القضاء التجاري / تزوير
رقم القضية الابتدائية ٨٩٧١ /٢/ ق لعام ١٤٣٦ هـ
رقم قضية الاستئناف ١٣٠٦ /٢ /إس لعام ١٤٣٧هـ
تاريخ الجلسة ١٦/٤/١٤٣٧هـ
الموضوعات
تزوير – محرر رسمي – شهادة ميلاد – إضافة مولود – مسؤولية القائم بإنهاء إجراءات المولود – الشك يفسر لصالح المتهم – انتفاء العلم والقصد الجنائي – عدم كفاية الأدلة.
أقام فرع هيئة التحقيق والادعاء العام الدعوى بطلب معاقبة المتهمة لقيامها حال كونها لا تملك الجنسية السعودية وزوجها المتوفى الذي يحمل الجنسية السعودية بتبني بنت أخيها المتهمة وإضافتها لكرت العائلة التابع لزوجها عن طريق تزوير شهادة الميلاد – دفع المتهمة بعدم علمها بالإجراءات التي تمت بموجبها إضافة البنت لكرت العائلة، وأن زوجها هو من قام بذلك – الأصل أن من يقوم باستخراج شهادة الميلاد ومتابعة إجراءات المولود وإضافته لكرت العائلة هو الزوج – عدم تقديم جهة الادعاء أدلة كافية للانتقال عن ذلك الأصل – قيام أدلة جهة الادعاء على ظن وشك وتخمين لا على قطع وجزم ويقين – الشك يفسر لصالح المتهم – عدم توافر العلم والقصد الجنائي للمتهمة – أثر ذلك: عدم إدانة المتهمة بما نسب إليها.
الوقائع
تتلخص وقائع القضية في أنه ورد إلى المحكمة الإدارية بجدة خطاب رئيس دائرة التحقيق والادعاء العام بمحافظةرابغ رقم (هـ 62/1/5321) وتاريخ ١٥/٩/١٤٣٦هـ، والمرفق به قرار الاتهام رقم (٢٠٠ / ٩ /٣٦) لعام ١٤٣٦هـ مع مشفوعاته، وقد باشرت الدائرة النظر في القضية على النحو المثبت بمحضر الضبط، حيث حضر ممثل الادعاء (…)، كما حضرت المتهمة (…)، وقد ادعى المدعي العام في مواجهة المتهمة قائلا: أنه بالاطلاع على الأوراق الواردة بخطاب محافظة رابغ رقم (٤٠٢١٣٠) وتاريخ ١٩/٦/١٤٣٦هـ المرفق به خطاب وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة رقم (٦٥٦١٩/ح خ) وتاريخ ١٠/٦/١٤٣٦هـ المبني على خطاب المحكمة العامة بمحافظة رابغ رقم (٣٦٢٥٠٩٢) وتاريخ ١٣/٥/١٤٣٦هـ المشار فيه إلى الدعوى التي تقدم بها إلى تلك المحكمة المواطن (…) – سعودي الجنسية هوية وطنية رقم (…) – التي يذكر فيها أن أخاه (…) قد توفاه الله ولم يكن له أولاد، وقد تفاجا بعد أخيه بوجود بنت مسجلة في سجل الأسرة الخاص بأخيه، ويطلب نفي نسب تلك الطفلة إلى أخيه المتوفى، وأنه بسؤال الزوجة – المتهمة المذكورة – أفادت بأن تلك البنت ليست ابنة المتوفى وإنما هي بنت أخيها في إندونيسيا وتم تسجيلها على أنها ابنة زوجها. وقد أحيل خطاب محافظة رابغ وكافة مرفقاته المشار إليها إلى إدارة المباحث الإدارية بمحافظة رابغ بخطاب الدائرة رقم (هـ م 6/1/2960) وتاريخ ٢٣/٦/١٤٣٦هـ لاستكمال كافة إجراءات الاستدلال المبينة في الخطاب، فوردت محاضر الاستدلال إلى الدائرة بخطاب إدارة المباحث الإدارية بمحافظة رابغ رقم (٢٣١) وتاريخ ١٣/٨/١٤٣٦هـ، وبسماع أقوال (…) (٧٢) عاما، سعودي الجنسية، هوية وطنية رقم (…) – أفاد بأن أخاه المتوفى (…) تزوج بعد حصوله على أذن من وزارة الداخلية بالمتهمة المذكورة، وأنه تزوج أربع مرات قبل ذلك ولم ينجب، وأن زوجة أخيه المتهمة المذكورة لها أولاد من زوجها السابق في إندونيسيا، وأنه عندما اطلع على سجل الأسرة الخاص بأخيه (…) اتضح إضافة ابنة أخ الزوجة فيه، وأن الوالد الحقيقي