوم مجلس الأمن، لاعتبارات خاصة غير موضوعية، بوقف التحقيق أو إرجائه (شهاب، 1990؛ مدني، 2000).
ما يؤيد ذلك، أيضا، أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بنظر بعض الجرائم الدولية الجسيمة، مقيد موضوعياً وزمنياً وإجرائيا. فمن الناحية الموضوعية، يجد المتابع للنظام الأساسي بأنه لم يعرّف جرائم العدوان عندما أُنشئ في عام 1998، ولم يضع لها قواعد قانونية ضابطة لها، رغم تجريمه لها إلا في المؤتمر الاستعراضي المعقود في أوغندا عام 2010، وهذا يعني بأن المحكمة الجنائية الدولة لم تكن قادرة على ملاحقة جرائم العدوان الواقعة بين عامي 1998 و 2010، وذلك انطلاقا من المبدأ القانوني القائل: بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص يبين أركان وعناصر الجريمة. وحتى في عام 2010، أي بعد تعريف جرائم العدوان، فالمتابع للمؤتمر الاستعراضي يجد بأنه منع المحكمة الجنائية الدولية من حق ملاحقة هذا النوع من الجرائم لعام 2017.
أما من الناحية الزمنية والإجرائية فبقراءة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية وجدنا بأن هذا النظام لا يجيز للمحكمة الجنائية الدولية ملاحقة الجرائم الدولية السابقة على نفاذ هذا النظام، على الرغم من أن النظام الأساسي هو كاشف عن الجرائم الدولية، وليس منشئا. كذلك الأمر لا يجيز النظام الأساسي للمحكمة الجنائية ملاحقة الجرائم الدولية الجسيمة من تلقاء نفسها، إلا بناء على إحالة من قبل جهات محددة على سبيل الحصر في النظام الأساسي، وهي الدول الأطراف، ومدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، ومجلس الأمن، الذي أثبت الواقع العملي عدم موضوعيته في التعامل مع كثير من الجرائم الدولية، ما يؤيد ذلك (11 إلى 14 و121 إلى 124) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وعلى الرغم من أن الرأي الثاني، والذي لا يقيم للحصانة اعتباراً، ويجيز للدول ملاحقة الجرائم الدولية الجسيمة على أساس الاختصاص العالمي، يتفق مع منهج بعض التشريعات المتقدمة، ويضمن ملاحقة هذا النوع من الجرائم، ويحد من عدم موضوعية المحكمة الجنائية الدولية، إلا إنه، وانطلاقا من الوضع الاقتصادي للأردن، ولحفظ علاقاتها السياسية مع كثير من الدول، نميل إلى الرأي الأول والذي يقيم للحصانة اعتباراً، ويمنع ملاحقة الأشخاص المتمتعين بالحصانة الدولية على أساس الاختصاص العالمي، خصوصا إذا علمنا بان الرأي الثاني، والذي لا يقيم للحصانة اعتباراً بالنسبة لتطبيق الاختصاص العالمي، جاء من فقه قانوني لدول متقدمة اقتصادياً وسياسياً.
المطلب الثاني: أن يكون الأجنبي مقيما في الأردن كشرط لقيام الاختصاص العالمي
تشترط المادة (10\4) لقيام الاختصاص العالمي أن يكون الأجنبي مقيما في الأردن، لدراسة هذا الشرط فقد قسمناه إلى فرعين، خصصننا الأول منهما لدراسة مدى كفاءة هذا الشرط، والثاني لموقف بعض التشريعات والاتفاقيات الدولية منه؟
الفرع الأول: مدى كفاءة هذا الشرط كأساس لقيام الاختصاص العالمي
تشترط المادة (10\4) لقيام الاختصاص العالمي أن يكون الأجنبي مقيماً في الأردن. السؤال الذي يطرح نفسه الآن : ما هو الوضع القانوني للشخص غير المقيم قانونا في الأردن، بل المتواجد مادياً نتيجة تهريب مثلا أو نتيجة لمخالفة شروط الإقامة القانونية، فهل يمكن تطبيق الاختصاص العالمي عليه، إذا ارتكب جريمة ضمن الشروط الواردة في المادة (10\4)؟
تعرّف المواد: (8-22) قانون الإقامة وشؤون الأجانب الأردني الإقامة على أنها رخصة تمنحها السلطات المختصة للأجنبي ضمن شروط، وذلك للمكوث في الأردن لمدة معينة، قابلة للتجديد بناء على طلب يقدم للجهات المختصة.([25]) بالاعتماد على ذلك يمكن القول: بأن الأشخاص الذين يتم تهريبهم إلى الأردن، أو الذين تنتهي إقامتهم في الأردن ويبقون بصورة غير قانونية في الأردن، أو الذين يدخلون إلى الأردن عن طريق تأشيرة لا يمكن اعتبارهم مقيمين بالصورة القانونية في الأردن، ومن ثم لا يمكن تطبيق الاختصاص العالمي عليهم، إذا ارتكبوا جناية أو جنحة، وذلك لأن النص القانوني يشترط الإقامة لا التواجد المادي.([26])
السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل يُعدّ التواجد المادي، بالاعتماد على قاعدة التفسير الضيّق والموسع للنصوص القانونية، وعلى المادة (39) قانون مدني، التي تقضي بأن الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص ويجوز أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن ؛ أي أكثر من إقامة، بمنزلة إقامة قانونية، ومن ثم يجوز تطبيق الاختصاص العالمي على المتواجد ماديا؟([27])
قبل الإجابة على هذا السؤال، لا بد من التطرق إلى قاعدة التفسير الضيق والموسع للنصوص القانونية، فالمطالع لبعض الفقه يجد بأنه يقول: بأن لفظ الإقامة الواردة في المادة (10\4) قد جاء بالمعنى الضيق، وينبغي تفسيره تفسيرا موسعا بحجة أن المشرِّع الأردني يطبق الاختصاص العالمي على المقيم قانونا فمن باب أولى على المتواجد ماديا.
على الرغم من أن هذا الأمر، وهو التفسير الموسع للنصوص القانونية، يتفق مع المنطق القانوني، وذلك لأن القول بغير ذلك سيؤدي إلى عدم ملاحقة المتواجد ماديا، بخلاف المقيم قانونا في الأردن (السعيد، 2002؛ أبو عامر 1990)، إلا أننا لا نتفق مع هذا الرأي، وذلك لأن القاعدة القانونية السالفة الذكر، وهي قاعدة التفسير الضيق والموسع للنصوص القانونية، هي قاعدة قضائية لا تشريعية، وتخرق مبدأ الفصل بين السلطات وذلك لصدروها من قبل السلطة القضائية، وتحمّل النص القانوني أشياء قد لا يريدها المشرِّع الأردني، بحجة أنه لو أراد ذلك لتدارك هذا الأمر في التعديل الأخير الحاصل على نصوص قانون العقوبات الأردني رقم (8) لسنة 2011.
كذلك الأمر بالنسبة للمادة (39) قانون مدني فلا يمكن الاعتماد عليها، والقول بأن لفظ الإقامة يعني التواجد المادي، لأن هذه المادة تقول بأنه يجوز أن يكون للشخص أكثر من مكان إقامة، وذلك لأن هذه المادة لم تأت بقصد الحديث عن الإقامة القانونية، وإنما عن التواجد المادي، بدليل الجزئية الأخيرة منها والقاضية بأنه يمكن أن يكون للشخص أكثر من موطن إقامة. ما يؤيد ذلك المواد (8-22) قانون الإقامة السالفة الذكر والتي تعرّف الإقامة على أنها الإقامة القانونية.
وبالاعتماد على ما سبق، يمكن القول: بأن الإقامة من ناحية قانونية ولفظية لا تعني للأسف التواجد المادي، وهذا سيؤدي في حال تطبيق حرفية النص وعدم الاعتماد على قاعدة التفسير الموسع للنصوص القانونية إلى نتائج متناقضة، فإذا ارتكب أجنبي مقيم في الأردن جريمة في الخارج ضمن الشروط الأخرى الواردة في المادة (10\4) فسنطبق عليه الاختصاص العالمي، بخلاف الأجنبي المتواجد ماديا، على الرغم من أنه هو الأولى بتطبيق الاختصاص العالمي عليه. بتعبير آخر يمكن القول: بأن الإقامة كشرط لقيام الإختصاص العالمي هو شرط غير موفق، لذا فلا بد من استبداله بلفظ التواجد المادي (سرور، 2006).
وفي حال استبدال لفظ الإقامة بالتواجد المادي، نلفت الانتباه إلى ضرورة اشتراط أن يكون التواجد المادي قد تم بصورة مشروعة، كأن يكون الأجنبي قد أتى إلى الأردن من تلقاء نفسه، أو كأن يكون قد قُبِضَ عليه في الخارج من قبل السلطات المختصة بالقبض وتم تسليمه إلى الأردن. أما إذا تم بصورة غير مشروعة كما لو تم خطفه في الخارج وإحضاره إلى الأردن، وذلك كما فعلت إسرائيل في قضية أيخمان، والذي خطفه الموساد الإسرائيلي عام 1960 من الأرجنتين، فلا يمكن القول، برأينا، بتوافر التواجد المادي، ومن ثم فلا يمكن تطبيق الاختصاص العالمي بشأنه(Oehler, 1964; Lagodny\Pappas, 1994). كذلك الأمر نلفت النظر إلى ضرورة اشتراط أن يكون الفاعل متواجدا ماديا في الأردن على الأقل في مرحلة المحاكمة، بغض النظر عن مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائي، وذلك لضمان ملاحقة جيدة للفعل هذا من جهة،([28]) ولضمان كثير من المبادئ القانونية المتمثلة بعلانية المحاكمة وعدالتها، والمواجهة بين الخصوم وحق المشتكى عليه في الدفاع عن نفسه من جهة أخرى (سرور، 2006). أما بالنسبة لمرحلتي الاستدلال والتحقيق الابتدائي فلا ينبغي، برأي الباحث، اشتراط التواجد المادي للفاعل لتطبيق الإختصاص العالمي عليه، وذلك لأن شعار هاتين المرحلتين هو الكشف عن الجريمة، فإذا اشترطنا التواجد المادي في هاتين المرحلتين فسيؤدي ذلك إلى هروب كثير من الفاعلين من الملاحقة القانونية، بحجة عدم تواجدهم المادي في تلك المرحلتين.
ما يؤيد ذلك المادة (11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، والمادة (14\3\د) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، والمادة (6\1) من الاتفاقية الأوروبية المتعلقة بحماية الحقوق الأساسية والحريات، والمبدأ الأول من مبادئ برنستون، فالمتابع لهذه المواد يجد بأنها لا تشترط التواجد المادي في مرحلتي الاستدلال والتحقيق الابتدائي، بخلاف الأمر بالنسبة لمرحلة المحاكمة والتي يجب أن يكون فيها الفاعل متواجدا ماديا لإمكانية تطبيق الإختصاص العالمي (السعيد، 2008).
ولا يشترط، حسب رأي بعض الفقه الغربي، لقيام التواجد المادي مرور مدة معينة عليه، فسواء كان لفترة طويلة أم قصيرة، وسواء حصل قبل ارتكاب الجريمة أم بعدها، أو من قبل ارتكاب الجريمة إلى ما بعدها فلا يؤثر ذلك على قيام الاختصاص العالمي(Luc Reydams, 2003)..
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو المكان الذي يجب أن يكون الأجنبي متواجدا ماديا فيه لإمكانية تطبيق الإختصاص العالمي؟ المتابع للمادة (10\4) يجد بأنها تشترط لقيام الاختصاص العالمي أن يكون الأجنبي مقيما في المملكة الأردنية الهاشمية، وهذا لا يتفق مع الهدف والغاية من تطبيق الاختصاص العالمي والمتمثل بضمان ملاحقة الجرائم الدولية الجسيمة، وذلك لأنه يمنع تطبيق الاختصاص العالمي إذا كان الأجنبي متواجدا ماديا في السفارات الأردنية، أو في البحر الإقليمي، أو في الفضاء الجوي الأردني، أو في الطائرة، أو في السفينة المسجلة في الأردن التي تحمل الجنسية الأردنية. بالاعتماد على ذلك يمكن القول بضرورة استبدال لفظ المملكة الأردنية الهاشمية بلفظ الإقليم الأردني، وذلك لضمان ملاحقة الأجنبي المتواجد في السفن الأردنية وغيرها من الأماكن السالفة على أساس الاختصاص العالمي(Schroth, et al. 1981).
الفرع الثاني: موقف التشريعات والاتفاقيات الدولية من شرط الإقامة والتي تُعدّ أساساً لقيام الاختصاص العالمي
تكتفي كثير من التشريعات والاتفاقيات الدولية بالتواجد المادي، ولا تشترط الإقامة كشرط لقيام الاختصاص العالمي، ما يؤيد ذلك نص المادة (134) قانون العدالة الجنائية البريطاني لعام 1988،([29]) والمادتين (6 و 7\2\2) قانون العقوبات الألماني.([30]) والمادة (13) قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969،([31]) والمادة (17) قانون العقوبات القطري رقم (11) لسنة 2004([32]) وغيرها من التشريعات المقارنة، فالمطالع لهذه التشريعات يجد بأنها تكتفي بالتواجد المادي لقيام الاختصاص العالمي، ولا تشترط الإقامة كما فعل المشرِّع الأردني.([33])
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، ما هو الوضع القانوني للتشريع البلجيكي الذي عاد بموجب المادة (7) قانون الإجراءات الجنائية المعدل عام 2003 عن شرط التواجد المادي آخذا بشرط الإقامة الذي كان يشترطه ابتداءً؟([34]) كذلك الأمر ما هو الوضع القانوني للتشريع الفرنسي الذي أخذ مرة، سندا للمادة (689-11) قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي، بشرط الإقامة كشرط لقيام الاختصاص العالمي، ومرة أخرى بالتواجد المادي سندا للمادة (689-1) من القانون نفسه؟([35])
على الرغم من أن القانون البلجيكي من القوانين المتقدمة في موضوع الاختصاص العالمي، إلا أنه لا يصلح، برأينا، أن يكون منهجا يُحتذى به، على الأقل في هذه الحالة، لتقليل قيمة الانتقاد السالف الذكر، وذلك لأن عدول المشرِّع البلجيكي عن شرط التواجد المادي راجعا لشرط الإقامة، ولم يكن بسبب قناعة شخصية، بل نتيجة ضغوطات خارجية أمريكية تم ممارستها عندما حاولت بلجيكا ملاحقة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون، وبعض القيادات الأمريكية والإسرائيلية عن جرائم الحرب التي ارتكبت في العراق وأفعانستان، وعن مذبحة صبرا وشاتيلا 1982، فعندما أرادت بلجيكا ملاحقة هؤلاء الأشخاص على أساس الاختصاص العالمي هددتها أمريكا بنقل مقر حلف شمال الأطلسي منها بحجة أنها لم تعد مكانا آمنا لتواجد القادة العسكريين. على إثر ذلك قامت بلجيكا بتعديل قانونها عائدة لشرط الإقامة، وذلك حتى تتهرب من ملاحقة هؤلاء الأشخاص بصورة قانونية. بسبب ذلك استطاعت بلجيكا رد الشكاوى السالفة الذكر، بحجة أن هذه القيادات لم تكن مقيمة في بلجيكا عند اقترفوا أفعالهم الجرمية.
كذلك الأمر بالنسبة للتشريع الفرنسي، الذي يشترط الإقامة في المادة (689-11) كشرط لقيام الاختصاص العالمي، فلا يمكن الإقتداء به وذلك لأن هذه المادة جاءت لمعالجة الجرائم التي من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وليس كل الجنايات والجنح، أما بالنسبة للمادة (689-1) والتي تقابل المادة (10\4) لدينا فلا تشترط الإقامة، بل تكتفي بالتواجد المادي لقيام الاختصاص العالمي.([36]) بتعبير آخر يمكن القول: بأن منهج المشرِّع الفرنسي في المادة (689-11) لا تنتقص من قيمة ذلك الانتقاد، وذلك لأن هذه المادة ليست هي المادة التي تعادل الاختصاص العالمي لدينا.
