بحث عن الرهن الحيازي العقاري

المبحث الأول: مفهوم الرهن الحيازي العقاري :

لائحة اعتراضية 600 ريال

أورد المشرع الجزائري  بعض النصوص المتعلقة بالرهن الحيازي العقاري دون أن يعرف أو يحدد طبيعته بخلاف بعض التشريعات الأخرى(1) و ترك ذلك لاجتهاد الفقهاء.

و سنتناول بالدراسة تحت عنوان المبحث الأول : تعريف الرهن الحيازي العقاري و خصائصه في المطلبين التاليين :

  • المطلب الأول: تعريف الرهن الحيازي العقاري و طبيعته القانونية.

  • المطلب الثاني: خصائص الرهن الحيازي العقاري.

 

المطلب الأول : تعريف الرهن الحيازي العقاري طبيعته القانونية:

أورد المشرع الجزائري نصا واحدا عرف بموجبه الرهن الحيازي جاعلا منه مفهوما عاما على كل أنواع الرهن الحيازي(2) فلم يخص الرهن الحيازي العقاري بتعريف و لم يحدد طبيعته لذلك سنخصه بالدراسة في :

  • الفرع الأول: تعريف الرهن الحيازي العقاري.

  • الفرع الثاني:طبيعة الرهن الحيازي العقاري.

الفرع الأول: تعريف الرهن الحيازي العقاري.

نصت المادة 948 (3) من القانون المدني الجزائري على أن «الرهن الحيازي عقد يتلزم به شخص ضمانا لدين عليه أو على غيره ،أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان شيئا يرتب عليه الدائن حقا عينيا يخوله حبس الشيء إلى أن يستوفي الدين و أن يتقدم الدائنين العاديين و التالين له في المرتبة في أن يتقاضى حقه من ثمن هذا الشيء في أي يد يكون».

و لعبارة الرهن ثلاث معان فقد يكون المقصود منه العقد الذي ينشأ عنه الحق العيني للمرتهن و قد يقصد منه الحق نفسه المتولد عن الرهن و قد يقصد منه الشيء المرهون الضامن للدين,

و الملاحظ أن المشرع الجزائري عند تعريفه للرهن الحيازي بأنه عقدا يكون بذلك قد غلّب فكرة العقد على فكرة الحق الذي ينشأ عن العقد.

(1) عرف المشرع اللبناني الرهن الحيازي العقاري في المادة 101 من قانون الملكية العقارية بأنه«عقد يضع بموجبه المديون عقارا في يد دائنه أو في يد عدل و يخول الدائن حق حبس العقار إلى يدفع له دينه تماما ،و إذا لم يدفع الدين فله الحق بملاحقته نزع ملكية المديون بالطرق القانونية»

(2) يلاحظ أن مقابل الرهن الحيازي في التشريع الفرنسي يسمى Nantissement فإذا ورد على عقار يسمى antichrèse و إذا ورد على منقول يسمى Gage تنص المادة 2027 مدني فرنسي.

«Le Nantissement d’une chose mobilière s’appelle gage, celui d’une chose immobilière s’appelle antichrèse »

(3) و تقابلها المادة 1096 من القانون المدني المصري

و قد يقال ردا على هذه الملاحظة أن كلمة«الرهن» في القانون تطلق على عقد الرهن كما تطلق على حق الرهن كما تطلق على الرهن نفسه أو على الشيء المرهون. و لكننا عندما نتكلم عن الرهن إنما ينصرف القصد إلى حق الرهن و ليس للعقد المنشئ له .و تستوحى هذه الملاحظة من عنوان الكتاب الرابع«الحقوق العينية التبعية» ،لذلك كان من الأولى تعريف الرهن الحيازي باعتباره حقاعلى أنه«حق عيني تبعي يقوم على نقل حيازة المال الذي يترتب عليه إلى الدائن المرتهن الذي يستطيع بمقتضاه حبس هذا المال حتى استيفاء  حقه و تكون الأولوية على ثمنه في أي يد يكون ،فتخلي الراهن عن حيازة المال المرهون هي جوهر هذا الرهن و لذلك يطلق عليه اسم الرهن الحيازي»(1)

و الملاحظ في التشريع الجزائري أن التسليم لا يعتبر ركنا في العقد بل هو مجرد التزام يتولد من العقد بعد تمامه في ذمة المدين كون أن العقد ينعقد بمجرد تبادل الإيجاب والقبول دون حاجة إلى التسليم(2) حيث تنص المادة 948 من القانون المدني«الرهن الحيازي عقد يلزم به الشخص … أن يسلم إلى الدائن … شيئا ».    وفي ذلك يتفق التشريع الجزائري مع التشريع المصري الجديد حيث كان القانون المدني المصري قبل تعديله يعتبر الرهن الحيازي عقد عينيا(3).

ولأن الضمان في الرهن الحيازي يقتضي تسليم الراهن الشيء المرهون لدائنه المرتهن فإن المشرع الجزائري بموجب المادة 966 من القانون المدني قد ألزم الراهن في الرهن الحيازي الوارد على العقار بأن يسلم العقار المرهون إلى الدائن الدائن المرتهن أو إلى شخص يرتضيه المتعاقدان

و ذلك لنفاذه في حق الغير و ليترتب الحق العيني الذي يعطي للدائن المرتهن حق حبس العقار المرهون إلى غاية استيفاء دينه تماما ،و حق التقدم على غيره من الدائنين العاديين و الداتئين التالين في المرتبة في استفاء حقه من ثمن المرهون في أي يد يكون.

و بناءا علي كل ما سبق و استنادا للتعريف الوارد بالمادة 948 من القانون المدني نعرف الرهن  الحيازي الوارد على العقار بأنه حق عيني على عقار يضعه المدين في يد دائنه أو في يد شخص يتفق عليه المتعاقدان، ضمانا للوفاء بدين الدائن و يخول هذا الأخير حق حبس العقار إلى أن يدفع له دينه كاملا، وفي حال عدم الدفع حق له التنفيذ على العقار بالطرق القانونية و استيفاء دينه من ثمنه بالأفضليــة على غيره من الدائنين العاديين و الدائنين التاليين له في المرتبة في أي يد يكون(4) .

(1)- د/- محمود جلال الدين زكي : نفس المرجع السابق – ص 359

(1) بخلاف المشرع الفرنسي الذي يعتبر التسليم ركنا في العقد

(2) – د/- عبد الرزاق أحمد السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني –الجزء 10 في التأمينات الشخصية و العينية – دار النهضة  العربية – القاهرة –الطبعة الثانية – 1994 ص 859

(3)« L’antichrèse est un nantissement immobilier. Le constituant se dessaisit, au profit du créancier de l’immeuble qu’il lui donne en garentie, et c’est le créancier qui perçoit les fruits avec obligation de les imputer d’abord sur les intérêts de la créance, puis sur le capital ». H.Mazeaud – J. Mazeaud – F.Chabas – Op.cit-p174.

الفرع الثـــاني:  الطبيــعة القانونيــة للرهن الحيــازي العقاري:

يعتبر الرهن الحيازي العقاري نوع من الضمان الذي يهدف إلى تأمين الدائن من خطر عدم الوفاء بالدين بحبس العقار إلى حين استيفاء الدين، فتخوله في حال امتناع المدين أو عجزه عن الوفاء بالمطالبة ببيع العقار المرهون بالطرق القانونية و استيفاء دينه من ثمنه بالأفضلية على غيره من الدائنين العاديين و التالين له في المرتبة و هو ما تشير له المادة 948 من القانون المدني.

لذلك يعتبر من عقود الضمان(1)  و هو عقد ضمان عيني على العقار المرهون و يفترض دائما وجود دين يضمنه سواء كان هذا الدين سابقا لعقد الرهن أو معاصرا له، و هو لا يوجد مستقلا، بل يتبع دائما نشوء الدين المضمون به، بحيث يكون هناك تقابل بين نشوء الدين و نشوء الرهن فيجعل كلا منهما سببا للآخر.

المطلب الثــــاني: خصائــص الرهن الحيـــازي العقــاري:

انطلاقا من أن الرهن يطلق على حق الرهن كمـا يطلق على العقد فنبين خصائصه باعتباره حقا ثم باعتباره عقدا في الفرعين التاليين:

  • الفرع الأول: خصائصه باعتباره حقا.

  • الفرع الثاني: خصائصه باعتباره عقدا.

الفرع الأول: خصائص الرهن الحيـازي العقاري باعتباره حقا:

يتميـز الرهن الحيازي العقاري باعتباره حقا بالخصائص التالية:

أولا: ينشأ الرهن الحيازي الوارد على العقار بواسطة عقد مثله مثل باقي أنواع الرهن الحيازي مثل

الرهن الرسمي. ولا ينشأ بنص القانون كالامتياز و لا بحكم قضائي كحق التخص.

ثانيـا: يعتبر حق عيني عقاري لأنه يخول الدائن سلطة مباشرة على العقار المرهون فيخوله الحق في حبسه إلى أن يدفع له دينه. كما يستطيع في حال عدم الدفع التنفيذ عليه و آستيفاء دينه من ثمنه بالأفضلية على غيره من الدائنين العاديين و الدائنين المرتهنين التالين له في المرتبه في أي بد يكون (2) .

و هو كغيره من الحقوق العينية العقارية طبقا للمادة 966 من القانون المدني يخضع للقيد في السجل العقاري، و لا يكون نافذا إلا من تاريخ هذا القيد، و على هذا فإن الحقوق العينية المكتسبة على العقار المرهون و المسجلة قبل تسجيل الرهن تكون ملزمة للدائن المرتهن.

ثالثا: هو حق عيني تبعي ذلك أنه يوجد لضمان حق آخر هو الدين المضمون به فيقوم بقيام هذا الدين و يتبعه في وجوده و عدمه فيبطل ببطلانه و ينقضي بانقضائه . فإذا تقرر بطلان الدين المضمون بطل الرهن تبعا لذلك، و إذا انقضى الدين المضمون بالوفاء أو بغيره انقضى الرهن تبعا له.

(1)-آ/حسن عبد اللطيف حمدان: لتأمينات العينية- الطبقة الأولى –الدار الجامعية بيروت بند 96- صفحة 142

(2) أ/حسن عبد اللطيف حمدان – نفس المرجع السابق ص 1135 بند 90

و قد أحال المشرع الجزائري بمقتضى المادة 950 على المادة 893 من القانون المدني المتعلقة بالرهن الرسمي و التي تنص على أنه «لا ينفصل الرهن عن الدين المضمون بل يكون تابعا له في صحته و في انقضاضه ما لم ينص القانون على خلاف ذلك».

و بذلك يجوز للراهن أن يتمسك في مواجهة المرتهن بكل الدفوع التى تؤثر في وجود الحق المضمون، و إذا كان الراهن غير المدين أي الكفيل العيني جاز له فوق تمسكه تجاه المرتهن بالدفوع التى تؤثر في صحة الرهن كنقص الأهلية، أو عيوب الرضا أن يتمسك بها للمدين من الدفوع المتعلقة بالدين ولو نزل عنه المدين (1) .

هذا و إن الإلتزام الأصلي الذي يضعه الرهن الحيازي يصح أن يكون محله كما هو الغالب مبلغ من النقود، و لكن يصح أيضا أن يكون محله التزام بعمل أو الإمتناع عن عمل أو نقل حق عيني.

كما يصح أن يكون الإلتزام الأصلي مقرونا بأجل أو معلق على شرط و عند ذلك يكون الرهن الحيازي ذاته مقرونا بنفس الأجل أو معلق على نفس الشرط (2) .

وقد يضمن الرهن الحيازي التزاما أصليا و هو التزام مستقبلي أو احتمالي كالالتزام الناتج عن فتح اعتماد. وقد نصت المادة 891 من القانون المدني و التي تنطبق على الرهن الحيازي بموجب المادة 950 من نفس القانون « يجوز أن يترتب الرهن ضمانا  لدين معلق على شرط أو دين مستقبلي أو دين احتمالي كما يجوز أن يترتب ضمانا لاعتماد مفتوح أو لفتح حساب جار على أن يتحدد في عقد الرهن مبلغ الدين المضمون أو الحد الأقصى الذي ينتهي إليه هذا الدين».

و يتخذ الرهن صفة الدين المضمون فإذا كان الدين تجاريا اعتبر الرهن تجاريا أيضا و في هذه الحالة تكون المنازعات الخاصة به من اختصاص القسم التجاري بالمحكمة (3). 

رابعا: يعتبر كذلك حق لا يتجزأ مع أن المشرع الجزائري لم ينص بشأن الرهن الحيازي على ذلك لا صراحة و لا بالإحالة على أحكام الرهن الرسمي (4) إلا أنه لا يوجد ما يمنع تطبيقها على الرهن الحيازي عموما ما في ذلك الرهن الحيازي العقاري.

لأن عدم التجزئة مرتبط بالضمان وهي خاصة تقررت لصالح الدائن المرتهن لتدعيم الإئتمان.

و عدم التجزئة يعني أن كل جزء من العقار المرهون ضامن لكل الدين، و أن كل جزء من الدين مضمون بالعقار كله، غير أن عدم قابلية الرهن للتجزئة قد تستبعد باتفاق الأفراد على تجزئة الرهن، وفي حال عدم وجود الإتفاق يفترض أن الأطراف أرادوا عدم التجزئة.

(1) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق ص 864

(2) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس الموضع

(3) أ/حسن عبد اللطيف حمدان –نفس المرجع السابق –ص 136

(4) في القانون المصري أحالت المادة 1098على أحكام المادة 1041 المتعلقة بعدم تجزئة الرهن الرسمي ، وفي القانون المدني الفرنسي نصت المادة 2083 على عدم التجزئة صراحة

و بما أن القاعدة تقررت لمصلحة فإنه يجوز للدائن المرتهن بعد انعقاد الرهن أن يتنازل عن حقه في عدم تجزئة الرهن.

و إذا مات المدين الراهن فليس لأحد الورثة أن يدعي أن الجزء من العقار الذي ورثه قد تخلص من الدين، و إذا مات الدائن المرتهن فليس لأحد ورثته أن يسلم العقار المرهون إلى المدين الراهن بدعوى أنه قد استوفى حصته ما دام أن باقي الورثة لم يستوفوا حصصهم (1).

 

الفرع الثاني: خصائص الرهن الحيازي العقاري باعتباره عقــدا:

يتميز الرهن الحيازي العقاري بوصفه عقدا بالخصائص التــالية:

أولا: أنه يعتبر عقد شكلي أو رسمي يلزم توثيقه ذلك أن المادة 12 من قانون التوثيق الصادر بموجب الأمر 70-91 تنص بأن العقود التي تتضمن نقل حقوق عقارية يجب تحت طائلة البطلان أن تحرر في شكل رسمي. و لم يفرق قانون التوثيق بين نقل الحقوق العقارية الأصلية و التبعية ففي الحالتين يلزم التوثيق(2).

بينما الرهن الحيازي العقاري في القانون المصري هو عقد رضا ئي لا يشترط لانعقاده شكل خاص(3)

و يعتبر التسليم أثر للعقد لا شرط لانعقاده.و هو في القانون الفرنسي(4).و اللبناني عقد عيني يشترط لانعقاده أن يتم تسليم العقار المرهون للدائن طوال فترة العقد.

ثانيـا: أنه عقد ضمان عيني فهو من عقود الضمان لكونه يسعى لضمان استيفاء الدائن المرتهن لحقه من دخل العقار المرهون.

ثالثا:عقد ملزم لمجانبين(5). حيث يلتزم الدائن المرتهن بالمحافظة على العقار المرهون و استثماره و رده عند انقضاء الرهن، و تقديم حساب عن ذلك، أما المدين الراهن فيلتزم بتسليم العقار المرهون إلى الدائن المرتهن.

رابعا: أنه عقد بمقابل لأن الراهن لا يتبرع بالرهن بل يقدمه في مقابل ما يحصل عليه من مال أو أجل و لأن الدائن المرتهن لا يقرض المدين أو يمنحه أجل إلا مقابل الرهن الذي يوفر له الضمان.

(1) أ/حسن عبد اللطيف حمدان –نفس المرجع السابق –ص 137

(2) د/-محمد حسنين –الوجيز في التأمينات الشخصية و العينية في القانون المدني الجزائري – المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائري –سنة 1986-ص 101

(3) د/ محمد جمال الدين زكي –نفس المرجع السابق ص 359

(4) H.Mezeaud. J.Mazeaud .F Chabas . op.cit.p 176

(5) أما القوانين التي تعتبر التسليم ركن في العقد فإن العقد يعتبر ملزم لجانب واحد.

المبحث الثانـــي:تكويــن الرهن الحيــازي العقاري:

يخضع الرهن الحيازي العقاري باعتباره عقد للمبادئ العامــة في نظرية العقد من ضرورة توافر تراضي طرفيه و محل و سبب التزام كليهما.

و يتضمن تكوين الرهن الحيازي العقاري على الأركان التي يقوم عليها من أطراف عقد الرهن و العقار المرهون و هو المحل الذي ينصب عليه العقد و الإلتزام المضمون الذي من أجله أنشئ الرهن و لا يكفي أن ينشأ الرهن الحيازي العقاري صحيحا بين المدين الراهن و الدائن المرتهن بل يجب أن يكون نافذا في مواجهة الغير للإحتجاج به.

و سندرس ذلك في المطلبين الآتيين:

المطلب الأول: أركان الرهن الحيازي العقاري.

المطلب الثاني: نفاذ الرهن الحيازي العقاري.

المطلب الأول: أركان الرهن الحيازي العقاري:

من خصائص الرهن الحيازي العقاري أنه ينشأ عن عقد لذلك وجب توافر أركانه. و بذلك نصت المادة 948 من القانون المدني على أن الرهن الحيازي هو عقد.و نصت المادة 949 من نفس القانون على انه لا يجوز أن يكون محلا للرهن الحيازي إلا ما يمكن بيعه استقلالا بالمزاد العلني.

و أحالت المادة 950 من القانون المدني إلى أحكام الرهن الرسمي فيما يخص الإلتزام المضمون بالرهن و هو السبب في العقد.

و سنأتي على شرح ذلك تباعا في الفروع التالية:

  • الفرع الأول: أطراف عقد الرهن الحيازي العقاري.

  • الفرع الثـاني:العقار المرهون.

  • الفرع الثالث: الدين المضمون.

الفرع الأول: أطراف عقد الرهن الحيازي العقاري:

تنص المادة 948 من القانون المدني على ما يأتي«الرهن الحيازي عقد يلتزم به شخص ضمانا لدين عليه أو على غيره…». و بذلك فإن طرفا العقد هما الراهن و المرتهن و هذا الأخير هو دائن يريد بالرهن ضمان الوفاء بحقه أما الراهن فقد يكون مدينا أو قد يكون كفيلا عينيا.

و لا داعي للخوض في ركن الرضا و ما يستلزمه من تطابق الإرادتين ،وخلوهما من العيوب حيث يطبق في شأنها القواعد العامة.

و المهم هو أن يكون الراهن مالكا للعقار المرهون و أن يكون أهلا للتصرف فيه هذان الشرطان لم ينص عليهما المشرع الجزائري عندما عالج أحكام الرهن الحيازي لاصراحة و لا بالإحالة على أحكام الرهن الرسمي.فقد نص في المادة 884 من القانون المدني على ما يلي «يجوز أن يكون الراهن هو المدين نفسه أو شخصا آخر يقدم رهن لمصلحة المدين.

و في كلتا الحالتين يجب أن يكون الراهن مالكا للعقار المرهون و اهلا للتصرف فيه»

فهل يعني ذلك أن الراهن في الرهن الحيازي  للعقار لا يتقيد بشرطي الملكية و الأهليـــة؟

إن القول بهذا يؤدي لعدم انسجام الرهن بالأهداف التى يرمي إليها من حماية مصلحة الدائن المرتهن من تصرفات الراهن. و على المشرع أن يتدارك ذلك بالنص عليهما أو بالإحالة لأحكام المادة 884 من القانون المدني، لكن لا يمنع عدم النص على شرطي امتلاك الراهن للشيء المرهون و توافر الأهلية اللازمة من تطبيق نص المادة المادة 884 مدني المتعلقة بالرهن الرسمي عن طريق القياس.

وسنتناول بالدراسة الأهلية تحت عنوان هذا الفرع و ما يطرأ عليها و نرجئ دراسة شرط الملكية إلى الفرع الثاني.

أولا: الأهلية(1):

قبل أن نتطرق لأهلية المتعاقدين نشير أولا أن الأهلية مراتب: أهلية إدارة، أهلية تصرف و أهلية تبرع. فكل تصرف في أصل الشيء هو من أعمال التصرف، و كل تصرف في ثمارالشيء هو من أعمال الإدارة.

و التصرف له معنيان إما نعني به التصرفات الدائرة بين النفع و الضرر، أو التصرفات الضارة ضررا محضا أي يقصد به التبرع. و أن من توفرت فيه أهلية الإدارة قد لا يكون له غيرها، و من كانت له أهلية التصرف كانت له أهلية الإدارة. و على هذا قد يتطلب القانون أهلية في الراهن لا يتطلبها في المرتهن وأهلية يتطلبها في الراهن غير المدين دون أن يشترطها في المدين الراهن.

1 –أهلية الراهن : في أغلب الأحيان يكون هو نفسه المدين الذي يرهن عقاره رهن حيازة تأمينا لقرض حصل عليه أو لأي التزام آخر ثبت في ذمته وقد يكون الراهن غير المدين الذي يرهن عقاره ضمانا لالتزام ليس في ذمته هو بل في ذمة شخص آخر يقوم مقامه و يسمى في هذه الحالة الكفيل العيني.

أ-أهلية المدين الراهن: يعتبر الرهن الحيازي عملا من أعمال التصرف لذلك يجب أن يكون الراهن أهلا للتصرف في المال المرهون، و بالنسبة للمدين الراهن يعتبر الرهن الحيازي العقاري تصرفا دائرا بين النفع و الضرر إذ أن المدين الراهن لا يتبرع برهن عقاره بل يبغي من وراء رهنه الحصول على موعد أو مد أجل الدين أو بوجه عام ضمان التزامه و على ذلك يجب أن يكون بالغا سن الرشد غير محجوز عليه(2).

(1) تكتمل الأهلية طبقا للمادة 40 من القانون المدني ببلوغ سن الرشد المحدد يتسعة عشر سنة كاملة مع التمتع بالقوى العقلية و عدم الحجر.

(2)- د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري- نفس المرج السابق- ص 882

و بذلك فإن العقد الذي يبرمه الصبي غير المميز و من في حكمه كالمجنون و المعتوه(1) يكون باطلا بطلانا مطلقا. أما العقد الذي يبرمه الصبي المميز أو من كان سفيها أو ذا غفلة (2) يكون قابلا للإبطال.

و يعود الحق في طلب الإبطال إلى الراهن بعد اكتمال أهليته أو لممثله الشرعي قبل ذلك أو لورثته من بعده،ويسقط الحق في إبطال الرهن الحيازي العقاري بالتقادم فيصبح الرهن صحيحا بأثر رجعي من وقت نشوئه و يحتج به على من كسب حقا عينيا على العقار المرهون كدائن مرتهن آخر كسب حقه بعد نفاذ الرهن الأول ولو كان ذلك قبل تمام التقادم (3)

و حق الإبطال مقرر لمصلحة الراهن فلا يحق للمرتهن التمسك به إلا أنه يمكن لدائن المدين الراهن التمسك بالبطلان النسبي عن طريق الدعوى غير المباشرة.

و ليس للقاصر المأذون له بالإدارة أن يرهن لأن له مجرد أعمال الإدارة أما القاصر المأذون له بالتجارة فإن الرهن الصادر عنه يعتبر صحيحا و نافذا. ذلك أن أعمال القاصر المميز المأذون له بإدارة أمواله تكون ممارسته للأعمال الإدارية المحضة صحيحة أما ممارسته لأعمال التصرف قابلة للإبطال و ممارسته للأعمال التبرعية باطلا بطلانا مطلقا(4).

ب- أهلية الكفيل العيني: في هذه الحالة ينعقد الرهن الحيازي بين الدائن المرتهن و المدين الراهن الذي هو كفيل عيني و إلى جانبهما يوجد المدين هذا الأخير ليس طرفا في عقد الرهن بل طرفاه هما الدائن المرتهن و الراهن أي الكفيل العيني و ما المدين إلا شخص أجنبي عن الرهن الحيازي العقاري و قد ثبث في ذمته الدين الأصلي الذي يضمنه العقار المرهون.

و بذلك فإن الرهن الحيازي العقاري بالنسبة للكفيل العيني تختلف الأهلية المطلوبة فيه باختلاف نوع التصرف الذي قام به، فإذا كان بالمقابل فلا يطلب منه إلا التمتع بأهلية التصرف، أما إذا كانت كفالته تبرعية فيجب أن تكون للمدين أهلية التبرع. لأن التصرف هنا من التصرفات الضارة ضررا محضا(5)، ومن ثمه إذا كان الكفيل العيني قاصرا، مميز، أو غير مميز، أو كان محجور عليه ولولسفه أو غفلة و رهن ماله ككفيل عيني كان الرهن باطلا لا قابلا للإبطال.

(1)- تنص المادة 42 من القانون المدني بعد التعديل الأخير للقانون المدني بموجب القانون 05-10 المؤرخ في 20 يونيو سنة 2005 المعدل و المتمم للأمر 75/58 المتضمن القانون المدني المعدل و المتمم«لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقدا التمييز لصغر في السن، أو عته، أو جنون».

يعتبر غير مميز من لم يبلغ ثلاث عشرة سنة حيث  أصبح سن التميز 13 سنة بدلا من 16 سنة.

(2)- تنص المادة 43 من القانون المدني دائما بعد التعديل الجديد للقانون المدني بنفس القانون«كل من بلغ سن التمييز و لم بيلغ سن الرشد و كل من بلغ سن الرشد و كان سفيها أو ذا غفلة يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقرره القانون» و الملاحظ أن بعد التعديل صحح المشرع الخطأ الذي كان واردا بالنص القديم حيث كان يستعمل المشرع لفظ معتوه و قرر أنه ينقص الأهلية بينما العته يعدم الأهلية و حسنا فعل فالأصح هو لفظ ذا الغفلة مع الإشارة أن النص الفرنسي صحيح لإستعماله لفظ «Frappé d’imbécillité»

(3)  د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري- نفس المرج السابق- ص883

(4) أ/العربي بن قسمية – نظام الرهن الحيازي الوارد على الديون العادية في التشريع الجزائري- بحث لنيل شهادة الماجستير في القانون – جامعة الجزائر كلية الحقوق – السنة الجامعية 2000-2001 – ص 26

(5) أ /حسين عبد اللطيف حمدان – نفس المرجع السابق – ص 149 وعبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق ص883

2-أهلية الدائن المرتهن: لا تختلف الأهلية في المرتهن عن الأهلية المطلوبة في الراهن، ذلك لأن الرهن الحيازي يرتب على المرتهن التزاما بصيانة العقار المرهون و المحافظة عليه و بإدارته و استثماره وخصم الغلة من الدين المضمون طبقا للمادبين 955 و 956 و 968 من القانون المدني، و هو ما يـفترض فيه أن يكون أهلا للتصرف أي بالغا سن الرشد غير محجور عليه لأن الرهن الحيازي فيه معنى استيفاء الدين(1) .

و من ثمه يكون الرهن الحيازي العقاري بالنسبة للدائن المرتهن عقدا دائرا بين النفع و الضرر. و عليه إذا كان الدائن المرتهن ناقص الأهلية كالصبي المميز فإن الرهن يكون قابلا للإبطال بناءا طلبه بعد بلوغه سن الرشد أو بناءا على طلب ممثله الشرعي أو ورثته من بعده.

أما إذا كان الدائن المرتهن عديم الأهلية كالمجنون و المعتوه والصغيرغير المميز فإن الرهن يكون باطلا بطلانا مطلقا.

