القضاء التجاري / تعويض تعويض عن سجن
رقم القضية ٢٢٥٢ /١ / ق لعام ١٤٢٤هـ
رقم الحكم الابتدائي ٢٧ /د/ف /٤ لعام ١٤٢٥ هـ
رقم حكم هيئة التدقيق ٣٠٧ /ت /١ لعام ١٤٢٥هـ
تاريخ الجلسة 6/11/١٤٢٥هـ
الموضوعات
تعويض – تعويض عن سجن – الاتهام في عدة جرائم خطيرة – اختصاص الجهة التي باشرت التحقيق نظاما – التقيد بالمدة النظامية للتحقيق في كل جريمة على حدة – إقرار.
مطالبة المدعي إلزام المدعى عليها تعويضه لقاء سجنه مدة سبعة أشهر ونصف – الثابت أن إيقاف المدعي كان بناء على بلاغ من مؤسسة النقد العربي السعودي الذي أشارت فيه إلى بلاغ شركة مصرفية حول عملية مالية مشكوك فيها تدار بين المدعي والمشتركين معه حول بيع دولارات أمريكية مزيفة، وقد أقر المدعي بتلقيه اتصالا هاتفيا من أحد المتهمين بشأن شراء الدولارات – تعدد أشخاص القضية وتسلسل العملية من شخص لآخر أدى إلى استغراق الجهة تلك المدة في البحث والتحقيق، وذلك لضخامة المبالغ التي تضفي على مثل تلك العمليات الكثير من الشك من جرائم غسيل أموال وتزييف عملات ونصب واحتيال وكلها جرائم خطيرة، الأمر الذي لا تكون معه الجهة مخطئة في إيقاف المدعي الفترة المشار إليها لاسيما وأن تلك المدة لا تزيد عن المدة النظامية للتحقيق التي تضمنتها المادة (١١٤) من نظام الإجراءات الجزائية – اختصاص المدعى عليها التي تولت التحقيق مع المدعي بمباشرته استنادا للأمر السامي البرقي رقم (٤/ب /٣١٧٨٦) وتاريخ 2/7/1٤٢٤ الذي نص على أن تقوم الجهات الأمنية بتطبيق أحكام نظام الإجراءات الجزائية في المهام التي لم تباشرها الهيئة – زيادة مدة سجن المدعي عن المدة النظامية المشار إليها بسبب تولي جهة أخرى وهي هيئة الرقابة والتحقيق سجن المدعي للتحقيق معه في قضية أخرى تتعلق بتزييف عملة – أثر ذلك: رفض الدعوى.
الوقائع
تتلخص وقائع الدعوى في أن المدعي تقدم باستدعاء إلى ديوان المظالم طلب فيه الحكم بتعويضه عن مدة سجنه لمدة سبعة أشهر ونصف بدون ذنب مع أن المدعى عليها قامت بتفتيش سيارته ومنزله، وذكر أنه أوقف بتاريخ 19/5/١٤٢٣هـ لدى المدعى عليها لمدة ثمانية أيام، ثم في 26/5/1٤٢٣هـ نقل إلى جدة وبقي لدى المدعى عليها هناك لمدة ستة عشر يوما، ثم حول إلى سجن إصلاحية ريمان في 12/6/١٤٢٣هـ ومكث هناك لأكثر من ستة أشهر لم يسأله خلالها أحد، وأنه عرف فيما بعد أن التهمة الموجهة له هي محاولة بيع دولار بسعر أقل وأنه عندما قررت هيئة الرقابة والتحقيق إطلاق سراحه لعدم إدانته بعثت للمدعى عليها لإطلاق سراحه إلا أنهم رفضوا استقباله، ثم بعث للمباحث الجنائية قسم التزييف والتزوير وأطلق سراحه من هناك بكفالة حضورية تعريف من كفيله شركة (…) المصرفية للاستثمار، وذكر أنه تضرر من ذلك هو وعائلته وأنه كان مريضا هو وعائلته التي بقيت بدون نفقة ورعاية لأن راتبه أوقف من شركة (…) ثم فصل منها بسبب السجن