ولا تقتصر المرجعيات القانونية الآخذة بشرط التواجد المادي على التشريعات المقارنة السالفة الذكر، بل تجاوز هذا الأمر إلى كثير من الاتفاقيات الدولية التي تكتفي بالتواجد المادي، ما يؤيد ذلك المادة (146) اتفاقية جنيف لعام 1949 التي تلزم الدول الأطراف باتخاذ كل الإمكانات اللازمة لملاحقة الجرائم الدولية الجسيمة، فمن خلال كلمة كل الإمكانات يمكن القول: بأن هذه الاتفافية تكتفي بالتواجد المادي لقيام الاختصاص العالمي (Keefe, 2009) كذلك الأمر بالنسبة للمبدأ الأول من مبادئ برنستون،([37]) وللمادة (2) مشروع القانون النموذجي العربي للجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية،([38]) وللمادة (5\2) اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، فالمطالع لهذه المواد يجد بأن جميعها تكتفي بالتواجد المادي لقيام الاختصاص العالمي.([39])
وفي حال اقتناع المشرِّع الأردني بشرط التواجد المادي والأخذ به فلا يمكن القول بأن هذا الشرط، نتيجة لتوسيع دائرة الملاحقة، سيؤدي إلى زيادة خرق مبدأ سيادة الدول على إقليمها المقرر بموجب المادة (2\1) من ميثاق الأمم المتحدة، وسيحد من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وسيكلف الدولة مبالغ مالية كبيرة، وذلك لأن الاختصاص العالمي أقر من أجل حماية مصالح المجتمع الدولي الذي يجب ألا يقف مبدأ سيادة الدول على إقليمها حائل بينه وبين هذه المصالح، هذا من جهة، ولأن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية واعتمادا على مبدأ التكاملية لا ينعقد سندا للمادة (17\1\أ، 2، 3) من النظام الأساسي إلا إذا امتنعت الدول المختصة تقليديا وعالميا عن الملاحقة،([40]) ولأن الدول التي ستأخذ بهذا الشرط غير ملزمة بتطبيق الإختصاص العالمي، في حال ما إذا شعرت بأن هذا الأمر سيسبب لها خسائر مادية، بل يمكن لها تسليم الفاعل للدولة المختصة تقليديا، أو إحالة الأمر إلى المحكمة الجنائية الدولية وإغناء نفسها عن النظر في تلك القضية.([41])
المبحث الثاني: الشروط الموضوعية اللازمة لقيام الاختصاص العالمي سندا للمادة (10\4)
تقسم الشروط الموضوعية اللازم توافرها لقيام الاختصاص العالمي سندا للمادة (10\4) إلى قسمين، وهما: ارتكاب جناية أو جنحة في الخارج يعاقب عليها القانون الأردني، وألا يكون استرداد الفاعل قد طُلِبَ أو قُبِلَ.
المطلب الأول: ارتكاب جناية أو جنحة في الخارج يعاقب عليها القانون الأردني
تشترط المادة (10\4) لقيام الإختصاص العالمي أن يرتكب الفاعل جناية أو جنحة في الخارج، يعاقب عليها القانون الأردني. لمعالجة هذا المطلب فقد قمنا بتقسيمه إلى فرعين وهما ارتكاب جناية أو جنحة في الخارج، وأن تكون هذه الجناية أو الجنحة معاقبا عليها حسب القانون الأردني.
الفرع الأول: ارتكاب جناية أو جنحة في الخارج
تشترط المادة (10\4) لقيام الاختصاص العالمي أن يكون الفعل المرتكب في الخارج جناية أو جنحة بغض النظر عن نوعها وجسامتها،([42]) بخلاف كثير من التشريعات المتقدمة، التي سيأتي عنها الحديث لاحقا، فقد اشترطت لقيام الاختصاص العالمي أن يكون الفعل المرتكب في الخارج من قبيل الجرائم الدولية الجسيمة، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل موقف المشرِّع الأردني من هذا الشرط موفق، أم كان ينبغي عليه إتباع التشريعات المتقدمة وإقصار الأمر على الجرائم الدولية الجسيمة؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد من التعرض للاتفاقيات الدولية، وللتشريعات القانونية المتقدمة في هذا المجال. تقضي الفقرتان الرابعة والعاشرة من ديباجة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بأن الجرائم الخطيرة التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب ألا تمر دون عقاب، وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطني والدولي. كما يقضيان بأنه من واجب كل دولة أن تمارس ولايتها القضائية الجنائية على أولئك المسؤولين عن ارتكاب جرائم دولية جسيمة.
وبالاعتماد على هاتين الفقرتين، واللتين تحدثتا عن الجرائم الخطيرة ولم يتحدثا عن كل الجنايات والجنح، يمكن القول: بأن موقف المشرِّع الأردني من هذا الشرط غير موفق، لذا فقد كان لزاما عليه أن يقصر الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية الخطيرة، وألا يجيز تطبيقه على كل الجنايات والجنح.
ما يؤيد ذلك أن الاختصاص العالمي، والذي يجيز للدول تطبيق قوانينها الداخلية على الجرائم التي ترتكب في الخارج، هو في الأصل نظام قانوني يخرق مبدأ سيادة الدول على إقليمها ومبدأ إقليمية قانون العقوبات، أُجيز الأخذ به من أجل حماية المجتمع الدولي من الجرائم الدولية الخطيرة التي لا يجوز أن يقف مبدأ سيادة الدول على إقليمها ومبدأ إقليمية قانون العقوبات عائقا أمام ملاحقتها. ما يؤيد ذلك،أيضا، أن قصر الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية الجسيمة يخفف العبء على القضاء الأردني، ويجنب الأردن الكثير من الإحراجات الدولية (القطيفي، 1970؛ مصطفى، 1970)، ويمنع خرق مبدأ سيادة الدول على إقليمها دون المبرر القانوني المتمثل بحماية المجتمع الدولي(Chevigny, 2006).
ولا يختلف الأمر على صعيد التشريعات الدولية المقارنة، فالمطالع للمادة (6) قانون العقوبات الألماني،([43]) وللمادة (689-11) قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي (CCP)([44]) يجد بأن كلا التشريعين يقصران الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية الجسيمة، أما بالنسبة للجرائم الأخرى، والتي لا تشكل جرائم دولية جسيمة، فلا تؤثر على المجتمع الدولي، بل على المجتمع التقليدي الذي وقعت فيه، لذا فإذا امتنع المجتمع التقليدي عن الملاحقة فليس هناك داعٍ لأن نجيز للمجتمع الدولي الملاحقة على أساس الاختصاص العالمي (De Vabres, 1947).
وفي حال عدم اقتناع المشرِّع الأردني بقصر الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية الجسيمة، كما فعلت التشريعات والاتفاقيات الدولية السالفة الذكر، فلا بد، برأينا، على الأقل من قصر هذا المبدأ على الجرائم ذات الخطورة الأشد، وهذا ما فعله المشرِّع العراقي في المادة (13) قانون العقوبات، حيث قصر الاختصاص العالمي على جرائم التخريب أو التعطيل لوسائل المخابرات والمواصلات الدولية، وعلى جرائم الاتجار بالنساء، أو بالصغار، أو بالرقيق.
أما إذا تم الاقتناع بذلك الأمر وتم قصر الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية الجسيمة، فلا بد من إخضاع معيار ما إذا كان الفعل يشكل جريمة دولية جسيمة أم لا للقانون الوطني الأردني، لا لقانون الدولة التي وقع فيها الفعل أو التابع لها الفاعل بجنسيته، وهذا ما فعله المشرِّع البلجيكي في المادة (7) قانون الإجراءات الجنائية، حيث قال: بأن مسألة ما إذا كان الفعل يشكل جريمة دولية جسيمة أم لا هو من اختصاص القانون الوطني البلجيكي.([45])
كذلك الأمر، فلا بد من تبيان ماهية الجرائم الدولية الجسيمة، وما هي المعايير المعتمدة لذلك الأمر. لتحقيق هذه المسألة يمكن مطالعة إحدى الخطط الآتية: أول هذه الخطط جاءت في المادة (6) قانون العقوبات الألماني التي تحدد الجرائم الدولية الجسيمة بثماني جرائم أذكر منها الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف، وجريمة الإرهاب، وجريمة أخذ الرهائن، وجريمة التعذيب، وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية.
وثاني هذه الخطط جاءت في المادة (11) من الملحق البرتوكولي الإضافي الأول لعام 1977، التي تقضي بان الجرائم الدولية الجسيمة هي تلك التي تمس حقوق الإنسان المقررة في المواثيق الدولية، أو في القانون الدولي العرفي، وهي: الحق في الحياة، وفي السلامة البدنية، وفي الحرية وعدم الاستعباد، وفي حرية المعتقد والدين والحق، وفي حماية النسل دون تمييز.
وثالث هذه الخطط جاءت من بعض الفقه الغربي والعربي، حيث يقرر بعض الفقه الغربي بأن الجرائم الدولية الجسيمة هي تلك التي تثير اهتمام الناس، أو تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان الأساسية، أو للقيم الأخلاقية أو للمبادئ الإنسانية العالمية، أو للقانون الدولي الإنساني، أو تلك التي تنال من المجتمع الدولي، ومن الأمثلة على ذلك جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجرائم العدوان، وجرائم التعذيب(Luc Reydams, 2003)
أما الفقه العربي فيرى بعضهم منه بأن الجريمة الدولية هي كل “مخالفة للقانون الدولي، سواء كان يحظرها القانون الوطني أم يقرها، تقع بفعل أو ترك من فرد يحتفظ بحريته في الاختيار إضرارا بالأفراد والمجتمع الدولي بناء على طلب الدولة أو تشجيعها أو رضائها في الغالب، ويكون من الممكن مجازاته جنائيا عنها طبقا لأحكام ذلك القانون” (عوض، 1965؛ عبيد، 1999).
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما هو الوضع القانوني لهذا الشرط إذا تقادمت الجريمة المرتكبة في الخارج، فهل يجوز ملاحقتها على أساس الاختصاص العالمي؟ المتابع للمادة (10\4) يجد بأنها لم تتعرض لهذه المسألة معتمدة ربما على المادة (29) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المصادقة عليه الأردن، والتي تقضي بأن الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لا تتقادم. على الرغم من أن الأردن من الدول المصادقة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، إلا أنه ينبغي على المشرِّع الأردني أن يتعرض لهذه المسألة بنص خاص وألا يعتمد على المادة (29) من النظام الأساسي، وذلك لأن هذه المادة جاءت للجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ولم تتحدث عن الجرائم التي تدخل في الاختصاص العالمي للدول. ما يؤيد هذا الأمر نص المادة (4) من اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لعام 1968 وقانون العقاب على الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني البلجيكي لعام 1999، وقانون عدم تقادم الجرائم ضد الإنسانية عام 1964([46])، فعلى الرغم من مصادقة بلجيكا على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلا أنها أوجدت نصا خاصا يقضي بعدم تقادم الجرائم الدولية الجسيمة.
وفي مجال الحديث عن هذا الموضوع نلفت النظر إلى مسألة على قدر كبير من الأهمية ألا وهي، ما هو الوضع القانوني للاختصاص العالمي إذا كان الفعل المرتكب في الخارج من قبيل جرائم الحرب، إلا أنه غير مقنن في المادة (41) قانون العقوبات العسكري رقم (58) لسنة 2006 والتي حددت سلوكات جرائم الحرب على سبيل الحصر؟ فالمتابع للمشرِّع الأردني، والذي يعالج جرائم الحرب في المادة (41) قانون العقوبات العسكري، يجد بأنه قد حدد جرائم الحرب بسلوكات محددة على سبيل الحصر، كما أنه لم يبين بصورة صريحة ما إذا كان النزاع غير المسلح، أو النزاع الداخلي المسلح يصلحان لقيام جرائم الحرب؟
وعلى الرغم من أن بيان السلوكات التي تحدد الجرائم من الأمور المهمة، وذلك انطلاقا من القاعدة القانونية القائلة: بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، إلا أنه لا نتفق مع هذه الخطة خصوصا في الجرائم الدولية الجسيمة التي قد يصعب حصرها بسلوكات محددة، لذا نقترح على مشرِّعنا أن لا يحصر جرائم الحرب بسلوكات محددة، وألا أن يأتي بسلوكات فضفاضة تتسع لكل السلوكات التي يمكن أن تشكل جرائم حرب في المستقبل. إضافة إلى ذلك نقترح على مشرِّعنا أن يشير بصورة صريحة إلى أن النزاع غير المسلح، والنزاع الداخلي المسلح يصلحان لقيام جرائم الحرب.([47])
ما يؤيد ذلك نص المادة (8\2\أ، ب، ج، د) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ونص المادة (2، 3) من اتفاقية جنيف الأربع لعام 1949، والمادة (8) من قانون الجرائم الهولندي زمن الحرب رقم (408) الصادر عام 1958، ولجنة خبراء الأمم المتحدة في يوغسلافيا السابقة التي أنشأها مجلس الأمن في قراره رقم (789) عام 1992([48]) واللواتي لم يحصرن جرائم الحرب بسلوكات محددة، كما وقررن بأن كل النزاعات، سواء كانت دولية أم داخلية تصلح لقيام جرائم الحرب.
الفرع الثاني: أن تكون الجناية أو الجنحة معاقب عليها حسب القانون الأردني
تشترط المادة (10\4)، لقيام الاختصاص العالمي، أن يكون الفعل المرتكب في الخارج معاقبا عليه حسب القانون الأردني، وإن كان غير معاقب عليه حسب قانون الدولة التي وقع فيها، وهذا ما يؤكده معنى المخالفة للمادة (10\4) قانون العقوبات (المجالي، 2005). والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل المشرِّع الأردني كان موفقا في هذا الشرط؟ يبدو للوهلة الأولى بأن المشرِّع الأردني قد أجاد في صياغة هذا الشرط، الذي تتطلبه الكثير من التشريعات المتقدمة، وذلك لأنه، وعن طريق هذا الشرط، يضمن ملاحقة الجرائم التي ترتكب في الخارج، في حال عدم ملاحقتها من قبل الدولة التي وقع فيها، أو في حال عدم ملاحقتها من قبل الدول الأخرى المختصة تقليديا.
وعلى الرغم من أن المشرِّع الأردني قد حذا بهذا الشرط حذو كثير من التشريعات المتقدمة، إلا أننا لا نتفق مع هذا الشرط، ليس لذاته، وإنما لأنه لا يتفق مع أحد الشروط السالفة الذكر، وهو أن يكون الفعل المرتكب في الخارج من قبيل الجنايات أو الجنح، فإذا عدّل المشرِّع الأردني هذا الشرط، وقصر الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية الجسيمة فقط وليس لكل الجنايات والجنح، ففي هذه الحالة يمكن القول بأن المشرِّع الأردني قد أجاد في صياغة شرطنا محل هذه الدراسة. ما يؤيد ذلك أن هذا الشرط، وفي ظل عدم تعديل الشرط السالف الذكر، يخرق مبدأ سيادة الدولة على إقليمها دون مبرر حماية المجتمع الدولي من الجرائم الدولية الجسيمة المخلة بأمنه واستقراره.
وفي حال عدم تعديل الشرط السالف الذكر، فإنه إذا كان الفعل المرتكب في الخارج جنحة مثلا معاقب عليها حسب القانون الأردني، وغير معاقب عليها حسب قانون الدولة التي وقعت فيها، ففي هذه الحالة يمكن ملاحقة هذه الجريمة على أساس الاختصاص العالمي، علما بأن هذه الجريمة لا تخل بأمن المجتمع الدولي واستقراره، وإنما بأمن المجتمع الذي وقعت فيه. أما لو كان المشرِّع الأردني يقصر الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية الجسيمة ففي هذه الحالة يمكن القول بجواز ملاحقة هذا الفعل على أساس الاختصاص العالمي، والتضحية بمبدأ سيادة الدول على إقليمها، حتى ولو كان الفعل غير معاقب عليه في قانون الدولة التي وقع فيها وذلك لأنه يخل بأمن المجتمع الدولي واستقراره.
ما يؤيد ذلك موقف كثير من التشريعات المقارنة، فالمتابع للمشرعين الفرنسي والألماني والنمساوي يجد بأنهم يقصرون الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية، ويفرقون بعد ذلك، بالنسبة لهذا الشرط، بين الجرائم الدولية الجسيمة وغير الجسيمة، فإذا كان الفعل جسيما فلا يشترطوا لقيام الاختصاص العالمي أن يكون الفعل معاقبا عليه، حسب قانون الدولة التي وقع فيها، بخلاف أما إذا كان غير جسيم فيشترطوا في هذه الحالة أن يكون الفعل معاقبا عليه، أيضا، حسب قانون الدولة التي وقع فيها. وهذا ما تؤكده المواد:
(689-1و689\11) قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي،([49]) والمواد: (6و7) قانون العقوبات الألماني، و(63-65) قانون العقوبات النمساوي.([50])
ما يؤيد ذلك، أيضا، موقف بعض الفقه الألماني، والذين اشترطوا لقيام الاختصاص العالمي، أن يكون الفعل أولا من الجرائم الدولية، وثانيا غير معاقب عليه،حسب قانون الدولة التي وقع فيها، وذلك بحجة أن هذا الأمر راجع للقانون الداخلي للدولة صاحبة الحق في تطبيق الاختصاص العالمي.([51])
وبالاعتماد على الهدف من الاختصاص العالمي والذي جاء من أجل ملاحقة الجرائم الدولية، ومنع إفلات مرتكبيها من العقاب يمكن القول بوجوب قصر الاختصاص العالمي، أولا على الجرائم الدولية، ومن ثم التفريق بين الجرائم الدولية الجسيمة وغير الجسيمة، كما فعل المشرِّعان الألماني والنمساوي، وأن نتطلب عدم ضرورة اشتراط أن يكون الفعل معاقبا عليه،حسب قانون الدولة التي وقع فيها، إذا كان الفعل من قبيل الجرائم الدولية الجسيمة وذلك لضمان ملاحقته، بخلاف الأمر بالنسبة للجرائم الدولية غير الجسيمة.
