تكليف بتغيير مقر عمل الوظيفة

رقم القضية 165/3/ق لعام 1422هـ

رقم الحكم الابتدائي 7/د/ف/29 لعام 1422هـ

رقم حكم هيئة التدقيق 36/ت/6 لعام 1423هـ

تاريخ الجلسة 14/4/1423هـ

الموضوعات

خدمة مدنية , قرارات وظيفية , تكليف , تغيير مقر عمل الوظيفة , مخالفة قواعد الهيكل التنظيمي , عقوبة مقنعة , قرار إداري , سحب القرار الإداري , تعريف القرار الإداري , عيب السبب , عيب الشكل , عيب الغاية , عيب المحل , عيب عدم الاختصاص الإجراء الشكلي الجوهري حكم تسبيب القرارات حجية الأوراق الرسمية , حجية الأراء النظامية , إزالة العيب بالتصحيح اللاحق صور مخالفة الجهة الإدارية للقواعد النظامية إعمال القياس و الأنظمة أثر دلالة الكلمة لغويا على الحكم , المقصد النظامي من النص , دعوی , تعديل الطلبات أثناء نظر الدعوى , انقضاء الخصومة

مطالبة المدعي إلغاء قرار المدعى عليها المعدل المتضمن تكليفه للقيام بعمل تنسيق المشاريع البلدية على أن يكون مقر عمله بلدية محافظة القطيف، وإلغاء قرارها المعدل المشتمل على توجيهه لممارسة مهام وظيفته المثبت عليها في محافظة القطيف، وإلغاء قرارها السلبي بامتناعها عن تمكينه من وظيفته الرسمية ومقرها الدمام – أجابت المدعى عليها الطلب المدعي الخاص بإلغاء قرار تكليفه بعد إقامة الدعوى، وسحبها القرار مما تنتهي الدائرة إلى انتهاء الخصومة بهذا الطلب- صدور قرار المدعي عليها بتوجيه المدعي لممارسة مهام الوظيفة المثبت عليها بالقطيف وارتباطه برئيسها وطعن المدعي في ذلك القرار، ثم تعديل المدعى عليها قرارها بقرار آخر ليغدو ارتباط المدعي بوكيل الأمين للتعمير والمشاريع وذلك أثناء نظر الدعوى – من المقرر فقها وقضاء أنه ما دامت المنازعة قائمة بقيام أساسها وسببها فإن ما طرأ عليها إبان نظر الدعوى من أمور أو ظروف قد تغير في بعض الآثار المترتبة على القرار الإداري المطعون فيه ولا يمحو الخصومة – من المسلم به أنه يجوز لذوي الشأن أن يعدلوا طلباتهم أثناء نظر الدعوى ما دام ثمة ارتباط بين الطلبات الأصلية والطلبات المعدلة، وعلى ذلك فموضوع القرار محل الطعن لا يزال قائما والغاية منه منشودة رغم تعديل القرار – صدور القرار محل الطعن معيبا بعيب عدم الاختصاص؛ لتجاوز مصدره حدود التفويض الصادر إليه من صاحب الاختصاص الأصيل وهو الوزير المختص الذي وافق على القرار بعد صدوره، ومن المقرر أنه إذا ولد القرار معيباً بعدم الاختصاص فمن شأن التصحيح اللاحق إزالة هذا العيب – الثابت أن وظيفة المثبت عليها هي مدير عام إدارة التشغيل والصيانة ومقرها الدمام وذلك بموجب قرار تعيينه ووفقا لميزانية أمانة مدينة الدمام المبينة لكل إدارة من وحداتها وظائفها والتي تبين مغايرة الإدارة العامة للتشغيل والصيانة (إدارة المدعي) عن إدارة بلدية محافظة القطيف الفرعية ( المثبت عليها بموجب القرار محل الطعن) وانفصالهما عن بعضهما نوعيا و مكانيا طبقا للهيكل التنظيمي لأمانات المدن المعتمد المدعي من اللجنة العليا للإصلاح الإداري الذي لا يجوز تعديله إلا بالطريقة التي تم إصداره بها والذي يجعل كلا منهما في جدول مستقل، ولكل هيكله التنظيمي وإدارته المختلفة وتبعيته الإدارية المباينة، وبناء عليه لا يصح تغيير الجهة لمقر عمل المدعي من الدمام إلى القطيف، الأمر الذي يدل على انطواء القرار على عقوبة مقنعة بحقه نتيجة إصراره على تقديم شكاوى ضدها، وهو حق مكفول له نظاما – أثر ذلك: انتهاء الخصومة بشأن قرار التكليف، وإلغاء قرار التثبيت على وظيفة المدعي بالقطيف وإلغاء قرار المدعى عليها السلبي المتمثل في امتناعها عن تمكين المدعي من ممارسة مهام وظيفته الأصلية وصلاحيتها في مقر وظيفته بالدمام.

الأنظمة واللوائح

  • المادة (43) من النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم (أ/90) وتاريخ 27/8/1412هـ.

  • نظام المناطق الصادر بالأمر الملكي رقم (أ/92) وتاريخ 27/8/1412هـ.

  • المادة (10) من نظام مجلس الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/48) وتاريخ 10/7/1397هـ.

  • المادة (31) من نظام الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/49) وتاريخ 10/7/1397هـ.

  • المادة (48) من نظام البلديات والقرى الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/5) وتاريخ 21/2/1397هـ.

  • المادتان (1-4) من لائحة التكليف الصادرة بقرار مجلس الخدمة المدنية رقم (58) وتاريخ 19/9/1398هـ.