وتراكمت عليه الديون، وبعد أن تم قيد الاستدعاء قضية وإحالتها لهذه الدائرة نظرتها على النحو الوارد بدفتر ضبط القضية حيث حددت لها عدة جلسات تخلفت فيها المدعى عليها وكانت في كل جلسة تطلب التأجيل. وبجلسة الأربعاء 16/3/١٤٢٥هـ حضر عن المدعى عليها ممثلاها المستشاران بوزارة الداخلية (…) و(…) بموجب خطاب التكليف رقم (16/٢٥٩٢٨) وتاريخ 16/3/١٤٢٥هـ الصادر من وكيل وزارة الداخلية وقد قدما مذكرة جاء فيها أن المدعى عليها تلقت اتصالا هاتفيا من مدير إدارة تفتيش البنوك بمؤسسة النقد العربي السعودي بشأن توفر معلومات تلقتها المؤسسة من شركة (…) المصرفية للاستثمار حول عملية مالية مشكوك فيها تدار بين المدعي والمشتركين معه في العملية حول بيع دولارات أمريكية بأسعار مخفضة وبمقابل مبالغ مالية للقائمين بذلك، وأنه نظرا للظروف الراهنة ولتفشي ظاهرة الإرهاب التي تعاني منها الكثير من دول العالم وفي مقدمتها المملكة، فقد قامت المدعى عليها بالتحري عن الموضوع ومتابعة الأشخاص المعنيين ثم الرفع لمقام وزارة الداخلية عن الموضوع بالخطاب رقم (م/ب /61/٥٢١٥س) في 11/5/١٤٢٣هـ وبطلب إحالة الموضوع إلى الجهات المختصة بالأمن العام لكون العملية لا زالت في مفاوضات بين المدعي وأطراف العملية الآخرين ولم يتكشف منها شيء يستدعي القبض على المذكورين. وصدر أمر سمو نائب وزير الداخلية شرحا على الخطاب المشار إليه في الفقرة السابقة مما نصه (الأفضل يقبض عليهم ويحقق معهم أوليا من المباحث ثم تحال للجهة المختصة بالأمن العام لأن ظروف الحوالات معلوم حساسيتها هذه الأيام ولابد من أن تتولاها المباحث) فتم القبض على المدعي وتم إيقافه لدى فرع الجهة المدعى عليها بمنطقة الرياض في 19/5/١٤٢٣هـ بتهمة التوسط في بيع دولارات أمريكية مقابل مبالغ مالية من وراء ذلك على سبيل الرشوة، ثم أحيل إلى رفع الجهة المدعى عليها بمنطقة مكة المكرمة في 26/5/١٤٢٣هـ لحدوث الواقعة في محافظة جدة فرع مؤسسة (…) عمارة (…). وقد تم التحقيق معه من قبل فرع الجهة المدعى عليها بمنطقة مكة المكرمة، وانتهى إلى ثبوت الواقعة (المنسوبة) إليه باعترافه بالتوسط ومحاولة بيع دولارات لشركة (…) لصالح المدعو (…) نظير حصوله على مبلغ مالي قدره اثنان وأربعون ألف ريال، وقد صادق على اعترافه شرعا بتاريخ 9/6/١٤٢٣هـ. ولأن الجهة المدعى عليها لم تكن الطرف الوحيد في معالجة القضية بل معها كل من شرطة جدة وفرع هيئة الرقابة والتحقيق بجدة، لذا أحيلت قضية المدعي وزملائه إلى شرطة محافظة جدة بالخطاب رقم (٢١٢٠) في 16/7/١٤٢٣هـ لمعالجتها حسب الاختصاص نظرا لما تنطوي عليه القضية من نصب واحتيال ومحاولة بيع دولارات أمريكية والتعامل في شراء وبيع عملات بحرينية وكويتية ممنوع تداولها. وقد تم استيفاء التحقيق في القضية من قبل شرطة محافظة جدة وتم رفعها إلى صاحب السمو الملكي