انتفاء القرار الإداري

رقم القضية ١٥٦٩/1/ق لعام ١٤١١هـ

رقم الحكم الابتدائي ٤ /د/ف /١٦ لعام ١٤١٣ هـ

رقم حكم هيئة التدقيق ١٥٨ /ت /٢ لعام ١٤١٣ هـ

تاريخ الجلسة28/11/1413هـ

الموضوعات

دعوى – شروط قبول الدعوى – الرفع قبل الأوان – انتفاء القرار الإداري .

مطالبة المدعي إلزام الجهات الحكومية بعدم التعرض له أو إجباره على نقل مزرعته نظرا لحصوله على موافقات جميع تلك الجهات على إقامة المزرعة، واحتياطيا بإلزام المدعى عليها تعويضه في حالة إصرارها على إلزامه بنقل المزرعة – الثابت من الأوراق أنه لم يصدر قرار بنقل المزرعة وأن نقلها المحدد له نهاية عام ١٤١٤هـ وإنما سيتم مستقبلا لاستنفاذ العمل الافتراضي للمشروع، ولم تجبر الجهة المدعى عليها على غلق المزرعة أو التعرض له في استغلالها – الدعوى الماثلة إنما تستهدف الحيلولة دون نقل المزرعة ومنع إصدار قرار أو تصرف إداري محدد من شأنه المساس بمركز نظامي للمدعي، الأمر الذي يقتضي عدم قبول طلبه منع الإدارة من نقل المزرعة؛ لاقامته قبل الأوان، وكذلك طلبه الآخر بالتعويض مقام قبل الأوان. أثر ذلك: عدم قبول الدعوى؛ لرفعها قبل أوانها.

الوقائع

من حيث إنه سبق عرض وقائع القضية مفصلة بحكم هذه الدائرة رقم (٥ /د /ف /١٦) لعام 14١٢ هـ والتي تتلخص في أنه بتاريخ 16/6/١٤١١هـ تقدم المدعي بدعواه ذكر فيها أنه اشترى مزرعة بمدينة المزاحمية لإقامة مشروع دجاج وبيض نظام مغلق وقد صدرت موافقة الجهات المختصة على إنشائها وكذلك موافقة الأهالي المجاورين للمزرعة، إلا أنه تعرض لمضايقة من المجاورين وبعض الجهات الحكومية لإجباره على نقل مزرعته. وانتهى في دعواه إلى المطالبة أولا: إلزام الجهات الحكومية بعدم التعرض لموكله ومضايقته أو إجباره على نقل مزرعته نظرا لصدور موافقة جميع تلل الجهات على إقامة المزرعة وذلك كطلب أساسي. ثانيا: إلزام وزارة الزراعة والمياه بتعويضه في حالة إصرارها على إلزامه بنقل المزرعة. وبإعلان الدعوى للمدعى عليها طالب ممثلها رفض الدعوى للأسباب الموضحة في مذكراتهما والتي سبق إيرادها في حكم الدائرة المذكور. وبعد سماع الدائرة للدعوى والإجابة عليها أصدرت بجلسة يوم الثلاثاء 18/6/١٤١٢هـ حكمها رقم (٥/د/ف /١٦) لعام ١٤١٢هـ قاضيا: أولا: بإلزام وزارة الزراعة وبلدية المزاحمية بعدم التعرض للمدعي في مزرعته أو إجباره على نقل المشروع منها مادام أنه ملتزم باتخاذ الإجراءات الصحيحة ومطبق للشروط والمواصفات المنصوص عليها نظاما في مزارع الدواجن. ثانيا: إذا كان هناك من يدعي بوجود أضرار من المزرعة فله أن يتقدم بدعوى إلى المحكمة المختصة لتفصل فيها المحكمة وفق النظر الشرعي وذلك على النحو المبين بأسباب الحكم والتي ملخصها أنه لما كانت وزارة الزراعة قررت إغلاق مشروع الدواجن في مزرعة المدعي بنهاية عام ١٤١٤ هـ للأضرار التي تصيب المجاورين له حسبما ورد في الأمر السامي رقم (4/1084/ م) وتاريخ 15/5/١٤١٠هـ ولما كان المدعي يدعي أنه أقام مشروعه وفق الشروط والمواصفات والتزم بجميع الإجراءات الوقائية في تشغيل المشروع ويطالب بإلزام الوزارة بعدم إجباره على إغلاق المشروع. ولما كان الثابت لدى الدائرة أن هناك أضرارا من المشروع تؤذي المجاورين له وهي التي أثارت النزاع وحدت بالوزارة إلى العمل على إغلاق المشروع. وحيث إن الشريعة الإسلامية السمحة حثت على حسن الجوار وإكرام الجار ورعايته ومنع الأذى والضرر عنه وفي ذلك يقول النبي صلي الله عليه وسلم (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قالوا وما ذاك يا رسول الله؟ قال جار لا يأمن جاره بوائقه، قالوا فما بوائقه ؟ قال: شره) وقوله عليه السلام (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه أو لجاره ما يحب لنفسه) وقوله عليه السلام (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه). ومن هذه الأدلة يبين تحريم إيذاء الجار والقيام بأي فعل من شأنه الإضرار بجاره على أنه إذا كانت الأضرار التي تسبب فيها الجار أضرارا غير مألوفة وتصل إلى حد اعتبارها أضرارا فاحشة فإن المتسبب فيها يسأل قضاء، ويمكن للجار المضرور أن يرفع الأمر إلى القضاء بدعوى على محدث الضرر يطالب فيها بإزالة الأضرار ومسبباتها، أما الأضرار المألوفة التي قد تحصل بين الجيران عادة ولا تعتبر أضرارا جسيمة وأن كان مرتكبها يعد مخالفا لما أمر الله به ورسوله إلا أنه لا يسأل عنها قضاء؛ لأنه لابد أن يكون بين الجيران قدر من التسامح ولثلا يؤدي ذلك إلى غل يد الملاك من استعمال أملاكهم لا سيما في هذا العصر الذي ازداد فيه الازدحام وزاد النشاط التجاري والصناعي، مما ترتب عليه كثرة المضايقات بين الجيران. والنظر فيما إذا كانت الأضرار جسيمة وغير مألوفة أم لا من اختصاص القضاء – العام على اعتبار أنها منازعة بين أفراد – فالقاضى هو الذي يقرر في كل حالة تعرض عليه ما إذا كانت المضار الناشئة للجار من عمل جاره تعتبر مألوفة فلا تكون محلا للمساءلة أم غير مألوفة فيسأل عنها الجار. وحيث إنه بتطبيق هذه المبادئ العامة على القضية الماثلة ولما كان المدعى عليهما إنما اتخذا الإجراءات التي يتظلم منها المدعي بسبب الأضرار التي تصيب المجاورين للمشروع ولما كان تقدير مدى جسامة الأضرار، ومن ثم الحكم بإزالتها أولا من اختصاص القضاء ولما كانت أوراق القضية خلوا من أي