الوقائع

من حيث إن وقائع هذه الدعوى تتحصل بالقدر اللازم لإصدار هذا الحكم وفقا لما اشتملت عليه وثائقها في أن المدعي تقدم بعريضة دعوى إلى الديوان تضمنت تظلمه من قرارات المدعى عليها التي وصفها بالتعسفية ضد شخصه ووظيفته، وشرحة الأسانيد دعواه ذكر أنه عمل بأمانة مدينة الدمام ثمانية عشر عاما قضى منها اثني عشر عاما وكيلا لأمين مدينة الدمام للتعمير والمشاريع بالتكليف وأنه لم تسجل عليه خلال كل تلك الحقبة أية مخالفات إدارية أو مالية صغيرة كانت أم كبيرة غير أن المدعى عليها وعلى حد قوله أساءت تفسير النظام بما يخدم هوى صاحب القرار بغية الإضرار والحرمان المتعمدين بسبب نزعة الانتقام لتصرف يرى فيه صانع القرار مخالفة لمصلحته الشخصية، وأضاف أنه لمقاومته لأسلوب الضغط لتمرير المخالفات الإدارية التي تسببت في إثارة حفيظة مسؤولي المدعى عليها عند كشفه لتورطهم بالشروع في مخالفات إدارية جسيمة ألا وهي التزوير في محررات رسمية لمعاملة ب بعل توقيعه لوثائقها تتعلق بالمخطط رقم (1/703) بالدمام والذي صدرت عليه صكوك ملكية دون اعتماد رسمي وذلك بزيادة سبع قطع سكنية على الساحل بعد التحريف فيه، والادعاء عند رفعه لوزارة الشؤون البلدية والقروية طلبا لاعتماده بأن جميع القطع بما فيها الزيادة المحدثة تم تخطيطها سنة 1418هـ خلافاً للحقيقة إذ زيدت عام 1420هـ، وقد تم هذا التزوير وفقا لدعواه بعد إعداد المعاملة لهذا المخطط بالشكل النظامي وبعد التأشير عليها بالموافقة من قبل مدير عام التخطيط العمراني ومن قبله كوكيل للتعمير والمشاريع آنذاك بتاريخ 28/2/1420هـ، ثم قدمت لأمين مدينة الدمام للتوقيع عليها وبعدئذ سحبت بعض وثائق المعاملة ومخططاتها الصحيحة واستبدلت بأخرى دون أدنى علم منه علما بأن تلك القطع محل الزيادة كانت مخصصة لمنتزه بحري ضمن مشروع الواجهة البحرية لمدينة الدمام وذلك بغية منحها بالمخالفة للمراسيم الملكية التي تمنع تخطيط مرافق الدولة لهذا الهدف والأمر السامي القاضي بعدم جواز تخطيط الأراضي الساحلية وأضاف أن تلك المعاملة المزورة صدرت للوزارة، فاكتشف التزوير فأعيدت مذيلة ببعض الملاحظات فطالب المدعي مدير عام التخطيط العمراني بإلغاء التزوير إلا أن الأخير أبلغه بإصرار الأمين على معاودة رفعها للوزارة بأوراقها المزورة مرة أخرى بتوقيع الأمين دون تأشيرة المدعي على الخطاب لاعتراضه على التزوير، واستطرد يقول إنه حفاظاً على المصلحة العامة وابعادا لنفسه عن مواطن الريبة أبلغ وزير الشؤون البلدية القروية بذلك في رجب سنة 1420هـ فحقق في الأمر من قبل الوزارة ثم ألغيت تلك الزيادات واعتمد المخطط كما كان قبل التزوير إلا أن نتائج التحقيق حفظت رغم تعزيزها لإدانة بعض أولئك المسؤولين بجريمة التزوير، بمحررات رسمية بعد أن حرر الأمين خطابا لوزير الشؤون البلدية والقروية ويعترف فيه صراحة بأنه المسؤول عن زيادة هذه القطع محاولة منه لرفع المسؤولية عمن تواطؤا معه متحججا بأن قصده توسيع الاستمارات البلدية على الرغم من أن سابق مخاطباته ضمن تلك المعاملة تشير إلى أنها أراضي سكنية صدرت عليها صكوك ومملوكة لمواطنين الأمر الذي حدا به إلى التقدم للمقام السامي بهذا الأمر وبعدئذ بدأ حسبما وصفه مسلسل التعسف ضده فقد طلب الأمين من الوزير إنهاء تكليفه كوكيل له للتعمير والمشاريع فور علمه بكشف الأخير لمحاولة التزوير بخطابه رقم (104/س) وتاريخ 17/7/1420هـ  المتزامن مع تبلغ الوزارة عنه، ثم قامت المدعى عليها وحسب دعواه بإجراء تعسفي ثان بحرمانه من وظيفته الأساسية المثبت عليها كمدير عام للإدارة العامة للتشغيل والصيانة دون سند نظامي، ثم اتخذت الإجراء التعسفي الثالث بمعاملته معاملة الموظف مكفوف اليد وذلك بالإبقاء عليه دون مكتب لمدة أربعة عشر شهرا مما ألحق به حسب ادعائه مزيدا من الأذى النفسي والمعنوي ولاسيما مع سبق تبوئه وظيفة قيادية وعدم اقترافه أي ذنب يوجب مثل هذا التصرف على حد زعمه، ثم بعد أن وجه المقام السامي بتحويل استدعائه إلى هيئة الرقابة والتحقيق وفتح تحقيق رسمي وفي شكواه يذكر أن المدعي عليها وفقا لما يقول وبالتزامن مع طلب الهيئة حضور بعض هؤلاء المسؤولين اتخذت الخطوة التعسفية الرابعة بإصدار أمين مدينة الدمام لقراره رقم (216) وتاريخ 24/1/1422هـ بتكليفه للقيام بعمل تنسيق المشاريع التي تنفذها البلديات والمجمعات القروية المرتبطة بالأمانة وارتباطه بوكيل الأمين للتعمير والمشاريع على أن يكون مقره عمله ببلدية محافظة الجبيل اعتبارا من تاريخ صدوره وقراره رقم (359) وتاريخ 5/2/1422هـ  باعتبار مدة التكليف سنة واحدة، وأردف يقول طعنا في القرار وما ألحق به إن صياغته تدل على الحرص على إلحاق الضرر الشخصي به أكثر من ابتغاء المصلحة العامة وذلك بنقله حقيقة إلى مدينة تبعد خمسة وثمانين كيلا عن مقر وظيفته الأساسية ورئيسه المباشر وأن يوكل إليه مهمة منوطة بالمديرية العامة للشؤون البلدية والقروية في رقعة جغرافية مترامية الأطراف تتجاوز مساحة المملكة العربية السعودية، كما أنه مخالف للائحة التكليف التي تطلبت المادة (1/ز) منها موافقة الموظف على التكليف إذا كانت الوظيفة تقع خارج مقر عمله الأصلي وتقتضي المادة (4) منها أن تكون المهمة مؤقتة ولا يوجد لها وظيفة التجانس بينها وبين عمل الموظف الأصلي لا أن تتصف بالاستمرار، مما يدل على إساءة تطبيق اللائحة كون ما كلف به يتسم بالديمومة باعتبار أن المشاريع متجددة وعدم الإشارة في هذا القرار إلى ما تقضي به المادة (۲۲) من نظام الخدمة المدنية من استحقاقه لبدل الانتداب وعدم تجانسه عمله الأصلي وعدم إشعار وزارة الخدمة المدنية بنسخة من القرار وفق ما تنص عليه المادة (6) من اللائحة وأشار إلى تظلمه لمرجعه وإصراره بخطاب مدير عام شؤون الموظفين بالأمانة رقم (395/ظ/ت) وتاريخ 5/2/1422هـ وتظلمه لوزارة الخدمة التي أفادت بعدم نظامية هذا القرار بخطابها رقم (19691) وتاريخ 4/4/1422هـ، وختم لائحة دعواه بطلب القضاء بإلغاء قرار وزير الشؤون البلدية والقروية رقم (43841) وتاريخ 15/10/1420هـ بإنهاء تكليفه وكيلا لأمانة مدينة الدمام للتعمير والمشاريع وإعادته لهذه الوظيفة ، وإلغاء قرار أمين مدينة الدمام رقم (216) وتاريخ 24/1/1422هـ المعدل بقراره رقم (359) وتاريخ 5/2/1422هـ، وإلزامها بصرف بدل الانتداب لتنفيذه هذا القرار وتعويضه عن الأضرار المادية والمعنوية التي حاقت به جراء كل ذلك. وفي سبيل نظرها للقضية حددت الدائرة جلسة 16/5/1422هـ وأبلغت الأطراف ذوي العلاقة بصورة من الدعوى ومرفقاتها بخطابها رقم(د/ف/29/618/3) وتاريخ 18/4/1423هـ فوردها في 27/4/1422هـ قرار أمين مدينة الدمام رقم (1377) وتاريخ 26/4/1422هـ القاضي بتوجيه المدعي لممارسة وظيفته المثبت عليها ببلدية محافظة القطيف وارتباطه برئيسها اعتبارا من تاريخ صدوره فتقدم المدعي بتظلم إلحاقي من هذا القرار في 30/4/1422هـ اه يشير فيه إلى عدم نظامية القرار السابق، وفقا لوزارة الخدمة المدنية حسبما جاء بخطاب مدير عام فرع الوزارة بالمنطقة الشرقية رقم (21293) وتاريخ 12/4/1422هـ وإصدار القرار الجديد محمولا على ذات مسوغات التعسف للقرار السابق يوضح ذلك في نظره أن  سبب إصدار القرار الجديد حسبما تزعم هو انتهاء مهمة التكليف المشار إليها في القرار السابق وليس سحبة له ويرى أن تلك مغالطة بينة للحقائق وتستر على الأخطاء ومجانبة للمصلحة العامة، كما أن مضمون القرار من وجهة نظره ما زال مخالفا لرأي وزارة الخدمة المدنية الذي ينص على أن وظيفته بالدمام، إضافة إلى التخبط الواضح فيه من حيث التبعية الإدارية لكون مرتبة وظيفته ومرتبة رئيسة هي الثانية عشرة الذي يقدمه المدعي في شغلها، وأضاف المدعي أن هناك موظفا يقوم بمهام مدير عام التشغيل والصيانة بالتكليف في الدمام مع أنها وظيفته الرسمية مضيفة لطلباته إلزامها بتمكينه من وظيفته المثبت عليها مديرا عاما للتشغيل والصيانة، وأشار إلى تظلمه لمرجعه من هذا القرار وإفادته وفقا لخطاب مدير عام شؤون الموظفين بالنيابة رقم (1301/ظ/ت) وتاريخ7/5/1422هـ برفض تظلمه فضلا عما ارتأته وزارة الخدمة المدنية في خطاب موجه من مدير عام فرع الوزارة بالمنطقة الشرقية للمدعى عليها برقم (26795) وتاريخ 14/5/1422هـ من عدم صحة القرار والتوجيه بمعالجة وضع المدعي كما جاءها في 8/5/1422هـ خطاب وكيل وزارة الخدمة المدنية رقم (2/24910) وتاريخ 3/5/1422هـ المتضمن الإشارة سلفا إلى عدم صحة ما اتخذته المدعى عليها بشأن المدعي في قرارها السابق والإفادة بأن تكليفه بعمل وكيل الأمين للتعمير والمشاريع أمر تقديري للجهة الإدارية طالما وجدت فيه شروط التكليف، كما أن إنهاء التكليف يعود لتقدير الجهة نفسها وليس الزاما عليها أن تستمر في تكليفه إنما يجب أن يعود الموظف إلى مزاولة العمل في وظيفته الأصلية في مكانها بعد انتهاء تكليفه، أما التكليف بالمهمة التي أشارت إليها المدعى عليها وهي القيام بعمل تنسيق المشاريع التي تنفذها البلديات والمجمعات القروية المرتبطة بالأمانة والمشاريع التي تحت التنفيذ على أن يعمل ببلدية محافظة الجبيل فإن هذا العمل دائم ومستمر وليس مؤقتا حسبما يتبين وطبيعته أن يكون في المقر الرئيس للمدعى عليها ومن ثم فإنه لا يتفق مع المادة (4) من لائحة التكليف التي تشترط أن تكون مؤقتة ولا يوجد لها وظيفة معينة وأن يكون هناك تجانس بين عمل الموظف وطبيعة المهمة المكلف بها وأن لا تزيد مدة التكليف عن سنة كحد أقصى، وبجلسة 16/5/1422هـ حضر طرفا النزاع وبسؤال المدعي عن دعواه أشار إلى ما ورد مفصلا بلائحة الادعاء طالبة الحكم بإلغاء قرارات أمين مدينة الدمام المنوه عنها وتمكينه من وظيفته الرسمية مديرا عاما للتشغيل والصيانة ومقرها الدمام وإلزام المدعي عليها بصرف بدل الانتداب لتنفيذه قرار أمين مدينة الدمام رقم (216) وتاريخ 24/1/1422هـ وما ألحق به وتعويضه عن الأضرار المادية والمعنوية وباستجواب ممثل المدعي عليها أفاد قائلاً إن قرار أمين مدينة الدمام رقم (216) وتاريخ 24/1/1422هـ وما ألحق به قد سحب بمقتضى قرار أمين مدينة الدمام رقم (1377) وتاريخ 26/4/1422هـ المشار إليه باعتبار أن بلدية محافظة القطيف إحدى فروع أمانة مدينة الدمام إذ لا يوجد بلدية فرعية معتمدة بشكل منفصل عن المدعى عليها وفقا لتشكيلات المدعى عليها وميزانياتها، أما بدل الانتداب فإن المدعى عليها رفه وفقا للنظام عن وجود الاعتمادات المالية اللازمة، وصادق على الإبقاء على المدعي بدون مكتب المدة التي أشار إليها، فرد المدعي على إجابة ممثل المدعي عليها بقوله إن هذا القرار جزء لا يتجزأ من القرارين السابقين، وأكد على أن مقر وظيفته مدينة الدمام وفقا لميزانية المدعى عليها وقرار تعيينه على وظيفته المثبت عليها الصادر من أمين مدينة الدمام برقم (2330/ظ) وتاريخ 11/11/1413هـ إضافة إلى قيام آخر بمهام وظيفته وأعبائها في الحقيقة، وأشار إلى خطابه المقدم للدائرة في 30/4/1422هـ، ويعرض ذلك على ممثل المدعي عليها صادق على تكليف موظف آخر سماء حسبما هو مدون بمحاضر الضبط على