محافظ جدة بخطابها رقم (٢٦٩٥/20/39) وتاريخ ٨/٨/1٤٢٣هـ وأعيدت كامل الأوراق إلى شرطة محافظة جدة بموجب خطاب وكيل المحافظة رقم (٨٣٨٢٠/ج /ع) وتاريخ 13/10/١٤٢٣هـ المتضمن إحالتها إلى فرع هيئة الرقابة والتحقيق لإجراء المقتضى النظامي كالمتبع. فأحيلت الأوراق من شر جدة إلى فرع هيئة الرقابة والتحقيق بالمحافظة بالخطاب رقم (٣٥٥١/ ٢٠/ ١/ ٢٩) في 9/11/١٤٢٣هـ لإكمال اللازم حسب الاختصاص وقد ورد خطاب فرع هيئة الرقابة والتحقيق بجدة رقم (١٤/ ١٠٩٣) في ١٨/٣/1٤٢٤هـ متضمنا ثبوت الاتهام بحق اثنين من أطراف القضية وحفظ الاتهام بحق سبعة أشخاص آخرين من ضمنهم المدعي لعدم كفاية الأدلة، وقد تم إطلاق سراح المذكور من قبل شرطة جدة لكونها الجهة التي انتقل إليها معالجة الموضوع من حيث التحقيق مع كامل الأطراف وإحالته إلى هيئة الرقابة والتحقيق ومتابعة قضيتهم أمام ديوان المظالم. وأشار ممثلا المدعى عليها إلى أن مدة إيقاف المدعي لدى المدعى عليها هي شهر وسبعة وعشرون يوما فقط من 19/5/١٤٢٣هـ إلى 16/7/١٤٢٣هـ، وهو تاريخ إحالة القضية إلى شرطة جدة. أما عن مطالبته بالتعويض فإن إيقافه لم يكن نتيجة اتهامه كيدا وإنما كان ذلك بعد اتخاذ الإجراءات الضبطية اللازمة في مثل هذه القضايا ولم يثبت أن هناك خطأ حصل من المدعى عليها لسلامة الإجراءات المتخذة معه ولأنه لم يوقف لديها إلا شهرا وسبعة وعشرين يوما وإن تفتيشه وتفتيش سيارته ومنزله كان متوافقا مع نظام الإجراءات الجزائية في مواده (٤٢) و (٨٠) و (٨١) وأن ادعاءه بعدم تمكينه من الاتصال بآخرين أو الاتصال به أو السؤال عنه أو زيارته كان أيضا متوافقا مع نص المادة (١١٩) من النظام والتي نصت على أنه للمحقق – في كل الأحوال – أن يأمر بعدم اتصال المتهم بغيره من المسجونين أو الموقوفين وألا يزوره أحد لمدة لا تزيد على ستين يوما إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك دون الإخلال بحق المتهم في الاتصال بوكيله أو محاميه مع أنه لم يتم منعه من ذلك من قبل المدعى عليها، أما في فترة معالجة القضية من قبل شرطة محافظة جدة أو فرع هيئة الرقابة والتحقيق فلا يعلم عما إذا تم تمكينه من ذلك أم لا لأنه خارج عن اختصاص المدعى عليها، وأضاف ممثلا المدعى عليها أن الموضوع الذي أوقف المدعي من أجله لدى المدعى عليها موضوع سري خاصة في بدايته تمشيا مع توجيهات وزارة الداخلية وما اتخذ منها من اجراءات كانت سرية أيضا الأمر الذي قد يؤدي كشفه إلى عدم تحقيق المصلحة العامة، كما أن توقيفه لدى المدعى عليها لم يتجاوز شهرا وسبعة وعشرين يوما، وهو يتفق مع ما تضمنته المادة (الرابعة عشرة بعد المائة) من نظام الإجراءات الجزائية، وأن القضية عولجت من جهتين أخريين هما شرطة محافظة جدة وفرع هيئة الرقابة والتحقيق بجدة، واختتم ممثلا المدعى عليها مذكرتهما بطلب رفض الدعوى. وقد عقب