لتلك الطفلة (…) حسب قول المتهمة هو أخيها، وأنه لا يعلم عن مكان ولادة تلك الطفلة، وأنه لو كان يعلم عن كيفية إضافة أخيه (…) للطفلة (…) لكان تقدم بالبلاغ في حينه، وأنه قد تفاجأ بعد وفاة شقيقه باضافة الطفلة وذلك عندما طلب سجل الأسرة لاستخراج شهادة الوفاة وصك الورثة فذهب إلى المحكمة. وبسماع أقوال المتهمة المذكورة، أفادت أنها قدمت إلى المملكة للمرة الثانية في عام (٢٠٠٩ م) بعد زواجها بالمواطن (…)، وأن لديها ولدين من زوجها السابق، وأنها لم تنجب من زوجها (…)، وأن والد الطفلة (…) هو أخيها (…) الذي قدم إلى المملكة للزيارة وكانت بصحبته زوجته (…) التي كانت حاملا فأنجبت الطفلة (…) في السعودية وبعد أربعين يوما من ولادة تلك الطفلة سافر أخيها وزوجته وتركا الطفلة، فقامت بتربيتها وقام زوجها المتوفى لكونه لا ينجب بإضافة الطفلة في سجل الأسرة بعد أن أخذ رأي بعض أصحابه، وأضافت أن ولادة الطفلة (…) حدثت في مستشفى رابغ العام بتاريخ ٢٥/٢/١٤٣٤هـ الموافق ٧/١/٢٠١٣ م وليس في شركة (…) الطبية، وأن زوجها المتوفى (…) أنهى إجراءات شهادة الميلاد دون أن تعلم بذلك، حيث ذكر لها برغبته بإضافة البنت (…) لأنه قام بتربيتها وصرف عليها، وأنها لا تعرف الشخص الذي قام بإنهاء إجراءات الأحوال المدنية، وأن الذي تعرفه أن زوجها (…) سعى في ذلك حتى أنه استخرج جواز سفر للطفلة (…). وقد أضافت بأن زوجها المتوفى أخبرها بأنه دفع (2.000) ريال لموظف في مستشفى رابغ العام مقابل استخراج تبليغ الولادة ولا تعلم عما إذا كان دفع مقابل لذلك أم لا. وباستجوابها، أفادت بما أفادت به عند سماع أقوالها، وأضافت أنها وزوجها المتوفى (…) كانا يبحثان عن طفلة ليتولى تربيتها فلم يجدا وكان ذلك قبل ولادة الطفلة (…)، وبعد أن ترك أخيها (…) وزوجته (…) الطفلة (…) لديهم في المنزل قال زوجها (…) بأن هذه ابنته لأنه كان لا ينجب، وأنها ذهبت وزوجها (…) بتسجيل الطفلة (…) على أنها ابنته، وقد علم جميع أقاربها أن (…) ابنتها، وبعد أن عادا إلى السعودية قام زوجها (…) بتسجيل الطفلة (…) في سجل الأسرة، وقد أخبرها بذلك فورا، وقد أرفقت نسخة من تبليغ عن ولادة طارئة غير مؤرخة صادرة من شركة (…) الطبية، تتضمن بيانات عن المولودة (…)، ومحل الولادة (…) واسم الوالد (…)، واسم الوالدة (…)، كما تضمنت تلك الورقة بيانات من اسم من باشر بالولادة (…) والمدير (…)، ومعد البيانات (…) بتواقيعهم وأختامهم، وفي أدنى الورقة وضع ختم شركة (…) الطبية، وختم مصادقة المدير الطبي (…) على محتويات الوثيقة، وختم مديرية الشؤون الصحية بمحافظة جدة على صحة توقيع المدير. ولما أشير إليه يقرر المدعي العام بتوجيه الاتهام إلى المتهمة (…) بتبنيها وزوجها المتوفى لابنة أخيها؛ وذلك للأدلة والقرائن التالية: ١- ما جاء في أقوالها المنوه عنها والمدونة بضبوط التحقيقات. ٢- ما جاء في أقوال (…) (شقيق زوج المتهمة المذكورة). 3- ماجاء في خطاب مستشفى رابغ العام رقم (٤٥٠) وتاريخ ٢٠/٨/١٤٣٦هـ. وحيث إن ما أقدمت عليه المتهمة المذكورة وهي بكامل أهليتها المعتبرة شرعا يعد فعل محرم وينطوي على مخالفة شرعية الأمر الذي يتعين معه إحالة أوراق الدعوى إلى المحكمة الجزائية بمحافظة جدة عملا بالمادة (١٢٦) من نظام الإجراءات الجزائية لإثبات إدانتها بما أسند إليها والحكم عليها بعقوبة تعزيرية رادعة. وبقيد هذه الدعوى قضية وإحالتها للدائرة باشرت نظرها على النحو المثبت بمحضر الضبط، ففي جلسة هذا اليوم وبمواجهة المتهمة (…) بما هو منسوب إليها، أجابت قائلة أنها كانت متزوجة من شخص سعودي وهو لا ينجب فاتفقت معه على تبني ابنة أخيها وبالفعل وافق على ذلك وبعد فترة ذكر لها زوجها السعودي أنه سيضيف هذه البنت إلى بطاقته وأنها بعد ذلك لا تعلم ماذا حصل وبعد وفاته تبين أنها مضافة في بطاقته وجواز سفره على أنها ابنته وهي بالفعل ليست ابنته وهي ابنة أخيها وأنها لا تعرف الطريقة التي تمت بها إضافة البنت إلى بطاقته. وبعرض إجابتها على المدعي العام، أجاب بأنه يكتفي بما جاء في قرار الاتهام. وبسؤال المتهمة إن كان لديها ما تضيفه؟ اكتفت بما سبق تقديمه.
الأسباب
وبناء على الدعوى والإجابة واطلاع الدائرة على الأوراق وما تضمنه قرار الاتهام، ولما كانت جهة الادعاء ساقت الأدلة ضد المدعى عليها وتطلب الحكم بإثبات الجريمة بحقها وإنزال العقوبة عليها، ولما كان مدار بحث الدائرة منصب على القصد الجنائي وهو الركن الثاني من الأركان الجوهرية في الجريمة لدى المدعى عليها، ولما كانت المدعى عليها لا تعلم عن قيام زوجها المتوفى باستخراج شهادة ميلاد مزورة من مستشفى رابغ، وقد تطابقت أقوالها وانتظمت في جميع مراحلها في محاضر القبض والتحقيقات وأمام مجلس القضاء على إنكار علمها بذلك، ولما كان استخراج شهادة الميلاد والتبليغ عن الولادة واستخراج كرت المراجعة والإضافة بالمستشفيات وطلب إضافة المولود في بطاقة كرت العائلة يقوم بها الزوج ويتابع إجراءاتها بنفسه، بالإضافة إلى طلب استخراج جواز السفر وتقديم الطلب عليه يشترط موافقة ولي الأمر وليس في العادة أن المرأة تقوم بمثل هذه الأمور لما فيها من صعوبة عليها واستفسارات وبحث وتحري وكان من غير السائغ والمقبول قيامها بذلك مما يبعث الريبة والشك لدى الجهات الحكومية، فالزوج المتوفى هو من أنهى الإجراءات الكاملة من إضافة المولودة ببطاقة كرت العائلة وهو من قام باستخراج جواز السفر، ولم يكن للمدعى عليها ضلوع ولا مشاركة ولا مساعدة ولا مساهمة بالعمل الإجرامي، فلم تقم بالمراجعة لدى الدائرة الحكومية ولم تمد زوجها بالأوراق أو الصور أو المستندات التي تثبت من خلالها المشاركة بالتزوير والاشتراك فيها ولم تعلم بكل هذه الإجراءات إلا بعد وفاة زوجها، وبالتالي فإنه يثبت للدائرة عدم توفر العلم والقصد الجنائي للمدعى عليها، ولم تقدم جهة الادعاء أدلة كافية للانتقال عن أصل البراءة ولا لثبوت الجريمة بحق المدعى عليها من أنها ساعدت أو ساهمت مع زوجها في تكون الفعل المادي والمعنوي للواقعة، فأدلة جهة الادعاء قامت على ظن وشك وتخمين لا على القطع والجزم واليقين، والقاعدة الثابتة أن الشك يفسر لصالح المتهم، وبالتالي فإن الدائرة تنتهي إلى الحكم بعدم إدانة المدعى عليها بما هو منسوب إليها في هذه الدعوى.
لذلك حكمت الدائرة: بعدم إدانة (…) – إندونيسية الجنسية – بجريمة التزوير المنسوبة إليها في هذه الدعوى.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محكمة الإستئناف
حكمت المحكمة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.