وعلى الرغم من أن هذا الرأي يتفق مع منهج بعض الدول المتقدمة، إلا أنه نقترح على مشرِّعنا أن يقصر الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية الجسيمة بخلاف غير الجسيمة، وذلك لأن هذا الأمر سيشكل إرهاقاً مالياً للقضاء الأردني، وسيؤدي إلى توتر علاقات الأردن الخارجية. ما يؤيد ذلك، وهو قصر الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية الجسيمة فقط، الفقرتان الثالثة والرابعة من ديباجة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، واللتان يقضيان بأن الجرائم الخطيرة هي الجرائم التي تهدد الأمن والسلم الدوليين، وهذه الجرائم يجب ألا تمر دون عقاب، وأنه يجب ضمان ملاحقتها.
وفي حال ما إذا تبنى المشرِّع الأردني فكرة المنهج المقارن السالف الذكر، وقسم الجرائم الدولية إلى قسمين: جرائم دولية جسيمة وغير جسيمة، واشترط أن تكون الجرائم الدولية غير الجسيمة معاقبا عليها حسب قانون الدولة التي وقعت فيها لقيام الاختصاص العالمي، تثور مسألة على قدر كبير من الأهمية، ألا وهي ما هو الوضع القانوني إذا كان الفعل خاضعا حسب قانون الدولة التي وقع فيها للتقادم، أو للعفو، أو لمانع من موانع العقاب، أو لمانع من موانع المسؤولية، أو لسبب من أسباب التبرير، فهل يمكن القول بقيام الاختصاص العالمي؟
لم يتعرض المشرِّع الأردني لهذه المسألة، شأنه كشأن المشرع الألماني، أما بالنسبة للفقه الألماني فقد تعرض لهذه المسألة واختلف في مسألتين، وهما إذا كان الفعل خاضعا للتقادم أو للعفو، حسب قانون الدولة التي وقع فيها، بخلاف الأمر بالنسبة للبراءة فلم يختلف على هذه الحالة. جانب من الفقه يقول: بأنه إذا كان الفعل الدولي من الجرائم الدولية غير الجسيمة، وتقادم هذا الفعل أو خضع للعفو،حسب قانون الدولة التي وقع فيها فلا يمكن القول بتطبيق الاختصاص العالمي، وذلك لأن القانون المعتبر لتحديد مسألة التقادم والعفو بالنسبة لهذا الفعل هو قانون الدولة التي وقع فيها الفعل، لا قانون الدولة المختصة عالميا. ما يؤيد ذلك أن الاختصاص العالمي هو اختصاص استثنائي، وليس أصلياً، كما هو الأمر بالنسبة للاختصاص التقليدي.([52])
على النقيض من ذلك، هناك جانب آخر من الفقه Wessels, 1992; Bockelnsann/Volk, 1987; Baumann/Weber, 1985; Blei, 1983; Otto, 1988; Schmidhituser, 1975; Stratenwerth, 1981; Roxin, 1992). يجيز قيام الاختصاص العالمي حتى ولو كان الفعل خاضعا للتقادم أو للعفو، حسب قانون الدولة التي وقع فيها،([53]) وذلك لضمان ملاحقته وعدم تواطؤ الدولة المختصة تقليديا مع الفاعل، ولاختلاف مدد التقادم ومعايير العفو العام بين الدول.([54]) ما يؤيد هذا الأمر، حسب رأي ذلك الفقه، هو أن الدولة المختصة عالميا هي دولة صاحبة اختصاص، أيضا، ولها الحق في تطبيق قانونها حتى ولو كان اختصاصها استثنائيا لا أصليا.
أما إذا كان الفعل خاضعا لسبب من أسباب التبرير، أو لمانع من موانع العقاب، أو لمانع من موانع المسؤولية، حسب قانون الدولة التي وقع فيها فهناك اتفاق فقهي تقريبا على عدم جواز قيام الاختصاص العالمي في هذه الحالة، وذلك لأن الفعل لا يشكل أي جريمة من الأصل أو لا يستوجب عقابا، بخلاف الأمر بالنسبة للفعل في حال التقادم أو العفو، فهو مجرم ومعاقب عليه، ولكن ملاحقة هذا الفعل غير ممكنة.([55])
على النقيض من ذلك جاء المشرِّع النمساوي بنصوص واضحة لحل تلك المسائل،ولم يخضع الأمر للاجتهاد الفقهي، كما فعل المشرِّع الألماني، فالمتابع للمادة (65\4) قانون العقوبات النمساوي يجد بأن هذه المادة لا تجيز تطبيق الاختصاص العالمي على مرتكب الجرائم الدولية غير الجسيمة، إذا ألغيت العقوبة في الدولة التي وقع فيها الفعل، أو إذا تم تبرئته من القضية، أو إذا أوقفت الملاحقة، أو إذا تم محاكمته نهائيا ونفذ العقوبة، أو إذا أُعفي منها، أو إذا تقادمت، أو إذا أُفرج عنه بعد تنفيذ العقوبة كاملة أو جزء منها.([56])
وفي حال اشتراط أن يكون الفعل معاقبا عليه في الخارج لقيام الاختصاص العالمي، تثور مسألة أخرى على قدر كبير من الأهمية، ألا وهي ما هو الوضع القانوني إذا كانت العقوبة التي سينطق بها القاضي الأردني تزيد على عقوبة ذلك الفعل في الدولة التي وقع فيها؟ يعالج المشرِّع النمساوي هذه المسألة في المادة (65\2) قانون العقوبات قائلا: بعدم جواز أن تكون العقوبة التي سيُنطق بها على أساس الاختصاص العالمي أكثر من عقوبة الفعل في الدولة التي وقع فيها.([57]) بتعبير آخر يمكن القول: بأنه إذا اشترط المشرِّع الأردني في بعض الجرائم لقيام الاختصاص العالمي أن يكون الفعل معاقبا عليه في الخارج فلا يجوز أن تكون العقوبة التي سينطق بها القاضي الأردني على أساس الاختصاص العالمي أكثر من عقوبة الفعل في الدولة التي وقع فيها.
المطلب الثاني: ألا يكون استرداد الأجنبي قد طُلِبَ أو قُبِلَ
تشترط المادة (10\4) لقيام الاختصاص العالمي ألا يكون استرداد الأجنبي قد طُلِبَ أو قُبِلَ، لدراسة هذا المطلب، فقد قسمناه إلى فرعين، نعالـج في الأول منهما طلب الاسترداد، وفي الثاني الآثـار التي تترتـب عليه.
الفرع الأول: طلب الاسترداد
تشترط المادة (10\4) لقيام الاختصاص العالمي ألا يكون استرداد الأجنبي قد طُلِبَ أو قُبِلَ، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما هو الوضع القانوني لطلب الاسترداد، إذا كان الفعل المرتكب يشكل جريمة عسكرية، أو إذا كان الشخص المطلوب تسليمه لاجئا، أو لا تسمح صحته بذلك.([58]) كذلك الأمر ما هو الوضع القانوني لطلب الاسترداد، من حيث مدة تقديمه، والدول التي يجوز لها ذلك، والجهة المختصة بالبت فيه في الأردن، وما مدى لزوميته للأردن؟
لم تتعرض المادة (10\4)، ولا اتفاقية تسليم المجرمين المعقودة بين دول الجامعة العربية لهذه المسائل القانونية الخاصة بطلب الاسترداد،([59]) بخلاف اتفاقية الرياض للتعاون القضائي لعام 1985،([60]) وبخلاف كثير من التشريعات المقارنة، فالمتابع للمادة (12) قانون التسليم النمساوي (ARHG)،([61]) وللمادة (3) قانـون التسليـم الألمانــي (DAG)،([62]) وللمــواد: (6، 8، 83 ب) القانون الألمانيIRG([63]) بالارتباط مع المادة (1) من اتفاقية تسليم المجرمين الأوروبية([64]) يجد بأن هذه القوانين قد تعرضت لهذه المسائل، فقد بيّنت بصورة صريحة بأنه لا يجوز التسليم إذا كان الفعل يشكل جريمة عسكرية، أو إذا كانت صحة الشخص المطلوب تسليمه سيئة ولا تتحمل ذلك الإجراء، أو إذا كان الأجنبي لاجئا، إلا إذا كان الفعل المنسوب إليه من قبيل الجرائم الدولية الجسيمة التي تهدد المجتمع الدولي، وهذا ما تؤكده المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين.([65])
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، ما هي المدة القانونية التي يجب أن يحصل خلالها طلب الاسترداد، وما هي المراجع القانونية أو الدول التي يجوز لها ذلك الطلب؟ لم تتعرض المادة (10\4) لهذه المسألة، إلا أنه واعتمادا على الهدف من الإختصاص العالمي، المتمثل بضمان ملاحقة الجرائم الدولية الجسيمة في حال إحجام الدول المختصة تقليديا عن الملاحقة، يمكن القول بوجوب أن يقدم طلب الاسترداد قبل شروع الأردن بنظر تلك الجريمة على أساس الاختصاص العالمي، وإلى ما قبل تقادم الجريمة أو العقوبة، حسب قانون الدولة الطالبة والمطلوب منها التسليم، بتعبير آخر يمكن القول: بأنه لا يجوز للدول المختصة تقليديا أن تتقدم إلى الأردن بطلب استرداد الأجنبي، إذا كانت الأردن قد شرعت بملاحقته على أساس الاختصاص العالمي، أو إذا كانت الجريمة قد تقادمت، حسب قانون الدولة طالبة التسليم أو حسب القانون الأردني، ما يؤيد ذلك نص المادة (10) من الاتفاقية الأوروبية لتسليم المجرمين التي تشترط أن يقع طلب الاسترداد خلال هذه المدة.
وفي مجال الحديث عن طلب الاسترداد يثور التساؤل التالي وهو، ما هي الدول التي يجوز لها طلب الاسترداد؟ المتابع للمادة (10\4) يجد بأن هذه المادة لم تبين، بشكل صريح، ما هي الدول التي يجوز لها طلب الاسترداد، إلا أنه واعتمادا على الهدف من الإختصاص العالمي، المتمثل بضمان ملاحقة الجرائم الدولية الجسيمة، يمكن القول بأنه يجوز للدول المختصة تقليديا طلب الاسترداد، وذلك لأنها هي الأكثر تأثرا بالجريمة من الأردن لكونها ترتبط بها برابط أقوى من رابط العالمية، ألا وهو رابط الإقليمية، أو الجنسية، أو العينية (Mitsuelnazumi, 2004).
وفي حال تقديم أكثر من دولة مختصة تقليديا طلبا للاسترداد فنقترح أن تعطى الأولوية للدولة التي أضرت الجريمة بمصالحها،([66]) ثم للدولة التي ارتكبت الجريمة في أرضها، ثم للدولة التي ينتمي إليها المطلوب تسليمه، شريطة أن تكون قادرة على الملاحقة، وجادة في ذلك، ومتوافر فيها سبل العدالة والأدلة القانونية والشهود (سوليرا، 2002).
أما بالنسبة للدول المختصة عالميا فلا ينبغي السماح لها بطلب الاسترداد، وذلك لأن حق هذه الدول بالملاحقة هو حق مساوي للأردن، كما أن تأثر هذه الدول بالجريمة مساو لتأثر الأردن بها، بل قد يقل عنها كما لو كانت هذه الدول تكتفي بالتواجد المادي لقيام الاختصاص العالمي، أو تأخذ بالاختصاص العالمي الغيابي المطلق. ويعرف الاختصاص العالمي الغيابي المطلق، المنصوص عليه في المادة (2) من مشروع القانون النموذجي العربي بشأن الجرائم الدولية، على أنه مبدأ يجيز ملاحقة الأجانب الذين يرتكبون جرائم في الخارج دون اشتراط أن يكونوا متواجدين ماديا، أيضا، في الدولة التي ترغب بالملاحقة، بتعبير آخر يمكن القول بأن الاختصاص العالمي الغيابي المطلق يتشابه مع الاختصاص العالمي العادي بكل الأشياء، ما عدا مسألة التواجد المادي للأجنبي، فبينما يشترط الاختصاص العالمي العادي، محور هذه الدراسة، التواجد المادي للأجنبي في الدولة الراغبة بالملاحقة على أساس الاختصاص العالمي، إلا أن الاختصاص العالمي الغيابي المطلق لا يشترط هذا الشرط أيضا (علتم، 2008؛ سرور، 2006؛ (Keefe, 2004.
وفي مجال الحديث عن الدول والجهات التي يجوز لها طلب الاسترداد، نلفت النظر إلى مسألة على قدر كبير من الأهمية، ألا وهي هل يجوز للمحكمة الجنائية الدولية مطالبة الأردن بتسليم الأجنبي المتواجد ماديا في الأردن، والذي ارتكب جرائم دولية جسيمة في الخارج؟
لم تتعرض المادة (10\4) لهذه المسألة، إلا أنه واعتماد على المادة (17) من النظام الأساسي يمكن القول بأنه لا يجوز للمحكمة الجنائية الدولية أن تطلب من الأردن تسليم الأجنبي، إلا إذا كانت الأردن غير راغبة، أو غير قادرة على الملاحقة، أو إذا لم تباشر الإجراءات من الأصل، أو إذا باشرتها، ولكن هناك تأخير غير مبرر له، أو إذا انهار نظامها القضائي الوطني بشكل كلي أو جوهري، أو إذا كان هناك صعوبة في إحضار المتهم أو في الحصول على الأدلة والشهادة، أو إذا كان هناك محاباة للمتهم بغية حمايته من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، أو إذا وقعت اضطرابات واسعة تتعطل بها سيادة الدولة، ففي هذه الحالة يكون مسموحا لها ذلك، شريطة أن يُعطى للأردن أو لهيئة مستقلة عن الأردن والمحكمة الجنائية الدولية، حسب رأي الباحث، سلطة البت في تلك المسائل، وذلك لضمان عدم إساءة المحكمة الجنائية الدولية لذلك الأمر.
وفي حال حصول تنازع في الاختصاص بين المحكمة الجنائية الدولية والأردن، كدولة مختصة عالميا، يمكن اللجوء إلى مفاوضات بينهما، كما يمكن إحالة الأمر على جمعية الدول الأطراف. وفي حال إصرار المحكمة الجنائية الدولية على اختصاصها، ينعقد الاختصاص لها وليس للأردن، وذلك لأن الاختصاص العالمي هو اختصاص استثنائي يخرق مبدأ إقليمية القانون والقضاء الوطني، ما يؤكد ذلك نص المادة (90\2) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (محمود، 2000).
وفي سياق الحديث عن طلب الاسترداد يثور التساؤل التالي، وهو هل يجوز للأردن تطبيق الاختصاص العالمي على الأجنبي الذي تم تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، في حال ما إذا برأته المحكمة من ذلك الفعل، أو أعلنت عدم مسؤوليته؟
لم تتعرض المادة (10\4) إلى هذه المسألة، بخلاف المادة (20\1 و 2) من النظام الأساسي، والتي تقضي بأنه لا يجوز ملاحقة الفاعل على أساس الاختصاص العالمي، إذا كان قد تم محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية. على الرغم من أن هذا النص القانوني جاء منبثقا عن القاعدة القانونية القائلة بعدم جواز محاكمة الشخص الواحد عن الفعل الواحد مرتين، إلا أنه ينبغي مراعاة ما إذا كانت المحكمة الجنائية الدولية قد تواطأت مع الفاعل أم لا، أو إذا كان سبب البراءة ناتجا عن عدم توافر أو كفاية الأدلة المتوافرة في الأردن، أو إذا كان سبب عدم المسؤولية ناتجا عن عدم تجريم الفعل. ففي هذه الحالة نقترح أن يجيز المشرِّع الأردني ملاحقة الفاعل على أساس الاختصاص العالمي.
