القضاء التجاري / رشوة
رقم القضية 2553/2/ق لعام 1427هـ
رقم الحكم الابتدائي 127/د/ج/9 لعام 1428هـ
رقم حكم التدقيق 339/ت/2 لعام 1428هـ
تاريخ الجلسة 8/7/1428هـ
الموضوعات
رشوة , عرض ودفع , مشاركة بعرض الرشوة , القصد الجنائي , مصادرة مبلغ الرشوة , تقدير العقوبة
الأنظمة و اللوائح
نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/36) لعام 1412 هـ.
الملخص
أقام فرع هيئة الرقابة والتحقيق هذه الدعوى على أن المتهم الآول عرض ودفع لموظفين عامين مبلغاً من المال لتمكينه من الهروب من توقيف الحقوق المدنية وأن الثاني شارك في توصيل مبلغ الرشوة وسلّمه للموظف الذي أبلغ عن الواقعة. وطلبت الهيئة معاقبتهما وفقاً لنص المواد (9, 15,10) من نظام مكافحة الرشوة. أنكر المتهمان التهمة ولاعترافهما بصحة ما نسب إليهما فى التحقيقات حكمت الدائرة بإدانة الأول يجريمة عرض الرشوة وتعزيره بسجنه وتغريمه ومصادرة مبلغ الرشوة وإدانة الثاني بجريمة المشاركة بعرض الرشوة وتعزيره بتغريمه.
الوقائع
تتلخص وقائع هذه الدعوى في أن فرع هيئة الرقابة والتحقيق بالعاصمة المقدسة قد أقامها ضد كل من: 1-………………عمره (۳۷) سجين بسجون مكة المكرمة
.2-……….عمره (43) سنة – مطلق السراح لأنه بتاريخ 22/3/1427هـ بدائرة العاصمة المقدسة بمنطقة مكة المكرمة .
1- قام المتهم الأول بعرض ودفع مبلغ (سبعمائة ألف ريال) عبارة عن (ثلاثمائة ألف ريال نقدأ) والباقي بشيك مصرفي للجندي ….. والعريف….. – کرشوة مقابل مساعدته في تهريبه من التوقيف لدى الحقوق المدنية بمكة المكرمة كونه موقوف على ذمة مطالبات مالية تصل إلى ستة عشر مليون ريال.
۲- قام المتهم الثاني بمشاركة المتهم الأول وذلك بتوصيل مبلغ الرشوة إليه بمواقف مستشفى ….. بمكة المكرمة من أجل تسليمها للأفراد العاملين في إدارة الحقوق المدنية من أجل إطلاق سراحه.
ودلل على ذلك بما يلي :
1- إفادة المباحث الإدارية بورود اخبارية من أفراد الحقوق المدنية كل من الجندي ….. والعريف…. المتضمنة قيام المتهم الأول بعرض مبالغ مالية عليهما كرشوة من أجل تهريبه من التوقيف
۲- ضبط مبلغ الرشوة مقداره (۳۰۰,۰۰۰) ثلاثمائة ألف ريال والشيك رقم (۱۰۷)وتاريخ 24/3/1427هـ بمبلغ (أربعمائة ألف ريال) لحظة قيام المتهم الأول بتسليمه للأفراد في مواقف مستشفى. بناء على كمين أعد لذلك.
٣- اعتراف المتهم الأول المصدق شرعة بقيامه بعرض مبلغ مالي قدره (۷۰۰,000) سبعمائة ألف ريال دفع منها نقدأ (ثلاثمائة ألف ريال والباقي (أربعمائة ألف ریال) بموجب شيك سلمها للجندي بإدارة الحقوق المدنية….. کرشوة له ولزميله مقابل تهريبه من التوقيف لديهم .
4- اعتراف المتهم الأول المصدق شرعأ بقيامه بالتنسيق هاتفية مع المسؤول عن الأمن والسلامة بسوق….. المدعو….. بإحضار المبالغ المالية المذكورة والشيك التسليمها لأفراد الحقوق من أجل إطلاق سراحه على أن يصطحبه معه في سيارته بعد إطلاق سراحه إلى مطار الملك عبد العزيز لمغادرة المنطقة في أقرب رحلة .
