القضاء التجاري / عقود توريد
القضية رقم: ٢٩٤/ ١/ ق لعام 14٢٤ هـ
الحكم الابتدائي رقم: ١٠ /د/تج /٥ لعام ١٤٢٧ هـ
حكم التدقيق رقم: ٧٩٦/ت / ٣ لعام ١٤٢٧هـ
تاريخ الجلسة: 6/8/١٤٢٧ هـ
الموضوعات
عقد تجاري , عقد توريد , تكون العقد وشروطه , علاقة المقاول من الباطن بالجهة المالكة , خيار العيب , مسقطات خيار العيب , التأخر في التمسك بخيار العيب يدل على الرضا به , التزامات عقدية , الالتزامات المترتبة على التوريد , التزامات المورد , تسليم السلعة خالية من العيوب , قرينة قضائية
الملخص
يذكر المدعي أنه بصفته مقاولا في إنشاءات ومباني تعاقد مع المدعى عليها على ان تورد له مواسير بمواصفات خاصة، إلا أن المدعى عليها لم تورد ما هو مطلوب المواصفات المتفق عليها، وقد رفضت الجهة الحكومية تلك المواسير، وأرجعتها المدعى عليها لمستودعاتها؛ لعلمها بعيبها، وطلب إعادة الثمن الذي دفعه – المدعى عليها دفعت بأن المدعي استلم البضاعة وفق المواصفات المتفق عليه، وقد حازها حيازة كاملة بعد معاينتها، ولم يطلب حفظها في مستودعات المدعى عليها إلا بعد ثلاثة أشهر من استلامه، وأنها وضعتها في مستودعاتها بناء على طلب المدعي، وطلب موكلها إرجاعها للمدعي – ثبوت استلام المدعي للبضاعة وفق الشروط المتفق عليها، وعدم رفضه لها – إذا وجد من المشتري بعد علمه بالعيب ما يدل على الرضا به من قول أو تصرف كإجارة وإعارة وعرض للبيع سقط الخيار ولزم البيع – لا علاقة للمدعى عليها برفض الجهة الحكومية استلام بعض المواسير؛ إذ علاقة المدعى عليها مع المدعي وليس فيها شرط قبول الجهة المستفيدة – مؤدى ذلك: رفض الدعوى، وإلزام المدعي باستلام بضاعته من مستودعات المدعى عليها.
الوقائع
تتحصل وقائع هذه الدعوى حسبما يتبين من أوراقها وبالقدر اللازم للفصل فيها أنه سبق لهذه الدائرة أن أصدرت حكمها رقم (١٤ /د / تج / ٥ لعام 1٤٢٥ هـ )، وتحيل إليه في سرد الوقائع منعا للتكرار، حيث تقدم لديوان المظالم بالرياض….. صاحب مؤسسة….. للتجارة بلائحة دعوى ضد شركة…..، ذكر بأنه تعاقد مع المذعى عليها بموجب طلب الشراء رقم (2/6/5) وتاريخ 24/3/١٤٢٣ هـ؛ لتوريد عدد (٤٠) ماسورة حديد مجلفنة، والتي كانت مطلوبة من المدعي من قبل قيادة المنطقة الشمالية إدارة مدينة الملك خالد العسكرية، ويذكر المدعي أنه قام بتزويد المدعى عليها بصورة من المواصفات المطلوبة لتلك المواسير؛ لتقوم بتوريدها وفقا لتلك المواصفات في مدة أقصاها 14/4/1423هـ، إلا أن المدعى عليها فشلت في توريد تلك المواد المحددة، كما أن المواسير التي قامت بتأمينها غير مطابقة للمواصفات؛ حيث طلب منها مواسير مجلفنة، أي أن تكون الفلنجة مثبتة بالماسورة، إلا أن المدعى عليها قامت بتوريد المواسير لوحدها والفلنجات لوحدها؛ الأمر الذي أدى إلى رفضها من الجهة المستفيدة، وإعادتها للمدعي، وفرض غرامة تأخير عليه، ويضيف المدعي أنه استنادا إلى ذلك قام بإعادة تلك المواد للمدعى عليها، وتم استلامها من قبلها – أي المدعى عليها – إلا