و يستوي في ذلك أن يكون الدائن المرتهن قد تعاقد مع المدين الراهن أو تعاقد مع راهن غير المدين أي تعاقد مع الكفيل العيني.

ثانيــا: النيــابة :

طبقا للقواعد العامة فإن من يقوم بعمل لحساب نفسه يجب أن تتوفر فيه الأهلية للقيام بهذا العمل و انه إن قام به لحساب غيره يجب أن تكون له السلطة و الولاية للقيام به. و النيابة قد تكون بحكم  القانون و قد تكون اتفاقية

1النيابة القانونية: فإذا كان المدين الراهن قاصرا غير مميز و من في حكمه كالمجنون و المعتوه و القاصر المميز و من في حكمه كالمحجور عليه لسفه أو غفلة(23) يجوز أن ينوب عنهما الولي أو الوصي أو القيم في ابرام عقد الرهن باعتباره تصرفا دائرا بين  النفع و الضرر.

أما إذا كان الرهن الذي يعقده الولي أو الوصي أو القيم بالنيابة عن القاصر أو المحجوز عليه ضمانا لدين على غير القاصر أو المحجور عليه أي بأعتبار هذا الأخير كفيلا عينيا فإن الرهن يقع باطلا بطلانا مطلقا ولو كان بإذن المحكمة، فليس للمحكمة أن تأذن به لأن الرهن في هذه الحالة يعتبر من أعمال التبرع و النائب لا يستطيع التبرع بمال من هو تحت ولايته.

حيث أن المادة 88/1 من قانون الأسرة تنص على أن الولي يجب أن يكون حريصا على مال من هو تحت ولايته و ليس من الحرص إنشاء رهن لضمان دين الغير أي على سبيل التبرع.

(1)  د/ محمود جمال الدين زكي –نفس المرجع السابق ص 367 و أيضا أ /حسين عبد اللطيف حمدان نفس المرجع السابق ص 154 و د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق ص 873

(2) تنص المادة 44 من القانون المدني على أنه«يخضع فاقدوا الأهلية أو ناقصوها ،بحسب الأحوال لأحكام الولاية ،أو الوصاية ،أو القوامة ، ضد الشروط ووفقا للقواعد المقررة في القانون»

و تشترط الفقرة الثانية من نفس المادة طلب الإذن من القضاء في التصرفات الدائرة بين النفع و الضرر التي يعقدها الولي كالبيع و الإيجار و أن يراعي القاضي في هذا الإذن حالة الضرورة و المصلحة حسب المادة 80 من قانون الأسرة فإن كان القانون يشترط الإذن و في حالة الضرورة في بعض التصرفات المحددة حصرا في المادة 88 في فقرتها الثانية من قانون الأسرة فإنه من باب أولى أن لا تصح الكفالة العينية التي يعقدها الولي على مال القاصر أو المحجور عليه(1).

2- الوكالـــة: يجوز أن يعقد الشخص رهنا حيازيا  على العقار بواسطة نائب اتفاقي على أن تكون الوكالة خاصة، سواء كانت صادرة عن الراهن أو المرتهن و ذلك طبقا للمادة 574 من القانون المدني في فقرتها الأولى تنص على أنه «لا بد من وكالة خاصة في كل عمل ليس من أعمال الإدارة لا سيما في البيع والرهن و…» و بذلك تكون هذه المادة قد أخرجت الرهن من أعمال الإدارة و كيفته على أنه من أعمال التصرف.

و إذا كانت الوكالة صادرة عن كفيل عيني يجب أن تكون الوكالة وكالة خاصة لعمل من أعمال التبرع يبين فيها المال المرهون بيانا كافيا نافيا للجهالة. بأن يكون التوكيل الخاص الصادر من الكفيل العيني مذكورا فيه العقار المراد رهنه و الدين الذي يرهن العقار ضمانا للوفاء به.و إلا كان التوكيل باطلا لأن الوكيل يقوم بعمل من أعمال التبرع.

ثالثـا: إجازة عقد الرهن الحيازي العقاري:              

  سبقت الإشارة إلى أن عقد الرهن الحيازي العقاري يعتبر من العقود الدائرة بين النفع و الضرر بالنسبة للمدين الراهن و الدائن المرتهن و على ذلك يجب توافر أهلية التصرف. فإن كان أحدهما أو كلاهما قاصرا فيكون العقد صحيحا لكن يكون قابلا للإبطال و يبقى كذلك مهددا بالإبطال حتى ترد عليه الإجازة. كما يمكن أن يزول التهديد بالإبطال بسقوط الحق في ذلك بالتقادم المسقط الذي نصت عليه المادة 101 من القانون المدني(2) و هي 5 سنوات. و يكون الحق في الإجازة للأشخاص التالية:

1-القاصر عند البلوغ و لوكيل عنه بوكالة خاصة طبقا للمادة 100 من القانون المدني(3).

2- الولي أو الوفي أو الجد طبقا للمادة 83 من قانون الأسرة أما بالنسبة للجد فلم تشر إليه المادة لكن يستفاد من نص المادة 92 من نفس القانون التي تنص على أنه «يجوز للأب أو الجد تعيين وصي لولده القاصر» و بما أن للولي حق الإجازة بنص المادة 83 الذي قد يقع تعيينه من الجد فإنه من باب أولى أن يثبث هذا الحق للجد.

(1) أنظر في ذلك أ/إبراهيم بن غانم – نظام الرهن الحيازي الوارد على المنقول في التشريع المدني و التجاري الجزائري –بحث لنيل شهادة الماجستير في العقود و المسؤولية – جامعة الجزائر – معهد العلوم القانونية و الإدارية جانفي 1985 – صفحة 21 و أ/العربي بن قسمية – نفس المرجع السابق – ص 29-30 – هامش رقم 7

(2) وفقا للتعديل الأخير للقانون المدني القانون 05-10 المؤرخ في 20يونيو 2005 المعدل و المتمم للأمر 75/58 في 26 سبتمبر 1975 عدلت المادة 101 من القانون المدني لتصبح مدة التقادم 5 سنوات بدلا من 10 سنوات حيث كان يعاب على المدة السابقة طوال هذه المدة التي يضر بالدائن الذي يظل تصرفه مهدد طول هذه المدة مع الإشارة أن المشرع المصري حددها ب3 سنوات في المادة 140 مدني مصري

(3) تنص المادة 100 من القانون المدني الجزائري على أنه«يزول حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية تستند الإجازة إلى التاريخ الذي تم فيه العقد ،دون إخلال بحقوق الغير»

رابعـا: المنع من التصرف:

قد يكون المنع من التصرف مصدره القانون و ذلك ما نصت عليه المادة 244 من القانون التجاري التي تمنع التاجر بمقتضاها في حالة توقفه عن الدفع وشهر افلاسه إدارة أو التصرف في أمواله و قد حددت المادة 247 من القانون التجاري الأعمال التي تهدف إلى الإضعاف من الضمان العام لمجموعة الدائنين و جعلها غير سارية في حقهم و من بينها تقرير حقوق الرهن على بعض أمواله.

ولا يقتصر الأمر على شخص التاجر بل يشمل أيضا غير التاجر مثلما نصت عليه المواد 191 و 196 في فقرتها الأولى من القانون المدني التي جعلت تصرفات الأشخاص المعسرين غير سارية في اتجاه مجموعة الدائنين متى كانت قد أبرمت في فترة الإعسار.

أما كون المنع من التصرف مصدره الاتفاق أو الإرادة المنفردة فإن المشرع الجزائري على عكس التشريعات العربية(1) التي أقرت شرط المنع من التصرف بشرط أن يكون له باعث مشروع أو مقصور على مدة معقولة  و يثير سكوت المشرع على مثل هذا الشرط غموضا لا يفهم منه إن كان يأخد بهذا الشرط أم لا. و يرى في هذا الشأن الأستاذ أحمد وحيد الدين سوار أن إغفال النص على هذا الموضوع و السكوت عليه يفيد بأن المشرع يريد الأخذ بما انتهى إليه الفقه الإسلامي الذي يقر هذا الشرط(2).

و السؤال الذي يطرح هو: ما هو أثر المنع في أهلية الراهن، هل يؤدي لاعتبار الراهن عديم الأهلية، فيقع الرهن الذي قرره باطلا؟

لا يترتب على ذلك زوال التصرف و إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كان عليها قبل العقد، بل هو نوع من عدم نفاذ التصرف في حق جماعة الدائنين مع بقائه صحيحا بين المفلس و من تصرف إليه. فتوقف التاجر عن الدفع أو شهر إفلاسه لا يؤثر في أهليته في إبرام الرهن و لا يجعل الرهن باطلا، إنما يجعله غير نافذ في حق جماعة الدائنين(3).

فالمنع من التصرف سواء كان مصدره الإتفاق أو القانون لا يؤثر في أهلية المالك لأن الذي يؤثر في الأهلية هو العارض الذي يؤثر في التمييز فيعدمه أو ينقص منه، و عوارض الأهلية حددها القانون في الجنون و العته و السفه و الغفلة، أما المنع من التصرف فليس بعارض يعيب الشخص في تمييزه فيؤثر في أهليته لأن الشخص يكون كامل الأهلية  فتنشأ ظروف تفرض منعه من التصرف بمال يملكه. ثم لو فرضنا أنه يؤثر في أهلية المالك فمعنى ذلك أنه يمكن أن ينوب عنه نائب يباشر عنه حقه الممنوع و هذا يهدد الحكمة من قيام هذا الشرط(4).

(1) نصت المادة 823 مدني المصري«إذا تضمن العقد أو الوصية شرط يقضي بمنع التصرف في مال فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيا على باعث مشروع أو مقصور على مدة معقولة»

(2) أشار لهذا الرأي أ/إبراهيم بن غانم – نفس المرجع السابق – ص 28

(3) أ/حسين عبد اللطيف حمدان – نفس المرجع السابق – ص 87

(4) أ/حسين عبد اللطيف حمدان – نفس الموضع

الفرع الثاني: العقار(1) المرهون:

العقار و هو محل الرهن الحيازي و في ذلك تنص المادة 949 (2) من القانون المدني«لا يكون محلا للرهن الحيازي إلا ما يمكن بيعه استقلالا بالمزاد العلني من منقول أو عقار» و يلاحظ على هذا النص أن المشرع إقتصر فيه على ذكر شرط واحد وهوأن يكون الشئ المرهون مما يمكن بيعه استقلالا بالمزاد العلني و لم يتطرق إلى شرطي التعيين الكافي للعقار و الملكية أسوة بالرهن الرسمي.

و لمزيد من التفصيل سنتعرض بالدراسة إلى للشروط التالية:

أولا: يجب أن يكون العقار قابلا للبيع:

و مفاد هذا الشرط ألا يكون خارجا من دائرة التعامل بحكم القانون طبقا للمادة 682 من القانون المدني، و على ذلك لا يمكن رهن العقار المصنف ضمن الأملاك العامة لأنه لا يمكن التصرف فيه.و الحكمة من اشتراط كون العقار قابلا للبيع بالمزاد العلني هو تمكين الدائن المرتهن في حال عدم الوفاء بالدين في بيع العقار المرهون و استيفاء دينه من ثمنه(3).

فإذا كان العقار غير جائز التعامل فيه فإنه يتعذر التنفيذ عليه و بيعه بالمزاد العلني فتتعطل بذلك الغاية من الرهن.

و لذلك لا يجوز إنشاء الرهن على العقارات التي لا تقبل البيع كالعقارات التابعة لأملاك الدولة أو العقارات الموقوفة. و لما كانت قابلية العقار المرهون للبيع بالمزاد العلني شرط في المال المرهون فإن إنشاء الرهن على العقارات بالتخصيص(4) غير جائز، و ذلك برهنها مستقلة عن العقار الذي خصصت له، أما إذا كان هذا العقار غير مرهون جاز للمالك أن يفصل العقارات بالتخصيص و يرهنها مستقلة رهن حيازي.و إذا كان العقار الأصلي قد رهن رسميا و رهن العقار بالتخصيص رهنا حيازيا كان لمرتهن العقار رهنا رسميا أن يتتبع العقار بالتخصيص مالم يتسلمه المرتهن.

ثانيـا: يجب أن يكون العقار معينا تعينا كافيا:

لم يرد ضمن أحكام الرهن الحيازي نص على وجوب تعيين العقار المرهون كنص المادة 886 من القانون المدني المتعلقة بالرهن الرسمي، حيث جاء في المادة 886 «… و يجب أن يكون العقار المرهون…معينا بالذات تعيينا دقيقا…». و هذا الحكم يقرر مبدأ تخصيص الرهن من حيث العقار المرهون، و الهدف من تقرير التخصيص هو القضاء على الرهن العام الذي يرد على أموال المدين برهن كل عقاراته لكن مع تخصيص كلا منها. فيذكر في عقد الرهن الحيازي كل عقار يرهنه بالذات(5) .

(1) عرف المشرع الجزائري العقار بنص المادة 683/1 قانون مدني«كل شيء مستقر بحيزه و ثابت فيه و لا يمكن نقله معه دون تلف فهو عقار ، و كل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول»

(2) تقابلها المادة 1097 من القانون المدني المصري

(3) أ/ حسين عبد الطيف حميدان – نفس المرجع السابق ص 156

(4) عرف المشرع الجزائري العقار بالتخصيص بنص المادة 683/2 قانون مدني«غير أن المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه ،رصدا على خدمة هذا العقار أو استغلاله يعتبر عقارا بالتخصيص»

(5) أ/ محمدي سليمان –  مجموعة محاضرات ألقيت على طلبة الليسانس – السنة الثالثة كلية الحقوق و العلوم الإدارية –بن عكنون- الجزائر السنة الدراسية 2000- 2001

و تعيين العقار يجب أن يكون دقيقا من حيث طبيعته و موقعه و في ذلك تنص المادة 93 في فقرتها الخامسة من المرسوم 63-76 المتعلق بتأسيس السجل العقاري اشترطت تعيين العقار طبقا للمادة 66 من نفس المرسوم التي نصت على مايلي «كل عقد أو قرار قضائـي موضوع إشهار في محافظة عقارية يجب أن يبين فيه بالنسبة لكل عقار يعينه النوع و البلدية التي تقع فيها و تعيين القسم و رقم المخطط و المكان المذكور…».

و إذا أغفل أحد البيانات و لم يمنع هذا من اعتبار العقار معينا تعينا دقيقا فلا أثر لهذا الإغفال، إذ الفكرة بتعيين العقار. و التعيين هو من طبيعة الرهن الحيازي لأن الرهن لا ينفذ في حق الغير إلا بتسليم العقار المرهون و بقيده في السجل العقاري طبقا لنص المادة 966 من القانون المدني.

و يشمل رهن العقار رهنا حيازيا ملحقاته و ثماره كذلك استنادا إلى أن تسليم الشيء المرهون تسري عليه أحكام تسليم الشئ المبيع طبقا للمادة 951 في فقرتها الثانية من القانون المدني، و تسليم الشيء المبيع يشمل تسلم ملحقاته و هي كل ما أعد بصفته دائمة لاستعمال هذا الشئ.

و يأخذ على المشرع الجزائري عدم النص عليها في أحكام الرهن الحيازي(1) أو الإحالة على نص المادة 887 من القانون المدني المتعلقة بالرهن الرسمي و التي تنص على «يشمل الرهن ملحقات العقارالمرهون التي تعتبر عقارا و يشمل بوجه خاص حقوق  الإرتفاق و العقارات بالتخصص و كافة التحسينات و الإنشاءات التي تعود بالمنفعة على المالك، ما لم يتفق على غير ذلك مع عدم الإخلال بامتياز المبالغ المستحقة للمقاولين و المهندسين المعماريين المنصوص عليه في المادة 997 » و لكننا نرى أنه ليس هناك ما يمنع من تطبيقها على الرهن الحيازي العقاري.

ففيما يتعلق بالملحقات فإنه يشملها الرهن الحيازي العقاري وتكون مرهونة رهنا حيازيا كالعقارالأصلي و يجب تسليمها للدائن المرتهن رهنا حيازيا. و يقصد بشمول الرهن لملحقات العقار المرهون أن الدائن عند اتخاذ إجراءات التنفيذ على العقار فإنه ينفذ أيضا على ملحقاته و يستوفي حقه من ثمن العقار و من ثمن الملحقات. و لقد أعطى المشرع أمثلة لما يعتبر من ملحقات العقار في نص المادة 887 من القانون المدني و منها العقارات بالتخصيص، حقوق الإرتفاق، التحسينات و المنشآت، و يلاحظ أن الملحقات المشار إليها في هذا النص ليست واردة على سبيل الحصر كما أن هذا النص ليس من النظام العام فيجوز للمتعاقدين استبعاد البعض منها أو كلها من ضمان الدائن، و إذا وجد اتفاق من هذا القبيل فالإتفاق هو الذي  يطبق و إن لم يوجد طبق نص المادة 887 من القانون المدني(2) و يعتبر من ملحقات العقار:

(1) و في ذلك جارى المشرع الجزائري المشرع المصري على عكس المشرع الأردني الذي نص على  ذلك بموجب المادة 383 من القانون المدني الأردني«يشمل الرهن الحيازي كل ما يشمله البيع من ملحقات متصلة بالمرهون» و كذا المشرع الكويتي نص بالمادة 1031 من القانون المدني الكويتي«يشمل الرهن الحيازي  ملحقات الشيء المرهون»

(2) أ/ محمدي سليمان – نفس المرجع السابق

1-حقوق الإرتفاق: يشمل الرهن الحيازي حقوق الارتفاق المقررة لخدمة العقار المرهون سواء نشأت هذه الحقوق قبل الرهن أو بعده، مع الملاحظة أنه لا يمكن رهنها مستقلة عن العقار المخدوم.

فحق الإرتفاق يتبع العقار الذي يخدمه ولا ينفصل عنه فتكون حقوق الإرتفاق مرهونة رهن حيازة مع العقار الأصلي(1) .

2-العقارات بالتخصيص:  و هي منقولات بطبيعتها رصدت لخدمة العقار، ولاكتساب هذه المنقولات صفة العقار يجب أن يكون تخصيصها تخصيص عيني أي تخصيص لخدمة العقار و ليس تخصيص شخصي لصاحب العقار ،و يجب كذلك أن يكون مالك العقار المرهون هو نفسه مالك المنقول(2)

و يستوي أن يكون العقار بالتخصيص موجودا وقت رهن الحيازة أو وجد بعد ذلك ،و إذا فصل العقار بالتخصيص عن الرهن الحيازي بعدما كان مرهون ثم فصله الراهن و باعه و سلمه للمشتري ،قإن المشتري إذا كان حسن النية تملك العقار بالتخصيص الذي أصبح منقول . و لكن يجوز للدائن المرهون رهن حيازة أن يحجز على الثمن و هو في يد المشتري إذا كان هذا لم يدفعه بعد ،و يستطيع الدائن المرتهن رهن حيازة أن يعارض في تسليم العقار بالتخصيص للمشتري إذا كان هذا الأخير لم يستلمه بعد(3).

3-التحسينات و المنشآت : و يقصد بها كل ما يلحق العقار المرهون من زيادة مادية بفعل الإنسان أو بفعل الطبيعة كتراكم الطمي الذي يزيد في مساحة الأرض و ما يقوم به مالك العقار بنفسه كتوسيع غرف  المنزل أو أعداد حديقة له أو بناء طابق جديد. فكل ذلك يعتبر إنشاءات تتبع الشيء المرهون و تدخل في الرهن الحيازي. و الرهن يمتد ليشمل هذه المنشآت بقوة القانون حتى و لو أنشأت بعد قيد الرهن ،و تصبح مرهونة أيا كانت قيمتها و لو فاتت قيمة العقار المرهون في الأصل شريطة أن يكون مالك المنشآت هو مالك العقار المرهون.

4-الثمار: أما فيما يتعلق بالثمار فإن الدائن المرتهن رهن حيازة للعقار يستلم العقار المرهون و متى استولى عليه فإنه يستولي أيضا على ثماره و الثمار إما أن تكون مستحدثة بفعل الإنسان كالمحصولات الزراعية و غيرها ،و إما أن تكون طبيعية كنتاج الحيوانات أو مدنية. و تدخل هذه الثمار ضمن ما قبضه المرتهن رهن حيازة ويحاسب الراهن عليها.

و تلحق هذه الثمار بمجرد تسليم هذا العقار إلى الدائن أو الغير الذي أختاره المتعاقدين فيكون له قانونا أن يحبسها و يستوفي الدائن حقه منها ،و في هذا يختلف الرهن الحيازي العقاري عن الرهن الرسمي الذي لاتلحق فيه ثمار العقار المرهون به إلا من وقت من وقت تسجيل تنبيه نزع الملكية(4) .

(1) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق ص 895 بند 520 و محمدي سليمان – نفس المرجع السابق – ص 16

(2) أ/ محمدي سليمان – نفس المرجع السابق

(3) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق ص 895 بند 520

(4) عبد الناصر توفيق العطار نفس المرجع السابق – ص 195

و قد يحدث و أن يحل الدين المضمون قبل أن يستوفي الدائن المرتهن على الثمار .عند ذلك يرى الأستاذ الدكتور أحمد عبد الرزاق السنهوري «يترتب على تسجيل تنبيه نزع ملكية العقار الأصلي المرهون أن يلحق بالعقار ما يغله من ثمار و إيراد عن المدة التي أعقبت التسجيل و يجري في توزيع هذه الغلة ما يجري في توزيع ثمن العقار ،فإذا كانت الثمار مدنية فما يستحق منها عن المدة اللاحقة لتسجيل التنبيه إلى وقت رسو المزاد يلحق بالعقار و يوزع كما يوزع ثمن العقار المرهون نفسه. أما إذا كانت الثمار مستحدثة أو طبيعية فلا تلحق بالعقار إلا بنسبة المدة التي أعقبت التسجيل إلى كل المدة التي بقيت فيها الثمار في الأرض ذلك أنه لا مبرر للتفرقة بين الثمار المدنية و بين الثمار المستحدثة أو الطبيعية ،و ما دامت هذه الثمار المستحدثة أو الطبيعية بقيت في الأرض قبل التسجيل فإن ما يقابل هذه المدة يكون من حق الراهن(1)»

ثالثا: أن يكون العقار مملوكا للراهن :

باعتبار الرهن الحيازي العقاري بمثابة التصرف في العقار لذلك يشترط فيمن يتصرف فيه أن يكون مالكه أو صاحب حق عيني عليه كحق الانتفاع(2) سواء كان الراهن مدينا أو كفيلا عينيا ،انطلاقا من قاعدة عدم جواز التصرف في ملك الغير ، كما أنه لا يمكن له إعطاء حق عليه لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

هذا و أن الرهن يتأثر بكل الخالات التي هي عليها ملكية الراهن ،فأن كان  الراهن حيازة مالك تحت شرط فاسخ Condition Résolutoire و لم يتحقق الشرط فإن الراهن يصبح مالكا بشكل بات لعدم تحقيق الشرط ،و رهنه يصبح باتا أيضا . أما إذا تحقق الشرط فإن الراهن يزول ملكيته بأثر رجعي ،و يعتبر غير مالك للمال من أول الأمر و يزول رهنه بأثر رجعي للشرط الفاسخ.

أما إذا كان الراهن مالك تحت شرط واقف  Condition Suspensiveو لم يتحقق الشرط ،فإن الراهن يعتبر غير مالك أصلا لعدم تحقق الشرط فيزول رهنه بأثر رجعي ،أما إذا تحقق الشرط الواقف فإن الراهن يعتبر مالك بأثر رجعي من أول الأمر و يعتبر رهنه صحيحا كذلك من أول الأمر(3).

و على ذلك فأن تحقق الشرط الفاسخ أو عدم تحقق الشرط يؤديان إلى زوال الملكية بأثر رجعي عن المالك و بالتالي يزول رهنه بأثر رجعي كذلك.

1- رهن العقار المملوك على الشيوع :

طبقا للمادة 714 في فقرتها الأولى من القانون المدني تنص على أنه«كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكا تاما و له أن يتصرف فيها….» و قد نص المشرع الجزائري على الرهن العقاري المملوك رسميا في المادة (4)890 من القانون المدني بينما لم يحل على تلك الأحكام فيما يتعلق بالرهن الحيازي العقاري.

(1) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق ص 896 بند 520

(2) H.Mezeaud. J.Mazeaud .F Chabas . op.cit.p 174

(3) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق ص 875 بند 520

(4) أنظر المادة 890 من القانون المدني الجزائري

و على ذلك فإننا نرى بإمكانية تطبيق هذه الأحكام مع مراعاة خصوصيات الرهن الحيازي العقاري ما دام أن الشريك يعتبر مالكا لحصته و له حق التصرف فيها و بالتالي فإن الرهن الصادر عنه يعتبر رهنا صحيحا بشرط ألا يلحق ضررا بباقي الشركاء الآخرين.

و يأخذ رهن العقار المملوك الشيوع ثلاث فرضيات أو حالات و هي :

أ- أذا كان الرهن صادر من جميع الشركاء : فهو رهن صحيح لأنه صادر من ملاك  إلا أن مصيره يتوقف على نتيجة القسمة .فإذا وقع العقار المرهون كله في نصيب أحد الشركاء أو بعضهم نفذ الرهن بنسبة حصصهم الأصلية و أعتبر بالنسبة لحصص باقي الشركاء و اردا على ملك الغير و هو رأي من لا يقر بفكرة الحلول العيني في هذا المجال حيث يرى الأستاذ سليمان مرقس«أن حكم المادة 1039 في فقرتها الأولى من القانون المدني هو خاص بالرهن الرسمي و لا يطبق إلا عليه لأنه ورد استثناء من القواعد العامة وورد في نصوص الرهن الرسمي و لم ترد الإحالة عليه لتطبيقه على الرهن الحيازي فيتعين قصره على الرهن الرسمي»(1).

و نحن لا نرى في هذا الحل مبررا طالما أن الرهن منذ البداية صادر من جميع الشركاء على الشيوع و عليه ينبغي إكمال فكرة الحلول العيني و هو مذهب الكثير من شراح القانون المصري الذي تتفق فيه أحكام المادة 1039 في فقرتها الثانية مدني المصري مع المادة 890 في فقرتها الثانية مدني جزائري حيث يرون سريان الحلول العيني في رهن الحيازة تطبيقا للقواعد العامة ،و قد أورد السنهوري نصا للأستاذ محمد كمال مرسي جاء فيه «و نرى الأخذ بالأحكام المقررة في الرهن الرسمي في المادة 1039 لاستعمال حق الحلول العيني ،في رهن الحيازة وهي أولا : أن سيتصدر الدائن المرتهن أمرا على عريضة يعين به القاضي القدر الذي يقع عليه الرهن. ثانيا: أن يقوم الدائن باجراء قيد جديد يبين القدر الذي انتقل إليه الرهن حلال تسعين يوما من الوقت الذي يخبره فيه أي ذي شأن بتسجيل القسمة»(2).

ب- إذا كان الرهن صادر من شريك على الشيوع لجزء مفرز : و يعتبر كذلك رهنا صحيحا و لا ينفذ في حق غيره إلا إذا حاز المرتهن الجزء المفرز و تمت القسمة ووقع الجزء المفرز في نصيب الراهن.

و تنص المادة 714 في فقرتها الثالثة من القانون المدني«و للمتصرف إليه إبطال التصرف إذا كان يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها مفرزة». فإذا لم يكن المرتهن يعلم بحالة الشيوع حيازة له طلب الإبطال.