5- اعتراف المتهم الثاني المصدق شرعة المتضمن قيامه باستلام مبالغ الرشوة والشيك سالفة الذكر من مسؤول الإيرادات وإحضارها للمتهم الأول في مواقف مستشفى…….
6- أن إفادة المتهم الأول لدى الهيئة بأن الأفراد طلبوا منه مبلغ الرشوة وأراد الإبلاغ عنهما ليس له أساس من الصحة حيث لم يثبت أنه أبلغ عنهما حتى لحظة القبض عليه وطلب ممثل الادعاء من ديوان المظالم معاقبة المتهمين طبقاً لنص المواد (۹ – ۱۰ – ۱۵) من نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/36 وتاريخ 29/12/1412هـ . وبمواجهة المتهم الأول ….. بالاتهام المنسوب إليه وسؤاله الجواب أجاب: بأنه ينكر ما جاء في قرار الاتهام وأنه يطلب أج” ليتمكن من إعداد الرد المفصل على قرار الاتهام. وبمواجهة المتهم الثاني ….. بالاتهام المنسوب إليه وسؤاله الجواب. قدم مذكرة تضمنت ردّه على ما جاء في قرار الاتهام وقد جاء فيها أن هذه الدعوى تفتقد إلى رکن مهم بالجريمة وهو الركن المعنوي ولا يجوز تركيز الهيئة على الركن المادي وتغفل عن القصد الجنائي الذي أنكره في التحقيق وما ينكره هو أنه لا علم له بما كان يهدف إليه المتهم من طلبة المبلغ المالي، وقد ذكر لجهة التحقيق أنه يعمل لدى المتهم بوظيفة مدير أمن للسوق الذي يملك الاستثمار فيه ووكيله الشرعي مرفق صورة الوكالة فإنه مأمور حتى لو كان رئيسه سجيناً وخلف القضبان فليس له إلا تنفيذ أوامره كون روابط العمل مازالت قائمة ولم ينفك لحدوث طارئ على المذكور. وطلب النظر في عملية تسليم المبلغ فإن كانت للأفراد فلا شك في مشاركته وتواطئه مع المتهم وإن كان تسليمه المبلغ للمتهم شخصياً فلكم النظر السديد وطلب الحكم ببراءته مما نسب إليه .
وإثبات المبلغ الذي قام بتسليمه للمدعو…… وهو ثلاثمائة وخمسون ألف ريال نقدأ داخل شنطة، وليس كما ورد بالدعوى من أن المبلغ النقدي ثلاثمائة ألف ریال، حيث إن المبلغ عهدة عليه. وبعرضها على ممثل الادعاء اكتفي بما جاء في قرار الاتهام. وبجلسة لاحقة بتاريخ 28/6/1427هـ قدم المتهم الأول….. مذكرة جاء فيها: إن الهروب بالنسبة له كان سهلأ جدأ طوال فترة التوقيف ولا يحتاج لدفع أي مبالغ وكان يتمتع بثقة جيدة لدى بعض الجنود مما جعل أحدهم يسمح له بالتجول دون أي قيود أو متابعة ولديه شهود على ذلك. وقد صرح العريف….. لأكثر من شخص بأنه نادم على ما قام به حيال هذا الموضوع. وأنه قام بتسجيل هذا التفاوض بجواله الخاص كدليل ثابت وإدانة على هؤلاء وقد سمعوا وترددوا عليه كثيرأ لإقناعه بفكرة الهروب وأنهم سبق أن تعاونوا مع غيره حتى إنهم ذكروا أشخاصاً بأسمائهم فعلا قد تم هروبهم من التوقيف مقابل مبالغ مالية، وأن الأمر لا يتعدى ضرره على أحد ولم يتم معاقبتهم بعد ذلك بشيء وأصبح الأمر عادية وكثيراً ما نسمع من أن أحد الموقوفين بالحقوق قد هرب بطريقة ما. وقد تم القبض عليه داخل سور المستشفى وقد تمت المداهمة وهو داخل سيارة الحقوق ولم يسلم المبالغ ولم ينزل من سيارة الحقوق ولم يركب السيارة الخاصة بهروبه كما يدعون خاصة أن الموقع الذي كان فيه لا يمكن لأحد أن يستطيع الهرب منه مما يساعد على إكمال القبض عليه على أن المبلغ كان داخل الحقيبة ولم يتم تسليم هؤلاء أي مبالغ مالية وقد حاولوا جاهدين بتسليمهم أي مبلغ مقابل موافقتهم على الهروب وقد قام الوكيل بتسليم الحقيبة الخاصة به بيده ولم يتم تسليمها للجندي ومن ثم اتجه وركب سيارته، حيث إن هذه الحقيبة كانت أساساً موجودة معه طوال توقيفه بالتوقيف الموحد وبها مبالغ مالية وأوراق خاصة به وبعد محاولة الوكيل الذهاب تمت المداهمة وتوقيفه وذلك عندما شعروا بأن الوکيل سوف يخرج بدون أصحابه فأوقفوه وقبضوا علينا. وأنه ليس هناك دواع للهروب ودفع الرشوة ، حيث إنه يمتلك السمعة الحسنة والقدرة المالية لإنهاء تلك المواضيع دون الحاجة لأحد ولديه ما يثبت ذلك، حيث بالفعل تمت المصالحة وتصفية جميع الحقوق المالية خلال الفترة الماضية ويدل على ذلك تملکه واستثماره لعدد من المشاريع الكبيرة. وبعرضها على ممثل الادعاء ….. اكتفى بما جاء في قرار الاتهام وأدلته. وفي هذه الجلسة قدم المتهم الثاني ….. مذكرة أخرى لم تخرج في مضمونها عن المذكرة السابقة وقد أشار فيها إلى أنه ينفي علمه بما كان يخطط له المتهم الأول وأنه مجرد موظف عند المتهم الأول يقوم بالعمل الذي يطلب منه وأنه قد قام بتسليم المبلغ كاملاً إلى المتهم الأول وما قام به كان مجرد إيصال أمانة له بناء على أمره له دون معرفة السبب وقد أقر المتهم الأول بأنه لا علم له بما كان يخطط له وأنه قد أقر بذلك أمام هيئة الرقابة والتحقيق وقد تم القبض عليه وهو متحرك بسيارته ولم يركب معه المتهم الأول. وبعرضها على ممثل الادعاء اكتفي بما جاء في قرار الاتهام. وبجلسة لاحقة بتاريخ 22/10/1427هـ قدم المتهم الأول ….. مذكرة لم تخرج في مضمونها عما قدمه في المذكرة السابقة أجاب فيها على أدلة الاتهام وقد أشار فيها إلى أن قرار الاتهام الصادر من هيئة الرقابة والتحقيق قد تضمن العديد من أوجه القصور والتناقض مما يقدح في سلامة الاتهام الموجه له،
وذلك على النحو التالي :
ورد في أدلة الاتهام تحت بند (۱) بأنه قد ورد للمباحث الإدارية إخبارية من أفراد الحقوق المدنية بقيامي بعرض مبالغ مالية عليهما كرشوة من أجل تهريبي من التوقيف، ولم يتم ذكر قيمة هذا المبلغ المدعي بأنني قمت بعرضه على المذكورين كرشوة.
فضلاً عن كون الهيئة قد استندت على هذا البلاغ كدليل إدانة ضدي دون الاستناد إلى أية تحريات للتأكد من صحة هذا البلاغ من عدمه، فواقعة عرضي للرشوة المزعومة لم تستند إلى أية تسجيلات صوتية أو شهود للواقعة في أية مرحلة من مراحلها، فكيف تكون إفادة الجنديين في حد ذاتها كدلیل اتهام في جريمة عرض الرشوة .
كما أوردت الهيئة أنها قامت بضبط مبلغ (300,000) ثلاثمائة ألف ريال وكذلك شيك مصرفي بمبلغ (400,000) رقم (۱۰۷) وتاريخ 27/4/1427هـ بقيمة(أربعمائة ألف ريال) لحظة قيامي بتسليمها للجنديين في مواقف مستشفى…….. وذلك بناء على كمين أعد لذلك ومردود على هذا بالآتي :
أولاً : في واقعة الضبط:
غير صحيح ما أوردته الهيئة من أنه قد تم ضبطي أثناء قيامي بتسليم مبلغ الرشوة المدعى به، بل إن ما حدث هو قيام أفراد الكمين بمداهمتي أثناء وجودي داخل سيارة الحقوق ومصادرة المبلغ والشيك الذي كان بحوزتي لحظة الضبط ولم أقم بتسليمه لأحد وهذا الأمر ثابت في محضر الضبط لدى المباحث الإدارية وليس لدى الهيئة أية تسجيلات أو شهود على كوني قمت بتسليم المبلغ الذي كان بحوزتي للجنديين.