أنها رفضت إعادة قيمة المواسير: وانتهى المدعي إلى مطالبته بإلزام المدعى عليها بدفع (120.554) مائة وعشرين ألفا وخمسمائة وأربعة وخمسين ريالا لا غير، وفقا للتفصيل التالي: ١ – دفع قيمة المواد وقدرها (70.000) سبعون ألف ريال. ٢ – دفع مبلغ (3.080) ثلاثة آلاف وثمانين ريالا يمثل غرامة التأخير التي فرضت على المدعي من قبل الجهة المستفيدة. ٢-دفع مبلغ (٩٥٠) تسعمائة وخمسين ريالا قيمة نقل وتوريد المواد للجهة المستفيدة.٤- دفع مبلغ (٨٠٠) ثمانمائة ريال قيمة إعادة المواد المرفوضة من الجهة المستفيدة لمستودعات المدعى عليها. ٥ – دفع مبلغ (30.000) ثلاثين ألف ريال يرى المدعي أنها تعويض له عما لحقه من ضرر. 6- دفع مبلغ (15.724) خمسة عشر ألفا وسبعمائة وأربعة وعشرين ديالا أتعاب محاماة، وقد قيدت هذه الدعوى قضية برقم (٢٩٤/ ١ / ق لعام 14٢٤ هـ)، وأحيلت إلى هذه الدائرة بتاريخ ٣/ ٢/ 1٤٢٤هـ؛ فباشرت الدائرة نظرها على النحو المثبت بدفتر الضبط، وفي جلسة يوم 10/3/١٤٢٤ هـ حضر وكيل المدعي….. وحضر لحضوره وكيل المدعى عليها….. المثبت هويتهما وصفتهما بدفتر الضبط، وبسؤال وكيل المدعي عن دعوى موكله ذكر بأنها على النحو الوارد تفصيله بلائحة الدعوى المقدمة للديوان السالف ذكرها أعلاه، وبسؤالى وكيل المدعى عليها الجواب، قدم مذكرة برد موكلته على دعوى المدعي أرفق بها ما يراه سندا لها. وقد تضمنت مذكرة المدعى عليها إنكار صحة أقوال المدعي التي ذكر فيها فشل المدعى عليها في توريد المواسير في الموعد المحدد قبل تاريخ 14/4/1٤٢3 هـ، كما أنكرت المدعى عليها أنها خالفت المواصفات المتفق عليها، وفي هذا السبيل تؤكد المدعى عليها أنها قامت بتوريد المواسير المطلوبة على دفعتين: الأولى: سلمت بتاريخ 1/4/١٤٢٣هـ، والثانية: سلمت في ١٢/٤/1٤٢٣هـ بعد استلام قيمة كل دفعة نقدا، وتؤكد المدعى عليها التزامها بالمواصفات المطلوبة والموعد المحدد. وأن مؤسسة المدعي قد استلمت البضاعة دون تحفظ أو إبداء ملاحظات، وفيما يخص ما ذكره المدعي بأنه قام بإرجاع المواسير لمستودعات المدعى عليها، وأن المدعى عليها استلمت هذه المواد وأصدرت سندا على استلامها، ولم تقم بإعادة قيمتها، تذكر المدعى عليها أن ذلك صحيح، وأن الحقيقة هي أن المدعي طلب منهم حفظ هذه المواسير كأمانة في مستودعاتهم؛ بحجة عدم وجود مستودع لديه لحفظها، وأنهم قبلوا ذلك مراعاة له، وقد حصل ذلك بعد ثلاثة أشهر من تاريخ الشراء، وقد طلب وكيل المدعى عليها رد دعوى المدعي، والحكم بإلزامه بدفع مبلغ خمسين ألف ريال تعويضا موكلته، وإلزام المدعي بنقل بضاعته من مستودعات المدعى عليها، وقد سلم لوكيل المدعي نسخة مما قدمه وكيل المدعى عليها؛ فطلب مهلة للرد عليه، و في جلسة يوم ٣/ ٤/ ١٤٢٤هـ قدم مذكرة بإجابته على مذكرة المدعى عليها، ورد في أولها أن لائحة الادعاء جاء فيها خطأ في تاريخ اخر موعد لتسليم المواسير حيث كتب يوم ١٤/ ٤/ 1٤٢٣ هـ، والصواب هو ١/ ٤/ 1٤٢٣هـ؛ وذلك لأن تاريخ ١٤/ ٤/ 1٤٣٢هـ هو المحدد من قبل