(1) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق بند 518 ص 891

(2) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس الموضع

و إذا وقع عند القسمة الجزء المرهون في نصيب شريك آخر لا ينفذ في مواجهته و إنما حق الدائن المرتهن ينتقل إلى الجزء الذي وقع في نصيب الراهن طبقا لما تنص عليه المادة 890 في فقرتها الثانية «وإذا رهن أحد الشركاء حصته الشائعة في العقار أو جزءا مفرزا من هذا العقار ،ثم وقع في نصيبه عند القسمة أعيان غير التي رهنها انتقل الرهن بمرتبة إلى الأعيان المخصصة له بقدر يعادل العقار الذي كان مرهونا في الأصل ،و يبين هذا القدر بأمر على عريضة ،ويقوم الدائن المرتهن بإجراء قيد جديد يبين فيه القدر الذي انتقل إليه الرهن خلال تسعين يوما من الوقت الذي يخطر فيه أي ذي شأن بتسجيل القسمة و لا يضر انتقال الرهن على هذا الوجه برهن صدر من جميع الشركاء و لا بامتياز المتقاسمين».

ج- أما إذا رهن أحد الشركاء على الشيوع حصة شائعة: فإن هذا الرهن أيضا يعتبر صحيحا بإعتبار أن كل شريك يملك حصته ملكا تماما، و لكنه لا ينفذ في حق الغير إلا إذا أمكن الدائن المرتهن أن يحوز الحصة الشائعة، و لكن إذا وقع في نصيبه بعد القسمة جزء مفرز مساوي للحصة الشائعة المرهونة فإن حق الدائن المرتهن يرد على هذا الجزء بمقتضى فكرة الحلول العيني، أما إذا وقع بعد القسمة كل العقار من نصيب الشريك فحق الدائن أيضا يبقى مضمون.

و لكن إذا وقع بعد القسمة في نصيب الراهن عقار آخر غير الذي رهنه أو جزء مفرز من عقار غير العقار الذي رهنه فإن المشرع قرر انتقال حق الدائن المرتهن إلى ما وقع في نصيب الراهن.

أما إذا لم يقع في نصيب الراهن أي جزء من العقار و إنما كان نصيبه بعد القسمة مبلغ من النقود فالمنطق و حماية الدائن المرتهن يقتضيان أن يستوفي حقه بالأفضلية من تلك النقود رغم انقضاء حق التتبع.

– الرهن الصادر من المالك الظاهر: هو الشخص الذي لا يملك العقار حقيقة و لكن توفرت له مظاهر الملكية، فما هو مصير الرهن الذي يعقده مثل هذا المالك؟

انقسم الفقه إلى قسمين(1):

رأي 1: الرهن لا ينفذ في حق الملك الحقيقي و هو قابل للإبطال.

رأي 2: وجوب حماية الدائن المرتهن الذي أطمأن للوضع الظاهر فقبل الرهن و هو يعتقد صحته.

وهذا الرأي الأخير جدير بالتأييد لأنه يوفر الأمن في التعامل و الثقة في المعاملات لاسيما اعتماد الدائن المرتهن في رقابة ملكية المدين للعقار إلى القيد في السجل العقاري وبهذه الاعتبارات أخذ المشرع الجزائري بمبدأ حماية الأوضاع الظاهرة(2).

هذا و توجد ثلاث فئات للمالك الظاهر و هي:

(1)- أشار لهذين الرأيين الأستاذ حسن عبد الطيف حمدان – نفس المرجع السابق – بند 117 – ص 163 .

(2)- أنظر المواد 76 و198 و268 من القانون المدني الجزائري.

أ-الوارث الظاهر: و هو من يعتقد في نفسه و يعتقد الناس فيه أنه وارث حقيقي للمورث ثم تبين أنه ليس كذلك لوجود وارث آخر يحجبه حجب حرمان، و الرهن الذي أبرمه الوارث الظاهر يكون رهنا صحيحا و يجوز للمرتهن أن يتمسك بهذا الرهن إن كان حسن النية بأن أعتقد وقت التعاقد أن الوارث هو وارث حقيقي للعقار، و له في هذه الحالة التمسك بالرهن ضد الوارث الظاهر و ضد الوارث الحقيقي(1).

ب- المالك الظاهر بسند صوري:و سند ملكيته هو عقد صوري كبيع أو هبة كأن يبيع شخص لآخر عقار بعقد صوري متخذ ورقة ضد في العقد الحقيقي فالمشتري بعقد صوري يظهر أمام الجميع أنه اشترى بعقد حقيقي و أن العقار المبيع أصبح ملكا له مادام قد أشهر. فإذا رهن العقار كان رهنه صحيحا إذا كان الدائن المرتهن حسن النية أي يعتقد أن الراهن هو المالك الحقيقي و له أن يتمسك بهذا الرهن ضد المالك الظاهر و المالك الحقيقي.

ج-المالك الظاهر باسم مستعار: و هو من يشتري باسمه مالا لحساب شخص آخر كأن يشتري الوكيل باسمه هو لا باسم موكله عقارا متفقا مع موكله على ذلك، فيكون في نظر الناس هو المالك لهذا العقار.

فإذا رهن العقار كان رهنه صحيحا إذا كان حسن النية و له التمسك به في مواجهة الاسم المستعار و في مواجهة المالك الحقيقي.

3- رهن ملك الغيـر:و يقصد به الرهن الصادر من شخص لا يملك العقار المرهون و في هذا الصدد لم يحلنا المشرع الجزائري على نص المادة 884(2) من القانون المدني كما يعاب عليه عدم تنظيمه لرهن ملك الغير رهنا حيازيا مثلما فعل في بيع ملك الغير و الذي لم يحلنا إلى أحكامه .لذلك يطرح التساؤل حول حكم هذا الرهن ،ففي حالة وقوعه كيف سيتسنى للدائن المرتهن عند حلول أجل الدين و عدم استيفاءه الدين الحق في بيع العقار المرهون بالمزاد العلني و من تمة نقل الملكية من المدين إلى الراسي عليه المزاد إذا كان هذا العقار غير مملوك له؟

إن الرهن باعتباره من أعمال التصرف فهو يتحد مع البيع في هذه الطبيعة ،لكننا لايمكننا أن نقيس الأحكام الواردة في بيع ملك الغير(3) على رهن ملك الغير و عليه لايمكن القول أنه من حق الدائن المرتهن المطالبة بإبطال العقد على أساس عدم ملكية الراهن للعقار المرهون.

و عليه و إعمالا لقاعدة لابطلان إلا بنص فإننا نرى أنه إذا رهن المدين أو الكفيل العيني عقارا لا يملكه فإن العقد لا يكون نافذا في حق المالك و إن كان صحيحا بين الطرفين طالما مكن  المدين الدائن المرتهن من حيازة العقار المرهون. إلا انه و في حالة عدم تنفيذ الراهن التزامه بتسليم العقار المرهون إلى الدائن المرتهن هنا نرى بإمكانية إعمال الفسخ لعدم تنفيذ المدين التزامه و بالتالي يحل أجل الدين.

(1) – أ/ حسن عبد الطيف حمدان – نفس المرجع السابق – بند 116 – ص 156 و د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق بند 513 ص 881 .

(2) –تنص المادة 884 من القانون المدني«يجوز أن يكون الراهن هو المدين نفسه أو شخص آخر يقدم رهنا لمصلحة المدين و في كلتا الحالتين يجب أن يكون الراهن مالكا للعقار المرهون و أهلا للتعرف فيه»

(3) تنص المادة 1023 مدني المصري«إذا كان الراهن غير مالك للعقار المرهون فإن عقد الرهن يصبح صحيحا إذا أقرد المالك الحقيقي»

لكن إذا وقعت الإجازة من المالك الحقيقي فإنها تجعل الرهن صحيحا و يصبح الراهن في هذه الحالة هو المالك الحقيقي الذي يكون حينئذ بمثابة كفيل عيني.

4-زوال ملكية الراهن بأثر رجعي: قد يحدث بعد الرهن أن تزول ملكية الراهن للعقار المرهون بأثر رجعي بسبب إبطال عقد شرائه أو إلغائه أو بغير ذلك من الأسباب المؤدية لزوال الملكية بأثر رجعي.

و في هذا الصدد تنص المادة 885 من القانون المدني «يبقى صحيحا لمصلحة الدائن المرتهن الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته أ و فسخه أو إلغاؤه أو زواله لأي سبب آخر إذا ثبث أن الدائن كان حسن النية وقت إبرام عقد الرهن». و الملاحظ على هذا النص أنه يخالف القواعد العامة إذ يصحح رهنا صدر من غير مالك فالراهن قد أبطل سند ملكيته أو فسخ بأثر رجعي لذلك يجب قصر هذه المادة على الرهن الرسمي و عدم تعميمها على الرهن الحيازي العقاري(1) .

و لا يوجد نص يجعل هذا النص ينطبق أيضا في حال الرهن الحيازي العقاري .إلا أنه بالرجوع للمادة 86 من المرسوم 76/63 المتعلق بتأسيس السجل العقاري التي تنص على أنه «إن فسخ الحقوق العينية العقارية أو إبطالها أو إلغائها أو نقضها عندما ينتج أثرا رجعيا لا يحتج به على الخلف الخاص لصاحب الحق المهدر…».

و باعتبار الدائن المرتهن رهنا حيازيا خلفا خاصا للمدين الراهن فإنه لا يؤثر زوال ملكية الرهن بأثر رجعي في بقاء الرهن الحيازي.

5- رهن الملك المستقبل: كما أذا رهن شخص ما يؤول إليه من عقار عن طريق الميراث أو العقار الذي ينوي شراءه في وقت لاحق.

و في هذا الصدد تنص المادة 1098 من القانون المدني المصري«….على الرهن الحيازي أحكام المادة 1033…المتعلقة بالرهن الرسمي» و تنص المادة 1033 في فقرتها الثانية«…ويقع باطلا رهن المال المستقبل» وبذلك يكون المشرع المصري قد حسم الموقف.

أما بالنسبة للتشريعات التي يعتبر التسليم فيها ركن في العقد كالتشريع اللبناني و الفرنسي فإن جزاء رهن الملك المستقبل هو البطلان المطلق لأن من مقتضيات الرهن أن يسلم الراهن العقار المرهون  للدائن المرتهن و إن تعذر التسليم كان الرهن باطلا بطلانا مطلقا لتخلف ركن من أركانه.

(1) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق بند 519 ص 893

أما بالنسبة للمشرع الجزائري فلم يحسم الموقف بنص قانوني لذلك نسترشد بتطبيق القواعد العامة ،و في هذا الصدد تنص المادة 392 في فقرتها الأولى من القانون المدني«يجوز أن يكون محل الالتزام شيء مستقبلا محقا» فطبقا لهذا النص الأصل هو صحة التصرف في الأموال المستقبلية و الاستثناء هو البطلان، ومن شروط محل الرهن الحيازي أن يكون قابلا للبيع بالمزاد العلني طبقا للمادة 949 من القانون المدني و من شروط المحل القابل للبيع بالمزاد أن يكون معينا تعيينا دقيقا هذا من جهة و من جهة أخرى المادة 93 في فقرتها الخامسة من المرسوم 76/63 المتعلق بتأسيس السجل العقاري اشترطت تعيين العقار طبقا للمادة 66 من نفس المرسوم التي تنص «كل عقد أو قرار قضائي موضوع اشهار بالمحافظة العقارية يجب أن يبين فيه بالنسبة لكل عقار يعينه النوع و البلدية التي يقع فيها و تعيين القسم و رقم  المخطط و المكان…»

و على ذلك لا يمكن تصور رهن عقار رهنا حيازيا لازال لم يبنى بعد لعدم إمكانية تعيينه تعيينا دقيقا كما حددته المواد السابقة الذكر أعلاه إعمالا لقاعدة تخصيص الرهن و على ذلك يقع باطلا.

الفرع الثالث: الدين المضمون

يعتبر عقد الرهن الحيازي عقد تبعي أنشئ لضمان الوفاء بالدين و أن وجود الدين المضمون ليس شرطا لوجود الرهن و حسب بل هو أيضا عنصر لتكييفه إن كان مدنيا أم تجاريا.

و قد أحالت المادة 950 من القانون المدني إلى المادة 891 من القانون المدني المتعلقة بالرهن الرسمي التي تنص على أنه«يجوز أن يترتب الرهن ضمانا لدين معلق على شرط أو دين مستقبلي أو دين احتمالي كما يجوز أن يترتب ضمانا لاعتماد مفتوح أو لفتح حساب جار على أن يتحدد في عقد الرهن مبلغ الدين المضمون أو الحد الأقصى الذي ينتهي إليه هذا الدين»

فيصح أن يعقد الرهن لضمان الإلتزامات أيا كان أوصافها سواء كان الالتزام منجزا أو معلق على شرط أو مقترنا بأجل أو مستقبلي أو احتمالي ،على أنه عملا بمبدأ تخصيص الرهن يجب أن يذكر في عقد الرهن أو في وثيقة لاحقة مبلغ الدين المضمون أو الحد الأقصى الذي ينتهي إليه الدين.

أولا: شروط الدين المضمون بالرهن:

يشترط في الدين المضمون بالرهن أن يكون موجودا و صحيحا قابلا للتنفيذ الجبري و محددا.

1-يجب أن يكون الدين المضمون موجودا و صحيحا: سبق التقديم أن الدين هو سبب الرهن لذلك فإن الدين لازم لوجود الرهن، فالرهن حق تابع ينشأ لضمان الوفاء فلا يتصور وجود الرهن دون وجود الحق المضمون به، و لا يتوافر هذا الشرط إلا إذا كان الدين المضمون قد تشأ صحيحا قبل الرهن و بقي قائما إلى حين انعقاد الرهن، فإذا كان الدين غير موجود وقت الرهن وقع الرهن باطلا و على هذا لا يجوز عقد الرهن لضمان دين نشأ عن عقد باطل لأنه في حكم غير الموجود و لا من أجل دين انقضى قبل الرهن لأي سبب من أسباب الإنقضاء كالوفاء(1) على أنه لا يشترط في وجود الدين المضمون أن يكون منجزا، بل يجوز أن يكون دينا معلق على شرط أو دين مستقبلي أو دين إحتمالي كما في تقرير الرهن لفتح إعتماد أو من أجل حساب جار.

2- يجب أن يكون الدين المضمون قابلا للتنفيذ الجبري:و هو ما يدفعنا للبحث في مسألة نوع الإلتزام الذي يصلح أن يكون مضمونا بالرهن.

الأصل أن كل التزام صالح أن يكون مضمونا بالرهن إذ لا يهم فيما إذا كان الإلتزام المضمون هو التزام بدفع مبلغ من النقود أم التزام بالقيام بعمل أو الإمتناع عنه.

و لا يهم أن يكون مصدره تصرف قانوني أو واقعة قانونية، ولا يهم أيضا أن يكون العقد منجزا أو مقترنا بأجل أو بات أو معلق على شرط واقف أم فاسخ، و يصح أن يكون الرهن ضامنا لألتزام مستقبلي، كفتح إعتماد كما يصح أن يكون الإلتزام المضمون مجرد احتمالي كفتح حساب جاري ففي جميع هذه الأحوال

يصح أن يكون محلا للضمان.

(1) أ/عبد اللطيف حمدان – نفس المرجع السابق بند 123 – ص 184

أما الإلتزام الطبيعي فلا يصلح أن يكون الرهن ضمانا له، لأنه يشترط في الدين المضمون أن يكون من الديون التي يمكن إجبار المدين على تنفيذها، و على ذلك لا يمكن تقرير الرهن لضمان إلتزام طبيعي لأن هذا الأخير لا يقبل التنفيذ الجبري.

3-يجب أن يكون محددا: إن نص المادة 891 من القانون المدني التي أحالت إليها المادة 950 من القانون المدني تقضي بجواز ورود الرهن على ضمان التزام مستقبلي أو مجرد احتمالي مما يوحي للوهلة الأولى أن الإلتزام المضمون غير خاضع لمبدأ التخصيص. لكن بقراءة النص بتأني نجد أنه في آخر المادة جاء فيها «…على أن يتحدد في عقد الرهن مبلغ الدين المضمون أو الحد الأقصى الذي ينتهي إليه هذا الدين».

لذلك فإننا نقول بوجوب اخضاع الإتزام المضمون لمبدأ التخصيص في عقد الرهن و في القيد. فحرص المشرع في المادة 891 من القانون المدني لا يفيد تخصيص الإلتزام و لو في حده الأقصى، لأنه من الناحية العملية إذا حدد الإلتزام المضمون في حده الأقصى ثم تبين أن العقار المرتهن أكثر بكثير من الدين المضمون فلا يحق تخفيض هذا الرهن بل يبقى الدين مضمون بالرهن كله و إن تبين العكس أن العقار المرهون أقل بكثير من الدين المضمون فلا يضمن إلا به، و معنى ذلك أن الدين ثابتا معروفا منذ البداية كل ما في الامرأنه قد يناسب قيمة المرهون، أو قد لا يناسبه كأن يكون أقل منه أو أكثر منه قيمة (1)

إذن فتحديد الحد الأقصى الذي ينتهي إليه هذا الدين لا يفيد في الحقيقة التخصيص و بذلك فلا يجوز أن يعقد الرهن الحيازي لضمان كل الديون التي تثبت في ذمة المدين في أية مدة . وعلى ذلك يجب أن يتحدد الدين المضمون بـ:

  • مقداره: و ذلك بتحديد الدين المضمون أو بتحديد الحد الأقصى الذي يصل إليه إذا كان الدين مستقلا كاعتماد مفتوح في مصرف فلم يسحب منه المدين شيئا، أو كان دينا احتماليا كفتح حساب جار يحتمل أن يكون رصيده دائنا أو مدينا و إذا كان الدينالمضمون بالرهن الحيازي هو تعويض عن عمل غير مشروع لم يتحدد مقداره بعناصره أما في القيد فيجب تحديد مبلغ تقريبي ينتهي إليه الدين و هذا المبلغ هو الذي يطلع عليه الغير و يحتج عليه به.

  • مصدره: بتحديد ما إذا كان عقد أو عمل غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو إرادة منفردة أو القانون فقد يكون قرضا مثلا.

  • بأوصافه: فقد يكون الدين المضمون معلق على شرط واقف أو فاسخ أو منجز و قد يكون مستقبلا أو محتملا.

و جزاء عدم تحديد الدين المرهون بالرهن الحيازي على الوجه السالف الذكر هو بطلان عقد الرهن الحيازي و البطلان هنا بطلان مطلق و يستطيع أن يتمسك به كل ذي مصلحة فيتمسك به المدين و الدائن المرتهن وورثة كل منهما و الخلف الخاص و الدائنون المرتهنون المتأخرون في المرتبة(2).

(1) إبراهيم بن غانم – نفس المرجع السابق – ص 57

(2) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق بند 523 ص 900

ثانيا : توابع الدين المضمون

لا يقتصرالرهن الحيازي العقاري على ضمان أصل الحق و إنما يضمن أيضا و في نفس المرتبة طبقا للمادة 963 من القانون المدني :

  • المصاريف الضرورية التي أنفقت للمحافظة على الشيء.

  • مصاريف العقد الذي أنشأ الدين و مصاريف عقد الرهن الحيازي و قيده عند الاقتضاء.

  • المصاريف التي اقتضاها تنفيذ الرهن الحيازي.

حيث أنه و كما سنأتي على شرحه في الفصل الثاني أنه يقع على الدائن المرتهن للعقار حيازيا  التزاما بصيانة العقار و قيامه بالنفقات اللازمة لحفظه و أن يدفع ما يستحق سنويا على العقار من ضرائب و تكاليف على أن يستنزل من الثمار التي يحصلها قيمته ما أنفق .أو يستوفي هذه القيمة من ثمن العقار في المرتبة التي يخولها القانون طبقا للمادة 968 من القانون المدني.

إذا فالرهن لا يضمن الدين الثابت في ذمة الراهن عند إبرام عقد الرهن فحسب و إنما يضمن ما أنفقه المرتهن على العقار المرهون أيضا.

المطلب الثاني : نفاذ الرهن الحيازي العقاري

تنص المادة 966 من القانون المدني على أنه«يشترط لنفاذ الرهن العقاري في حق الغير إلى جانب تسليم الملك للدائن ،أن يقيد عقد الرهن العقاري ،و تسري على هذا القيد الأحكام الخاصة بقيد الرهن الرسمي».

و بذلك فإنه و لنفاذ الرهن الحيازي العقاري في حق الغير الذي يعرف بأنه« كل من تضره ميزة التقدم أو ميزة التتبع كمن انتقلت إليه ملكية الشيء المرهون أو كسب حقا عينيا أصليا آخر عليه و كالدائن الذي له حق عيني تبعي على الشيء المرهون و كالدائن العادي»(1)

و على ذلك فإنه و لنفاذ الرهن الحيازي العقاري في حق الغير يجب تسليم الملك للدائن بمعنى انتقال الحيازة و أن يتم قيده في السجل العقاري و الذي يقتضي توثيقه في عقد رسمي قبل ذلك و عليه فسنتناول تباعا في الفروع التالية ما يلي :

الفرع الأول: الرسمية كخطوة أولية لقيد الرهن في تشريعنا

الفرع الثاني: القيد

الفرع الثالث: الحيازة

عبد الناصر توفيق العطار – المرجع السابق – بند 104 ص 205

 الفرع الأول: الرسمية كخطوة أولية لقيد الرهن في تشريعنا  

سبق التوضيح أن عقد الرهن الحيازي العقاري تأمين اتفاقي بين الدائن المرتهن و الراهن مصدره العقد ،و في القانون الجزائري هو عقد رسمي أو شكلي يجب توثيقه لأن المادة 12 من قانون التوثيق الصادر بالأمر 70-91 تقضي بأن العقود التي تتضمن نقل حقوق عقارية يجب تحت طائلة البطلان أن تحرر في شكل رسمي و لم يفرق قانون التوثيق بين نقل الحقوق العقارية الأصلية و التبعية ففي الحالتين يلزم التوثيق.

لكن ينبغي التوضيح أن الكتابة الرسمية ليست ركنا في العقد كالرهن الرسمي بل هي مجرد خطوة أولية لإتخاذ إجراءات الشهر للاحتجاج بالرهن العقاري على الغير(1).

ذلك أنه و ليتسنى إشهار عقد الرهن الحيازي لابد من توثيقه إذ تنص المادة 61 من المرسوم 76/63 المتعلق بتأسيس السجل العقاري على أن كل عقد يكون موضوع إشهار في محافظة عقارية يجب أن يقدم على الشكل الرسمي.

و قد عرف المشرع الجزائري العقد في المادة 324 من القانون المدني على أنه«العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ،ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن و ذلك طبقا الأشكال القانونية و في حدود سلطته و اختصاصه».

و عليه فالكتابة الرسمية في تشريعنا هي مجرد خطوة أولية فقط لقيد الرهن العقاري بالسجل العقاري لنفاذه في حق الغير(2). كما أنها تسمح فيما بعد الدائن المرتهن حيازيا أن يكسب سندا تنفيذا يستطيع به التنفيذ على العقار عند حلول أجل الدين و عدم استيفائه.

الفرع الثاني: القيد

تنص 966 من القانون المدني على أنه«يشترط النفاذ الرهن العقاري في حق الغير ….أن يقيد عقد الرهن العقاري و تسري على هذا القيد الأحكام الخاصة بقيد الرهن الرسمي».

و بالرجوع لأحكام الرهن الرسمي و على وجه الخصوص لنص المادة 904 من القانون المدني التي تنص على أنه«لا يكون الرهن نافذا إلا إذا قيد العقد أو الحكم المثبت للرهن قبل أن يكسب هذا الغير حقا عينيا على العقار…»

(1) محمد حسنين نفس المرجع السابق – ص 100 و ما بعدها

(2) تنص المادة 2085 من القانون المدني الفرنسي في فقرتها الأولى على أن الرهن الحيازي العقاري لا يثبت إلا بالكتابة

«L’antichrèse ne s’établie que par écrit»  و قد أتنقد الفقه هذه المادة و اعتبرها بدون فائدة«ذلك أن العقد الرسمي يعتبر بمثابة خطوة أولية لازمة للشهر حسب نص المادة 68 من المرسوم الصادر في 14 أكتوبر 1955 من جهة و من جهة أخرى أن نص المادة 2085 لم يلغي الطرق الأخرى للإثبات و أن أهميته تكمن فقط في وجوب الإثبات بالكتابة إذا كانت قيمة الثمار أو العفار تقل عن 5000 فرنك فرنسي و هي قيمة ضئيلة جدا»  H.Mezeaud. J.Mazeaud .F Chabas . op.cit.p178

أولا: إجراءات القيد

و بذلك و حتى يكون نافذا في حق الغير يجب القيام بإجراءات خاصة تسمى القيد L’inscription و يكون الغرض منها إعلان الغير بوجود رهن يثقل العقار ،كمن يقدم على شرائه أو من يتلقاه على سبيل الهبة أو من يتقرر له عليه حق انتفاع أو غير ذلك من الحقوق العينية الأصلية أو التبعية .

أولا: إجراءات القيد

و بذلك و حتى يكون نافذا في حق الغير يجب القيام بإجراءات خاصة تسمى القيد L’inscription و يكون الغرض منها إعلان الغير بوجود رهن يثقل العقار ،كمن يقدم على شرائه أو من يتلقاه على سبيل الهبة أو من يتقرر له عليه حق انتفاع أو غير ذلك من الحقوق العينية الأصلية أو التبعية .

فإذا تم القيد قبل أن يشهر صاحب الحق حقه كان الرهن نافذا في حق هذا الغير و أكتسب الدائن المرتهن حق التقدم عليه أو حق التتبع.

و تقضي المادة 905 من القانون المدني بأنه«تسري على اجراء القيد و تجديده و شطبه وإلقاء الشطب والآثار المترتبة على ذلك كله ،الأحكام الواردة في قانون تنظيم الإشهار العقاري».

و بالرجوع الأمر 75/74 المِؤرخ في 12/11/1975 المتعلق بإعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل العقاري و كذلك المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري و على وجه الخصوص المادة 93 و منه التي تشترط تقديم الأصل أو الصورة الرسمية للعقد المنشئ للرهن و يجب عليه أن يودع جدولين موقعين و مصححين بدقة و يكونان محرران لزوما على استمارة تقدمها المحافظة العقارية و يتضمن الجدولان البيانات التالية :

1- تعين الدائن و المدين بذكر هويتهما و لقب و موطن و تاريخ و مكان الازدياد.

2- اختيار الموطن من قبل الدائن في إطار اختصاص المجلس القضائي لموقع الأملاك.

3- أن يذكر تاريخ و نوع السند أي العقد الرسمي المحرر من الموثق مع ذكر سبب الدين المضمون بعقد الرهن.

4- ذكر رأس مال الدين الذي وجد الرهن لأجل ضمانه ولواحقه و تاريخ استحقاقه.

5- تعيين العقار الذي طلب التسجيل لأجله وفقا لنص المادة 66 من نفس المرسوم.

و يحتفظ الدائن المرتهن بأحد الجدولين مؤشرا عليه من المحافظ العقاري و يبقى الثاني في المحافظة العقارية.

إذا فبعد تأكد المحافظ العقاري من جميع الوثائق المشترط إيداعها من أجل القيد و بعد الفحص و التحقيق طبقا لما تنص عليه المادتين 100و105 من المرسوم 76/63 يقوم بالتأشير في النهاية على البطاقة العقارية للعقار المرهون.

فإذا أتبع الدائن المرتهن حيازيا هذه الإجراءات اعتبر الرهن نافذا في حق الغير ،أما إذا لم يتم القيد فالرهن الحيازي لا يكون باطلا و أنما صحيحا منتجا لآثاره فيما بين المتعاقدين ولكن يخول الدائن المرتهن لاحق التقدم لا حق التتبع.

