دية القتل الخطأ

رقم القضية٢٩٤/ ١/ ق لعام ١٤٢١هـ

رقم الحكم الابتدائي ٤ /د/ف / ٣٣ لعام ١٤٢١ هـ

رقم حكم هيئة التدقيق ١٤٠ /ت /١ لعام ١٤٢٢هـ

تاريخ الجلسة 7/5/١٤٢٢ هـ

الموضوعات

تعويض – وفاة طفل بصعق كهربائي – إهمال الجهة بإجراء الصيانة اللازمة – دية القتل الخطأ.

مطالبة المدعي إلزام المدعى عليها تعويضه بدفع دية ابنه المتوفى جراء إصابته بصعق كهربائي على إثر ملامسته لعمود إنارة في إحدى الحدائق العامة – أفادت تقارير عدة بوجود إهمال في تلك الحديقة؛ لكون الأعمدة بدون تغطية أو مغطاة بورق كرتون، مما يؤكد إهمال المدعى عليها في القيام بواجبها، وأن هذا الإهمال كان سببا في وقوع الحادث، وبالتالي تحميلها تبعاته – ما تسببت فيه الجهة بإهمالها يعد من قبيل القتل الخطأ، وعليه يكون التعويض المستحق هو دية القتل الخطأ – أثر ذلك: إلزام المدعى عليها بدفع دية الطفل المتوفى.