ما يؤيد ذلك، الهدف من الاختصاص العالمي المتمثل بضمان ملاحقة الجرائم الدولية الجسيمة من جهة، وعدم موضوعية المحكمة الجنائية الدولية في تعاملها مع جرائم الدولية من جهة أخرى التي قد تبرئ إنساناً لاعتبارات خاصة غير موضوعية. ما يؤيد ذلك، أيضا، المادة (20\3) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تجيز للمحكمة الجنائية الدولية ملاحقة الفاعل أمامها، حتى ولو تم تبرئته من الدول المختصة تقليديا أو عالميا، إذا ثبت للمحكمة تواطؤ تلك الدولة مع الفاعل. بتعبير آخر يمكن القول، بما أنه يجوز للمحكمة الجنائية الدولية، سندا للمادة (20\3) ملاحقة الشخص الواحد عن الفعل الواحد مرتين، فلمَ لا نجيز للدول الآخذة بالاختصاص العالمي ملاحقة الشخص المبرأ أمام المحكمة الجنائية الدولية عن الجرائم التي ارتكبها إذا ثبت عدم موضوعية المحكمة الجنائية الدولية في تعاملها مع تلك القضية.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن، ما هي الجهة المختصة بطلب الاسترداد، والبت فيه، وما مدى لزومية طلب الاسترداد للأردن؟ لم تتعرض المادة (10\4) لهذه المسألة، كذلك الأمر بالنسبة للمادة (8) من الاتفاقية العربية، فلم تبين سوى أن طلبات التسليم تقدم بالطرق الدبلوماسية، وتفصل فيها السلطات المختصة بحسب قوانين كل دولة. أما بالنسبة للمادتين: (1 و12) من الاتفاقية الأوروبية لتسليم المجرمين فقد بيّنا هذا الأمر بشكل صريح، فقد بينت بأن طلب الاسترداد يجب أن يكون كتابيا، ويجب أن يصدر من الجهات القضائية المختصة عن طريق الجهاز الدبلوماسي، وإلا فلا يستجاب لذلك الطلب.
أما بالنسبة للجهة المختصة بالبت في طلب الاسترداد، فلم تتعرض له، أيضا، المادة (10\4)، إلا أنه يمكن مطالعة الخطط الدولية في هذا الموضوع، وذلك لأن الخطة الأردنية الواردة في المادة (8) قانون تسليم المجرمين الفارين الأردني لسنة 1927 غير واضحة، ولا تتناسب مع الوقت الحاضر وذلك لقدم القانون.([67])
أول هذه الخطط تعطي حق البت في طلب الاسترداد للسلطة التنفيذية، فبعدما تقوم الدولة طالبة التسليم بتقديم طلب الاسترداد إلى وزير الخارجية مباشرة، أو إلى سفارة الدولة المطلوب منها التسليم، يتم تحويل الطلب إلى وزير الداخلية الذي بدوره يصدر أمرا بالقبض، بناء على مرسوم تسليم موقع عليه من رئيس الدولة (عبد المنعم، 2000؛ إسماعيل، غير مؤرخ). على الرغم من إيجابيات هذا النظام والمتمثلة بتوفير الوقت، والجهد، والمال، والمحافظة على العلاقات السياسية للأردن مع أعضاء المجتمع الدولي؛ لكونه يعطي حق البت فيه للسلطة التنفيذية (الروبي، 1998)، إلا أنه يؤخذ على هذه الخطة أنها تعطي الأمر لجهة غير مختصة بالقانون، خارقة بذلك مبدأ الفصل بين السلطات، كما أنها تحرم الشخص من بعض الضمانات القانونية كحقه في حضور محام، والاطلاع على ملف الأوراق، والاستجواب، والطعن بالإجراءات القانونية المتخذة حياله. إضافة إلى ذلك فإن هذه الخطة قد تسمح للمجاملات الدولية على حساب المتهم نفسه (عبد المنعم، 2000؛ إسماعيل، غير مؤرخ).
ثاني هذه الخطط تعطي هذا الحق للسلطة القضائية، ممثلة بالنيابة العامة والمحكمة المختصة، حيث تقوم النيابة العامة بتلقي طلب الاسترداد، وإعداد الأوراق اللازمة، وتقديمها إلى المحكمة المختصة التي تفصل فيه (المحيسن وآخرون 2002؛ الروبي 1998). من الدول التي تأخذ بتلك الخطة سلطنة عمان، بدليل المادة (7 و 13) قانون تسليم المجرمين العماني رقم (4) لسنة 2000، التي تعطي صلاحية البت في طلب الاسترداد للسلطة القضائية. على الرغم من الإيجابيات القانونية التي يوفرها هذا النظام والمتمثلة بتوفير الضمانات القانونية التي تفتقدها الخطة الأولى، إلا أنه يؤخذ عليها بأنها قد تسبب توتر للعلاقات الدبلوماسية للأردن مع الدول الأخرى، لأنها لا تسمح للسلطة التنفيذية، التي قد تهدئ المواقف إذا لزم الأمر، بالتدخل، كما أنها قد تؤدي إلى طول مدة التسليم، بحيث تضطر المحكمة إلى إصدار إفراج مؤقت الذي قد ينتج عنه هروب المتهم.([68])
ثالث هذه الخطط، والتي تسمى بالخطة المختلطة،([69]) تعطي هذا الحق للسلطة القضائية ممثلة بمحكمة الاستئناف تحت رقابة وإشراف السلطة التنفيذية (الروبي، 1998)، وبناء على هذه الخطة يتم تحويل الطلب إلى المدعي العام، الذي يأمر بدوره بالقبض على الشخص الأجنبي، والتحقيق معه، واستجوابه ضمن الضمانات القانونية السالفة الذكر، بعد ذلك يبين المدعي العام موقفه من أمر التسليم، ويرفع الأمر إلى محكمة الاستئناف لتقرر التسليم من عدمه([70]). بعد ذلك يرفع الأمر للسلطة التنفيذية، التي لها حق القرار النهائي في هذا الموضوع. وفي حال رفض التسليم فيجوز تجديد هذا الطلب مرة أخرى استنادا لأفعال جديدة.([71]) ما يؤيد الأخذ بهذه الخطة أنها تجنب الانتقاد السالف الذكر، كما أنها تضمن علاقات متزنة بين الأردن ودول المجتمع الدولي (الفاضل، 1966؛ أبو الوفاء، 2002).
وفي نهاية الحديث عن طلب الاسترداد، نلفت النظر إلى مسألة مهمة، ألا وهي ما مدى لزومية طلب الاسترداد للأردن؟ المتابع للمادة (10\4) يجد بأنها تعطي الخيار للأردن بين التسليم وعدمه متجاهلة المادتين: (2 و 3) من اتفاقية تسليم المجرمين المعقودة بين دول الجامعة العربية([72]) التي تجبر الأردن على التسليم إذا كانت الدولة طالبة التسليم هي دولة مكان ارتكاب الجريمة، أو دولة جنسية الفاعل.
وعلى الرغم من أن نص المادتين: (2 و 3) هي النصوص الواجبة التطبيق لكونها مقررة في اتفاقية دولية موقعة عليها الأردن، إلا أنه لا بد من أن تشير المادة (10\4) إشارة صريحة إلى أن شروط الاسترداد تخضع للقوانين والاتفاقيات الدولية وذلك زيادة بالوضوح. ما يؤيد ذلك نص المادة (7\2\2) قانون العقوبات الألماني التي تبين بشكل صريح بأن التسليم يخضع لقانون التسليم الألماني.([73]) إضافة إلى ذلك فلا بد من تقنين مسألة الاسترداد على الصعيد الداخلي، وذلك لتلافي أي مسألة غير مقننة على الصعيد الدولي أسوة بالقانون الفرنسي لعام 1927، والقانون البريطاني لعام 1989، والقانون السويسري لعام 1983، والقانون العماني رقم (4) لسنة 2000.
الفرع الثاني: الآثار التي تترتب على طلب الاسترداد في حال الموافقة أو الرفض
وفي مجال الحديث عن طلب الاسترداد نلفت النظر إلى أن المادة (10\4) لم تتطرق إلى مسألة على قدر كبير من الأهمية، ألا وهي الآثار التي تترتب على طلب الاسترداد في حال موافقة الأردن على التسليم أو رفضه. ففي حالف الموافقة نرى بضرورة منع الأردن، بصورة صريحة، من الملاحقة، وإلزامها بالتسليم في المكان والزمان المتفق عليه، حتى ولو كانت الدولة طالبة التسليم ليست طرفا في اتفاقية دولية تقضي بالتسليم، وذلك لأن التسليم واجب بمقتضى القانون الدولي العرفي (المحيسن، والشيدي، 2002). أما إذا اتضح للأردن بعد ذلك بأن الدولة طالبة التسليم ليست جادة بأمر الملاحقة، ففي هذه الحالة نرى بضرورة السماح للأردن بصورة صريحة الاعتذار عن التسليم وملاحقته على أساس الاختصاص العالمي.([74])
السؤال الذي يطرح نفسه الآن، ما هو الوضع القانوني إذا عاد ذلك الأجنبي إلى الأردن بعد تسليمه للدولة طالبة الاسترداد، فهل يجوز للأردن ملاحقته على أساس الاختصاص العالمي أم لا؟ لحل هذه المسألة يجب أن نفرّق بين ما إذا جرت محاكمته في الخارج بصورة نهائية أم لا؟ فإذا جرت محاكمته بصورة نهائية في الخارج فلا بد من التمييز بين ما إذا كان الحكم الصادر في الخارج قد صدر بالإدانة أم بالبراءة، فإذا كان صادرا بالإدانة فلا يجوز ملاحقته مرة أخرى عن ذات الفعل، حتى ولو سقطت عنه العقوبة الصادرة بالخارج بالتقادم أو بالعفو، إلا إذا كانت تلك الملاحقة قد اتخذت لغرض حماية الشخص المعني من المسئولية الجنائية، أو إذا لم تجر بصورة تتسم بالاستقلال أو النزاهة وفقاً لأصول المحاكمات المعترف بها بموجب القانون الدولي, أو إذا جرت في ظروف لا تدل على نية تقديم الشخص المعني للعدالة القانونية، ما يؤيد ذلك المادتان: (12 و 58) قانون العقوبات الأردني، والمادة (20\3\أ) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.([75])
أما إذا كان الحكم الصادر في الخارج يتمثل بالبراءة، فلا بد من التفريق بين ما إذا كان سبب البراءة راجعا إلى عدم التجريم على الفعل، أو إلى عدم صحة الواقعة. فإذا كان راجعا إلى عدم تجريم الفعل، أو لعدم كفاية الأدلة، أو لعدم الرغبة أو الجدية في الملاحقة، ففي هذه الحالة يجوز ملاحقة الفاعل مرة أخرى في الأردن، وذلك تحقيقا للهدف من الاختصاص العالمي المتمثل بمنع إفلات مرتكبي الجرائم الدولية الجسيمة من العقاب هذا من جهة، ولاحتمالية توافر الأدلة في الأردن من جهة أخرى. أما إذا كان سبب البراءة راجعا لعدم صحة الواقعة فلا يجوز الملاحقة، وذلك لأن القانون الذي يعتد به في هذه الحالة هو قانون الدولة مصدّرة الحكم (المشهداني، 2003).
أما إذا لم تجر محاكمة الفاعل بصورة نهائية في الخارج، كما لو أصدرت النيابة العامة في تلك الدولة قرارا بسقوط دعوى الحق العام، فيجوز للأردن بالاعتماد على معنى المخالفة للمادة (12) قانون العقوبات وعلى المادة (13) من القانون نفسه ملاحقته، إلا إذا كان ذلك الحكم قد صدر بناء على إخبار رسمي للسلطات الأردنية.([76]) ويرجع السبب في ذلك إلى أن القانون المعتبر فيما يتعلق بسقوط دعوى الحق العام من عدمه في مرحلة التحقيق الابتدائي هو القانون الأردني لا الأجنبي.([77])
وفي حال السماح للأردن بملاحقة الأجنبي مرة أخرى نلفت الانتباه إلى ضرورة أخذ المادة (13\3) قانون العقوبات الأردني، والمادة (41) من القانون نفسه في الحسبان، وحسم مدة الحكم والتوقيف والقبض الصادرة في الخارج من أصل المدة التي يحكم بها في المملكة.([78])
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما هي الآثار التي تترتب على رفض طلب التسليم من قبل الأردن، وما هي آلية تحريك دعوى الحق العام، في حال ما رفضت الأردن التسليم رغبة بالملاحقة على أساس الاختصاص العالمي؟
المتابع للمادة (10\4) يجد بأنها تجيز للأردن رفض طلب الاسترداد، إلا أنها لم تبين ما هي الآثار التي تترتب على ذلك، بخلاف كثير من التشريعات المقارنة التي تلزم دولها، في حال رفض طلب الاسترداد، بذكر الأسباب المانعة من التسليم، والإلزام بالملاحقة القانونية، وذلك لمنع إفلات الجرائم الدولية الجسيمة من العقاب (Oehler JZ, 1964; Henrich, JR 1994). ما يؤيد ذلك المواد: (10\1-3 مكرر، 12، 16\2) قانون الإجراءات الجنائية البلجيكي عام 2003، والمواد (6\9) قانون العقوبات الألماني، و(120\8) و (142 \أ\1) قانون السلطة القضائية الألماني،([79]) والمادة (2) قانون الإجراءات الجنائية النمساوي.([80])
كذلك الأمر بالنسبة لآلية تحريك دعوى الحق العام، في حال ما رفضت الأردن التسليم رغبة بالملاحقة على أساس الاختصاص العالمي، المتابع للمادة (10\4) يجد بأن هذه المادة لم تتحدث عن ذلك الأمر،أيضا، إلا أن هناك خطتين. أول هذه الخطط جاءت بها البلدان القائمة على القانون العام الأنجلو أمريكي، ففي هذه الدول نجد بأنها تحيل الأمر للمدعي العام، الذي له سلطة تقديرية بالملاحقة، وبسحب الدعوى، أو وقف الاستمرار بها إذا اتضح له بأن الفعل لا يشكل جريمة دولية جسيمة، أو أن هناك قضاء أكثر ملاءمة لتحقيق العدالة، ما يؤيد ذلك نص المادة (153\ف\3) قانون الإجراءات الجنائية الألماني.([81]) أما بالنسبة لبلدان القانون المدني، كفرنسا مثلا، فنجد أنها تجيز للضحية أو أحد أقاربه رفع شكوى أمام المدعي العام (قاضي التحقيق) الذي يعتبر ملزما بالتحقيق في هذه الحالة.([82])
وعلى النقيض من ذلك، فقد سمحت بعض بلدان أمريكا اللاتينية في الآونة الأخيرة، مثل غواتيمالا وكوستاريكا، للضحايا باكتساب صفة “المدعين المرافقين” بحيث يكون من حقهم صياغة التهم، واتخاذ قرارات الاستئناف، وتوفير الأدلة. كذلك الأمر، فقد سمحت هذه الدول، بالنسبة لبعض الجرائم، للمنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية لأن تكون،أيضا، من قبيل “المدعين المرافقين” إذا كانت لها مصلحة مباشرة في القضية، وخصوصاً فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يجوز للمحكمة الجنائية الدولية ملاحقة الأجنبي مرة أخرى بعد ملاحقته من قبل الأردن؟ على الرغم من طرح هذه المسألة سابقا، إلا أنه نرغب بطرحها مرة أخرى، وذلك لأنها اُتخذت سابقا كمثال مؤيد وليس كمحل موضوع. للإجابة على ذلك فلا بد من التفريق بين ما إذا جرت محاكمته بصورة نهائية في الأردن أم لا؟ فإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز للمحكمة الجنائية الملاحقة، إلا إذا كان سبب البراءة راجعا لعدم التجريم، أو إذا اتضح لها بأن الأردن غير راغبة أو قادرة على الملاحقة.([83])
أما إذا لم تجر محاكمة ذلك الأجنبي بصورة نهائية، كما لو أصدرت النيابة العامة قرارا بمنع المحاكمة أو بحفظ الأوراق([84]) فينبغي التفريق بينهما، فإذا كان القرار الصادر هو قرار منع المحاكمة فلا يجوز، برأينا، للمحكمة الجنائية الدولية الملاحقة، وذلك لأن هذا القرار هو قرار قضائي أنهى إجراءات السير بالدعوى، وله حجية الشيء المقضي به، وجاء بعد تحقيق في الدعوى.
ما يؤيد ذلك نص المادة (17/1/ب) من النظام الأساسي التي تقضي بأنه مع مراعاة الفقرة (10) من الديباجة والمادة (1) تقرر المحكمة أن الدعوى غير مقبولة في حال ما إذا قامت دولة لها ولاية في الدعوى بإجراء التحقيق مقررة عدم مقاضاة الشخص المعني، ما لم يكن القرار ناتجا عن عدم رغبة الدولة أو عدم قدرتها حقا على المقاضاة.
