القضاء التجاري / المكتبة القانونية تصفّح المكتبة
حتى يتسنى للمواطن التأكد من مدى جدية الأسباب ومشروعيتها، وبالتالي مقاضاة الإدارة في حالة عدم جدية أو مشروعية الأسباب.
الثالث: ترتيب جزاءات إدارية وجزائية للحيلولة دون عرقلة الاستفادة من هذا الحق:
وهكذا اعتبر المرسوم 88/ 131 كل فعل يأتيه الموظف ويتسبب في تعطيل أحكامه الرامية إلى تحسين العلاقة بين الإدارة والمواطن جريمة تأديبية، تستوجب العقاب التأديبي، دون المساس بالعقوبات المدنية الجزائية، وهو ما أسلفنا الإشارة إليه من خلال المادتين 30 و 40 من المرسوم المذكور.
الحقيقة أن إغفال المشرع الجزائري النص على هيئة إدارية مستقلة تسهر على ضمان هذا الحق، وعدم التعرض بالتفصيل للاستثناءات الواردة على هذا الحق، خاصة في غياب دور القاضي الإداري في الرقابة على حدود هذه الاستثناءات، والذي يعزى هو الآخر إلى عزوف المواطن على مقاضاة الإدارة ليس في هذا المجال فقط بل في أكثر مجالاتها، تمثل أهم نقائص النظام القانوني لهذا الحق في الجزائر، إن صحت تسميته بالنظام القانوني.
وفي مقابل اكتفاء الجزائر بقانون 88/131 المتعلق بتنظيم العلاقة بين المواطن والإدارة؛ فإن فرنسا ونظرا للغموض الذي شاب بعض أحكام قانون 17 جويلية 1978، ونظرا للمفاجآت والعقبات التي لاقت تطبيقه، خاصة فيما يتعلق بإجراءات الاطلاع على الوثائق المكفولة حمايتها لدواعي السرية، أو حماية للحياة الخاصة للغير، فقد استدعى ذلك إصدار عدة نصوص لاحقة، أهمها قانون 2000/ 231 المؤرخ في 12 أفريل 2000 والمتعلق بحقوق المواطنين في علاقتهم بالإدارة. وكان الهدف منها كما جاء على لسان وزير الوظيفة العامة الفرنسي السيدEmile ZUCCARELL أثناء تقديمه مشروع القانون، وجعل السلطات الإدارية أكثر رفقا وسهولة وأكثر شفافية وأكثر فاعلية وبالضبط أكثر قربا من المواطنين، وبالفعل لقد عكست الإصلاحات التي أدخلها المشرع بموجب هذا القانون رغبة في أن تبلغ الشفافية درجة تكون معها الإدارة بمنزلة بيت الزجاج لا يخفى على من خارجها ما يدور بداخلها.
وفعلا حدث ذلك وساهم بشكل ملحوظ في استفادة المرتفقين من المعلومات اللازمة لبناء الأدلة والإثباتات على عدم مشروعية القرارات التي يطعنون فيها، وهكذا يكون المشرع قد ساهم إلى حد بعيد في المساعدة على إعادة شيء من التوازن بين أطراف الخصومة الإدارية.