وظيفة مدير عام التشغيل والصيانة وقدم ما يفيد ذلك بخطابين موجهين إليه باسمه وبصفته تلك من أمين مدينة الدمام، وأضاف أن مقرها مدينة الدمام، فطلبت منه الدائرة تقديم الهيكل التنظيمي للمدعي عليها وميزانياتها المعتمدة وقرار وزير الشؤون البلدية والقروية رقم (25703/ص ز) وتاريخ 1/6/1417هـ بصلاحيات الأمين المشار إليه في صدر القرار، فقدمها بجلسة 2/6/1422هـ؛ وفي 24/5/1422هـ ورد للديوان خطاب وكيل وزارة الخدمة المدنية رقم (2/28027) وتاريخ 21/5/1422هـ مفاده أن بلدية محافظة القطيف تابعة في ميزانياتها وتشكيلاتها للمدعى عليها وأنها بمثابة جزء منها وأن تكليف المدعي بالعمل بها تم في نطاق أعمال وظيفته الأصلية إضافة إلى قرب المسافة بين الدمام والقطيف التي لا تزيد عن عشرين كيلا؛ وبجلسة 6/6/1422هـ قدم المدعي مذكرة أكد فيها على عدم مشروعية قرار المدعى عليها الجديد لتعسفها البين فخطابا أمين مدينة الدمام رقم (212/أ) وتاريخ 28/6/1418هـ ورقم (216/أ) وتاريخ 3/7/1418هـ الموجهان إلى الموظف المكلف على وظيفته بوصفه مدير عاما للتشغيل والصيانة المقدمان من ممثل المدعى عليها وهو ما أقر به مما يعني أنه بصدور قرار أمين مدينة الدمام رقم (۱۳۷۷) وتاريخ 26/4/1422هـ القاضي بمباشرته مهام هذه الوظيفة ببلدية محافظة القطيف أصبح ثمة موظفان يمارسان وظيفة واحدة أحدهما بالدمام والآخر بالقطيف وهذا يتنافى مع أبسط قواعد أنظمة الخدمة المدنية، كما أن هذا القرار تغيير للهيكل الإداري الأمانة مدينة الدمام المعتمد من اللجنة العليا للإصلاح الإداري من جهة التبعية الإدارية الذي يؤكد ارتباط مدير عام التشغيل والصيانة بوكيل التعمير والمشاريع بينما القرار الجديد يجعل ارتباطه برئيس بلدية فرعية ذات مرتبة ومستوى مساو بل أخفض من مرتبة مدير عام التشغيل والصيانة، والهيكل الإداري بيبين بشكل لا يقبل ازدواجية التفسير بأن المستوى الإداري للبلديات الفرعية مباين لوكالتي الأمانة وإدارتها من حيث الارتباط والتعبية، كما أن التشكيلات الإدارية للأمانة والمقدمة من ممثل المدعي لتشير – برأيه – بشكل واضح إلى أن مقر وظيفة مدير عام التشغيل والصيانة في الإدارة العامة للتشغيل والصيانة الكائن بمبنى وكالة التعمير والمشاريع بمدينة الدمام بكامل طاقميها الإداري والفني ومختبراتها ويرأسها موظف آخر مما ينقي ادعاء المدعى عليها بكون وظائفها غير محددة المكان وان كانت ضمن ميزانية واحدة، ثم حصر المدعي دعواه في المطالبة بإلغاء القرارات الإدارية المطعون فيها وتمكينه من وظيفته الرسمية عملاً ومكاناً مديراً عاماً للتشغيل والصيانة بالدمام فرد ممثل المدعى عليها بأن القرار الأخير تضمن تمكين المدعي من وظيفته المثبت عليها مديرا عاما للتشغيل والصيانة وبسؤاله عن مقر الإدارة العامة للتشغيل والصيانة أجاب بأنها في مقر وكالة التعمير والمشاريع بمدينة الدمام، وبجلسة 1/7/1422هـ قدم ممثل المدعى عليها مذكرة استهلها بالتأكيد على أن الأمين هو المخول الوحيد من لدن الوزير بالصلاحيات الإدارية للمدعى عليها وهو المسؤول عن حسن إدارة العمل بها وله الحق في منح الصلاحيات أو حجبها عن أي مسؤول بالأمانة ولذا فليس هناك ما يسند طلب المدعي على حد زعمه بإعطاء صلاحية يرى الأمين الاحتفاظ بها، وأشار إلى أن المدعي كلف بالعمل ببلدية محافظة الجبيل بناء على المادة (4/أ)  من لائحة التكليف وقد وافق ضمنا على هذا القرار بدليل مباشرته العمل ومطالبته بصرف بدل الانتداب عن فترة التكليف وأبان أن المدعي لا يستحق من وجه نظر المدعى عليها أية مبالغ مالية مقابل تكليفه للعمل ببلدية محافظة الجبيل، أما ادعاؤه بأنه عومل معاملة الموظف مكفوف اليد فادعاء باطل بدليل أن المدعى عليها تصرف راتبه كاملا مع بدل النقل كل شهر أسوة بأي موظف آخر بالأمانة بينما الموظف مكفوف اليد يصرف له نصف الراتب، ثم ختم مذكرته بتوجيه المدعي عليها المدعي لممارسة وظيفته الأصلية كمدير عام التشغيل والصيانة ببلدية محافظة القطيف مؤكدا على أن بلدية القطيف جزء من أمانة مدينة الدمام بموجب التشكيلات الإدارية والميزانية طالبة رفض الدعوى، فرد عليها المدعي بجلسة 14/7/1422هـ بمذكرة تتلخص في أنه تقدم للمقام السامي لكشف قضية التزوير إبراء لذمته في حين أن المدعي عليها لم تشر في أي من مذكرات دفاعها إلى هذه القضية إقرارا بها لعلم مسؤوليها حق المعرفة بوجود الأدلة الدامغة ضدهم والتي حفظت بخطاب وزير الشؤون البلدية والقروية رقم (10371/س ت) وتاريخ 27/2/1421هـ وتعجب مما قاله ممثل المدعى عليها من أن الأمين هو المخول الوحيد بالصلاحيات الإدارية فهذا ليس دفاعا بقدر ما هو إضافة إلى التعسف وتحريف للحقائق الواضحة وكأن لم تكن أنظمة ولوائح تحكم إصدار القرارات الإدارية فلا صلاحية مطلقة للأمين لفعل ما يراه صحيحا في نظره وحسب تقديره بمنأى عن النظم واللوائح، أما استناد المدعى عليها في تكليفه للعمل بمحافظة الجبيل إلى المادة (4/أ) من لائحة التكليف فقد رأت وزارة الخدمة المدنية عدم نظاميته وبالرغم من اعتراف المدعي عليها بطريقة غير مباشرة بخطأ قرارها وذلك بإصدار قرار آخر فور صدور خطاب وزارة الخدمة المدنية المنوه عنه فإن تأكيد ممثلها على نظاميته ما هو إلا إصرار على خطأ جسيم ومرآة تعكس حجم ا التعسف غير المنطقي وتساءل عما إذا كانت المدعى عليها تعتقد صحة قرارها بتكليفه للعمل ببلدية محافظة الجبيل لمدة سنة ثم سحبها إياه قبل انقضائه علما بأن ما ذكره ممثل المدعى عليها في مذكرته من قبول ذلك القرار فهي محاولة غير موفقة لطمس حقائق موثقة من واقع تظلمه من القرار لمرجعه ومن ثم للجهات المعينة التي لا يختلف فيها اثنان من أنها تدل على التحفظ على القرار، وأبان أن تنفيذه القرار إنما هو تصرف حضاري نظامي تنص عليه جميع النظم التي تتطلب طاعة السلطة والتظلم في الوقت ذاته، أما عن قول ممثل المدعى عليها أن المدعى عليها لم تعامل المدعي معاملة مكفوف اليد فمحاولة أخرى لقلب الحقائق إذ أقر على حرمانه من وظيفته والإبقاء عليه دون مكتب أربعة عشر شهرا أمام الدائرة مشيرة إلى أنه لم يقل البتة إنها أصدرت قرارا بكف يده، أما ادعاء المدعى عليها من تمكينه من ممارسة مهام وظيفته الأصلية كمدير عام للتشغيل والصيانة فمغالطة واضحة للوقائع المؤيدة بالوثائق المعتمدة وتساءل عن كيفية ممارسة وظيفة مقرها الدمام رغم وجود أجهزتها الإدارية والفنية به وهو في القطيف والمدعي عليها بقولها إن بلدية محافظة القطيف جزء من أمانة مدينة الدمام تحاول اختلاق مبدأ لم يتطرق إليه فكون الميزانية موجودة لإدارة حكومية وفروعها أمر طبيعي لكنه لا يعني جواز النقل والتكليف دون ضوابط، ومما يعزز ذلك في نظره أن نظم الخدمة المدنية لا تتعرض للقرارات من ناحية الميزانية ولكن من جهة المدن والا فما فائدة تحديد مقار الوظائف للأجهزة الحكومية ذات الميزانية الواحدة إذا كان يجوز لرئيسها نقل الموظفين من مدينة لأخرى حسبما يراه، ثم إن هناك إدارات حكومية ذات ميزانية واحدة ولكن ببعد جغرافي كبير وإلا لألغي مسمى النقل من نظم الخدمة المدنية، أما الاستناد لخطاب وزارة الخدمة المدنية رقم (28027/2) وتاريخ 21/5/1422هـ فهو مناقض لخطابها رقم (26795) وتاريخ 14/5/1422هـ وأمام تناقضها في نفسها إذ تقول مرة إن القرار غير نظامي وتارة أخرى تقول إنه نظامي تبقى المسألة مطروحة أمام القضاء، ثم كرر في مذكرته أوجه الطعن في القرار الجديد التي أوردها سلفا إلا أنه أضاف أن القرار ولئن كان قرار نقل إلا أنه يعتبر تكليف مبطنا وعليه تسري لائحة التكليف، ثم إن القطيف وبحسب التقسيم الإداري للمملكة العربية السعودية محافظة مستقلة عن مدينة الدمام فهي ليست حية من أحيائها وأشار إلى عدم صلاحية أمين مدينة الدمام بإصدار القرار إلا بموافقة وزير الشؤون البلدية والقروية وهو ما لا وجود له، وتمسك بطلب تمكينه من وظيفته الرسمية هذا وقد قدم ممثل المدعى عليها كتابا لأمين مدينة الدمام موجها لوزير الشؤون البلدية والقروية برقم (80/س) وتاريخ 12/7/1422هـ تضمن الإشارة لقراره الأول رقم (1377) وتاريخ 26/4/1422هـ والإفادة أن تكليف شاغلي الوظائف من المرتبة الحادية عشرة فما فوقها من صلاحيات الأخير وطلبه الموافقة على إجازة ما اتخذته المدعى عليها بعد تعديل المادة (۲) من القرار بحيث يكون ارتباطه بوكيل الأمين للتعمير والمشاريع وقد ذيل بهذا الكتاب توقيع الوزير بتاريخ 14/7/1422هـ مشروحاً عليه ما نصه: (مع الموافقة) وقدم أيضا قرار أمين مدينة الدمام رقم (2140) وتاريخ 14/7/1422هـ المتضمن توجيه المدعي لممارسة مهام الوظيفة المثبت عليها ببلدية محافظة القطيف وارتباطه بوكيل الأمين للتعمير والمشاريع اعتبارا من تاريخ صدوره فقال المدعي بجلسة 13/8/1422هـ إن القرار الأخير ليؤكد صحة دعواه ولا يوجد لديه فيه ما يستوجب الرد إذ لا يزال يخالف المشروعية وتسري عليه أوجه الطعن المشار إليها تفصيلا فيما سبق، وقدم ممثل المدعي عليها مذكرة قال إنها خلاصة الإجابة عن الدعوى وفيها أن المدعي كلف بعمل وكيل أمانة مدينة الدمام للتعمير والمشاريع اعتباراً من 13/11/1407هـ وعندما صدر قرار أمين مدينة الدمام رقم (216)  وتاريخ 24/1/1422هـ المعدل بقراره رقم (359) وتاريخ 5/2/1422هـ بتكليفه بمهمة ببلدية محافظة الجبيل لمدة سنة وفقا للمادة (4) من لائحة التكليف اعتبر ذلك الأمر تعسفا وإضرارا متعمدا معتقدا بأن تكليفه بعمل وكيل الأمين للتعمير والمشاريع قرار مؤبدا لا المساس به وهذا اعتقاد خاطئ يخالف النظام والمصلحة العامة، وأضاف أن المدعى عليها تتحفظ على رأي وزارة الخدمة المدنية بعدم نظامية هذا القرار بخطاب مدير فرعها بالمنطقة الشرقية رقم (21293) وتاريخ 12/4/1422هـ بحجة أن التكليف بمهمة يقاس على التكليف بوظيفة إذ لا قياس مع النص المادة (4) خصصت للنص على شروط التكليف بمهمة وقال: إنه بعد انتهاء المهمة المكلف بها ببلدية محافظة الجبيل صدر قرار أمين مدينة الدمام رقم (1377) وتاريخ 16/4/1422هـ  بتوجيه الممارسة مهام وظيفته الرسمية المثبت عليها مديرا عاما للتشغيل والصيانة ببلدية محافظة القطيف وقد صدق على هذا القرار بعد تعديله من قبل صاحب الصلاحية وزير الشؤون البلدية والقروية ورغما عن ذلك ظل المدعي متشبثا بدعواه بأن المدعى عليها قد تعسفت بحقه وأضرت به بحجة أن توجيهه لممارسة مهام وظيفته الرسمية جاء في بلدية محافظة القطيف وليس في أمانة مدينة الدمام، وقال: إن بلدية محافظة القطيف تابعة في ميزانيتها وتشكيلاتها الإدارية للمدعى عليها وان هذا التوجيه يأتي ضمن صلاحيات الأمين الخاصة بتوزيع العمل في ضوء مقتضيات المصلحة وختم مذكرته بأن طلب المدعي تمكينه من وظيفته الرسمية كمدير عام التشغيل والصيانة قد اتضح – على حد قوله – أن المدعى عليها قد مكنته من وظيفته الرسمية بقرارها رقم (1377) وتاريخ 26/4/1422هـ هذا وقد قرر طرفا النزاع اكتفاءهما بما أفادا به من أقوال وإجابات، وما قدماه من وثائق ومستندات، طالبين البت في الدعوى، فصدر الحكم بجلسة هذا اليوم بحضورهما.

