القضاء التجاري / تعويض
رقم القضية ٢٧٧٩ /١ / ق لعام ١٤١٠هـ
رقم الحكم الابتدائي ٢١/د/ف/٧ لعام ١٤١٦ هـ
رقم حكم هيئة التدقيق ١١ /ت /٢ لعام ١٤١٧هـ
تاريخ الجلسة 19/1/١٤١٧هـ
الموضوعات
تعويض – حادث سير – إهمال غرفة تفتيش دون إصلاح – عدم وضع لوحات إرشادية – مسؤولية تحمل التبعة – ضرر معنوي – انتفاء ركن الضرر – شهادة مكتوبة – قواعد تقدير التعويض- الاستئناس برأي خبير – مصاريف الدعوى أتعاب المحاماة.
مطالبة المدعي إلزام المدعى عليها تعويضه عن الأضرار التي لحقت بسيارته على أثر سقوطها بغرفة تفتيش بأحد الشوارع، وتعويضه عن الأضرار النفسية بسبب ذلك الحادث، ومصاريف الدعوى وأتعاب المحاماة – مسؤولية الأمانة في هذه الدعوى تقوم على أساس تحمل التبعة لكونها القوامة على سير المرافق العامة وخضوعه لإشرافها بانتظام واطراد، ويكفي لقيامها إصابة الغير بالضرر وقيام علاقة السببية بين هذا الضرر ونشاط الإدارة غير المشروع – الثابت إهمال المدعى عليها بترك غرفة التفتيش دون إصلاح، وكذلك عدم وضع لوحات إرشادية أو تحذيرية تدل على موقعها، وهو ما قرره تقرير إدارة المرور الذي يعتد به باعتباره تقرير فني صادر من جهة محايدة أناط بها النظام إعداده، والذي قرر مسؤولية الجهة عن الحادث بنسبة (١٠٠%)، وهو ما يثبت معه ركن الخطأ في حق المدعى عليها تقدير التعويض المستحق للمدعي بالفرق بين سعر السيارة قبل الحادث والسعر الذي بيعت به بعد الحادث مباشرة طبقا لتقدير أهل الخبرة – انتفاء الدليل على وقوع الأضرار المعنوية – التقاضي في المملكة مقرر للكافة بدون مصاريف، وأصل حق المدعي لم يستقر بعد بحكم قضائي يحدد قيمته ومداه – أثر ذلك: إلزام المدعى عليها بتعويض المدعي المبلغ المحكوم له، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
الوقائع
تتلخص وقائع هذه الدعوى حسبما يبين من أوراقها في أنه بتاريخ 12/10/14١٠هـ تقدم المدعي المذكور باستدعاء للديوان تم قيده قضية بالرقم أعلاه طالبا الحكم له بإلزام أمانة مدينة الرياض بتعويضه عن الأضرار التي لحقت بسيارته (…) بتاريخ 9/10/14٠٩هـ على أثر سقوطها بغرفة التفتيش الواقعة بإحدى شوارع مدينة الرياض. وبتاريخ 12/10/1٤١٠هـ أحيلت الدعوى إلى الدائرة الفرعية السابعة فنظرتها بتشكيلها السابق على النحو الثابت في محاضر الضبط، وأثناء المرافعة أمامها استند المدعي في إثبات خطأ المدعى عليها إلى تقرير مرور شرق الرياض الذي أثبت خطأ الأمانة المتمثل في ترك غرفة التفتيش دون وضع لوحات إرشادية أو تحذيرية، وقدر المدعي التعويض عن التلفيات التي لحقت بسيارته بمبلغ خمسة وثلاثين ألفا ومائة واثنين وستين ريالا استنادا إلى فواتير قطع الغيار، كما طالب بمائة ألف ريال كتعويض عن الضرر النفسي الذي لحق به وبأسرته ومصاريف الدعوى وأتعاب المحاماة. وقد دفعت الأمانة برفض الدعوى على أساس مسؤولية المدعي لعدم أخذه الحيطة والانتباه عند قيادته للسيارة خاصة أن غرفة التفتيش كانت بوسط الشارع وبشكل مرتفع قليلا يمكن رؤيتها للشخص العادي، فضلا عن أن المدعي بالغ في