الجهة المستفيدة للمدعي؛ وبالتالي فلابد من تأمين المواسير لديها قبل أسبوعين من هذا التاريخ، وأعاد وكيل المدعي تأكيده أن المدعى عليها فشلت في تأمين المواسير في الموعد المحدد، واستند إلى الخطاب المرسل من المدعى عليها إلى المدعي بتاريخ 24/3/1٤٢٢ هـ الذي تذكر فيه توفر المواد المطلوبة واستعدادها بتسليمها خلال (٣) أيام من تاريخ التعميد، وذكر أن المدعي عمد المدعى عليها بتوريد المواد بتاريخ ٢٤/٣/1٤٢٣هـ، وبناء عليه كان يجب على المدعى عليها تأمين المواد بتاريخ 27/3/١٤٢٣ هـ، إلا أنها بتاريخ ٣٠/٣/1٤٢٤هـ قامت بتأمين عدد (١٢) ماسورة فقط من أصل (٤٠) ماسورة، وفيما يخص مواصفات هذه المواسير يذكر وكيل المدعي أنه عمد المدعى عليها بتأمين مواسير مجلفنة، أي أن تكون الفلنجة مثبتة بالماسورة، وقد أنكر ذلك وكيل المدعى عليها، وذكر أن هناك فرقا بين الجلفنة والفلنجة؛ حيث إن الجلفنة عبارة عن طلاء الحديد بمادة الزنك المصهور؛ لحمايته من العوامل الطبيعية، وأضاف وكيل المدعى عليها أن الفلنجة شىء آخر وأن الفلنجة تلحم في الماسورة في الموقع فقط من الفني الذي يقوم بتركيبها؛ وذلك لاختلاف المقاسات، وأن الطلب لم يذكر بأن الفلنجات تكون ملحمة في المواسير أم لا، وعقب على ذلك وكيل المدعي بقوله: إن هذا قول مرسل لا دليل عليه، وينفيه خطاب المدعى عليها إلى المدعي بتاريخ ٤٢٢/٢/٢٤ ١هـ الذي ورد فيه: (….. وبناء على المكالمة الهاتفية التي جرت بيننا بخصوص توفر المواد من مواسير، سواء مجلفنة لحام، أو غير ملحوم؛ فإنه يسعدنا إعلامكم أننا نملك جميع المواد المذكورة…..)؛ مما يعني أن المدعى عليها تعلم يقينا أن تلك الفلنجة يتعين لحمها في الماسورة، وإلا ما أشارت إليه في خطابها؛ وبالتالي فإن تسليمهم تلك المواسير بدون فلنجات ملحومة يؤكد فشل المدعى عليها في مطابقة تلك المواصفات؛ ولأن تلك المواد تم رفضها من الجهة المستفيدة؛ لأنها كانت بدون فلنجات ملحومة بها؛ فإن ذلك كان بسبب المدعى عليها بإقرارها، والمتسبب يلزم بالضمان، وقد أجاب عن ذلك وكيل المدعى عليها بمذكرة في ٢/٤/1٤٢٤هـ تضمنت ما خلاصته أن المستند المؤرخ في ٢٤/٣/1٤٢٣هـ الصادر من المدعى عليها، والذي يحتج به المدعي تضمن التزام المدعى عليها بتوريد البضاعة خلال (٣) أيام من تعميدهم، وعلى ذلك يوضح وكيل المدعى عليها بأن ما ذكر في هذا الخطاب كان بناء على سداد قيمة البضاعة نقدا قبل استلامها، ثم تم التوصل إلى دفعها على قسطين، وقد قام المدعي بإصدار شيك على بنك….. بتاريخ 11/6/ ٢٠٠٢ م الموافق 1/4/1423 هـ وتبين عند صرفه عدم كفاية الرصيد؛ فقامت المدعى عليها بالاتصال على وكيل المدعي وإبلاغه بذلك؛ فأكد أن المالك مسافر خارج المنطقة، وأنه سوف يقوم بتغطية المبلغ بطريقته؛ وعليه قامت المدعى عليها بتسليم جزء من البضاعة بتاريخ 1/4/1٤٢٢ هـ عبارة عن (١٢) ماسورة، أي قبل سداد المبلغ، وبعد ذلك قام المدعي بتاريخ 6/4/١٤٢٣ هـ الموافق 16/6/٢٠٠٢ م بتعديل التاريخ على نفس الشيك، وتم