تنازل عن العقد والمستخلصات

رقم القضية: 411 / 1 / ق لعام 1416 هـ

رقم الحكم الابتدائي: 64 / د / تج / 2 لعام 1416 هـ

رقم حكم التدقيق: 194 / ت / 4 لعام 1416 هـ

تاريخ الجلسة: 20 / 7 / 1416 هـ

 

الموضوع

عقد تجاري , عقد مقاولة إنشاء مباني , مقاولة من الباطن , التزامات عقدية , تنازل عن العقد , مستخلصات , غرامة تأخير , حجية حكم قضائي إداري , أثر الإكراه على الإرادة , حجز المستحقات المالية

الأنظمة واللوائح

  • نظام تأمين مشتريات الحكومة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (14) في 7/4/1397هـ.

  • اللائحة التنفيذية لنظام تأمين مشتريات الحكومة الصادرة برقم (2131/17) في 5/5/1397هـ.

الملخص

مطالبة المدعي بصفته مقاولاً من الباطن المدعي عليه ببقية مستحقاته عن أعمال العظم التي نفَّذها في عقده المتعلق ببناء مدرسة بنات لصالح الرئاسة العامة لتعليم البنات، والتي سحبت المشروع من المدعى عليه بسبب تأخره، وحجزت المستحقات المتعلقة به – دفع المدعى عليه بأنه وقَّع مع المدعي عقداً إلحاقياً تنازل له عن كامل العقد، وقد منحه تبعاً لذلك تنازلاً عن جميع المستخلصات المتبقية للمشروع، ومن ثَمَّ فإن المدعي هو من تحمل إخلاله بالتزامه العقدي في تأخره بتنفيذ المشروع – تعويل الدائرة في تحديد المسؤول عن التأخير بالحكم النهائي الصادر من الديوان بخصوص دعوى المدعى عليه ضد الرئاسة العامة لتعليم البنات، وإفادة الرئاسة لتعليم البنات بذلك بعد مخاطبة الديوان لها – ثبوت مسؤولية المدعى عليه عن التأخير وما يترتب عليه من فرض غرامة تأخير – مؤدى ذلك: إلزام المدعى عليه دفع المتبقي من مستحقات المدعي.