أما إذا كان القرار متعلقا بحفظ الأوراق، ففي هذه الحالة يجوز للمحكمة الجنائية الدولية الملاحقة، وذلك لأن هذا القرار هو عبارة عن قرار إداري لا يحوز حجية الأمر المقضي به، مما يبيح للمتضرر والمدعي الاتجاه إلى المحكمة الجنائية الدولية لإعادة النظر في الدعوى (سراج، 2001؛ سراج، 2003).
الخاتمة
وفي نهاية هذه الدراسة، فقد توصلنا إلى أن المادة (10/4)، والتي يريد المشرِّع الأردني من خلالها معالجة الاختصاص العالمي، غير قادرة على معالجة هذا المبدأ، فلم تبين ما هو الوقت الذي يجب أن يكون فيه الفاعل متمتعا بالصفة الأجنبية، ومقيما في الأردن، ومدى أثر الحصانة الدولية والتقادم على هذا المبدأ، وما إذا كان يكفي التواجد المادي لأن يكون أساسا لا لاختصاص العالمي، بخلاف كثير من التشريعات المقارنة التي تكتفي بالتواجد المادي، ولا تقيم للحصانة أو للتقادم اعتباراً، وتشترط في الفاعل أن يكون أجنبيا من وقت ارتكاب الجريمة إلى ما قبل بدء الملاحقة القانونية.
كذلك الأمر لم تبين هذه المادة ما هي الدول التي يجوز لها طلب الاسترداد، وما هو القانون الخاضع له هذا الطلب، وما هي المدة التي يجوز تقديم الطلب خلالها، وما هي الجهة المختصة بالبت فيه في الأردن، وما هو الوضع القانوني في حال تقديم أكثر من طلب أو في حال رفضه أو الموافقة عليه، وما هي الجهة المختصة في الأردن لإقامة الدعوى، في حال رفض الأردن طلب الاسترداد ورغبتها بالملاحقة على أساس الاختصاص العالمي.
على النقيض من ذلك فقد كان للتشريعات المقارنة مداخلة في هذا الموضوع، فقد بينت بأن الدول التي يجوز لها طلب الاسترداد هي الدول المختصة تقليديا لا عالميا، وأن القانون الخاضع له هذا الطلب هو قانون دولهم، وأنه في حال تقديم أكثر من دولة مختصة تقليديا طلب للاسترداد فيقدم طلب الدولة التي أضرت الجريمة بأمنها واستقرارها، ثم طلب الدولة التي أُرتكبت الجريمة على إقليمها، ومن ثم طلب الدولة التي ينتمي إليها الفاعل أو المجني عليه بجنسيته.
لا تقصر المادة (10\4) الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية الجسيمة، بل جاءت لكل الجنايات والجنح، كما أنها لم تعط أمر الملاحقة بصورة صريحة للقضاء وللقانون الأردني، ولم تبين آثار الأحكام الأجنبية على الاختصاص العالمي، في حال هروب الأجنبي وعودته إلى الأردن مرة أخرى، معتمدة على القواعد العامة التي لا تكفي لحل هذه المسألة.
كذلك الأمر لم تقصر هذه المادة الاختصاص العالمي على الفاعلين والشركاء، بل جاءت لكل المساهمين بالجريمة، من متدخلين ومحرضين، بخلاف التشريعات المقارنة والتي تقصر الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية الجسيمة، وعلى الفاعلين والشركاء، وتعطي حق الملاحقة، بشكل صريح، لقضائها ولقانونها الوطني، وتبين، بشكل صريح، أثر الأحكام الأجنبية في حال هروب المتهم إلى دولهم.
التوصيات
وفي نهاية هذا البحث، فقد خلصنا إلى مجموعة من التوصيات القانونية، التي نأمل أن تجد طريقها في التطبيق العملي: –
أول هذه التوصيات تتمثل بضرورة تعديل المادة (10\1)، بحيث تسمح باعتبار الأجنبي الذي يكتسب الجنسية الأردنية بعد ارتكاب الجريمة، ويتنازل عنها قبل البدء بالإجراءات القانونية أجنبيا وليس أردنيا لغايات تطبيق الاختصاص العالمي. كذلك الأمر نقترح سندا لمبدأ المساواة المقرر في المادة (6) دستور أردني تعديل المادتين (3\3 و 9) قانون الجنسية الأردني، بحيث تعطي لأولاد الأردنيات الذين يولدون في الأردن لأب أجنبي، الجنسية الأردنية أسوة بأولاد الأردنيين وأولاد الأردنيات الذين يولدون في الأردن لأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له.
إضافة إلى ذلك نقترح تضمين المادة (10\4) ما يدل بشكل صريح على أنه يشترط في الفاعل أن يبقى متمتعا بالصفة الأجنبية، من وقت ارتكاب الجريمة إلى ما بعدها، وأن لا نعتمد على الفقرة الأولى من المادة ذاتها التي تبين هذا الأمر بشكل ضمني، وذلك لأن هذه الفقرة تعالج مبدأ مختلفا عن المبدأ الذي تعالجه هذه المادة، ألا وهو مبدأ الشخصية.
إلى جانب ذلك نقترح تبيان مدى أثر الحصانة الدولية على الاختصاص العالمي، وأن لا نعتمد على المادتين (11) قانون العقوبات، و (31) اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، وذلك لأنهما جاءتا للجرائم العادية التي ترتكب في الأردن من قبل المتمتعين بالحصانة الدولية، وليست للجرائم الدولية الجسيمة التي ترتكب في الخارج من قبل الأجانب المقيمين في الأردن. إضافة إلى ذلك نقترح تعديل المادة (10\4) بحيث تسمح بتطبيق الإختصاص العالمي على الشخص المعنوي.
وفي سياق الحديث عن الإقامة كشرط لقيام الاختصاص العالمي، نقترح استبدال لفظ الإقامة بالتواجد المادي، ولفظ “المملكة الأردنية الهاشمية” بلفظ الإقليم الأردني، وذلك لضمان تطبيق الاختصاص العالمي على الأجانب المتواجدين ماديا في الأردن، أو في السفارات الأردنية، أو في البحر الإقليمي، أو في الفضاء الجوي الأردني، أو في الطائرة، أو في السفينة المسجلة في الأردن التي تحمل الجنسية الأردنية.
وفي حال استبدال لفظ الإقامة بالتواجد المادي نقترح على مشرِّعنا أن يشترط أن يكون التواجد المادي قد تم بصورة مشروعة، بغض النظر عن مدته ووقته. إضافة إلى ذلك نقترح اشتراط توافر التواجد المادي في مرحلة المحاكمة لا في مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائي، وذلك لضمان ملاحقة جيدة للفعل، ولضمان كثير من المبادئ القانونية المتمثلة بعلانية المحاكمة، وعدالتها، والمواجهة بين الخصوم، وحق المشتكى عليه في الدفاع عن نفسه.
وفي سياق الحديث عن الجرائم التي يجوز تطبيق الاختصاص العالمي عليها، نوصي بضرورة قصر المادة (10\4) على الجرائم الدولية الجسيمة، أو على الجرائم الدولية ذات الخطورة الأشد، وأن لا نجيز تطبيق الاختصاص العالمي على كل الجنايات أو الجنح، وذلك لتخفيف العبء على القضاء الأردني، وتجنيبه الكثير من الإحراجات الدولية، هذا من جهة، ولمنع خرق مبدأ سيادة الدول على إقليمها من جهة أخرى. وفي حال قصر الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية الجسيمة، نوصي بضرورة تبيان مفهوم الجرائم الدولية الجسيمة، واستثنائها من التقادم، وإخضاع معيار اعتبارها جناية أم جنحة للقانون الوطني، لا لقانون الدولة التي وقع فيها الفعل أو التابع لها الفاعل بجنسيته.
إلى جانب ذلك نوصي عدم حصر جرائم الحرب بسلوكيات محددة، وعدم اشتراط أن ترتكب أثناء نزاع مسلح، كما فعل المشرِّع الأردني في المادة (41) قانون العقوبات العسكري. إضافة إلى ذلك نوصي بضرورة الإشارة بشكل صريح إلى أن النزاع الداخلي يصلح لقيام هذه الجريمة، وأن لا نعتمد على المصطلحات الفضفاضة التي قد تفسّر بما لا تخدم إرادة المشرِّع.
وفي حال السماح بتطبيق الاختصاص العالمي على الجرائم الدولية ذات الخطورة الأشد وعدم قصرها على الجرائم الدولية الجسيمة، فلا بد من اشتراط أن يكون الفعل معاقبا عليه في الدولة التي وقع فيها، وذلك لأن هذه الجرائم ليست من قبيل الجرائم الدولية الجسيمة المبرر ملاحقتها على أساس الاختصاص العالمي.
وفي حال تبني فكرة التفريق بين الجرائم الدولية الجسيمة وغير الجسيمة، فنوصي بضرورة اشتراط أن يكون الفعل الدولي غير الجسيم معاقبا عليه حسب قانون الدولة التي وقع فيها لقيام الاختصاص العالمي، بخلاف الأمر بالنسبة للجرائم الدولية الجسيمة. كذلك الأمر نوصي بعدم جواز ملاحقة هذا الفعل على أساس الاختصاص العالمي إذا كان قد تقادم، أو إذا صدر بشأنه عفو عام، أو إذا كان خاضعا لسبب تبرير موضوعي حسب قانون الدولة التي وقع فيها الفعل بخلاف الأمر بالنسبة للجرائم الدولية الجسيمة. أما بالنسبة لأسباب التبرير الشخصية، أو لموانع العقاب، أو لموانع المسؤولية، ففي هذه الحالة نقترح على مشرعنا جواز الملاحقة على أساس الاختصاص العالمي، حتى ولو كان الفعل الدولي غير الجسيم خاضعا لهذه الأسباب حسب قانون الدولة التي وقع فيها. في هذه الحالة نقترح ألا تزيد العقوبة التي سينطق بها القاضي الأردني على العقوبة المقررة لذلك الفعل في الدولة التي وقع فيها.
وفي مجال الحديث عن طلب الاسترداد نوصي بتحديد موعدا لتقديمه، وصدوره عن السلطة القضائية، وبالطرق الدبلوماسية، وأن يكون مكتوبا، وأن لا نجيزه بعد شروع الأردن بنظر الجريمة، أو بعد تقادم الجريمة أو العقوبة حسب قانون الدولة الطالبة أو المطلوب منها التسليم، إضافة إلى ذلك نوصي بضرورة إعطاء حق البت في طلب الاسترداد للسلطة القضائية تحت رقابة السلطة التنفيذية وإشرافها، وذلك لحفظ علاقات الأردن السياسية مع المجتمع الدولي.
كذلك الأمر نوصي بضرورة قصر طلب الاسترداد على الدول المختصة تقليديا. وفي حال قيام أكثر من دولة مختصة تقليديا بتقديم طلبات للاسترداد نقترح إعطاء الأولوية في التسليم للدولة التي أضرت الجريمة بمصالحها، ثم للدولة التي ارتكبت الجريمة في أرضها، ثم للدولة التي ينتمي إليها المطلوب تسليمه، شريطة أن تكون قادرة على الملاحقة وجادة في ذلك ومتوافر فيها سبل العدالة والأدلة والشهود.
وفي حال الموافقة على طلب الاسترداد، نرى بضرورة منع الأردن بصورة صريحة من الملاحقة، وإلزامها بالتسليم في المكان والزمان المتفق عليه، حتى ولو كانت الدولة طالبة التسليم ليست طرفا في اتفاقية دولية تقضي بالتسليم، وذلك لأن التسليم واجب بمقتضى القانون الدولي العرفي. أما إذا اتضح للأردن، بعد الموافقة على الطلب وقبل القيام بالتسليم، بأن الدولة طالبة التسليم ليست جادة بأمر الملاحقة، ففي هذه الحالة نرى بضرورة السماح للأردن بصورة صريحة الاعتذار عن التسليم وملاحقته على أساس الاختصاص العالمي.
وفي حال عودة المتهم إلى الأردن، بعد تسليمه للدولة المختصة تقليديا، فنقترح على مشرعنا ألا يجيز الملاحقة مرة أخرى على أساس الاختصاص العالمي شريطة أن تكون محاكمته في الخارج قد تمت بصورة نهائية، حتى ولو سقطت عنه العقوبة الصادرة في الخارج بالتقادم أو بالعفو. أما إذا كان الحكم الصادر في الخارج يتمثل بالبراءة فنقترح بضرورة التفريق بين ما إذا كان سبب البراءة راجعا إلى عدم التجريم على الفعل، أو إلى عدم صحة الواقعة. فإذا كان راجعا إلى عدم التجريم على الفعل أو لعدم كفاية الأدلة أو لعدم الرغبة أو الجدية في الملاحقة، ففي هذه الحالة نقترح على مشرعنا السماح للأردن بالملاحقة على أساس الاختصاص العالمي، وذلك لمنع إفلات مرتكبي الجرائم الدولية الجسيمة من العقاب ولاحتمالية توافر الأدلة في الأردن. أما إذا كان سبب البراءة راجعا لعدم صحة الواقعة فنقترح عدم جواز الملاحقة، وذلك لأن القانون الذي يعتد به في هذه الحالة هو قانون الدولة مصدّرة الحكم لا القانون الأردني.
أما إذا لم تجر محاكمته بصورة نهائية في الدولة المختصة تقليديا، كما لو أصدرت النيابة العامة في تلك الدولة قرارا بسقوط دعوى الحق العام، فنوصي بجواز الملاحقة على أساس الاختصاص العالمي، مع حسم المدة المنفذة في الخارج من المدة المحكوم بها في الأردن، إلا إذا كان ذلك الحكم قد صدر بناء على إخبار رسمي للسلطات الأردنية ففي هذه الحالة لا يجوز للأردن الملاحقة.
وفي حال رفض طلب التسليم والرغبة بالملاحقة، نقترح على مشرعنا أن يحيل أمر تحريك الدعوى ومباشرتها للمدعي العام، الذي له سلطة تقديرية بالملاحقة، وسحب الدعوى، أو وقف الاستمرار بها إذا اتضح له بأن الفعل لا يشكل جريمة دولية جسيمة، أو أن هناك قضاء أكثر ملاءمة لتحقيق العدالة. إضافة إلى ذلك نقترح على مشرعنا أن يجيز للضحية أو أحد أقاربه رفع شكوى أمام المدعي العام الذي يُعدّ ملزما بالتحقيق في هذه الحالة.
أما بالنسبة للدول المختصة عالميا فنوصي بعدم السماح لها بطلب الاسترداد، وذلك لأن حق هذه الدول بالملاحقة هو حق مساوٍ للأردن، كما أن تأثر هذه الدول بالجريمة مساو لتأثر الأردن بها، لا بل قد يقل عنها كما لو كانت هذه الدول تكتفي بالتواجد المادي لقيام الاختصاص العالمي، أو تأخذ بالاختصاص العالمي الغيابي المطلق.
كذلك الأمر بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية، فنقترح سندا للمادة (17) من النظام الأساسي عدم السماح لها طلب الاسترداد، إلا إذا كانت الأردن غير راغبة أو قادرة على الملاحقة، أو إذا لم تباشر الإجراءات من الأصل، أو إذا باشرتها،ولكن هناك تأخير غير مبرر له، أو إذا انهار نظامها القضائي الوطني بشكل كلي أو جوهري، أو إذا كان هناك صعوبة في إحضار المتهم، أو في الحصول على الأدلة والشهادة، أو إذا كان هناك محاباة للمتهم بغية حمايته من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، أو إذا وقعت اضطرابات واسعة تتعطل بها سيادة الدولة. ففي هذه الحالة نقترح على مشرعنا أن يسمح للمحكمة الجنائية الدولية طلب الاسترداد شريطة أن يُعطى للأردن أو لهيئة مستقلة عن الأردن والمحكمة الجنائية الدولية سلطة البت في تلك المسائل.
وفي حال تسليم الأجنبي للمحكمة الجنائية الدولية نقترح على مشرعنا أن يجيز تطبيق الاختصاص العالمي عليه إذا شعرت بأن هناك تواطؤاً من قبل المحكمة مع ذلك الشخص، وذلك لعدم عدالة هذه المحكمة في تعاملها مع بعض الجرائم الدولية الجسيمة.