المدعي بمذكرة جاء فيها أن ممثلي المدعى عليها عللا القبض عليه بظاهرة الإرهاب وهذا غير صحيح لأن القبض عليه تم في 19/5/1٤٢٣هـ وظاهرة الإرهاب لم تكن معروفة في المملكة في ذلك الوقت وليس له علاقة بها وأن الإجراءات التي تمت معه من حيث التحقيق والتفتيش تمت بالمخالفة لنظام الإجراءات الجزائية في مادته الرابعة والثلاثين التي تلزم جهة التحقيق باستجواب المتهم خلال أربعة وعشرين ساعة وكذا في مادته (١٠١) التي تلزم المحقق بإحاطة المتهم علما بالتهمة المنسوبة إليه وكذا مخالفة أحكام الفصل الرابع منه المتعلقة بالتفتيش، وأن ما ذكره ممثلا المدعى عليها من إرجاع باقي المدة إلى جهات أخرى لا يعفيها من المسؤولية عن توقيفه من تاريخ القبض وحتى تاريخ الإفراج لأنها هي التي باشرت القبض ومددت إيقافه دون أخذ إذن من هيئة التحقيق والادعاء العام وأن الإقرار الخطي الموقع منه جاء تحت الضغط والإكراه النفسي والبدني وبعد أن أفهمه ضابط التحقيق أن ذلك لن يؤثر سلبا على الإفراج عنه وأنه ليس فيه ما يدينه بدليل الإفراج عنه بدون تهمة، وخلص المدعي إلى طلب الحكم له بمبلغ أربعمائة وستة آلاف وخمسمائة ريال. وقد عقب ممثلا المدعى عليها بمذكرة جاء فيها أن بداية القضية كانت عبارة عن اتصال هاتفي من مساعد مدير عام مراقبة البنوك يتضمن وجود بلاغ سري وارد لمؤسسة النقد من أحد البنوك المحلية حول عملية مالية كبيرة مشكوك فيها وعلى أثر ذلك قامت المؤسسة بتعميد أحد مفتشيها لإجراء التنسيق مع المباحث الإدارية لإيضاح كافة تفاصيل القضية، وقد تضمن التقرير المبدئي المقدم من مفتش مؤسسة النقد أنه نظرا لخطورة العرض المذكور من حيث شبهة إخفاء مصدر المال والشخصية المتحفظة بمبلغ الدولارات لديها في فلة سكنية بمدينة جدة حسب ما أفضى بذلك أحد الوسطاء وتأكد على اطلاعه عليه شخصيا وكبر حجمه ودخول بعض موظفي الشركة في موافقات بشأن إتمامه وتنفيذه وما ينطوي عليه من فساد واحتمالية أن يكون خلفه جرائم أخرى فقد تم التبليغ عن ذلك. وأكد ممثلا المدعى عليها في مذكرتهما إلى ما سبق أن ذكراه في المذكرة السابقة مشيرين إلى أن الإجراءات التي تمت مع المدعي كلها متفقة مع النظام وأنه صادق على اعترافه وما سبقه من إجراءات تحقيق بتاريخ 9/6/١٤٢٣هـ وأن التهمة المسندة له من اختصاص هيئة الرقابة والتحقيق وليس هيئة التحقيق والادعاء العام وأن ما ذكره من عدم تمكينه بالاتصال بأهله وبالآخرين فهذا غير صحيح لأنه حسب المحضر المعد أنه تم تمكينه من الاتصال في ذات اليوم الذي أوقف فيه أما عدم تمكينه من الاتصال بمحام فهو لم يطلب ذلك أو يوكل هو أو ذويه أي محام للاستعانة به حسب الأنظمة المرعية، أما بشأن الضغط والإكراه الذي يدعيه فهو صادق على اعترافه أمام القاضي ولم يدع حينها أن الإقرار أخذ منه بالإكراه فقوله قول مرسل بدون دليل، وقد عقب المدعي