الوقائع

تتلخص وقائع هذه الدعوى بالقدر اللازم لإصدار حكم فيها أن المدعي ….. أقام الدعوى ضد مؤسسة ….. لصاحبها….. أمام المحكمة الكبرى بالرياض، والتي أحالتها إلى الديوان، لعدم الاختصاص، حيث ذكر المدعي أنه يطالب المدعى عليه بمبلغ (723.570) ريالاً تمثل باقي قيمة أعمال العظم، وبمذكرة لاحقة أبان دعواه بأنه تعاقد مع المدعى عليه بتاريخ 4/4/1406هـ للقيام بأعمال العظم لمدرسة البنات الجديدة بحي ….. بتبوك، بواقع (570) ريالاً للمتر المسطح شاملاً المصنعية والمواد، وادعى أنه أنهى العمل في ذلك بمساحة (2401م) مسطح، إجمالي قيمتها (1.368.500) ريال، وصله منها (625.000) ريال، وأنه لذلك يتبقى له في ذمة المدعى عليه مبلغ (843.500) ريال، وأضاف أن المدعى عليه تسبب في إرباك العمل لتغيبه وهروبه، وأنه بعد العثور عليه طلب تحرير عقد آخر يلتزم فيه بالمساعدة وتحرير الخطابات للرئاسة، فتم التعاقد معه بتاريخ 9/7/1408هـ على أن يقوم المدعي بإكمال أعمال العظم والقيام بأعمال التشطيب، وأنه لذلك أضاف فوق المبالغ التي لديه (843.500) ريال مبلغاً آخر مقابل التشطيب، فأصبحت قيمة العقد (1.238.705) ريالات، حين تحرير ذلك العقد، إلا أنه وهو بصدد تنفيذ هذا العقد فوجئ بأن الرئاسة قد سبق أن وجهت عدة إنذارات للمدعى عليه بسحب المشروع، والنظام لديها هو حجز جميع مقابل المدارس إذا كان المقاول متأخراً في إنهاء الأعمال، وعليه فقد تعطلت المستخلصات بسبب يعود للمدعى عليه، وأضاف المدعي أن تحديد مبلغ (1.238.705) ريالات كمقابل التشطيب والمتبقي من العظم إنما كان ذلك حسابياً فقط، والمعروف أن المتبقي من أعمال العظم وقيمتها (1.368.500) ريال تسلم منها بموجب شيكات مبلغ (625.000) ريال، فيتبقى له (845.500) ريال بغض النظر عن التشطيب، لأنه عقد لاحق على عقد العظم، وقد دخلت في ذمة المدعى عليه قيمة المواد والأعمال التي قام بإنهائها، وختم مذكرته بأن المادة (3) من عقد التشطيب تلزم المدعى عليه بالوقوف بجانبه حتى تسليم المشروع، بينما تهرب من ذلك، مما أوقعه في إرباك شديد، ومن ذلك أنه فوجئ بعقود قد أبرمها المدعى عليه لأعمال الحدادة والنجارة والألمنيوم ….. إلخ دون أن يخبر بها، بالإضافة إلى أن العمل في المدارس الأخرى التي التزم المدعى عليه بها أمام الرئاسة قد أثرت في المستخلصات، وفي ختام مذكرته طلب الحكم له بمبلغ (843.500) ريال. وباطلاع المدعى عليه وكالة أجاب بما حاصله أن مدة أعمال العظم سبعة أشهر تبدأ من استلام الموقع الذي تم في تاريخ التعاقد ذاته 4/4/1406هـ ، إلا أن المدعي لم يفِ بذلك، حيث جاوز في ذلك السنة، مما ألحق بموكله الضرر، وبتاريخ 9/7/1408هـ حضر المدعي إلى الرياض، وطلب الاتفاق على الاستمرار في العمل وتكملة مرحلة التشطيب، وما تبقى من مرحلة العظم، على أن يتنازل عليه المدعى عليه عن المتبقي من قيمة المشروع وقدره (1.238.705) ريالات بعد حسم غرامة التأخير بنسبة (10%)، وأن يقوم المدعي بتحمل مسؤوليات العمل كاملة، كما يلتزم بالعقود المبرمة مع الغير كالنجارة والحدادة والألمنيوم والسباكة، ومحاسبتهم من المبلغ نفسه المتفق عليه بالعقد الجديد، كما التزم بدفع الديون المتوجبة لبعض المتعاملين مع المدعى عليه قبل كتابة هذا العقد، كما التزم في البند الخامس بمسؤوليته عن أي إجراء نظامي يتخذ ضد سير العمل، والمبلغ المتفق عليه يشمل قيمة مرحلة التشطيب، وما تبقى للمدعي من قيمة أعمال مرحلة العظم التي لم يتم إنجازها عند كتابة عقد التشطيب، وبناءً على طلب المدعي فقد منحه المدعى عليه خطاب تنازل عن جميع المستخلصات المتبقية، وبموجب ذلك قام المدعي بالتعقيب على المستخلص الخامس، وبناءً عليه فإن مسؤولية سحب المشروع تقع على المدعي، حيث تسلم الموقع في 4/4/1406هـ وسحب منه المشروع في 9/2/1409هـ ، ولم يكن المدعى عليه متدخلاً في أعماله، وليس له جزء في تنفيذ العمل، وإنما نسبة مقتطعة من قيمة العقد نظير التنازل عن العقد كاملاً، أما ما يذكره حول خطابات الإنذار فتدحضه المستندات، خاصة إذا قورنت بتواريخ العقود المبرمة معه، وذكر وكيل المدعى عليه أن المدعي استلم لقاء تلك الأعمال بموجب الكشف المرفق مبلغ (661.500) ريال، علاوة على المستخلص الخامس الذي استلمه المدعي كاملاً، ويمثل (13%) من قيمة كامل عطاء المدرسة، وقدم بياناً بالشيكات التي تم بموجبها الاستلام، عدا مبلغ عشرين ألف ريال ذكر أن تسليمها للمدعي كان مناولة، ومبلغ ألف وخمسمائة ريال بموجب شيك للمدعو…..، وبناءً عليه فإنه يطلب رد الدعوى. بعد ذلك عقَّب المدعي بأنه يقر باستلام بمبلغ (640.000) ريال، وهو كامل ما استلمه طوال مرحلة العظم، أما مبلغ عشرين ألف ريال، وألف وخمسمائة ريال، فإنه ينكرها وينكر أنه فوض أخيه في استلام المبلغ الأول، ولم يستلم هو المبلغ الثاني، أما المستخلص الخامس البالغ (237.000) ريال، فاستلمه بشأن التشطيب، على الرغم من أن تكلفة أعمال التشطيب التي قام بها تزيد على خمسمائة ألف ريال، وعليه فإن المتبقي له من أعمال العظم مبلغ (728.570) ريالاً، وأضاف أن العقد يخول المدعى عليه تكملة العقد على حساب المدعي، وهذا يرد ما يذكره من الإخلال بالعقد على فرض حدوثه، بينما هو الذي أخل بالعقد، فلم يقم بدفع الدفعات المالية حسب البند رقم (10) حيث لم يدفعها كاملة، كما لم يقم بتأمين المهندس المشرف على المشروع، مخالفاً بذلك البند (4) والإنذارات الصادرة من الرئاسة إلى المدعى عليه قبل عقد التشطيب، التي تدل على حدوث إخلالات كثيرة منه قبل التعاقد على هذه المرحلة، وعليه فإنه يطلب الحكم له بمبلغ (991.570) ريالاً، وأضاف بأن سير العمل واعتماد العينات يتطلب وجود المدعى عليه شخصياً لكتابة هذه الطلبات على أوراق مؤسسته والختم عليها إلا أنه اختفى، كما أن السحب قد ارتبط أيضاً بمدرستين أهمل فيهما المدعى عليه كذلك، أما الاختلاف الحاصل في مبلغ المطالبة، فإنه بناءً على ما قدمه المدعى عليه، وبالرجوع إلى المستندات وما إذا كانت الدعوى تشمل عقد التشطيب من عدمه، فإنه يحصر المطالبة في هذه الدعوى فيما تبقى من قيمة أعمال العظم وقدرها (728.500) ريال، وأنه سوف يقيم دعوى مستقلة عن مرحلة التشطيب. وقد أجاب وكيل المدعى عليه عن ذلك بأنه يتمسك بعقد التشطيب، ويتحفظ على حقوق موكله في ذلك، وبجلسة تالية عقَّب المدعي بأنه قام بالأعمال دون أي دفعة مقدمة، وأنه عند تحرير عقد العظم أفاد المدعى عليه بأن مرحلة العظم على ثلاثة مستخلصات، الأول يصرف عند الانتهاء من أعمال الأساسات والردميات، وقد تم القيام بالعمل على الوجه الأكمل، ثم جرى القيام بأعمال السقف الأول والشروع في السقف الثاني وهذا باعترافه الموجه للرئاسة بتاريخ 26/11/1406هـ ، وهذا ما يعادل (75%) من قيمة الأعمال المتفق عليها، كما أن المدعى عليه قام بسحب المهندس، مما أثر سلبا في العمل، وعلى الرغم من تأخر المستخلصات، فإن المدعى عليه بعد استلامه للمستخلص الأول بنسبة (8%) من قيمة المشروع لم يسلم سوى مبلغ قدره مائة وثلاثون ألف ريال، بينما يصل الاستحقاق مبلغاً قدره مائة وستون ألفاً، والدفعة الثانية (15%) من قيمة المشروع لم يسلم منها سوى مبلغ مائتين وخمسين ألف ريال، بينما الاستحقاق مبلغ مائتين وتسعة وتسعين ألفاً وثمانمائة وثمانية ريالات، وكذا الدفعة الثالثة التي تصرف بعد الانتهاء من مرحلة العظم بنسبة (15%) من قيمة المشروع لم يسلم منها سوى مائتين وخمسين ألفا، بينما يصل الاستحقاق مبلغ مائتين وتسعة وتسعين ألفاً وثمانمائة وثمانية ريالات، مما أضر به كثيراً، بالإضافة إلى أن المستخلصين الثاني والثالث لم يصرفا إلا بعد الانتهاء من مرحلة العظم، وتأخرهما ثابت في خطاب المدعى عليه آنف الذكر الموجه للرئاسة، يضاف إلى ما استلم في الدفعتين الثانية والثالثة مبلغ عشرة آلاف ريال – حسب بيانات المدعى عليه – ، ليكون الذي صرف من المستخلصين الاثنين مبلغ خمسمائة وعشرة آلاف ريال، وعند استلام المدعى عليه للمستخلص الأخير تعاقد مع….. وغادر تبوك فذهبنا نبحث عنه في الرياض، وكان ذلك في شهر رجب من عام 1407هـ تقريباً، وبعد ما يقارب السنة تم العثور عليه عن طريق أحد عماله، فقال: أنا لا أستطيع تشطيب ثلاث مدارس، فقلت له: ارجع معنا إلى تبوك ونحن نقف معك أنت تشطب مدرسة ….. و ….. يشطب مدرسة …..