ثانياً : في عدم صحة قيمة الرشوة المدعى بها: ۲- أوردت هيئة الرقابة والتحقيق في قرار اتهامها لي بأنني قمت بعرض ودفع مبلغ ثلاثمائة ألف ريال نقدا والباقي بشيك مصرفي للجندي ….. والعريف….. ولما كان الشيك محل الضبط ليس شیک مصرفية ولم يحرر باسم الجنديين، ولا حتى باسم أي موظف أو عسكري في الجهة الحكومية المذكورة فكيف يمكن والحالة كذلك الإدعاء بكون هذا الشيك يمثل مبلغ الرشوة المدعى بها على الرغم من كونه معدوم الوجود في الدعوة کشيك مصرفي و بدون وجود الأسماء أية من المستفيدين به مما يعد عيبة جوهرية في أدلة الاتهام القائمة عليها دعوى الهيئة.
كما أن التوقيع ليس مطابقة بما هو في البنك وإني لأضع علامة استفهام لماذا تم طلب الشيك باسم شخص آخر؟ ٣- أما فيما يخص ما أوردته الهيئة من اعترافي بعرض الرشوة على الجنديين والمصدق شرعاً فمردود على ذلك بالآتي: لقد تعرضت لدى المباحث الإدارية الضغوط وتهديدات لا قبل لأحد بتحملها، حيث تواصل التحقيق معي لفترات طويلة مورست خلاله جميع أنواع الضغوط لانتزاع اعتراف من قبلي لصحة الادعاء وذلك لمجرد إثبات إنجاح العملية، حيث كان التحقيق يمر بعدة مراحل ومع عدة أشخاص ويستمر لساعات متأخرة من الليل وحتى دورات المياه كانت مزودة بكاميرات مراقبة مما اضطررت معه للتوقيع على كافة ما أوروده بتلك المحاضر للخلاص من تلك الحالة، ولقناعتي بأن تلك التحقيقات ليست نهاية المطاف وبقدرتي وبعون الله على إظهار الحقيقة أمام قضائنا العادل ولقد حاولت إقناع رئيس المحكمة عند مصادقة أقوالي تلك بأنها ليست صحيحة وقد طلبت من فضيلته بأن تكون هناك جهة أخرى محايدة بالتحقيق والا فإنه مضطر للتوقيع، حيث إن المحقق قد توعد في حالة عدم التصديق بأن التحقيق الأخير لن يكون فيه مصلحة له كهذا التحقيق وبإمكان مقام الدائرة التأكد من ذلك من فضيلة القاضي.
كما أنه لم يكن في حاجة للهروب، حيث إن توقيفه كان مؤقتاً على ذمة بعض المطالبات المالية والتي كان قد بدأ بالفعل في تسويتها، حيث تقدم للامارة بطلب منحه مهلة قصيرة للسداد ولديه كافة المستندات الثبوتية والصكوك التي تثبت ذلك. كما أن المبلغ المالي الذي ضبط بحوزته بعد استلامه له من أحد الموظفين الذي يعمل معه كان بغرض توزيعه على بعض الموقوفين في توقيف الحقوق والذين كانوا موقوفين على ذمة بعض القضايا الحقوقية وعلى مبالغ مالية صغيرة ولم يكن يريد من وراء ذلك إلا وجه الله تعالى، مع العلم بأن هذه الحقيبة معه منذ بداية توقيفه وبداخلها مبالغ مالية وأوراق خاصة به ولديه شهود بذلك. ووفقا لما سبق عرضه من كون الاتهام المقدم من قبل الهيئة قام فقط على بلاغ الجنديين بالواقعة دون سند أو إثبات لهذا الادعاء وأن المبلغ المثبت في ادعاء الهيئة غير صحيح ومخالف لما تم ضبطه بالواقعة، ولما كان المبلغ المالي الذي ضبط قد تم ضبطه بحوزته ولم يتم ضبطه وهو يسلم أية مبالغ للجنديين. وأن الركن المادي في جريمة عرض الرشوة غير متوافر في حقه ولم يثبت وجود واقعة عرض الرشوة ولم يثبت وجود القصد الجنائي للجريمة ولذلك طلب في ختام مذكرته الحكم بعدم ثبوت جريمة الرشوة وبراءته من التهمة الموجهة له. وبعرضها على ممثل الادعاء اكتفى بما جاء في قرار الاتهام وأدلته.