الأسباب

من حيث إن العبرة في الدعوى بالطلبات الختامية التي حصرها المدعي وفقا لتكييف الدائرة لها في المطالبة بالحكم على المدعى عليها بإلغاء قرار أمين مدينة الدمام رقم (216) وتاريخ 24/1/1422هـ المعدل بقراره رقم (359) وتاريخ 5/2/1422هـ المتضمن (تكليف المدعي للقيام بعمل تنسيق مشاريع البلدية التي تنفذها البلديات والمجمعات القروية المرتبطة بالمدعى عليها وارتباطه بوكيل الأمين للتعمير والمشاريع على أن يكون مقر عمله بلدية محافظة القطيف لمدة سنة) وما ترتب عليهما من آثار؛ وقراره رقم (1377) وتاريخ 26/4/1422هـ المعدل بقراره رقم (2140) وتاريخ 14/7/1422هـ المشتمل على توجيه المدعي لممارسة مهام الوظيفة المثبت عليها ببلدية محافظة القطيف وارتباطه بوكيل الأمين للتعمير والمشاريع ) وما يترتب عليهما من آثار وقرارها السلبي ( المتمثل في امتناعها عن تمكينه من وظيفته الرسمية كمدير عام للتشغيل والصيانة عملا ومكاناً )، ولما كانت المادة (8/1/ب) من نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 17 /7/1402هـ  تنص على أنه : ( يختص بالفصل في الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن بالطعن في القرارات الإدارية متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو جود عيب في الشكل أو مخالفة النظم واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة ويعتبر حكم القرار الإداري رفض السلطة أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقا للأنظمة واللوائح)، ومن ثم فإن هذه القضية من اختصاص الديوان ولائياً: فضلا عن اختصاص الدائرة نوعيا و مكانيا عملا بالمادة (6) من نظام الديوان والمادتين (1و14) من قواعد المرافعات والإجراءات أمام الديوان الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (۱۹۰) وتاريخ 16/11/1409هـ وتطبيقاً للمواد (8/ج و13/4و/14) من قرار رئيس الديوان رقم (11) وتاريخ 23/4/1406هـ المعدل بقراره رقم (22) وتاريخ 24/8/1416هـ؛ ومن حيث إن ديوان المظالم هو جهة القضاء الإداري التي تباشر الرقابة القضائية على أعمال السلطة الإدارية وهي بصدد تسيير شؤونها، وبهذه المثابة يفصل في المنازعات التي تثور أمامه بين جهات الإدارة والأفراد على أساس صحيح حكم النظام ليرد كل تصرف خاطئ إلى ما يجب أن يسود تصرفات الإدارة، وإيجاد الحلول الشرعية والنظامية الاجتهادية للروابط النظامية التي تنشأ في مجال الأنظمة المتعلقة بالنشاط العام للإدارة وما يتولد عنها من أوضاع نظامية للبت فيها بما يحقق العدالة؛ ومن حيث إنه عن طلب إلغاء القرار الأول وما ألحق به فإن الثابت أن أمين مدينة الدمام أصدر قراره رقم (216) وتاريخ 24/1/1422هـ المعدل بقراره رقم (359) وتاريخ 5/2/1422هـ فتظلم منه المدعي بداءة للمدعي عليها في 29/1/1422هـ و4/2/1422هـ و 7/2/1422هـ مرتبا مخالفاتها فيه للنظم واللوائح وتعسفها في استعمال السلطة فرفضت تظلمه مسببة لذلك بأن القرار صدر طبقا للمادة (4) من لائحة التكليف الصادرة بقرار مجلس الخدمة المدنية رقم (58) وتاريخ 16/9/1398هـ المعدلة بقراره رقم (1/596) وتاريخ 18/1/1420 هـ فما كان منه إلا أن تقدم بتظلم مماثل لوزارة الخدمة المدنية في 11/2/1422هـ التي تبين لها عدم صحة القرار طبقاً لما ورد بخطاب مدير عام فرع المنطقة الشرقية رقم (21263) وتاريخ 12/4/1422هـ الموجه أصلا للمدعى عليها المبررات أهمها أن هذا التكليف خارج المدينة التي بها مقر عمل المدعي الأصلي، إذ إن وظيفته التي يشغلها مقرها الدمام بينما العمل المكلف به في الجبيل وهو ما يتعارض مع المادة (1/ز) من لائحة التكليف، لأن التكليف بمهمة يقاس على التكليف بوظيفة؛ كما أن مهمة تنسيق المشاريع التي تنفذها البلديات والمجمعات القروية التابعة للمدعى عليها تدخل ضمن اختصاص وحداتها التنظيمية وتتصف بالديمومة وهذا مخالف لمفهوم المهمة المؤقتة منتهية إلى أن القرار لا يتمشى مع لائحة التكليف ووجهت بمعالجة وضع المدعي، وبعد إقامة المدعي لدعواه الماثلة في 11/4/1422هـ أصدر أمين مدينة الدمام قراره رقم (1377) وتاريخ 26/4/1422هـ المنصوص في حيثياته على إنهاء المدعى عليها للمهمة التي كلف بها المدعي بالقرارين المشار إليهما، وبالتالي فإن المدعى عليها قد أجابت المدعي في خصوص هذا الطلب إلى مراده بعد إقامة الدعوى وقبل قفل باب المرافعة، ولما كان من المسلمات في الفقه والقضاء الإداريين أنه يجوز تصحيح القرار الإداري الباطل بإجراء الاحق يزيل ما كان ينطوي عليه من عيب وذلك بإنهاء القوة النظامية له بسحبه سواء أكان سحبا كليا أم جزئيا وسواء أكان صراحة أم ضمنا باتخاذ قرار لا يستقيم إلا على أساس انتهائه ما لم يتحصن بمضي مدة الطعن القضائي فيه؛ ولذا فمن الجائز أن يتم ذلك خلال دعوى الإلغاء إذا ما رفعت فعلا، ولما كانت الخصومة في دعوى الإلغاء خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري في ذاته استهداف المراقبة مشروعيته فإنه يترتب على سحب القرار بمعرفة الإدارة ما يترتب على إلغائه قضاء فيعتبر كأن لم يكن، ومن ثم يضحي هذا الطلب غير ذي موضوع، ويتعين والحال هذه بما لا معنى معه على القاضي تحقيق أثر ذلك بإثباته والحكم باعتبار الخصومة منتهية بشأنه؛ ويمتنع بالتالي عليه التدخل فيه بقضاء حاسم بحسبان أن مهمة القاضي تقتصر على الفصل فيما يثار أمامه من خصومات تستمر ببقاء النزاع فيها وتنقضي باستجابة الخصم لطلب الآخر الذي أقام به دعواه ابتغاء القضاء له به، الأمر الذي تخلص منه الدائرة إلى أن تقضي بانتهاء الخصومة بصدد هذا الطلب، وليس لها في ضوء ذلك أن تتعرض لموضوعه إذ لم يعد ثمة نزاع قائم حياله حتى تفصل فيه؛ ومن حيث إنه عن طلب المدعي إلغاء القرار الثاني وتعديله فإن الثابت أن المدعى عليها بعد إقامة الدعوى الماثلة وقبل نظر طلب المدعي إلغاء القرار الأول بادرت بإصدار قرار ثان ضمنته إنهاءها للقرار الأول المنوه عنه برقم (1377) وتاريخ 26/4/1422هـ حسبما سلف بيانه آنفا تفصيلا، ونصت في منطوقه على توجيه المدعي لممارسة مهام الوظيفة المثبت عليها ببلدية محافظة القطيف وارتباطه برئيسها اعتبارا من تاريخ صدوره ثم عدلت المادة (2) منه بقرارها رقم (2140) وتاريخ 14/7/1422هـ ليغدو ارتباطه بوكيل الأمين للتعمير والمشاريع بعد أخذ و موافقة وزير الشؤون البلدية والقروية على إصداره طبقاً للمادة (3/1/ج) من قراره رقم (25703/ص ز) وتاريخ 1/6/1417هـ التي تقضي بتحويل الأمين بإصدار كافة القرارات الإدارية المتعلقة بالموظفين مما لا يدخل في صلاحيته بعد موافقة الوزير على مضمون القرار وفقا لخطاب أمين مدينة الدمام رقم (80/س) وتاريخ 12/7/1422هـ،  ولما كان ارتباط القرار الثاني وتعديله بالقرار الأول وما ألحق به ارتباطا وثيقا، ولئن كان من المقرر فقها وقضاء أنه ما دامت المنازعة قائمة بقيام أساسها وسببها فإن ما طرأ عليها إبان نظر الدعوى من أمور أو ظروف قد تغير في بعض الآثار المترتبة على القرار الإداري المطعون فيه، لايمحو الخصومة بأسرها، بل