، وأنا أشطب مدرسة …..، وقد استعد لكنه أخلف، وبمجرد ما عمل العقد اختفى ثانية، وقد أفادنا المهندس المشرف على المدارس بضرورة أن يحضر صاحب المؤسسة أو وكيل شرعي سعودي عنه يحمل أوراق المؤسسة والختم، وطردنا من المكتب لعدم شرعيتنا للمراجعة، والمدعى عليه لو رأى فينا قصورا لكان في إمكانه أن يقوم بالعمل على حسابنا طبقاً للبند الثامن من العقد، كما أنه بتاريخ 18/1/1407هـ قام بإلغاء الغرامة المنصوص عليها في العقد، وهي (5%) من مستحقات العظم، وهذا أكبر برهان على رد ما يدعيه وكيل المدعى عليه. بعد هذا أجاب وكيل المدعى عليه بما حاصله أن العقد الثاني إنما كان نزولاً عند رغبة المدعي، وبخصوص المهندس المشرف فإنه كان هناك إشراف من قبلنا، وآخرهم كان مكتب ….. الهندسي، أما ما أورده المدعي عن مراحل العظم، وطريقة الدفعات فهذا شيء ثابت في عقد المؤسسة المدعى عليها مع الرئاسة الذي اطلع عليه المدعي، ومن ثَمَّ جرى تحرير العقد الأول برضا الطرفين، أما ما ادعاه حول الدفعات التي كان يستلمها فقد ورد توضيحها في الفقرة العاشرة من العقد الأول، بحيث يدفع له المدعى عليه (90%) من إجمالي قيمة كل من المستخلصات الأول والثاني والثالث، ويسدد له بقيمة مستخلصاته عن مرحلة العظم بعد إنجازها من المستخلصين الرابع والخامس، أما المرحلة الثانية من العقد فإن المدعي قد تعاقد وتحمل كافة تبعات العمل نظير مبلغ مقطوع شامل لكل ما يستحقه من مرحلتي أعماله في العظم والتشطيب، وقد تنازل له المدعى عليه عن قيمة المستخلصات وزوده بتفويض يمَكّنه من متابعة أعماله وتعقيب المستخلصات واستلام الشيكات، وموكله كان يتابع سير المعاملات بين الحين والآخر لدى الرئاسة، كلما دعت الضرورة لذلك، والملاحظ من صيغة العقد الثاني أنه قد ألغى العمل بنصوص العقد الأول، وأصبحت مسؤولية العمل كافة على الطرف الثاني دون أي التزام على المدعى عليه، باستثناء مراجعة الرئاسة، ولو أخذنا بنصوص العقد الأول لوجدناه حجة على المدعي وليس له، فتاريخ العقد واستلام الموقع في 4/4/1406هـ ومدة العقد سبعة أشهر، حيث انقضت سنتان دون أن يتمكن من إنجاز مرحلة العظم، بعدها تم تحرير العقد الثاني أملاً في أن يعوض ما فرَّط فيه، إلا أنه لم يكن أفضل مما كان عليه في المرة الأولى، وتم سحب المشروع، وعليه نطلب رد الدعوى. وبمذكرة لوكيل المدعى عليه لاحقة أضاف بأن المدعي عند التوقيع على العقد الثاني بتاريخ 9/7/1408هـ لم ينفِّذ مرحلة العظم كاملة، حيث إن جملة ما نفَّذه في المرحلة الأولى بلغ (1163م2) قبل توقيع العقد الثاني، والجزء الكبير من مرحلة العظم لم ينفَّذ، ورُحل إلى عقد التشطيب، وبمبلغ مقطوع كما نَصَّ عليه العقد الثاني، فالمدعي ألزم نفسه نهائياً بكافة العقود والأضرار والغرامات الناجمة عن هذه العملية، وقد تسبب في سحب المشروع نتيجة إخلاله، ونجم عن ذلك استكمال المشروع على حساب المدعى عليه، وفرض الغرامات كاملة، وسحب الضمانات وفروق الترسية….. إلخ، ومن كل ما تقدم يتضح أن المدعي لا يستحق إلا ما نفَّذه من أمتار العظم للمرحلة الأولى، ويجب عليه دفع ما تسبب فيه من خسارة عن بقية المرحلة الأولى والمرحلة الثانية كاملة. وباطلاع المدعي على ذلك قدم عدة مذكرات محصلتها أنه بخصوص العقد الأول فقد تم إكمال بناء العظم فيما عدا بعض الفتحات في البوابة وبعض الفتحات الأخرى بناءً على طلب المدعى عليه لأجل إيصال المواد، وقد بلغت مسطحات العظم (2401م2)، أي أن مستحقات مرحلة العظم (1.368.500) ريال، استلم منها مبلغ (645.000) ريال، كما شرح المدعى عليه خلف العقد بإلغاء غرامة التأخير (5%)، ومما يثبت الانتهاء من مرحلة العظم أن هذه المرحلة لها ثلاثة مستخلصات، وقد صرفت جميعها، وقد كان صرفها يتأخر بعد انتهاء كل مرحلة بفترة تصل إلى خمسة أشهر، ودليل ذلك خطاب المدعى عليه سابق الذكر المؤرخ في 26/11/1406هـ الذي يعترف فيه أننا في مرحلة السقف الثاني ولم نستلم الدفعة الثانية المستحقة للدور الأول، ولم نستلمها إلا في 2/1/1407هـ ، وكذلك أنهينا أعمال الدور الثاني – وهو نهاية مرحلة العظم – في نهاية الشهر الأول من عام 1407هـ ولم نستلم دفعتنا إلا في 25/6/1407هـ ، كذلك بدأ هو بأعمال اللياسة وتعاقد مع عمَّال بعد هذا التاريخ وبدأوا بالعمل، وهذا يعتبر استلاماً بحد ذاته، وسافر إلى الرياض، وبعد استلامه للمستخلص المذكور صرف لنا مبلغ مائتين وخمسين ألفا في 25/6/1407هـ كما ذكرنا، ومن بعد هذا التاريخ اختفى حتى تم التعاقد معه بالعقد الثاني على النحو سالف البيان، ولكن بعد توقيع العقد اختفى ثانية وكنا بدأنا في أعمال العقد الثاني، وكل يوم ننتظره حتى أبلغتنا الرئاسة بأن العمل يجري بدون موافقتها، وأن أي عمل يجري القيام به دون اعتماد من حق الرئاسة رفضه، وكان قد أرسل مستخلصاً للمدرسة إلى الرياض، وقد طلبت الرئاسة من المدعى عليه الحضور ثم سحبت المشروع، وبعد سحب المشروع قام الدائنون وأصحاب الورش بتقديم شكوى ضدنا فدفعنا (70%) من قيمة الأعمال لديهم التي لم تركب بعد، وعليه تكون قيمة أعمال التشطيب مبلغ خمسمائة ألف ريال، وصل منها مبلغ (237.000) ريال، وبناءً على ما تقدم نطلب الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يدفع لنا مبلغ (976.750) ريالاً شاملاً حقوقنا لمرحلتي العظم والتشطيب. وأثناء نظر الدعوى خاطبت الدائرة كلاً من رئاسة تعليم البنات، وفرع ديوان المظالم بجدة، لاستظهار ما لديهما حول النزاع القائم، فورد الجواب بتعذر ذلك حتى صدور الحكم وتدقيقه في النزاع القائم بين المدعى عليه بصفته المقاول الأصلي، وبين الرئاسة المنظور بفرع الديوان بجدة. بعد ذلك ورد للدائرة على التوالي خطاب الرئاسة المؤرخ في 1/6/1414هـ حول ما تم إنجازه حتى تاريخ السحب، وخطاب فرع الديوان بجدة المؤرخ في 3/12/1415هـ بكامل أوراق القضية المقامة من المدعى عليه ضد الرئاسة، والحكم الصادر فيها بعد تدقيقه رقم (27/د/1/9 لعام 1415هـ) ، وخطاب الرئاسة المؤرخ في 22/5/1416هـ حول تسوية المركز المالي للمدرسة محل النزاع وفق حكم الديوان بجدة، وقد أطلعت الدائرة طرفي القضية الماثلة على جميع ذلك، بعده قرر الطرفان ختم أقوالهما.