مع الإشارة أن المشرع الجزائري لم يحدد ميعادا للقيد و ذلك مراعاة منه من أن من مصلحة الدائن المرتهن أن يبادر في القيام به في أقرب وقت للمحافظة على مرتبته لأن في كل تأخير تتأخر فيه مرتبته و يتقدم غيره عليه في التنفيذ ،و قد يضيع عليه حق الرهن إذا قام الراهن بالتصرف في العقار المرهون و أشهر المتصرف له حقه قبل قيد الدائن له كما قد يعرضه هذا التأخير لخطر شهر إفلاس الراهن لأنه لا يجوز له القيام بهذا القيد بعد شهر الإفلاس و هو ما تنص عليه المادة 247 من القانون التجاري بأنه«لا يصح التمسك قبل جماعة الدائنين ابتداءا من تاريخ التوقف عن الدفع بكل رهن عقاري اتفاقي أو قضائي يترتب على أموال المدين لديون سبق التعاقد عليها» و مؤدى ذلك أنه يجوز للقاضي أن يحكم بطلان القيد الذي يتم حتى في تاريخ سابق شهر الإفلاس و لكن واقع في فترة الريبة(1)               La période suspecte  و هي الفترة التي تفصل بين التوقف عند الدفع و تاريخ شهر الإفلاس

ثانيا: تجديد القيد و شطبه :                

حسب المادة 96 من المرسوم 76/63 إذا قيد الرهن لمدة 10 سنوات وجب تجديده عند انتهاء المدة ،فإذا لم يجدد لا يفقد الراهن الرهن و إنما بفقد المرتبة و تفاده في حق الغير و حقه في التقدم و التتبع(2)

و منه نستنتج أنه لا يكفي لنفاذ الرهن في حق الغير قيدا واحدا إنما يجب بعد انقضاء هذه المدة بالضرورة تجديده لكي يبقى نافذا في حق الغير.

و لا يشترط انتهاء العشر سنوات لتجديد القيد بل يمكن أن يجدده قبل انتهاء هذه المدة حينئذ تحسب مدة العشر سنوات الجديدة من تاريخ إجراء التجديد و ليست من تاريخ إنهاء القيد الأول.

و التجديد لا يفقد الرهن مرتبته الأولى بل يبقى محتفظا بها ما دام التجديد قد تم في ميعاد 10سنوات أما إذا لم يتم التجديد في هذا الميعاد فإن القيد يسقط و لكن الرهن يبقى صحيحا فيما بين الطرفين و لكن لا يكون نافذا في الغير و يبقى من حق الدائن أن يعيد القيد متى شاء لكن في هذه الحالة يكتسب القيد مرتبة جديدة ابتداء من التاريخ الذي تم فيه و يفقد المرتبة التي أكتسبها بموجب القيد الأول .

و إذا انقضى الرهن بصفة أصلية أو تبعيته وجب شطب القيد لأنه لا فائدة من بقاءه بعد انقضاء الرهن و يتم الشطب عن طريق التأشير على هامش القيد بعبارة تدل على ذلك.

(1) أ/موالك بختة – محاضرات ألقيت على طلبة اليسانس السنة الثالثة – كلية الحقوق و العلوم الإدارية – بن عكنون – السنة الدراسية 1999-2000

(2) أ/موالك بختة – نفس المرجع السابق

ثالثا: مصاريف القيد        

إن المادة 906 من القانون المدني تحمل المصاريف على الراهن سواء كان مدينا أصليا أو كفيلا عينيا. فالمدين هو الذي تقع على عاتقه المصاريف لأنه المسؤول عن الدين و عن الرهن و يستوي في ذلك حتى و إن كان كفيلا عينيا .

ثالثا: مصاريف القيد       

إن المادة 906 من القانون المدني تحمل المصاريف على الراهن سواء كان مدينا أصليا أو كفيلا عينيا. فالمدين هو الذي تقع على عاتقه المصاريف لأنه المسؤول عن الدين و عن الرهن و يستوي في ذلك حتى و إن كان كفيلا عينيا .

و لا يعتبر حكم المادة 906 من القانون المدني من النظام العام لذلك يمكن للأفراد اقتسام مصاريف القيد و يمكن أن يتحملها الدائن نفسه .

الفرع الثالث: الحيازة

تشترط المادة 966 من القانون المدني لنفاذ الرهن في حق الغير أن يكون العقار في حيازة الدائن المرتهن ، فتسليم العين و نقل حيازتها للدائن المرتهن حيازيا هو ما يميز الرهن الحيازي عن الرهن الرسمي و إذا لم يتم نقل الحيازة فلا ينفذ الرهن في حق الغير لا يحتج المرتهن بحقه على الغير الذي يكسب حقا عينيا على العقار المرهون قبل نفاذ الرهن في مواجهته.

أولا: مفهوم الحيازة : تعرف الحيازة«واقعة مادية تنشأ عن سيطرة الشخص على شيء أو حق بصفته مالك لهذا الشيء أو صاحب حق عليه»(1)

و بذلك فالحيازة هي السيطرة الفعلية على الشيء و تتجسد بمباشرة الأعمال المادية على النحو الذي تقتضيه طبيعة الشيء محل الحيازة.

1- أركان الحيازة :

و تقوم الحيازة على ركنين الركن المادي و الركن المعنوي

أ- بالنسبة للركن المادي :

و يتكون من مجموعة الأعمال المادية التي يقوم بها الحائز سواء كان مالك أو صاحب حق عيني آخر ،و حتى تتحقق الحيازة يجب أن يكون الشيء محل الحيازة تحت السيطرة الفعلية أي بالاستحواذ الفعلي عليه.

ب- الركن المعنوي :

و هو قصد الحائز في استعماله الحق العيني وهو نية المالك في الظهور بمظهر مالك الشيء أو صاحب حق عيني عليه.

(1) الأستاذ القاضي المستشار بالمحكمة العليا – زودة عمر – مجموعة محاضرات ألقيت على الطلبة القضاة المدرسة العليا للقضاء – السنة الدراسية 2004-2005

و الجدير بالملاحظة أن الركن المعنوي للحيازة تتناوله نظريتان : النظرية الشخصية والنظرية المادية ، الأولى تعتبر أن الحيازة الصحيحة هي تلك الحيازة القائمة على ركنين السيطرة المادية وبنية الحائز في التملك للشيء محل الحيازة ،بأن تنصرف نية الحائز لإضافة هذا الشيء في ذمته المالية باستعماله لحساب نفسه ،لذلك فإن هذه النظرية لا تحمي حيازة المرتهن رهن حيازة باعتبارها عرضية.

أما الثانية فتعتبر أن الركن المادي يتضمن بالضرورة الركن المعنوي و أن هذا الأخير غير مستقل عن الأول و تتحقق النية في الأعمال المادية التي يقوم بها الحائز لتجسيد سيطرته المادية على الشيء بأعمال إرادية ،لذلك فإن السيطرة المادية في نظر هذه النظرية هي الحيازة بعينها و بالنتيجة فإن حيازة المرتهن رهن حيازي محل حماية قانونية(1).

2- شروط الحيازة

يكمن الغرض الأساسي من انتقال الحيازة إلى الدائن المرتهن إعلام الغير بما أصبح على المرتهن من حق لذلك يجب أن يكون:

أ- انتقال الحيازة ظاهرا:

إن الغرض الأساسي من انتقالها إلى المرتهن هو إعلام الغير بما أصبح على العقارالمرهون من حق لذلك يجب أن تكون ظاهرة لا لبس فيها.

ب- أن تكون مستمرة :  

و ذلك إلى غاية استيفاء الدين المضمون على لأنه من مقتضيات استثمار الدائن المرتهن للشيء المرهون أن يتخلى المرتهن  عن حيازته لشخص آخر كما لو أجره لغير المدين الراهن حيث تنص المادة 952(2) من القانون المدني«إذا رجع المرهون إلى حيازة الراهن انقضى الرهن،إلا إذا أثبت الدائن المرتهن أن الرجوع كان بسبب لا يقصد به انقضاء الرهن كل هذا دون ،إخلال بحقوق الغير». و على ذلك :

ب-1 رجوع العقار المرهون لحيازة الراهن:الأصل أن تبقى حيازة العقار المرهون للدائن المرتهن دون الراهن طوال مدة الرهن برضا الدائن المرتهن صراحة أو ضمنا بعلمه بذلك فكان ذلك قرينة على تنازله عن الرهن وانقضى الرهن تبعا لذلك ، إلا أنها قرينة بسيطة يدحضها الدائن المرتهن بإثبات أنه لم يقصد بإرجاعه انقضاء الرهن بل أنه سلمه للراهن على سبيل الإيجار أو الوديعة أو العارية فيبقى قائما في الحالتين الأخيرتين ومواجهة الراهن ولكنه لا يكون ساريا في مواجهة الغير بحيث إذا تم التنفيذ على العقار المرهون من قبل دائنين آخرين لا يكون للمرتهن حيا زيا ميزة التقدم عليهم وان له أن يشترك معهم في توزيع ثمن العقار المرهون عند بيعه وإذا عاد و تسلم الدائن المرتهن العقار المرهون من جديد عاد الرهن ساريا في مواجهة الغير .

(1) أ/زودة عمر – نفس المرجع السابق .

(2) و تقابل المادة 952 من القانون المدني الجزائري المادة 1100 مدني المصري ، و قد أورد السنهوري فقرة في مربعه السابق فقرة لتقرير لجنة مجلس الشيوخ في هذا الصدد جاء فيه«و قد آثرت اللجنة أن تقرر أن الأصل هو انقضاء الرهن متى رجع الشيء المرهون إلى حيازة الراهن على غرار ما هو مقرر في القانون الحالي استنادا إلى قرينة تنازل الدائن أو استيفائه لحقه و هي قرينة تستخلص من خروج الحيازة من يده و لكنها لم تجر هذا الأصل على إطلاقه ،بل جعلت للدائن أن ينفي هذه القرينة ‘إذا أقام الدليل على أن الحيازة خرجت من يده بسبب لا يقصد به انقضاء الرهن و بديهي أن الحكم قاصر على صلة الراهن بالمرتهن ،فهو بهذا التحديد لا يؤثر في حقوق الغير»

وإذا كسب الغير حقوق على العقار المرهون في الفترة ما بين خروجه من حيازة الدائن المرتهن و عودته إلى حيازته ، كأن يتصرف الراهن في العقار بأن يرهنه مرة ثانية لدائن مرتهن حسن النية أو يِِؤجره لمستأجر، فإن لهم الاحتجاج بحقهم على الدائن المرتهن الأول حيازيا بعد عودة العقار المرهون إلى حيازته.

ب-2-تخلي الدائن المرتهن عن الحيازة لغير الراهن:وهو أمر جائز ولا يبطل الرهن  ويبقى صحيحا نافذا في حق الغير لأن الحيازة لم تنتقل للراهن و إنما انتقلت لغير الراهن ، بحيث يجوز للمرتهن أن يؤجر العقار المرهون لمستأجر غير الراهن ، كما يجوز له أن يعيره لشخص غير الراهن حيث يضع المستأجر أو المستعير يده على العقار المرهون نيابة عن الدائن المرتهن و يبقى الرهن قائما صحيحا(1) وإذا سلبت الحيازة من الدائن المرتهن فله أن يرفع دعوى منع التعرض أو دعوى استرداد الحيازة .

-3-أهمية  الحيازة:إن الحيازة أمر جوهري في الرهن الحيازي العقاري لنفاذه في حق الغير، هذا وإن كان المشرع قد اشترط في المادة 966 من القانون المدني إلى جانب التسليم القيد إلا أن هذا الإجراء لا يعني عن الحيازة ، ويرجع السبب في ذلك إلى إثنين :

أ-بالنسبة للدائن المرتهن:متى انتقلت الحيازة للدائن المرتهن تمكن هذا الأخير من  حبس العقار المرهون لحين استفاء حقه و تمكن من مباشرة دوره كدائن مرتهن بالمحافظة على العقار المرهون وإدارته و استثماره و محاسبة الراهن على كل ذلك لحين انتهاء الرهن فيرده للراهن

 ب-بالنسبة للمدين الراهن:يكمن في إعلام الرهن بالنسبة للغير الذي سيعلم أن مادامت الحيازة قد انتقلت من الراهن أن العقار المرهون لم يعد من أملا ك الراهن الحرة الخالية من حقوق الغير عليها فلا يطمئن إلى التعامل بهذه العين مع الراهن.

ثانيا – لمن تنتقل الحيازة:الأصل أن تنتقل الحيازة للدائن المرتهن الذي جعل انتقال الحيازة لحمايته و ضمان مصالحه لكن ليس هناك ما يمنع من أن يتفق المتعاقدان الراهن و الدائن المرتهن على أجنبي يسمى               «عدلا» في الفقه الإسلامي يتسلم الشيء المرهون و يحتفظ به نيابة عن الدائن المرتهن.

 حيث أن المادة 948 من القانون المدني تنص على أن”الرهن الحيازي عقد يلتزم به شخص أن يسلم إلى الدائن المرتهن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان ، شيئا…”

و المادة 951من القانون المدني التي تنص على أنه«ينبغي على الراهن تسليم الشيء المرهون إلى الدائن أو إلى الشخص الذي عينه المتعاقدان لتسليمه»

وكذا المادة 961في فقرتها الثانية«يجب لنفاد الرهن في حق الغير أن يكون الشيء المرهون في يد الدائن أو الأجنبي الذي ارتضاه المتعاقدان»

(1) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق بند 541 ص 921

إلا أن المادة 966 مدني تشترط لنفاذ الرهن العقاري في حق الغير تسليم الملك للدائن دون الإشارة إلى الأجنبي الذي قد يعينه المتعاقدان على خلاف المشرع المصري في نص المادة 1114المقابلة للمادة966مدني جزائري اشترط لنفاذ الرهن العقاري في حق الغير انتقال الحيازة، حيث جاء النص عاما دون تحديد الطرف الذي تنقل له الحيازة مما يعني سريان الأحكام العامة للرهن الحيازة على العقاري ، ولذلك فإننا نرى أن المشرع يكون قد سهى عن ذكر الأجنبي الذي يعينه المتعاقدان لانتقال حيازة العقار له. و لا يمنع نفاد الرهن على الغير بانتقال الحيازة لهذا العدل طالما أن المتعاقدان هما من سيعينانه طبقا للأحكام العامة للرهن الحيازي الوارد في المواد 948 و951و961في فقرتها الأولى من القانون المدني السابق ذكرها ، خاصة و أن المشرع نفسه في المادة 966في فقرتها الثانية نص على أنه”يجوز أن يكون الشيء المرهون ضامنا لعدة ديون”

مما سيؤدي بالضرورة إلى اتفاق المتعاقدين على أن يكون العقار في حيازة عدل واحد.

ويتبين مما سبق أن العدل يجب أن يتفق عليه المتعاقدان الراهن و الدائن المرتهن الذي يجب أن يقبل مهمته برضا سابق أو لاحق وأن يكون أهلا للتعهد ، ولا يشترط في الاتفاق أي شرط خاص، أما إذا عهد الدائن المرتهن وحده بغير اتفاق مع الراهن بحيازة العقار المرهون لشخص آخر فلا يعتبر هذا الشخص عدلا بل نائبا عن الدائن أو تابع له .

هذا ويصح أن يكون العدل دائنا مرتهنا سابقا فيحوز العقار المرهون بصفته دائنا مرتهنا و بصفته عدلا نائبا عن دائن مرتهن آخر . وإذا كان العقار المرهون في يد العدل قبل تقرير الرهن بصفة أخرى كمودع عنده ثم تقرر الرهن و اتفق برضاه على أن يكون هو العدل فلا يكفي أن يعلنه الدائن المرتهن بعقد رهنه بل إقرار من العدل أنه أصبح يحوز العقار كعدل نيابة عن الدائن المرتهن .

و للحيازة بواسطة العدل فوائد كثيرة تخلي الدائن المرتهن من التزامه بإدارة واستثمار العقار المرهون و يسهل للراهن رهنه لأكثر من دائن و ليس للعدل تمكين الراهن أو الدائن المرتهن من حيازته إلا برضا الاثنين معا . وإلا كان للآخر طلب استرداده (1).

إلا أن المشرع الجزائري بالنسبة للرهن الحيازي العقاري أجاز أن يكون نقل حيازة العقار حكيما فقط و ذلك بإيجار العقار المرهون حيازة للراهن بأن يبقى العقار المرهون في حيازة الدائن الراهن بصفته مستأجرا مع ذكر ذلك في القيد أو التأشير به على الهامش و هو ما نص عليه المشرع بالمادة 967من القانون المدني ” يجوز للدائن المرتهن لعقار أن يؤجر العقار إلى الراهن دون أن يمنع ذلك من نفاد الرهن حق الغير فإذا اتفق عليه بعد الرهن وجب أن يؤشر به في هامش القيد ولا يكون هذا التأشير ضروريا إذا جدد الإيجار تجديدا ضمنيا”

(1)- د- / عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق – ص 951  وما بعدها .

فبموجب هذا النص لا يفقد الدائن المرتهن ميزتي التقدم  والتتبع لأن الرهن يظل نافدا في حق الغير ، الذي حتى لا يظن انقضاء الرهن اشترط المشرع شهر الإيجار بقيده إذا اتفق عليه في عقد الرهن أو التأشير به في هامش القيد إذا اتفق عليه بعد عقد الرهن دون حاجة لتكرار القيد إذا جدد ضمنيا .

ثالثا: الحيازة المطلوبة في الحائز:

سبق التوضيح أن حيازة العقار المرهون قد تنتقل إما للدائن المرتهن أو إلى الأجنبي الذي يتفق عليه المتعاقدان ، و تختلف طبيعة الحيازة بحسب ما إذا كان الحائز هو الدائن المرتهن أو العدل.

-1- الحيازة المطلوبة في الدائن المرتهن:

المقصود بالحيازة الازمة لنفاد الرهن في مواجهة الغير هي الحيازة القانونية المتكونة من السيطرة الفعلية على العقار المرهون بقصد ممارسة حق الرهن عليه مع الإشارة أن النية المطلوبة في الرهن ليست نية التملك ، و من تمة فلا يتملك الدائن المرتهن العقار المرهون مهما طالت مدة الحيازة أن لا يسري عليه التقادم ذلك أن حيازته هي حيازة عرضية و التي تعرف أنها “حيازة مادية يتوافر فيها الركن المادي ويتخلف فيها الركن المعنوي”(1)

و في ذلك صدر قرار عن المحكمة العليا بتاريخ 25/03/1993 ملف رقم 81688 جاء فيه “حيث أن قضاه الموضوع لم يبيّنوا كيف أن عقد الرهن المؤرخ في 16/11/1951قد تحول إلى عقد ملكية علما بأن الرهن لا يعد طريقا من طرق التملك و لا يمكن صاحبه من تملك الشيء المرهون وغاية ما هناك أنه إتخذه كضمان لاستيفاء دينه في حالة امتناع المدين عن ذلك و هذا يبيع المرهون بالمزاد العلني مما يجعلهم قد أساءوا فعلا تطبيق القانون و اشابوا قرارهم بالغموض و القصور في التسبيب و عرضوه للنقض”(2).

وعلى ذلك فإن الدائن المرتهن لا يحوز العقار لحساب نفسه بل يحوزه لحساب غيره حيث أنه لا يتوافر القصد في التملك عند المرتهن بل عند الراهن الذي يباشر العنصر المادي للحيازة بواسطة الدائن المرتهن حيث ينقل السيطرة المادية للحائر العرضي أي الدائن المرتهن في حين يبقى محتفظ بالركن المعنوي.

و على ذلك فإن الحيازة المطلوبة لنفاذ الرهن في حق الغير هي الحيازة القانونية لحق الرهن و يكون للدائن المرتهن الحيازة العرضية (3) المتميزة بخاصيتين:

(1) أ/زودة عمر نفس المرجع السابق

(2) قرار غير منشور

(3) – د/ عبد الناصر توفيق العطار – نفس المرجع السابق – نبذة 105 –ص 207

– أ –وجود سند قانوني لدى الحائز:فحيازة الحائز العرضي(1) أي الدائن المرتهن تكون استنادا إلى سند قانوني و هذا السند القانوني و هو عقد الرهن الحيازي هو الذي يجعل حيازته عرضية لأنه يتضمن إقرار منه على أنه يحوز لحساب غيره . وبهذا الصدد صدر قرار عن المحكمة العليا بتاريخ 13/03/1991 ملف رقم 27 672 مما جاء فيه” من المقرر قانونا انه ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده كما أنه لا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته ولا الأصل الذي تقوم عليه ، و من تم فإن النعي على القرار المطعون فيه بمخالفة القانون غير سديد …” (2)

– ب- التزام الحائز برد العقار:لأن حيازته له لا تعدو أن تكون مجرد حيازة مادية استنادا للسند الذي بحوله حيازته و هذا السند يلزمه برد العقار و لا يخوله التمسك بحيازته لتملك العقار المرهون حيا زيا بالتقادم و في هذا الشأن أيضا صدر قرار عن المحكمة العليا بتاريخ 25/11/1998ملف رقم 410 182 مما جاء فيه ” من المقرر قانونا بالمادة 948 من القانون المدني أن الرهن الحيازي عقد يلتزم به شخص ضمانا لدين عليه أو على غيره أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان ، شيئا يترتب عليه للدائن حقا عينيا يخوله حبس الشيء إلى أن يستوفي الدين.

و لما كان ثابتا – في قضية الحال –قضاة المجلس لما أيدوا حكم المحكمة القاضي برفض دعوى الطاعنين الرامية إلى إلزام المطعون ضده برفع يده على القطعة الأرضية المتنازع عليها على أساس أنهما مالكين لها موجب سند رهن حيازيا ، فإن قضائهم جاء سليما لأن الرهن الحيازي لا يشكل وسيلة من وسائل اكتساب الملكية و لا يمكن اعتباره سند الملكية ، و متى كان كذلك استوجب رفض الطعن”(3)

– الحيازة المطلوبة في العدل:بأن يحوز العقار لحساب الدائن المرتهن في حق الرهن و لحساب الراهن بالنسبة للملكية(4)

هذا ويعتبر العدل حائزا عرضيا سواء بالنسبة لحق الراهن أو حق المرتهن  و ليست له أية حرية في التصرف في العقار محل الحيازة فهو يباشر السيطرة المادية على العقار المرهون و المرتهن فحيازته له تعد مجرد احراز(5)

(1) – الحيازة العرضية كأصل عام لا يحميها القانون و لا يترتب عليها أي أثر و استثناءا يحميها المشرع في حال استنزافها بالقوة حيث يمكن للحائز العرفي حماية حيازته استناد القاعدة عدم جواز اقتضاء الشخص لحقه بنفسه .

(2) – مجلة قضائية سنة  1991عدد 04 صفحة 35

(3) – مجلة قضائية سنة 1999 عدد 01 صفحة85

(4) أ / سمير عبد السيد تتاغو – التأمينات الشخصية و العينية – منشأة المعارف – الإسكندرية – سنة 1970 – ص 384 سند 141

(5) أ – / العربي بن قسمية – نفس المرجع السابق – نقلا عن أشرف مهدي مصطفى – ص281

 

تحديد و تقسيم:

بعد ما تناولنا مفهوم الرهن الحيازي العقاري و بينا خصائصه و تكوينه فرأينا أنه عقد رضائي ملزم للجانبين بمقتضاه يلتزم الراهن بتقرير حق عيني تبعي على العقار المرهون لصالح الدائن المرتهن, بحيث يكون لهذا الأخير التنفيذ على العقار عند حلول أجل الدين باعتباره دائنا مرتهنا لا دائنا عاديا. غير أنه لا يتقرر له حق التقدم و حق التتبع إلا بعد انتقال الحيازة و القيد في السجل العقاري.

و باعتباره من العقود الملزمة للجانبين فقد رتب المشرع على عاتق كل من المدين الراهن و الدائن المرتهن الالتزامات التالية:

– فالراهن يلتزم بتسليم العقار المرهون ( م 951 و 966 مدني) و يضمن سلامة الرهن و نفاذه ( م 953 مدني) كما يضمن هلاك العقار المرهون عندما لا يكون للدائن المرتهن يد في هلاكه (م 954 مدني).

– أما الدائن المرتهن فيلتزم بدوره بالمحافظة على العقار و أن يقوم بصيانته و بالنفقات اللازمة لحفظه (م 986 مدني) و بادارته و استثماره (م 956 و 958/1 مدني)،وبرده إلى الراهن عندما تنتفي الحكمة من الرهن (م959 مدني)

و لذلك فان التزامات أحد الأطراف تعتبر في حد ذاتها حقوق بالنسبة للطرف الآخر. لذلك سنتناولها في المبحث الأول : تحت عنوان آثار الرهن الحيازي العقاري بين أطرافه و في حق الغير.

المبحث الثاني : سنتعرض إلى طرق إنقضاء الرهن الحيازي.

المبحث الأول: آثار الرهن الحيازي العقاري

الرهن الحيازي العقاري إذا انعقد صحيحا, ينتج آثار معينة فيما بين المتعاقدين و بالنسبة للغير أيضا و سنعالج كل من الموضوعين في المطلبين التاليين:

المطلب الأول: آثار الرهن الحيازي العقاري فيما بين المتعاقدين

المطلب الثاني: آثار الرهن الحيازي العقاري بالنسبة للغير

المطلب الأول: آثار الرهن الحيازي العقاري فيما بين المتعاقدين:

إن الرهن الحيازي العقاري ينشئ حقا عينيا و التزامات على عاتق كل من الطرفين. حيث أن الحق العيني الذي للدائن المرتهن هو حق عيني عقاري يمكن وضع اليد عليه في مواجهة المالك وحمايته بدعوى استرداد الحيازة كما أنه يخول للمرتهن حق التمتع الذي يسمح له بالاستيلاء على الثمار(1) و استغلال العقار و تقديم حساب سنوي على الثمار لأن الثمار تخصم من الفوائد حيث يسمح القانون بالفوائد ثم من أصل رأس المال أو الدين(2) .

و في المقابل تقع التزامات على عاتق المدين الراهن لذلك نقسم المطلب إلى الفرعين التاليين:

الفرع الأول: التزامات المدين الراهن.

الفرع الثاني: التزامات الدائن المرتهن.

الفرع الأول: التزامات المدين الراهن:

مع افتقار الرهن الحيازي العقاري إلى أحكام خاصة بالتزامات الراهن نرجع للأحكام العامة في الرهن الحيازي, نجد أنه يقع على عاتق الراهن ثلاث التزامات أساسية أوردتها المواد 951, 953, 954 من القانون المدني نتعرض لها تباعا.

أولا: الالتزام بالتسليم:

إن الالتزام بالتسليم(3) ينشأ عن عقد الرهن لتمكين المرتهن من حيازة العقار المرهون و هو في نفس الوقت شرط لنفاذ الرهن في مواجهة الغير طبقا لما نصت عليه المادة 966 مدني و تنص الفقرة الأولى من المادة 951 من القانون المدني” ينبغي على الراهن تسليم الشيء المرهون إلى الدائن أو إلى الشخص الذي عينه المتعاقدان لتسليمه”. أما الفقرة الثانية منها فأحالتنا إلى الأحكام الخاصة بتسليم الشيء المبيع بنصها:” و يسري على الالتزام بتسليم الشيء المرهون أحكام الالتزام بتسليم الشيء المبيع”.

(1) للمرتهن الحق في الاستيلاء على الثمارFruits دون الحاصلاتProduits و للثمار صفة الدورية أما الحاصلات فهي جزء من رأس المال

(2) د/ محمد حسنين- نفس المرجع السابق- ص 105

(3) طبقا للقواعد العامة للالتزام بالتسليم يكون بمجرد انعقاد العقد إذا كان هذا الشيء معينا بالذات و عليه إذا حدث أن تقاعس الراهن في تنفيذ الالتزام الذي على عاتقه طوعا أجبر على التنفيذ العيني أو عن طريق التعويض أو كلاهما في حالة التأخر طبقا للقواعد العامة في تنفيذ الالتزام.

فبموجب هذه الإحالة فان أحكام البيع في التسليم تنطق من حيث زمان التسليم و مكانه و كيفيته, مع مراعاة الأحكام الخاصة للرهن الحيازي العقاري.

