القضاء التجاري / تزوير
رقم القضية الابتدائية ٦٣٨٠ / ٣/ ق لعام ١٤٣٦ هـ
رقم قضية الاستئناف ١٠٨ / ق لعام ١٤٣٧هـ
تاريخ الجلسة ١٦/١/١٤٣٧هـ
الموضوعات
تزوير- محرر رسمي- سجلات محكمة- تقديم وكالة مفسوخة- انتفاء القصد الجنائي- انتفاء المصلحة الشخصية من فعل الجريمة- قرائن- الأصل براءة الذمة.
أقام فرع هيئة التحقيق والادعاء العام الدعوى بطلب معاقبة المتهم لقيامه بالتزوير في السجلات الرسمية الخاصة بالمحكمة العامة وذلك بإثبات بيانات كاذبة على أنها صحيحة، بأن قام بالترافع عن موكله في جلسة قضائية بوكالة مفسوخة وأثبت بياناتها بتلك السجلات – إنكار المتهم التهمة المنسوبة إليه – جريمة التزوير من الجرائم العمدية التي يستلزم لثبوتها توافر ركن القصد الجنائي – اشتراط النظام الجزائي لجرائم التزوير في مدى معاقبة المتهم باستخدام وكالة منتهية الصلاحية قاصدا بذلك الإيهام أن يترتب على تصرفه إثبات حق أو إسقاطه أو حدوث ضرر جراء ذلك – الثابت أن الجلسة التي حضرها المتهم بوكالة مفسوخة محددة سلفا. ولم يقرر فيها ما هو متعلق بموضوعها؛ ما يدل على أن تصرفه من الأخطاء غير المقصودة، لا سيما أنه ليس له مصلحة في ذلك، فضلا عن ذلك فإن موكل المتهم قام بإصدار وكالة أخرى له بعد فترة وجيزة من فسخ الوكالة محل الاتهام، ما يدل على عدم ممانعته من توكيل المتهم – الأصل براءة الذمة، ولا يجوز العدول عن هذا الأصل إلا بدليل قطعي – أثر ذلك: عدم إدانة المتهم بما نسب إليه.
الأنظمة واللوائح
· المادة (١٧) من النظام الجزائي لجرائم التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم(م /١١) وتاريخ ١٨/٢/١٤٣٥هـ.
الوقائع
تتلخص وقائع هذه القضية في أن المدعي العام بفرع هيئة التحقيق والادعاء العام بالمنطقة الشرقية أقام هذه الدعوى ضد المتهم (…)، حيث قد ورد لهم خطاب مركز شرطة جنوب الدمام رقم (١٨٥٧) وتاريخ٢١/١/١٤٣٥هـ وكامل مشفوعاته بشأن بلاغ (…) – سعودي الجنسية بموجب السجل المدني رقم (…) – المتضمن قيام المتهم (…) – سعودي الجنسية بموجب السجل المدني رقم (…) – بالترافع ضد موكله (…)- سعودي الجنسية – لدى المحكمة العامة بموجب وكالة مفسوخة بتاريخ ٢٣/ ١١/ ١٤٣٤هـ وتضمنت الأوراق خطاب فضيلة رئيس المحكمة العامة بالدمام رقم (٣٣٨٧٩٩٨) وتاريخ٢٤/١/١٤٣٦هـ متضمنا أن المذكور حضر لديهم في موعد الجلسة واستخدم الوكالة بتاريخ٢٣/١١/١٤٣٤هـ حسب ما تبين لهم في ضبط القضية. وبضبط أقوال المتهم (…) الأولية لدى جهة الضبط، وبمواجهته بدعوى (…) ضده بقيامه بالمرافعة لدى المحكمة بموجب وكالة مفسوخة، أفاد أن المرافعةتتم في المحكمة ولا يتذكر ذلك، وطلب مهلة لحين حضور المحامي الخاص به، وأنهى أقواله بالمصادقة عليها. وباستجوابه لدى الهيئة ومواجهته بتهمة التزوير، أفاد أن هذا غير صحيح. وبمواجهته بقيامه بتقديم شكوى لدى المحكمة بوكالة تم فسخها من موكله، أفاد أن الدعوى كانت في عام ١٤٣٢هـ حيث اشترى عمارة من (…) ووكله (…) لتكملة بعض الإجراءات منها تصحيح عقود المستأجرين وتراخيص البلدية. وبمواجهته بأن دعوى المدعي تضمنت قيامه بتقديم دعاوى ضدهم لدى المحكمة بموجب الوكالة المفسوخة، أفاد أن هذا غير صحيح، وأن الذي حصل أنه تقدم بدعوى لدى المحكمة بموجب تلك الوكالة وحضر بعض الجلسات وبعدها قام موكله بفسخ الوكالة الأولى التي تحمل الرقم (٣٣٢٩٠٠١) وتاريخ٩/١٠/1٤٣٣هـ وأعطاه وكالة ثانية، وأن الغرض من فسخ الوكالة الأولى هو عمل الوكالة الثانية وإضافة وكلاء آخرين بها. وأضاف أنه لم يتم تبليغه رسميا حيال فسخ الوكالة من عدمه، وانتهى التحقيق بتوجيه الاتهام لـ(…) بالتزوير في السجلات الرسمية