القضاء التجاري / تصفّح القرارات قرارات المحكمة العليا
حَدُّ الحرابَةِ
1281
أصح أقوال أهل العلم أن الحرابة تكون في الصحراء والعمران، بل نص بعض العلماء على أن ضرر المحاربين في المصر أعظم من الصحراء فكانوا بالحد أولى؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ….﴾ الآية [المائدة: 33]، ولم يرد في تخصيص الحرابة بالصحراء نص عن الله – عز وجل – أو عن رسول صلى الله عليه وسلم ، فقول من قال: إنها تكون في الصحراء والعمران هو الذي يتفق مع الأدلة الشرعية، وفيه من المصالح العظيمة وحصول الأمن على الأنفس والأموال والحرمات مالله به عليم.1282
المصادقة على حكم بإقامة حد الحرابة على جناة ٍ قاموا عند أحد الأسواق بضرب شخصين بحديدة على رأسيهما، وأخذ المال الذي معهما بتخطيط مسبق، وذلك بضرب أعناقهم بالسيف حداً.1283
الحرابة والسطو إنما يتحقق بالمغالبة والإزعاج، لا بالتسلل والاختفاء.1284
حد الحرابة كغيره من الحدود؛ فمن ثبت عليه بموجبه باعتراف فقط ثم رجع عنه قُبل رجوعه، ولافرق بينه وبين حد السرقة والزنا في ذلك، والحدود تدرأ بالشبهات بالإجماع، والرجوع عن الاعتراف مؤثر.1285
القتل الذي باعثه العداوة، أو الخصام لايُعد حرابة، ولا يدخل في آية المحاربة، وذلك باتفاق العلماء، كما نقله ابن تميمة- رحمة الله – فلا حرابة إلا بقصد انتهاك عرض، أو سلب مال، أو قطع طريق.1286
انتحال شخصية رجال الأمن، واعتراض الناس في طريق المسافرين، وأخذ ما بحوزتهم بالقوة، من جرائم الحرابة؛ لما فيها من زعزعة للأمن وترويع للآمنين واعتداء عليهم.1287
لا يتصور توفر محاربة من شخص لا سلاح معه في داخل البلد.1288
الحرابة تعتمد على المغالبة، وإذا فُقدت فلا حرابة.1289
ليس للقاضي تقرير العقوبة في حد الحرابة، وإنما بعد إثباته لحد الحرابة يقترح ما يراه.1290
المصادقة على حكم بدرء حد الحرابة لرجوعه عن اعترافه الذي فيه فعل فاحشة اللواط بالإكراه، والحكم بقتله تعزيراً لتكرار الفساد منه، وعدم ارتداعه بما أوقع عليه من جزاء.1291
الرجوع عن الاعتراف إذا أثر في الحق العام فإنه لا يؤثر في الحق الخاص، مالاً كان أو جراحة.1292
يدخل في عموم عقوبة حد الحرابة المسلم والكافر؛ لأن العقوبة المنصوص عليها في حد الحرابة ليست لأجل الكفر، وإنما لأجل أمر غير الكفر، فيستوي في ذلك المسلم والكافر، وهو جزاء محصور لصنف محصور، لأجل عمل قام به، والعمل بالدليل الصحيح متعين ما لم يرد ما يخصصه.1293
إسلام الكافر الذي ارتكب موجب حد الحرابة لا يجيز إسقاط الحد عنه؛ لعدم ورود ما يخصصه من عموم الأدلة، ولعدم وجاهة التفريق في ذلك بين المسلم الكافر؛ إذا ينبغي أن يكون المسلم أسعد بالعفو لو استحقه.1294
التفريق بين المسلم والكافر في عقوبة الحرابة، تفريق لايقوم على دليل، فالأدلة العامة لا يصح أن تخصص الدليل الخاص، وإنما الدليل الخاص هو الذي يخصص العموم.1295
المصادقة على حكم بثبوت بدرء الحرابة عن رجل أمن أقر بفعله اللواط وهو يرتدي الزي العكسري بالقوة، وصدق اعترافه بذلك شرعاً، ثم رجع عنه، والحكم عليه بالقتل تعزيراً؛ لخطورة جريمته، خاصةً وهو ممن يراد منه مكافحة الإجرام.
1296
المصادقة على حكم ثبوت جريمة الحرابة بحق المدعى عليهم، والموافقة على اقتراح قطع اليد اليمنى لكل واحد منهم من مفصل الكف، والرجل اليسرى من موضع الشراك ما لم يرجعوا، فإن رجعوا عن اعترافهم أعيدوا للمحكمة؛ لتقرير العقوبة التعزيزية اللازمة.