فبالنسبة لزمان التسليم يجب أن يسلم الراهن العقار المرهون حيازيا للدائن المرتهن أو إلى العدل بعد إبرام العقد لأن التسليم التزام ينشأ من ذلك العقد, و يمكن أن يتم التسليم بعد عقد الرهن بزمن و يحتج به على الغير, إلا إذا حصل الغير قبل التسليم على حقوق متعارضة مع المرتهن على العقار المرهون(1).

أما كيفية التسليم فتكون بوضع العقار المرهون تحت تصرف الدائن المرتهن أو العدل بحيث يتمكن من حيازته و الانتفاع به دون عائق أو بأن يكون حكميا كما إذا أجر الدائن المرتهن العقار المرهون إلى المدين الراهن و هو الامر الذي تجيزه المادة 967 قانون مدني.

و ينجر عن عدم التسليم أنه يمكن للدائن عند حلول أجل الدين أن ينفذ على العقار المرهون قبل تسلمه باعتباره دائنا مرتهنا, و لكن لا يكون له الحق في أن يتقدم أو يتتبع لأن الرهن لا ينفذ في حق الغير قبل التسليم و القيد معا, أما إذا تعنت المدين في التسليم جاز إجباره على التنفيذ العيني و إن تعذر ذلك كان للمرتهن طلب فسخ العقد مع التعويض إن كان له محل و بفسخ العقد يسقط أجل الدين المضمون  لعدم تقدم المدين ما وعد به من تأمين.

ثانيا: الالتزام بضمان سلامة الرهن و نفاذه:

تنص المادة 953 من القانون المدني:” يضمن الراهن سلامة الرهن و نفاذه, و ليس له أن يأتي عملا ينقص من قيمة الشيء المرهون أو يحول دون استعمال الدائن لحقوقه المستمدة من العقد, و الدائن المرتهن في حالة الاستعجال أن يتخذ على نفقة الراهن كل الوسائل التي تلزم للمحافظة على الشيء المرهون” و يقابل نص المادة 953 من القانون المدني الجزائري نص المادة 1101 مدني مصري حيث جاء في مذكرة المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري« يلزم الراهن أيضا بضمان الرهن, فليس له أن يأتي عملا ينقص من قيمة الشيء المرهون, أو يحول دون استعمال الدائن لحقوقه المستمدة من عقد الرهن, كأن يخرب العين قبل تسليمها, أو يعطي عليها للغير حقا عينيا يكون نافذا في حق الدائن المرتهن, و للدائن أن يتخذ على نفقة الراهن كل الوسائل التي تلزم للمحافظة على الشيء المرهون, كما لو كان المرهون مضمونا برهن, فيقيده الدائن المرتهن أو يجدد قيده, و يرجع بالمصاريف على الراهن و هذا يرجع بها على من رهن المرهون له” (2)

و يلاحظ أن ضمان الراهن سلامة الرهن و نفاذه شبيه بضمان البائع للتعرض لذلك سنتناول تباعا ضمان الراهن لتعرضه الشخصي ثم ضمانه لتعرض الغير.

(1) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري- نفس المرجع السابق- ص 922- بند 543 .

(2) مجموعة الأعمال التحضيرية صفحة 206 أشار لها السنهوري في هامش رقم 2 صفحة 962.

1- ضمان الراهن لتعرضه الشخصي: لا يجوز أن يقوم الراهن لمصلحة شخص آخر ترتيب حق على العقار المرهون يشهر قبل قيد الرهن أو أن يقوم بأي عمل يترتب عليه تخريب العقار المرهون أو الإنقاص منه, حيث عليه أن يضمن قيمة الرهن و ليس له أن يأتي عملا ينقص من قيمة الرهن كما لو قطع ما فيه من غراسه أو نزع شيء منه أو من ملحقاته كأن يبيع الأنقاض بعد هدم جزء من المباني فتقع في يد مشتر حسن النية فيملكها خالصة من الرهن كان للدائن المرتهن الرجوع على الراهن بالضمان, حيث يسقط حق المدين الراهن في الأجل و حق للدائن المرتهن المطالبة بدينه فورا(1) .

أما إذا لم يستلم المشتري الأنقاض أو تسلمها و هو سيء البنية فإنها تبقى مثقلة بحق الرهن و للدائن المرتهن حال الاستعجال أن يتخذ على نفقة الراهن كل الوسائل التي تلزم للمحافظة على العقار المرهون.

2– ضمان الراهن لتعرض الغير: حيث يكون ملزما بدفع كل ادعاء للغير بحق على العين المرهونة من شأنه المساس بحق الدائن المرتهن كأن يدعي الغير أنه دائن مرتهن قيد حق رهنه أولا, أو يدعي أن له حق ارتفاق على العقار المرهون حيازيا و كان الدائن المرتهن قد رتب ح رهنه على أن حق الارتفاق هذا لا يوجد, فان لم يستطع كان للدائن المرتهن حيازة أن يطالب تأمين كاف أو بتكملة التأمين المقدم أو سقوط أجل الدين و دفعه فورا بعد طلب الفسخ طبقا للمادة 119 من القانون المدني.

ثالثا: ضمان هلاك العقار المرهون أو تلفه:

تنص المادة 954 من القانون المدني على ما يلي:” يضمن الراهن هلاك الشيء المرهون أو تلفه إذا كان الهلاك أو التلف راجعا لخطئه أو ناشئا عن قوة قاهرة.

و يسري على الرهن الحيازي أحكام المادتين 899 و 900 المتعلقة بهلاك الشيء المرهون رهنا رسميا أو تلفه, و بانتقال حق الدائن من الشيء المرهون إلى ما حل محله من حقوق

لذلك علينا التمييز بين ثلاث حالات لأسباب هلاك العقار المرهون أو تلفه فإما أن يكون بخطأ الراهن نفسه أو بخطأ المرتهن و إما أن يكون بسبب أجنبي و تظهر أهمية التفرقة بين هذه الحالات في حق الاختيار المقرر بنص المادة 899 من القانون المدني.

1– هلاك العقار المرهون أو تلفه بخطأ الراهن: كقيامه مثلا بهدم العقار المرهون فيكون للدائن المرتهن الخيار بين تقديم تأمين كافيا بدلا من التأمين الهالك أو التالف أو أن يسقط أجل الدين فيصبح الدين حالا فيتقاضاه فورا.

(1) أ/ حسين عبد اللطيف حمدان- بند 139-ص193-و د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري نفس المرجع السابق- بند 967- ص 548

2- هلاك العقار المرهون أو تلفه بخطأ الدائن المرتهن: فلا يجوز له أن يطلب في هذه الحالة من الراهن شيئا لأن الهلاك بخطئه هو, بل يجب عليه دفع تعويضا عما أتلفه بخطئه طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية و يحل هذا التعويض محل ما هلك من العقار أو تلف و هذا مثل من أمثال الحلول العيني  ذلك لأن المرتهن مسؤول عن العقار المرهون إذا لم يبذل قدرا معينا من العناية في حفظ العقار و صيانته, و التزامه هذا هو التزام ببذل عناية الرجل العادي(1)

3- هلاك العقار المرهون بسبب أجنبي: بأن لا يكون للراهن و لا للمرتهن يدا فيه و من أمثلته هلاك العقار بسبب الطبيعة أو بفعل الغير, كان للراهن الخيار بين إسقاط أجل الدين و دفع الدين فورا للدائن المرتهن أو تقديم تأمين كاف بدلا من التأمين الهالك أو التالف.

و بذلك فان الراهن يضمن هلاك العقار المرهون أو تلفه سواء حدث ذلك قبل تسليمه إلى المرتهن أو بعد التسليم, و هو يضمن الهلاك أو التلف إذا نشأ عن خطئه هو أو عن سبب أجنبي, فإذا حدث الهلاك قبل التسليم فلا يطالب المرتهن بإثبات شيء. أما إذا حدث بعد التسليم فتقوم قرينة بسيطة على أن الدائن المرتهن هو المخطئ بحيث يكفي أن ينفي المرتهن تقصيره في المحافظة على العقار و أنه بذل عناية الرجل العادي حتى تنشأ مسؤولية الراهن, فلازالت فكرة الضمان في الرهن الحيازي بذاتها في الرهن الرسمي و هي أنه حق للدائن و التزام على الراهن(2)

و إذا وقعت أعمال من شأنها أن تعرض العقار المرهون للهلاك أو التلف أو تجعله غير كاف للتأمين و لم يكن للراهن يدا في هذه الأعمال كما إذا شرع في القيام ببناء من شأنه لو تم أن يشكل اعتداء على العقار المرهون أو على حقوق ارتفاق هذا العقار فان للدائن المرتهن أن يتخذ من الوسائل ما يمنع ذلك, فيجوز له دون وساطة الراهن أن يطلب من القاضي أن يحكم بوقف هذه الأعمال, فيمنع مثلا هذا الجار من إقامة البناء في وضع يشكل اعتداء على العقار المرهون(3). وفقا لما نصت عليه المادة 899 في فقرتها الثالثة من القانون المدني بنصها:” و في جميع الأحوال إذا كان من شأن الأعمال الواقعة أن تعرض العقار المرهون للهلاك أو للتلف أو جعله غير كاف للضمان, كان للدائن المرتهن أن يطلب من القاضي وقف هذه الأعمال و الأمر باتخاذ الوسائل التي تمنع وقوع الضرر”.

و إذا ترتب على الهلاك أو التلف حلول قيمة أخرى محل العقار كمبلغ تعويض أو تأمين أو تمت نزع ملكية العقار للمنفعة العامة فان حق الدائن المرتهن ينتقل بمرتبته إلى هذه القيمة تطبيقا لنظرية الحلول العيني و هو ما نصت عليه المادة 900 من القانون المدني المحال عليها بموجب المادة 954 من القانون المدني و عليه فقد يكون هلاك العقار نتيجة لزلزال فتقدم الدولة تعويضا للمنكوبين فيحل التعويض مخل العقار, و قد يهدم الراهن المبنى المرهون و يبيعه أنقاضا للمشتري, فيحل الثمن محل العقار.

(1) (2) د/ سمير عبد السيد تناغو – نفس المرجع السابق- بند 138- ص374.

(3) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري- نفس المرجع السابق- بند 554- ص 932.

الفرع الثاني: التزامات الدائن المرتهن:

رتب المشرع على عاتق الدائن المرتهن في المادة 968 من القانون المدني التزامات على عاتق الدائن المرتهن و هي القيام بصيانة العقار و بالنفقات اللازمة لحفظه و دفع ما يستحق سنويا على العقار من ضرائب و تكاليف و أن يستنزل من الثمار التي يحصلها قيمة ما أنفق أو يستوفي هذه القيمة من ثمن العقار ولم تحمله صراحة الالتزامات الأخرى الواردة في الأحكام العامة المشتركة للرهن الحيازي مع العلم أن الرهن العقاري يعد نوع من أنواع الرهن الحيازي و لا يخرج عن أحكامه لذلك نرى أن سكوت المشرع عن تقريرها كان درءا للتكرار على أساس أن الأحكام العامة للرهن الحيازي هي الشريعة العامة لجميع أنواعه.

أولا: التزام الراهن بالمحافظة على العقار المرهون:

حيث تنص المادة 968 من القانون المدني:” يجب على الدائن المرتهن أن يقوم بصيانة العقار و بالنفقات اللازمة لحفظه, و أن يدفع ما يستحقه سنويا على العقار من ضرائب و تكاليف..”. و تنص المادة 955 من القانون المدني:” إذا استلم الدائن المرتهن الشيء المرهون فعليه أن يبذل في حفظه و صيانته من العناية ما يبذله الشخص المعتاد…”.

و ينشأ هذا الالتزام من وقت انتقال حيازة العقار إلى المرتهن, و إذا كان العقار قد سلم لأجنبي و هو العدل فان الالتزام يقع على هذا الأخير(1).

و يدخل في مفهوم المحافظة على العقار القيام بالنفقات اللازمة لحفظه و دفع الضرائب و التكاليف المستحقة سنويا على العقار, و هو ما سنتطرق له تباعا بالإضافة لأساس هذا الالتزام و طبيعته في النقاط التالية:

1– القيام بالنفقات اللازمة لحفظه:

تقضي حيازة العقار المرهون المحافظة عليه, صيانته و دفع المصروفات التي تقتضيها أعمال المحافظة عليه و صيانته من التلف كالإصلاحات أو مصاريف الترميم و هي مصاريف ينفقها المرتهن و يكون له حق الرجوع على الراهن بأن يخصمها من الثمار أو من ثمن العقار في المرتبة التي يخولها له القانون.

و يجري التساؤل عن الأعمال التي يقوم بها الدائن المرتهن و تكون غير ضرورية لحفظ العقار و صيانته هل تقع نفقاتها على عاتق الراهن أم تبقى على عاتق الدائن المرتهن؟

(1) د/ سمير عبد السيد تناغو – نفس المرجع السابق- بند 138- ص374.

الواقع أن الدائن المرتهن يلتزم بالأعمال الضرورية لحفظ العقار و صيانته فإذا قام بعمل غير ضروري لذلك وجب أن يتحمل نفقته و ألا يعود على الراهن بشيء إلا أن الأمر يختلف, إذا أدت الأعمال غير الضرورية التي يقوم بها المرتهن إلى إدخال تحسينات على العقار المرهون, ففي هذه الحالة يحق للمرتهن محاسبة الراهن على النفقات التي استلزمتها أعمال التحسين في حدود ما زاد في قيمة العقار المرهون بسبب هذه النفقات الاستناد لقاعدة الاثراء بلا سبب, و إذا نتج عن هذه التحسينات زيادة في غلة العقار المرهون وجب محاسبة المرتهن عليها لأنه أخذ ما يقابل هذه التحسينات و هي مصاريف نافعة فليس للدائن المرتهن عليها حق الامتياز إنما له أن يستردها بمقتضى حقه في الحبس  المقرر في المادة 200 من القانون المدني, أما النفقات الكمالية فلا يسترد منها شيئا(1) و يرجع تقدير ما يعتبر مصاريف ضرورية و ما يعتبر نافعة و ما يعتبر كمالية للقاضي و ذلك وفقا لطبيعة العقار.

– دفع الضرائب و التكاليف المستحقة سنويا على العقار:

إن دفع ما يتوجب على العقار من ضرائب و رسوم يدخل في إطار المحافظة عليه, لأن عدم دفع هذه الضرائب قد يؤدي لبيع العقار بالمزاد العلني لاستيفاء الضرائب و الرسوم المستحقة عنه لخزينة الدولة من ثمنه و بالتالي خروجه من ذمة الراهن فهذه الحقوق و إن كانت تنشأ بعد نشأة حق الرهن إلا أنها تتقدم عليه فهي من حقوق الامتياز الخاصة العقارية التي لا يجب بشأنها الشهر و مع ذلك فهي تتقدم على سائر الحقوق المقيدة على العقار.

و للدائن المرتهن استرداد ما دفعه من غلة العقار أو من ثمنه على النحو الذي نصت عليه المادة 968 من القانون المدني.

غير أنه للدائن المرتهن أن يتحلل من التزاماته المتقدمة إذا هو تخلى عن حق الرهن و هذا ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 968 من القانون المدني بنصها:” يجوز للدائن أن يتحلل من هذه الالتزامات إذا هو تخلى عن حق الرهن”.

3- أساس الالتزام بالمحافظة:

الراهن لا ينقل للمرتهن ملكية العقار بل ينقل له الحيازة فقط و بصفة مؤقتة و احتفاظ الراهن بالملكية مع نقل الحيازة للمرتهن يؤدي بذاته إلى ضرورة قيام المرتهن بالمحافظة على العقار الموجود في حيازته حماية لحق المرتهن في الملكية(2).

بينما هناك من يرى أن أساس الالتزام أنه ناشئ عن التزام الدائن المرتهن برد العقار المرهون إلى الراهن عند انقضاء الدين بالحالة التي كان عليها آن التسليم له من الراهن مما يقتضي العناية و المحافظة عليه(3).

(1)أ/ حسين عبد اللطيف حمدان- نفس المرجع السابق- بند 149-ص 212.

(2) د/ سمير عبد السيد تناغو – نفس المرجع السابق- بند 138- ص375.

(3) أ/ حسن عبد اللطيف حمدان- نفس المرجع السابق- بند 149-ص208.

 

– طبيعة هذه الالتزام:

إن التزام الدائن المرتهن هو التزام بعمل المطلوب منه فيه أن يبذل عناية الرجل العادي في المحافظة على العقار المرهون حسب نص المادة 955 من القانون المدني” إذا تسلم الدائن المرتهن الشيء المرهون فعليه أن يبذل في حفظه و صيانته من العناية ما يبذله الشخص المعتاد…”. و حسب نص المادة 172 من القانون المدني التي تنص على أنه:” في الالتزام بعمل إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على الشيء أو يقوم بإدارته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فان المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي و لو لم يتحقق الغرض المقصود…”.

و بذلك فان المشرع قد نص صراحة على أن العناية المطلوبة من الدائن المرتهن في المحافظة على العقار المرهون هي عناية الرجل العادي (م 955 من القانون المدني) و التزم الدائن المرتهن على هذا النحو هو التزام يبذل عناية لا بتحقيق نتيجة فإذا لم يقصر المرتهن في بذل عناية الرجل العادي في المحافظة على الشيء و لكنه هلك مع ذلك أو تلف فلا مسؤولية عليه(1).

ولكن المشرع ألقى على عاتقه في هذه الحالة أن يثبت أن الهلاك أو التلف راجع لسبب أجنبي و الواقع أن الهلاك أو التلف إذا لم يرجع إلى تقصير الدائن المرتهن فهو يرجع حتما لسبب أجنبي كقوة قاهرة أو خطأ الراهن.

إلا أن هناك جانب من الفقه اعتبر أن التزام المرتهن التزاما بتحقيق نتيجة, و قد أورد الأستاذ الدكتور سمير عبد السيد تتاغو رأيا للأستاذ الدكتور شمس الدين الوكيل فهو يرى” وجوب مراعاة الحيطة في الرجوع إلى النصوص, للاستدلال منها على تحديد نطاق تقسيم الالتزامات إلى بذل عناية أو تحصيل نتيجة, فلا يكفي أن يرد نص في القانون يقرر أن المدين ملتزم ببذل عناية معينة للقول بأنه غير ضامن لتحقيق النتيجة التي تؤدي إليها هذه العناية عادة, و إنما يجب الاستناد إلى معيار آخر, و هو الراجح بين الفقهاء المروجين لهذا التقسيم, قوامه أن العبرة بمدى احتمال وقوع النتيجة, و مدى سيطرة المدين عليها و قدرته على تحقيقها, فان كانت العناية المطلوبة منه تؤدي إلى الغاية منها كنا بصدد التزام بتحصيل نتيجة المثال الحي الذي يصدق عليه المعيار المتقدم هو التزام الدائن المرتهن المقرر في نص المادة 1103″. و تقابل المادة 1103 المادة 955 من القانون المدني الجزائري.

إلا أننا نرى أن التزام المرتهن لا يكون التزاما بنتيجة إلا إذا كان تحمل فيه الدائن تبعية الحادث المفاجئ أو القوة القاهرة بأن يوجد اتفاق يجعل المرتهن مسؤول عن الهلاك في جميع الأحوال و هو اتفاق جائز قانونا في هذه الحالة يصبح التزام المرتهن التزاما بتحقيق نتيجة.

(1) د/ سمير عبد السيد تناغو – نفس المرجع السابق- بند 138- ص379.

أما إذا أخل الدائن المرتهن بالتزامه و لم ينفذه كان للمدين أن يطلب التعويض أو يطلب من القاضي أن يضع العقار تحت الحراسة و له أن يطلب التعويض و الحراسة معا حسب جسامة الخطأ و ما عليه نص المادة 958 من القانون المدني.

و يدخل في العناية المطلوبة من الدائن المرتهن أن يخطر الراهن بما يهدد العقار المرهون من هلاك أو تلف أو نقص في القيمة حتى يستطيع الراهن أن يكون ملما بحالة العقار و يجوز للراهن في هذه الحالة أن يسترد العقار المعرض للتلف على أن يقدم للدائن تأمينا آخر كافيا.

ثانيا: استثمار العقار المرهون:

تنص المادة 956 من القانون المدني” ليس للدائن أن ينتفع بالشيء المرهون دون مقابل, و عليه أن يستثمره استثمارا كاملا ما لم يتفق على غير ذلك.

و ما يحصل عليه الدائن من صافي الريع و ما استفاده من استعمال الشيء يخصم من المبلغ المضمون بالرهن و لو لم يكن قد حل أجله, على أن يكون الخصم أولا من قيمة ما أنفقه في المحافظة و الإصلاحات على الشيء ثم من المصاريف ثم من أجل الدين”.

و من ذلك نجد الترابط بين المادتين 956 و المادة 968 من القانون المدني التي تنص” ..على أن يستنزل من الثمار التي يحصلها قيمة ما أنفق أو يستوفي هذه القيمة من ثمن العقار في المرتبة التي يخولها له القانون…”.

و في معنى التحصيل الاستثمار و الاستغلال للعقار لجني الثمار.

فالرهن الحيازي يعتبر بمثابة وسيلة من وسائل الوفاء التدريجي للالتزام بحيث يغني الدائن المرتهن من الالتجاء إلى إجراء البيع الجبري, و نتيجة لهذا الاعتبار وضع عبئ الالتزام باستثمار الشيء المرهون على عاتق الدائن المرتهن لكون هذا الأخير تحت حيازة الدائن المرتهن.

1- كيفية الاستثمار:

و يكون استثمار العقار المرهون استثمارا كاملا على الوجه الذي يصلح له بالطريقة المألوفة لاستثماره فلا يجوز تغييرها إلا برضى الراهن بذلك و يبذل في ذلك عناية الرجل العادي.

فاستغلال الأراضي الزراعية استغلالا معتادا يكون بزرعها بالمحصولات العادية كالقطن و القمح.. و ما إلى ذلك, أو بتأجيرها إلى من يقوم بزراعتها .و استغلال حدائق الفاكهة يكون بزراعتها فاكهة أو بتأجيرها لهذا الغرض و استغلال المنازل و البيوت يكون بسكناها أو بتأجيرها للسكن, و لا يجوز تحويلها إلى فندق أو مصنع إلا برضى الراهن(1)

(1) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري-بند 564- ص 946.

و بما أن للدائن المرتهن مصلحة في استغلال العقار المرهون باعتبار أنه يستوفي حقه من غلة العقار, فلا يستحق له أجرا عند هذا الاستغلال, إلا إذا اتفق مع الراهن على غير ذلك, أما إذا كان العقار المرهون في يد العدل, فان هذاالأخير يستحق أجرة مقابل عمله(1) و على الدائن المرتهن أن يبادر بإخطار الراهن بكل ما يقتضيه تدخله, كإصلاح العقار و ترميمه, كعدم صلاحية العقار للاستثمار أو هلاكه أو نقص قيمته و غير ذلك. و لا يجوز للدائن المرتهن أن ينتفع بالعقار المرهون دون مقابل بل أن انتفاعه به يجب أن يكون له مقابل يخصم على الوجه الذي سنبنيه لاحقا, حيث يحرم على المرتهن الانتفاع بالعقار المرهون بدون مقابل و إن كان هذا الانتفاع صادرا عن رضا الراهن و لا يجوز الاتفاق على غير ذلك و يقع باطلا لأن انتفاع الدائن بالشيء المرهون دون مقابل يعني حصول الدائن على فائدة ربوية مستترة لدينه هي مقابل هذا الانتفاع و هو ما ينسجم مع تشريعنا الذي يحرم الفوائد بين الأفراد.

2- صفة المرتهن عند القيام باستثمار العقار المرهون:

اختلف الفقه و القضاء في صفة الدائن المرتهن عند قيامه باستثمار العقار المرهون, إذ ذهب القضاء المصري(2) و بعض الفقهاء(3) إلى القول بأن الدائن المرتهن يستثمر العقار المرهون باعتباره وكيلا, و من الفقهاء من ذهب لاعتباره نائبا قانونيا, إلا أنه يعاب على هذين الرأيين وجوب ظهور نية التوكيل أو الإنابة عند إبرام عقد الرهن و هذه النية لم تدر في ذهن الدائن عند التعاقد إطلاقا.

لذلك هناك فريق ثالث من الفقهاء و منهم الأستاذ الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري ويشكل هذا الرأي الأغلبية حيث يذهبون للقول بأن الدائن المرتهن يباشر سلطانه في استثمار العين المرهونة باعتباره أصيلا عن نفسه لا نائبا عن الراهن, و هو الرأي الأرجح لأن عدم قبول فكرة الوكالة أو النيابة كانت نتيجة إمكانية رجوع العقار المرهون إلى الراهن عن طريق الإيجار طبقا لما نصت عليه المادة 967 من القانون المدني.

إذن فالدائن المرتهن يستثمر العقار المرهون لحساب الراهن باعتباره أصيلا عن نفسه حيث يحتفظ بالثمار يخصمها من الدين الذي على المدين.

3- خصم المصاريف و الدين من إنتاج الاستثمار:

إن القاعدة العامة تقضي بأن المقاصة لا تجوز إلا في مجال النقود, أو كان الشيء مثليا متحد النوع و الجودة, و كان الدينان محققين, و مستحقين فان تخلف شرط من هذه الشروط فلا يكون للمدين إجراء المقاصة بين ما هو مستحق عليه لدائنه و ما هو مستحق له تجاهه طبقا للمادة 297 من القانون المدني.

(1) أ/حسن عبد اللطيف حمدان- بند 151- ص 214.

(2) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري- ص 813.

(3) د/ سمير عبد السيد تناغو- نفس المرجع السابق- ص 378.

و خروجا عن هذه القاعدة العامة فان الدائن المرتهن الذي هو في نفس الوقت مدين بثماره الناتجة عن الشيء المرهون قبل الراهن اقتطاع المصاريف و أصل الدين من الغلة التي حصلها من الثمار بواسطة إجراء مقاصة طبقا للمادة 256 من القانون المدني.

فباعتبار أن الراهن لا يفقد ملكية العقار المرهون و لاحقه في غلة هذا العقار باعتبارها من ثمار الملكية, إلا أن ذلك لا يمنع الراهن من الاحتفاظ بالغلة بخصمها من الدين المضمون حتى قبل استحقاقه.

و يقصد بالغلة التي تكون محلا لاستنزال المصاريف و الدين, الغلة الصافية بعد اقتطاع منها تكاليف تحصيلها, و هو ما اصطلح عليه المشرع الجزائري” صافي الريع”(1) أي ما حصل عليه الدائن من صافي الريع بعد خصم مصروفات الاستثمار و ما استفاده من استعمال العقار كسكناه أو جنا ثماره و غلته يخصم من المبلغ المضمون بالرهن و لو قبل حلول أجله لأن الدائن المرتهن قد استوفاه أو استفاد به.

و تجرى عملية الخصم بحسب الترتيب الذي نص عليه القانون في المادتين 956 و 968 من القانون المدني.

-أ- نفقات الصيانة للمحافظة على العقار المرهون: لأن لولا هذه المصاريف للحق بالعقار المرهون الهلاك أو التلف و يدخل في مضمون هذه المصاريف تلك التي أنفقت في إصلاحه و كذلك ما دفع من الضرائب و الرسوم المستحقة سنويا على العقار المرهون طبقا لما نصت عليه المادة 968 من القانون المدني, و جدير بالملاحظة أن القضاء الفرنسي يستند في تحديد مصاريف المحافظة و يعرفها على أنها تلك التي أنفقت من أجل حفظ شيء من الهلاك الكلي أو الجزئي بأن يصبح غير صالح للاستعمال فيما أعدله, و كمثال على ذلك الحكم(2) الصادر عن محكمة RENNES  بتاريخ 28/03/1979 حيث اشترط في المصاريف توفر أحد العنصرين: أن يكون الهلاك و شيك الوقوع أو أن يكون ظرف استعجالي.