الخاصة بالمحكمة العامة بالدمام وذلك باثبات بيانات كاذبة على أنها صحيحة ومعترف بها بأن قام بالترافع عن المواطن (…) ضد المواطن (…)، وقدم الوكالة التي تم فسخها وتم إثبات بيانات الوكالة بتلك السجلات خلافا للحقيقة. ثم ساق المدعي العام أدلة الاتهام على النحو التالي: ١- اعترافه تحقيقا بما نوه عنه المرفق بالأوراق لفة رقم (١٢ – ١٣) ٢ – ما تضمنه خطاب رئيس المحكمة العامة بالدمام المكلف رقم (٣٥) وتاريخ٢٤/١/١٤٣٦هـ المرفق بالأوراق على اللفة رقم (٤٢) المتضمن أن المتهم حضر لديهم في موعد الجلسة واستخدم الوكالة مدار القضية بتاريخ٢٣/١١/١٤٣٤هـ حسب ما تبين لهم في ضبط القضية. ٣- ما تضمنه إقرار (…) المثبت على صورة الوكالة مدار القضية المرفقة بالأوراق على اللفة رقم (٣٢) والمتضمن أنه أبلغ المتهم بإلغاء الوكالة من تاريخ٢/١١/١٤٣٤هـ. ٤- وجود مصلحة مؤكدة للمتهم من ارتكاب الجريمة المنسوبة له والمتمثلة برغبته في كسب الوقت حيال إحالة معاملة موكله إلى محكمة الرياض والاستفادة من خطابات الإمارة المتعلقة بضرورة النظر في إخلاء العقار بأسرع وقت ممكن، ويؤيد ذلك ما تضمنته الفقرة الرابعة من خطاب المحامي الخاص به (…) المرفق بالأوراق على اللفة رقم (٤٦) الموجه لمركز شرطة جنوب الدمام. وحيث إن ما أقدم عليه المتهم وهو بكامل أهليته المعتبرة شرعا فعل محرم شرعا ومجرم نظاما، لذا يطلب المدعي العام إثبات إدانته بما أسند إليه والحكم عليه بعقوبة السجن والغرامة الواردة بنص المادتين (الخامسة) و(السادسة) من نظام مكافحة التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم (١١٤) وتاريخ٢٦/١١/١٣٨٠هـ، والفقرة رقم (٣) من قرار مجلس الوزراء رقم (٢٢٣) وتاريخ١٤/٨/١٣٩٩هـ. وبإحالة القضية إلى هذه الدائرة حددت لنظرها جلسة يوم الاثنين١٧/٦/١٤٣٦هـ حيث حضر المدعي العام (..)، كما حضر المتهم، وبسؤال المدعي العام عن دعواه؟ أحال إلى لائحة الدعوى العامة. وبقراءتها على المتهم، قال: ما جاء فيها غير صحيح. وبسؤاله عن أقواله في التحقيقات، قال: أنا رجل كبير في السن وأنسى ولا أدري ما كتب فيها وطلب صورة من لائحة الدعوى للرد عليها في الجلسة القادمة، واكتفى بذلك. كما اكتفى المدعي العام بما جاء بلائحة الدعوى. وفي جلسة يوم الاثنين ٨/٧/١٤٣٦هـ حضر المدعي العام (…)، كما حضر المتهم ووكيله (…) -المثبت في الضبط هويته ووكالته – وقدم مذكرة مكونة من صفحتين تضمنت نفي التهمة المنسوبة لموكله، وأضاف أن المدعو (…) أراد بفسخ الوكالة الأولى أن يصدر وكالة أخرى فيها اسم موكله واسمه وعدد من الأشخاص العاملين لديه في المكتب، وذلك لغرض توحيد الوكالات، ويدل على ذلك أن المدعو (…) غير ممانع على توكيل موكله وهو راض بما صنعه موكله، وما تم في الجلسة الوحيدة التي حضر فيها موكله وكانت مفسوخ الوكالة من (…)، فأولا: لا مصلحة لموكله بأي إجراء مخالف للنظام. ثانيا: أن هذه الجلسة التي حضرها موكله كانت قد حددت سلفا وموكله لم يقرر فيها سوى طلب إحالة المعاملة إلى الرياض، وأضاف أن المادة (السابعة عشرة) من النظام الجزائي لجرائم التزوير تضمنت حدوث ضرر جراء استخدام الوكالة المفسوخة، والضرر في واقع الأمر هو واقع على موكله؛ لأنه هو صاحب العمارة الذي يريد استلام إيجار المحلات، وقدم عددا من المرفقات، واكتفى بذلك. وفي جلسة هذا اليوم الاثنين٧/٨/١٤٣٦هـ حضر المدعي العام (…)، كما حضر المتهم، وبسؤال أطراف الدعوى هل لديهم ما يودون إضافته؟ قرر المتهم اكتفاءه بما سبق وأن أبداه، كما اكتفى المدعي العام بما جاء في لائحة الدعوى العامة. وبناء عليه قررت الدائرة رفع الجلسة للمداولة وإصدار الحكم.