الهوامش
[1]. الدول المختصة تقليديا هي الدول التي ترتبط بالجريمة برابط إقليمي،كأن تكون الجريمة قد ارتكبت في إقليمها، أو برابط شخصي كأن يكون الفاعل من جنسيتها، أو برابط عيني كأن تكون الجريمة من نوع معين من الجرائم أعطى القانون حق ملاحقتها لدولته بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة وبغض النظر عن جنسية الفاعل، والأمثلة على هذه الجرائم كثيرة، أذكر منها الجرائم المخلة بأمن الدولة، تقليدي ختم الدولة أو نقودها وغيرها من الجرائم الوارد ذكرها في المادة (9) قانون العقوبات الأردني. أما الدول المختصة عالميا فهي الدول التي ترتبط بالجريمة برابط الاختصاص العالمي والذي يشترط حسب المادة (10\4) قانون العقوبات الأردني أن يكون الفاعل أجنبيا، مقيما في الأردن، ويرتكب جريمة في الخارج. أما الجهات المختصة دوليا فيقصد بها المحكمة الجنائية الدولية التي اختصاصها بالملاحقة يأتي سندا للمادتين: (1 و 17) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تكميليا. وهذا يعني بأن المحكمة الجنائية الدولية لا تلاحق الجرائم الدولية الجسيمة إلا إذا امتنعت الدول المختصة تقليديا وعالميا عن الملاحقة.
[2]. سأكتفي بعرض مادة من اتفاقيات جنيف وهي المادة (49): “تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تتخذ أي إجراء تشريعي يلزم لفرض عقوبات جزائية فعالة علي الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية”. أما المــادة (86): “تعمل الأطراف السامية المتعاقدة وأطراف النزاع على قمع الانتهاكات الجسيمة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع كافة الانتهاكات الأخرى للاتفاقيات ولهذا اللحق “البروتوكول”، التي تنجم عن التقصير في أداء عمل واجب الأداء. تقضي المادة (4) تتعهد الدول الأطراف في هذه الاتفاقيــة: (أ) باتخاذ جميع التدابير، التشريعية وغير التشريعية، اللازمة لقمع أو ردع أي تشجيع علي ارتكاب جريمة الفصل العنصري ….إلخ. (ب) باتخاذ تدابير تشريعية وقضائية وإدارية للقيام، وفقا لولايتها القضائية بملاحقة ومحاكمة ومعاقبة الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب الأفعال المعرفة في المادة الثانية من هذه الاتفاقية أو المتهمين بارتكابها، سواء كان هؤلاء من رعايا هذه الدولة، أو من رعايا دولة أخرى، أو كانوا بلا جنسية.
تقضي المادة (5\2) تتخذ كل دولة طرف بالمثل ما يلزم من الإجراءات لإقامة ولايتها القضائية على هذه الجرائم في الحالات التي يكون فيها مرتكب الجريمة المزعوم موجودا في أي إقليم يخضع لولاياتها القضائية ولا تقوم بتسليمه عملا بالمادة (8) إلى أية دولة من الدول التي ورد ذكرها في الفقرة 1 من هذه المادة.
[3]. صادقت الأردن على النظام الأساسي في 11\4\2002 بقانون رقم (12) لسنة 2002 والمنشور في الجريدة الرسمية في 16\4\2002. تُعدّ الديباجة جزءاً من الاتفاقية الدولية بدليل المادة (31) اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات (1969). أما اتفاقيات جنيف الأربع فتم المصادقة عليها في 29\5\1951 ونشرت في الجريدة الرسمية في تاريخ 15\3\2007.
[4]. المادتان (6 و7) من قانون العقوبات الألماني المعدل في 13\11\1998 والصادر في 15\5\1871، والمادتان
(6 و7) من قانون الإجراءات الجنائية البلجيكي لعام 2003 والمادة (689) من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي (CCP) Code de procedure pénale.
[5]. يقصد بالاختصاص التكميلي أن الاختصاص لا ينعقد لها أولاً بل لدول أخرى، فإذا امتنعت هذه الدول عن الملاحقة فينعقد الاختصاص لها. ويقصد بالدول المختصة تقليديا هي الدول التي ترتبط بالجريمة برابط الإقليمية أو العينية أو الشخصية.
[6]. تعرّف المادة (1) من الاتفاقية الخاصة بوضع عديمي الجنسية 1954 هذا الشخص على أنه كل شخص لا تعتبره أية دولة مواطنا فيها بمقتضى تشريعها. لم توقع الأردن على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة للمفوضين بشأن اللاجئين وعديمي الجنسية. تم اعتماد هذه الاتفاقية من قبل مؤتمر المفوضين في الأمم المتحدة بشأن وضع اللاجئين والأشخاص الذين لا وطن لهم، والذي انعقد في جنيف 2ـ25 \7\ 1951. وقد انعقد تبعا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 429 (V1) المؤرخ في 14 \12\ 1950.
[7]. تجيز المادة (18) قانون الجنسية الأردنية لمجلس الوزراء، بموافقة الملك، أن يعلن فقدان الجنسية الأردنية عن كل أردني ينخرط في خدمة دولة معادية، أو في خدمة عسكرية،أو مدنية لدولة أجنبية دون ترخيص أو إذن، ولم يتركها عندما تكلفه الأردن بذلك. كذلك الأمر إذا أتى أو حاول أن يأتي عملاً يعد خطراً على أمن الدولة وسلامتها.
[8]. تجيز المادة (18) قانون الجنسية الأردنية لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يعلن فقدان الجنسية الأردنية عن كل أردني ينخرط في خدمة دولة معادية أو في خدمة عسكرية أو مدنية لدولة أجنبية دون ترخيص أو إذن ولم يتركها عندما تكلفه الأردن بذلك. كذلك الأمر إذا أتى أو حاول أن يأتي عملاً يعد خطراً على أمن الدولة وسلامتها.
[9]. Subject to the provisions of the present convention, a person having two or more nationalities may be regarded as its national by each of the States whose nationality he possesses.
[10]. Datum: 9. Juli 1990 Fundstelle: BGBl I 1990, 1354, 1356, zuletzt geändert durch Artikel 13 des Gesetz zur Bekämpfung der Schwarz arbeit und damit zusammenhängender Steuerhinterziehung vom 23.Juli 2004 (BGBl. I 2004 S. 1842).
[11]. GG Ausfertigungsdatum: 23.05.1949; Oehler Bocklmann-FS 780ff; Ist jemand (aufgrund doppelter oder mehrfacher Staatsbürgerschaft) sowohl Ausländer wie Inländer, so ist er iSd §§5, 7 als Deutscher zu behandlen; Tröndle §7 RN5; Lemke NK 52.
[12]. المتابع للمادة (10\1) قانون العقوبات الأردني يجد بأنها تعامل الأجنبي الذي يكتسب الجنسية الأردنية بعد الجريمة معاملة الأردني، ولم تفرق بين الشخص الذي يعود ويتنازل عن الجنسية الأردنية قبل بدء إجراءات التحقيق أو بعدها، كما فعل المشرع النمساوي.
[13]. لم تتعرض المادة (10\1) إلى الحالة التي يكون فيها الفاعل أجنبيا وقت ارتكاب الجريمة، ويكتسب الجنسية الأردنية، ويتنازل عنها بعد ذلك. فلم يتعرض إلا إلى الحالة التي يكون فيها الفاعل إما أردنيا ويستمر بالجنسية الأردنية، أو أجنبيا وقت ارتكاب الجريمة ويكتسب الجنسية الأردنية بعد ذلك، أو إلى الحالة التي يكون فيها الفاعل أردنيا وقت ارتكاب الجريمة ويتنازل عن الجنسية الأردنية.
[14].§65: Für andere als die in den §§ 63 und 64 bezeichneten Taten, die im Ausland begangen worden sind, gelten,…, 1…, oder wenn er die österreichische Staatsbürgerschaft später erworben hat und zur Zeit der Einleitung des Strafverfahrens noch besitzt.
[15]. Art. 689-11: Créé par LOI n°2010-930 du 9 août 2010 – art. 8: Peut être poursuivie et jugée par les jurisdictions françaises toute personne qui …etc.; Art. 6: L 2003-08-05/32, art. 14, 016; En vigueur: 07-08-2003: Pourra être poursuivi en Belgique [tout Belge ou toute personne …etc.
[16]. وتطبيقا لذلك فقد رفض القضاء الفرنسي الاعتراف بالحصانة للبنك العقاري النرويجي نظرا لتمتع البنك بالشخصية القانونية المستقلة عن الدولة. وقد تبنت محكمة استئناف نانس وجهة النظر السابقة في حكمها في ديسمبر سنة 1938. هناك اتجاه يعتنقه القضاء الفرنسي، ويرى بأنه إذا قام الشخص المعنوي الأجنبي بإبرام التصرف،بناء على إرادته الذاتية، فلا حصانة قضائية له، بخلاف ما إذا كان بناء على إرادة الدولة صاحبته وبناء على تعليمات صادرة عنها.
[17]. Das östreiche StGB: Bundesgesetz vom 23. Januar 1974 über die mitgerichtlicher Strafe bedrohten Handlungen. Datum des Gesetzes: 23. Jänner 1974 BGBl. Nr. 60/1974.Inkrafttretensdatum: 1. Jänner 1975.
7\2\2: zur Zeit der Tat Ausländer war, im Inland betroffen und…etc.§65\1\2: “wenn der Täter zur Zeit der Tat Ausländer war, im Inland betreten wird und …etc.
[18]. تقضي المادة (11) بعدم سريان القانون الأردني على الجرائم التي يرتكبها في المملكة المتمتعين بالحصانة الدولية. وتقضي المادة (31) من اتفاقية فينا نفسها والتي تقضي بأن يتمتع الممثل الدبلوماسي بالحصانة القضائية الجنائية في الدولة المعتمد لديها. ويتمتع أيضاً بالحصانة القضائية المدنية والإدارية. إلا إذا تعلق الأمر بدعوى متعلقة بعقار أو بميراث أو بمهنة أو نشاط خاص.
[19]. (Grundgesetz 23.Mai 1949), Art. 25: Die allgemeinen Regeln des Völkerrechtes sind Bestandteil des Bundesrechtes. Sie gehen den Gesetzen vor…etc.; § 20\2: (Gerichtsverfassungsgesetz 9. Mai 1975) (2) Im übrigen erstreckt sich die deutsche Gerichtsbarkeit auch nicht auf andere als die in Absatz 1 und in den §§ 18 und 19 genannten Personen, soweit sie…etc.
[20].Arrê Nº 1414 du 13 mars 2001, Cour de Cassation – Chambre criminelle, in jurisprudence française, RGDIP, 2001\2, p.474.“ …, attend qu’en se prononçant ainsi, alorsqu’en l’état du droit international, le crime dénoncé, qu’elle soit la gravité, ne reléve pas des exceptions au principe de l’immunité de juridiction des chefs d’Etat étrangers en exercice, la chamber d’accusation a méconnu le principe susvisé, …”.
[21]. قبضت بريطانيا على رئيس تشيلي السابق أثناء ما كان في زيارة علاجية عندها بناء على طلب من اسبانيا ل ملاحقته على أساس الاختصاص العالمي عن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها أثناء ما كان رئيسا. وبعد القبض تقدم المحامون بمذكرة دفاع تفيد عدم شرعية القبض لكونه كان يتمتع بالحصانة أثناء القيام بتلك الأفعال. ولحل تلك الدفوع قامت بريطانيا بإحالة الأمر إلى هيئة الاستئناف في مجلس اللوردات، التي أصدرت حكما بأغلبية ثلثي عدد اللوردات قائلا: بان الجنرال (بيونشيه) لا يتمتع بالحصانة وذلك لأن الجرائم ضد الإنسانية لا تعتبر أعمالا رسمية ولم ترتكب أثناء تأديته وظيفته أو في حدودها لكونها ليست من وظائف رئيس الدولة، ولا تشكل جزءا من تلك المهام. وبناء على ذلك فقد قرر وزير الداخلية تسليمه إلى السلطات الإسبانية، ولكن لأسباب صحية تم إعادته إلى تشيلي لمتابعة قضيته أمام القضاء التشيلي.
[22]. راجع الفقرة الثالثة من صفحة (12) من البحث نفسه إلى ما قبل نهاية الصفحة (13) بفقرة واحدة، والتي تبدأ بـ ” أما بالنسبة لموقف المحكمة الجنائية الدولية من الجرائم الدولية الجسيمة فهو مزاجي وغير موضوعي، ولا يضمن ملاحقة كل مرتكبي الجرائم الدولية الجسيمة …”
[23]. وقد تتعقد المشكلة متى كان الشخص الذي يتمتع بالحصانة مزدوج الجنسية، أي يحمل جنسية دولة تمنحه حصانة معينة، ويتواجد على إقليم دولة أخرى يحمل جنسيتها من دون أن تمنحه أية حصانة. فهل يمكن للدولة التي يتواجد على إقليمها أن تتعاون مع المحكمة الدولية الجنائية مباشرة دون انتظار لحصول المحكمة على تعاون من جانب الدولة الأخرى التي يتمتع بجنسيتها الثانية وبما تمنحه له من حصانة؟
[24]. في 1 \7\2003 أعلنت أمريكا سحب المعونات العسكرية المقدمة إلى 35 دولة عضواً في قانون روما الأساسي رفضت التوقيع على اتفاقية الحصانة من العقاب معها، وفي 8 \12\ 2004 أعلنت سحبها المعونات الاقتصادية عن الدول التي أبقت على رفضها التوقيع على الاتفاقيات فعلاً.
[25]. تجدد الإقامة لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد، أو 5 سنوات بالنسبة للزوجة الأجنبية المتزوجة من أردني، أو 10 سنوات للأجنبي المقيم في الأردن بصورة مشروعة، ويستثنى من الإقامة الأشخاص الذين يحملون تأشيرات مرور أو حج أو سياحة ضمن المدة المسموح بها.
[26]. من الأمثلة على ذلك الأشخاص الوارد ذكرهم في المادتين (16 و29) قانون الإقامة، وهم الخبراء الأجانب المستخدمون من الشركات والهيئات الأردنية دون شرط الحصول على إقامة لمدة لا تزيد على 3 أشهر، ورجال السفن والطائرات القادمة إلى الأردن وركابها، ورؤساء الدول وأفراد أسرهم، وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي وأسرهم، ورعايا الدول المجاورة لأراضي المملكة الحاصلين على إجازة خاصة تدعى إجازة الحدود. ولا يمكن القول بأن التأشيرة تُعدّ بمنزلة إقامة وذلك لأنها إجراءات قانونية سابقة على الإقامة، فإذا رغب الأجنبي البقاء في الأردن لأكثر من أسبوعين فيجب عليه أن يتقدم إلى الجهات المختصة بطلب للحصول على إذن الإقامة، وهذا ما تؤكده المواد (8-22) قانون الإقامة وشؤون الأجانب.
[27]. تقول هذه القاعدة بأن لفظ الإقامة جاء ضيق؛ لأنه لا يشمل إلا المقيم بالصورة القانونية، وهذا لا يتفق مع المنطق ؛لأنه سيؤدي إلى إفلات المتواجد ماديا في الأردن من العقاب، لذا ينبغي توسيع هذا اللفظ والقول : بأن لفظ الإقامة الوارد في المادة (10\4) لا يقتصر على المقيم بالصورة القانونية بل يشمل التواجد المادي أيضا. وتقضي المادة (39) بأن الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة، ويجوز أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن.
[28]. ما يؤيد ذلك،أيضا، موقف محكمة النقض الفرنسية في قانون رقم 95ـ1 ورقم 96ـ432 لعام 1996.
[29]. Criminal Justice Act: A public official or person acting in an official capacity, whatever his nationality, commits the offence of torture if in the United Kingdom or elsewhere he intentionally inflicts …etc.. .
[30].§6: Das deutsche Strafrecht gilt weiter, unabhängig vom Recht des Tatorts, für folgende Taten, die…etc.;§7: Für andere Taten, die im Ausland begangen werden, gilt das deutsche Strafrecht, …, wenn der Täter im Inland betroffen, …etc.
[31]. “تسري أحكام هذا القانون على كل من وجد في العراق بعد أن أرتكب الجريمة…إلخ.
[32]. “تسري أحكام هذا القانون على كل من وجد في الدولة بعد أن ارتكب في الخارج، بوصفه فاعلاً أو شريكاً، أياً من جرائم، …إلخ”.
[33]. المادة (7) قانون العقاب على الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني البلجيكي لعام 1999، والمادة (23,4) قانون السلطة القضائية الإسباني لعام 1985، والمادة (7\5) قانون العقوبات الإيطالي، والمادة (9) قانون العقوبات البحريني رقم (15) لسنة 1976، وقانون جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية الكندي لعام 2000، وقانون اتفاقيات جنيف الأسترالي رقم (103) لسنة 1957 المعدل بقانون رقم (18) 2009.
