رشوة العبث بعدادات الكهرباء

رقم القضية الابتدائية ٢٠٠٨ /٢/ ق لعام ١٤٣٥هـ
رقم قضية الاستئناف ٥٧٣٣ /٢/س لعام ١٤٣٦ هـ
تاريخ الجلسة ١٢/٢/١٤٣٧هـ
الموضوعات
رشوة – طلب وأخذ مبلغ مالي – العبث بعدادات الكهرباء – مفهوم جريمة الرشوة – مفهوم الموظف العام – الإخلال بإجراءات التحقيق – عدم الاعتداد بقول متهم على آخر – سقوط تهمة الرشوة عن المتهم تبعا لسقوطها عن الموظف العام – إقرار – تطرق الاحتمال للدليل يبطل به الاستدلال – الشك يفسر لصالح المتهم – اختصاص.

أقام فرع هيئة الرقابة والتحقيق الدعوى ضد المتهمين بحجة قيام المتهم الأول كونه في حكم الموظف العام بطلب وأخذ الرشوة من المتهم الثاني لتخفيض استهلاك عداد الكهرباء – جريمة الرشوة هي جريمة الموظف العام أو من في حكمه، وهي من الجرائم العمدية التي تحتاج إلى أدلة قوية لإثباتها – اعتبار المتهم الأول في حكم الموظف العام لكونه يعمل بشركة تقدم خدمة عامة – إنكار المتهم الأول ما نسب إليه من تهمة، ودفعه بعدم إجادته للغة العربية، وقيام جهة الضبط والتحقيق بأخذ أقواله من غير مترجم، وعدم معرفته بالأقوال المصادق عليه من قبله – تطرق الاحتمال والشك في أدلة جهة الادعاء المنسوبة للمتهم الأول ما يتطرق إليه الاحتمال يبطل به الاستدلال – الشك يفسر لصالح المتهم – عدم قبول استناد جهة الادعاء على أقوال المتهم الثاني لكونها أقوال متهم ضد متهم آخر – اعتراف المتهم الثاني ما نسب إليه من تهمة – عدم قبول محاكمة المتهم الثاني بجريمة الرشوة؛ لسقوط أحد أركانها بعدم ثبوت التهمة المنسوبة للموظف العام (المتهم الأول)- محاكمة المتهم الثاني عما اعترف به تكون أمام المحكمة المختصة – أثر ذلك: عدم إدانة المتهمين بما نسب إليهم.
الأنظمة واللوائح
· المادة (٨) من نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٣٦) وتاريخ
· 29/12/1412هـ.
الوقائع
تتلخص وقائع هذه القضية في أنه ورد إلى المحكمة الإدارية بمحافظة جدة خطاب مدير عام هيئة الرقابة والتحقيق بجدة رقم (٤٠١٠) وتاريخ ٩/٣/١٤٣٦هـ مع مشفوعاته، وقد باشرت الدائرة النظر في القضية على النحو المثبت بمحضر الضبط حيث حضر ممثل الادعاء (…)، كما حضر المتهمان. ١- (…)، فلبيني الجنسية. ٢- (…). وقد ادعى ممثل الادعاء في مواجهتهما قائلا: تتهم هيئة الرقابة والتحقيق كلا من: ١- (…)، فلبيني الجنسية، (٣٤) سنة، متزوج، عامل بشركة (…) للتجارة والمقاولة بأعمال التمديدات الكهربائية لشركة الكهرباء، موقوف بسجون محافظة جدة. ٢- (…)، سعودي الجنسية، (٦٢) سنة، متزوج، تاجر. لأنهما بتاريخ ٢٠/١٠/١٤٣٣هـ بدائرة محافظة جدة بمنطقة مكة المكرمة، المتهم الأول حال كونه في حكم الموظف العام- بصفته الوظيفية سالفة الذكر – طلب وأخذ لنفسه مبلغ (١٦٠٠) ريال من المتهم الثاني على سبيل الرشوة مقابل إصلاح عداد الكهرباء لتخفيض الاستهلاك، فتمت الجريمة بناء على ذلك. المتهم الثاني قام بدفع مبلغ (١٦٠٠) على سبيل الرشوة للمتهم الأول مقابل إصلاح عداد الكهرباء لتخفيض الاستهلاك، فتمت الجريمة بناء على ذلك. وذلك للأدلة والقرائن التالية: ١- ما هو ثابت من الأوراق قيام المتهم الأول بطلب مبلغ الرشوة محل الاتهام. ٢- ما هو ثابت بمحضر القبض المتضمن القبض على المتهم الأول وبحوزته مبلغ الرشوة. ٣- اعتراف المتهم الثاني بجريمة الرشوة المنسوبة إليه. ٤ – ما هو ثابت بمحضر الاستماع المعد من قبل المباحث الإدارية المتضمن المحادثة الهاتفية بين المتهم الثاني والأول. ٥- إن إنكار المتهم الأول ما نسب إليه إنما هو دفاع واه الغرض منه التهرب من المسؤولية الجنائية وتدحضه أدلة الاتهام المشار إليها أعلاه مما يستوجب الالتفات عن إنكاره. ويطلب ممثل الهيئة محاكمة المتهمين المذكورين طبقا لأحكام المواد (١ ،٨، ١٠، ١٥، ١٦) من نظام مكافحة الرشوة. وبجلسة يوم الأحد ١٧/٥/١٤٣٦هـ وبسؤال المتهم الأول عن قرار الاتهام المنسوب إليه من قبل الادعاء عن طريق المترجم؟ أجاب بأنه ينكر ما نسب إليه يقرار الاتهام، وذكر أن حقيقة ما حدث هو أنه تلقى اتصالا من أحد الأشخاص الذي قام بدوره بعرض مشكلة لديه في عداد الكهرباء الخاص به، وأنه عند انتقاله إلى ذلك الشخص عرض عليه أن يقوم بإصلاح عداد الكهرباء بتخفيض استهلاكه، وأنه رفض القيام بذلك لكونه لم يقبل ذلك، وبعد إلحاح منه وإصرار قام بوضع المبلغ في جيبه إلا أنه امتنع عن قبوله، وفي هذه الأثناء تم القبض عليه من قبل رجال الأمن، هذا كل ما حدث. ونظرا لتخلف المتهم الثاني عن الحضور فقد قررت الدائرة تأجيل نظر الدعوى. وبجلسة يوم الأحد ٧/٧/١٤٣٦هـ حضر المتهم الثاني، وبسؤاله عما ورد في قرار الاتهام؟ أجاب بأنه قد شاهد بعض عماله المتهم الأول يتردد على عدادات المجمع السكني العائد إليه، فقاموا بالاتصال عليه، فأفهمهم بإعطائه مبلغا ماليا نظرا لطلبه منهم، وفي المرة الثانية قام بالاتصال عليه وقابله وحصلت بينهما مفاهمة على تصليح العداد مقابل مبلغ مالي. فسألته الدائرة هل في العدادات خلل حتى يقوم بإصلاحه؟ فأجاب بأنه ليس بها خلل إلا أن المتهم الأول قام بفتحها والتأثير عليها وأوهم أن بها عطل يحتاج إلى إصلاح، وطلب منه مبلغ مالي لقاء إصلاح الخلل، فقام بالاتصال بشركة الكهرباء للتبليغ عن ذلك، فتم توجيهه إلى المباحث، وبالفعل تم الذهاب إليهم وتقديم بلاغ عما حصل مع المتهم الأول. وبمواجهته بأقوال المتهم الأول بأنه قد طلب منه تخفيض قيمة الاستهلاك من خلال التغيير في عداد الكهرباء، أجاب المتهم الثاني بأن ما ذكره غير صحيح، وأنه إنما قام بذلك بناء على توجيه من إدارة المباحث من أجل الإيقاع به، وأن المبلغ الذي تم ضبطه مع المتهم الأول قد تم تسليمه إياه من إدارة المباحث وذلك للقبض على المتهم الأول وهو متلبس، وأن المبلغ تم استعادته من قبل الفرقة القابضة بعد القبض على المتهم الأول. وبمواجهته بأقواله في تحقيقات الرقابة من أنه قد سلمه مبلغ ستمئة ريال، أجاب بأنها غير صحيحة، وأنه قد تم تبصيمه على تلك الأقوال، وهو لا يعلم حقيقتها. وبسؤال المتهم الأول؟ أجاب بأنه سبق وأن أجاب وليس لديه ما يضيفه. وبمواجهته بأقوال المتهم الثاني، ذكر أنها غير صحيحة، وأن المتهم الثاني هو من طلب منه تخفيض قيمة الاستهلاك من خلال التأثير على العداد، وأنه تفاجا بالقبض عليه من المباحث دون أن يعلم حقيقة الأمر. وبعرض إجابتهما على ممثل الادعاء، ذكر بأن المتهمين سبق وأن اعترفا بما نسب إليهما في التحقيقات السابقة. ولحاجة القضية لمزيد من الدراسة فقد قررت الدائرة تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة لاحقة. وبجلسة هذا اليوم حضر المتهمان، وبسؤال المتهم الثاني هل سبق أن قام بإعطاء المتهم الأول مبلغا ماليا، ثم لما عاد في المرة الثانية قام بالتبليغ عنه لدى شركة الكهرباء؟ أجاب بأنه صحيح بعد أن قام بتوجيه عماله بذلك، والذين أفهموه بأن ذلك كان لقاء إصلاحه لعدادات المحلات العائدة إليه. وبسؤال المتهم الثاني عن أقواله في التحقيقات السابقة؟ أجاب بأنها غير صحيحة، وأنه لم يتم استجوابه فيها عن طريق المترجم، وإنما قام المحقق بكتابة تلك الأقوال وتبصيمه عليها، ولا يعلم حقيقة ما ورد فيها. ثم رفعت الجلسة للمداولة وإصدار الحكم.