1297
إذا انتفى حد الحرابة، يقدمَّ النظر في الحق الخاص على الحق العام.
1298
القطع يتحقق من مفصل الكعب، ومن معقد الشراك، ونظراً لأنه لا نص صريح من الشارع يوجب أن يكون القطع من العقب، فإن التيسير الممكن أليق بالشريعة السمحة التي تحقق ما تصلح به الأمة؛ لأن الأخذ بالقطع من معقد الشراك أرفق.
1299
اقتراح سجن من ثبتت جريمة الحرابة عليه إلى أن ثبت صلاحه، ويقل الاعتداء على الناس بالمغالبة والاحتيال والقهر، ولو زاد عن عشر سنوات بالقدر الذي يتراجع معه حصول المقصود من العقوبات.
1300
إذا بدأت الجريمة بالحيلة والخداع، ثم انتهت إلى المغالبة والقهر وسلب ما مع المحروب من نقود وسيارة ونحوها، فهي نوع من أنواع الحرابة.
1301
الحرابة تكون في العمران، كما تكون في الصحراء
1302
لولي الأمر اختيار عقوبة الجريمة المنصوص عليها في آية حد الحرابة لمن ثبت في حقه، ويجب أن يكون مراعى فيه الأصلح في تحقيق مصالح الأمة، وحماية أعراضها، والزجر عن الفساد.
1303
لا يُكتفي ببعض مدة العقوبة بالسجن من حد الحرابة، وينبغي التأنيَّ في أمر إطلاق المدعى عليهم حتى يتحقق ما يستدعى التخفيف، وإندفاع قطع الأيدي والأرجل، أو القتل، إنما هو نوع من الأخذ بالتخفيف، والأخذ بالحزم في أمر الحرابة، وألَّا يخرج من جرم الحرابة إلَّا بعد أن يطول سجنه، ويثبت حفظه لكتاب الله سبحانه، ولمبادئ العقيدة، وفقه العبادات، ويثبت ظهوره بمظهر التُّقي والورع في سلوكه، والتزامه السنة في شخصه، وفي ذلك صلاحه وحماية المجتمع.
1304
متى دُرئ حد الحرابة عن المدعى عليه، وتوجه قتله تعزيراً، فينبغي الحكم بدرء الحد عنه أولاً، ثم الحكم بقتله تعزيراً.
1305
النفي في الحرابة يمكن أن يكون بسجن المحارب بما يحقق ردعه، وزجر غيره؛ لأنه لم يحدد.
1306
إذا درئ حد الحرابة فيرجأ الأمر إلى حين الفصل في الحق الخاص، فإن انتهى بغير القتل، تعيَّن سماع الدعوى بعقابهم لأجل الحق العام.
1307
لابد من النص في الحكم بالحرابة، على أن التنفيذ معلَّق بعدم الرجوع عن الإقرار، إذا كان مستند الحكم هو الإقرار.
1308
إذا حكم بثبوت الحرابة باعتراف المدعى عليه، واقترحت العقوبة، واكتسب القطعية فينفذ الحكم، ما لم يرجع المحكوم عليه عن اعترافه، فيندفع عنه الحد، ويعزر بغير الحق.
1309
ليس للمحكمة إذا ثبت لها موجب عقوبة الحرابة أن تنص بقولها: حكمت بالقتل حدَّا؛ لأن الذي لها إثبات موجب عقوبة حد الحرابة واقتراح العقوبة.
1310
إذا ثبت المحاربة، فيحكم بثبوتها ويقترح حاكمو القضية مايرونه من عقوبة، ويتركون الاختيار لولي الأمر.
1311
السطو على الناس في الطرقات، مع كثرته وتنوعه، إذا لم يقم فيه موجب القتل حداً أو تعزيراً، فينبغي أن يكون الجزاء قاسياً.
1312
عند الحكم بالقطع في الحرابة، يتعين التنويه بأن موضع القطع هو اليد اليمنى، من مفصل الكف، وقطع الرجل من عند مشط الرجل، بحيث يبقى العقب، ويكون القطع تحت إشراف جهة طبية مختصة.
1313
المدافعة عن الحريم واجبة بلا خلاف، وغير مقيدة بالدفع بالأسهل أو البينة، وخصوصاً من كان معروفاً بالفساد، ودم الجاني هدر.
1314
في الحرابة يستوي الردئ والمباشر، أما في التعزير فيكون على قدر حجم الجريمة، وبشاعة وخطر ما يرتكبه كل واحد.