[34]. كان قانون العقاب على الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني البلجيكي لعام 1993 المعدل عام 1999 قبل إلغائه ودمجه بنصوص قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية عام 2003 يشترط سابقا التواجد المادي، إلا أنه عاد عن ذلك وأصبح يشترط الإقامة.
[35]. Art. 698-11: Peut être poursuivie et jugée par les jurisdictions françaises toute personne qui reside habituellement sur le territoire de la République…etc.; Art. 689-1:”…, peut être poursuivie et jugée par les jurisdictions françaises, si elle se trouve en France, toute personne qui s’est rendue coupable hors du territoire de la République de l’une…etc.
[36]. ….., coupable à l’étranger de l’un des crimes relevant de la compétence de la Cour pénale internationale en application de la convention portant statut de la Cour pénale international signée à Rome le 18 juillet 1998..etc.; Art. 689-1: En savoir plus sur cet article…Modifié par Loi n°99-515 du 23 juin 1999 – art. 30 JORF 24 juin 1999, …., peut être poursuivie et jugée par les jurisdictions françaises, si elle se trouve en France, toute personne qui s’est rendue coupable hors du territoire de la République …etc.
[37]. أعدها نخبة من أساتذة القانون الجنائي الدولي والوطني في جامعة برنستون، وتهدف إلى الموازنة بين الاختصاص العالمي و حق المشتكى عليه في محاكمة عادلة.،على الرغم من أنها ليست من مصادر القانون الدولي، إلا أنه يمكن الاستئناس بها لتطوير قواعد القانون الجنائي الدولي.
“For purposes of these Principles, universal jurisdiction is criminal jurisdiction based solely on the nature of the crime, without regard to where the crime was committed, …etc.”
[38]. تسري الأحكام الواردة في هذا القانون بغض النظر عن مكان ارتكاب الجرائم إذا تواجد المتهم على إقليم الدولة بعد ارتكاب الجريمة.
[39]. تتخذ كل دولة طرف بالمثل ما يلزم من الإجراءات لإقامة ولايتها القضائية على هذه الجرائم في الحالات التي يكون فيها مرتكب الجريمة المزعوم موجودا في أي إقليم يخضع لولاياتها القضائية….إلخ.
[40]. مقرر هذا المبدأ في (17) من النظام الأساسي والتي تفيد بأن اختصاص المحكمة الجنائية بالملاحقة يأتي بعد امتناع الدول المختصة تقليديا وعالميا عن الملاحقة. إذا للمحكمة اختصاص تكميلي لا أصلي.
[41]. تقضي هذه المادة بأنه لا يجوز للمحكمة الجنائية الدولية نظر الجرائم الدولية الجسيمة طالما أنها منظورة من دولة مختصة تقليدا أو عالميا.
[42]. الجناية هي الفعل المعاقب عليه حسب المادة (14) قانون العقوبات الأردني بالإعدام، بالأشغال الشاقة المؤبدة، بالاعتقال المؤبد، بالأشغال الشاقة المؤقتة، بالاعتقال المؤقت. أما الجنحة، فهي المعاقب عليها حسب المادة (15) قانون العقوبات الأردني بالحبس من أسبوع إلى ثلاث سنوات، أو بالغرامة من 30 دينار إلى 200 دينار.
[43]. Das deutsche Strafrecht gilt für folgende Taten, die im Ausland begangen werden: Kernenergie-, Sprengstoff- und Strahlungsverbrechen, …, Angriffe auf den Luft- und Seeverkehr (§ 316c); Menschenhandel …, unbefugter Vertrieb von Betäubungsmitteln, …etc.
[44]. Peut être poursuivie et jugée par les jurisdictions françaises toute personne qui reside habituellement sur le territoire de la République et qui s’est rendue coupable à l’étranger de l’un des crimes relevant de la compétence de la Cour pénale internationale,…etc.
[45]. tout Belge ou toute personne ayant sa residence principale sur le territoire du Royaume] qui, hors du territoire du Royaume, se sera rendu coupable d’un fait qualifié crime ou délit par la loi belge pourra être poursuivi en Belgique si le fait est puni par la législation du pays où il a été commis .L 2003-08-05/32, art. 15, 016; En vigueur.
[46]. تقضي المادة (4) من اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لعام 1968 بأنه تتعهد الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بالقيام ووفقا للإجراءات الدستورية لكل منها باتخاذ أي تذكير تشريعي أو غير تشريعي لكفالة عدم سريان التقادم على الجرائم المشار إليها في المادتين الأولى والثانية من هذه الاتفاقية، سواء من حيث الملاحقة، أو من حيث المعاقبة.
[47]. على الرغم من أن المصطلح الوارد في المادة (41) وهو “أثناء نزاع مسلح” قد جاء بشكل عام، ومن ثم يشمل النزاع الدولي والداخلي، إلا أننا نقترح على مشرعنا أن يبين بصورة صريحة بأن النزاع الداخلي يصلح لقيام جرائم الحرب.
[48]. تقضي المادة (8\2\أ، ب) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأن كل الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف،وكل الانتهاكات الخطيرة للقوانين وللأعراف السارية على المنازعات الدولية، وكل الاعتداءات على الأشخاص أو على الممتلكات التي تحميهم اتفاقية جنيف تصلح لقيام جرائم الحرب. وتقرر لجنة خبراء الأمم المتحدة في يوغسلافيا السابقة بأن أي انتهاك جسيم لقوانين وأعراف الحرب يعتبر جريمة حرب. فمن خلال مصطلح “كل الانتهاكات الخطيرة…إلخ ومصطلح “أي انتهاك جسيم …” يمكن القول بأن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ولجنة خبراء الأمم المتحدة في يوغسلافيا السابقة لا تريد أن تحصر سلوكيات جرائم الحرب بعدد محدد من السلوكيات. Final Report of the Commission of Experts Established Pursuant to Security Council Resolution 780
[49]. 689-1: “…, peut être poursuivie et jugée par les juridictions françaises, si elle se trouve en France, toute personne qui s’est rendue coupable hors du territoire de la République…etc; 689-11: “Peut être poursuivie et jugée par les juridictions françaises toute personne qui réside habituellement sur le territoire de la République et qui s’est rendue coupable à l’étranger de l’un des crimes relevant de la competence…etc.
[50]. §6: Das deutsche Strafrecht gilt weiter, unabhängig vom Recht des Tatorts, für folgende Taten, die im Ausland begangen werden…etc.; §64: (1) Die österreichischen Strafgesetze gelten unabhängig von den Strafgesetzen des Tatorts für folgende im Ausland begangene Taten…etc. §7\2\2: …, gilt das deutsche Strafrecht, wenn die Tat am Tatort mit Strafe bedroht ist oder der Tatort keiner Strafgewalt unterliegt und wenn der Täter…etc.; §65\1: Strafbare Handlungen im Ausland, die nur bestraft werden, wenn sie nach den Gesetzen des Tatorts mit Strafe bedroht sind,..etc.
[51]. Es müsse »ausreichen, dass nachdem Tatortrecht überhaupt eine reaktionsbedrohte Normwidrigkeit vorliegt. «Im gleichen Sinne Woemer, Deutsch-deutsche Strafrechtskonflikte, ZRP 1976, 248-250 (250)»Mit dem klaren Hinweis auf die abstrakte Strafdrohung gibt der Gesetzgeber zu erkennen, dass es ihm nur auf die generelle Missbilligung des territorial zuständigen Gesetzgebers ankommt. Dieser muss das Verhalten allgemein als sanktionswürdiger achtet haben.«
[52]. Eser JZ 93, S.881ff; ebenso für Abs.2 Nr2 Düsseldorf MDR 92, S1161; Lagodny ZStW 101, S993; Schomburg/LagodnyStV 94, 395; Lemke NK 24, 16.
[53]. BGH NJW 1992, S.2775f.; JR 1994, S.161; and. Ohne aber zwischen den Alt. des §7 zu differenzieren BGH 2, S.161; GA 1976, S.242; KG JR 1988, S.346; NStZ 27ff., 177ff; So Bockelnsann/Volk, Strafrecht, Allgemeiner Teil, 4. Aufl. 1987, S. 22 ff.; Samson SK s 7 Rn. 2; Wie namentlich zu vermissen bei Baumann/Weber, Strafrecht Allgemeiner Teil (AT), 9. Aufl. 1985, S. 79f.; Blei, Strafrecht I, Allgemeiner Teil (AT),18. Aufl. 1983, S. 48 f.; A f aurachaipf, Strafrecht Allg. Teil, 8. Aufl.1992, S 11 Rn. 30; Otto, Grundkurs Strafrecht, Allgemeine Strafrechtslehre (AT), 3. Aufl.1988, S. 39f.; Schmidhituser, Strafrecht, Allgemeiner Teil, Lehrbuch (AT), 2. Aufl. 1975, S. 131 ff.; Stratenwerth, Strafrecht, Allgemeiner Teil I (AT), 3. Aufl.1981, S. 55 (vgl. Aber dazu auch unten Anm. 90). Wieneuerdings Roxin, Strafrecht, Allgemeiner Teil I, 1992.
[54]. BGH NJW 1992, S.2775f.; JR 1994, S.161; and. Ohne aberzwischen den Alt. des §7 zu differenzieren BGH 2, S.161; GA 1976, S.242; KG JR 1988, S.346; NStZ 27ff., 177ff.
[55]. Eser, in: Schönke/Schröder, S 7 Rn. 9.
[56]. Die Strafbarkeit entfällt jedoch: 1. wenn die Strafbarkeit der Tat nach den Gesetzen des Tatorts erloschen ist; 2. wenn der Täter von einem Gericht des Staates, in dem die Tat begangen worden ist, rechtskräftig freigesprochen oder sonst außer Verfolgung gesetzt worden ist; 3. wenn der Täter von einem ausländischen Gerichtrechtskräftig verurteilt und die Strafe ganz vollstreckt oder, soweit sie nicht vollstreckt wurde, erlassen worden oder ihre Vollstreckbarkeit nachdem ausländischen Rechtverjährtist; 4. solange die Vollstreckung der vomausländischen Gericht verhängten Strafe ganz oder teilweise ausgesetzt ist.
[57]. Die Strafe ist so zu bestimmen, daß der Täter in der Gesamtauswirkung nicht ungünstiger gestellt ist als nach dem Gesetz des Tatorts.
[58]. vgl.§§ 3 II, 6 I, 7 IRG.Gesetzüber die international Rechtshilfe in Strafsachen. Neugefasst durch B. v. 27.06.1994 BGBl. I S. 1537; zuletzt geändert durch Artikel 1 G. v. 18.10.2010 BGBl. I S. 1408; Geltung ab 01.07.1983 FNA: 319-87; 3 Rechtspflege 31 Verfahren vor den ordentlichen Gerichten 319.
[59]. تم عقد هذه الاتفاقية في 14\9\1952، وتم التوقيع عليها من قبل الأردن في 17\2\1953.
[60]. صادقت الأردن على اتفاقية الرياض في (17/1/1986)، حيث تقضي هذه الاتفاقية في المادة (41) منها بعدم جواز التسليم في الجرائم السياسية أو في العسكرية وغيرها.
[61]. Bundesgesetz vom 4. Dezember 1979 über die Auslieferung und die Rechtshilfe in Strafsachen, Auslieferungs- und Rechtshilfegesetz – ARHG) StF: BGBl. Nr. 529/1979 (NR: GP XV RV 4 AB 144 S. 13. BR: 2041 AB 2050 S. 390.
[62]. seit 1.7.1983 nachdem IRG v. 23.12.1982, BGH1. I 2071.Vgl. BGH 18, 286.
[63].Gesetz über die international Rechtshilfe in Strafsachen. Fassung vom 20.07.2006, gültig ab 02.08.2006.
[64]. SchwaighoferSbgK § 64 Rz 40 ff, Höpfel/Kathrein WK2 § 64 Rz 8a.
[65]. لم توقع الأردن على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة للمفوضين بشأن اللاجئين وعديمي الجنسية. تم اعتماد هذه الاتفاقية من قبل مؤتمر المفوضين في الأمم المتحدة بشأن وضع اللاجئين والأشخاص الذين لا وطن لهم، والذي انعقد في جنيف 2ـ25 \7\ 1951. وقد انعقد تبعا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم429 (V1)المؤرخ في 14 \12\ 1950.
[66]. تضر الجريمة بمصالح الأردن حسب المادة (9) قانون العقوبات إذا مست الجريمة أمن الدولة،أو ختمها،أو نقودها،أو أوراق النقد أو السندات المصرفية الأردنية أو الأجنبية المتداولة قانونا أو تعاملا في الأردن.
[67]. تقضي المادة (8) ترفع طلبات التسليم بشأن المجرمين الفارين من رعايا الدولة الأجنبية والموجودين في شرقي الأردن أو المشتبه بوجودهم فيها إلى المندوب السامي قبل الوكيل السياسي لتلك الدولة، والمندوب السامي يرفعها إلى سمو الأمير المعظم الذي يجوز له أن يأمر قاضي الصلح بإصدار أمر بالقبض على ذلك المجرم وفاقا للطلب المرفوع إليه. ويجوز لسمو الأمير المعظم إذا رأى أن الجريمة ذات صبغة سياسية أن يرفض إصدار ذلك الأمر إذا رأى ذلك مناسباً، كما يجوز له أيضا في كل وقت أن يأمر بإخلاء سبيل المجرم الفار، سواء أكان متهما بتلك الجريمة أو محكوما عليه بها.
[68]. تنص المادة (9) قانون تسليم المجرمين العماني على أنه “لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي للشخص المطلوب تسليمه على شهرين ويخلى سبيله بعدها إذا لم يصل خلالها ملف طلب تسليمه.
[69]. يطبق هذا النظام في كل من فرنسا وايطاليا وأمريكا ولبنان وبلجيكا وسويسرا والسويد، وفي فرنسا ينعقد الاختصاص بنظر طلبات التسليم إلى غرفة الاتهام لدى محكمة الاستئناف في باريس. ويترتب على عدم الاستجواب بطلان قرار التسليم وإلغائه. ويلاحظ أن هذا النظام ليس قضائيا خالصا، حيث لا يمكن إنكار دور السلطة التنفيذية، ولهذا يطلق عليه البعض اسم النظام المختلط، ويرجع سبب إعطاء هذا الحق لمحكمة الاستئناف دون غيرها وذلك لرتبة القضاء، وتعددهم، ولأن قراراتها تصدر بالإجماع أو بالأكثرية، ولأن أحكامها تخضع للطعن أمام التمييز الأعلى درجة
[70]. Merle et Vitu, problems gènèraux, nº 319, p.427; V. Cass.Crim.12 mars 1991, D. 1992, p.89; Juillet 1987, B.C. nº 292; 237ºV. Cass. Crim. 31 mai 1988, B.C. n.
[71].أحمد بخيت الشنفري، التعاون الدولي في مجال تسليم المجرمين، بحث منشور في مجلة الأمانة الدورية، مجمع البحوث والدراسات بأكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة، العدد 16، يناير، ص155.
[72]. تم عقد هذه الاتفاقية في 14\9\1952، وتم التوقيع عليها من قبل الأردن في 17\2\1953.
[73]. على الرغم من أنه مفهوم ضمنيا بأن النص الدولي يغلب على النصوص الداخلية إلا أنه لا بد من الإشارة إلى ذلك بصورة صريحة، ما يؤيد ذلك المادة (25) من الدستور الألماني لعام 1949 والمادتان (54، 55) من الدستور الفرنسي لعام 1958، والمادة (151) من الدستور المصري واللواتي تعرضن لهذه المسألة وبينا بصورة صريحة موقف الاتفاقيات الدولية من النصوص الداخلية. ولا ينتقص من قيمة هذا الانتقاد القول بأن محكمة التمييز الأردنية قد غلبت الاتفاقيات الدولية على القوانين الداخلية تمييز حقوق رقم: 12 / 1970 مجلة نقابة المحامين لسنة 1970 صفحة 222 (بشأن اتفاقية بروكسل للحجز على السفن لعام 1952)، وذلك لأنها سلطة قضائية لا تشريعية ولأن قراراتها غير ملزمة وتؤخذ في بعض الأحيان بالأغلبية لا بالإجماع. كذلك الأمر بالنسبة للمادة (24) من القانون المدني الأردني التي تقضي بعدم سريان القوانين الداخلية السابقة الذكر عليها إذا وجد نص في قانون خاص أو في معاهدة دولية نافذة في الأردن يتعارض معها، وذلك لأن هذه المادة جاءت خاصة بموضوع معين وهو التطبيق المكاني للقانون المدني ولم تأت بشكل عام.