تسليم الدفعة الأولى من البضاعة في يوم السبت ١٢/٤/1٤٢٢هـ، وبعد ذلك المدعي قام بتسديد الدفعة الثانية من قيمة المواسير، ولم يكن هناك أي اعتراض من قبل المدعي في حينه، وأضاف وكيل المدعى عليها أنه يرفق مع مذكرته مستندا هو عبارة عن منشور صادر عن مصنع….. لجلفنة المعادن، والذي يثبت صحة ما دفع به من كون الفلنجات المطلوبة مع المواسير لا يمكن لحمها إلا في الموقع لاختلاف المقاسات، وقد تضمن هذا المنشور شرحا يوضح كيفية إجراء عملية الجلفنة، ثم أضاف وكيل المدعى عليها قائلا: إن العبارة الواردة في خطاب المدعى عليها، والتي يحتج بها المدعي على أن الفلنجة يجب لحمها بالماسورة، وهذه العبارة هي: (….. مواسير مجلفنة لحام وغير ملحوم)، إن التفسير الحقيقي لهذه المصطلحات هو أن هناك نوعين أساسيين من المواسير، هما مواسير لحام، وهي التي تصنع بواسطة لف صفيح من الحديد بسمك معين، وتشكيله على شكل ماسورة، ومن ثم تلحم من الداخل، وتكون بذلك ماسورة تسمى ماسورة لحام، أما الماسورة الغير ملحوم، وهي النوع الثاني، فتكون قد صنعت بواسطة الصلب في قوالب خاصة، ولا يكون هناك أثر لحام عليها، وهذا المعنى الصحيح للعبارة التي يحتج بها المدعي، وفي مذكرة قدمها وكيل المدعى عليها بتاريخ 15/9/1٤٢٤هـ ناقش فيها المستند رقم (٤) الصادر من مدينة الملك خالد العسكرية الذي قدمه المدعي رفق لائحة دعواه محتجا به على مسألة رفض المواد من قبل الجهة المستفيدة؛ لعدم مطابقتها للمواصفات، ذكر بأنه بمقارنة المستند رقم (٤) بما يدعي به المدعي يتبين أن تاريخ المستند ١٣/٤/1٤٢٣هـ وعدد المواسير التي رفضت هي (١٢) ماسورة، بينما المجموع يساوي (٤٠) ماسورة و (٨٠) فلنجة؛ وسبب الرفض هو أن المواسير بدون فلنجات، وهذا أمر طبيعي؛ لأن ما ذكره ذلك الخطاب هو الدفعة الأولى من البضاعة التي استلمها المدعي بتاريخ 1/4/1٤٢٣ هـ والتي هي (١٢) ماسورة، أما باقي المواسير والفلنجات تم تسليمها له بتاريخ 12/4/1423هـ، أي قبل تاريخ المستند بيوم واحد، كما أن خطاب الرفض لم يذكر إذا كانت ملحومة أو غير ملحومة، كما أن الخطاب أعطى للمدعي مهلة شهر من تاريخه؛ أي ١٢/٥/1٤٢3هـ لاستلام المواد المرفوضة وتوريد الصحيحة…..، فلماذا لم يعد المواسير في حينه عندما رفضت؛ لمحاولة حل المشكلة؟ كما أضاف وكيل المدعى عليها في نفس هذه المذكرة في إجابته على المستند المرفق بلائحة الدعوى تحت رقم (٢)، وهوعبارة عن خطاب التعميد الصادر من الجهة المستفيدة (مدينة الملك خالد العسكرية) إلى المدعي؛ بأن تاريخ المستند 20/3/1423هـ، وقد جاء فيه بأن التوريد سوف يكون خلالى (٣٢٠) يوما من تاريخه؛ أي حتى 20/4/1423هـ. وهذا يتناقض مع ما يدعي به المدعي بقوله إن موعد التسليم كان بتاريخ 14/4/1423هـ أو 1/4/1٤٢3هـ، ثم ختم وكيل المدعى عليها مذكرته هذه بطلب رد دعوى المدعي والحكم لموكلته بما طلبته، و في جلسة يوم الأحد ١٥/ ٧/ 1٤٢٤هـ ختم طرفا الدعوى أقوالهما فيها، ثم أصدرت الدائرة حكمها رقم (١٤ /د /تج /٥ لعام 