بمذكرة جاء فيها أن ما جاء في مذكرتهم أن بداية القضية كانت عبارة عن اتصال هاتفي وأن شركة (…) تطلب تعاونهم… الخ فهذا يدل على عدم اختصاصهم في التهمة الموجهة له، وأن ما ذكروه من أن هناك شبهة في إخفاء مصدر المال وكبر حجمه فهذا يناقض اتهامه بمحاولة السعي في بيع دولارات بسعر أقل وأن قولهم بأن القبض عليه تم بتوجيه من سمو نائب وزير الداخلية فهذا لا يعفيه من دعواه لأن الأمير لم يأمر باحتجازه لهذه المدة الطويلة، وأضاف أن إيقافه طوال مدة حبسه تم بناء على أوامر المدعى عليها وطلبها ويثبت ذلك مذكرة التوقيف وأنه بعد انتهاء مدة الشهر وسبعة وعشرين يوما لم يطلقوا سراحه وإنما أحالوه إلى سجن محافظة جدة طالبين إيقافه وهذا يدل على أن توقيفه كان بأمرها وبناء على طلبها ولو أطلقت سراحه بعد مدة الشهر والسبعة وعشرين يوما لصح ادعاؤها وعدم مسؤوليتها، ومما يؤكد مسؤوليتها التامة وأنه موقوف على ذمتها طوال مدة إيقافه الخطاب الموجه من مدير فرع هيئة الرقابة والتحقيق بمحافظة جدة إلى مدير فرع المباحث الإدارية بمكة المؤرخ في 18/3/١٤٢٤هـ والذي يؤكد حفظ الاتهام، وبعد أن اكتفى الطرفانحكمها في القضية للأسباب التالية.
الأسباب
حيث إن المدعي يهدف من دعواه إلى طلب الحكم له بإلزام المدعى عليها بتعويضه بمبلغ أربعمائة ألف وخمسمائة ريال وذلك لقاء سجنه مدة سبعة أشهر ونصف ، وحيث إن المدعى عليها أجابت على الدعوى على النحو السالف ذكره ، وحيث إن الدعوى تعتبر من دعاوى التعويض التي يختص بها ديوان المظالم وفقا للمادة الثامنة فقرة (ج) من نظامه الصادر في عام ١٤٠٢هـ المشمولة بحكم المادة الرابعة من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم التي جعلت أمدا لرفع دعوى التعويض لا يتعدى خمس سوات من تاريخ نشوء الحق المدعى به، وحيث إن المدعي أوقف بتاريخ 19/5/١٤٢٣هـ وأطلق سراحه في 16/7/١٤٢٣هـ ورفع دعواه أمام الديوان بتاريخ ١٨/٧/1٤٢٤ هـ لذا فإن دعواه تكون مقبولة شكلا. أما عن الموضوع: فحيث إن الثابت أن المدعى عليها أوقفت المدعي بناء على بلاغ من مؤسسة النقد العربي السعودي الذي أشارت فيه إلى بلاغ شركة (…) المصرفية للاستثمار حول عملية مالية مشكوك فيها تدار بين المدعي والمشتركين معه في العملية حول بيع دولارات أمريكية بأسعار مخفضة ، وقد طلبت مؤسسة النقد من المدعى عليها تعاونها معها كسبا للوقت. كما أن خطاب مدير عام المباحث العامة المرفوع لسمو مساعد وزير الداخلية أشار فيه إلى أنه من خلال توثيق بعض المكالمات بين المخبر والمدعي أكدت ما أشير إليه سابقا وأنه من خلال مراقبة الهواتف الخاصة بالمذكورين المدعي وزميله ( …) تبين وجود بعض من الاتصالات المشبوهة بين المدعو (…) وبعض الأشخاص حول مواضيع مختلفة، كما أنه جاء في نتيجة التحقيق الذي تم مع (…) أنه معترف شرعا بقبوله العرض المقدم له من