ب- سداد ملحقات الدين من مصروفات: و يبدأ بالمصروفات فما صرفه الدائن المرتهن في الدين من أتعاب محاماة و قيد وتجديده و غير ذلك يستوفيه الدائن من الغلة لأن له الرجوع بما على المدين و هو مضمون بالرهن.

ج- سداد أصل الدين: إن بقي شيء من الغلة بعد كل ما تقدم فانه يذهب لسداد الدين كله أو بعضه و إن كان هذا الدين لم يحل أجله, و يلاحظ أن الدين الذي لم يحدد أجله لا يمكن استيفاؤه إلا بطريقتين:

الأولى: أن يستوفي عن طريق استنزاله من قيمة الثمار دون إخلال بحق المدين في الوفاء بالدين متى شاء طبقا للمادة 957 من القانون المدني.

(1) على عكس المشرع اللبناني الذي اصطلح عليها في المادة 11″ بالغلة”.

(2) أشار لهذا الحكم الأستاذ لعربي بن قسمية – المرجع السابق-  ص 85 هامش رقم 1.

الثانية: إما أن يطلب الدائن المرتهن من القاضي بأن يحدد له ميعاد حلول أجل الدين كي ينمكن بعد ذلك من التنفيذ على الشيء المرهون عند حلول هذا الأجل.

و إن أخل الدائن المرتهن بواجب العناية في الاستثمار كان للمدين الراهن أن يطلب وضع العقار تحت الحراسة, كما يجوز له أن يرد الدين فيسترد الرهن و ينقضي الرهن على هذا النحو(1)

ثالثا: إدارة العقار المرهون:

و هو التزام يقع على عاتق الدائن المرتهن بموجب المادة 958 من القانون المدني التي تنص على أنه” يجب على الدائن المرتهن إدارة الشيء المرهون و عليه أن يبذل في ذلك من العناية ما يبذله الرجل المعتاد, و ليس له أن يغير من طريقة استغلال الشيء المرهون إلا برضاء الراهن, و يجب عليه أن يبادر بإخطار الراهن عن كل أمر بمقتضى تدخله(2).

فإذا أساء الدائن استعمال هذا الحق أو أدار الشيء المرهون إدارة سيئة أو ارتكب في ذلك إهمالا جسيما, كان للراهن الحق في أن يطلب وضع الشيء تحت الحراسة أو أن يسترده مقابل دفع ما عليه”.

فالالتزام بالاستثمار يقتضي القيام بإدارة العقار المرهون إدارة حسنة, حيث يقع على الدائن المرتهن التزام

القيام بنفسه أو بواسطة الغير بالاستثمار لكن تحت إشرافه كالتأجير مثلا, بمجرد أن يتسلم الدائن المرتهن

العقار المرهون و يصير في حيازته.

حيث يقوم بإدارته إدارة معتادة مألوفة, و كما كان يديره الراهن قبل أن يسلمه للدائن المرتهن, فان أحدث تغيير في هذه الإدارة, وجب أن يتفق على ذلك مع الراهن(3).

و يتقيد الدائن المرتهن في إدارة العقار المرهون بقيدين:

-أ- ليس له أن يغير من طريقة استغلال العقار المرهون إلا برضا الراهن.

-ب- عليه بالمبادرة بإخطار الراهن عن كل أمر يقتضي تدخله.

و إذا استغل الدائن المرتهن العقار المرهون بتأجيره للغير فلا يجوز له أن يعقد الإيجار لمدة تزيد على 3 سنوات لأنه لا يملك إلا حق الإدارة و إلا كان الإيجار غير نافذا فيما يزيد على 3 سنوات ما لم يجز الراهن ذلك و إذا نفذ الإيجار فانه ينفذ على الراهن و على الدائنين التاليين في المرتبة, حتى لو انقضى الرهن قبل انقضاء مدة الإيجار النافذ(4)

(1) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري- نفس المرجع السابق- بند 567- ص 950.

(2) الأصح ” يقتضي تدخله”- خطأ مطبعي.Qui exige son intervention

(3) قد أشار الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري في الهامش رقم 1 صفحة 958 لقرار صادر عن محكمة النقض المصرية بأن« للدائن المرتهن متى انتقلت إليه حيازة الأرض المرهونة أن يستغلها لحساب الراهن الاستغلال المعتاد على الوجه الذي تصلح له, أما بزراعتها أو تأجيرها إلى من يقوم بذلك».

(4) د/ عبد الناصر توفيق العطار- نفس المرجع السابق- بند 122- ص 235.

هذا و يبذل الدائن المرتهن في إدارته للعقار المرهون عناية الرجل المعتاد, و تتحدد مسؤولية الدائن المرتهن عن سوء إدارة العقار بما تقرر في القواعد العامة لقيام المسؤولية و على الراهن إثبات عناصرها فان ثبتت يكون الخيار بين أمرين:

-أ- إما أن يطلب من القاضي بأن يضع العقار تحت عهدة حارس يعنى به العناية اللائقة و قد يستمر ذلك إلى أن ينقضي الرهن.

-ب- إذا كان الجزاء الأول غير كاف و كان الراهن مستعد لدفع ما عليه من الدين فله أن يدفع الدين فينقضي الرهن و من ثمة يسترد الراهن العقار المرهون(1)

رابعا: رد العقار المرهون:

حيازة الدائن المرتهن العقار المرهون هي حيازة عرضية مؤقتة في مواجهة المالك و لذلك فهو يلتزم برد العقار المرهون عند انقضاء حقه في الرهن.

و التزام المرتهن بالرد هو التزام تعاقدي ينشأ عن عقد الرهن ذاته, إلا أنه التزم معلق على شرط استيفاء الدائن حقه قبل المدين(2).

و في هذا تنص المادة 959 من القانون المدني:” يجب على الدائن أن يرد الشيء المرهون إلى الراهن بعد استيفاء كامل حقه و ما يتصل بالحق من ملحقات و مصاريف و تعويضات”. و بالتالي إذا دفع الراهن للدائن المرتهن حيازيا الدين المضمون و المصروفات و التعويضات و الملحقات أو برئت ذمته من كل ذلك بسبب من أسباب انقضاء الديون, فانه يجب على الدائن المرتهن أن يرد الشيء المرهون و ملحقاته إلى الراهن.

أما إذا بقي شيء من ذلك, مهما قل فان الرهن لا يتجزأ بقي الرهن قائما حتى يوفي ما بقي و يكون للدائن المرتهن في هذه الحالة التنفيذ بما بقي من حقه فله إبقاء العقار المرهون في يده محبوسا في مواجهة الراهن حتى يستوفي كل حقه.

لكن من المعلوم أن المرتهن قد يجبر على الرد قبل حلول أجل الدين و ذلك إذا أدار العقار إدارة سيئة أو ارتكب في ذلك إهمالا جسيما, و يترتب على الرد إما وضع العقار تحت الحراسة كما سبقت الاشارة. و في هذه الحالة لا ينقضي الرهن, و إما أن يسترد الراهن العقار مقابل دفع ما عليه و في هذه الحالة ينقضي الرهن و الدين معا, طبقا للمادة 958 في فقرتها الثانية من القانون المدني الجزائري(3).

أما في حالة هلاك العقار المرهون أو تلفه بخطأ من الدائن المرتهن عند ذلك يجب عليه دفع تعويض للراهن عن الهلاك أو التلف

(1) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري- نفس المرجع السابق- بند 574- ص 961

(2) د/ سمير عبد السيد تناغو-* نفس المرجع السابق- بند 140- ص 381- نقلا عن بلانيول و ريبر و بيكيه ج12 فقرة 111.

(3) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري- نفس المرجع السابق- ص 967.

و يعد حق الراهن في استرداد العقار المرهون حقا شخصيا ينشأ من عقد الرهن و يتقادم بمضي 15 سنة و هي مدة التقادم العادي بالنسبة للالتزامات, و تبدأ هذه المدة في السريان من وقت انقضاء الرهن و هو الوقت الذي يستطيع فيه الراهن المطالبة بالاسترداد(1).

كما أن للراهن دعوى أخرى عينية هي دعوى للاسترداد المقررة لكل مالك و هي لا تسقط بالتقادم و لذا يعوق استعمالها ما للمرتهن من حيازة, لأن حيازته عرضة في مواجهة الراهن, و لن تؤدي بذاتها لاكتساب المرتهن الملكية بالتقادم بل لابد أن يقوم بتغيير سند حيازته بعمل ايجابي فيه معنى المنازعة في حق المالك باتخاذ إجراءات قضائية أو القيام أعمال مادية في هذا المعنى(2).

المطلب الثاني: آثار الرهن الحيازي العقاري بالنسبة للغير.

المقصود بالغير هو” كل شخص له حق يضار من وجود الرهن الحيازي فيشمل:

1- كل شخص له حق عيني تبعي على المال المرهون, دائن له حق رهن رسمي(3), أو حق اختصاص(4). أو حق رهن حيازة, أو حق امتياز(5).

2- الدائن العادي.

3- كل شخص له حق عيني أصلي على المال المرهون, كما إذا انتقلت ملكية المال المرهون إلى مالك آخر فان هذا المالك الآخر يعتبر غيرا”(6).

(1) د/ سمير عبد السيد تناغو- نفس المرجع السابق- بند 140- ص 381- نقلا عن بلانيول و ريبر و بيكيه ج12 فقرة 111.

(2) د/ سمير عبد السيد تناغو- نفس الموضع

(3) يعرف الرهن الرسمي بالمادة 882 من القانون المدني«الرهن الرسمي عقد يكسب به الدائن حقا عينيا ،على عقار لوفاء دينه ،يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد كان»

(4) نص المشرع على حق بالتخصيص بالمادة 937/1 من القانون المدني«يجوز لكل دائن بيده حكم واجب التنفيد صادر في أصل الدعوى يلزم المدين بشيء معين ،أن يحصل على حق التخصيص بعقارات مدينه ضمانا لأصل الدين و المصاريف»

(5) يعرف حق الامتياز بالمادة 982 من القانون المدني«الامتياز أولوية يقررها القانون لدين معين مراعاة منه لقضيته ولا يمكن للدين امتياز إلا بمقتضى نص قانوني»

(6) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق – بند 586 – ص 975

و من آثار الرهن الحيازي العقاري بالنسبة للغير أنه ينشىء حقا عينيا هذا الأخير الذي لا ينفذ في مواجهة الغير إلا بانتقال حيازة العقار المرهون من الراهن إلى المرتهن و بقيده, حيث يخوله امتيازات يحتج بها على الغير و هي حبس العقار في مواجهة الغير الذي يكسب حقا عليه أو الدائن المرتهن رهنا تأمينيا إذا كان قد أشهر حقه قبلهما و بالأولى في مواجهة الدائنين العاديين, كما يثبت حقه في مواجهة إجراءات التطهير(1) ذلك أنه و إن كان لمن يكتسب ملكية العقار المرهون رهنا تأمينيا أن يتخلص من الدائنين المرتهنين رهنا تأمينيا و ذلك بواسطة التطهير بأن يعرض عليهم الثمن الذي اشترى به, إلا أنه ليس لمشتري العقار المرهون هذا الحق في مواجهة الدائن المرتهن رهن حيازي عقاري لأن للدائن المرتهن رهن حيازة حق الحبس على العقار المرهون, و له أيضا حق الأفضلية على الثمن المتحصل من بيع العقار المرهون, كما له حق التتبع فهو يستفيد من دعاوى وضع اليد Les actions possesoires  للمحافظة على حقه في الحبس و ما يتفرع عنه من مزايا(2)

و لمزيد من التوضيح نتناول كل حق من هذه الحقوق في الفروع التالية:

الفرع الأول: الحق في الحبس.

الفرع الثاني: حق الأفضلية.

الفرع الثالث: حق التتبع.

الفرع الأول: الحق في الحبس(3)

تنص المادة 962 من القانون المدني:” يخول الرهن الدائن المرتهن الحق في حبس الشيء المرهون على الناس كافة دون إخلال بما للغير من حقوق تم حفظها. و إذا خرج الشيء من يد الدائن دون إرادته أو دون علمه كان له الحق في استرداد حيازته من الغير وفقا لأحكام الحيازة”.

وحتى يتمكن الدائن المرتهن حيازيا من حبس العقار المرهون يجب انتقال الحيازة إليه أو إلى الأجنبي الذي عينه المتعاقدان و الذي يباشر الحبس لمصلحة الدائن و يسأل أمامه عن أي إخلال بذلك(4) .

(1) M.Planiol et G.Ripert – Traité pratique de droit civil Français – Sûreté réelles 2eme partie – Tome XIII – Paris  1953 – P 206

(2) د / محمد حسنين – نفس المرجع السابق – ص 106 و ما بعدها

(3) يجب عدم الخلط في حق الحبس بين أمرين الأول ما يكون للدائن المرتهن حيازيا من حق عيني و الذي يثبت للدائن المرتهن ما بقي له حق الرهن الحيازي إلى أن يستوفي المبالغ التي يضمنها الرهن بأكملها .و الثاني هو حق الحبس الذي يثبت للدائن بموجب المادة 200 من القانون المدني وهو حق شخصي لا حق عيني يثبت للدائن إذا توفرت فيه الشروط المستلزمة قانونا.

(4) د/ سمير عبد السيد تناغو- نفس المرجع السابق صفحة

أولا: مضمون حق الحبس:

هو حق يمنحه القانون للدائن في أن يمتنع عن رد الشيء لمدينه و أن يحتفظ بحيازته طالما أنه لم يوف له بحقه.

و للدائن المرتهن حيازيا حق حبس العين المرهونة عن الناس كافة من راهن و غيره حتى يستوفي كل حقه من مصروفات و تعويضات و فوائد و ملحقات أخرى و أصل الدين, و يصبح خالصا بكل ما يستحقه من ذلك, و من خصائص هذا الحق:

1 حق الحبس الناشئ عن عقد الرهن: هو حق متفرع عن حق عيني: و من ثمة يكون هو نفسه حقا عينيا و ينتج عنه حق الأفضلية و التتبع و بالتالي هو يختلف عن الحق في الحبس المقرر في القواعد العامة الذي هو عبارة عن حق شخصي يثبت للدائن متى توافرت الشروط التي يستلزمها القانون في المادة 200 من القانون المدني و ليس لهذا الأخير حق الأفضلية و لا حق التتبع.

2حق غير قابل للتجزئة: حيث يكون للدائن حق الحبس ما دام لم يؤد بتمامه سواء كان هذا الدين قابلا للتجزئة أم لا, ذلك أن الرهن يبقى حتى يوف الدين كله لأن الرهن نفسه غير قابل للتجزئة فأي جزء من العقار المرهون ضامن لكل الدين و كل جزء من الدين مضمون بكل العقار و على ذلك يجوز للمرتهن الاحتجاج بحق الحبس تجاه ورثة المدين و الدائن معا, فلا يجوز لأحد من ورثة المدين الذي وفى  بحصته من الدين الادعاء بحق سحب حصته من المرهون و لو كان العقار قابلا للانقسام. كما لا يجوز لأحد ورثة الدائن المرتهن الذي حصل الوفاء له بحقه من الدين على سبيل الميراث أن يرد العقار المرهون أو جزء منه إلى الراهن أو الموفي إضرار  بالدائنين الآخرين(1)

إلا أن قاعدة عدم تجزئة الرهن قائمة على ما قصده المتعاقدان فلها الاتفاق صراحة على خلاف ذلك, كأن يتفقا على أن كل ما سدد جزء معين من الدين حرر من العقار المرهون ما يقابل ما سدد من الدين فعدم تجزئة الرهن من طبيعة الرهن لا من مستلزمات.

3- حق الحبس يتقرر للدائن المرتهن منذ انتقال الحيازة إليه أو إلى العدل الذي يحوز لصالحه و يبقى له حتى الوفاء بالدين كاملا ببقاء الحيازة بيده, بخلاف حق التنفيذ على العقار المرهون لا يتقرر له إلا بحلول أجل الدين المضمون بالرهن.

4- حق الحبس يعتبر وسيلة منحها القانون للمرتهن الحائز ليواجه بها الراهن نفسه سواء كان مدينا أو كفيلا عينيا و الدائن العادي و الدائن المرتهن للعقار رهنا رسميا المتأخر في المرتبة عن الدائن المرتهن, كما يستعمله ضد الغير كالمشتري للعقار المرهون الذي أشهر البيع بعد قيد الرهن حيازيا فللمرتهن حيازيا حق حبس العقار عنهم جميعا.

(1) أ/ العربي بن قسمية – نفس المرجع السابق – ص 100

5- حق الحبس يناط بالحيازة وجودا و عدما و على ذلك يجب على المرتهن الاحتفاظ بالحيازة لكي يحافظ على حق الحبس و لا يهم فيما إذا كانت الحيازة تحت يد المرتهن نفسه أو تحت يد وسيط يحوز لحسابه كل العقار المرهون من أصل و ملحقات كعقار بالتخصيص و حقوق ارتفاق حتى يؤدى الدين المطلوب.

6- حق الحبس الثابت للدائن المرتهن لا يكون إلا بضمان الدين المضمون بالرهن و لا يكون بالنسبة للديون الأخرى التي قد يكون المدين الراهن ملزما بها للدائن المرتهن قبل الرهن أو بعده, لذلك يجب على الدائن رد العقار المرهون للراهن إذا استوفى كل حقه المضمون بالرهن كاملا, هذا بالنسبة لتشريعنا.

أما المشرع الفرنسي في نص المادة 2072 من القانون المدني الفرنسي نص على الرهن الضمني و ذلك بأنه إذا وجد على نفس المدين لنفس الدائن دين آخر, اتفق عليه بعد الرهن و صار مستحقا قبل الدين المضمون بالرهن, فلا يتخلى الدائن عن الرهن قبل أن يدفع له الدينان الأول و الثاني بأكملهما, حتى لو لم يحصل اتفاق بتخصيص الرهن لأداء الدين الثاني و يشترط فيها:

1- أن يكون الدين الثاني متفقا عليه بين نفس المدين و نفس الدائن.

2- أن يكون هذا الاتفاق قد عقد بعد الرهن.

3- أن يحل الدين الثاني قبل حلول الدين الأول.

و ربط الدين الثاني بالرهن مبني على الإرادة الضمنية للمتعاقدين و يرى بعض الفقهاء أمثال بلانيول و ريبر و بيكيه أنه كان على المشرع الفرنسي عدم النص على هذا الرهن الضمني و يوجد اختلاف حتى بين الشراح بالنسبة إلى حقوق الدائن في هذا الرهن الضمني فيقول البعض أن الدائن له من الحقوق بالنسبة للدين الثاني ما له في الدين الأول و يرى آخرون أن ليس للدائن كل هذه الحقوق بل له حق الحبس فقط و ليس له حق الأفضلية و لا يمكن إعماله على رهن قدمه كفيل عيني(1).

و تنص المادة 962 في فقرتها الأولى من القانون المدني:” يخول الرهن الدائن المرتهن الحق في حبس الشيء المرهون على الناس كافة دون إخلال بما للغير من حقوق تم حفظها” فما المقصود بهذا النص؟

قد يكون للغير على العقار المرهون حقوقا تم حفظها وفقا للقانون كحقوق إرتفاق سجلها المرتفق قبل أن يقيد الدائن المرتهن رهنه أو حق رهن أو تخصيص قيده صاحب الحق قبل أن يقيد الدائن المرتهن رهنه, فهذه الحقوق التي تم حفظها وفقا للقانون تبقى خارجة عن حق الحبس(2).

(1) أ/ العربي بن قسمية – نفس المرجع السابق -هامش 1 –  ص 89

(2) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق – ص 993 و ما بعدها

ثانيا: الاحتجاج بحق الحبس:

يمكن حق الحبس المترتب على الرهن الدائن المرتهن من الاحتجاج به على الكافة أي على المدين الراهن و على المتصرف له في العقار المرهون و على الدائنين الآخرين و الحبس لا يعطي الأفضلية للدائن المرتهن بل أن حق الأفضلية مقرر سلفا للمرتهن و إنما يعمل الحبس على تدعيمه و تأكيده.

و لا يفوتنا التذكير أنه لا يجوز للدائن المرتهن رهنا حيازيا الاحتجاج بحقه في الحبس في مواجهة دائن آخر له رهن مقيد على العقار سابق في المرتبة على الرهن الحيازي, كما سبق بيانه(1), فإذا قام أحد الدائنين العاديين بالتنفيذ على العقار المرهون فللمرتهن أن يحبس العقار في مواجهة الراسي عليه المزاد حتى يستوفي كل حقوقه بمعنى أنه ليس للدائن المرتهن الاعتراض على إجراءات التنفيذ(2).

هذا وان كان للدائن المرتهن أن يمارس حق الحبس على العقار المرهون فانه لا يستطيع منع سائر الدائنين من التنفيذ عليه و يتعلق الأمر بالدائنين الذين لهم رهن مقيد على العقار سابق في المرتبة على الرهن الحيازي وعلى هذا إذا باشر أحد هؤلاء الدائنين التنفيذ على العقار و رسا المزاد على شخص معين فليس للمرتهن حيازيا التمسك في مواجهة الراسي عليه المزاد بحق الحبس بأن يمتنع عن تسليمه للراسي عليه المزاد و لو لم يستوفي على كل حقوقه طالما أن ثمن العقار قد دفع لدائنين متقدمين عليه في المرتبة(3) و في هذه الحالة ينتقل حق الدائن المرتهن حيازيا إلى الثمن الذي رسا به المزاد تطبيقا لنظرية الحلول العيني.

و يثار التساؤل عن كيفية التوفيق بين الصين الذي يقضي بعدم جواز الاحتجاج بحق الحبس تجاه الأشخاص الذين اكتسبوا حقوق على العقار المرهون تم حفظها بنص القانون طبقا للمادتين 948 و 962 من القانون المدني كالاحتجاج ضد المشتري الذي كان تاريخ شهره سابق على تاريخ قيد حق المرتهن على المرهون, و نص المادة 293 في فقرتها الثالثة من القانون التجاري التي تمنح مكنة مطلقة للمرتهن بأن يحتج بالأفضلية على الثمن تجاه كافة الأشخاص ممتازين كانوا أم لا.

بنوع من التدقيق في النصين نجد أنه ليس هناك تعارض بينهما إنما نص المادتين 962 و 958 من القانون المدني يتضمن حالة الراهن في الأوضاع العادية بينما نص المادة 993 من القانون التجاري تنظم حالة الراهن مدينا كان أو كفيلا عينيا عندما يكون في حالة إفلاس أو تسوية قضائية.

(1) د/ سمير عبد السيد تناغو- نفس المرجع السابق صفحة 388

(2) و في هذا الصدد أشار السنهوري في الهامش رقم 1 صفحة 948 – في المرجع السابق – إلى استئناف مختلط صادر بتاريخ 19 نوفمبر 1918 جاء فيه«لا يجوز للدائن المرتهن حيازة أن يحبس العقار ضد دائن مرتهن رسميا أو من يرسو عليه المزاد من ناحية إذا كان لدائن المرتهن رسميا متقدما على المرتهن حيازة»

(3) د/ سمير عبد السيد تناغو- نفس المرجع السابق – بند – 142 – ص 388

ففي الأوضاع العادية للراهن:

يكون للمرتهن الخيار في التنفيذ على العقار إما بالبيع بالمزاد العلني أو تمسكه بالحبس ولن يرغم أن يتنازل عن حقه في الحبس من طرف أي دائن آخر متأخر عنه في المرتبة أو مكتسب حق على العقار

المرهون بعد رهنه, و له أن يحتفظ به حتى يستوفي حقه.

و بناءا على ذلك فان أي تصرف يجريه الراهن على العقار المرهون و أي حجز تنفيذي يمارسه أي دائن آخر غير الدائن الحابس فلا يسري على الدائن المرتهن إلا إذا كان هذا التصرف أو الحجز قد أجريا من قبل قيد المرتهن حقه, و له أن يحبس العقار تجاه هؤلاء حتى يستوفي حقه كاملا و عليه فإن الأحكام التي يخضع لها رهن العقار الحيازي في الأحوال العادية للمدين هي تلك التي تنص عليها المادتين 948 و 962 من القانون المدني المتعلقتين بتحديد نطاق امتياز الدائن المرتهن و مرتبته و المادتين 961 و 952 من القانون المدني التي تستلزم تسلم العقار المرهون و الاحتفاظ به للاحتجاج به تجاه الغير.

أما الأوضاع غير العادية للمدين الراهن: قدر المشرع الموقف و وازن بين مصلحة الدائن المرتهن و مصلحة جماعة الدائنين في حالة إفلاس المدين أو التسوية القضائية, فاتخذ موقفا خاصا بحيث لوكيل التفليسة مكنة استرجاع الشيء المرهون بعد تخليصه من الدائن المرتهن كما أعطى له مكنة ارغام الدائن المرتهن بأن يبيع الشيء المرهون أو يقوم هو مكانه بالبيع طبقا لما تنص عليه المادة 293 من القانون التجاري.

و حتى لا يتضرر الدائن المرتهن من هذه المكنة المعطاة لوكيل التفليسة حافظ  المشرع على حقوقه بالرغم من التخلي عن حيازة المرهون, ففضله في استيفاء حقه من ثمن المبيع بالأفضلية قبل أي دائن آخر صاحب امتياز أم لا, طبقا لما تنص عليه المادة 293 في فقرتها الثالثة من القانون التجاري.

و عليه فان نص المادة 293 من القانون التجاري يعتبر نصا خاصا استثنائي لا يطبق إلا عندما يرغم المرتهن على التنازل عن الحيازة لصالح جماعة  الدائنين من طرف وكيل التفليسة, فالمادة 293 تجاري استعاضت عن الحق في الحبس بالأفضلية و ذلك لكي لا يكون الحبس عائقا لإجراء التفليسة أو التسوية القضائية(1).

الفرع الثاني: حق الأفضلية

لقد تقرر الحق في الأفضلية و التقدم للمرتهن بنص المادة 948 من القانون المدني الجزائري حيث تقضي أن للدائن المرتهن حق عيني ناشئ عن عقد الرهن يمكنه من حبس الشيء المرهون تحت يديه أو العدل الذي يحوز لحسابه حتى يستوفي دينه كاملا, و في حالة بيع الشيء المرهون بالمزاد العلني يكون له حق التقدم و الأفضلية على ثمن المبيع.

(1) أ/ إبراهيم غانم – نفس المرجع السابق ص 110 و ما بعدها و العربي بن قسمية – نفس المرجع السابق ص 89 و ما بعدها

و بذلك فان حق الرهن يخول المرتهن الحق في التقدم على الدائنين العاديين و ذلك خلافا لقاعدة المساواة أمام الضمان العام, و التقدم على الدائنين المرتهنين التاليين له في المرتبة و الذين اكتسبوا حقوقهم على العقار المرهون بعد استيفاء المرتهن لإجراءات  نفاذ رهنه, و يكون هذا التقدم استيفاء المرتهن لحقه كاملا من ثمن العقار المرهون, أو مما حل محله(1).

ذلك أنه إذا هلك العقار المرهون فان الغير يكون مسؤولا عن التعويض و يحل التعويض حلولا عينيا محل العقار المرهون و يكون مرهونا مثله, و كذلك إذا كان العقار مؤمنا عليه مثلا ضد الحريق و احترق العقار و استحق مبلغ التأمين فانه يحل حلولا عينيا محل العقار المرهون.