1٤٢٥ هـ) القاضي بما يلي: أولا: رد دعوى المدعي….. حب مؤسسة….. للتجارة، ضد المدعى عليها شركة….. ثانيا: إلزام المدعي باستلام بضاعته الموجودة في مستودعات المدعى عليها، ورفض ما عدا ذلك من طلبات المدعى عليها؛ بناء على أسباب حاصلها أنه لما كان المدعي يهدف من إقامة دعواه إلى مطالبة المدعى عليها بدفع مبلغ (120.554) مائة وعشرين ألفا وخمسمائة وأربعة وخمسين ريالا، عبارة عن قيمة مواسير طلبتها من المدعى عليها، ويذكر أنها فشلت في توريدها في الموعد المحدد وحسب المواصفات المطلوبة، وذلك كما ورد في طلب الشراء رقم (2/6/5) وتاريخ 24/3/١٤٢٣ هـ، وهي عبارة عن اربعين ماسورة وثمانين فلنجة وردت أوصافها في الدعوى، وأنه لما كان المدعي ذكر في دعواه بأن هذه المواسير كانت مطلوبة منه لصالح مدينة الملك خالد العسكرية؛ وأنه بسبب فشل المدعى عليها في تأمينها بالوصف والموعد المحدد خسرت هذه المناقصة، وأعيدت له المواسير وفرضت عليها غرامة من الجهة المستفيدة، وأنه أعاد هذه المواسير إلى مستودعات المدعى عليها؛ فاستلمتها ولم ترجع له قيمتها، وحيث إنه فيما يخص الموعد المطلوب لتسليم البضاعة المذكورة، فقد ذكر المدعى في لائحة دعواه أنه في يوم 14/4/1٤٢٣ هـ. ثم عاد في مذكرة أخرى وذكر أن ذلك خطأ مطبعي صوابه يوم 1/4/١٤٢٣ هـ، وأن ١٤/٤/1٤٢٢هـ هو الموعد الذي حددته الجهة المستفيدة للمدعي، بينما لم تقم المدعى عليها بتسليم هذه البضاعة إلا على دفعتين، الأولى بتاريخ 30/3/1423هـ وهي (١٢) ماسورة فقط من أصل (٤٠). كما أنه فيما يخص عدم مطابقة المواسير للمواصفات ذكر المدعي في لائحة الدعوى أن تلك المواصفات تتطلب أن تكون المواسير مجلفنة، أي أن تكون الفلنجة مثبتة بالماسورة، إلا أن المدعى عليها قامت بتأمين المواسير لوحدها والفلنجات لوحدها؛ الأمر الذي أدى إلى رفضها من الجهة المستفيدة، وحيث إنه عن تعلق المدعي بفشل المدعى عليها في تأمين البضاعة خلال الأجل المحدد، والذي يرى أنه يوم ٢٧/ ٣/1٤٢٣هـ بناء على ما ورد في خطاب المدعى عليها المؤرخ في 24/3/1٤٢٣ هـ الذي وعدت بتأمين البضاعة خلال ثلاثة أيام من تعميدها بالشراء، فقد أجاب عن ذلك وكيل المدعى عليها بأن هذا الموعد كان بناء على قيام المدعي بتسديد قيمة البضاعة نقدا؛ لأن البيع كان بالنقد، بينما لم يقم المدعي بتسديد قيمة المواسير إلا على دفعتين، الأولى بتاريخ ٦/٤/1٤٢٣هـ الموافق 16/6/٢٠٠٢ م، والمدعي يقر باستلامه لجزء من البضاعة بتاريخ 30/3/1٤٢٣ هـ أي أنه تسلم جزءا من البضاعة قبل سداده لأي مبلغ من قيمتها، فكيف يطالب المدعى عليها بتسليمه كامل البضاعة قبل تسديد ثمنها؟ وقد أنكر وكيل المدعي صحة ذلك، إلا أنه قدم رفق أحد مذكراته مستندا يشهد لصحة كلام المدعى عليها، وهو كشف حساب صادر من بنك….. يوضح أن الشيك المذكور الذي يمثل الدفعة الأولى من قيمة البضاعة تم صرفه بتاريخ 16/6/٢٠٠٢ م، كما أن المستند الذي يحتج به المدعي في تحديد الموعد المطلوب يوضح بأن الموعد هو مدة شهر من تاريخ هذا الخطاب الذي كان بتاريخ 20/3/1٤٢3 هـ؛ فيكون الموعد المحدد هو ٢٠/٤/1٤٢3هـ خلافا ما حدده المدعي في مذكراته تارة أنه 14/4/1٤٢3 هـ أو 1/4/1٤٢3 هـ، ولا ينهض إلى تغيير ذلك ما دفع به وكيل المدعي من أن الجهة المستفيدة قامت بتغيير الموعد بالاتصال الهاتفي؛ لكون ذلك قولا مرسلا لا دليل عليه، ثم إنه لا يمكن إلزام المدعى عليها بالموعد الذي التزم به المدعي للجهة المستفيدة؛ لاستقلال العقدين والتعامل بين الطرفين كل على حدة، ولأن تعامله مع المدعى عليها كان عن طريق الشراء نقدا؛ فلا يحق له إلزامها بتسليم البضاعة قبل سداد قيمتها، وفيما يخص ما أورده المدعي من قيام المدعى عليها بتوريد بضاعة غير مطابقة للمواصفات التي طلبت منها، فإن سنده في ذلك هو قيام الجهة المستفيدة بإرجاع المواسير المذكورة؛ لعدم مطابقتها للمواصفات، وقدم سندا لذلك الخطاب الصادر من الجهة المستفيدة المشار إليها في وقائع هذا الحكم، وحيث إنه بتأمل هذا الخطاب يتضح أنه ورد فيه إرجاع عدد (١٢) ماسورة؛ لأنها بدون فلنجات، وتاريخ هذا المستند هو 13/4/1٤٢٣هـ، وهذه المواسير هي جزء من البضاعة محل الدعوى تمثل الدفعة الأولى التي سلمتها المدعى عليها للمدعي بتاريخ ١/ ٤/ 1٤٢٣هـ، فقام المدعي بتوريدها إلى الجهة المستفيدة قبل باقي البضاعة؛ مما أدى إلى رفضها؛ يدل على ذلك تطابق هذه الكمية مع كمية الدفعة الأولى، وأن تاريخ المستند هو 13/4/١٤٢٣ هـ، بينما تسليم الدفعة الثانية من المواسير كان بتاريخ 13/٤/1٤٢3هـ؛ وبالتالي فلا يصح احتجاج المدعي بهذا المستند كدليل على ما يريد إثباته من توريد المدعى عليها لمواسير مخالفة للمواصفات؛ لاختلاف البيانات الواردة في هذا المستند عما يريد المدعي إثباته، ويشهد لصحة ذلك أن المدعي استلم البضاعة على دفعتين كما سبق بيانه، وقام بتسديد قيمتها على دفعتين كذلك، ولو كانت المدعى عليها تأخرت في تسليمها عن الموعد المحدد، فكيف تسلمها المدعي دون تحفظ ؟ مع أن المفترض علمه المسبق بالموعد المحدد لها، كما أن هذا المستند الذي يحتج به المذعي في مخالفة المواسير للمواصفات أعطى المدعي مدة شهر من تاريخه؛ لاستلام بضاعته وتوريد البضاعة الصحيحة، وكان هذا المستند بتاريخ ١٣/ ٤/ 1٤٢٣هـ، فلوصح ما ذكره المدعي؛ فكان يجب عليه المبادرة لاستلام البضاعة وإعادتها لا ستبدالها، وهذا ما تقاعس في القيام به دون إبداء مبرر؛ وحيث الامر ما سبق بيانه، فإن ما ذكره المدعي من ضرر وقع عليه تمثل في إعادة المواسير له من قبل الجهة المستفيدة، وفرض غرامة تأخير عليه، مع أنه لم يقدم ما يثبت ذلك، وهذا الضرر لو صح وقوعه ليس للمدعى عليها أي أثر في حدوثه، وليست متسببة فيه؛ مما ينفي القول بإلزامها بضمانه؛ مما تتجه الدائرة إلى الحكم بعدم أحقية المدعي بما طلبه سوى استعادة بضاعته الموجودة لدى المدعى عليها؛ لأن الثابت من المستند الذي قدمه المدعي وهو سند استلام، ذكر فيه أن ذلك بصفة مؤقتة؛ وبالتالي فلا يحتج به على أنه سند إرجاع بضاعة، وحيث إنه فيما