قريبه المدعو (…) لشراء مليون دولار مزيفة فئة (١٠٠) دولار بعلم (…) عن طريق شخص يمني لا يعرف اسمه أو عنوانه بسعر صرف ثلاثة ريال للدولار وتسليمه له مبلغ (٣٠٠ ألف) ريال وأنه اعترف شرعا بأنه أبلغ زميله – المدعي – أنه بصدد شراء مبلغ مليون دولار مزيفة من فئة مائة دولار عن طريق قريبه المدعو (…) عن طريق شخص يمني بسعر صرف ثلاثة ريال للدولار، وطلب منه التنسيق له ببنك (…) لبيع المبلغ عن طريقه فأبلغه المدعي بإمكانية صرف المبلغ على دفعتين عن طريق بنك (…) مما جعله يتم العملية، كما أنه اعترف شرعا بقبوله العرض المقدم له من المدعو (…) لشراء مبلغ (٨٥ مليون) دولار مزيفة مختومة بختم (UN) (هيئة الأمم المتحدة) من أشخاص يمنيين بأقل من السعر الحقيقي، كما أن له اعتراف مصدق شرعا بأن المدعو (…) أبلغه في اتصال هاتفي أنه يوجد لديه مبلغ (١٢٠) مليون دولار مزيفة مثل الموجود في دبي إلا أنها ليست ملونة وأنه ينقصها البوية..، وأنه جاء في اعترافه المصدق بأنه أثناء القبض عليه حاول التخلص من المائة دولار المختومة ومائة دولار غير مختومة وثلاث عملات بحرينية بإلقاء هذه المبالغ في دورة المياه. وحيث إن المدعي جاء في اعترافه المصدق شرعا أنه تلقى اتصالا هاتفيا من المدعو (…) يبلغه أنه بصدد شراء مليون دولار بمبلغ (٢٠٠ ألف) ريال بسعر صرف ثلاثة ريال عن طريقه قريبه المدعو (…) وأن ذلك بعلم (…) وطلب منه أن يسأل عن إمكانية صرف المبلغ في بنك (…) بسعر صرف (٣.60) ريال للدولار، وقام المدعي بالسؤال عن ذلك كما أنه اعترف بتبليغه لاتصال هاتفي من المدعي (…) وطلب منه الاتصال بزميله في البنك لشراء مبلغ عشرين مليون دولار بسعر صرف (٣.60) فوافقه على ذلك وتحدث مع زميله بهذا الشأن، كما أنه اعترف شرعا أنه بناء على طلب (…) استقبل بفاكس إحدى الكبائن بالرياض أوراقا أرسلها المدعو (…) مضمونها وجود مبلغ (٥٥ مليون) دولار عبارة عن أسهم وسندات في شركة بريطانية ومطلوب مستثمر سعودي يفتح حساب باسمه يضع فيه عشرة آلاف دولار وأرجعها مرة أخرى للمدعو (…) طالبا الاستفسار عن المشاريع المطلوبة وكيفية الإفراج عن هذه المبالغ، كما أنه اعترف أنه حصل على مساعدات مالية من (…) مقدارها (٤٢ ألف) ريال، وحيث إن (…) الذي ارتبط المدعي مع زميله (…) تم ضبط عملات مزيفة بمنزله سعودية وكويتية وبحرينية كما أنه في سبيل بحثه عن دولارات بناء على طلب (…) اتفق مع أفارقة على شراء دولارات مزيفة من أجل بيعها عليه للحصول على نسبة عند بيعها. وحيث إن القضية بها عدة أشخاص وذلك لتسلسل العملية من شخص لآخر؛ لذا فإن المدعى عليها عندما استغرقت تلك المدة في البحث والتحقيق تكون غير مخطئة وذلك لضخامة المبالغ ولتعدد الأشخاص واختلاف جنسياتهم من سعودي إلى يمني إلى أريتيري ونيجيري وجامبي وغيني وسنغالي بالإضافة للمدعي مصري الجنسية، وحيث إن من الواضح