القضاء التجاري / تقاعد خدمة عسكرية ضم خدمة
رقم القضية ١٦٢/ ١/ق لعام ١٤١٢هـ
رقم الحكم الابتدائي ١٩ /د/ف /٢ لعام ١٤١٢هـ
رقم حكم هيئة التدقيق ١٠٦ /ت /١ لعام ١٤١٢هـ
تاريخ الجلسة 24/6/١٤١٢ هـ
الموضوعات
تقاعد , عسكري , ضم خدمة , بطلان قرار إعادة التعيين , العبرة في استحقاق المعاش التقاعدي , التفرقة بين البطلان المطلق والبطلان النسبي
مطالبة المدعي بإلزام المدعى عليها بضم خدماته العسكرية السابقة للاحقة؛ للاستفادة منها في أغراض التقاعد – رفض المدعى عليها طلب المدعي بحجة عدم نظامية المدة المطالب بضمها؛ لكون المدعي أعيد للخدمة بنفس رتبته السابقة رغم مضي أكثر من سنة على تاريخ فصله إذ كان يتعين إعادة تعيينه على الرتبة الأدنى وفقا للنظام – العبرة في استحقاق المعاش التقاعدي هي مدة الخدمة الفعلية التي استوفيت عنها العائدات التقاعدية – الثابت استقطاع المدعى عليها العائدات التقاعدية من راتب المدعي – اعتراء قرار إعادة التعيين مخالفة نظامية لا يستلزم معه بطلان القرار إلا في حال وجود نص نظامي بذلك – عدم مؤاخذة المدعي بخطأ جهة الإدارة – قررت هيئة التدقيق استقرار القضاء الإداري على التفريق بين البطلان المطلق الذي يعدم كامل القرار، والبطلان النسبي الذي يعدم جزءا منه – اشتمال قرار إعادة تعيين المدعي على بطلان نسبي يتمثل بمنح المدعي رتبة وظيفية غير التي يستحقها مع ثبوت صحة العلاقة الوظيفية – أثر ذلك: إلزام المدعى عليها بضم خدمات المدعي السابقة.
الأنظمة واللوائح
المادة (٤) من نظام التقاعد العسكري الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / ٢٤ وتاريخ 5/4/1395هـ
الوقائع
تجمل واقعات هذه الدعوى فيما تستخلصه الدائرة من الأوراق في أن المدعي تقدم للديوان باستدعاء قيد قضية برقم (١٦٢/1/ق) لعام 1٤١٢هـ جاء فيه: أنه كان يعمل في القوات المسلحة برتبة وكيل رقيب، حيث التحق بالخدمة اعتبارا من 1/3/١٣٨٣هـ وفصل منها بتاريخ ١٦/ ٣/ ١٣٩٧ هـ ثم صفى حقوقه وعاد للخدمة العسكرية في الأمن العام بتاريخ 1/3/١٣٩٩هـ برتبة وكيل رقيب عادي. وأضاف المدعي أنه تقدم إلى مصلحة معاشات التقاعد بطلب ضم خدماته، إلا أن المصلحة رفضت ذلك بموجب خطابها رقم (١٤١٤٩/ ٢ م) وتاريخ 23/6/١٤١١هـ المتضمن أنه لا يجوز ضم خدماته لكونه أمضى أكثر من سنة خارج الخدمة… ولدى الكتابة للمصلحة مرة أخرى لضم خدماته ردت المصلحة بخطابها رقم (١٠٧٨/2 م) في 12/1/١٤١٢هـ المتضمن رفض طلبه لكونه أعيد للخدمة بطريقة غير نظامية. وأضاف المدعي القول بأنه أعيد للخدمة بطريقة نظامية وبموجب قرار التعيين رقم (٢٠٠) في 1/3/١٣٩٩هـ حيث تمت إعادته على رقم عادي لعدم وجود رقم فني في ذلك الوقت، وبعد ذلك تم تحوير رقم وظيفته من عادي إلى فني بموجب القرار رقم (١١٨٦) في 3/4/١٤٠١هـ الصادر من الأمن العام. وخلص المدعي إلى طلب دراسة موضوعه والحكم له بضم خدماته العسكرية السابقة إلى خدماته العسكرية اللاحقة. كما أجابت مصلحة معاشات التقاعد – المدعى عليها – على هذه الدعوى بمذكرة جاء فيها: أنه بالرجوع إلى ملف المدعي بالمصلحة اتضح أن له خدمة عسكرية