الأسباب

وحيث إن الثابت بموجب أوراق القضية ومستنداتها ما يلي: 1- نَصَّ العقد اللاحق والأخير بين الطرفين المؤرخ في 9/7/1408هـ على أنه: (وافق الطرف الأول – المدعى عليه – على تقبيل أعمال التشطيب مع المواد وما تبقى من أعمال مرحلة العظم في مدرسة البنات المبسطة بحي ….. في مدينة تبوك إلى الطرف الثاني، نظير مبلغ قدره مليون ومائتان وثمانية وثلاثون ألفاً وسبعمائة وخمسة ريالات (1.238.705)، وهو جملة المبلغ المتبقي من قيمة العقد بعد حسم غرامة التأخير بنسبة (10%)، على أن يلتزم الطرف الثاني بإحضار جميع المواد اللازمة للعمل والعمالة على حسابه، ويتعهد الطرف الأول ويلتزم بأن يعمل تفويضاً للطرف الثاني يمَّكنه من تعقيب واستلام المستخلصات الخاصة بهذه المرحلة من العمل في المدرسة المذكورة، كما يلتزم الطرف الأول بأن يستمر بالوقوف إلى جانب الطرف الثاني، ابتداءً من تاريخ تدوين هذا العقد وحتى تسليم المشروع، وفي حال استلام الطرف الثاني لبعض المستخلصات وتوقفه عن العمل لأي سبب من الأسباب يحق للطرف الأول سحب العمل من الطرف الثاني، وتعتبر المبالغ التي استلمها من ضمن مستحقاته في مرحلة العظم، ولا يحق له المطالبة بأي تعويض عن الأعمال التي أنجزها بعد كتابة هذا العقد، كما يتحمل أية مسؤولية أو إجراء نتيجة توقف العمل، ويعتبر المبلغ المتفق عليه في هذ العقد وقدره مليون ومائتان وثمانية وثلاثون ألفاً وسبعمائة وخمسة ريالات شامل المستحقات للطرف الثاني عن مرحلة التشطيب مع المواد، وبقية مستحقاته عن مرحلة العظم المتبقية لدى الطرف الأول، ويلتزم الطرف الثاني بتحمل أية حسميات بالنسبة لغرامات الإشراف إذا وجدت دون أي التزام من جانب الطرف الأول لهذا البند بعد أن تحولت مسؤولية متابعة واستلام المستخلصات إلى الطرف الثاني …..).