و في حالة تزاحم عدة دائنين مرتهنين كسب كل منهم رهنا حيازيا على هذا العقار كانت الأسبقية للدائن المرتهن الذي سبق الدائنين المرتهنين الآخرين في قيد حقه و حيازة العقار, فيفضل على الدائن الذي كان سابقا عليه في القيد و لكن لم تنتقل الحيازة إليه, و إذا كان التزاحم بين دائن مرتهن حيازة و آخر له حق عيني على العقار غير رهن الحيازة بأن كان رهنا رسميا أو حق تخصيص أو حق امتياز عقاري خاص فالأسبقية تكون للدائن الأسبق في القيد, فإذا كان هو الدائن المرتهن حيازة وجب أيضا أن تكون حيازة العقار قد انتقلت إليه. و تتحدد مرتبة الدائن المرتهن حيازة بالقيد مع انتقال الحيازة فله التقدم على الدائنين العاديين و الدائنين التاليين له في المرتبة ليس بالنسبة لأصل دينه فحسب بل إن الرهن يضمن في نفس المرتبة ما أنفقه الدائن المرتهن من المصاريف الضرورية التي اقتضتها صيانة و حفظ العقار التي لولاها لأدى بالعقار إلى الهلاك أو التلف و تلحق بهذه المصاريف, المصاريف التي استلزمتها إدارته و ما دفع من ضرائب و تكاليف, كما يضمن مصروفات عقد الدين و عقد الرهن و القيد(2) و كذا التعويضات الناشئة عن عيوب العقار المرهون(3)

الفرع الثالث: حق التتبع:

خولت المادة 948 من القانون المدني الدائن المرتهن هذا الحق بنصها على أن للدائن المرتهن حق اقتضاء حقه من ثمن الشيء المرهون و لو انتقل هذا الشيء إلى شخص آخر. حيث يخول الرهن الحيازي للدائن المرتهن حيازيا حق تتبع العقار في أي يد ينتقل إليها لينفذ عليه بحقه, و يستوفي دينه بالأفضلية على غيره من الدائنين المتخلفين عنه في المرتبة, و بذلك فان هذا الحق يستعمله الدائن المرتهن إذا انتقلت ملكية العين المرهونة إلى شخص آخر قصد التنفيذ, يستعمل الدائن المرتهن حيازيا حق التتبع للعين المرهونة و هي في يد من انتقلت إليه ملكيتها(4).

(1) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق – بند 592 – ص 985

(2) د/ سمير عبد السيد تناغو – نفس المرجع السابق- بند 143 – ص 390

(3) و يخرج عن حق الأفضلية المصاريف النافعة التي أنفقها المرتهن حيازيا و مكن له استردادها بإعماله حق الحبس المقرر له وفقا للقواعد العامة المادة 200 قانون مدني ،أو الحق في الحبس الناشئ عن عقد الرهن .أما المصاريف الكمالية فليس للدائن المرتهن حق استردادها إلا إذا انتزعها من العقار بشرط ألا يؤثر على قيمته التي كانت له في حالته الأولى.

(4) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق- بند 143 – ص 390

إلا أن التتبع المقصود هنا هو التتبع المعنوي للملكية و ليس التتبع المادي للحيازة, ذلك أن حيازة العقار المرهون هي في يد الدائن المرتهن و لا يحتاج الدائن المرتهن لتتبع العقار و هو في يده.

و مثالها أن يكون العقار المرهون حيازيا في حيازة الدائن المرتهن ثم يبيعه مالكه إلى مشتر مع بقاء العقار المرهون بحيازة الدائن المرتهن هنا و بغير حق التتبع لا يستطيع الدائن المرتهن التنفيذ على العقار المرهون مع أنه في حيازته, ذلك أن ملكيته قد انتقلت إلى المشتري و أصبح العقار ملكا لغير المدين الراهن و التنفيذ في الأصل لا يجري إلا على أموال المدين, و بذلك ما كان للدائن المرتهن أن يبيعه في مواجهة المشتري, ما لم يكن له حق تتبع العقار و هو في يد المشتري بعد انتقال ملكيته له(1).

و في ذلك جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني المصري:” …و يلاحظ أن المرتهن حيازة يتتبع العين في يد الغير مع أن حيازتها في يده, ذلك لأن التتبع ليس تتبعا ماديا للحيازة(2).

و لا تفوتنا الإشارة في هذا الصدد أنه يشترط لتتبع العقار, أن يكون حق الدائن المرتهن حيازيا نافذا في مواجهة الغير و لا يكون كذلك إلا إذا كانت حيازة العقار المرهون قائمة و مستمرة و كان حقه مقيدا, و عليه إذا فقد الدائن المرتهن حيازته فلا يستطيع التمسك بعد ذلك بصفته في مواجهة الغير و يصبح في مواجهتهم مجرد دائن عادي حتى لو كان حقه قد قيد, و لكن إذا انتقلت الحيازة للراهن بوصفه مستأجرا من الدائن المرتهن ذكر ذلك في قيد الرهن أو تم التأشير به على هامش القيد فان حق الدائن المرتهن يكون نافذا في مواجهة الغير طبقا لما تنص عليه المادة 967 من القانون المدني.

(1) أ /حسين عبد اللطيف حمدان – نفس المرجع السابق- بند 595 – ص 987

(2) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق- بند 588 – ص 988

 

المبحث الثاني:التنفيذ على العقار المرهون حيازيا و إنقضائه

بحلول أجل الدين المضمون بالرهن يقع التزام على عاتق المدين الراهن بالوفاء بدينه للدائن المرتهن, و إذا لم يقم بالوفاء كان للدائن المرتهن حبس العقار المرهون كما سبق بيانه و له أن ينفذ عليه باعتباره دائنا مرتهنا و ذلك ببيع العقار المرهون جبريا لاستيفاء حقه و هو ما نتعرض له في المطلب أول.

و بالتنفيذ على العقار المرهون سينقضي الرهن على أنه ينقضي أيضا بوصفه عقد تبعيا بانقضاء الالتزام المضمون به و قد لا ينقضي الالتزام المضمون و مع ذلك ينقضي الرهن و يكون ذلك بصفة مستقلة عن الالتزام المضمون و هو ما سنتعرض له في المطلب الثاني.

المطلب الأول:التنفيذ على العقار المرهون حيازيا

لقد حدد قانون الإجراءات المدنية طريقة و شروط بيع العقار بالمزاد العلني في القسم الثاني من الباب السادس من الكتاب السادس في المواد 379 إلى 399 من قانون الإجراءات المدنية.

و التي تبدأ أولا بالحجز على العقار المرهون و الذي يعرف بأنه:” وسيلة من وسائل التنفيذ الجبري على المدين, تمكن الدائن من وضع عقارات مملوكة لمدينه أو لغيره و لكن يملك حق التتبع عليها تحت يد القضاء لبيعها بالمزاد العلني ثم استيفاء دينه من ثمنها”(1).

هذا و يعتبر التنفيذ على العقار المرهون ببيعه جبريا بالمزاد العلني الطريق العادي لاستيفاء الدائن المرتهن حقه من الثمن في حال عدم وفاء المدين بالدين عند حلول أجله, لذلك فان المشرع حرم على المدين تملك العقار المرهون بمجرد عدم الوفاء بالدين عند حلول أجله و لا أن يبيعه دون مراعاة الإجراءات المقرة قانونا.

لذلك ارتأينا تقسيم هذا المطلب إلى الفرعين التالين:

الفرع الأول: بطلان شرط التملك عند عدم الوفاء و شرط البيع دون إجراءات.

الفرع الثاني: إجراءات التنفيذ على العقار المرهون حيازيا.

الفرع الأول:بطلان شرط التملك عند عدم الوفاء و شرط البيع دون إجراءات:

تنص المادة 903 من القانون المدني المتعلقة بالرهن الرسمي المحال عليها بموجب المادة 960 من القانون المدني و التي تنص:” يكون باطلا كل اتفاق يجعل للدائن الحق عند عدم استيفاء الدين وقت حلول أجله في أن يتملك العقار المرهون في نضير ثمن معلوم أيا كان, أو في أن يبيعه دون مراعاة الإجراءات التي فرضها القانون و لو كان هذا الاتفاق قد ابرم بعد الرهن.

غير أنه يجوز بعد حلول الدين أو قسط منه الاتفاق على أن يتنازل المدين لدائنه عن العقار المرهون وفاء لدينه”.

(1) القاضية ليلى زروقي : الحجز العقاري – بحث منشور في المجلة القضائية – العدد 2-سنة 1997 – عن قسم الوثائق للمحكمة العليا 1999 – ص 26-27

أولا: بطلان شرط التملك عند عدم الوفاء: إذا حصل و أن اتفق الدائن المرتهن حيازة مع المدين الراهن أو الكفيل العيني على أنه عند حلول أجل الدين و عدم الوفاء به يكون للدائن المرتهن الحق في تملك العقار المرهون بثمن يساوي الدين المستحق أو بثمن آخر أكبر أو أقل منه فان هذا الاتفاق يعتبر باطلا بطلانا مطلقا.

و يفسر ذلك بضعف موقف المدين الراهن الذي كثيرا ما يعتقد أن دينه سيكون قد وفى, فإذا تم الاتفاق في عقد الرهن على هذا الشرط فان الشرط وحده هو الباطل أما عقد الرهن فيبقى صحيحا(1).

و يصح الاتفاق إذا أبرم بعد حلول الدين أو بعد حلول قسط منه بأن يتنازل له عن العقار المرهون نظير الدين و يكون هذا بمثابة وفاء بمقابل.

ثانيا: بطلان شرط البيع دون إجراءات: و ذلك بأن يتفق الدائن المرتهن مع المدين أو الكفيل العيني على أنه عند حلول أجل الدين و عدم الوفاء به يباع العقار المرهون دون إتباع الإجراءات التي فرضها قانون الإجراءات المدنية, حيث يخشى استغلال المرتهن لضعف مركز المدين و تفويت عليه فرصة بيعه بأكبر قيمة ممكنة بالمزاد, و يقتصر أثر البطلان على الشرط دون عقد الرهن.

لكن ما مصير الاتفاق إذا عقد بعد حلول أجل الدين كله أو بعضه؟

لم ينص المشرع الجزائري على جواز الاتفاق عليه بعد حلول أجل الدين كما فعل في المادة 903 التي أجازت الاتفاق على تملك المال المرهون عند عدم الوفاء, و هو نفس موقف المشرع المصري في المادة 1052 من القانون المدني المصري.

و في هذا يرى الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري (2) أن الاتفاق يصح لانتفاء مظنة استغلال الرهن بقياس حالة جواز تملك العقار المرهون عند عدم الوفاء على حالة البيع دون إجراءات في حال الاتفاق عليه بعد حلول الأجل, و هو رأي جدير بالتأييد للقول بصحة الاتفاق.

الفرع الثاني:إجراءات التنفيذ على العقار المرهون حيازيا:

تمر إجراءات التنفيذ على العقار بثلاث مراحل نتناولها تباعا.

أولا: وضع العقار تحت يد القضاء:

و ذلك بالحجز عليه و هي مرحلة تسبقها عدة مراحل و هو أن يكون للدائن المرتهن سند تنفيذي(1) و مستخرج من عقد الملكية مرفوقا بالشهادة العقارية التي يطلبها الدائن من المحافظة العقارية وفق نموذج معين , و باعتبار الدائن المرتهن حيازيا صاحب تأمين عيني فهو مستثنى من قاعدة عدم جواز نزع ملكية عقارات المدين إلا في حالة عدم كفاية المنقولات طبقا لما تنص عليه لمادة 976 من قانون الإجراءات المدنية. و عليه إتباع الخطوات التالية:

(1) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق- بند 583 – ص 973

(2) و السند التنفيذي في هذه الحالة هو عقد الرهن المحرر من الموثق سابقا ممهورا بالصيغة التنفيذية

1- إستصدار أمر الحجز(1) و تبليغه للمحجوز عليه: بحكم المادة 1/3 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص” و يؤول الاختصاص للمحاكم المنعقدة في مقر المجالس القضائية, للفصل دون سواها بموجب حكم قابل للاستئناف أمام المجلس القضائي, في المواد التالية: الحجز العقاري…” يكون الاختصاص النوعي في مواد الحجز على العقار لمحكمة مقر المجلس الواقع بدائرة اختصاصها العقار المرهون.

و قد بينت المادة 379 من القانون المدني أن أول إجراء يقوم به الحاجز يتمثل في الحصول على أمر من رئيس محكمة مقر المجلس, و بعد الحصول على هذا الأمر Acte de saisie  يلجأ الدائن المرتهن للمحضر القضائي الواقع في دائرة اختصاصه العقار المراد الحجز عليه ليبدأ في إجراءات الحجز, حيث يقوم بتحرير محضر الحجز و تبليغه إما للمدين أو للكفيل العيني و هنا نفرق بين حالتين:

أ- إذا كان العقار المرهون مملوك للمدين: يقوم المحضر القضائي بإعلان الحجز و هو عبارة عن «ورقة يحررها و يكلف بها الدائن مدينه بوفاء الدين الحاصل التنفيذ اقتضاء له و يعذره بالاستمرار في التنفيذ على العقار حتى البيع إذا لم يقم بوفاء الدين»(2) و ذلك وفقا لما نصت عليه المادة 379 في الفقرة الأولى من القانون المدني التي تنص على ما ياي:” يتولى القائم بالتنفيذ المصرح له قانونا بإجراء الحجز  توقيع الحجز العقاري بموجب أمر حجز مبلغ بصفة قانونية يذكر فيه:

– تبليغ الحكم أو أي سند تنفيذي آخر.

– حضور أو غياب المدين في إجراءات الحجز.

– أعذار المدين بأنه لم يدفع الدين في الحال يسجل الأمر بمكتب الرهون التابع له محل الأموال و يعتبر الحجز نهائيا من يوم التسجيل.

– بيان موقع العقار و نوعه و مشتملاته و تحديده المساحي(قسم-رقم الخريطة-الموقع المعروف) و بالنسبة للعقارات المبنية يستبدل بالموقع بيان الشارع و الرقم, و أجزاء العقارات المقسمة دون تغيير في حدود ملكية الأرض بين أصحاب حقوق عينية متعددين, غير حقوق الارتفاق, يكون تعيينها بذكر أرقام القطع الواردة في البيان الوصفي أو مستند مماثل” و هي بيانات واردة على سبيل الحصر(3).

(1) مصطلح أمر الحجز الوارد في قانون الإجراءات المدنية استعمله المشرع الجزائري بمصطلح مرادف في القانون المدني هو«تنبيه نزع المالكية»

(2) عيسى زرقاط : إجراءات التنفيذ على العقار في التشريع الجزائري – مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير – كلية الحقوق بن عكنون – السنة الجامعية 2002-2003 – صفحة 10

(3) هي بيانات على سبيل الحصر إلا أن المشرع لم يبين جزاء تخلفها و أمام قاعدة لا بطلان إلا بنص تبين الغاية المرجوة من البيان هل تحققت أم لا ,ففي قرار المحكمة العليا رقم 149600 صادر عن الغرفة المدنية بتاريخ 10-12-1997 منشور في المجلة القضائية العدد 02 سنة 1997 قسم الوثائق بالمحكمة العليا من 64 إلى 68«حيث أنه بمراجعة أوراق الملف يتبين أن مجلس قضاء الجزائر قد سبب القرار المنتقد تسبيبا بما فيه الكفاية دون تناقض و لم يخالف أي نص قانوني ،إذ أن محضر الحجز العقاري المحرر في 29 جويلة 1984 لم يتضمن كل البيانات التي تنص عليها الفقرة الثانية من المادة 379 من قانون الإجراءات المدنية لأنه لم يرد فيه تبليغ القرار التنفيذي الصادر من نفس المجلس في 12 جويلة 1988 و مشتملات الدار المعدة للسكن محل الحجز و التحديد المساحي (القسم – رقم الخريطة – الموقع) للقطعة الترابية المقدرة بـ2000 م2 و هي محل الحجز أيضا»

-ب- إذا كان العقار المرهون مملوك للكفيل العيني: لم يتطرق المشرع الجزائري في قانون الإجراءات المدنية لإجراءات حجز عقار الكفيل العيني و نفس الحكم بالنسبة للقانون المدني.

و مع ذلك فان المحضر يكلف المدين بالوفاء لأنه هو الملتزم بالدين و عند تكليفه قد يفي بالدين و إذا لم يفي به يقوم بتكليف الكفيل العيني بالوفاء خلال مدة 20 يوم عملا بأحكام المادة 330 من القانون المدني فإذا لم يوفي يوجه له أمر الحجز ثم يسجله على اسمه خلال شهر من التبليغ حتى يتسنى للغير الذي قد يتعامل مع الكفيل معرفة أن العقار محجوز, و سبب تكليف الكفيل العيني بالوفاء خلال مهلة 20 يوما هو أنه لا يجوز بداية أي تنفيذ على العقار إلا بالقيام بمقدمات التنفيذ و هي إعلان السند للشخص و تكليفه بالوفاء(1).

2قيد الحجز بالمحافظة العقارية: إذا كان تبليغ أمر الحجز للمدين إجراء أساسي لتوقيع الحجز إلا أن هذا الأخير لا يرتب أي أثر إلا إذا تم تسجيله(2)  بمكتب الرهون بالمحافظة العقارية المختصة إقليميا و بالتالي تعتبر القيد البداية الفعلية  لوضع العقار تحت يد القضاء(3).

و قد نصت المادة 379 من القانون المدني في فقرتها الأخيرة أن أمر الحجز يودع خلال شهر من تبليغه بمكتب الرهون الكائن بدائرة اختصاصه موقع العقار لكي يسجل في السجل المنصوص عليه قانونا.

و قد بين المرسوم 76/63 في 25 مارس 1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري الإجراءات الواجب إتباعها و الوثائق التي يلزم المحضر بإيداعها, و أعطى للمحافظ العقاري صلاحيات واسعة تسمح له بقبول الإيداع أو رفضه و حتى بعد قبول الإيداع يمكن رفض القيد إذا ما تبين له أن الشروط المنصوص عليها قانونا ليست متوفرة, و نصت المادة 99 على أنه يتعين على المحافظ العقاري إتمام إجراءات القيد بالنسبة لأوامر نزع الملكية في خلال ثمانية أيام.

و في حالة رفض المحافظ القيد عليه تبريره طبقا للمواد 100 إلى 105 من المرسوم 76/63 كما يجوز للمحافظ رفض القيد مؤقتا في حالات معينة طبقا للمادة 107 من المرسوم. و في حالة قبول الإيداع و قيد أمر الحجز في السجل يعتبر حسب المادة 379 إجراءات مدنية ما جرى من أعمال التنفيذ حجز نهائي.

و بموجب المادة 381 من القانون المدني أنه على المحافظ العقاري عند قيد الحجز ذكر بيانات معينة و أهمها ذكر تاريخ و ساعة إيداعه لما يترتب عليه من آثار, و يؤشر بهامشه و يترتب الورود عن كل أمر حجز يستوفيه, و كذا التسجيلات السابقة مع ذكر البيانات المتعلقة بالقائمين بالتنفيذ.

(1) أ /عيسى زرقاط – نفس المرجع السابق – ص 31

(2) و ذلك حتى تحقق به العلانية حماية للغير الذي يتعامل في العقار ،فتسجيل أمر الحجز يمكن كل من يريد التعامل في العقار أن يعرف بمجرد الإطلاع على السجل العقاري أنه محجوز فيتعامل بشأنه على هذا الأساس

(3) القاضية /ليلى زروقي –  نفس المرجع السابق – ص 28

و في حال تأخر تسجيل أمر الحجزلإتمام الإجراءات بعد الإيداع فان المادة 187 من المرسوم 76/63 تنص على أن القيد يسجل بعد إتمام الإجراءات بأثر رجعي من تاريخ الإيداع حتى لا يتضرر الحاجز بتوقيع تصرفات تمس بحقوقه في هذه الفترة.

و خلال الأيام التالية للقيد يقوم أمين مكتب الرهون بتسليم القائم بالتنفيذ بناءا على طلبه شهادة عقارية تثبت بها جميع القيود الموجودة على العقار.

و ينبغي الإشارة إلى نص المادة 382 من القانون المدني التي تنص” يجوز للدائن إذا اقتضت الحاجة المبررة أن يستصدر أمر بالحجز في وقت واحد على عدة عقارات مملوكة لمدينه حتى و لو كانت واقعة في دوائر اختصاص قضائي متعددة”. و في هذا خالف المشرع الجزائري المشرع الفرنسي الذي اشترط في المادة 675 من القانون المدني الفرنسي استصدار عدة أوامر بالحجز بعدد العقارات سواء كانت تقع في نفس دائرة الاختصاص أو تقع ضمن عدة دوائر.

و كقاعدة في حال تعدد الدائنون و وقع أحدهم الحجز فلا يمنع الدائنين من توقيع حجز على نفس العقار و على المحافظ العقاري التأشير على هامش القيد الأول بما يفيد وجود حجز ثاني. و في حال تعدد الحجوز فالأسبقية في التسجيل لا تعطي للدائن أية أولوية موضوعية في استيفاء حقه بالتقدم على غيره من الدائنين الحاجزين و لكن تعطي له أولوية إجرائية تتمثل في مباشرة الإجراءات, أما بالنسبة لمركز الدائن المرتهن حيازيا حتى و لو كان متأخرا في التسجيل فباعتبار قيده متقدم في المرتبة يحل محل الدائن الأسبق في  التسجيل.

و طبقا للمادة 384 من قانون الإجراءات المدنية يعتبر حائز العقار المحجوز عليه بمثابة الحارس القضائي حتى يتم البيع ما لم يصدر أمر بخلاف ذلك. و أنه يسأل عن الثمار و الإيرادات لأنها توزع ضمن سعر البيع على الدائنين و إذا كان العقار من المساكن و كان المدين يسكنه فانه يبقى فيه دون أجرة لغاية البيع. كما يمنع على المالك توقيع حقوق عينية تبعية كالرهن مثلا لأن من شأن ذلك الإنقاص من قيمة العقار كما يمنع عليه التصرف في العقار بنقل ملكيته و ذلك من تاريخ قيد الحجز, طبقا لما نصت عليه المادة 385 من القانون المدني و هو بطلان نسبي لا يمكن إلا لمن وضع لحمايته التمسك به.

ثانيا: إعداد العقار للبيع: و تتمثل هذه المرحلة في العمليتين التاليتين:

-1- إعداد قائمة شروط البيع: فخلال الشهر التالي لتسجيل الحجز إذا لم يقم المدين بوفاء الدين, يحرر المحضر القضائي قائمة شروط البيع و هي عبارة عن ورقة تتضمن كافة البيانات التي تؤدي إلى التعريف الكامل بالعقار المطلوب بيعه و تتضمن مجموعة من البيانات حددتها المادة 386 من القانون المدني من بيان السند التنفيذي و تاريخ تبليغ أمر الحجز مع التنويه بتسجيله, و تعيين العقار المحجوز و شروط البيع التي يلتزم بها الراسي عليه المزاد باعتبارها شريعة البيع. و تجزئة العقارات إلى صفقات إن كان لها محل و عند الاقتضاء الترتيب الذي سيجري بمقتضاه بيع تلك العقارات و الثمن الأساسي و الذي يتم تحديده بناءا على خبرة.

-2- إيداع قائمة شروط البيع: لم يحدد المشرع ميعاد لإيداعها و لذلك يبقى الميعاد مفتوحا للمحضر القضائي لإيداعها بقلم كتاب المحكمة المختصة, و يوقع الكاتب على القائمة, و بعد الإيداع يقوم الكاتب في محضر الإيداع بتحديد جلسة للنظر في بعض المنازعات طبقا للمادة 388 من قانون الإجراءات المدنية. فعلى المحضر خلال 15 يوما التالية على الأكثر لإيداع قائمة شروط البيع بتوجيه إنذار إلى كل من المدين في موطنه أو محل إقامته و الدائنين المسجلين في شهادة القيد المسلمة بعد تسجيل الحجز في مواطنهم المختارة و إلى الورثة في الموطن المختار و إن لم يكن لهم موطن مختار فلموطن المتوفى ليطلعوا على قائمة شروط البيع و لتدرج بها ملاحظاتهم قبل البيع بثمانية أيام, طبقا لما نصت عليه المادة 387 من قانون الإجراءات المدنية.

3- الإعلان عن البيع: بعد قيام المحضر بالإجراءات السابقة و تحديد تاريخ جلسة البيع يقوم المحضر القضائي بإتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 389 من قانون الإجراءات المدنية.

و ذلك بالإعلان عن البيع قبل جلسة المزايدة بثلاثين يوما على الأكثر و عشرين يوما على الأقل بالطريقتين التاليتين:

-أ- النشر: ينشر نص الإعلان في إحدى الصحف اليومية المقررة للإعلانات القضائية و عمليا تصدر في الصحف اليومية العادية الأكثر تداولا يثبت النشر بإيداع نسخة من الصحيفة التي حصل فيها النشر في ملف التنفيذ مؤشر عليها.

-ب- اللصق: يلصق الإعلانات في باب العقار المحجوز عليه وعلى اللوحة المعدة للإعلانات بمحكمة مقر المجلس.

أما أطراف التنفيذ فيجب على المحضر القضائي إخبارهم بتاريخ و ساعة و مكان المزايدة بميعاد 10 أيام على الأقل بحصول إجراءات النشر و التنبيه عليهم لحضور المزايدة طبقا لما نصت عليه المادة 390 من قانون الإجراءات المدنية.

ثالثا: إجراءات المزايدة: عند تصفية جميع النزاعات والإعلان عن البيع يتم تحديد جلسة البيع بتحديد تاريخ و مكان الجلسة تجري المزايدة بحضور أطراف إجراءات التنفيذ و المزايدين.

1- اجراء المزايدة :يجري في اليوم و المكان المحدد للبيع في قاعة من قاعات محكمة مقر المجلس يقوم بافتتاحها القاضي ،ثم يتولى المحضر إعلان الثمن الأساسي و يتقدم المزايدين(1)  بعروضهم و كل عطاء لاحق يسقط العطاء السابق و العرض الذي لا يزاد عليه بعد إطفاء 3 شموع بين الواحدة و الأخرى دقيقة يرسو على صاحب هذا العرض المزاد.

لكن تنبغي الأشارة إلى أنه رغم إجراء المزايدة ورسو المزاد إلا أنه قد يعاد و ذلك لسببين إما زيادة السدس 1/6 و ذلك في ميعاد العشرة أيام التالية لتاريخ رسو المزاد طبقا للمادة 393 من قانون الإجراءات المدنية و إما لتخلق الراسي عليه المزاد في تنفيذ شرط المزاد أو عدم تسجيل حكم رسو المزاد خلال شهرين من تاريخه  طبقا للمادتين الفقرة الثانية من المادة 364 و المادة 396 من قانون الإجراءات المدنية.

2-حكم رسو المزاد : يتخذ هذا الحكم الشكل العادي للأحكام القضائية و طبقا للفقرة الثانية من المادة 394 من القانون المدني يتعين على الراسي عليه المزاد تسجيل حكم رسو المزاد بالمحافظة العقارية, حيث يعتبر الحكم سند الملكية بالنسبة للراسي عليه بالمزاد و تنص المادة 936 من القانون المدني” إذا بيع العقار المرهون بيعا جبريا بالمزاد العلني سواء كان ذلك في مواجهة مالك العقار أو الحائز أو الحارس الذي سلم إليه العقار عند التخلية, فان حقوق الرهن على هذا العقار تنقضي بإيداع الثمن الذي رسا به المزاد أو بدفعه إلى الدائنين المقيدين الذين تسمح مرتبتهم باستيفاء حقوقهم من هذا الثمن” و رغم أن هذه المادة واردة في القسم الخاص بانقضاء الرهن الرسمي إلا أنه يمكن تعميمها على باقي الحقوق العينية التبعية الأخرى, فبقيام المشتري بالمزاد بدفع الثمن و المصاريف و تسجيل حكم رسو المزاد يتطهر العقار من كل حق عيني, و يستوفي الدائن المرتهن حقه من الثمن بالأفضلية.