تقدير قيمة التعويض وأنه لم يقدم ما يثبت قيامه بالإصلاحات. وبجلسة 21/12/1٤١٢هـ أصدرت الدائرة بتشكيلها السابق حكمها رقم (١٤/ د/ ف / ٧) لعام ١٤١٢هـ والذي قضى بإلزام أمانة مدينة الرياض بدفع مبلغ قدره خمسة وثلاثون ألفا ومائة واثنان وسبعون ريالا للمدعي (…) ورفض ما عدا ذلك من طلبات، واستندت الدائرة في ذلك إلى أن المدعى عليها قد ارتكبت خطأ في تركها غرفة التفتيش التي تسببت في الحادث دون وضع أية علامات تحذير أو إرشاد وبغطاء لا يتحمل مرور السيارات عليه بالرغم من وقوعها وسط الطريق ومرور السيارات عليه أمر طبيعي، وأنها تنفرد بتحمل كافة آثار هذا الخطأ دون أي مساهمة من المدعي فيه وأن الأوراق المثبتة للحادث خلت مما يفيد أن المدعي كان يسير بسرعة غير مناسبة على نحو ما جاء بدفاع الأمانة، واستندت الدائرة في تقدير التعويض المستحق للمدعي إلى تقرير شعبة مرور شرق الرياض، والتفتت الدائرة عن منازعة المدعى عليها في مقدار هذا التعويض ورفضت طلب المدعي بتعويضه عن الأضرار النفسية التي أصابته وعائلته من جراء الحادث لعدم قيام الدليل عليه، كما رفضت مطالبته بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة لقيام النزاع حول الحق المطالب به ومداه. وفي خلال الأجل المحدد نظاما تقدمت المدعى عليها بلائحة اعتراض على هذا الحكم تمسكت فيه بأوجه الدفاع التي أثارتها أثناء المرافعة أمام الدائرة، حيث أحيل هذا الاعتراض إلى هيئة التدقيق الإداري – الدائرة الثانية – بتاريخ 27/1/1٤١٣هـ فنظرته بجلسة 8/9/1٤١٣ هـ وأصدرت بشأنه الحكم رقم (١١٧ / ت /٢) لعام ١٤١٣هـ والذي قضى بقبول الاعتراض شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم رقم (١٤/د/ف / ٧) لعام ١٤١٢هـ وإعادة الدعوى إلى الدائرة الفرعية السابعة لتفصل فيها مجددا على ضوء أسباب حكم الهيئة، وحاصلها أن الدائرة قضت بإلزام الأمانة بأداء التعويض استنادا إلى توافر الخطأ والضرر دون أن تستظهر علاقة السببية بينهما ودون مناقشة السبب الأجنبي الذي أبدته الأمانة والذي يستخلص من دفعها بأن حجم التلفيات لا ينتج عن الواقع بغرفة التفتيش وإنما تقع نتيجة اصطدام بجسم ثابت أثناء السير بسرعة كبيرة تتجاوز الستين كيلو مترا في حين يستحيل السير بهذه السرعة في مكان الحادث لضيق الشارع وقرب الغرفة من مدخله وكثرة الحركة وأن الحكم المعني بالتدقيق لم يحدد أساس المسؤولية وما إذا كانت قائمة على تحمل التبعة، الأمر الذي يبرر الإعراض عن مناقشة ركن السبب، أم أنها قائمة على الخطأ التقصيري الأمر الذي يستوجب توافر علاقة السببية مباشرة بين الخطأ والضرر، وأن الحكم المذكور اعتمد في تقدير التعويض على ما ورد بتقرير إدارة المرور الذي اعتمد بدوره على ما أحضره المدعي وحده من تقارير الورش وبيانات الأسعار دون مشاركة من الأمانة، وأن الدائرة لم تطلع على تلك التقارير أو البيانات ومع اتخاذها أساسا في تقدير التعويض وكان يقتضي ضمها إلى أوراق الدعوى للنظر في جديتها وصحتها ومدى مطابقتها لواقع الأضرار التي يمكن أن تنجم عن الحادث دون