2- وبشأن مرحلة العظم نَصَّ خطاب الرئاسة الجوابي للديوان المؤرخ في 1/6/1414هـ ومرفقاته على أنه قد تم الانتهاء من أعمال الأساسات والردميات بنسبة (100%)، ولكن الردميات حول المبنى تمت بدون إشراف ويلزم إعادتها، وتم الانتهاء من أعمدة ومباني وسقف الدور الأرضي بنسبة (100%)، فيما عدا مباني جزء من الدور بطول (3) أمتار، وتم الانتهاء من خرسانات الأساسات والأعمدة والسقف لسكن الحارس، ولكن ينقص خرسانات جزء من الدور وأعتاب الأبواب والنوافذ وخرسانات الأرضيات، وتم نحو (30%) من مبنى سكن الحارس، وكذلك تمت خرسانات (الترنش) وأرضية وحائط خزان المياه الأرضي، ولم يبدأ بعد في الأسوار، ويلاحظ أن المقاول قد قام بهدم جزء من السور القديم.

3- ونص حكم ديوان المظالم بجدة المشار إليه على أن محضر سحب المشروع قد أثبت تنفيذ المقاول الكثير من أعمال هذه المدرسة، وبالتالي يستحق المقابل المالي للأعمال التي أنجزها طبقاً للشروط والمواصفات والرسومات المتفق عليها، وأنه بالاطلاع على المستندات وعلى تقرير الخبرة استبان أن إجمالي قيمة الأعمال المنفَّذة من قبل المقاول في مدرسة….. بلغت (44/1.366.654) ريالاً، وأن إجمالي قيمة الأعمال الإضافية بلغت (23/8.618) ريالاً، يخصم منها تكاليف إعادة تشييد السور وقدرها (2.880) ريالاً، وكذلك صافي المبالغ المصروفة وقدرها (18/1.047.589) ريالاً، ويتبقى للمقاول مبلغ قدره (87/324.802) ريالاً، وترى الدائرة مصدرة الحكم الموافقة على ما انتهى إليه التقرير محمولاً على أسبابه، وبذلك يستحق المقاول المبلغ المتبقي له في تلك المدرسة على النحو السالف ذكره، ولا ترى الدائرة مانعاً من الإفراج عن الضمان النهائي بعد التحقق من الوفاء بجميع الالتزامات العقدية، وسداد جميع المبالغ المستحقة والمتبقية من غرامة التأخير وأتعاب الإشراف وتكاليف الحراسة وغرامة المهندس وفرق التنفيذ، وأضاف الحكم بأن من الواجب إلزام المقاول بغرامة التأخير بحدها الأقصى من قيمة الأعمال المنفَّذة، طبقاً لنص المادة (9/أ) من نظام تأمين مشتريات الحكومة، والمادة (37) من لائحته والمادة (3 / د) من العقد، ويلتزم أيضا بأتعاب الإشراف عن مدة التأخير، أي خلال الفترة من تاريخ انتهاء مدة العقد حتى تاريخ السحب بتاريخ 9/2/1409هـ ، والثابت من تقرير الخبرة وأوامر الصرف المرفقة بالدعوى أن الرئاسة حسمت من مستحقات المقاول حساب غرامة التأخير مبلغاً قدره (69/28.858) ريال، ومن ثَمَّ يلتزم المقاول بسداد المتبقي من غرامة التأخير، بالإضافة إلى أتعاب الإشراف عن مدة التأخير المذكورة. كما قرر الحكم إلزام المقاول بتكاليف حراسة المبنى لمدة ثلاثة أشهر من سحب المشروع. وأما بالنسبة لغرامة تغيب الملاحظ، فقد نصت المادة (6 / ي) من العقد على أنه يتعهد المقاول بتكليف ملاحظ فني للإشراف على سير العمل بالموقع بصفة دائمة ومستمرة، ويلتزم بجميع تكاليفه، وفي حالة عدم التزامه بذلك يحسم عليه غرامة قدرها مائة ريال عن كل يوم يتغيب فيه الملاحظ، ويلزم اعتماد الملاحظ الفني من قبل إدارة التعليم المختصة، وبالاطلاع على تقارير سير العمل استبان أن المقاول لم يؤمن المهندس المشرف على مدرسة….. اعتباراً من تاريخ إعداد التقرير رقم (1) يوم 21/3/1406هـ حتى 14/5/1407هـ ، حيث تواجد المهندس….. في التقرير رقم (26)، ثم تغيب يوم 6/6/1407هـ ويوم 20/6/1407هـ ، واستمر في غيابه حتى 17/2/1409هـ تاريخ التقرير رقم (68)، وبذلك يتضح أن المقاول قد أخل بالتزامه بتأمين المهندس المشرف، إذ حضر المهندس لمدة (37) يوماً، وبذلك يستحق عليه غرامة غياب المهندس، ويلتزم بدفع القدر المتبقي منها وقدره (55.750) ريالاً والموضحة تفصيلاً بتقرير الخبرة. وبناءً عليه انتهى الحكم إلى إلزام الرئاسة بأن تحتسب للمقاول المبالغ المتبقية من قيمة الأعمال المشار إليها التي نفَّذها، وبالإفراج عن الضمان النهائي بعد تسوية المركز المالي وفق الفقرة التالية من الحكم، وهي إلزام المقاول بالمتبقي من غرامة التأخير بحدها الأقصى، والمتبقي من غرامة المهندس السابق ذكرها، وأتعاب الإشراف عن مدة التأخير حتى تاريخ السحب، وفي أتعاب الحراسة لمدة ثلاثة أشهر.