الأسباب
وحيث إنه بناء على الدعوى والإجابة، وبعد دراسة أوراق القضية وأقوال المتهمين في التحقيقات السابقة أمام الدائرة، وبما أن جريمة الرشوة هي جريمة الموظف العام أو من هو في حكمه الذي يتجر بوظيفته أمام الراشي أو الوسيط فيعتبر شريكا يستمد صفته الإجرامية من قبل الفاعل الأصلي، وهو المستقر عليه قضاء ونظاما، وحسبما نص عليه نظام مكافحة الرشوة أن جريمة الرشوة هي جريمة المرتشي – الموظف العام -وغني عن البيان أن المقصود بالموظف العام في نصوص النظام هو أحد موظفي الدولة أو من هو في حكم الموظف العام المنصوص عليهم في المادة (الثامنة) من نظام مكافحة الرشوة، وإعمالا لهذا المبدأ فإن المرتشي في هذه القضية هو المتهم الأول حيث نسبت إليه جهة الادعاء طلبه وأخذه لمبلغ الرشوة وذلك على نحو ما سبق إيراده تفصيلا في قرار الاتهام، ولذا كان على الدائرة أن تنظر فيما نسب إليه باعتبار أنه في حكم الموظف العام في هذه الدعوى. وحيث إنه باستعراض الدائرة لأقواله في التحقيقات السابقة وأمام الدائرة، وبعد دراسة الأدلة، وهل هي كافية في حقهأ لا؟ تجد الدائرة أن المتهم المذكور قد أنكر ما نسب إليه أمام الدائرة وليس عليه من دليل سوى أقوال المتهم الثاني، وهي أقوال متهم على متهم آخر ولا يعتد بها، والدائرة تلاحظ هنا أن ما ساقته جهة الادعاء إنما هي استنتاجات لا تصلح لأن تكون أدلة ثبوت يعتمد عليها في قيام جريمة الرشوة لاسيما أن جريمة الرشوة من الجرائم العمدية والتي تحتاج إلى أدلة لها قوة الإثبات المعتبرة والتي لا يتطرق إليها احتمال، وقد ذكر المتهم الأول أنه لا يجيد اللغة العربية، وقد أخذت أقواله أمام جهات الضبط والتحقيق من غير مترجم، وأنه لا يعلم حقيقة تلك الأقوال التي قام بالتصديق عليها، وهو ما يتطرق معه الاحتمال في صحة الادعاء المنسوب إليه، ويلقي على أدلة الدعوى الشك والذي يفسر لصالح المتهم الأول المذكور الذي أنكر هذه الأقوال أمام الدائرة، ومما تقرر أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال. وحيث إن الرشوة من الجرائم العمدية التي لا بد لثبوتها من توافر الأركان، وأن يكون العلم يقينا، وما قرر من النقل من البراءة الأصلية لفعل طارئ لا يكون إلا في حالة ثبوته بالدليل الجازم إذ إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بدليل قاطع مما يعني وجوب التثبت وعدم الأخذ بالظن عند تقرير الإدانة بالجريمة، وبما أنه لم يثبت للدائرة يقينا ما جاء في قرار الاتهام فإن الدائرة تنتهي إلى عدم ثبوت الجريمة في حق المتهم الأول، ومن ثم فإنها تخلص إلى عدم إدانته بما نسب إليه في هذه الدعوى. وبما أنه من المقرر كما سبق بيانه أن الجريمة هي جريمة الموظف العام وفقا لنظام مكافحة الرشوة، وتطبيقا لذلك فإن جريمة الرشوة لم تثبت على من نسبت إليه جريمة الإنشاء وهو المتهم الأول، فلهذا لم تتم الجريمة، وبالتالي فلا مجال لمحاكمة المتهم الثاني عن جريمة الرشوة حيث أعتبر أن الرشوة جريمة واحدة هي جريمة الموظف العام باعتبار أن إدانة الموظف المرتشي له أثره الواضح في تكييف الجريمة وفقا للنظام، ولمبدأ وحدة الجريمة مما تنتهي معه الدائرة إلى الحكم بعدم إدانة المتهم الثاني بما نسب إليه في هذه الدعوى، إلا أن الدائرة تشير إلى أنه مع اعترافه فإنها ترى أمر محاكمته عما اعترف عن ما بدر منه متروك للجهات المختصة باعتبارها معصية مجرمة شرعا تستوجب التعزير وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية صاحبة الولاية العامة في المسائل الجنائية؛ الأمر الذي توصي معه الدائرة إحالته إلى المحكمة المختصة لتعزيره عما بدر منه عند ثبوته.
لذلك حكمت الدائرة: بعدم إدانة كل من: المتهم الأول (…) – فلبيني الجنسية -، والمتهم الثاني (…) – سعودي الجنسية – بجريمة الرشوة المنسوبة إلى كل واحد منهم في هذه الدعوى.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محكمة الإستئناف
حكمت المحكمة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.