1315
إذا ثبت ما يوجب حد الحرابة فيتعين إثبات الحد، واقتراح العقوبة المناسبة فقط، ما لم يكن غيلة فيتعين القتل.
1316
ينبغي قبل الحكم بإقامة حد الحرابة الحكم بثبوت أن ما قام به المدعى عليه ضرب من ضروب الحرابة، واقتراح العقوبة المناسبة، وترك التحديد لولي الأمر.
1317
إذا لم يشترك المتهم مع الجناة في تنفيذ الجريمة، ولم يراقب لهم، وإنما وضعهم في المكان ورجع لمنزله، ولم يستفيدوا منه قوة، ولا منعة أثناء تنفيذ الجريمة، فلا يصدق عليه أنه رده أثناء التنفيذ والاعتداء.
1318
الحرابة لا تتحقق إلا إذا لم يستطع المحارب طلب الغوث، أو الاستعانة بأحد.
1319
الحرابة مبارزة لله بالعداوة، والإفساد في الأرض على وجه المجاهرة، والمغالبة بالسلاح ونحوه، ولا يدخل فيه إتلاف الممتلكات، والتخريب بشكل فردي، إذا لم يكن فيه مجاهرة، أو مغالبة بالسلاح، ويستحق تعزيرا بليغا بما دون القتل.
1320
يكون قطع الرجل في عقوبة الحرابة من معقد الشراك، وليس من الكعب.
1321
يقدم النظر في دعوى الحرابة على النظر في دعوى القصاص.
1322
ما كان من قضايا اغتصاب الأطفال من بنين وبنات من قبل أشخاص بعضهم متزوج، وبعضهم أقارب للمجني عليهم، فما ينطبق عليه ضابط الحرابة فهو مشمول بقرار هيئة كبار العلماء رقم 85 و تاریخ11/11/1401هـ، المعتمد بأمر ولي الأمر رقم ۸/ 1894 و تاریخ ۱۳/ ۸/ 1402هـ والعمل عليه، وما لا ينطبق عليها ضابط الحرابة أو دُرئ فيها الحد من تلك القضايا، وعقوبتها تعزيرية، فليس من الممكن وضع مبدأ للقتل فيها تعزيرا بحيث يكون شاملاً لها؛ وذلك نظراً لكثرتها وتنوعها و اختلاف خطورتها، وملابساتها بين الجاني والمجني عليه مما يحتاج الأمر معه إلى تقدير حاكم القضية للعقوبة المناسبة لكل قضية، حسب خطورتها، وبشاعتها، وحسب حال الجاني والمجني عليه، ومدى الثبوت من عدمه، ولأن العمل الجاري في المحاكم هو الحكم بالقتل تعزيراً إذا توفرت أسبابه و موجباته مما يحصل معه المقصود.
1323
السطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المجاهرة والمكابرة من ضروب المحاربة، والسعي في الأرض فساداً، ومنه ما وقع على المال، ولا فرق في ذلك بين ما وقع في المدن أو الصحراء.
1324
لا بد من تبيين مكان القطع في اليد والرجل في الحرابة.
1325
عند الحكم بحد الحرابة، واقتراح قطع اليد اليمني مع الرَّجْل اليسرى؛ يلزم بيان مكان القطع.
1326
الجريمة إذا كانت بشعة، وتُخِلُّ بالأمن وتخيف الآمنين بانتهاك أعراضهم، مع وجود سابقة مماثلة، وهو محصن، وكان ممن أُنيط به حفظ الأمن ومحاربة الجريمة، إلَّا أن تأصل الشر في نفسه دون خوف أو وازع جعله يتمادى في الإجرام؛ فرجوعه عن اعترافه مع أدلة الإدانة، والوقائع التي هي أشهر من أن يرجع عنها؛ إلَّا القصد الإفلات من العقوبة الذي هو دأب المجرمين؛ مما يتعين في مثل هذا تشدید العقوبة بما يقطع شره.
1327
الرجوع عن الإقرار في قضايا الحرابة بدعوى الإكراه شبهة يدرأ بها الحد.
1328
إذا صدر الإقرار أمام القضاة في قضايا الحرابة فلا يقبل الرجوع عنه إلا بقرينة تؤيد ذلك الرجوع.
1329
صرف النظر عن طلب المدعي العام إقامة حد الحرابة لعدم موجبه، لا يتفق مع الحكم بقتله تعزيراً، فإن كان المقصد أن الأدلة التي أوردها لا تكفي في إقامة الحد وكافية في الحكم بالقتل تعزيراً، فلا بد من إيضاح ذلك.