4- وبشأن تسوية المركز المالي للمشروع محل الدعوى وفق حكم الديوان بجدة، نَصَّ خطاب الرئاسة الجوابي المؤرخ في 22/5/1416هـ على أن: أولاً: ما سبق صرفه للمقاول هو (49/1.132.148) ريالاً. وما نفِّذ على حسابه هو (10/1.238.720) ريالاً. وما حكم به الديوان قدره (87/324.802) ريالاً، ليكون المجموع (46/2.695.671) ريالاً. ثانياً: الغرامات: 1- غرامة التأخير (10% = 269.567) يحسم منها ما سبق حسمه = (69/28.858)، ليكون المتبقي من غرامة التأخير هو (46/240.708) ريالاً. 2- بقية الغرامات: غرامة أتعاب الإشراف (46/240.708) ريالاً، وتكاليف حراسة (48/38.031) ريالاً، وغرامة ملاحظ (00/9.000) ريالاً يضاف لها (00/17.600) ريالاً، ومن ثَمَّ يكون إجمالي ثلث الغرامات (94/305.339) ريالاً. ثالثاً: ويتضح مما سبق أن المقاول – المدعى عليه – يستحق مبلغ (87/324.802) ريالاً، وهو ما حكم به الديوان، يخصم من جملة الغرامات المستحقة عليه، وبناءً على ما تقدم، فإن الدائرة تنتهي إلى حاكمية العقد الثاني المشار إليه في النزاع القائم في خصوص ما نَصَّ عليه، واحتساب مستحقات المدعي السابقة واللاحقة على أساسه، في ضوء بقية مستندات القضية، ذلك أن هذا العقد باعتباره اللاحق والأخير يعتبر ناسخاً لما تقدمه في خصوص ما نَصَّ عليه، وعلى الأخص أنه قد نَصَّ على تحديد تلك المستحقات مجتمعة، الأمر الذي لا يمكن معه إفراد مستحقاته عن مرحلة العظم أو تحديدها وفق العقد الأول، مما تنتهي الدائرة معه إلى قصر الحكم له من جميع ما تبقى من مستحقاته بما تبقى من قيمة الأعمال المستحقة في ظل العقد اللاحق المشار إليه، وعليه فإنه لما كان الثابت بموجب حكم الديوان بجدة وخطاب الرئاسة المشار إليهما أن ما تبقى من مستحقات المقاول عن الأعمال التي تم تنفيذها حتى تاريخ سحب المشروع هو مبلغ (87/234.802) ريالاً، فإن الدائرة تنتهي إلى أحقية المدعي بهذا المبلغ، وفق العقد المبرم بين الطرفين، أما الغرامات المستحقة على المقاول نتيجة تغيب الملاحظ، وتأخر المشروع التي أبانها حكم الديوان بجدة، وحددها خطاب الرئاسة، فإن الذي يتحملها هو من كان السبب في ذلك، ولما كان الثابت بموجب أوراق القضية وواقعاتها قيام شواهد ذلك في حق المدعى عليه، وذلك على النحو الآتي:

  • لم يتم التعاقد مع المدعي وتسليمه الموقع إلا بعد مرور شهرين من استلام الموقع من الرئاسة، وهو ما يمثل نسبة (13%) من الجدول الزمني للأعمال حسب تقرير المعاينة المرفق رقم (4)، وهذا الأمر وإن كان خارج التعاقد، إلا أن له دلالته العامة على قدر جدية واستعداد المدعى عليه في نفسه وإدارته وإمكاناته، خاصة أنه أرسى تلك الأعمال على المدعي دون دفعة مقدمة أو حتى لاحقة حتى صرف الرئاسة لمستخلصات الأعمال.

  • تأخر مستخلصات المشروع، وهو الثابت من مستندات القضية وما قرره المدعى عليه نفسه أمام الرئاسة وفرع الديوان بجدة، ومن المعلوم ارتباط البرنامج الزمني للعمل بالفترة المحددة لتمويله بحساب الالتزام بالتمويل في موعده أو قريباً منه أحد أركان العقد وعليه قيامه.

