النظام النيابي

المادة : القانون الدستوري

البحث الخامس : النظام النيابي

1- النظام البرلماني :

       هو النظام القائم على وجود توازن بين السلطتين التشريعية و التنفيذية و أدوات تأثير متبادلة ، فحق البرلمان في حجب الثقة عن الحكومة يقابله حق الحكومة في حل البرلمان . يرتكز النظام البرلماني على وجود تعاون وثيق بين السلطتين مع حفظ الانفصال بين ذاتية كل من هاتين السلطتين. نشأ النظام البرلماني في انجلترا نتيجة سلسلة من الأحداث التي ساهمت في انتقال السلطة تدريجيا من الملك إلى رئيس وزرائه ، وحدث ذلك بعد ثورتي 1648 و 1688 أين تقيدت سلطة الملوك و تم القضاء على هيبتهم .

عناصر النظام البرلماني

1* برلمان منتخب مكون من مجلسين أو من مجلس واحد (السلطة التشريعية) : يمارس البرلمان في النظام البرلماني صلاحيات متعددة أهمها الصلاحية التشريعية و المالية و الرقابية . لكنه يشارك في الوظيفة التنفيذية عن طريق مراقبته نشاط الحكومة بعدة وسائل منها الاستجواب و الأسئلة الكتابية و الشفاهية و لجان التحقيق .

2* رئيس الدولة غير مسئول ( السلطة التنفيذية) : رئيس الدولة في هذا النظام له مهام شرفية فقط و رمزية ذات طابع بروتوكولي تتمثل في تجسيد وحدة الدولة و تعيين رئيس الحكومة و الوزراء و اصدار القوانين و المعاهدات ، وبالتالي فالرئيس هنا غير مسؤول سياسيا . وهو تقريبا اما ورث الحكم او عين من طرف البرلمان .

* الوزارة المسئولة (السلطة التنفيذية) : تعتبر الوزارة روح و محور النظام البرلماني و هي تتمتع بخصائص تميزها عن سائر الوزارات او الحكومات في الأنظمة الدستورية ، و الوزراء يعينهم رئيس الحكومة بناءا على اعتبارات سياسية بالدرجة الأولى و يعينهم رئيس الدولة شكليا بعد موافقة البرلمان في معظم الحالات ، علما أنهم يكونون من الأغلبية البرلمانية و بالتالي نواب من البرلمان غالبا .

و نلاحظ هنا نقطتين أساسيتين

– مسؤولية الحكومة أمام البرلمان: الوزارة هنا مسئولة مسؤولية جماعية و تضامنية عن أعمالها أمام البرلمان الذي يستطيع إشغال مسؤوليتها السياسية و إسقاطها إذا ما كانت على خلاف معه .

– حل البرلمان : يقابل حق البرلمان بحجب الثقة عن الحكومة حق الأخيرة بحل البرلمان و الاحتكام للشعب في حال خلافها معه .

* التعاون بين السلطتين التشريعية و التنفيذية

– وسائل تأثير الحكومة على البرلمان :

        * حق حل البرلمان عند الضرورة .

        * طرح مسألة الثقة أمامه حيث تلزمه بالتعبير عن موقفه منها .

        * دخول أعضاء الحكومة إلى البرلمان للدفاع عن مشاريع القوانين التي تقترحها الحكومة.

        * دعوة البرلمان للانعقاد خارج الفترات التشريعية.

        * إمكانية تأجيل عمل البرلمان.

– وسائل تأثير البرلمان على الحكومة :

        * سحب الثقة منها .

        * استجواب الوزراء و طرح الأسئلة .

        * إنشاء لجان للتحقيق في موضوع .

        * مناقشة برنامج الحكومة و إمكانية عدم الموافقة عليه .

        * مناقشة أعضاء الحكومة داخل اللجان البرلمانية .

أهم تطبيقات هذا النظام البرلماني في العديد من البلدان الأوربية ذات الشكل الملكي كانجلترا و كذا البلدان الاسكندينافية ، كما يطبق في بعض دول النظام الجمهوري كايطاليا و الهند .

2- النظام الرئاسي :

      يعرف النظام الرئاسي على انه نظام الفصل الجامد بين السلطات أو هو النظام الذي تتركز فيه السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية منفردا و الذي ينتخب من الشعب مباشرة، أي النظام الذي ينعدم فيه وجود الحكومة كمؤسسة دستورية ذات صلاحية . أي استقلال و فصل كبير بين السلطة التشريعية و التنفيذية و عدم إمكانية تأثير احدها على الأخر . و يعتبر النظام الأمريكي هو أحسن مثال على هذا النظام . ففي هذا النظام لا يستطيع الرئيس حل البرلمان و لا يستطيع هذا الأخير حجب الثقة عن الرئيس .