بالجيش بدأت بتاريخ ١/ ٣/ ١٣٨٣هـ وانتهت بإكماله المدة وطلبه في ١٦/3/١٣٩٧هـ وهو برتبة وكيل رقيب فني، وسويت استحقاقاته عنها بالمضبطة رقم (٧٥٠٩٦) في 28/5/١٣٩٧هـ فاستحق مكافأة لمرة واحدة قدرها (٧٣٧٣٢.50) ريالا صرفت له بموجب أمر الصرف رقم (٤٥٣٨/5/1) في ٢٩ / ٥/ ١٣٩٧هـ، وقد أعيد للخدمة العسكرية بشرطة جدة اعتبارا من 1/3/١٣٩٩هـ برتبة وكيل رقيب عادي، وقد أشير في قرار إعادته بأنه نظرا لعدم وجود رقم كاتب فني يلائم اختصاصه ولرغبته بموجب إقراره في الالتحاق على رتبة وكيل رقيب عادي فقد تم إعادته للخدمة بهذه الرتبة، ثم تقدم المذكور بطلب ضم خدماته السابقة وذلك بمعروضه المؤرخ في 6/3/١٤١٠هـ وقد تم رفض طلبه بخطاب المصلحة رقم (٣٤٦٣/2/ م) في 5/2/1٤١١ هـ؛ لعدم تقدمه بطلبه خلال سنة من عودته للخدمة، وبعد صدور المرسوم الملكي رقم (م / ٢٣) في 9/4/١٤١١هـ القاضي بتعديل المادة (٢٧) من نظام التقاعد العسكري لعام 1٣٩٥هـ ومنح العسكريين الموجودين على رأس العمل مهلة سنة لإبداء رغبتهم بضم خدماتهم السابقة. ومن ثم ورد للمصلحة خطاب مدير شرطة جدة رقم (٩٤١) في 8/5/١٤١١هـ ومشفوع به كامل الأوراق المتعلقة بطلب المذكور ضم خدماته العسكرية السابقة إلى خدماته العسكرية اللاحقة. هذا… وقد كتبت المصلحة لمرجع المذكور للإفادة عن أسباب إعادته للخدمة على نفس رتبته السابقة رغم مضي أكثر من سنة على فصله من الخدمة ولم تكن إعادته على وظيفة فنية، فورد خطابهم الجوابي رقم (١١٨٧) في ٤/٧/14١١ هـ بأن المذكور كان بالجيش رقيب كاتب أمن، وجرى إعادته للخدمة على رتبة رقيب عادي لعدم وجود رقم فني شاغر اعتبارا من 1/2/١٣٩٩هـ وتم تحوير وظيفته إلى فني ناسخ آلة بتاريخ 3/4/١٤٠١هـ. واستطردت المدعى عليها إلى القول بأن نظام خدمة الأفراد لعام ١٣٩٧هـ الذي يحكم عودة المذكور نص في المادة (٥٨) قبل تعديلها على أنه (إذا أعيد الفرد للخدمة – ما عدا الفني – ولم تتجاوز مدة تركه الخدمة سنة كاملة فيعاد براتبه ورتبته السابقة وتعطى له بدلاتها وعلاواتها فإذا زادت عن سنة ولم تتجاوز الثلاث سنوات فيعاد بالمرتبة الأدنى من رتبته السابقة ويعطى أول مربوطها.. إلخ) والعبرة في اتصاف الفرد كونه فنيا من عدمه هو وقت عودته للخدمة بصرف النظر عن وضعه خلال خدماته السابقة فاذا ما أعيد الفرد الذي يشغل وظيفة فنية قبل فصله على وظيفة عادية فإنه يعتبر فردا غير فني يطبق بشأنه الأحكام العامة الوارد بالمادة آنفة الذكر، والعكس بالعكس؛ ذلك أن الهدف من منح الفرد الفني مزايا إنما ينبع من حاجة الجهة لشغله للوظيفة الفنية ومز اولته لأعمال خاصة قد يتعذر توافرها في الفرد غير الفني، ويؤكد ذلك تعريف المادة (٣) من هذا النظام للفرد الفني بأنه (كل فرد يقوم بأعمال خاصة تستلزم اختصاصا أو مهارة فنية). وخلصت المدعى عليها إلى القول بأنه نظرا لكون المبحوث أمره أعيد على وظيفة غير فنية وبنفس رتبته السابقة رغم مضي أكثر من سنة على تاريخ فصله فإن هذه العودة تكون غير نظامية وما دام أن خدمات المذكور الحالية غير نظامية فإنه لا يمكن ضم خدماته السابقة، وتطلب المصلحة رفض دعواه.