  • عدم وفاء المدعى عليه بدفع كامل مستحقات أعمال المدعي في مرحة العظم زمنا وقدراً، والمحددة بسعر (570) ريالاً للمتر المسطح، بقياس بلاطة السقف كاملة، بما في ذلك البارز بواقع (90%) من المستخلصات الثلاثة الأولى – الخاصة بهذه المرحلة – وما تبقى منها يكون من المستخلصين الرابع والخامس، وذلك بنقصان حقه الواجب في المستخلصات الثلاثة الأولى، وحجب ما تبقى له في المستخلصين الرابع والخامس، وذلك بعدم التزام المدعى عليه أصلاً بتنفيذ ما يقابلها من أعمال التشطيب في حينه بتوقفه عن العمل بالكلية خلال الفترة العاقبة لأعمال العظم لأكثر من عام، أي حتى توقيع العقد اللاحق على ما سيأتي بيانه. وهذا هو الثابت دون خلاف بموجب منطوق العقد اللاحق، وبموجب ما قرره المدعى عليه في خصوص المصروف من مستحقات المدعي، ويعد هذا بلا ريب إخلالاً من المدعى عليه بالعقد في حينه، ومنذ فترة مبكرة في العلاقة بينهما، وهو الأمر الذي يفسر أيضاً طبيعة العلاقة التي تجددت بعد ذلك بين الطرفين للقيام بأعمال التشطيب على نحو ما سيأتي تفصيله.

  • صرف الرئاسة لكامل المستخلصات الثلاثة الخاصة بمرحلة العظم قبل تاريخ توقيع العقد اللاحق بين الطرفين بفترة طويلة يؤكد استكمال المدعي لأعمال العظم في حينها، وأن ما أشير إليه بعد ذلك في العقد اللاحق عمَّا تبقى منها ما هو إلا أشياء يسيرة لم تحل دون ذلك، بالإضافة إلى ما سيأتي من شواهد في هذا الخصوص.

  • كما يؤكد ذلك تقرير الخبرة المرفق الذي نَصَّ على أن أعمال العظم قد تمت (100%) في كل من المستخلصين الأول والثاني، وبنسبة (99.94%) في المستخلص الثالث، وأنه يقابل ذلك في الوقت ذاته أعمال إضافية في المرحلة ذاتها. وتضيف الدائرة أنه يقابل ذلك أيضاً ثبوت تغيب المشرف الملاحظ المعيَّن من قبل المدعى عليه – بموجب العقد – بشكل سافر عن العمل، بالإضافة إلى تغيبه نفسه عن المنطقة على نحو ما سيأتي تقريره.

  • إعفاء المدعى عليه للمدعي من غرامة التأخير (5%) المنصوص عليها في العقد الأول، والمثبت على ظهر العقد دليل قاطع بحد ذاته على انتفاء نسبة شيء من سبب التأخير – وإن حصل التأخير – عن المدعي وهذا الإعفاء هو ما أكد صحته وكيل المدعى عليه بضبط الجلسة.

  • العقد اللاحق والأخير الحاكم على النزاع المتقدم بيانه أكد ذلك بقوله: (وفي حال استلام الطرف الثاني لبعض المستخلصات – التي هي من أعمال التشطيب – وتوقفه عن العمل لأي سبب من الأسباب يحق للطرف الأول سحب العمل من الطرف الثاني، وتعتبر المبالغ التي استلمها من ضمن مستحقاته في مرحلة العظم). وهذا له دلالته الصريحة على قدر ما حجبه المدعى عليه من مستحقات المدعي دون وجه حق، طالما أن الثابت أنه نفى عنه أي إخلال بالتعاقد بإعفائه من غرامة التأخير (5%)، ويشهد لذلك أيضاً مقارنة ما استلمه المدعي عن تلك المرحلة بما نَصَّ عليه العقد الأول من مستحقاته فيها.

  • وما تقدم آنفاً يقرر بجلاء – إلى جانب ملابسات التعاقد الآتي بيانها – أن توقيع المدعي على العقد اللاحق جملة وتفصيلاً قد شابه نوع من الدافع الاضطراري، على العكس من المدعى عليه، على نحو ما سيأتي، وهذا أمر لا يمكن إغفاله عن النظر في مسار النزاع في القضية بعامة والغرامة بخاصة.

  • انتهاء فترة العقد بين المدعى عليه وبين الرئاسة بكاملها قبل تاريخ توقيع عقد التشطيب بين الطرفين بأكثر من سنة، ودن إشارة إلى ذلك، على الرغم من أثره، يضحي معه العقد مشتملاً على نوع من الغرر من جهة المدعى عليه.

  • نَصَّ كل من العقد الأول والعقد اللاحق – طيلة فترة التعاقد – على أن للمدعى عليه الحق في سحب العمل والتنفيذ على حساب المدعي، وعلى الرغم من كل ذلك لم ينذر المدعى عليه المدعي أو يحثه بذلك، فضلاً عن أي يقوم بتطبيق ذلك، بل إنه عمد إلى توقيع العقد اللاحق دونما أن يكون هناك ما يدعوه إلى ذلك، عدا ما كان يعلمه من حال المشروع أمام الرئاسة، وما يراه من – اضطرار – المدعي لتدارك ما حجب من مستحقاته السابقة، وهو ما يفسر الطريقة التي تم عليها التعاقد من قبله.

  • ما يذكره المدعي من اختفاء المدعى عليه من المنطقة لأكثر من سنة بعد مرحلة العظم، وأنه سافر إلى الرياض للبحث عنه لاستحصال مستحقاته، يعضده ما أشارت إليه المستندات المقدمة من الرئاسة المرفقة وفي طليعتها تقارير المعاينة من أن العمل قد توقف بالكلية في تلك الفترة، كما يشهد لذلك عدم تأمينه للمشرف الملاحظ على نحو ما سيأتي تقريره. فقد نص العقد اللاحق صراحة وبشكل لا لبس فيه على وجوب وقوف المدعى عليه إلى جانب المدعي ابتداءً من توقيع العقد وحتى تسليمه للرئاسة، ومن ذلك اعتماد المشرف الملاحظ، واعتماد العينات والأعمال، والتي لها طبيعتها الخاصة في هذه المرحلة كثرة وتنوعاً وتوالياً، يشدد من ذلك عدم أخذ المدعى عليه الموافقة من الرئاسة على مقاولي الباطن، وأنه لا يمكن توكيل المدعي كونه غير سعودي، وبغض النظر عن التزام المدعى عليه الجزئي واليسير والقصير في هذا المقام، إلا أن شواهد الحال وأوراق القضية تشهد بإخلاله العام والغالب في ذلك، ومن ثَمَّ يعتبر مخلاً بشرط من شروط العقد التي لا قيام لأعماله إلا بها، فهذه خطابات الرئاسة تستدعيه لحضور عملية السحب وحصر الأعمال دون جدوى، كما يشهد لذلك حال المدارس الأخرى التي تولى مقاولتها وواقع المشرف الملاحظ، بالإضافة إلى عدم ظهور دوره الفاعل بصورة عامة في كافة مراحل العمل، وهو ما أشير إلى شيء منه آنفاً عند بيان حقه في سحب العمل أو الإنذار به.