الأسباب
حيث إنه بعد سماع الدعوى والإجابة، وبعد الاطلاع على أوراق القضية، وحيث إن جهة الادعاء تهدف من دعواها هذه إلى إثبات جريمة التزوير في حق المتهم ومعاقبته عليها تبعا لذلك، ولما كانت واقعة الاتهام المنسوبة للمتهم وهي أنه قام بالتزوير في السجلات الرسمية الخاصة بالمحكمة العامة بالدمام وذلك باثبات بيانات كاذبة على أنها صحيحة ومعترف بها، بأن قام بالترافع عن المواطن (…) ضد المواطن (…) وقدم الوكالة التي تم فسخها وتم إثبات بيانات الوكالة بتلك السجلات خلافا للحقيقة وذلك على النحو الوارد تفصيله بلائحة الدعوى، وحيث أنكر المتهم صحة ما نسب إليه من تزوير، وحيث إن الدائرة باطلاعها على أوراق القضية وما جاء فيها من تحقيقات وردود ودفوع والتعرف على ظروفها وملابساتها فإن الذي يظهر أن الجريمة غير مستوفية الأركان التي تجرم الفعل، إذ إنه لابد للجريمة من ثبوت أركانها ومنها ثبوت توافر القصد الجنائي، حيث إن هذه جريمة التزوير من الجرائم العمدية، والقصد الجنائي ركن من أركانها، وكذلك علم الجاني أن من شأن فعله تغيير الحقيقة وترتيب ضرر فعلي وأثر مناقض للحقيقة، حيث إنه لابد من ثبوت إرادة الجاني وقصده الجنائي على جريمة التزوير، كما تبين لها أن المدعو (…) لما قام بفسخ وكالته للمتهم الأول قام بعدها بفترة وجيزة بإصدار وكالة أخرى فيها اسم المتهم وعدد من الأشخاص، مما يدل على أنه غير ممانع لتوكيل المتهم، وكذلك فإن الجلسة الوحيدة التي حضر فيها المتهم وهو مفسوخ الوكالة كانت قد حددت سلفا قبل فسخ وكالته، وأنه لم يقرر في تلك الجلسة سوى طلب إحالة المعاملة إلى الرياض، وهذا قد يكون من قبل المتهم من قبيل الأخطاء غير المقصودة من شخص كبير في السن، إضافة إلى أنه لا مصلحة للمتهم بالقيام بأي إجراء مخالف للنظام، حتى إن المادة (السابعة عشرة) من النظام الجزائي لجرائم التزوير نصت على أن: “من استعمل حكما أو أمرا قضائيا أو وكالة صادرة من جهة مختصة انتهت صلاحيتها، وكان عالما بذلك وقاصدا الإيهام بأنها لا تزال حافظة لحجيتها النظامية، وترتب على هذا الاستعمال إثبات حق أو إسقاطه أو حدوث ضرر للغير، يعاقب…” وهي بذلك اشترطت أن يترتب على استخدام تلك الوكالة منتهية الصلاحية إثبات حق أو إسقاطه أو حدوث ضرر جراء استخدام تلك الوكالة، والموكل قد أقر المتهم على ترافعه، وقام بتجديد الوكالة له مما يدل على عدم وجود الضرر. وبناء على ذلك كله، وحيث إن الأصل في الشخص براءة ذمته، وأنه لا يجوز العدول عن هذا الأصل وشغل ذمة المتهم والقدح بأمانته إلا بدليل يقيني قاطع، ولما كان ما ساقته الجهة المدعية من أدلة استندت عليها في توجيه الاتهام لا ترقى إلى إثبات ما نسب إلى المتهم، لاسيما وأن الاتجاه إلى إدانة المتهم والقطع بذلك يحتاج إلى أدلة يقينية مورثة للطمأنينة، وبراهين لا يعتريها أي شك؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم إدانة المتهم بجريمة التزوير المنسوبة إليه.
لذلك حكمت الدائرة: بعدم إدانة (…) – سعودي الجنسية – بجريمة التزوير المنسوبة إليه.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محكمة الإستئناف
حكمت المحكمة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.