سواها خاصة وأن الثابت أن المرور لم يعاين الحادث وقت وقوعه وأنه – لم يعاين سوى غرفة التفتيش وصورة فوتوغرافية للعجلة وهي فوق الغرفة فضلا عن عدم معاينته للسيارة وقت الحادث وقبل إصلاحها. وهذا وقد أعيدت الدعوى الدائرة بتشكيلها السابق بتاريخ 16/9/14١٣هـ فنظرتها على النحو المبين بمحاضر الضبط في حضور أطرافها. وبجلسة ٢٧/٣/14١٤ هـ أصدرت الحكم رقم (١/ د /ف / ٧) لعام ١٤١٤هـ بذات منطوق حكمها السابق رقم (١٤ /د/ف/٧) لعام ١٤١٢هـ سالف الذكر- استنادا إلى أن الأمانة ملزمة بتعويض المدعي على أساس تحمل التبعة ودون حاجة إلى توافر عنصر المسؤولية التقصيرية لمسؤوليتها عن غرفة التفتيش، وأكدت الدائرة أنها اعتمدت في تقدير قيمة التعويض إلى كتاب مرور شرق الرياض رقم (٢٨٠ ص) وتاريخ 2/1/١٤١٠ هـ الذي قدره بمبلغ خمسة وثلاثين ألفا ومائة واثنين وسبعين ريالا استنادا إلى تقرير ورش الإصلاح وبيانات الأسعار، وقررت الدائرة في حكمها أنها اطلعت على تلك التقارير والبيانات، كما قررت أنها مرفقة بالمعاملة. وحيث أحيلت القضية إلى هيئة التدقيق الإداري الثانية بتاريخ 10/6/١٤١٤هـ فنظرتها بجلسة 29/12/١٤١٤هـ وأصدرت بشأنه الحكم رقم (٢٤٦ /ت / ٢) لعام ١٤١٤ هـ والذي قضى بنقض الحكم رقم (١ / د /ف / ٧) لعام 1٤١٤هـ وإعادة الدعوى إلى الدائرة الفرعية السابعة لنظرها في ضوء أسباب حكم الهيئة والتي حاصلها أن الأصل أن مسؤولية الإدارة عن أعمالها تقوم على أساس ضرورة توافر أركان المسؤولية الثلاث وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، واستثناء من هذا الأصل تقوم مسؤولية الإدارة بدون خطأ من جانبها كما هو الحال في التعويض على أساس المخاطر (تحمل التبعة)، وهنا لا يشترط سوى الضرر وعلاقة السببية بين الضرر والنشاط الإداري غير المشروع، فمن ثم فإن عنصر الضرر في كل الحالات يعد عنصرا جوهريا بالنسبة لقيمة التعويض بشرط أن يكون التعويض بمقدار الضرر الذي أصاب المضرور نتيجة نشاط الإدارة وبيان مدى مساهمته فيه حتى لا يثري على حساب الإدارة بدون سبب مشروع. ومن حيث إنه بإعمال ما تقدم على واقعات الحالة المعروضة، ولما كان الثابت من ثنايا الأوراق أنه لا مراء في مسؤولية أمانة مدينة الرياض عن عدم إحكام غرفة التفتيش محل الحادث بيد أن المدعي قد ساهم بخطئه وعدم تبصره وعدم اكتراثه في وقوع الحادث لما ثبت من تقرير مرور الرياض الذي عول عليه الحكم المعني بالتدقيق من وجود حفرة مجاري مرتفعة عن الشارع بحوالي (١٠) سم طلعت من فوقها سيارة المدعي والدليل على ذلك أن مثات السيارات لم تتأثر بوجود هذه الحفرة الأمر الذي يتعين معه مراعاة مساهمة المضرور في إحداث الضرر الذي لحق بالسيارة وخاصة أنه لم يحرر محضرا بالحادث فور وقوعه مبينا نه حالة السيارة والأجزاء التي تأثرت بالحادث، بالاضافة إلى ذلك أن الفواتير وبيانات الأسعار المقدمة من المدعي لتقدير قيمة الأضرار التي أصابت السيارة من جراء الحادث لا تعدو أن تكون عروضا للأسعار ولا تدل على دفع قيمتها أو أنها استخدمت في إصلاح السيارة الأمر الذي لا