أن المدعي كان على ارتباط قوي بالمدعو (…) ومساعدته له وسفره معه ومقابلته لبعض من لهم دور في بيع العملات المزيفة مثل (…) لذا فإن التحفظ على المدعي وإيقافه له وجه إذ لا يمكن إطلاقه ما دامت القضية لم تنته ومرتبط بها عدة أشخاص إذ ضخامة المبلغ ومحاولة الصرف بأسعار أقل لا شك أنها تضفي على تلك العمليات الكثير من الشك من جرائم غسيل أموال وتزييف عملات ونصب واحتيال، وكل هذه جرائم خطيرة تستوجب التحري لاسيما أنه ظهر من خلال التحقيقات أن العملية لها أبعاد خطيرة وأظهرت دور بعض الجنسيات ومدى تقاربهم في مثل هذه العمليات، والوضع الذي يعيشه بعضهم من مظاهر تدل على كثرة المال في أيديهم، كما حاء في إفادة بعضهم عن (…) الغيني الجنسية، والذي كان يظهر عليه قدر كبير من الرفاهية، فكون المدعى عليها عندما وصلتها الإخبارية من مؤسسة النقد تكشف لها خيوط أخرى في العملية إلى أن انتهت في عدة جنسيات مختلفة، وحيث ان المدعي أقر شرعا بسعيه في التوسط في بيع هذه العملات وارتباطه مع (…) الذي اتضح من خلال الأوراق أنه تحوم حوله الشبهة في التعامل في عملات مزيفة؛ لذا فإن الجهة غير ملومة عندما تقوم بإحالته إلى الشرطة ثم إلى هيئة الرقابة والتي توصلت إلى عدم إدانته لعدم كفاية الأدلة المقامة ضده ومعنى ذلك أن هناك ما يبرر توجيه التهمة إليه لكنه لم يدان لعدم كفاية الأدلة ضده، ولاسيما وأن أحد الأشخاص الذي كان على اتصال به أو قام بمقابلته مع زميله (…) أدين بتزييف عملة بحرينية وسعودية. وتشير الدائرة إلى أن ما ذكره المدعي من أن الجهة غير مختصة بقيامها بالتحقيق فإنه لما كان القبض عليه من المدعى عليها تم بناء على توجيه سمو نائب وزير الداخلية شرحا على خطاب مدير عام المباحث العامة رقم (٢/ ب /٦٦١) في ١١/٥/1٤٢٣هـ الذي نصه: (الأفضل يقبض عليهم ويحقق معهم أوليا من المباحث ثم تحال للجهة المختصة بالأمن العام لأن ظروف الحوالات معلوم حساسيتها هذه الأيام ولابد من أن تتولاها المباحث) وحيث إن المدعي أوقف بتاريخ 19/5/١٤٢٣هـ وتم التحقيق معه من المباحث الإدارية ثم أحيل مع زملائه إلى شرطة محافظة جدة في 16/7/1٤٢3هـ لما تنطوي عليه من نصب واحتيال ومحاولة بيع دولارات أمريكية والتعامل في شراء وبيع عملات بحرينية ممنوع تداولها؛ لذا فإن الدائرة ترى أنه ليس في ذلك مخالفة ما دام أن كل جهة أمنية لها اختصاص بتولي جانب من القضايا ما دام ولي الأمر أسند لها ذلك لاسيما وأن مرحلة التحقيق يمكن أن تمتد إلى ما لا يزيد عن ستة أشهر من تاريخ القبض على المتهم وذلك حسب نص المادة (الرابعة عشرة بعد المائة) من نظام الإجراءات الجزائية والمدة التي قضاها المدعي لدى المباحث الإدارية والشرطة لا تزيد عن ذلك، ولا يمكن القول أن المباحث الإدارية والشرطة تولت التحقيق فيما هو ليس من اختصاصها كما يدفع بذلك المدعي بالاستناد