(1) منع القانون طائفة من الأشخاص من دخول المزايدة و هم القضاة و المحامين و المدافعين القضائيين و كتاب ضبط المحكمة المباشر أمامها النزاع وفق ما تنص المادة 402 من القانون المدني

المطلب الثاني:انقضاء الرهن الحيازي العقاري

عقد الرهن الحيازي الوارد على العقار بوصفه عقد تبعيا بانقضاء الالتزام المضمون بالرهن إذ الرهن يتبع الالتزام المضمون وجودا أو عدما كما ينقضي الرهن أيضا بأسباب مستمدة من الرهن و هي طريقة ينقضي بها الرهن بصفة أصلية.

لذلك سنقسم المطلب إلى الفرعين التاليين:

الفرع الأول: انقضاء الرهن الحيازي العقاري بصفة تبعية.

الفرع الثاني: انقضاء الرهن الحيازي العقاري بصفة مستقلة.

الفرع الأول:انقضاء الرهن الحيازي العقاري بصفة تبعية

يعتبر الرهن الحيازي الوارد على العقار عقدا تبعيا في شأنته و في انقضائه إذ لم ينشأ إلا لضمان الالتزام الأصلي فينقضي بانقضائه, و في ذلك نصت المادة 964 من القانون المدني على أنه” ينقضي حق الرهن الحيازي بانقضاء الدين المضمون و يعود معه إذا زال السبب الذي انقضى به الدين دون الإخلال بالحقوق التي يكون الغير حسن النية قد كسبها قانونا في الفترة ما بين انقضاء الحق و عودته”(1).

و يلاحظ على هذا النص أنه يتناول 3 حالات و هي:

الحالة 1- زوال الرهن الحيازي بزوال الالتزام المضمون.

الحالة 2- عودة الرهن الحيازي بزوال سبب انقضاء الالتزام.

و هاتين الحالتين ما هما إلا تكريس لمبدأ التبعية المقرر بنص المادة 893 من القانون المدني و الذي يقضي بأنه لا ينفصل الرهن عن الدين المضمون بل يكون تابعا له في صحته و انقضائه ما لم ينص القانون على غير ذلك و في كلتا الحالتين يفترض وجود دين صحيح انقضى لأحد الأسباب. لكن قد يحدث و أن يزول الدين لأنه وجد في عقد باطل فيبطل العقد و يبطل معه الرهن الحيازي بصفة تبعية أو أن يوجد في عقد قابل للإبطال فيختار من له مصلحة إبطال العقد فيبطل العقد و معه الدين و يبطل معهما الرهن الحيازي. أو أن يكون سبب زوال الدين أن ينشأ في عقد معلق على شرط فاسخ فيتحقق الشرط و يزول العقد بأثر رجعي و يزول بزوال الدين الرهن بأثر رجعي كذلك(2).

(1) نص المادة 964 من القانون المدني مطابق تماما لما نص عليه المشرع في المادة 933 من نفس القانون المتعلقة بالرهن الرسمي

(2) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق- بند 614 – ص 1002

الحالة 3- فهي حماية الغير حسن النية الذي يكون قد اكتسب حق على المرهون خلال الفترة الممتدة بين انقضاء الحق و عودته فما هي إلا تكريس للاتجاه العام في التشريع الذي يحمي الأشخاص الذين اعتقدوا على مظاهر معينة و تعاملوا على أساسها و هم حسني النية و مثالها انقضاء الدين بالوفاء و بالتالي انقضى الرهن الحيازي فرتب المدين على العقار محل الرهن الحيازي رهنا رسميا لشخص حسن النية اعتقد أن الرهن قد انقضى بانقضاء الدين بالوفاء ثم تبين أن الوفاء باطل فعاد الدين كما كان, فان الرهن الرسمي الذي كسبه الغير حسن النية يبقى ساريا.

هذا و يلاحظ أن انقضاء الدين المنصوص عليه في المادة 964 مدني لا يعني إلا الانقضاء الكلي للدين المضمون تطبيقا لمبدأ عدم تجزئة الرهن, فإذا بقي جزء من الدين المضمون بقي الرهن ضمانا له إذ الرهن لا يتجزأ فكل جزء من الالتزام مضمون بكامل الدين المرهون فيبقى الرهن ضمانا للالتزام الأصلي حتى و إن وفى الراهن بجزء منه حتى إن كان العقار قابلا للانقسام إلا أن هذا المبدأ هو من طبيعة الرهن لا من مستلزماته لذلك يجوز الاتفاق على تجزئة الرهن.

كما يلاحظ أن انقضاء الرهن بالتبعية هي تبعية مطلقة لم يرد عليها استثناء في تشريعنا بخلاف التشريع الفرنسي في المادة 2082 في فقرتها الثانية و التشريع السوري في المادة 1042 في فقرتها الثانية التي تقضي بأنه يزول الرهن بزوال الدين المضمون كقاعدة عامة لكن خروجا على هذا المبدأ تقضي ببقاء الرهن بالرغم من انقضاء الالتزام المضمون متى نشأ على نفس المدين دين ثاني لنفس الدائن بعد إنشاء الدين الأول المضمون بالرهن. فيحتفظ الدائن بحيازة العقار المرهون بالرغم من انتهاء الالتزام المضمون أصلا بالرهن و يتراخى الالتزام بالرد حتى يستوفي حقه من الدين الثاني على أساس فكرة الرهن الضمني(1)

أما عن أسباب الانقضاء التي تنهي الالتزام المضمون بالرهن ما هي إلا أسباب لانقضاء الالتزام بصفة عامة ما عدا التقادم(2) و هي:

أولا: الوفاء Paiement:

و يشترط لصحة الوفاء أن يصدر من مالك الشيء الذي يتم الوفاء به, و أن يكون أهلا للتصرف فيه طبقا للمادة 260 من القانون المدني. و إذا أبطل الوفاء لعدم توافر هذه الشروط عاد الدين و عاد معه الرهن الذي يكلفه بمرتبته على ألا يتضرر الغير بهذا الزوال.

(1) أنظر فيما سبق صفحة

(2) يعتبر التقادم سببا من أسباب انقضاء الالتزام إلا أنه في حالة الرهن لا يسقط الالتزام به مادام أن الشيء المرهون في حيازة المرتهن و ذلك لأن ترك المدين الراهن حيازة الشيء المرهون تحت يد المرتهن يعتبر بمثابة إقرار ضمني بوجود الدين و من ثمة هذا الإقرار يقطع التقادم لنص المادة 318 من القانون المدني«ينقطع التقادم إذا أقر المدين بحق الدائن إقرارا صريحا بأن يترك المدين تحت يد الدائن ما لا له مرهون حيازيا تأمينا لوفاء الدين»

ثانيا التجديد : Novation  :

و هو عمل مركب فهو قضاء دين قديم و إنشاء دين جديد يحل محله(1) و يتحقق باستكمال الشروط التالية:

1- وجود التزامين متعاقبين الجديد منهما يحل محل القديم وفقا لما تنص عليه المادة 291 من القانون المدني حيث يترتب على التجديد انقضاء الالتزام الأصلي بتوابعه و إنشاء التزام جديد. و هنا يجب أن يكون الالتزام الأصلي القديم صحيحا أن لا يكون باطلا بطلانا مطلقا . أما  إذا كان الالتزام القديم قابلا للإبطال فإن دلك لا يمنع من أن يكون سببا لإنشاء الالتزام الجديد لأن عملية التجديد ذاتها تعتبر في حد ذاتها إجازة للالتزام القابل للبطلان(2) , كما يجب أن يكون الالتزام الجديد صحيحا لأن بطلانه يؤدي الضرورة إلى إحياء الالتزام القديم .وطبقا لنص المادة 964 من القانون المدني فإن بعودة الالتزام القديم يعود معه الرهن بالتبعية.

2- أن يكون هناك اختلاف فعلي بين الالتزام الجديد والقديم في أحد عناصره لأنه إذا كان الالتزام الجديد لا يغاير الالتزام القديم في عنصر هام في الدين أو في المدين أو في الدائن فلا يعدو الأمر أن يكون هذا إقرار بالالتزام القديم كما هو دون تغيير أو إجازة له حتى يزول البطلان أو نحو ذلك ، ولكنه لا يكون على كل حال تجديدا(3).

و يعتبر تجديدا متى تغير محل الدين أو مصدره طبقا للفقرة الأولى من المادة 287 من القانون المدني أو تغير المدين وفقا لما تنص عليه المادة 287 في فقرتها الثانية أو تغير الدائن طبقا للمادة 287 في فقرتها الثالثة .

3- أن تتوفر لدى الأطراف نية التجديد صراحة أو ضمنا وفقا لما تنص عليه المادة 289 من القانون المدني.

ثالثا : المقاصة Compensation :

ويسري في شأنها القواعد المقررة في المواد 297 إلى 303 من القانون المدني ،فبالمقاصة يقضى على الدينين مرة واحدة دون تجسيد الوفاء في صورة مادية بدفع المدين لدائنه أي شيء و سيتوفي بدوره منه شيء آخر ،إلا من كان محل التزامه أكبر فيدفع لدائنه ما فاق به هذا الدين على الدين الآخر طبقا لأحكام المادة 300 من القانون المدني.

(1) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق- بند616 – ص 1002

(2) لعربي بن قسمية – المرجع السابق – صفحة

(3) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق- بند349 – ص

و يشترط في المقاصة توافر شروط معينة نص عليها المادة 297 من القانون المدني

1- أن يكون هناك تقابل ما بين الدينين بأن يكون طرفي المقاصة مدينا للآخر و في نفس الوقت ذاته دائنا له.

2- أن يكون محل كل من الدينين مال مثلي نقودا كان أو شيئا آخر غير النقود متحد النوع و الجودة.

3- أن يكون كل من الدينين خاليا من النزاع و يكون كذلك متى كان محققا و ثابتا في ذمة المدين و معلوم

المقدار ،و على ذلك فلا يجوز إجراء المقاصة بالديون الإحتمالية

4- أن يكون كل من الدينين مستحق الأداء

5- أن يكون كل من الدينين صالحا للمطالبة به قضاءا و بذلك تخرج الالتزامات الطبيعية كما أن هناك شروط أخرى نستخلصها من مواد أخرى متفرقة :

6- أن يكون كلا من الدينين قابلا للحجز عليه وقفا للمادة 299 في فقرتها الرابعة من القانون المدني

7- ألا يكون الشيء قد نزع من مالكه دون مسوغ مشروع و ألا يكون مودعا أو معارا طبقا لما تنص عليه المادة 299 في فقرتها الثانية من القانون المدني.

8- أن يتمسك بالمقاصة من له مصلحة فيها طبقا للمادة 300 من القانون المدني

9- أن تقضي المقاصة الدينين بقدر الأقل منها فمن زاد دينه عن الدين المقابل يبقى مدينا بهذه الزيادة تجاه دائنه وفقا لنص المادة 300 من نفس القانون.

10- ألا تقع المقاصة إضرارا بحقوق الغير التي اكتسبها طبقا للمادة 300 من القانون المدني.

رابعا : الوفاء بالمقابل Dation en paiement :

و يعتبر الوفاء بمقابل سببا من أسباب انقضاء الالتزام طبقا للمادة 285 من القانون المدني بالشروط التالية:

1- أن يحصل اتفاق(1) بين الدائن و المدين أو يقضي بنقل ملكية الشيء الآخر إلى الدائن ليقوم مقام الوفاء الأصلي و يستعيض عنه

2- أن يتم فعلا نقل ملكية الشيء الذي حل محل الالتزام الأول إلى الدائن حيث لا تبرأ ذمة المدين إلا بتمام نقل ملكية ذلك الشيء.

(1) يستوحى الاتفاق من نص المادة 277 من القانون المدني التي تنص على أنه الدائن لا يجبر على قبول شيء غير الشيء المستحق له أصلا و لو كان هذا الشيء مساويا له في القيمة أو كانت له قيمة أعلى مما يفيد أن نص المادة 285 من القانون المدني التي تستلزم قبول الدائن ليس تطبيق للقاعدة العامة في المادة 276 مدني

 

خامسا : الإبراء La remise de l’obligation :

الإبراء من الدين هو تصرف تبرعي من جانب واحد و هو الدائن المبرئ و ينقضي به الدين فيزول به الرهن.

فبالإبراء ينقضي الدين و ينقضي ما كان يكفله من تأمينات .و قد يكتفي الدائن بالنزول عن الرهن و في هذه الحالة يزول الرهن وحده بالنزول عنه من المرتهن و لكن يبقى الدين إذ الم  يوجد سبب لزواله،بالرهن يزول مع الدين أما الدين فلا يزول مع الرهن لأن الرهن تابع و الدين أصيل(1).

الفرع الثاني:انقضاء الرهن الحيازي العقاري بصفة أصلية:

لقد عدد المشرع الأسباب التي ينقضي بها الرهن الوارد على العقار بصفة مستقلة أي دون انقضاء الدين المضمون بالرهن الحيازي بنص المادة 965 من القانون المدني و حصرها في أسباب ثلاثة.

أولا. التنازل عن حق الرهن:

تنص المادة 965 من القانون المدني على أن حق الرهن ينقضي:” .. إذا تنازل الدائن المرتهن عن هذا الحق..” فللمرتهن التنازل عن رهنه فيكتفي بماله من حق شخصي تجاه مدينه و يزول الحق العيني و يبقى الالتزام الأصلي دون ضمان. و يشترط في أهليته النزول عن الرهن الحيازي أهلية الإبراء و هذه الأهلية هي أهلية التبرع(2) . لأن التنازل عن الرهن يعد بمثابة التنازل عن الدين نفسه لأنه قد يترتب على التنازل عن الرهن عدم استيفاء المرتهن حقه بما أن الضامن للالتزام الأصلي هو الرهن الحيازي العقاري فمعنى ذلك أنه من الممكن ألا يستوفي الدائن دينه إذا زال هذا الرهن. و باستكمال الدائن المرتهن شروط أهلية الإبراء جاز له التصرف في الدين و على ذلك يجوز له التنازل صراحة أو ضمنا عن حقه في الرهن بإرادته المنفردة دون اشتراط حصول قبول الراهن.

هذا و إن كان التنازل الصريح لا يثير أي إشكال أما بالنسبة للتنازل الضمني فانه يستفاد من ظروف الحال تظهر فيها نية المرتهن في النزول عن الرهن, و قد أعطى المشرع مثالين قدر فيهما بيان الظرف الذي تم فيه التنازل إلا أنهما قرينتين قانونيتين بسيطتين يمكن إثبات عكسهما:

الأولى: هو ما نصت عليه المادة 952 من القانون المدني و التي رتبت انقضاء الرهن على واقعة رجوع المرهون لحيازة الراهن.

 (1) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق- بند 360 – ص 742

(2) د/عبد الرزاق أحمد السنهوري – نفس المرجع السابق- بند621 – ص 1011

الثانية: ما نصت عليه المادة 965 القانون من المدني التي تقضي بجواز التنازل ضمنيا بتخلي الدائن باختياره عن الشيء المرهون أو من موافقته على التصرف فيه دون تحفظ.

و المشرع أقام من هاتين الواقعتين قرينة بسيطة على أن المرتهن ينوي النزول عن حقه في الرهن و عليه دحض هذه القرينة بإثبات عكسها.

ثانيا: اتحاد الذمة:

و يعتبر أيضا سببا من أسباب انقضاء الرهن بصفة أصلية و ذلك بذوبان المال المرهون في ذمة المرتهن وفقا لنص المادة 965 في فقرتها الثانية من القانون المدني التي تنص على أن الرهن ينقضي إذا اجتمع حق الرهن الحيازي مع حق الملكية في يد شخص واحد. كما لو ورث الدائن المرتهن العقار المرهون أو أشتراه فينصهر العقار المرهون في مال المرتهن و بانتقال العقار المرهون إلى ملكية الدائن المرتهن ينقضي الرهن و يبقى المدين الراهن ملتزما بتنفيذ التزامه الأصلي في مواجهة الدائن.

و في حالة زوال سبب اتحاد الذمة بأثر رجعي كزوال ملكية المشتري لسبب من الأسباب كالفسخ أو البطلان يعود الرهن إلى صاحبه بمرتبته الأصلية دائنا مرتهنا لا مالكا دون إخلال بحقوق الغير حسن النية التي ترتبت في الفترة التي حدث فيها اتحاد الذمة طبقا للقواعد العامة.

ثالثا: هلاك العقار المرهون:

حسب نص المادة 965 من القانون المدني ينقضي الرهن بإنقضاء الحق المرهون على أن يكون الإنقضاء كليا لا جزئيا فإن كان جزئيا بقي الرهن على الجزء المتبقي تطبيقا لقاعدة عدم التجزئة في الرهن. و يقصد بالهلاك بمعناه المادي و كذا المعنوي كنزع الملكية للمنفعة العامة.

و كما سبق تبيانه قد يقع الهلاك بخطأ من الراهن فإذا دفع تأمين بسبب هذا الهلاك انتقل الرهن من العقار المرهون إلى مبلغ التأمين وفقا لقاعدة الحلول العيني.

أما التعويض الذي يقدمه الراهن المخطئ فانه بالرجوع إلى نص المادة 899 قانون مدني فهي تمنح للدائن المرتهن حق الاختيار بين تقديم المدين تأمينا كافيا أو يستوفي منه حقه فورا.

أما إذا وقع الهلاك بخطأ الدائن أو الغير فبطبيعة الحال أن من كان سببا في الهلاك يكون مسؤولا و يلزم بالتالي بالتعويض طبقا للقواعد العامة في المسؤولية فان تحقق التعويض انتقل الحق في الرهن إلى التعويض.

أما إذا وقع الهلاك بقوة قاهرة أو حادث فجائي, فهنا ينبغي التمييز بين حالة وقوع الهلاك تحت حيازة الراهن كأن لم يسلم الراهن العقار بعد أو تسلمه المرتهن ثم رد للراهن بعد تأجيره له في هذه الحالة تقع تبعة الهلاك على الراهن.

أما في حالة هلاك العقار المرهون تحت حيازة المرتهن ففي هذه الحالة و طبقا لتكييف طبيعة التزام المرتهن بالمحافظة بأنه التزام بغاية فبمجرد هلاك العقار المرهون بين يديه تقام قرينة على أنه مخطئ و لا يتخلص من هذه المسؤولية إلا بقطع علاقة السببية كأن يثبت أن الهلاك وقع بفعل القوة القاهرة مثلا. و متى تمكن من دفع المسؤولية تنقل تبعة الهلاك على مالكه. بينما يرى الأستاذ السنهوري أنه إذا كان السبب هو القوة القاهرة أو القضاء و القدر لم يكن أحد مسؤولا عن التعويض فلا يدفع التعويض. لكن هذا الرأي مردود عليه ذلك أنه بالرجوع لأحكام المادة 899/2 التي أحالت إليها المادة 954 في فقرتها الثانية من القانون المدني و التي تقضي بما يلي:” إذا نشأ الهلاك أو التلف عن سبب لا ينسب إلى الدائن و لم يقبل الدائن بقاء الدين بلا تأمين فللمدين الخيار بين أن يقدم تأمينا كافيا أو أن يوفي الدين فورا قبل حلول الأجل” و قد عالج الأمر على ضوء القاعدة العامة التي تحكم تبعة الهلاك حيث يكون للدائن الخيار بين بقاء الدين بلا تأمين أو يستوفي الدين فورا قبل حلول الأجل. على أساس أن الهلاك يقع على المالك الذي لا يلزم في هذه الحالة بتقديم تعويض بل تقديم تأمين آخر أو الوفاء بالدين فورا و هو ما يقوم مقام التعويض(1)

رابعا: التنفيذ الجبري:

لم ينص المشرع في الرهن الحيازي عما إذا كان البيع الجبري ينهي الرهن كما نص عليه بشأن الرهن الرسمي في المادة 936 من القانون المدني, فبمباشرة التنفيذ على العقار المرهون من طرف دائن آخر سابق في المرتبة يفقد الدائن المرتهن حق الرهن و ينتقل حقه بالأفضلية إلى الثمن و يتقدم على كل دائن آخر صاحب امتياز أم لا.

و بذلك يكون البيع الجبري مطهرا للعقار من جميع الحقوق العينية التبعية و يدخل في ذلك الرهن الرسمي و الرهن الحيازي.

(1) المرجع السابق ص 172

الخاتمة

نختم دراستنا لموضوع الرهن الحيازي العقاري بالتأكيد على أهميته في مجال الإئتمان و ما يوفره من ضمانات للدائن المرتهن حيازيا الذي لا يجوز الإحتجاج  في مواجهته بإجراء التطهير بالإضافة إلى أن الحق المضمون بالرهن الحيازي لا يمكن أن ينقضي بالتقادم و ذلك لترك المدين للعقار المرتهن بين يدي الدائن هو اعتراف دائم بالدين و قاطع للتقادم، بالإضافة لحق الحبس إلى غاية تمام استيفاء الدين.

و لسد بعد الثغرات في تشريعنا الذي لم يعنى فيه المشرع  بتنظيم  أحكامه حيث يلاحظ عليه بعض النقص و عدم الوضوح في بعض النقاط التي قد تـثير نزاعات  تطرح أمام القضاء.

لذلك نقترح بعض الحلول للمسائل التي سبق و أن تطرقنا  إليها بالتفصيل في البحث مؤكدين على أن:

1- الحيازة في الرهن الحيازي حيازة عرضية لا تكسب الملكية مهما طالت مدتها.

2- حق غير قابل للتجزئة رغم أن المشرع لم ينص على هذا المبدأ لاصراحة ولا بالإحالة إلى أحكام الرهن الرسمي (المادة 892 من القانون المدني).

3- أنه عقد  يقتضي توافر اركانه و شروطه، إلا أن المشرع عند تناوله لهذه الأركان لم يذكر شرطي الأهلية  و الملكية و لم يحلنا لنص المادة 884 المتعلقة بالرهن الرسمي. لذلك اقترحنا كجزاء على رهن ملك الغيرالفسخ.

4- أن المشرع الجزائري لم ينص على المنع من التصرف الذي يكون مصدره الإتفاق إلا أننا نرى أنه ليس هناك ما يمنع من الأخذ به في حال وجود مثل هذا الإتفاق  طالما أنه لا يوجد نص يمنعه.

5- أن المشرع لم ينص على رهن المال المستقبل و لم يحلنا لأحكام المادة 886 المتعلقة بالرهن الرسمي و قد رأينا أنه أعمالا لبمبدأ تخصيص الرهن الحيازي فإن هذا العقد يقع باطلا.

6- أن المادة 952 من القانون المدني جعلت  من عقد الرهن الحيازي عقدا عينيا و ذلك بـنصها على اعتبار رجوع المرهون إلى الراهن قـرينة على انقضاء الرهن الحيازي مخالفة بذلك المادة 948 من القانون المدني التي تعتبر عقد الرهن الحيازي عقدا رضائيا . لذلك فإننا نرى اقتصارالإنقضاء في مواجهة الغير فقط.

7- لقد عدد قانون الأسرة الأشخاص الذين يكون لهم الحق في الإجازة بنص المادة 83 من قانون الأسرة و لم يذكر الجد من بين الذين يكون لهم حق الإجازة. إلا أننا نرى أن يكون للجد مثل هذا الحق قياسا على الوصي.

8- إن التزام المرتهن بالمحافظة على العقار المرهون هو التزام بعناية حسما للتأويل و الاختلاف الذي قد يثور حول عدم وضوح نص المادة 955 من القانون المدني المتضمن نوعين من التزام :

التزام بعناية و التزام بغاية حسب بعض الشراح.

قائمة المراجع

المراجع باللغة العربية

أ- المؤلفات

1- حسن عبد اللطيف حمدان – التأمينات العينية – الدار الجامعية بيروت – الطبعة الأولى

2- سمير عبد السيد تناغو – التأمينات الشخصية و العينية – منشأة المعارف – سنة 1980

3- عبد الرزاق أحمد السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني – الجزء 10 التأمينات الشخصية و العينية – دار النهضة العربية – الطبعة الثانية – 1994

4- عبد الناصر توفيق العطار – التأمينات والعينية – دار الفكر العربي – طبعة 1980

5- محمد حسنين – الوجيز في التأمينات الشخصية و العينية في القانون المدني الجزائري – المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر 1986

6- محمود جمال الدين زكي – التأمينات الشخصية و العينية – دار الفكر الحديث – الطبعة الثالثة – سنة 1979

ب-أبحاث

1- إبراهيم بن غانم – نظام الرهن الحيازي الوارد على المنقول في التشريع المدني و التجاري الجزائري – رسالة الماجستير – كلية الحقوق – جامعة الجزائر – 1985

2- العربي بن قسمية – نظام الرهن الحيازي الوارد على الديون العادية في التشريع الجزائري – رسالة الماجستير – كلية الحقوق – جامعة الجزائر – 2001

3- عيسى زرقاط – إجراءات التنفيذ على القعار في التشريع الجزائري – رسالة ماجستير – كلية الحقوق – جامعة الجزائر – 2003

ج-المحاضرات

1- زودة عمر – مجموعة محاضرات ألقيت على الطلبة القضاة – السنة الثانية بالمدرسة العليا للقضاة – السنة الدراسية 2004-2005

2- محمدي سليمان – مجموعة محاضرات ألقيت على طلبة الليسانس – السنة الثالثة بكلية الحقوق و العلوم الإدارية – بن عكنون – السنة الدراسية 2000-2001

3- موالك بختة – مجموعة محاضرات ألقيت على الطلبة الليسانس – السنة الثالثة بكلية الحقوق و العلوم الإدارية – بن عكنون – السنة الدراسية 1999 – 2000

د-المقالات

1- ليلى زروقي – الحجز العقاري – بحث منشور في المجلة القضائية – العدد 2 سنة 1997 – عن قسم الوثائق المحكمة العليا 1999

هـ -القوانين

1- الأمر رقم 75/85 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975 المتضمن القانون المدني الجزائري

2- الأمر رقم 75/59 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975 المتضمن قانون الإجراءات المدنية الجزائري

3- القانون رقم 84/11 الصادر في 09 جوان 1984 المتضمن  قانون الأسرة

و- الأوامر و المراسيم

1- أمر رقم 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن اعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري

2- المرسوم رقم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 التعلق بتأسيس السجل العقاري

ي -المجلات القضائية

مجلة قضائية سنة 1991 عدد 4

مجلة قضائية سنة 1999 عدد 1

مجلة قضائية سنة 1997 عدد 2

المراجع باللغة الفرنسية

أ- المؤلفات :

1- Henri Et Mazeaud .J Mazeaud .F.chabas – leçon de droit civil – sûretés publicité foncière – Montchrestien.  Paris – 1968

2- Marcel Planiol et G. Ripert – Traité pratique de droit civil Français – sûretés réelles 2eme partie – tome XIII – Paris – 1953

ب- القوانين

1- Code civil Français

نتقدم بتشكراتنا مع أخلص الإمتنان إلى كل من السيد مدير المدرسة العليا للقضاء ،السيد مدير التربصات

و السيدة مديرة الدراسات

إلى جميع أساتذة المدرسة العليا للقضاء

إلى السيدة رئيسة المجلس و السيد النائب العام

و السادة رؤساء الغرف و السادة النواب العامون المساعدون و السادة المستشارون بمجلس قضاء سكيكدة

و السيد رئيس المحكمة و السيد وكيل الجمهورية

و السادة القضاة و السادة وكلاء الجمهورية المساعدون بها

وأخص بالشكر قاضي تطبيق العقوبات السيد : مامن ابراهيم الذي لم يدخر أي جهد في التوجيه و مد يد العون لنا ،و اليه نزف أسمى معاني التقدير والإحترام و أخلص عبارات العرفان

و إلى كل قضاة القطر الجزائري نهدي هذا العمل المتواضع

دمتم في خدمة جزائر العدالة و حصونا للدفاع عنها

فسخ النكاح 300 ريال