يعول عليها في تقدير قيمة التعويض، وكان على الدائرة أن تطلب من المضرور تقديم تقرير فني من جهة محايدة عقب وقوع الحادث مبينا به حالة السيارة والأجزاء التي تأثرت من الارتطام وتكلفتها الحقيقية، فمن ثم لا تكون الفواتير كاشفة عن حقيقة التلفيات مما يجعل تقدير قيمة التعويض المحكوم به غير قائم على أسس واقعية وإنما بني على محض افتراض – وخلصت الهيئة إلى نقض حكم الدائرة. وفي تاريخ 16/1/١٤١٥هـ أعيدت الدعوى إلى الدائرة الفرعية السابعة فنظرتها بتشكيلها الجديد الصادر به قرار رئيس الديوان رقم (٢٣) لعام 1٤١٤ هـ على النحو المبين بمحاضر الضبط وذلك في حضور أطرافها. وبجلسة يوم الأربعاء الموافق 25/12/14١٥هـ أصدرت الدائرة الحكم رقم (٣١/ د /ف / ٧) لعام ١٤١٥هـ بذات منطوق حكمها السابق رقم (١ /د /ف / ٧) لعام 1٤١٤هـ – سالف الذكر. وحيث أحيلت القضية إلى هيئة التدقيق الإداري الثانية فنظرتها بجلسة 22/6/١٤١٦هـ وأصدرت بشأنها الحكم رقم (٢٤٦/ت /٢) لعام ١٤١٤ هـ والذي قضى بنقض الحكم رقم (٣١/ د /ف / ٧) وإعادة الدعوى إلى الدائرة الفرعية السابعة لنظرها في ضوء أسباب حكم الهيئة، والتي حاصلها أن الهيئة وإن كانت توافق الدائرة على ما ساقته من أسباب تؤكد مسؤولية أمانة مدينة الرياض عن الأضرار التي لحقت بسيارة المدعي على أثر اصطدامها بإحدى غرف التفتيش التابعة للأمانة، غير أنها لا تتفق مع الدائرة في الأساس الذي بنت عليه قيمة التعويض المستحق للمدعي، لأن الثابت من استقراء أوراق الدعوى أن المدعي لم يقم بإصلاح السيارة عقب وقوع الحادث وإنما قام ببيعها بحالتها بعد الحادث، الأمر الذي يكون معه تقدير قيمة الأضرار على أساس ما جاء بفواتير قطع الغيار وورش الصيانة والإصلاح لا محل له ولا يعول عليه في ذلك لعدم ثبوت استخدامها في الإصلاح، مما يتعين معه على الدائرة إعادة تقدير قيمة التعويض عن الأضرار التي لحقت بسيارة المدعي في ضوء المقارنة بين سعر السيارة المفترض أن تباع به وقت وقوع الحادث بمراعاة حالتها وقيمة استهلاكها بسبب الاستعمال وموديلها استرشادا برأي أهل الخبرة في هذا الشأن – وبين السعر الذي بيعت به فعلا في ضوء فاتورة البيع وشهادة المشتري، حتى يأتي حكم الدائرة في هذا الصدد محققا للعدالة وقائما على سند من الواقع وأسباب سائغة مقبولة تؤدي إلى النتيجة التي ينتهي إليها، وخلصت الهيئة إلى نقض حكم الدائرة. وفي تاريخ 4/7/١٤١٦هـ أعيدت الدعوى إلى الدائرة الفرعية السابعة فنظرتها وفق ملاحظات هيئة التدقيق فاستعانت الدائرة بأهل الخبرة في هذا الشأن بخصوص تقدير سعر السيارة المذكورة قبل وقوع الحادث بتاريخ 9/10/1٤٠٩هـ فكتبت خطابا لشيخ دلالي السيارات رقم (٥٢٧٤) وتاريخ 11/8/1٤١٦هـ الذي أجاب بخطابه رقم (ش/٠٨٤/٤١٦) وتاريخ 26/8/١٤١٦هـ المتضمن أنه بالبحث في سجلات عدد من المعارض المتخصصة في هذا النوع من السيارات وأهل الخبرة من طرفهم وجد أن سعر السيارة قبل وقوع الحادث مباشرة بتاريخ 9/10/١٤٠٩هـ مبلغ وقدره سبعة وأربعون ألف ريال. وبجلسة 6/11/١٤١٦هـ أصدرت الدائرة هذا الحكم.