إلى نظام الإجراءات الجزائية وذلك لأن الأمر السامي البرقي رقم (٤/ب /٣١٧٨٦) وتاريخ ٢/٧/1٤٢٤هـ المعمم بتعميم سمو وزير الداخلية رقم (16/٤١٧١١/2ش) أنه تقوم الجهات الأمنية بتطبيق أحكام نظام الإجراءات الجزائية في المهام التي لم تباشرها الهيئة؛ لذا فقيام الجهات الأمنية بتولي التحقيق مع المدعي ليس فيه مخالفة نظامية، أما عما ذكره من أن المدعى عليها خالفت النظام في بقائه في السجن فإن الواضح أنه بقي في السجن فترة إيقافه رهن التحقيق من المدعى عليها وشرطة محافظة جدة كما سلف مدة لم تتعد المدة النظامية التي يجوز لجنة التحقيق إيقافه فيها. أما ما زاد عن هذه المدة فلأن التحقيق تولته جهة أخرى وهي هيئة الرقابة والتحقيق لأن المدعي متهم في قضية أخرى وهي تزييف العملة وهي الجهة المعنية بالتحقيق فيها ومباشرة رفعها أمام المحكمة المختصة فهي لابد بحكم الاختصاص أن تباشر التحقيق فيها وتأخذ الوقت الكافي للتحقيق، ولا يمكن القول أنه إذا كان المتهم موقوفا بسبب عدة جرائم وكل جريمة لها جهة مختصة بالتحقيق فيها أن يقال ما دام أن جهة التحقيق الأولى استوفت المدة النظامية للتحقيق أنه لا يحق للجهة المعنية بالتحقيق في الجريمة الثانية أن تبقي المتهم حال رهن التحقيق لديها موقوفا وأنه لابد أن يطلق سراحه، فالجهة الأخرى المعنية لا لوم عليها أن يبقى المتهم موقوفا ما دام التحقيق قائما بشأن الجريمة الأخرى، المعنية بالتحقيق فيها، ولها الحق أن يبقى موقوفا ما دام أنه هو الذي وضع نفسه في هذا الموضع بأن اقترف عدة جرائم كل جريمة معنية جهة بالتحقيق فيها إنما الخطأ فيما لو كان يحصل منه ما يدل على ارتباطه بهذه الجريمة الأخرى، أما ما دام قائمة قرائن وأدلة على تورطه في ذلك فلا مسؤولية على الجهة المدعى عليها عندما تحيله للجهة الأخرى المعنية بالتحقيق معه؛ لذا فإن الدائرة ترى أنه لا مسؤولية على المدعى عليها عندما بقي المدعي في السجن مدة زائدة عن مدة الستة أشهر وهي مدة التحقيق معه لدى هيئة الرقابة والتحقيق؛ لأن المدعي منسوب له جريمة أخرى وهي تزييف العملة ولابد للهيئة أن تأخذ حقها في التحقيق معه ولا لوم على المدعى عليها عندما بقي المدعي في السجن فترة التحقيق معه من قبلها أو من قبل شرطة محافظة جدة لأن التحقيق تم معه في جرائم منسوبة إليه ، ولم تتعد المدة النظامية التي يجوز لها إبقاء المدعي موقوفا حتى يستكمل التحقيق معه. فبناء على ما سبق، وبناء على إقرار المدعي بما حصل منه ومخالفته لنظام الإقامة والعمل، وبناء على أن هيئة الرقابة والتحقيق أفادت إلى عدم إدانة المدعي لعدم كفاية الأدلة.
لذلك حكمت الدائرة: برفض الدعوى المقامة منالادارية؛ لما هو موضح بالأسباب.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هيئه التدقيق
حكمت الهيئة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.