الوقائع

تتحصل في أنه ورد لفرع الديوان خطاب وكيل إمارة منطقة جازان رقم (٣٦٥٥) وتاريخ 3/2/1421هـ ومرفقاته والمتعلقة بوفاة ابن المدعي الطفل (…) والمتضمن أنه قد تعرض لصعقة كهربائية عند ملامسته لعمود إنارة مكشوف الأسلاك في حديقة الخزان بجازان، وأنه قد شكلت لجنة للتحقيق في هذه القضية وخرجت اللجنة بقرارها المشترك الذي جاء فيه تحميل البلدية مسؤولية وفاة الطفل المذكور نتيجة إهمالها، وأنه تم إحضار والد الطفل وقرر طلبه دية ابنه المتوفى ويرغب إحالته مع البلدية إلى ديوان المظالم، وبرفع ما ورد إلى معالي رئيس الديوان المكلف قيد قضية وأحيلت إلى هذه الدائرة. وفور ورودها كتبت الدائرة بالخطاب رقم (٢٦٨/٤) وتاريخ 2/3/١٤٢١ هـ إلى المدعي لحضوره وتحديد ما يطالب به في دعواه ضد بلدية منطقة جازان وحدد لذلك تاريخ 4/3/1421هـ فحضر المدعي، وطلبت منه الدائرة إثبات ما يدعيه من تسبب البلدية في وفاة ابنه فقدم مذكرة تضمنت طلبه إلزام بلدية منطقة جازان بدفع دية ابنه عازيا سبب وفاته إلى إهمال المسؤولين في البلدية في صيانة أعمدة الكهرباء في حديقة الخزان مما أدى إلى حدوث ماس كهربائي في أحدها أودى بحياة ابنه عند ملامسته له مشيرا إلى ما انتهت إليه التقارير الطبية المرفقة بأوراق المعاملة من أن سبب الوفاة صدمة كهربائية أدت إلى توقف القلب والتنفس، وأن تقارير اللجان المشكلة لذلك تفيد إهمال البلدية في الصيانة، كما قدم المدعي صك الوكالة رقم (٦٤٨) وتاريخ29/6/1421هـ المتضمن توكيله من قبل موكلته أم الطفل بالمطالبة بدفع دية ابنها أمام جهات الاختصاص، وبعد إثبات ما تقدم بضبط القضية جرى بعث صورة من الدعوى ومستنداتها إلى المدعى عليها وكافة الجهات ذات العلاقة، وحدد تاريخ6/4/1421هـ موعدا لإجابة المدعى عليها على دعوى المدعي، وفي الموعد المحدد حضر المدعي في حين لم يحضر من يمثل المدعى عليها ثم ورد خطاب المدعى عليها رقم (١٦٧٧/١٨٢) وتاريخ 18/3/١٤٢١ هـ بطلب تأجيل موعد الجلسة بما يتناسب مع إجازة الموظف المسؤول لديها بناء على ما ورد في خطابها فأجيبت إلى طلبها بتحديد موعد آخر بتاريخ 6/5/١٤٢١ هـ، وفي الموعد المحدد حضر المدعي في حين تخلف ممثل المدعى عليها فكتبت الدائرة بخطاب الفرع رقم (٤/٥٧٢) وتاريخ ٧/ ٥/1٤٢١ هـ إلى المدعى عليها بأنه سيتم الفصل في الدعوى بحالتها إذا لم يحضر من يمثلها وتقديم الإجابة على دعوى المدعي وحدد لذلك جلسة ١٣/5/1421هـ وفي أثناء ذلك ورد إلى الدائرة خطاب المدعى عليها رقم (٢٦/م) وتاريخ8/5/1421هـ عن طريق الفاكس بطلب تغيير الموعد بحجة أن مندوبها لديه ظروف خاصة، وبعد ذلك ورد إلى الدائرة خطاب المدعى عليها رقم (٢٧/ م) وتاريخ ٩/٥/14٢١ هـ يأمل تأجيل الجلسة إلى ما بعد تاريخ ٢٦/5/1421هـ معللة ذلك بكون مندوبها بصدد جمع المعلومات المتعلقة بالقضية مع زملائه الذين شاركوا في اللجنة المشكلة من قبل كل من مندوب الإمارة والدفاع المدني وعن أسباب عدم توقيعهم على المحاضر المتعلقة بالقضية. وفي تاريخ 27/5/١٤٢١ هـ حضر المدعى عليها (…) المثبتة هويته وتفويضه بالترافع في هذه الدعوى. وقد قدم مذكرة بإجابته تتضمن نفي مسؤولية البلدية عن حادث وفاة الطفل وعدم أحقية المدعي فيما يطالب به لسبق تنازله، وذلك على النحو الوارد تفصيلا في مذكرة المدعى عليها. وقد نظرت الدائرة على مدار عدة جلسات تبادل خلالها الطرفان دفوعهما على النحو المثبت في ضبط القضية، وتتلخص دعوى المدعي في مطالبته المدعى عليها بدفع دية ابنه المتوفى مستندا في ذلك إلى أن سبب وفاته ملامسته لعمود إنارة في حديقة الخزان تبين أن به ماسا كهربائيا أهملت المدعى عليها في صيانته، وقد أيد دعواه بما اشتملت عليه أوراق المعاملة من التقارير والخطابات الدائرة في هذا الشأن بين الجهات ذات العلاقة من التقرير الطبي الصادر من اللجنة الطبية في مستشفى جازان والمشكلة من ثلاثة أطباء والمنتهي فيه إلى أن سبب وفاة الطفل صدمة كهربائية أدت إلى توقف القلب والتنفس كما نوه في مستهله إلى أن الكشف على جثة المتوفى جاء بناء على خطاب الدفاع المدني رقم (١٢ ط ح) وتاريخ 15/3/١٤٢٠ هـ، وحسب تعليمات مدير الشؤون الصحية اجتمعت اللجنة في تمام الساعة العاشرة مساء يوم الثلاثاء الموافق ١/٣/١٤٢٠ هـ والمكونة من د (…),د (…),د (…) وأنه بعد الكشف تبين ما يلي: حضر الطفل للحوادث الساعة (٨.45) مساء يلفظ أنفاسه الأخيرة. – ضربات القلب غير مسموعة- النبض غير محسوس. الطفل في غيبوبة كاملة، ملابسه مبللة بالماء والرمل. – يوجد حرق كهربائي بسيط على منتصف الساعد الأيسر. ثم جرى بيان الإجراءات الطبية التي قدمت له وما أعطي من الأدوية والأكسجين… الخ. توفي المريض الساعة (٩.30) التاسعة والنصف مساء وأوصت اللجنة بعد أن دونت رأيها في سبب الوفاة السالف ذكره بحفظ الجثة في الثلاجة تحت تصرف الشرطة ثم جرى التوقيع من أعضاء اللجنة الطبية وصدق عليه بتوقيع مدير المستشفى والختم الرسمي لها، واستند المدعي إلى أن هذا يدل على إهمال البلدية في سرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لصيانة تلك الأعمدة، كما أيد المدعي دعواه بما تضمنته أوراق المعاملة من الخطابات الموجهة إلى المدعى عليها من قبل الإمارة والدفاع المدني من تأخرها في إصلاح التمديدات الكهربائية رغم إشعارها بما تمثله من خطورة على مرتاديها وبما دار في شأن ذلك من خطابات إلحاقية بالتعقيب على الملاحظات التي أشعرت بها المدعى عليها عن وضع الحديقة، كما قدم المدعي أصل شهادة التبليغ عن الوفاة والمدون بها سبب الوفاة وأرفق بها الاستدعاء المقدم منه آنذاك بطلب تدوين سبب الوفاة في الشهادة حيث لم يجر تدوينه فيها إبان إصدارها. كما استند إلى تقارير الكشف على الحديقة من قبل الدفاع المدني والتي أشارت إلى أن أعمدة الإنارة في الحديقة فتحاتها بدون أغطية أو مغطاة بورق كرتون وكون الأسلاك الكهربائية بها مكشوفة وتشكل خطرا على زوار الحديقة وما أرفق من الصور الفوتوغرافية التي تشير إلى ذلك وكذلك تقرير اللجنة المشكلة بناء على أمر إمارة جازان من مندوب عن كل من الإمارة والدفاع المدني والبلدية المدعى عليها، والتي انتهت فيه إلى أن سبب الوفاة كان نتيجة ملامسة الطفل لعمود الإنارة الموجود داخل الحديقة والذي كان مكهربا لوجود أسلاكه وتوصيلاته مكشوفة وذلك بعد الوقوف والمعاينة لموقع الحادث وأعمدة الكهرباء في تاريخ 24/8/1420هـ ونوهت في مرئياتها إلى ثبوت إهمال البلدية رغم مخاطبة الدفاع المدني لها بحال الحديقة وما تتعرض له من روادها من العبث مما يستلزم معه ضرورة متابعة أعمال الصيانة بها، وقد امتنع مندوب البلدية من التوقيع على هذا التقرير كما جاء نحو من ذلك التقرير مدير إدارة المتابعة في إمارة المنطقة المنوه في مستهله إلى ما انتهت إليه اللجنة المشكلة للتحقيق في وفاة الطفل المذكور كما جاء في ختامه ما نصه أن البلدية لم تحرك ساكنا من تاريخ وفاة الطفل (…) في تاريخ 5/3/1420هـ إلى نهاية تاريخ 30/7/١٤٢٠هـ أي ما يقارب من أربعة أشهر ونصف، هذا وقد دفعت المدعى عليه دعوى المدعي بأنه قد تنازل بموجب شهادة شاهدين وصدق ذلك من شرطة منطقة جازان بأنه لا يتهم أحدا في وفاة ابنه وأن البلدية شخص اعتباري نفى المدعي التهمة عنه، وأضافت بأن شهادة الوفاة غير موضح بها سببها وأن تقرير الدفاع المدني عن الحديقة كان بتاريخ 16/6/1420هـ بينما حدثت الوفاة في تاريخ 15/3/١٤٢٠ هـ وأنه قد جاء فيه أن التمديدات الكهربائية الموصلة لأعمدة الإنارة في الحديقة موضوعة تحت الأرض ومدفونة وأن هذا هو وضعها الطبيعي وأن مندوبها قد رافق مندوب الدفاع المدني وخرجا على الموقع ووجدت التمديدات سليمة، ودفعت ما استند إليه المدعي مما تضمنه الخطاب رقم (٣٩/٤٥٠/د/ف) في 16/3/1420هـ الموجه من مدير الدفاع المدني إلى رئيس بلدية جازان والمزود أمير المنطقة بصورة منه والمتضمن أنه تم الاتصال على تليفون الطوارئ التابع للمدعى عليها مرات للانتقال إلى الموقع لفصل التيار الكهربائي عن موقع الحادث تفاديا لوقوع حادث آخر إلا أن التليفون كان مشغولا طوال الوقت، كما تضمن التنويه إلى ضرورة اتخاذ ما يلزم لفصل التيار عن عمود الكهرباء محل الحادث والتأكد من التمديدات الكهربائية بها مكشوفة وتشكل خطرا على الأرواح، ودفعت المدعى عليها بأنه فور ورود ذلك الخطاب سلم مباشرة إلى مشرف الكهرباء لاتخاذ اللازم، كما دفعت ما تضمنه خطاب الدفاع رقم  (٣٩/ ١٤٤٤/ دف) وتاريخ 30/7/1420هـ موجه أصلا إلى إمارة المنطقة وهو خطاب تعقيبي على وضع الحديقة محل الحادث وحديقة أخرى، وأن المدعى عليها لم تقم بتغطية فتحات الأعمدة والذي استند إليه فيما تضمنه من طلب التوجه إلى الجهة المختصة بإصلاح الملاحظات الموجودة في الحديقتين المشار إليهما اعتبرت ما تضمنه ذلك الخطاب مغالطة وأيدت ذلك بأنه قد ذكر وجود خزانات ليس عليها أغطية وواقع الحال أنه ليس في الحديقة – محل الحادث – أي بيارة أو خزان للمياه، كما دفعت بأنها لم تبلغ بوقوع الحادث في حينه حتى تكون أمام الأمر الواقع إذ أن غرفة العمليات التابعة لها تعمل على مدار الأربع والعشرين ساعة وأن تقرير اللجنة المشكلة للتحقيق في شكوى المدعي – المشار إليها سلفا كان مخالفا للواقع، وعزت عدم توقيع مندوبها إلى ذلك، واستفهمت عن سبب تأخر الدفاع المدني في إعداد تقريره عن وقت وقوع الحادث ونفت دلالة الصور الفوتوغرافية على إدانة البلدية، كما أيدت دفعها بأن الحديقة دائما ما تكتظ بروادها في جميع الأوقات لكون سورها عبارة عن سياج من الأشجار وأن البلدية تعاني من إتلاف الخدمات والألعاب الموجودة في الحديقة وكذلك فوانيس الإنارة، وأكدت على أنها جهة خدمية وليست جهة أمن وسلامة وليست مسؤولة عما يخطئ به الآخرون في التعامل مع خدماتها، وبعد أن اكتفى الطرفان بما قدماه جرى تأمل القضية ثم رأت الدائرة ضرورة تحديد موفع العمود محل الحادث من الحديقة فكتبت بخطابها رقم (١١٠٤/4) وتاريخ 17/8/1421هـ إلى إمارة منطقة جازان للتوجيه بتكوين لجنة من الدفاع المدني والشرطة بحضور طرفي النزاع لتحديد موقع الإنارة محل الحادث بالنسبة لما حوله من الحديقة تحديدا دقيقا وتوضيحا له بالرسم الكروكي ليتضح هل مكان العمود يقع ضمن ما أعد لارتياد الناس له في تلك الحديقة أم أنه يقع ي مكان ليس مهيئا للارتياد. فورد إلى الدائرة خطاب وكيل إمارة منطقة جازان المساعد رهم (٢٧٩٥٨/6) وتاريخ 26/11/١٤٢١ هـ والموقع من قبل مندوب المدعى عليها والمدونة مرئياته عند توقيعه، وكذلك من مندوب الدفاع المدني ومندوب الشرطة المتضمن أنه جرى وقوف أعضاء اللجنة وكذلك المدعي ومندوب المدعى عليها- (…) – يرافقهم ضابط خفر الدفاع المدني الذي باشر الحادث في ذلك اليوم الرقيب (…) وأنه قد تم تحديد موقع العمود محل الحادث – من قبل ضابط الخفر ووالد الطفل وأنه تبين للجنة ما يلي:١- إن العمود محل الحادث يقع داخل الحديقة في الجهة الشمالية منها ويبعد عن سور الحديقة المشجر ثمانية أمتار من الداخل.٢- إن العمود يقع ملاصقا للإطار الشجري الذي يحيط بالمظلة الثالثة من الغرب إلى الشرق والتي أعدت كباقي المظلات لجلوس زار الحديقة.٣- إن العمود المشار إليه يقع ضمن الأماكن المعدة لارتياد الناس في الحديقة. كما أرفق (٦) صور فوتوغرافية ملونة للحديقة من عدة جهات وكذلك للعمود محل الحادث. كما أرفق رسما كروكيا بمحتويات الحديقة ثم حجزت الدائرة القضية للحكم بتاريخ 3/12/١٤٢١هـ.