الأسباب
من حيث إن المدعي يطلب الحكم بإلزام أمانة مدينة الرياض بتعويضه عن الأضرار التي لحقت بسيارته الجاكوار بتاريخ 9/10/١٤٠٩هـ على أثر سقوطها بغرفة تفتيش واقعة بإحدى شوارع مدينة الرياض والذي تم تقديره بمعرفة إدارة المرور بمبلغ وقدره (٣٥.162) ريالا خمسة وثلاثون ألفا ومائة واثنان وستون ريالا، وكذلك تعويضه عن الأضرار النفسية التي أصابته وعائلته من جراء الحادث المذكور بمبلغ مائة ألف ريال، ومصاريف الدعوى وأتعاب المحاماة. ومن حيث إن الدعوى تكون من منازعات التعويض التي يختص الديوان بنظرها عملا بنص المادة (8/1/ج) من نظامه الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٥١) وتاريخ 17/7/١٤٠٢هـ. ومن حيث إن حق المدعي في التعويض قد نشأ قبل العمل بقواعد المرافعات والإجراءات أمام الديوان ورفع هذه الدعوى في 12/10/١٤١٠هـ فإنها تكون قد رفعت خلال المدة الواردة في المادة الرابعة من القواعد المذكورة لذا فهي مقبولة شكلا. ومن حيث إنه عن طلب المدعي إلزام المدعى عليها بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بسيارته المذكورة لسقوطها في غرفة التفتيش التابعة لإشرافها. وحيث إن مسؤولية الأمانة في هذه الدعوى تقوم على أساس تحمل التبعة لكونها القوامة على سير المرافق العامة الخاضعة لإشرافها بانتظام واطراد ومنها بالطبع مرفق الطرق والذي يتعين عليها أن تتعهدها بالرعاية والنظافة وإزالة العوائق التي من شأنها تعرض أرواح المواطنين وأموالهم للمخاطر، وتكون الإدارة مسؤوليتها فيها مفترضة ويكفي لقيامها إصابة الغير بالضرر وقيام علاقة السببية بين هذا الضرر ونشاط الإدارة غير المشروع، فإذا ما توافر ذلك وجب على الإدارة تعويض المضرور عن الأضرار التي أصابته بحسب ما يجري عليه العمل في هذا الشأن. ومن حيث إنه بإعمال ذلك على واقعة الدعوى ولما كان الظاهر من أوراق الدعوى أن تقرير المرور المعد عن الحادث يوم وقوعه قد قرر بأن مسؤولية الحادث تقع على أمانة مدينة الرياض بنسبة (١٠٠%) للأسباب المبينة بهذا التقرير، والتي من أهمها ترك غرفة التفتيش مهملة مما يسهل السقوط فيها، وعدم وضع لوحات إرشادية أو تحذيرية تدل على موقع خطر، كما أقرت المدعى عليها في مذكرتها بأن غرفة التفتيش تقع وسط الشارع ومرتفعة قليلا عن سطحه، وكما أكد شهود الواقعة المرفق شهادتهم بأوراق القضية أن سيارة المدعي أصيبت إصابة بالغة بسبب اصطدامها بغرفة التفتيش وسيارات أخرى أصيبت بسبب هذه الغرفة. ولهذا كله فانه لا مناص من مسؤولية الأمانة عن الأضرار التي أصابت سيارة المدعي، وإن الدائرة تأخذ بما ورد بتقرير المرور باعتباره تقرير فني صادر من جهة محايدة أناط بها النظام الاختصاص بإعداد تقارير عن الحوادث التي تقع بالطرق والشوارع، وأنه لم يثبت للدائرة أن المدعي قد قصر في اتخاذ واجب الحيطة والحذر وذلك لوقوع الحادث ليلا، وأن ارتفاع غطاء الغرفة لا يمكن لأي شخص وجد في نفس ظروف المدعي رؤيته بسهولة، فضلا عن أن المفترض في الطرق العامة وهي معبدة (مزفلتة) أن تكون خالية من العوائق وكل ما من شأنه تعريض أرواح المواطنين وأموالهم للخطر، لذلك تكون الأمانة ملزمة بتعويض المدعي عن الأضرار التي أصابت سيارته. حيث الأصل أن الإنسان لا يؤاخذ بخطأ غيره ما لم يشترك معه في ذات الخطأ وما ينتج عنه وكذلك بالنسبة لغرفة التفتيش فهي لا يمكن رؤيتها والتأكد من سلامتها وهل هي محكمة أم مغلقة، والسائق يقود سيارته في طريق عام مفترض