يتعين على القضاء الإداري قطع دابر النزاع بشأنها وحسمها في ضوء الظروف المستجدة وعلى مقتضي الآثار التي تترتب نظاما على هذه الظروف عند إصدار حكمه؛ الانحصار الخصومة حينئذ فيها، ولا يقال إن الدعوى برمتها انقضت بحجة أنها مشيدة على قرار أنهيت قوته النظامية، بل الواقع أنها ما زالت قائمة وإن تغيرت بعض ظروفها؛ لأن في ذلك مجاوزة للحقيقة، هذا إلى أن من المسلم أنه يجوز لذوي الشأن أن يعدلوا طلباتهم أثناء نظر الدعوى ما دام ثمة ارتباط بين الطلبات الأصلية والطلبات المعدلة ولاسيما أن هدف المدعي من دعواه الماثلة هو الطعن فيما اتخذته المدعي عليها من إجراءات يرى أنها إجراءات تعسفية يحقه، وعلى هذا المقتضى فإن هذا الطلب هو جوهر المنازعة الإدارية التي لا تنحسم بعد؛ لا يزال موضوعه قائما والغاية منه منشودة رغم تعديل القرار، وبما أنه فضلا عن ذلك فقد اتبع المدعي التدرج في المطالبة المنصوص عليه في المادة (3) من قواعد المرافعات والإجراءات أمام الديوان وفقا للمواعيد، فقد تظلم المدعي منه إلى المدعى عليها في 1/5/1422هـ الأسباب حاصلها عدم تصريحها فيه بسحب القرار الأول رغم أنه يرى بطلانه ولمخالفتها فيه للأنظمة ولوائحها التنفيذية ولإساءتها استعمال السلطة بإصداره الا أنها تمسكت بموقفها الرافض لتظلمه بموجب خطاب مدير عام إدارة شؤون الموظفين بالنيابة رقم (1301/ظ/ت) وتاريخ7/5/1422هـ مما حدا به إلى أن التظلم ثانية لوزارة الخدمة المدينة التي ارتأت عدم صحة هذا القرار لمخالفته المادة (1/ أ و ز) من لائحة التكليف بمقتضي خطاب مدير عام فرع وزارة الخدمة المدنية رقم (26795) وتاريخ 14/5/1422هـ الموجه أصلا إلى المدعى عليها والتوجيه بمعالجة وضع المدعي، غير أن رأيها هذا تحول إلى اتجاه مضاد تماما وذلك برفض التظلم وفقا لما ورد للدائرة بخطاب وكيل الوزارة رقم (2/2827) وتاريخ 21/5/1422هـ المؤكد بخطاب مدير عام فرع الوزارة بالمنطقة الشرقية رقم (32968) وتاريخ 17/6/1422هـ إذ قررت صحة هذا القرار باعتبار أن بلدية محافظة القطيف تابعة من ميزانيتها وتشكيلاتها للمدعي ، و عليها وأنها بمثابة جزء منها وأن تكليفه بالعمل بها تم في نطاق أعمال وظيفته الأصلية إضافة إلى قرب المسافة بين الدمام وبين القطيف إذ لا تتعدى عشرين كيلا، ومن ثم فقد أمسى تظلم المدعي منه إلى الديوان مقبولاً من الناحية الشكلية بحسبان أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، وأن التظلم إنما يقوم على علة مقتضاها أنه لما كان طريق التقاضي محض سبيل اختياري فإن الأصل و استخلاص ذوي الشأن لحقوقهم ورفع الظلم عنهم هو طريق التظلم الإداري، إذ إن المفترض في الإدارة أنها تمثل الخصم الشريف وتبعاً لذلك يتعين عليها أن تعطي الحق لأصحابه دون أن تكبدهم مشقة تجشم المنازعة القضائية؛ ومما يؤكد ذلك أن المنظم حرصا منه على إرساء هذه المعاني اشترط لقبول دعوى الإلغاء استباقها بالتظلم الإداري؛ وترتيب على ذلك فإن الغاية من التربص طوال المدة المقررة التي أبانتها قواعد المرافعات والإجراءات أمام الديوان وجعلتها شرطة لقبول الدعوى وقرنتها بمواعيد لابد من انتظارها تقوم على حكمة استلزمتها ألا وهي الرغبة في تقليل المنازعات بإنهائها في مراحلها الأولى بطريق أيسر للناس وذلك بإتاحة الفرصة الجهات الإدارة لتفيء إلى الحق عند احتمال حدوث الخطأ من جانبها بالعدول عن القرار المتظلم منه الصادر منها بسحبه في المدة النظامية إن رأت أن المتظلم على حق في تظلمه ليندرئ عبء التقاضي عنهما على حد سواء ، فإن هي رأت صحة قرارها أو امتنع عليها إعادة النظر فيه لاستنفاذ ولايتها بإصداره كان للمتظلم رفع تظلم قضائي خلال الأجل المضروب نظام ، ومن ثم فإن هذه العلة قد تحققت في الخصومة المتعلقة بخصوص هذا الطلب، الأمر الذي ينبغي معه للدائرة بحث موضوعة؛ ومن حيث إن القرار الإداري هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى النظم واللوائح بقصد إحداث أثر نظامي يكون جائزا وممكنا نظام، ومن ثم فلابد لصحته من أن يصدر من سلطة مختصة بإصداره مطابقة للأنظمة واللوائح شكلا وموضوعة ومعتمدة على سبب پیرره صدق وحقا ومستهدف تحقيق مصلحة عامة، وبالتالي فإن ما يرد عليه من عيوب تجعله غير مشروع ينصب على عدم الاختصاص وعيب الشكل ومخالفة النظم واللوائح وعيب السيب والانحراف بالسلطة، وبما أن المدعي ينعى على القرار مثار النزاع الماثل هذه العيوب بأجمعها؛ في حين تتمسك المدعى عليها بصحته، وبما أن عيب عدم الاختصاص لما كان متصلا بالنظام العام فمن المتوجب على القاضي الإداري بحثه من تلقاء ذاته حتى لو لم يثره الطاعن بحسبان أن القرار الإداري يعتبر مشوبا به متى كان لا يدخل في نطاق الإمكانات النظامية لمصدره، ومن ثم عدم القدرة نظاما على مباشرة عمل نظامي معين ولما كان القرار الطعين يستند إلى تحويل وزير الشؤون البلدية والقروية الصلاحيات إصداره إلى أمين مدينة الدمام بقراره رقم (25703/ص ز) وتاريخ 1/6/1417هـ الذي تضمنت المادة (2) منه تفويض أمين مدينة الدمام بممارسة الصلاحيات الإدارية والمالية المخولة للوزير في حدود الأنظمة والتعليمات، وفي نطاق الإشراف الإداري فيما يتعلق بنظام الخدمة المدنية ولوائحه التنفيذية لموظفي المرتبة العاشرة فيما دون، أما ما عدا ذلك فله إصدار القرارات الإدارية بعد موافقته على مضمون القرار، لأن المدعي يشغل المرتبة الثانية عشرة، ولأن أمين مدينة الدمام أصدر قراره رقم (1377) وتاريخ 26/1/1422هـ دون موافقة الوزير على ذلك، إلا أن المدعى عليها بادرت بعرض القرار عليه لأخذ موافقته حسبما جاء بخطاب أمين مدينة الدمام رقم (80/س) وتاريخ 12/7/1422هـ فوافق عليه الوزير شرحاً بتاريخ 14/7/1422هـ بعد تعديل المادة (۲) ليصبح ارتباط الطاعن بوكيل الأمين للتعمير والمشاريع بدلاً من رئيس بلدية محافظة القطيف ومن ثم عدله بقراره رقم (2140) وتاريخ 14/7/1422هـ، ولما كانت القاعدة العامة أم مخالفة قواعد الاختصاص يترتب عليها بطلان القرار الإداري غير أن قواعد التفويض تعد استثناء من هذا الأصل، ولما كانت المادة (۳۱) من نظام الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/49) وتاريخ 10/7/1397هـ تنص على أن: (للوزير تقويض بعض صلاحياته المقررة في هذا النظام)، ولما كانت المادة (48) من نظام البلديات والقرى الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/5) وتاريخ 21/2/1397هـ تجيز لوزير الشؤون البلدية والقروية تخويل بعض سلطاته للمسؤولين المناط بهم إدارة البلديات والقرى، ولما كان من المقرر أنه إذا ولد القرار معيبا . الاختصاص فمن شأن التصحيح اللاحق إزالة هذا العيب الذي كان يعتوره، لزوال علته، وقياسا على القاعدة الشرعية المقررة أن ( الإجازة اللاحقة كالإذن السابق ) فإن الدائرة تنتهي إلى أن القرار الماثل بتعديله يعتبر صادرا ممن له صلاحية نظاماً بذلك، وبما أنه ولئن كانت رقابة القضاء الإداري فيما يتعلق بالاختصاص والشكل رقابة خارجية بعيدة عن فحوى القرار المطعون فيه إلا أن رقابته بشأن مخالفته للنظم واللوائح هي رقابة موضوعية تستهدف مطابقة محل القرار الإداري للنظام وتنصب على جوهره وموضوعه، وعلى ذلك فإن مخالفة الإدارة للقواعد النظامية تتجلى في صور ثلاث: إحداها: مخالفة نصوص القاعدة النظامية ذاتها بتجاهلها كليا أو جزئيا وذلك بإثباتها عملا تحرمه تلك القواعد أو امتناعها عن القيام بعمل توجيه، والثانية: الخطأ النظامي بإعطاء تلك القاعدة معنى غير مراد، والثالثة: الخطأ في تقدير الوقائع بقيام الإدارة بتطبيق النظام على حالة غير مقصودة، وبتطبيق  ذلك على القرار الماثل فإن الثابت أن وظيفة المدعي المثبت عليها هي مدير عام إدارة التشغيل والصيانة ذات الرقم (۲) ومقرها الدمام المرتبطة بوكيل الأمين للتعمير والمشاريع بموجب قرار التعيين الصادر من أمين مدينة الدمام برقم (2330/ظ) وتاريخ 11/11/1413هـ  ووفقاً لميزانية أمانة مدينة الدمام للسنة المالية 21/1422هـ الصادرة بالمرسوم الملكي رقم (م/35) وتاريخ 22/9/1421هـ المبينة لكل إدارة من وحداتها وظائفها، والتي تبين مغايرة الإدارة العامة للتشغيل والصيانة عن إدارة بلدية محافظة القطيف الفرعية وانفصالهما عن بعضهما البعض نوعيا ومكانية طبقا للهيكل التنظيمي لأمانات المدن وبلدية الطائف المعتمد من اللجنة العليا للإصلاح الإداري برقم (1) وتاريخ 16/1/1412هـ، الذي لا يجوز تعديله إلا بالطريقة التي تم بها إصداره والذي يجعل كلا منهما في جدول مستقل ولكل هيكله التنظيمي وإداراته المختلفة وتبعيته الإدارية المباينة؛ وهو ما يؤكده خطاب مدير عام فرع وزارة الخدمة المدنية بالمنطقة الشرقية رقم (21293) وتاريخ 12/4/1422هـ وخطاب مدير عام المراجعة بالنيابة بوزارة الخدمة المدنية رقم (19691/16) وتاريخ 6/4/1422هـ المتضمنة أن مقر وظيفة المدعي الأصلية هو مدينة الدمام، فضلا عن إقرار ممثل المدعى عليها صراحة بذلك في جلسة 6/6/1422هـ، وعلى هذا المقتضى فلا يصح ألبتة تغيير المدعى عليها لمقر عمل المدعي من الدمام إلى القطيف على فرض التسليم بصحة ادعاءاتها من أنها مكنته من مباشرة مهام وظيفته ببلدية محافظة القطيف لمخالفتها بذلك كافة النظم سابقة الذكر جميعا؛ ولو جاز ذلك للزم منه لوازم باطلة منها جواز مباشرة رئيس بلدية محافظة الخبر عمله ببلدية محافظة القطيف؛ لقرب المسافة بينهما ولجاز أن يباشر مدير عام الحدائق والتجميل عمله في بلدية صفوى ليباشر الأخير عمله بإدارة المستودعات؛ لأن ما يصدق على تلك يصدق على هذه؛ فهي تتبع في ميزانياتها وتشكيلاتها الإدارية للمدعى عليها؛ فضلا عن أن محافظة القطيف مستقلة من الناحية الإدارية عن الدمام وفقا لنظام المناطق الصادر بالأمر الملكي رقم (أ/92) وتاريخ 27/8/1412هـ  وإن قربت المسافة بينهما لتباين كل منها عن الأخرى حكمة وإن كانت متصلة حقيقة فذلك لا يبرر توحد الأحكام؛ ولا يوجد بها كبلدية فرعية إدارة للتشغيل والصيانة وفقاً للهيكل التنظيمي المعتمد من اللجنة للإصلاح الإداري برقم (2) وتاريخ 16/1/1412هـ وتتبع في تشكيلاتها الإدارية للأمين مباشرة، بينما الإدارة العامة للتشغيل والصيانة تابعة لوكالة التعمير والمشاريع، في حين أن الإدارة العامة للتشغيل والصيانة بكامل إداراتها ومختبراتها وأجهزتها الإدارية والفنية وكوادرها البشرية تعمل في الدمام، الأمر الذي يدل على أن هذا القرار ينطوي على عقوبة مقنعة بحق المدعي، ولم يكن يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة بقدر ما رام إبعاد المدعي بغير موجب شرعي أو نظامي؛ ولاسيما مع انعدام النص النظامي الذي تستند إليه المدعى عليها في هذا الإجراء، والأصل في النظم الإدارية النص والتقييد ، ولا يوجد في النظام ما يجيز مباشرة موظف للوظيفة في غير مقرها؛ مما يجعل هذا القرار قد صدر مخالفة للنظام، وبما أن من المبادئ المقررة أن الإدارة كسلطة تخضع للنظام ولا تتمتع بسلطان مطلق في مباشرة أي نشاط ولكن سلطتها مقيدة بضرورة وجود سبب يبرر القرار الذي تصدره وأن يكون هذا السبب صحيحا سائقا يحمل القرار، وإلا قضي بإلغائه لانعدام أسبابه أو لعدم صحتها باعتبار أن السبب في القرار الإداري إنما هو تجسيد للحالة الواقعية والنظامية التي تسوغ تدخل الإدارة الإصدار القرار الإحداث مرکز نظامي معين يكون الباعث عليه ابتغاء المصلحة العامة، وقد استقر فقه القضاء الإداري على أن القرار سواء كان لازم تسبيبه كإجراء شكلي أم لم يكن كذلك يجب أن يقوم على سبب يبرره في الواقع والنظام کركن من أركان انعقاده و اعتبارا بأن القرار الإداري تصرف نظامي لا يقوم بغير سببه المشروع، ولذا فإن رقابة القضاء الإداري ترد على الوجود المادي للسبب ثم ترد على الوجود النظامي وذلك بالتحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار والوصف الذي خلعته الإدارة على الوقائع مستخلصة استخلاصا سائفا من أصول تنتجها ماديا ونظاميا بأن يكون السبب قائما عند إصداره، وأن يكون مشروعا ومحددا بوقائع ظاهرة يقوم عليها، ولما كان من المستقر عليه قضاء أن اعتبار القرار الإداري المبني على أسباب عامة أو غامضة أو مجهلة قرارا خاليا من الأسباب، وإذ ثبت أن القرار الماثل ليس دافعه تحقيق مقتضيات المصلحة العامة لمخالفته للحقيقة ومجاهاته للواقع وقيامه على أمور لا تصلح في ذاتها سببا لإصداره بل هي من القصور بحيث لا تصلح مستندا للقرار، وإن القول بأن الصالح العام هو سبب القرار لا يستقيم إذ إن المصلحة العامة هي الغاية التي يستهدفها كل قرار إداري وليست هي السبب الذي هو رکن انعقاد القرار؛ وأينما كان النظام شكلا وموضوعة نصا وروحا فثمة المصلحة العامة، وبما أن الانحراف، بالسلطة في القرارات الإدارية يتمثل في استخدام الإدارة سلطتها لتحقيق أهداف غير محددة لها نظام إن بحسن نية أو بسوئها؛ وإن الدائرة إزاء دراستها الملابسات القرار الماثل وإحاطتها علما بوقائعه وظروفه على نحو مما سلف إيضاحه وفي وقائع هذا الحكم ترى أن المدعى عليها قد أساءت استعمال السلطة بإصداره وخرجت على روح النظام وغاياته وأهدافه بتسخيرها السلطة التي وضعها النظام بين يديها لتحقيق مآرب بعيدة عن الصالح العام الذي استهدفه النظام، وإذ استبان للدائرة أن القرار مشوب بتلك العيوب الواردة على محله وسببه وغايته تنتهي إلى أنه من ثم يكون حريا بالإلغاء وتقضي بذلك؛ ولا ينال من ذلك الاستناد لرأي وزارة الخدمة المدنية الأخير في هذا الشأن، فبالإضافة إلى تناقضها في نفسها بالقول مرة بأن هذا القرار غير صحيح وتارة أخرى بأنه صحيح، فإن من المقرر فقها وعلى ما جرى عليه قضاء الديوان أن وزارة الخدمة المدنية هيا الجهة المنوط بها إبداء الرأي النظامي فيما يعرض للجهات الإدارية من مسائل تتصل بالأوضاع الوظيفية ويغم عليها فهم النظام بصددها، وبالتالي فإنها جهة فتوى في هذا الخصوص طبقا للمادة (10) من نظام مجلس الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/48) وتاريخ 10/7/1397هـ، ومن ثم فرأيها غير ملزم للقضاء، وبالرغم من ذلك؛ وبما أن من المقرر أنه لا يكفي أن يلتزم رجل الإدارة حدود اختصاصه كي يصبح القرار الإداري سليمة بل يجب أن يصدر هذا القرار وفقا للإجراءات التي حددها النظام في الشكل المرسوم له، إذ إن قواعد الشكل في إصدار القرارات الإدارية على جانب كبير من الأهمية لأن المقصود بها حماية المصلحة العامة ومصلحة الأفراد على حد سواء، ولما كان القرار الماثل ولئن رأت المدعى عليها أنه تمكين للمدعي من مباشرة مهام وظيفته الأصلية إلا أن وزارة الخدمة المدنية رأت أنه قرار تكليف: ولئن رأت صحته فإن تعميم وزير الخدمة المدنية رقم (13555) وتاريخ 15/3/1420هـ ينص على ضرورة مراعاة أن تكون قرارات التكليف متفقة مع أحكام لائحته وأن تتوفر فيها الأركان اللازمة لصحة القرار الإداري مع تزويد وزارة الخدمة المدنية بصورة منه فور صدوره موضحا به جميع البيانات اللازمة، عن الموظف والوظيفة التي يشغلها والوظيفة المكلف بها والتأكيد على مسؤولية مدير شؤون الموظفين المباشرة عن أي قرار يصدر بالمخالفة لذلك وفق ما نص عليه قرار مجلس الخدمة المدنية رقم (320) وتاريخ 26/8/1400هـ، وقد أعد أنموذج للقرار تطلب وجوب تسبيبه وضرورة انصبابه عند صياغته في هذا القالب المحدد الذي لابد أن يفرغ فيه، الأمر الذي يدل على أن هذا الإجراء وإن كان شكليا إلا أنه جوهري ويعتبر حينئذ شكلا أساسيا يترتب على مخالفته بطلان القرار، إضافة لمخالفته المادة (1/أ و ز) من لائحة التكليف التي تنص على أنه: (يجوز تكليف الموظف بالقيام بأعمال وظيفة معينة بالإضافة إلى عمله الأصلي أو بدونه… وفقا للشروط التالية: أ – أن تكون هناك وظيفة معتمدة من الميزانية وشاغرة فعلا أو حكما وأن تدعو الحاجة لمن يقوم بعملها …. ز- أن تتم موافقة الموظف على التكليف… إذا كانت الوظيفة المكلف بها تقع خارج المدينة التي بها مقر عمله الأصلي… ) ولم يتضح من أوراق القضية التي اطلعت عليها الدائرة وجود وظيفة معتمدة في الميزانية وشاغرة ليكلف المدعي للقيام بأعبائها، وبالتالي فالقرار لا يتوافق مع لائحة التكليف لا شك ولا موضوعة؛ أما قول وزارة الخدمة المدنية: إن تكليفه بالعمل بها تم في نطاق أعمال وظيفته الأصلية فأياً ما كان الأمر فهو غير صحيح، إذ لا يجوز تكليف موظف بجزء من أعمال وظيفته الأصلية مما يعد مخالفة صريحة للمادة (1/أ) من لائحة التكليف؛ ومن حيث إنه عن طلب المدعي إلزام المدعى عليها بتمكينه من وظيفته الأصلية مديرا عاما للتشغيل والصيانة بمقرها في الدمام فإنه يعد طعنا بالإلغاء في قرار سلبي باعتبار أن القرار السلبي هو رفض الإدارة أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للأنظمة واللوائح؛ وهذا مناط قبول الطلب ولذا فمن الجائز الطعن عليه بالإلغاء وفي أي وقت دون التقيد بميعاد معين باعتبار أن القرار مستمر ويتجدد من حين لآخر على الدوام ومن ثم يظل ميعاد طلب إلغائه مفتوحا، وبالتالي فإنه مقبول شكلا، وعن موضوعه فإن الدائرة ترى أن هذا الطلب هو جوهر القضية وأساسها ولا يمكن الفصل فيه بمعزل عما سبق بيانه في الطلبين الأولين، وتبيانا لذلك فإن الثابت حسبما تفصح عنه الأوراق وما يستقى من أقوال طرفي الخصومة خلال جلسات المرافعة فإن المدعي عين مديرا للتشغيل والصيانة بالمرتبة الثانية عشرة بقرار أمين مدينة الدمام رقم (2330/ظ) وتاريخ 11/11/1413هـ إلا أنه كان مكلفا بعمل وكيل