الأسباب

تأسيسا على ما تقدم من الدعوى، وبعد الاطلاع على ما قدمه طرفا النزاع فإن غاية ما يهدف إليه المدعي من إقامة دعواه هو القضاء بتعويضه بإلزام بلدية منطقة جازان بدفع دية ابنه المتوفى من جراء صعق كهربائي على إثر ملامسته لعمود إنارة في حديقة الخزان في منطقة جازان، ولما كان النظر في المنازعة المعروضة فرع عن ثبوت الولاية بنظرها كان من الملائم في هذا المقام بيان اختصاص ديوان المظالم بنظر هذه الدعوى ذلك أن ديوان المظالم بحسب مقتضى نظامه الأساس هو جهة القضاء الإداري المختص بالنظر والفصل في المنازعات الإدارية التي تكون إحدى جهات الإدارة طرفا فيها متى كان النزاع مندرجا تحت ما نصت عليه المادة (الثامنة) من نظامه، ومن ثم تعتبر هذه الدعوى من دعاوى التعويض التي يختص بنظرها ديوان المظالم وفقا للمادة (8/1/ج) من نظامه. وحيث إنه عن مدى قبول الدعوى شكلا فإنها قدمت خلال الأجل المحدد لذلك نظاما حيث إن الواقعة في تاريخ 15/3/١٤٢٠ هـ والدعوى مقدمة في تاريخ 3/2/١٤٢١هـ ومن ثم فهي مقبولة من حيث الشكل طبقا لما هو منصوص عليه في المادة الرابعة من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم. وفيما يتعلق بموضوع الدعوى فإن الدائرة قد طلبت من المدعي بادئ ذي بدء إثبات ما يدعيه من تسبب البلدية في وفاة ابنه على ضوء ما يدعيه من أنه توفي على إثر صدمة كهربائية حدثت له أثناء ملامسته لعمود إنارة في الحديقة وأن ذلك نتيجة إهمال البلدية فاكتفى في إثبات ذلك ما قرره من أقواله المدونة في ضبط القضية السالفة الذكر، وعلى ما تضمنته أوراق المعاملة من مستندات بما فيها التقرير الطبي الصادر من مستشفى جازان، وكذلك تقارير اللجنة المشكلة بأمر إمارة المنطقة للتحقيق في هذه القضية، وجدير بالذكر أن التقرير الطبي آنف الذكر الصادر من اللجنة الطبية بمستشفى جازان والمشكلة من ثلاثة أطباء انتهى إلى أن سبب الوفاة صدمة كهربائية أدت إلى توقف القلب والتنفس، وحيث الحال على ما تقدم وأن كافة ما جرى الاطلاع عليه من مستندات الدعوى مما سبق بيانه من تقارير عدة جهات حيادية تفيد بوجود إهمال في تلك الحديقة، كما أن الدفاع المدني وهو جهة اختصاص بمباشرة مثل هذه المهام قد ذكر في تقريره عن حديقة الخزان، وكذلك في عدة خطابات موجهة إلى المدعى عليها وإمارة المنطقة حال هذه الحديقة وما تشكله الأعمدة والتوصيلات الكهربائية فيها من أخطار على مرتاديها لكون أعمدة الإنارة بدون تغطية أو مغطاة بورق كرتون؛ مما يؤكد إهمال المدعى عليها في القيام بما هو من واجبها من متابعة شؤون هذه الحديقة وصيانتها وما هو مناط بها تجاهها وأمثالها من توفير أسباب الراحة والاستجمام لمن يرتادها، ذلك أن من البديهي في مثل هذه المرافق القيام عليها بما يكفل الغرض الذي أنشأت من أجله بتوفير الأشياء التحسينية فيها فضلا عن توفير الحاجية والضرورية وكل ما من شأنه الحيلولة دون وقوع كوارث لمرتاديها باعتبارها الجهة المشرفة مباشرة على تلك المرافق ومنوط بها ابتداء القيام بإنشائها ورعايتها وصيانتها، كما أن الثابت لدى الدائرة أن المدعى عليها قد تقاعست عن القيام بواجبها حتى بعد إبلاغها بوضع الحديقة حسبما يشير إلى ذلك ما تقدمت الإشارة إليه من تقارير الكشف على الحديقة والخطابات التي صدرت من الدفاع المدني والإمارة بالتعقيب على ما جرى إبلاغ المدعى عليها به من حال الحديقة بعد وقوع الحادث بيوم واحد، كما أن هناك من الخطابات الصادرة من الدفاع المدني وبلغت بها المدعى عليها ما يثبت أن وضع الحديقة كما هو بعد وقوع الحادث بعدة أشهر؛ مما يؤكد ثبوت إهمال المدعى عليها لعمود الكهرباء الموجود في الحديقة والذي تبين أن به ماسا كهربائيا مما أدى إلى صعق الطفل حين ملامسته له مما يتضح معه أن إهمال البلدية كان سببا في حصول هذا الحادث، وبالتالي تحميلها تبعات ذلك الإهمال. ولا ينال من ذلك ما دفعت به المدعى عليها من أن التمديدات الكهربائية كانت سليمة لما سلف بيانه إضافة إلى أن ثبوت ذلك الإهمال كان بموجب تقارير جهات ذات حياد في الدعوى، كما أن ما انتهت إليه اللجنة الطبية – وهي ذات صفة فيما قامت بإجرائه – هو أن سبب الوفاة صدمة كهربائية أدت إلى توقف القلب والتنفس، كما أن المدعى عليها لم تقدم ما يمكن أن يعول عليه في عدم صحة ما انتهت إليه تقارير هذه الجهات، وغاية ما احتجت به هو أن المدعي قد تنازل بموجب سند جرى إرفاقه بأوراق الدعوى ثم طالب لاحقا بالدية. وبالرجوع إلى السند المشار إليه تبين أن غاية ما تضمنه أن المدعي لا يتهم أحدا بعينه فيما حصل وأنه قضاء وقدر من الله عز وجل – وهذا لا يسقط حق المدعي في المطالبة – كما أن هذا السند لا يفيد صراحة ولا ضمنا تنازله عن حقه المشروع له. كما أن دفع المدعى عليها بأنها جهة خدمة وليست جهة أمن وسلامة باعتبار أن الحدائق تتعرض للعبث من مرتاديها لا يستقيم لها دفعا ولا ينفي عنها مسؤولية ما تسببت فيه على فرض ثبوته إذ من واجبها تعاهد هذه الحقيقة وأمثالها بالصيانة المتتابعة إذ ليس هناك مسؤولة سواها عن ذلك، وعليه فإن مسؤوليتها الكاملة والمباشرة عن حادث الوفاة قائمة، مما ترى الدائرة مع ما تقدم توفر أركان المسؤولية التقصيرية، وبالتالي استحقاق المدعي وموكلته للتعويض الذي يطالبان به من جراء تسبب البلدية في وفاة ابنهما. وحيث إن ما تسببت فيه المدعى عليها يعد من قبيل القتل الخطأ وعليه فإن المتقرر لهما من التعويض هو دية قتل الخطأ، وحيث إن دية القتل الخطأ تقدر بمائة ألف ريال حسبما جاء في خطاب صاحب السمو الملكي نائب رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – رقم (٢٢٢٦٦) في 29/9/١٤٠١ هـ والذي حدد دية الخطأ المحض بمائة ألف ريال ١٠٠٠٠ ريال بناء على قرار مجلس القضاء الأعلى بهيئته العامة رقم (١٣٣) وتاريخ 3/9/1401هـ؛ مما يتعين معه إلزام المدعى عليها بدفعها للمدعي وموكلته لانحصار إرث المتوفى فيهما بموجب الصك رقم (٣٣/1) وتاريخ11/3/1422هـ الصادر من محكمة محافظة أحد المسارحة، ومن حق المدعى عليها الرجوع بما دفعته من تعويض على المتسبب في ذلك وفقا ما تقضي به القواعد الشرعية والأنظمة المرعية، وتوصي الدائرة بهذا لما سلف من ثبوت الإهمال في هذه الحديقة، ولأن فيما حدث مخالفة صريحة لتعاليم الدين الحنيف من حفظ النفس ثم لتعليمات ولي الأمر حفظه الله.

لذلك حكمت الدائرة: بإلزام المدعى عليها بلدية منطقة جازان بدفع مبلغ وقدره  مئة ألف ريال ( ١٠٠٠٠٠) ريال دية للطفل الذكر المتوفى (…) للمدعي (…) ولموكلته المرأة (…)؛ لما هو مبين بأسباب هذا لحكم.

والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هيئه التدقيق

حكمت الهيئة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.