فيه السلامة وإلا أصبح هناك فوضى وحوادث نتيجة هذا الحرص الغير مطالب به. ولأن الأصل أن هذه الغرف وغيرها مما يكون في الطرق تكون سليمة ولا خطر فيها. وحيث إن شهادة الشهود وهم من أصحاب المحلات المجاورة لمكان الحادث تدل على أن غرفة التفتيش تسببت بوضعها في إحداث تلفيات بكثير من السيارات المارة في الشارع ، كما وأن عدم رفع دعاوى أخرى من قبل المتضررين لا يدل على عدم وجود مثل هذه الحوادث، كما وأن العبرة في حال قيادة السيارة هي بقيادة السائق العادي بدون أي مؤثرات داخلية أو خارجية. كما أن الأمانة قد أخطأت حين أهملت تلك الغرفة بدون إصلاح وكذلك عدم وضع لوحات إرشادية أو تحذيرية تدل على موقع الخطر كما ورد بتقرير المرور. وحيث إن المرور يعتبر جهة فنية محايدة وقد قرر وقوع الحادث وموقعه وقرر أن الخطأ يقع بنسبة (١٠٠%) على الأمانة ويعتبر المرور هو الجهة المنوط بها تقدير هذه الحوادث ونسبة الخطأ. وحيث الثابت من استقراء أوراق الدعوى أن المدعي لم يقم بإصلاح السيارة عقب وقوع الحادث وإنما قام ببيعها. وحيث إن التعويض عن الأضرار التي لحقت بسيارة المدعي يكون في ضوء المقارنة بين سعر السيارة المفترض أن تباع به وقت وقوع الحادث بمراعاة حالتها وقيمة استهلاكها بسبب الاستعمال وموديلها وذلك استرشادا برأي أهل الخبرة ي هذا الشأن – وبين السعر الذي بيعت به فعلا في ضوء فاتورة البيع وشهادة المشتري. وحيث الثابت من اوراق الدعوى أن المدعي قام ببيع السيارة بحالتها بعد الحادث بمبلغ وقدره عشرون ألف ريال، وقد قدر أهل الخبرة سعر السيارة قبل وقوع الحادث مباشرة بتاريخ 9/10/١٤٠٩هـ بمبلغ وقدره سبعة وأربعون ألف ريال. وحيث إن الدائرة تطمئن إلى ما جاء في كتاب شيخ دلالي السيارات وتعول عليه في قضائها لصدوره من جهة محايدة وعلى دراية وعلم بقيمة السيارات. وحيث إن الفرق بين المبلغين هو سبعة وعشرون ألف ريال وهو القدر الجابر للضرر والتعويض المستحق وهو ما تقضي به الدائرة. أما عن طلب المدعي الثاني وهو تعويضه عما أصابه وعائلته من أضرار نفسية من جراء الحادث المذكور فانه بالإشارة إلى أركان المسؤولية التقصيرية الثلاث من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما، فإن ركن الخطأ وإن كان قد توافر في حق الأمانة لتسببها في وقوع الحادث، غير أن المدعي لم يقدم ما يدل على وقوع أضرار له أو لعائلته نتيجة هذا الخطأ، لذا فإن ادعاءه بوجود هذه الأضرار لا سند لها، لذلك تنتفي مسؤولية الأمانة وتقضي الدائرة برفض هذا الطلب. وكذلك بالنسبة لطلب المدعي بمصاريف الدعوى وأتعاب المحاماة، فإن الدائرة تقضي برفض هذا الطلب، لأن الثابت من أوراق الدعوى أن أصل الحق الذي يطالب به المدعي موضوع الدعوى محل نزاع بينه وبين الأمانة ولم يستقر بحكم قضائي بعد يحدد قيمة هذا الحق ومداه الأمر الذي لا يمكن معه القول بأن هناك حق محدد وثابت وما طلت الأمانة في دفعه للمدعي حتى يمكن إلزامها بهذه المصاريف والأتعاب، فضلا عن أن حق التقاضي بالمملكة مقرر لكافة المواطنين بدون مصاريف، وأن قواعد المرافعات والإجراءات أمام الديوان لم توجب وجود محام أمام الديوان.
لذلك حكمت الدائرة: بما يلي: أولا: إلزام أمانة مدينة الرياض بدفع مبلغ وقدره سبعة وعشرون ألف ريال للمدعي (…) ثانيا: رفض ما عدا ذلك من طلبات.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هيئه التدقيق
حكمت الهيئة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.