  • عدم التزام المدعى عليه بتأمين أو اعتماد المشرف الملاحظ على المشروع طيلة مدة المشروع الأصلية واللاحقة أي لمدة ثلاث سنوات، حيث نَصَّ حكم الديوان بجدة المبني على مستندات المشروع – كما سبق بيانه – بأن المشرف الملاحظ من قبل المدعى عليه لم يكن متواجداً إلا لما مجموعه (37) يوماً فحسب، رغم نص العقد على لزوم تواجده يومياً، كما نَصَّ الحكم على وقوع ذلك في المدارس الأخرى التي تولى المدعى عليه مقاولتها، وهذا دليل على إخلاله بالتزاماته في هذا الخصوص، ومن جهة أخرى دليل على عدم تواجده ووقوفه بنفسه إلى جانب مقاول الباطن، وهو ما يبرهن في الوقت ذاته على تنحية أسباب تعثر المشروع عن المدعي.

  • ظهور التأخير في أعمال المدارس الثلاث التي تولى المدعى عليه مقاولتها بالمنطقة على السواء، بالرغم من أن المدعي ليس مقاولاً من الباطن إلا في واحدة منها، مما يشير إلى نشوء مصدر ذلك من جهة واحدة تجمعها، وهو المقاول الأصلي ما لم يثبت العكس، ويضاعف من تأثر المدعي بذلك ما يذكره من ارتباط مستخلصات المدارس الثلاث ببعضها حسبما هو معمول به لدى الرئاسة، طالما أن المقاول الأصلي واحد.

  • وأما أسباب التأخير في حق المدعي فما كان منها منسوباً إلى مرحلة العظم فمردود قطعاً بإعفائه من قبل المدعى عليه من غرامة التأخير، وما كان منها بعد ذلك فإنه بخصوص توقيعه للعقد اللاحق، فقد كان منه في ظل الظروف والملابسات آنفة البيان، وفي مقدمة ذلك محاولة استحصال مستحقاته عن مرحلة العظم، وأما أعماله في ظل العقد اللاحق فقد كانت متوقفة جبراً على وقوف المدعى عليه بصفته المقاول الأصلي السعودي إلى جانبه، واعتماد المشرف الملاحظ بموجب منطوق العقد، وهو ما أخل به المدعى عليه على نحو ما سبق تقريره، وما كان الأصل في حق المدعي، إلا أنه أحرص ما يكون على إنجاز تلك الأعمال التي أنيط بها تحقق حصوله على مستحقاته السابق استقرارها في ذمة المدعى عليه، وحصوله على مستحقاته عن أعماله اللاحقة في الوقت ذاته.

وحيث إن المقرر في الشريعة المطهرة أن البينة كل ما أبان الحق وكشف عنه، فإنه تأسيساً على جملة ما تقدم تنتهي الدائرة إلى مسؤولية المدعى عليه عن الغرامات المشار إليها بما في ذلك ما كان منها محسوماً من المستخلص الخاص بأعمال التشطيب (الدفعة الرابعة)، بصفته حقاً خالصاً للمدعي عن أعماله بموجب العقد اللاحق، لتكون المستحقات المتبقية للمدعي في ذمة المدعى عليه هي قيمة الأعمال المتبقية في المشروع المتقدم بيانها وقدرها (87/324.802) ريالاً، مضافاً إليها ما تم حسمه من غرامات في المستخلص الخامس (الدفعة الرابعة) بموجب تقرير الخبرة (ص51)، ومستندات الرئاسة المرفقة، وقدر ذلك مبلغ (69/28.858) ريالاً غرامة تأخير، و(11.300) ريال غرامة ملاحظ، وإجمالي ذلك (69/40.158) ريالاً، والحكم للمدعي بإجمالي ذلك وقدره (56/364.961)، ورد ما عدا ذلك من طلبات للطرفين. وإذا كان المدعى عليه قد حُمل الغرامات المشار إليها لأسباب تعود إليه، فإن ذلك يقابله – من غير ارتباط – فوات حق المدعي المتبقي في مرحلة العظم عملاً ومواد – بسبب توقيعه للعقد اللاحق، وذلك على ما سبق تفصيله في موضوعه من هذا الحكم.

ولهذه الأسباب حكمت الدائرة: أولاً: إلزام المدعى عليه ….. بأن يدفع للمدعي ….. مبلغاً قدره ثلاثمائة وأربعة وستون ألفاً وتسعمائة وواحد وستون ريالاً وست وخمسون هللة (56/364.961). ثانياً: رد ما عدا ذلك من طلبات للطرفين.

والله الموفِّق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هيئة التدقيق

حكمت الهيئة: بتأييد الحكم رقم (64 / د / تج / 2 لعام 1416هـ) الصادر في القضية رقم (411 / 1 / ق لعام 1416هـ) فيما انتهى إليه من قضاء.

والله الموفِّق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

error: