الضرر الناتج عن تعطل الوسيلة الناقلة

القضية رقم: ١١٧٥/2/ ق لعام 14٢١ هـ

الحكم الابتدائي رقم: ٢١ / د /تج /١٢ لعام ١٤٢٤ هـ

حكم التدقيق رقم: ٦٠/ت / ٣ لعام ١٤٢٥ هـ

تاريخ الجلسة: ١٦ /٢ / ١٤٢٥ هـ

الموضوعات

عقد تجاري , عقد نقل , نقل بحري التأخر في إيصال الشحنة , تعويض مخالصة نهائية , مسؤولية ضمان الشحنة , بوليصة الشحن, ملكية البضاعة المشحونة , الضرر الناتج عن تعطل الوسيلة الناقلة , دعوى الإكراه

الملخص

المدعية تهدف من دعواها إلى إلزام المدعى عليه بتعويضها عما تدعيه من أضرار أصابتها لقاء تأخير المدعى عليه توصيل شحن البضاعة الخاصة بالمدعية – تعاقدت المدعية مع المدعى عليه ليقوم بنقل الشحنة من ميناء جدة الإسلامي إلى الجماهيرية العربية الليبية على متن الباخرة التي يملكها المدعى عليه – الباخرة المقلة للشحنة توقفت في الطريق لخلل فني أصابها، ثم توجهت إلى ميناء بيروت؛ لعدم صلاحيتها للإبحار إلى ليبيا – المدعى عليه قام بعد ذلك بتعيين وكيل له فيلبنان يتولى إنهاء هذه المهمة – الشحنة لم تنقل من بيروت نظرا لنشوء خلافات على إيجار النقل وطريقة الدفع – المدعية وقعت اتفاقية مع المدعى عليه ووكيله في بيروت، ومندوب السفينة الناقلة البديلة تضمنت مخالصة نهائية لهذا النزاع؛ تحملت بموجبها المدعية جميع المسؤوليات المادية وغيرها، المترتبة على تأخير هذه الشحنة -ترتب على ذلك أسقطت حقها بالمطالبة بأي أضرار نتيجة هذا التأخير – لم تقدم المدعية دليلا على دعوى الإكراه؛ لكون البضاعة في الأصل تحت مسؤولية المدعى عليه – الناقل- من وقت تحميلها – مؤدى ذلك: رفض دعوى المدعية.

الوقائع

تتلخص وقائع هذه الدعوى في أنه ورد لفرع الديوان بجدة لائحة دعوى مقدمة من المدعية شركة….. عن طريق وكيلها….. اختصمت فيها المدعى عليه….. صاحب مؤسسة …..، وقد سجلت هذه الدعوى قضية بسجلات الديوان رقم (١١٧٥/2/ق لعام 1٤٢١ هـ)، وأحيلت لهذه الدائرة للنظر فيها؛ فباشرت نظرها على النحو المثبت في دفتر ضبط الجلسات، وبسؤال وكيل المدعية عن دعواه؛ حررها بما جاء في لائحة الدعوى، والتي تضمنت أن المدعية -الشاحن- تعاقدت مع مؤسسة المدعى عليه الناقل- على شحن ونقل إرسالية كابلات كهربائية؛ لحساب الشركة العامة للكهرباء بالجماهيرية العربية الليبية – العميل-؛ على الباخرة….. المملوكة للمدعى عليه، وتحتوي على (٧١٠) بكرة كابلات كهربائية، (٧٩) بكرة منها تسليم ميناء بنغازي، و(٥٣١) بكرة تسليم ميناء طرابلس، و(١٠٠) بكرة تسليم ميناء مصراتة، وعند وصول كامل الشحنة، تم فحصها ومعاينتها عند تسليمها إلى المدعى عليه، من قبل المعاينون الدوليون، واثبت تقريرهم سلامة محتوياتها، ووقع قبطان الباخرة على التقرير، ومهره بختمه؛ فأبحرت السفينة….. بتاريخ 27/3/٢٠٠٠ م من ميناء جدة متجهة إلى المرافئ الليبية، التي كان من المفترض أن تصلها في غضون أسبوع من تاريخ إبحارها؛ ولكنها بسبب عطل في الميكنة تأخرت لمدة شهرين ونصف في ميناء السويس؛ بحجة إصلاح العطل، وبالرغم من تطمينات المدعى عليه ووعوده بنقل الإرسالية على سفينة أخرى في حالة فشلهم في إصلاح السفينة…..؛ إلا أن السفينة جنحت إلى ميناء بيروت؛ بحجة أنها غير قابلة للإبحار إلى ليبيا: مما يتعين معه نقل البضاعة على سفينة أخرى، ثم عينت مؤسسة المدعى عليه شركة….. للملاحة وكيل شحن لها في لبنان؛ التي تعاقدت بدورها مع الباخرتين….. و ……. لنقل الإرسالية إلى المرافئ الليبية، بتكلفة بلغت (110.000) مائة وعشرة ألف دولار أمريكي؛ لتغطية جميع مصاريف إعادة الشحن، وأجور المرافئ في بيروت، والتخليص والوكالة، والنولون في المرافئ الليبية الثلاثة، ومصاريف دخولها، ثم رفض المدعى عليه دفع المبلغ المذكور أعلاه لوكيل الشحن؛ متنكر لوعوده السابقة مما اضطر المدعية تحت ضغط العميل، وحفاظا على سمعتها، وتخفيفا للأضرار التي نجمت من التأخير، وتجنبا لمزيد منها: أن تدفع للمدعى عليه مبلغ (413.600) أربعمائة وثلاثة عشر ألفا وستمائة ريال سعودي؛ يعادل المبلغ المطلوب أعلاه، وتحقظت المدعية على حقوقها النظامية تجاه المدعى عليه، وأنذرته بأنها سوف تحمله جميع مصاريف الشحن والتفريغ وتكلفة إصلاح الأضرار التي لحقت بالبكرات وأية غرامات أو مطالبات من قبل العميل؛ نتيجة لهذا التأخير؛ ثم تقدمت المدعية بشكوى إلى الغرفة التجارية الصناعية بجدة؛ التي بدورها عقدت اجتماعا بحضور المدعى عليه؛ الذي التزم أمام الجميع بحل الموضوع، وتنفيذ تعهداته بتوصيل الشحنة إلى ليبيا في أقرب وقت، وفي منتصف شهر يوليو من عام (2000م)ابحرت السفينة….. رقم (٢) إلى ميناء بنغازي، وهي تحمل (٧٩) بكرة، وعندما وصلت الميناء وأفرغت حمولتها قام الوكيل المحلي بميناء بنغازي….. للتوكيلات الملاحية؛ بالحجز على السفينة بسبب الأضرار التي لحقت بالبكرات؛ حسبما ينص على ذلك القانون الليبي، ولم يفرج عن السفينة إلا بعد تدخل المدعية لدى العميل، وتعهدها له باستبدال البكرات التي تعرضت لأضرار تحول دون إمكانية الاستفادة منها؛ غير أن مائك السفينة….. رقم (١) رفض إبحارها إلى المرافئ الليبية؛ تخوفا من الحجز عليها، ثم عاد ووافق في اجتماع انعقد في بيروت بتاريخ 27/7/٢٠٠٠ م حضرته المدعية والمدعى عليه ووكيل الشحن ببيروت ومندوب أصحاب السفينة….. رقم (١)؛ حيث اشترط مالك السفينة أن تدفع له المدعية (15.000) خمسة عشر ألف دولار أمريكي؛ كبدل أضرار وقعت من جراء تأجير السفينتين….. رقم (١) و….. رقم (٢)، مع تعهد العميل بعدم توقيع حجز على السفينة….. رقم (١) أو وكليهم فيما يخص الأضرار التي لحقت بالبضاعة، وأن يتم تسليم البضاعة بموجب البوالص الأصلية الصادرة من المدعى عليه، ثم نفذت المدعية ما عليها من الاتفاق الذي جاء بمحضر الاجتماع، ودفعت للمدعى عليه (56.4000) ستة وخمسين ألفا وأربعمائة ريال سعودي؛ والتي تعادل (15.000) دولار أمريكي، كما تعهدت للعميل باستبدال البكرات التي تعرضت لأضرار على متن السفينة….. رقم (١)، ولكن بقية أطراف الاتفاق لم تنفذ وعودها، ولم تبحر السفينة….. رقم (١) إلى ليبيا، بل أفرغت حمولتها في ميناء دمياط بجمهورية مصر العربية، يوم ٢٧/ ٧/2000 ، وهو نفس اليوم الذي انعقد فيه الاجتماع، وتم في الاتفاق؛ إزاء هذه المواقف المتخاذلة من المدعى عليه ووكيله البحري ومالك السفينة، والتلاعب الذي اكتشفته المدعية بعد توقيع محضر اجتماع بيروت؛ رأت المدعية أن تتعاقد مع ناقل آخر؛ لضمان وصول الشحنة، خاصة وأن مائك السفينة ووكلاء المدعى عليه؛ صاروا يصدرون بوالص متكررة للإرسالية، ويهددون في كل مرة ببيع الإرسالية في قبرص؛ ما لم تستجيب  المدعية لمطالبهم المجحفة؛ ولإنهاء هذا التلاعب، انعقد اجتماع نهائي في بيروت ضم المدعية والمدعى عليه ووكيله البحري ومالك السفينتين….. رقم (١) و….. رقم (٢)، واتفق المجتمعون على أن تلغى جميع المبالغ التي كان يطالب بها مالك السفينة….. رقم (١)، وقدرها (55.000) خمسة وخمسون ألف دولار، وأن تسلم البوالص الأصلية للمدعية؛ لتتمكن من نقل الشحنة على باخرة جديدة، وأن يدفع وكيل المدعى عليه رسوم دخول الباخرة الجديدة لمينائي طرابلس ومصراتة، وقدرها (10.000) عشرة آلاف دولار، وأن يلتزم كل طرف بما عليه من هذا الاتفاق، إلا أن المدعى عليه تنصل من التزامه، ولم يدفع رسوم الموانئ للباخرة الجديدة؛ حيث دفعتها المدعية مضطرة، ثم قامت المدعية بتعيين شركة فحص ومعاينة؛ لاعداد تقرير عن حالة البكرات قبل تحميلها من ميناء دمياط، وقد أثبتت نتائج الكشف الظاهري أن جميع البكرات ذات الضغط المتوسط (١٠٠) بكرة غير ملبسة بالغطاء الخشبي الواقي لها، وحددت نسبة الضرر ب (٢٥%) إلى 3٠%). والبكرات ذات الضغط المنخفض (٥٣٠) بكرة بها بعض الكسور في الغطاء الخشبي الواقي لها، وتم تعزيز التقرير بصور فوتوغرافية للحالة التخزينية السيئة التي كانت بها في ميناء دمياط، كما تبين أن هناك بكرة مفقودة؛ وتم نقل باقي الإرسالية (٦٣٠) بكرة من ميناء دمياط يوم 21/8/٢٠٠٠ م على الباخرة….. المملوكة لشركة….. للملاحة والتجارة إلى مرفأي طرابلس ومصراتة، وأكد العميل وصول السفينة، وتفريغ حمولتها في نهاية شهر أغسطس من عام (2000م)، ثم طالب العميل المدعية بتعويضه عن الأضرار التي أصابت بكرات الكابلات الواصلة إلى مينائي طرابلس ومصراتة، والتي تقدر بمبلغ (٤٠/516.163) دولارا أمريكيا، بما في ذلك البكرة المفقودة في ميناء دمياط، كما أشار العميل إلى أنه سوف يعيد النظر في تعامله مع المدعية بسبب تأخير تسليم الكابلات المتعاقد عليها لأكثر من خمسة شهور؛ لذا ولكل ما تقدم تطلب المدعية إلزام المدعى عليه بالآتي: أ- أن يدفع للمدعية مبلغ (٤٠/693.631) ستمائة وثلاثة وتسعين ألفا وستمائة وواحد وثلاثين دولارا وأربعين سنتا؛ والتي تعادل (75/2.601.117) مليونان وستمائة وألف ومائة وسبعة عشر ريالا وخمسة وسبعون هللة؛ قيمة المصاريف والتكلفة التي تكبدتها المدعية لتسليم الإرسالية للعميل؛ علاوة على قيمة تعويضات العميل عن الأضرار التي لحقت بالبكرات.ب- تعويض المدعية عما فاتها من كسب، وما لحقتها من خسارة؛ بسبب إخلال المدعى عليه بالعقد بمبلغ (3.000.000) ثلاثة ملايين ريال سعودي. وبسؤال وكيل المدعى عليه الجواب قدم مذكرة من صفحتين، ذكر فيها أن الدعوى مقامة على غير ذي صفة؛ حيث إنه ورد في لائحة الدعوى أن المدعية اتفقت مؤسسة….. التجارية، وسلمت للمؤسسة المذكورة أجرة الشحن كاملة، ويثبت ذلك المستندات المقدمة من المدعية نفسها، كما أن المدعية تطالب بتعويض يطالب به عميلها، وهنا يظهر بأن المدعية غير ذات صفة في هذه المطالبة، وطلب في نهاية رده رد الدعوى؛ لإقامتها من غير ذي صفة، وكذلك لإقامتها على غير ذي صفة، ثم عقبت المدعية بأن ما ذكره وكيل المدعى عليه غير صحيح إطلاقا؛ فإن مؤسسة….. التجارية- التي أشار إليها وكيل المدعى عليه- ما هي إلا وسيط أو وكيل شحن، ومن المعلوم قانونا وعرفا أن وكيل الشحن لا علاقة له بعقد النقل البحري، وإنما ينحصر دوره في ترتيب إقامة علاقة النقل بين الشاحن والناقل؛ مقابل عمولة، وينتهي دوره عند استلام سندات الشحن من الناقل، وتسليمها للشاحن؛ ومن ثم فإن العلاقة التعاقدية قائمة بين المدعية والمدعى عليه، ودعواها في هذا الإطار تستند إلى سند شرعي ونظامي، وهو عقد النقل البحري؛ بمقتضى سند الشحن، وطلب في نهاية تعقيبه إلزام المدعى عليه بدفع مبلغ وقدره (3.00.000) ثلاثة ملايين ريال سعودي؛ تعويضا عن الأضرار التي لحقت بالمدعية؛ فعقب وكيل المدعى عليه بإصراره على أن الدعوى مقامة من غير ذي صفة، ومن الناحية الموضوعية في الدعوى أفاد أن الشحنة لم تكن سليمة عند تسلمها على ظهر السفينة؛ حيث يظهر خطاب المعاينين الدوليين أن هناك أضرارا وتلفيات لحقت ببعض البكرات، إضافة إلى أن التأخير كان خارج عن إرادة المدعى عليه؛ وامتثالا لطلب شركة….. -مالكة الباخرة – بتوجه الشحنة وتفريغها في ميناء بيروت؛ وذلك حفاظا على الطاقم والسفينة والشحنة، إلى جانب حجز السلطات الليبية لإحدى السفن الناقلة، إضافة إلى أنه لا مجال لطلب المدعية بأي مطالبات بعد توقيع الاتفاقية النهائية المؤرخة في 11/8/٢٠٠٠ م، والتي أوضحت التزامات كل طرف من الأطراف ومسؤوليته؛ والتي نص البند خامسا منها على ما يلي: (أكد الفريق الأول أنه ومنذ إتمام الشحن على السفينة….. واستلام البوالص الأصلية؛ لم يعد هو المالك القانوني للبضاعة؛ إلا أنه من أجل الالتزام ولمصداقيته أمام الشركة الليبية؛ قام بتحمل جميع المسؤوليات المادية والمعنوية من أجل إيصال الشحن للمرافئ الليبية)، وبهذا طلب وكيل المدعى عليه رد دعوى المدعية؛ فعظب وكيل المدعية بأن هذه الاتفاقية الموقعة بتاريخ 11/8/200٠ م التي أطلق عليها صفة النهائية؛ بسبب تنصل المدعى عليها ووكلائها وتهربهم من عدة اتفاقيات ووعود أعطوها للمدعية؛ لإنقاذ الموقف، ولم يلتزموا بها على مدى خمسة شهور من انطلاق رحلة سفينة المدعى عليه من ميناء جدة، ويعتقد وكيل المدعى عليه أن هذه الاتفاقية هي طوق النجاة الذي يعفي موكله من المسؤولية؛ باعتبار أن المدعية ليست المالك القانوني للبضاعة بعد تسليمها بوالص الشحن الأصلية للناقل؛ ومن ثم لا وجاهة لها في مطالبة المدعى عليه بالتعويض؛ واستشهد بالبند (خامسا) من الاتفاقية المذكورة، وللرد على هذا الدفع نشير إلى ما أستقر عليه العرف التجاري، من أن سند الشحن يعتبر وثيقة لملكية البضاعة ويمثلها، فإذا انتقلت ملكية سند الشحن إلى شخص آخر فإن هذا يعد نقلا لملكية البضاعة لهذا الشخص الأخير، وله الحق في تسلمها، وهذا ما قصدته أيضا المادة (٢٥٠) من نظام المحكمة التجارية في إثبات هذه الوظيفة، وجاء فيها بأن تنظيم سند الشحن يكون باسم شخص مخصوص، أو لأمره، أو لحامله….. الخ، وما قصدته أيضا اللائحة الأولى من لائحة نظام الموانئ والمرافئ في الفقرة (ل) إذ تقول: المالك بالنسبة هو الحائز على بوليصة أو أوراق الشحن بطريق قانوني، سواء كان المرسل أو المرسل إليه: ومن ثم فإن ما ورد في البند (خامسا) من الاتفاقية المشار إليها إنما هو تعبير عن هذه الحقيقة؛ بأن المدعية نقلت ملكية البضاعة إلى المرسل إليه بموجب سندات الشحن، بعد أن سلمتها للناقل – المدعى عليه – ، ودفعت له أجرة الشحن: غير أن هذه الملكية لم تنتقل فعليا إلى المرسل إليه؛ لأنه لم يتسلم سندات الشحن من الناقل بعد؛ ومن ثم فإن البضاعة فف هذه الفترة بين الشحن والتفريغ هي حقيقة في حيازة ومسؤولية الناقل، وكان من المفترض أن يتحمل المدعى عليه مسؤوليته في تسليم البضاعة للمرسل إليه؛ إلا أنه فشل في ذلك وماطل؛ مما اضطر المدعية إلى أن تستلم منه بوالص الشحن، وتقوم بشحن البضائع بنفسها إلى المرسل إليه: متحملة جميع المسؤوليات المادية والمعنوية لإيصال الشحنة إلى المرافئ الليبية؛ أجل الالتزام والمصداقية أمام الشركة الليبية المستوردة، كما ورد صراحة في البند خامسا من الاتفاقية، ويتفق الفقه الإسلامي وفقه القانون البحري على أن المدعي في دعوى المسؤولية في عقد النقل البحري للبضائع بمقتضى سند الشحن هو المتضرر الذي أصابه الضرر بسبب خطأ عقدي من المدعى عليه، سواء كان هذا المضرور هو الشاحن نفسه، أو المرسل إليه، أو صاحب الحق في البضاعة المنقولة، ويتضح من هذا السرد أن الدفوع التي أثارها وكيل المدعى عليه تفتقر إلى الأساس القانوني والمنطقي تحت جميع التشريعات البحرية، المدنية منها والشرعية؛ ويتعين رفضها لصالح المدعية؛ بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعية مبلغ (2.609.191) ريالا سعودي؛ قيمة المصاريف والتكلفة التي تكبدتها المدعية لتسليم البضاعة إلى العميل، علاوة على قيمة الأضرار التي لحقت بالبكرات، وكذلك تعويض المدعية عما فاتها من كسب، وما لحقتها من خسارة؛ بسبب إخلال المدعى عليه بالعقد بمبلغ (3.000.000) ريال سعودي، كما تلتمس المدعية من الدائرة تصويب لائحة الادعاء، فيما يختص باسم صاحب موسسة المدعى عليها-؛ ليصبح….. وفقا لمستخرج السجل التجاري المرفق؛ ومن ثم تصبح دعوانا مقامة على المدعى عليه ….. صاحب مؤسسة….. البحرية ومالك السفينة …….. ثم تبودلت المذكرات بين الطرفين بما لا يخرج عما ذكر سلفا. وبجلسة يوم الاثنين ١٢/ ٢/ 1٤٢٤هـ طلبت الدائرة من طرفة الدعوى بيان المقصود من تحمل الشركة المدعية جميع المسؤوليات المادية والمعنوية من أجل إيصال الشحن إلى المرافئ الليبية، والواردة في البند الخامس من الاتفاقية المحررة بين الطرفين في بيروت بتاريخ 11/8/2000 م هطلا مهلة لذلك، وبجلسة الاثنين 2٦/ ٢/ 1٤٢٤ هـ قدم وكيل المدعية مذكرة جاء فيها أن الدافع الرئيسي لإبرام الاتفاقية المذكورة هو تجنب  الخسارة الكبيرة التي كانت ستلحق بالشركة المدعية في حالة عدم وصول البضاعة للعميل، وأن الشركة المدعية كانت مكرهة على توقيع هذه الاتفاقية؛ لما ذكر سلفا، ثم قدم وكيل المدعى عليه مذكرة من صفحتين، ذكر فيها أن هذه الاتفاقية نهائية منهية للعلاقة بين الطرفين، وقد وقعها جميع الأطراف بالتراضي، ثم تمشك كل منهما بما قدمه، وطلبا الحكم في الدعوى بحالتها الراهنة.