الأسباب
لما كان المدعي يهدف من دعواه إلى الحكم له بضم خدماته العسكرية في القوات المسلحة خلال الفترة من 1/3/١٣٨٣هـ حتى ١٦/3/١٣٩٧هـ إلى خدماته العسكرية الحالية في الأمن العام والتي بدأت من ١/ ٣/ ١٣٩٩ هـ وذلك للاستفادة منها لأغراض التقاعد. ولما كانت مصلحة معاشات التقاعد – المدعى عليها- قد أجابت عن الدعوى كما سلف بيانه والتي خلصت فيها إلى أن خدمة المدعي التي بدأت في 1/2/١٣٩٩هـ تعتبر غير نظامية نظرا لكونه أعيد للخدمة على وظيفة غير فنية وبنفس رتبته السابقة رغم مضي أكثر من سنة على تاريخ فصله. وحيث إن احتساب خدمات العسكريين لأغراض التقاعد يتم وفق نظام التقاعد العسكري الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / ٢٤) وتاريخ ٥/ ٤/ ١٣٩٥ هـ وما قرره من أحكام بهذا الشأن، ومن ذلك ما نصت عليه المادة الرابعة من أن: مدة الخدمة التي تحتسب في تطبيق أحكام نظام التقاعد العسكري تشمل: (أ) – مدة الخدمة الفعلية في القوات العسكرية التي تستوفى عنها العائدات التقاعدية بموجب أحكام هذا النظام أو نظم التقاعد السابقة، وتشمل مدة الإعارة بموجب نظم الخدمة العسكرية بشرط استيفاء العائدات التقاعدية عنها. فالعبرة في استحقاق المعاش التقاعدي هي مدة الخدمة الفعلية التي استوفيت عنها العائدات التقاعدية، وأنه وإن اعترى قرار التعيين في الخدمة العسكرية كما في حالة المدعي نوع من مخالفة النظام فلا يستلزم منه بالضرورة بطلان التعيين واعتبار القرار الصادر بشأنه كأن لم يكن وفي حكم المعدوم ما لم يرتب النظام صراحة هذه النتيجة على هذا النوع من المخالفة؛ إذ استقر في هذا الشأن اختلاف العيوب التي قد تعتري القرار الإداري من حيث أثرها على سلامة وصحة النتائج المترتبة عليه. كما لا يستقيم في هذا الصدد مؤاخذة الفرد بخطأ جهة الإدارة ما دام أنه لم يساهم في ارتكاب تلك المخالفة، وقدم لها المستندات المطلوبة التي تحتوي على المعلومات الصحيحة. كما أن قرار تعيين – المدعي- في الخدمة العسكرية قد حقق الثمرة والنتيجة المقصودة من إصداره بمباشرة الفرد المدعي مهام وظيفته والتي لا يزال يشغلها حتى تاريخه، وما زالت المصلحة كذلك تستقطع من راتب المدعي العائدات التقاعدية وفقا للنظام رغم ادعائها بأن خدمته غير نظامية، ولم يصدر عن الجهة صاحبة السلطة في التعيين أو القضاء المخول بالرقابة على أعمالها ما يلغي هذا القرار أو يبطله، بل أبقت عليه وظل قائما ساري المفعول منتجا لأثاره النظامية، والتي منها اعتبار المدعي فردا نظاميا مستمتعا بكامل حقوقه الوظيفية ومنها الحق في المعاش التقاعدي. فضلا عن هذا فإن الجهة الإدارية قامت بتصحيح وضع المدعي عن طريق تحوير مسمى وظيفته من وكيل رقيب عادي إلى وكيل رقيب فني بموجب القرار الإداري رقم (٩١٠) في 