حكم قضائي في الموضوع فإنه يتعين والحالة هذه أن يعرض الأمر على القضاء وهو الذي يقرر إما إقفال المشروع أو إبقاءه بدعوى يرفعها كل ذي مصلحة فيها وليس لوزارة الزراعة أو البلدية قبل صدور حكم في الدعوى التعرض للمدعي وإجباره على إغلاق مزرعته ما دام ملتزما بالشروط والمنصوص عليها نظاما حتى لا تكون المزرعة مصدرا للأوبئة والأمراض. وأما ما أشير إلى التقارير الواردة في الأوراق المتضمنة أن المدعي لم يراع الشروط الصحية وأخل بها ويتعين نقل المزرعة… إلخ. وبناء عليها صدر القرار بنقلها بنهاية عام 1٤١٤ هـ فإن قرار مجلس الوزراء رقم (١٤٩٥) وتاريخ 23/9/١٣٩٤هـ نص على إعطاء وزارة الزراعة الحق في إغلاق وفتح مزارع الدواجن في حالة ظهور الأوبئة الخاصة بالدواجن). والثابت أن مزرعة المدعي لم يظهر فيها أوبئة للدواجن حتى تكون مبررا لإغلاقها من قبل الوزارة بشكل دائم. وإذا كان المبرر لإغلاق المزرعة وإجبار صاحبها على نقل المشروع هو وجودها في وسط الأحياء السكنية وتؤذي المجاورين من أضرارها فإن إغلاق المزرعة لهذا المبرر ليس من اختصاص الوزارة ذلك أن النظر في مدى الأضرار التي تصيب المجاورين وهل هو مبرر لإغلاق المزرعة أم لا هو من اختصاص القضاء حسبما سبق بيانه لأنه بهذا تكون المنازعة بين أفراد وهم المجاورين للمزرعة وصاحبها وتفصل المحكمة بهذا النزاع وفق ما يثبت لديها من الحق والعدل. وبعرض هذا الحكم على هيئة التدقيق الاداري/ الدائرة الثانية حكمت الهيئة بنقض الحكم رقم (٥/د /ف /١٦) لعام ١٤١٢هـ وإعادة الدعوى إلى الدائرة الفرعية السادسة عشرة لتفصل فيها مجددا على ضوء أسباب هذا الحكم والتي تتلخص في أن الذي يبين للهيئة أن المدعي يستهدف من دعواه منع الوزارة والبلدية المدعى عليهما من إصدار قرار يلزمه بنقل المزرعة وإلزام الوزارة بتعويضه بتحمل ديون المزرعة أو شرائها إن هي قررت نقلها إلى مكان آخر. ولما كان الثابت من الأوراق ومن استظهار وقائع الدعوى أن أيا من الوزارة أو البلدية لم يصدر قرارا بنقل المزرعة وأن نقلها المحدد له نهاية عام 1٤١٤هـ إنما سيتم مستقبلا نتيجة استنفاذ العمر الافتراضي للمشروع، وإذ لم تجبر أي من المدعى عليهما المدعي على غلق المزرعة ولم تتعرضا له في استغلالها ولم تلزماه في أي وقت بوقف العمل بها واقتصر كل منهما على مطالبته بمراعاة شروط التشغيل الصحية فإن الدعوى الماثلة إنما تستهدف الحيلولة دون نقل المزرعة ومنع إصدار قرار أو تصرف إداري محدد من شأنه المساس بمركز نظامي للمدعي، الأمر الذي يقتضي عدم قبول طلبه منع الإدارة من نقل المزرعة لإقامته الدعوى قبل الأوان. وأضافت الهيئة أنه فيما يتعلق بطلب التعويض فإن المدعي يستهدف به الحكم له بتعويضه عن الأضرار المحتمل أن تلحق به إن صدر قرار إداري بنقل المزرعة بهذه المثابة فإنه يكون طلبا سابقا لأوانه كالطلب الأول باعتبار أن طلب التعويض لا يقبل إلا إن تعلق بضرر واقع وهو ما يقتضي الحكم بعدم قبوله. وانتهت الهيئة إلى القول: بأنه بناء على ذلك فإن الدعوى الماثلة تكون – وفقا لتصوير المدعي لطلباته – غير مقبولة؛ لإقامتها بشقيها قبل الأوان.

الأسباب

وحيث إنه بعد إعادة القضية إلى هذه الدائرة ودراستها على ضوء حكم الهيئة فإنه لما كان قرار رئيس ديوان المظالم رقم (٩) وتاريخ 13/2/١٤١١هـ ينص على أنه: (إذا كان الحكم محل التدقيق صادرا بعدم الاختصاص أو بعدم القبول أو بعدم سماع الدعوى أو في أية مسألة إجرائية أخرى غير متعلقة بموضوع الدعوى، ورأت دائرة التدقيق المختصة نقضه وإعادة القضية إلى الدائرة التي قامت بإصداره فعلى هذه الدائرة الالتزام بقضاء التدقيق عند إعادة نظرها للقضية والفصل فيها مجددا). لذا فإن الدائرة تنتهي إلى عدم قبول الدعوى؛ لرفعها قبل الأوان؛ إعمالا لهذا القرار وبناء على الأسباب التي أوردتها هيئة التدقيق في حكمها.

لذلك حكمت الدائرة: بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل أوانها وذلك على النحو المبين بالأسباب.

والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هيئه التدقيق

حكمت الهيئة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.