الأسباب

وحيث إن الشركة المدعية تهدف من دعواها إلزام المدعى عليه بتعويضها عما تدعيه من أضرار أصابتها لقاء تأخير المدعى عليه توصيل شحن البضاعة الخاصة بالمدعية إلى ليبيا، وحيث إنه بالرجوع لملف الدعوى؛ فإن الثابت أن المدعية تعاقدت مع المدعى عليه ليقوم المدعى عليه بنقل شحنة عبارة عن كابلات كهربائية خاصة بالمدعية من ميناء جدة الإسلامي إلى الجماهيرية العربية الليبية على متن الباخرة…..، وتحتوي هذه الشحنة على سبعمائة وعشرة بكرة كابلات كهربائية؛ تسلم تسعة وسبعين منها في ميناء بنغازي، وخمسمائة وواحد وثلاثين في ميناء طرابلس، ومائة في مينا ء مصراتة، وحيث إن الثابت أن الباخرة المقلة للشحنة المذكورة قد أبحرت من ميناء جدة الإسلامي بتاريخ ٢٧ /3/٣ ٢٠٠ م: إلا أنها توقفت في ميناء السويس: لخلل فني أصابها، ومكثت فيه حوالي شهرين، ثم بعد ذلك توجهت إلى ميناء بيروت؛ لعدم صلاحيتها للإبحار إلى ليبيا، وحيث إن الثابت أن المدعى عليه قام بعد ذلك بتعيين وكيل له في لبنان يتولى إنهاء هذه المهمة، وهي شركة….. للملاحة؛ فقامت هذه الأخيرة بدورها بالتعاقد مع باخرتين هي….. رقم (١) و….. رقم (٢) لنقل الشحن إلى ليبيا؛ إلا أن الباخرتين لم تبحرا بالشحنة؛ نظرا لنشوء خلافات على إيجار الشحنة وطريقة الدفع، وحيث إن الثابت أن وكيل الشركة المدعية قد حضر شخصيا إلى بيروت لإنهاء هذه المشكلة؛ بقصد عدم التسبب في تعطيل البضاعة للعميل؛ فعقد اجتماعا مع كل مندوب عن المدعى عليه ووكيله في بيروت، ومندوب عن كابتن السفينة، وتمخض هذا الاجتماع عن توقيع اتفاقية بتاريخ 11/8/٢٠٠٠ م جاء في البند الخامس منها نصا: (أكد الفريق الأولى -المدعية- أنه ومنذ إتمام الشحنة على السفينة….. واستلام البوالص لأصلية لم يعد هو المالك القانوني للبضاعة؛ إلا أنه ومن أجل الالتزام والمصداقية أمام الشركة الليبية المستوردة قام بتحمل جميع المسؤوليات المادية والمعنوية؛ من أجل إيصال الشحنة إلى المرافئ الليبية)، وحيث إن المدعى عليه يتمسك بهذه الاتفاقية؛ بأنها بمثابة مخالصة نهائية لهذا النزاع؛ الأمر الذي ترى معه الدائرة أن هذه الاتفاقية قد وقعت بالتراضي بين الأطراف المعنية، وهي ملزمة لها، وقد تحملت الشركة المدعية بطوعها واختيارها جميع المسؤوليات المادية وغيرها، المترتبة على تأخير هذه الشحنة، وبها تكون قد أسقطت حقها بالمطالبة بأي أضرار نتيجة هذا التأخير، ولا عبرة بما ادعته الشركة المدعية من أنها مكرهة على توقيع هذه الاتفاقية؛ إذ لا محل لدعوى الإكراه؛ فإن البضاعة كانت أصلا تحت مسؤولية المدعى عليه-الناقل- منذ وقت تحميلها من ميناء جدة الإسلامي؛ حتى وان تاخرت أو تلفت نهائيا؛ إلا المدعية بهذه الاتفاقية أخلت سبيل المدعى عليه من جميع المسؤوليات؛ ومن ثم رفض دعوى المدعية، لذلك حكمت الدائرة: برفض الدعوى، والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هيئة التدقيق

حكمت الهيئة: بتأييد الحكم رقم (٢١/ د / تج /١٢ لعام ١٤٢٤هـ) والصادر في القضية رقم (١١٧٥ /٢ /ق لعام ١٤٢١هـ)، فيما انتهى إليه من قضاء.

والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.