5/5/١٤٠١هـ اعتبارا من ١٦/4/1٤٠١هـ وبهذا يظل المدعي متمتعا بمركز نظامي في مواجهة الجهات الإدارية الأخرى ومنها مصلحة معاشات التقاعد التي عليها إعمال مقتضاه وفقا لأحكام نظام التقاعد، ولا يحق لها التمسك ببطلانه أو الالتفات عنه؛ لأن ذلك فضلا عن كونه مساسا بمركز نظامي اكتسبه المدعي من قرار التعيين فإنه ينطوي على تسليط جهة ولاية التعقيب على قرارات أصدرتها جهة أخرى دون سند نظامي، والقول بغير هذا النظر يؤدي إلى نتائج غير مقبولة نظاما، وهي تمكين مصلحة معاشات التقاعد من بحث مدى صحة كافة القرارات المتعلقة بالمراكز النظامية للموظفين سواء من حيث الشكل أو الموضوع من ترقيات ومنح علاوات حتى قرارات إنهاء الخدمة أو انتهائها بحسبان تلك القرارات جميعا منتجة لآثارها في استحقاق المعاش التقاعدي سواء بالنسبة لمدة الخدمة أو بالنسبة للراتب الذي تحسب على أساسه الاستقطاعات التقاعدية، ولذلك وبناء على ما سبق فإن خدمة المدعي العسكرية التي بدأت من 1/3/١٣٩٩هـ على ملاك شرطة جدة تعتبر نظامية وتحتسب له في مجال التقاعد. وعن طلب المدعي ضم خدماته العسكرية السابقة والتي بدأت في 1/3/١٣٨٣هـ وانتهت في 16/3/١٣٩٧هـ إلى خدماته اللاحقة، ولما كانت الجهة المدعى عليها قد رفضت طلبه هذا بناء على ما رأته من اعتبار خدماته الحالية والتي بدأت في 1/3/1399هـ غير نظامية، وحيث إن الدائرة قد انتهت – كما سبق بيانه- إلى اعتبار خدمة المدعي الحالية التي بدأت في 1/3/١٣٩٩هـ خدمة نظامية تحتسب له في مجال التقاعد، ومن ثم يكون رفض المصلحة – المدعى عليها – ضم خدمات المدعي السابقة إلى خدماته اللاحقة مبنيا على أساس غير سليم من النظام.
لذلك حكمت الدائرة: بإلزام مصلحة معاشات التقاعد -المدعى عليها – بضم خدمات المدعي (…) العسكرية السابقة التي بدأت في 1/3/١٣٨٣هـ وانتهت في ١٦/3/١٣٩٧هـ إلى خدماته العسكرية اللاحقة والتي بدأت في 1/3/١٣٩٩هـ واحتسابها لأغراض التقاعد.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هيئه التدقيق
حكمت الهيئة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء، وأضافت في أسبابها: بأن الفقه والقضاء الإداري استقرا على تنوع بطلان القرارات إلى نوعين، أولهما: البطلان المطلق وهو ما يترتب على عدم صحة القرار الإداري كله لما شابه من عيب في أساسه أو كان العيب في جزء منه لا يستقيم القرار بدونه. وثانيهما: البطلان النسبي وهو ما يترتب على وجود عيب أو مخالفة في جزء يسير من القرار لا يعدمه كله ولا يحول بينه وبين أن ينتج آثاره النظامية في الجانب الصحيح منه. واضافت بأن البطلان الذي شاب قرار إعادة تعيين المدعي هو البطلان النسبي؛ لكون قرار إعادة التعيين صدر صحيحا، والذي بطل منه هو منحه رتبة وظيفية غير التي يستحقها.