كما اكتفى المدعى عليهما بما قدما وذكرا أنه ليس لديهما ما يضيفانه .
وبناءً عليه رفعت الجلسة للمداولة وإصدار الحكم.
الأسباب
بناءً على الدعوى والإجابة وبعد دراسة أوراق القضية والاطلاع على أقوال المدعى عليهما في التحقيقات السابقة وأمام الدائرة تبين للدائرة أن جهة الادعاء قد نسبت للمتهم الأول ….. قيامه بعرض ودفع مبلغ سبعمائة ألف ريال ثلاثمائة ألف ريال نقدا والباقي بشيك لفردين من أفراد الحقوق المدنية كرشوة مقابل مساعدته في تهريبه من التوقيف لدى الحقوق المدنية بمكة المكرمة کونه موقوفاً على ذمة مطالبات مالية تصل إلى ستة عشر مليون ريال. كما نسبت للمتهم الثاني قيامه بمشاركة المتهم الأول في جريمة الرشوة وذلك بتوصيل مبلغ الرشوة إليه بمواقف مستشفى…… . بمكة المكرمة من أجل تسليمها للأفراد العاملين في إدارة الحقوق المدنية من أجل إطلاق سراحه. وقد طلبت جهة الادعاء معاقبة المتهمين وفقا للمواد التاسعة والعاشرة والخامسة عشرة من نظام مكافحة الرشوة وحيث إن هذه الدعوى ينعقد الاختصاص الولائي بنظرها لديوان المظالم وفقأ للمادة (1/8) ومن نظامه الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/51 وتاريخ 17/7/1402هـ كما أن الاختصاص النوعي والمكان منعقد لهذه الدائرة وفقاً لقرارات رئيس الديوان المنظمة للدوائر واختصاصاتها – ولذلك فإن الدائرة تبدأ في بحث موضوعها بعد استيفاء الدعوى لطلبات الفصل فيها.
وحيث إنه عن التهمة المسندة إلى المتهم الأول وهي قيامه بعرض مبلغ الرشوة على النحو السابق في قرار الاتهام فهي ثابتة في حقه – في نظر الدائرة – وذلك بتظافر الأدلة – ضده وفي مقدمتها اعترافه المصدق شرعأ والمتضمن أنه قد تم إيقافه بتوقيف إدارة الحقوق المدنية بمكة المكرمة لوجود مطالبات مالية عليه وأثناء توقيفه تعرف على بعض الأفراد العاملين بإدارة الحقوق المذكورة وعرض عليهم أن يقوموا بتهريبه من التوقيف مقابل أن يدفع لهم مبالغ مالية وأنه قد تفاوض معهم على مبلغ مليون ريال ثم تم الاتفاق على مبلغ سبعمائة ألف ريال يدفع منها ثلاثمائة ألف ريال نقداً والباقي بموجب شيك وقد تم الاتفاق على التسليم مساء يوم السبت الموافق 24-25/3/1427هـ بعد منتصف الليل بعد أن يقوم بالتنسيق مع المتهم الثاني باعتباره المسئول عن الأمن والسلامة بسوق …..وقد أخبره بجميع التفاصيل وطلب منه إحضار المبلغ وتم الاتفاق على استلامه بمواقف مستشفى……. بمكة المكرمة بعد أن تم تحويله إليه بحجة أنه مريض على أن يقوم المتهم الثاني بإيصاله إلى المطار ليتمكن من مغادرة المملكة… وأنه بالفعل حضر المتهم الثاني وسلم له شنطة سوداء أخرج منها المبلغ والشيك وسلمها لأحد أفراد التوقيف وهو الجندي ….. وبعد ذلك تم القبض عليه..) وقد تأيد هذا الاعتراف بمحضر القبض على المتهم والمتضمن قيام المتهم بتسليم الجندي ….. ظرفاً أبيض أخرجه من تلك الشنطة وبتفتيشه تبين أنه يحوي مبلغاً مالياً قدره ثلاثمائة ألف ريال وشيكاً بمبلغ أربعمائة ألف ريال.. كما أن المتهم الثاني قد اعترف باستلامه المبالغ المذكورة والشيك السالف الذكر من مسئول الإيرادات وإحضارها للمتهم الأول في مواقف مستشفي….. ولم ينكر المتهم واقعة ذهابه للمستشفى وقد اعترف بذلك المتهم الثاني وتطابقت أقوالهما كما أن إجراءات ضبطه متلبسا بدفع المبلغ قد اتخذت بناء على إخبارية أفراد إدارة التوقيف وقد ضبط مبلغ الرشوة لحظة قيام المتهم بتسليمه للأفراد في مواقف المستشفى المذكور بناءً على كمين أعد لذلك.
وحيث إن جريمة عرض الرشوة المنسوبة للمتهم قد توافرت أركانها النظامية فقد قام المتهم بعرض مبلغ سبعمائة ألف ريال، ثلاثمائة ألف ريال نقدا وأربعمائة ألف ريال بشيك على أفراد إدارة التوقيف بشرطة منطقة مكة المكرمة حال كونه موقوفاً لديهم بسبب مطالبات مالية والثابت من أوراق القضية أن من عرض عليه المبلغ قد رفض قبول المبلغ وهما فردان يعملان بإدارة التوقيف ومختصان بحراسة الموقوفين لديهم.
وقد توافر القصد الجنائي في حق المتهم من خلال علمه بصفة الفردين اللذين عرض عليهما المبلغ وأنهما موظفان عامان مختصان بالعمل الذي يقومان به. وقد اتجهت إرادة المتهم إلى حملهما على القيام بعمل يخل بواجبهما الوظيفي وهو إطلاق سراحه من التوقيف بعد أن تم توقيفه بسبب مطالبات مالية. وحيث إن عرض الرشوة على النحو السالف ذكره – محرم بالكتاب الكريم والسنة المطهرة فمن الكتاب الكريم قوله تعالى في حق اليهود في سورة المائدة: )سماعون للكذب أكالون للسحت( والرشوة نوع من أنواع السحت فقد ذمهم الله لأكلهم ذلك والذم يستلزم أن يكون ذلك محرماً فتكون الرشوة محرمة. وعن ثوبان رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش يعني الذي يمشي بينهما. كما أن فيه إهداراً لنزاهة الوظيفة العامة. وقد عبر المتهم عن عدم احترامه لها بارتكابه هذا الفعل مما يتعين معه على الدائرة إدانته بما نسب إليه في هذه الدعوى ومعاقبته عن ذلك وفقا للمادة التاسعة من نظام مكافحة الرشوة والتي نصت على معاقبة من عرض رشوة ولم تقبل منه بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تزيد عن مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين. ولا تلتفت الدائرة إلى ما دفع به المتهم أمامها من أن اعترافه كان تحت الإكراه والتهديد الذي لاقاه أثناء التحقيق معه.. فإن هذا الدفاع في غير محله، إذ لا دليل على صحته ولا دليل على وقوع المتهم المذكور تحت تأثير الإكراه الذي ادعي بحدوثه بالإضافة إلى أنه من غير المعقول أن يحدث الإكراه أمام فضيلة رئيس المحكمة الجزئية بمكة المكرمة. كما ادعى بذلك المتهم، كما أن ما تعلل به المتهم من أن قبضه للمبلغ كان من أجل توزيعه على بعض الموقوفين.. فإن ذلك غير مقنع للدائرة ولا تجد سبباً لطلبه هذا المبلغ وإحضاره له من قبل المتهم الثاني سوى أنه أراد أن يدفعه للأفراد المذكورين من أجل إطلاق سراحه من التوقيف.
وحيث إن مبلغ الرشوة وقدره ثلاثمائة ألف ريال قد تم إيداعه من قبل الجهة المختصة بفرع المباحث الإدارية بالعاصمة المقدسة بأحد المصارف البنكية وتم حفظ الشيك بمبلغ أربعمائة ألف ريال بصندوق الأمانات لديهم وقد طلبت جهة الادعاء مصادرته ولكون ذلك ممكن عملاً ولذلك فإن الدائرة تقضي بذلك عملاً بالمادة الخامسة عشرة من نظام مكافحة الرشوة. وحيث أنه بالنسبة للمتهم الثاني ….. فقد ثبت للدائرة قيامه بمشاركة المتهم الأول في جريمة عرض الرشوة وذلك بتوصيل مبلغ الرشوة إليه بمواقف مستشفى….. بمكة المكرمة من أجل تسليمها للأفراد العاملين في إدارة الحقوق المدنية من أجل إطلاق سراحه وأن هذه الجريمة ثابتة قبله وذلك للأدلة التالية :
1- اعترافه المصدق شرعا بما نسب إليه وإقراره بأن ما أقدم عليه المتهم الأول هو رشوة وأنه قام بمساعدته في ذلك بإيصال المبلغ إليه.