أركان النظام الرئاسي :

– السلطة التشريعية : يتكون البرلمان من النواب المنتخبين من طرف الشعب و قد يتشكل من مجلس واحد أو مجلسين ، والبرلمان مستقل تمام عن الرئيس ، وفي هذا النظام يمارس البرلمان وظيفته التشريعية بصفة كلية و بمفرده دون مشاركة السلطة التنفيذية رسميا لكن الرئيس يمكنه الاعتراض على القوانين الشيء الذي يلزم البرلمان بإجراء قراءة ثانية .

– السلطة التنفيذية : تنحصر السلطة التنفيذية في رئيس الجمهورية الذي هو نفسه رئيس الحكومة علما انه لا توجد حكومة بالمعنى الدقيق إذ الوزراء ليسوا إلا مجرد أعوان و مساعدين للرئيس يعملون تحت إشرافه . و نجد أن الرئيس هنا غير مسئول تجاه البرلمان كما انه غير مقيد بآراء وزراءه . وبالتالي فالرئيس يتمتع بالسلطة التنظيمية و خاصة إصدار القرارات المستقلة بحكم أن المجال التشريعي محدد و مقيد .

3- النظام المجلسي :

      هو نظام يتميز بتركيز و دمج كامل السلطة و مظاهر السيادة في يد المجلس النيابي (البرلمان) المنتخب من طرف الشعب و الذي يتولى الوظيفة التشريعية لكنه يسند ممارسة الوظيفة التنفيذية إلى هيئة خاصة منبثقة عنه تمارسها تحت إشرافه و رقابته و تكون مسئولة مسؤولية تامة أمامه عن جميع التصرفات . أي كأن البرلمان يمارس كلا الوظيفتين التشريعية و التنفيذية .و بالتالي فالحكومة ليست مؤلفة من وزراء بل من منفذين لإرادة البرلمان . و غني عن القول أن البرلمان يتمتع باستقلاله و سيادته بحيث لا تستطيع الحكومة حله . و النظام المجلسي هو اقرب إلى عالم الأفكار لأنه من الصعوبة أن يتحقق على ارض الواقع نظرا لان المجلس المكون من مئات النواب يعجز عن مباشرة كافة السلطات و دون تفويض بعض صلاحياته إلى الوزراء .

عرفت فرنسا تطبيق هذا النظام في ظل دستور 1792 و 1848 و 1871 و كذا النمسا في دستور 1920 و تركيا في دستور 1924 . و الواقع أن النظام المجلسي كثيرا ما يطبق في الأنظمة التسلطية و الاستبدادية إذ غالبا ما يؤدي إلى دكتاتورية السلطة التنفيذية مثلما حدث في تركيا في عهد كمال اتاترك او دكتاتورية السلطة التشريعية مثلما حدث في فرنسا خلال الجمهورية الرابعة بسبب الانحرافات و الممارسة السيئة للسلطة .

4- النظام المختلط :

      هو الذي جمع بين النظام الرئاسي و النظام البرلماني و مثاله النظام الدستوري الفرنسي الذي يعد النموذج الرئيس للنظام المختلط أو شبه الرئاسي و تتجلى فيه مظاهر الخلط فيما يلي :

* مظاهر النظام الرئاسي :

– رئيس الجمهورية منتخب من الشعب .

– يتولى رئاسة مجلس الوزراء .

– يعين الوزير الأول .

– يعين الوزراء و يقيلهم بناءا على اقتراح رئيس الحكومة .

– يعين كبار موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين يتمتع بالسلطة التنظيمية و خاصة إصدار القرارات

* مظاهر النظام البرلماني :

– ثنائية السلطة التنفيذية اذ يوجد رئيس حكومة .

– البرلمان يراقب نشاط الحكومة .

– الحكومة مسئولة أمام البرلمان و يستطيع أن يسحب منها الثقة .

– يمكن للسلطة التنفيذية حل البرلمان .

– تشارك السلطة التنفيذية في الوظيفة التشريعية باقتراح القوانين و مناقشتها داخل البرلمان .

هذا النظام أخذت به الجزائر ، فالنظام الجزائري له طابع مختلف يغلب عليه النظام الرئاسي لكونه يقوم بصفة أساسية على رئيس الجمهورية و على المكانة التي يحتلها .