أمانة مدينة الدمام للتعمير والمشاريع بقرارات من وزير الشؤون البلدية والقروية على فترات متوالية مدة كل منها ستة شهور اعتباراً من 13/11/1407هـ إلى تاريخ 13/5/1420هـ إذ أنهي تكليفه بناءً على خطاب أمين مدينة الدمام رقم (104/س) وتاريخ 17/7/1420هـ الذي يذكر المدعي أنه كان بالتزامن مع إبلاغه عن شروع بعض منسوبي المدعى عليها بتزوير في المخطط رقم (1/703) بمدينة الدمام ولم يلق ادعاؤه هذا جوابا من قبل ممثل المدعي عليها رغم إثارته له دوما وتقديمه لصور من شكاوي قال إنه وجهها للمقام السامي ووزير الشؤون البلدية والقروية وهيئة الرقابة والتحقيق وتزودها منها بنسخ فلم تنف ارتباط التزامن المدعى به، وبإنهاء تكليفه كوكيل للتعمير والمشاريع منعته من مزاولة مهام وظيفته الأصلية واختصاصاتها بدليل وجود موظف آخر مكلف عليها حتى هذا التاريخ بإقرار ممثلها بجلستي 2/6/1422هـ و 6/6/1422هـ؛ وحسبما أدلى به ممثل المدعى عليها وبعد قيام المدعي بعمل ثاني وظيفة قيادية لديها تركته بلا وظيفة وبلا مكتب لمدة أربعة عشر شهرا وفقا لإقرار ممثلها بجلسة 16/5/1422هـ، ثم إنها قامت بإصدار قرارها رقم (216) وتاريخ 24/1/1422هـ  بتكليفه بعمل منسق للمشروعات التي تنفذها البلديات والمجمعات القروية المرتبطة بالمدعى عليها على أن يكون مقر عمله بلدية محافظة بيل الذي أصدرته مطلقا بدون مدة غير أنها تداركت ذلك وجعلته لمدة سنة بقرار لاحق منها برقم (395) وتاريخ 5/2/1422هـ وعقب رفع المدعي دعوى بالطعن لإلغاء هذا القرار وبعد علمها بتمسك وزارة الخدمة المدنية بعدم نظاميته بموجب خطابي مدير فرعها بالمنطقة الشرقية رقم (21293) وتاريخ 12/4/1422هـ ووكيل الوزارة رقم (2/24910) وتاريخ 3/5/1422هـ أصدرت قراراً آخر برقم (1377) وتاريخ 26/4/1422هـ ضمنته انتهاء المهمة المشار إليها في القرارين سالفي الذكر ولم تصرح فيه بإلغائها لهما وإن كان تنفيذ قرارها الجديد لا يستقيم إلا على أساس اعتبارهما منتهيين، إذ ينص على توجيه المدعي لممارسة مهام الوظيفة المثبت عليها ببلدية محافظة القطيف وارتباطه برئيسها ثم بدا لها وأصدرت قراراً برقم (2140) وتاريخ 14/7/1422هـ أصلحت فيه بعض ما شاب قرارها رقم (1377) وتاريخ 26/4/1422هـ من عيوب فأخذت موافقة ذي الصلاحية نظاماً  بإصداره، وجعلت ارتباط المدعي بوكيل الأمين للتعمير والمشاريع لكنها أبقت على مقر عمل المدعي بالقطيف ولم تشر إلى تعديل قرارها الأول من قريب ولا من بعيد رغم النص على ذلك صراحة في خطاب الأمين المشار إليه سلفا والموجه إلى الوزير بهذا الشأن، وإزاء ما سلف وفي ظل عدم اعتراف المدعى عليها بأخطائها المتكررة التي ما فتئت تختلق لها ابتناءها على مقتضيات المصلحة العامة وتحاول إخفاء ما يكتنفها دون جدوى بقرارات متسرعة ومتلاحقة تنم عن عدم التفهم لأنظمة الخدمة المدنية أو الإلمام بمبادئ الإدارة العامة ولاسيما ما يجب أن تكون عليه القرارات الإدارية وما انفكت تتمسك بإنكار الحقائق الموثقة إذ رغم إقراره بالإبقاء على المدعي دون مكتب أربعة عشر شهرا يستنكر ممثل المدعى عليها قول المدعي بأنه عومل معاملة مكتوف اليد يقوله: إن الراتب يصرف له كاملا مع بدل النقل؛ ويتكرر ذلك حينما ينكر تحفظ المدعي على قرار تكليفه للعمل ببلدية محافظة الجبيل رغم تظلم المدعي منه إليها ثلاث مرات ورفضها لتظلمه بخطاب موجه من ممثل المدعى عليها نقسه بوصفه مدير الشؤون الموظفين؛ ولعل تمسكه الدائم بنظامية هذا القرار رغم سحب المدعى عليها له قبل أن تنقضي مدته يبرز هذا الإنكار؛ ومما يدعم التغالي فيه قوله أولا: إن أمين مدينة الدمام هو المخول الوحيد من لدن وزير الشؤون البلدية والقروية بالصلاحيات الإدارية للمدعى عليها وله الحق في منح هذه الصلاحيات أو حجبها عن أي مسؤول بالأمانة، ولذا فليس هناك ما يسند طلب المدعي بإعطائه صلاحية يرى الأمين الاحتفاظ بها لنفسه؛ ليعود مرة أخرى ويهدم قوله بأن القرار صدق عليه من قبل صاحب الصلاحية وزير الشؤون البلدية والقروية، وقدم خطابا من الأمين إلى الوزير يؤكد عدم  اختصاصه بداءة بإصداره؛ ثم ينسف ما بناه تارة أخرى بقوله بعدئذ؛ إن توجيه المدعي للعمل ببلدية محافظة القطيف يتأتي ضمن صلاحيات الأمين الخاصة بتوزيع العمل في ضوء مقتضيات المصلحة، ورغم إقراره بتكليف آخر للقيام بأعباء وظيفة المدعي وأن مقرها وإدارتها وموظفيها مدينة الدمام يقول: إن المدعى عليها مكنت المدعي عن وظيفته المثبت عليها في بلدية محافظة القطيف، ولما كانت الحكومة في مخاصمة الأفراد لها يجب أن تكون مثلا يحتذى به في معالجة الدعاوى والجواب عنها والتزام الحدود المشروعة للدفاع بالترفع عن إنكار الحقائق الثابتة أو إخفائها والمبادرة إلى ذكر الوقائع الصحيحة الماثلة في الأوراق التي بين يديها والمباعدة بينها وبين العنت الذي يزهق خصمها بغير مقتض، وهي إذ يطلب منها التزام هذه الحدود فذلك؛ لأنها تمثل الخصم الذي لا يبغي العدوان على حقوق الناس ويعاون القضاء في الوصول إلى الحل أيا كان جانبه خصوصا عندما يكون زمام الحقيقة في يدها بما هو موجود لديها من أوراق تقصر الوسائل المحدودة لفحصها عن تبيان ما فيها أو الوصول إلى مضمونها ومن هنا يثقل حسابها عن حساب الأفراد عندما يقفون مع بعضهم البعض موقف اللدد في الخصومة أو التمادي في الإنكار، وإذا كان منهج المدعى عليها في النزاع القائم قد جاوز الاجتهاد في التفسير والتأويل وبيان وجهة النظر النظامية والموضوعية إلى إنكار ما هو مثبت بالأوراق الرسمية وقد انطوت تصرفاتها مع المدعي على إجراءات خاطئة تدل على التعنت وتفصح عن مقاومة عنيدة جانبها الصواب بإصدارها إبان نظر الدعوى سلسلة من القرارات المتعاقبة اشتملت على مخالفة للنظام وإساءة لاستعمال السلطة وما انساقت لكل ذلك حسبما يبين من مساق الدعوى والجواب عنها إلا بسبب إصرار المدعي على تقديم شكاواه منها ويغض النظر عن ثبوتها أو انتفائها فإن ما صدر لا يمت إلى الصالح العام بسبب بقدر ما تكون ابتداعا لنوع من الجزاء لم ينص عليه نظام؛ وبذلك فتكون الإدارة قد انحرفت بسلطتها عن الغاية التي وضعت لها بما يكفل في النهاية مصلحة العمل وهي النهاية التي تغياها النظام إلى غاية أخرى تنكبت بها الجادة؛ ولعل أسوأ صور إساءة استعمال السلطة على الإطلاق هي استعمالها بقصد الانتقام دون مواربة؛ وإذ كفل النظام حق الشكوى لكل أحد طبقا لما نصت عليه المادة (43) من النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم (أ/90) وتاريخ 27/8/1412هـ من أن: (مجلس الملك ومجلس ولي العهد مفتوحان لكل مواطن ولكل من له شكوى أو مظلمة ومن حق كل فرد مخاطبة السلطات العامة فيما يعرض له من الشؤون )؛ وعلى هذا المقتضى فلا مراء في أن من حق المرؤوس أن يجأر بشكوى من رئيسه ما لم يتجاوز حدود الشكوى المشروعة كما أنه لا تثريب عليه في إبداء ما يجيش في خلده من أحاسيس عديدة بالظلم والأمل في الإنصاف أو صرخة أراد بها أن يبدي مدى جسامة ما وقع عليه من أذي لولاة الأمر ولا جناح عليه في التبليغ عن المخالفات التي تصل إلى علمه بل إن هذا الإبلاغ واجب عليه شرعاً ونظاماً توخياً للمصلحة العامة التي قد تتعرض للنيل منها ، وإذ ثبت ذلك من قبل المدعى عليها قصداً لإقصاء المدعي ومعاقبته دون موجب مع سابق إصرار منها على ذلك بعد أن علمت العلم اليقين أن الوضع الطبيعي بعد إنهاء تكليفه كوكيل للتعمير والمشاريع هي أنه يجب أن يعود إلى مزاولة عمله الأصلي على وظيفته الأصلية في مكانها بعد انتهاء تكليفه وفقاً لما هو منصوص عليه حرفياً بمقتضي خطاب وكيل وزارة الخدمة المدنية رقم (2/24910) وتاريخ 2/5/1422هـ لا أن تتنصل مما هو متوجب عليها  نظاماً بغية النأي بالمدعي والتخلص منه على سبيل العقاب المقنع وحرمانه من مزاولة مهام وظيفته وممارسة صلاحياتها وفقا للأنظمة واللوائح، وعلى ذلك وتكريسا لاستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية ، ولما كانت سلطة قاضي الإلغاء تنحصر في الغاء القرار الإداري المعيب متى ثبت له عدم مشروعيته بحسبان أن إصدار أوامر إلى جهات الإدارة يتأبى على قاضي الإلغاء؛ لاقتصاره على رقابة المشروعية لما تصدره الجهات الإدارية من قرارات أو ما تمتنع عن اتخاذه متى كانت ملزمة نظام بذلك؛ فيحكم بإلغاء القرار المعيب في الحالة الأولى، وبإلغاء القرار السلبي بالامتناع في الحالة الأخرى؛ وعلى الجهات التنفيذية إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ الأحكام التي يصدرها قاضي المشروعية كنتيجة مباشرة للحكم الصادر بالإلغاء، وعلى ذلك فإن القرار السلبي محل النزاع لما خالف النظام واتسم بإساءة استعمال السلطة فيكون من ثم خليقة بالإلغاء وبه تحكم الدائرة.