[74]. ولا تنتقص المادة (58) قانون العقوبات من هذا الاقتراح، والتي تقضي بأن الفعل الواحد لا يلاحق إلا مرة واحدة وذلك لأنها تنظم السلوكيات التي ترتكب داخل الإقليم الأردني
[75]. تقضي المادة (12) بعدم جواز ملاحقة الأجنبي مرة أخرى في الأردن إذا جرت محاكمته نهائيا في الخارج، كذلك الأمر تقضي المادة (58) من القانون نفسه بعدم جواز محاكمة الشخص عن الفعل مرتين.
[76]. تقضي المادة (12) فيما خلا الجنايات المنصوص عليها في المادة (9) والجرائم التي ارتكبت في المملكة، لا يلاحق في هذه المملكة أردني أو أجنبي إذا كان قد جرت محاكمته نهائياً في الخارج، وفي حالة الحكم عليه : إذا كان الحكم قد نفذ فيه أو سقط عنه بالتقادم أو بالعفو. تقضي المادة (13) قانون العقوبــات الأردني:1. لا تحول دون الملاحقة في المملكة: أ- الأحكام الصادرة في الخارج في أية جريمة من الجرائم المبينة في المادة (9). ب. الأحكام الصادرة في الخارج في أية جريمة اقترفت داخل المملكة. 2. وفي كلتا الحالتين تمتنع الملاحقة في المملكة إذا كان حكم القضاء الأجنبي قد صدر على أثر إخبار رسمي من السلطات الأردنية. 3. إن مدة القبض والتوقيف والحكم التي يكون قد قضاها المحكوم عليه نتيجة إجراء ضابطة عدلية،أو إجراء قضائي، أو حكم نفذ فيه في الخارج تنزل من أصل المدة التي حكم عليه بها في المملكة.
[77]. على النقيض من ذلك لا تجيز المادة (13) المعدلة بموجب قانون الإجراءات الجنائية البلجيكي عام 2003 إلى بلجيكا إجراء في حال صدور حكم بالعفو صادر عن محكمة وطنية لدولة أخرى.
[78]. على الرغم من جودة هاتين المادتين إلا انه نقترح على مشرعنا أن يعدلهما، وأن يقضي بحسم تلك المدد من أصل المدة التي ستنفذ في الأردن وليس من أصل المدة التي يحكم بها في الأردن، وذلك لأن هذا الأمر سيخفف العقوبة أكثر وسيتفق مع إرادة المشرع. لتوضيح ذلك فلا بد من التعرض لهذا المثال، هرب أجنبي بعد مضي سنة على عقوبته في الخارج فقامت الأردن بملاحقته والحكم عليه بالاعتقال لمدة (20) سنة. في حال تطبيق نص المادة (13\3) والتي تقضي بحسم المدة المنفذة في الخارج من المدة التي سيحكم بها في الأردن، ففي هذه الحالة سنحسم مدة السنة التي أمضاها في الخارج من مدة العشرين سنة فستصبح (19) سنة، إذا طبقنا المادة (34) قانون مراكز الإصلاح والتأهيل الأردني رقم (40) لسنة 2001 والتي تجيز لمراكز الإصلاح والتأهيل الإفراج عن المحكوم عليه إذا قضى ثلاثة أرباع مدة محكوميته على مدة ألـ (19) سنة فستصبح الحسبة على النحو التالي: 3 ضرب 19 تقسيم 4 وتساوي 14،25 سنة. أما إذا خصمنا مدة العقوبة المنفذة في الخارج وهي السنة من مدة العقوبة المنفذة في الأردن كما هو مقترح فستكون الحسبة على النحو التالي: 3 ضرب 20 تقسيم 4 وتساوي 15 سنة. عند خصم مدة العقوبة المنفذة في الخارج وهي السنة من المدة المنفذة في الداخل فستصبح 15-1= 14 وهي أقل من14,25. كذلك الأمر بالنسبة لمدد التوقيف والقبض.
[79]. للأردن في هذه الملاحقة حسب قوانينها الداخلية ولا تلتزم بنظر القضية حسب النص المشابه لنص الدولة التي وقعت الجريمة في إقليمها. BGH, NJW, 1997, S.334
[80]. Datum des Gesetzes: 9. Dezember 1975, Inkrafttretensdatum: 31. Dezember 1975, Letzte Änderung: BGBl. I Nr. 103/2011 Inkrafttretensdatum: 1. Jänner 2012.
[81]. Ursprüngliche Fassung vom: 1. Februar 1877 (RGBl. 1877 S. 253); Inkrafttreten am: 1. Oktober 1879; Neubekanntmachung vom: 7. April 1987 (BGBl. I S. 1074, ber. S. 1319); Letzt eÄnderung durch: Art. 2 G vom 21.Juli 2012 (BGBl. I S. 1566, 1567); Inkrafttreten der letztenÄnderung:26. Juli 2012 (Art. 10 G vom 21.Juli 2012); Cherif Bassiouni, Edward Wise, “Autdedereautjudicare: the duty to extradite or prosecute in international law” Dordrecht, Martinus Nijhoff Publishers, 1995, p. 3.
[82]. ففي القضية السنغالية المرفوعة على حسين حبري، أقام سبعة من الضحايا التشاديين، والأرملة الفرنسية لمواطن تشادي، ورابطة الضحايا التشادية، دعواهم باعتبارهم أطرافاً مدنية. أما القضية الإسبانية المرفوعة على بينوشيه فقد اتخذت شكل الدعوى الشعبية، وهو شكل إجرائي يسمح لأي من المواطنين الأسبان بإقامة دعوى جنائية خاصة في حالات تمس المصلحة العامة، بغض النظر عما إذا كانت قد عادت بالضرر على أحدهم شخصياً أم لا.
[83]. تكون الدولة حسب (17\2و3) النظام الأساسي غير راغبة أو قادرة على الملاحقة إذا كان القرار قد اتخذ بغرض حماية الشخص من المسؤولية الجنائية، أو إذا حدث تأخير لا مبرر له في الإجراءات، أو إذا لم تباشر الإجراءات أو لا تجري مباشرتها بشكل مستقل،أو نزيه، أو بوشرت أو تجري مباشرتها على نحو لا يتفق في هذه الظروف مع نية تقديم الشخص المعني للعدالة. وتكون الدولة غير قادرة على الملاحقة إذا انهار نظامها القضائي الوطني بشكل كلي أو جوهري، أو إذا كان المتهم غير متواجد فيها، أو إذا كانت غير قادرة على الحصول على الأدلة والشهادة الضرورية، أو إذا كانت غير قادرة لسبب آخر على الاضطلاع بإجراءاتها. يجوز للأردن وللمتهم نفسه حسب المادة (19\2\ا،ب) الطعن في عدم اختصاص المحكمة مع مراعاة الفقرة الرابعة من المادة نفسها.
[84]. حفظ الأوراق من الإجراءات القانونية المقررة في المادة (61) قانون الإجراءات الجنائية المصري رقم (150) لسنة 1950 ويعني منع الاستمرار بالدعوى الجزائية لعدم الجريمة، أو لانقضاء الدعوى العمومية، أو لامتناع العقاب، أو لامتناع المسؤولية، أو لعدم تقديم شكوى، أو إذن أو طلب، لعدم معرفة الفاعل بعد التحري وتحريك الدعوى ضد مجهول، لعدم توافر الأدلة، أو لعدم الأهمية كأن يكون الضرر بسيطاً أو تافه أو لتصالح الخصوم.
المراجع:
أولا: المراجع العربية
أبو عامر، محمد زكي، قانون العقوبات القسم العام، الدار الجامعية للنشر والتوزيع، بيروت 1990، ص 57.
أبو الوفاء، أحمد، الوسيط في القانون الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة 2002، ص
إسماعيل، عبد الجابر، محاضرات في تسليم المجرمين، أكاديمية الشرطة الملكية، عمان طبعة غير مؤرخة، ص
الحديثي، فخري عبد الرزاق؛ الزعبي، خالد حميدي، شرح قانون العقوبات، القسم العام، عمان، دار الثقافة، 2009، ص 81 وما بعدها.
الحلبي، محمد علي السالم عياد، شرح قانون العقوبات القسم العام، عمان، دار الثقافة، 1997، ص 79 وما بعدها.
الداوودي، غالب، القانون الدولي الخاص الأردني، الكتاب الثاني في الجنسية، دار وائل للطباعة والنشر والتوزيع، 1998، ص
راشد، علي، القانون الجنائي، المدخل وأصول النظرية العامة، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة 1974، ص 195 وما بعدها.
الروبي، سراج الدين محمد، الأنتربول وملاحقة المجرمين، دار المصرية اللبنانية 1998، ص 13، 22، 23.
سراج، عبد الفتاح محمد، مبدأ التكامل في القضاء الجنائي الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى 2001، ص 37-41.
سراج، عبد الفتاح محمد، النظرية العامة لتسليم المجرمين، دار النهضة العربية، القاهرة 2003، ص37-41، 228.
سرور، أحمد فتحي، أصول قانون العقوبات، القسم العام، النظرية العامة للجريمة، النظرية العامة، دار النهضة العربية، القاهرة 1972، ص
سرور، طارق، الاختصاص الجنائي العالمي، دار النهضة العربية، القاهرة 2006، ص 211، 249.
السعيد، كامل، شرح الأحكام العامة في قانون العقوبات، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 2002، ص
السعيد، كامل، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، دار الثقافة 2008 عمان، ص. 572-574.
السعيد، مصطفى السعيد، الأحكام العامة في قانون العقوبات، المطبعة العالمية، القاهرة 1952، ص 114-116.
سوليرا، أوسكار، الاختصاص القضائي التكميلي والقضاء الجنائي الذاتي، المجلة الدولية للصليب الأحمر، 2002، ص166.
الشنفري، أحمد بخيت، التعاون الدولي في مجال تسليم المجرمين، بحث منشور في مجلة الأمانة الدورية، مجمع البحوث والدراسات بأكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة، العدد 16، يناير، ص 155.
شهاب، مفيد، المنظمات الدولية، دار النهضة العربية، الطبعة العاشرة، القاهرة 1990، ص 280.
الصاوي، محمد منصور، أحكام القانون الدولي المتعلقة بمكافحة الجرائم ذات الطبيعة الدولية، دار المطبوعات الجامعية، ص2 2 تابع.
عبد المنعم، سليمان، دروس في القانون الجنائي الدولي، دار الجامعة الجديدة للنشر،2000، ص 77.
عبد المنعم، سليمان، دروس في القانون الجنائي الدولي، انعكاسات ظاهرة العولمة على القانون الجنائي الوطني، دار الجامعة الجديدة للنشر، 2000، ص .100
عبيد، حسنين، الجريمة الدولية، دراسة تحليلية تطبيقية، دار النهضة العربية، 1999، ص 6.
عوض، محي الدين، دراسات في القانون الدولي الجنائي، مجلة الاقتصاد والقانون، القاهرة، العدد الثالث، 1965، ص 362.
الفاضل، محمد، محاضرات في تسليم المجرمين، جامعة الدول العربية، معهد الدراسات العربية العالمية، 1966، ص
المجالي، قانون العقوبات، القسم العام، دراسة تحليلية في النظرية العامة للجريمة والمسؤولية الجزائية، دار الثقافة، 2005، ص 128 وما بعدها.
محمود، ضاري خليل، تعليق على اجتهاد قضائي للمحكمة العليا الأسترالية، مجلة دراسات قانونية العدد الثاني، بيت الحكمة، بغداد 2000، ص100 .
المحيسن، أسامة بن ائل؛ الشيدي، محمد بن درويش، القوانين المكملة (1)، مجمع البحوث والدراسات بأكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة، 2002، ص 40،
مدني، أمين مكي، المسؤولية الشخصية الجنائية الدولية، بحث مقدم إلى الندوة العربية الدولية حول المحكمة الجنائية الدولية، عمان – الأردن، للفترة من 18 / 21 / ك1 /2000 ص 7.
المشهداني، محمد أحمد، الوسيط في شرح قانون العقوبات، عمان، الطبعة الأولى، الوراق، 2003، ص 69.
المصري، محمد وليد، الوجيز في شرح القانون الدولي الخاص، دراسة مقارنة للتشريعات العربية والقانون الفرنسي، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 2009.
مصطفى، محمود محمود، أصول قانون العقوبات في الدول العربية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة 1970، ص 136.
الملاح، محمد بخيت، الإدمان على المخدرات، رسالة دكتوراه مقدمة لكلية الحقوق، الجامعة المصرية 1938، ص 240.
القطيفي، عبد الحسين، القانون الدولي العام، الجزء الأول، مطبعة العاني، بغداد 1970، ص .153
الوكيل، شمس الدين، الجنسية ومركز الأجانب، دار المعارف، مصر
المراجع الأجنبية:
Baumann/Weber, Strafrecht Allgemeiner Teil (AT), 9, Aufl. 1985, 79 f.
Blei, Strafrecht I, Allgemeiner Teil (AT),18., Aufl. 1983, S. 48 f.
Bloy (JA), juristische Arbeitsblätter, 1977, S. 135.
Bockelnsann/Volk, Strafrecht, Allgemeiner Teil, 4., Aufl. 1987, 22 ff.
Bouzat,V.P., “La repression de la traite des femmes et des enfants et la lute contre le trafic des stupifiants”. I.D.P. 1939, p.4 et.
Chevigny, Paul, The Limitations of Universal Jurisdiction, Global policy forum, Internet Source accessed on 2 February 2009, March 2006, Page 1, at: http\\www.globalpolicy.org\opinion\2006\03universal.htm; Murschetz, Auslieferung 31 mwN; Höpfel/Kathrein WK2 § 64 Rz 7.
C Lombois, Droitdènal international, Dolloz, Paris, 1971, p.19.
De Vabres, Donnedieu V., Traité élémentaire de droit criminel crimireet de législation pénale comparé, nº1735, 1947, 968.
Eser (JZ), juristenzeitung, 1993, 881ff.
Eser,(MDR), Monatsschrift für deutsches Rechts, 1992, S1161.
Inazumi, Mitsue, Universal Jurisdiction in Modern International law, expansion of National Jurisdiction for Prosecuting Serious Crimes under International Law” oxford, intersentia, 2004, p.53.
Magnol, G Vidal, Crurs de droit criminel et de science pénitentiaire,80 édit., A. Rousseau- Paris, 1935, p.1071.
Lagodny; Pappas, (JR), juristische Rundschau, 1994, S. 162.
Macedo, Stephen, Universal Jurisdiction: National Courts and the prosecution of Serious Crimes Under International Law, Philadelphia University of Pennsylvania, Press 2004, 99.
MitsueInazumi, “Universal Jurisdiction in Modern International law: Expansion Of National Jurisdiction for Prosecuting Serious Crimes under International Law” oxford, intersentia: 2004, p. 53.
Oehler, (JR), juristische Rundschau, 1977, S. 425
Oehler, (JZ), juristenzeitung, 1964, S. 383.
Oehler; Samson, in, Systematischer Kommentar (SK), 4 7, 1988, Rn. 2.
Keefe, , Roger, the Grave Breaches Regime and Universal Jurisdiction, Journal of international criminal justice vol. 7, 2009, P. 785, 813.
Otto, Grundkurs Strafrecht, Allgemeine Strafrechtslehre (AT), 3., Aufl. 1988, 39f..
Randall, Keneth, Universal Jurisdiction under International Law, Journal of taxes Law review, vol. 66, 1988, p.785-841.
Reydams, Luc, “Universal Jurisdiction: International and Municipal Legal Perspectives” Oxford, Oxford University, Press: 2003, P.4, 143.
Roxin, Strafrecht, Allgemeiner Teil I. 1992.
Schmidhituser, Strafrecht, Allgemeiner Teil, Lehrbuch (AT), 2., Aufl. 1975, S. 131 ff.
Schomburg/Lagodny, (StV), Strafverteidiger, 1994, S.395.
Schroth (NJW), Neue juristische Wochenschrift, 1981, S.500.
Schröder (JZ), juristenzeitung, 1968, S.243.
Stratenwerth, Strafrecht, Allgemeiner Teil I (AT), 3., Aufl.1981, S. 55.
Tröndle, Leipziger Kommentar zum StGB (LK), 10., Aufl. 1985, S. 7 Kn. 4 f.
Tröndle, Straßenverkehrsgefährdung auf Transitstrassen nach Berlin (West) straflos?, (JR), juristische Rundschau, 1977, 1-4 (2).
Vogler, Deutsches Autorecht, (DAR) 1982, S. 74.
Wessels, Strafrecht, Allgemeiner Teil (AT), 22., Aufl. 1992, S. 16.
Woemer, Deutsch-deutsche Strafrechtskonflikte, (ZRP), Zeitschrift für Rechtspolitik, 1976, 248-250 (250).
مأمون أبو زيتون