۲- محضر القبض على المتهم حال قيامه بتسليم الشنطة التي تحوي مبلغ الرشوة للمتهم الأول.
٣- اعتراف المتهم الأول المصدق شرعة بإخبار المتهم المذكور بتفاصيل مبلغ الرشوة وطلبه منه إحضارها إليه في الوقت والمكان المحددين.
وحيث أنه وإن كان المتهم ينفي التهمة المنسوبة إليه إلا أنه لم ينكر واقعة ذهابه إلى مواقف المستشفى المذكور وهو يحمل الشنطة التي تحوي مبالغ الرشوة…… وقد تأيد ذلك بأقوال المتهم الأول وبذلك طابقت أقواله أقوال المتهم الأول وتعتبر هذه قرائن كافية لإثبات قيام المتهم الثاني بمشاركة المتهم الأول في جريمة عرض الرشوة وذلك بتوصيل مبلغ الرشوة إليه، وحيث إن جريمة الرشوة التي ارتكبها المتهم قد تكاملت أركانها النظامية ومن ثم يتعين على الدائرة معاقبته عن ذلك وفقاً للمادة العاشرة من نظام مكافحة الرشوة والتي نصت على معاقبة الراشي والوسيط وكل من اشترك في إحدى الجرائم الواردة في النظام بالعقوبة المنصوص عليها في المادة التي تجرمها ويعتبر شريكة في الجريمة كل من اتفق أو حرض أو ساعد في ارتكابها مع علمه بذلك متى تمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق أو التحريض أو المساعدة. ولا تلتفت الدائرة إلى الدفاع الذي أبداه المتهم من أنه لم يكن يعلم بما يخطط له المتهم الأول وأنه مجرد موظف عند المتهم الأول وقد قام بإيصال الأمانة بناءً على طلب المتهم الأول فإن هذا الدفع في غير محله ولا يوجد في الأوراق ما يسانده الأمر الذي ترى معه الدائرة الإلتفات عنه وعدم الاعتداد به .
وتشير الدائرة وهي في سبيل اختيار العقوبة المناسبة على المتهمين أن المتهم الأول قد بقي في السجن ما يقارب خمسة أشهر وهذه المدة التي قضاها في السجن موقوفاً على ذمة هذه القضية مع إيقاع عقوبة الغرامة عليه وهي عقوبة كافية لزجره وردعه عن العودة لمثل ما بدر منه.
أما المتهم الثاني فإنه مطلق السراح ولم يتم إيقافه على ذمة هذه القضية وبالتالي فإن الدائرة تكتفي بتعزيره بايقاع عقوبة الغرامة عليه. لذلك ولكل ما تقدم حكمت الدائرة: أولاً: إدانة….. بجريمة عرض الرشوة المنسوبة إليه في هذه الدعوى ومعاقبته عن ذلك بسجنه مدة خمسة أشهر وتغريمه مبلغ خمسة وعشرين ألف ريال مع مصادرة مبلغ الرشوة المحفوظ بصندوق الأمانات بإدارة المباحث الإدارية بالعاصمة المقدسة.
ثانياً: إدانة….. بالاشتراك في جريمة عرض الرشوة المنسوبة إليه في هذه الدعوى ومعاقبته عن ذلك بتغريمه مبلغ خمسة وعشرين ألف ريال لما هو موضح بالأسباب. وباعلان الحكم على الحاضرين قرر ممثل الادعاء القناعة بالحكم فيما قرر المتهمان عدم قناعتهما به، والله الموفق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هيئة التدقيق
حكمت الهيئة : بتأييد الحكم رقم 127/د/ج/9 لعام 1428هـ فيما انتهى إليه من قضاء ، والله الموفق .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.