لذلك حكمت الدائرة: أولا : اعتبار الخصومة – المقامة من المدعي (…) ضد المدعي عليها (أمانة مدينة الدمام) بشأن طلب المدعي إلغاء قراري أمين مدينة الدمام رقم (216) وتاريخ 24/1/1422هـ ورقم (359) وتاريخ 5/2/1422هـ منتهية. ثانياً: إلغاء قرار أمين مدينة الدمام رقم (2140) وتاريخ 14/7/1422هـ المعدل لقراره رقم (1377) وتاريخ 26/4/1422هـ وما يترتب على ذلك من آثار، ثالثا: إلغاء قرار المدعى عليها السلبي المتمثل في امتناعها عن تمكين المدعي من ممارسة مهام وظيفته الأصلية وصلاحياتها (مديرا عاما للتشغيل والصيانة في مقرها بالإدارة العامة للتشغيل والصيانة بمدينة الدمام وفقا للأنظمة واللوائح وذلك كله لما هو موضح تفصيلا بالأسباب.

والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هيئة التدقيق

حكمت الهيئة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء، وأضافت في أسبابها:

أن المسلم به في فقه القضاء الإداري أن رقابة القضاء على أعمال الإدارة تشمل قراراتها الإيجابية والسلبية، إلا أنه في مجال التطبيق فمتى كان محل الطعن واحدا فإن إلغاء القرارات الإيجابية يترتب عليه بحكم اللزوم إلغاء القرارات السلبية وبالتالي فلا محل لإفراد القرارات السلبية بالإلغاء على النحو الذي سار عليه الحكم، ومن ناحية ثانية فإنه ولئن كان القرار محل الدعوى ليس معيبة إلا أنه لا جناح على الدائرة في الحكم بإلغائه باعتبار أن على جهة الإدارة تصحيح قرارتها المعيبة بما يتفق مع الأنظمة واللوائح.