يتعلق بمطالبة المدعى عليها بإلزام المدعي بدفع مبلغ خمسين ألف ريال للمدعى عليها، بواقع خمسة وثلاثين ألف ريال أجور الوكيل الشرعي، وخمسة عشر ألفريال أجور إبقاء البضاعة في مستودعات المدعى عليها؛ فان الدائرة تتجه إلى رفض هذه الطلبات؛ لعدم تقديم ما يسندها، وعدم قيامها على دليل صحيح. ثم قدم المدعي اعتراضه على الحكم الصادر في هذه القضية، وتم رفعه لهيئة التدقيق؛ فأصدرت حكمها رقم (٤٤٦/ت/3 لعام ١٤٢٥هـ) القاضي بنقض حكم الدائرة رقم (١٤ /د /تج /٥ لعام ١٤٢٥هـ) بناء على أسباب حاصلها أن هناك خلافا بين الطرفين حول توريد كامل البضاعة محل المنازعة من قبل المدعى عليها، إضافة إلى اختلافهما في وجود عيب فيها بعد توريدها، لم يتم تحقيقه من قبل الدائرة في حكمها، والمتعين على الدائرة التحقق البضاعة موضوع المنازعة، وهل سلمت للمدعي جميعها أو سلم البعض منها. وإذا كانت سلمت جميعها للمدعي، فهل كانت كلها على المواصفات المذكورة في أمر الشراء المشار إليه بين المدعي والمدعى عليها أم لا؟ وبعد التحقق ينظر ما كان منها على المواصفات المتفق عليها؛ فيلزم بها المدعي، وما كان منها على خلاف ذلك فتلزم بها المدعى عليها، وخاصة أنه ثبت من أوراق القضية أن بعضا من هذه البضاعة تم إرجاعها من الجهة التي تعاقد معها المدعي وعددها (١٢) ماسورة، ثم أعيدت القضية لهذه الدائرة، ونم فتح باب المرافعة فيها، وحددت الدائرة لاستكمال نظرها جلسة يوم الاثنين 1/4/1426هـ، وفيها سألت الدائرة المدعي عن خلافه مع المدعى عليها، فذكر بأن خلافه معها يكمن فقط في توريدها للبضاعة بالمخالفة للمواصفات المتفق عليها؛ فسألته الدائرة عن عدد المواسير التي تم توريدها، وبيان عدد ما كان مطابقا منها للمواصفات، وعدد ما كان مخالفا لها، وإذا كان هناك مواسير مخالفة للمواصفات فما بينته على ذلك؟ فقدم في جلسة يوم الاثنـين ٢٩/4/1426 هـ مذكرة مكونة من صفحة واحدة مرفقا بها صور بعض المستندات، ذكر فيها بأن البضاعة هي (٤٠) ماسورة حديد مجلفنة قطر(8) بوصة بفلنجة بالأطراف، وقد تم دفع قيمتها بالكامل بموجب سندات القبض، وأن ما تم رفضه هو عبارة عن (١٢) ماسورة؛ لأنها بدون فلنجات، كما يتضح ذلك من سند الرفض الصادر من إدارة مدينة املك خالد العسكرية للتشغيل والصيانة، تسلم وكيل المدعى عليها….. – المثبت هويته وصفته بدفتر الضبط – نسخة منها، وبعد اطلاعه عليها قدم بجلسة يوم الثلاثاء 27/10/1٤٢٦ هـ مذكرة برده مكونة من صفحة واحدة. ذكر فيها بأن المدعي استلم جميع بضاعته كاملة على دفعتين، بعد معاينتها وتاكده من مطابقتها للمواصفات المتفق عليها، حيث استلم الدفعة الأولى بتاريخ 2/6/٢٠٠٢ م، واستلم الدفعة الثانية بتاريخ 11/6/٢٠٠٢ م؛ والسبب في التجزئة هو عدم دفع المبلغ، وأن موكلته غير مستعدة للاستجابة لطلبات المدعي؛ لعدم صحتها؛ لكون المدعي استلم بضاعته كاملة بعد أن عاينها وحازها الحوز الشرعي، ونقلها من مستودعات الشركة المدعى عليها بعد استلامه لها، ولم يعد الأجزاء المدعى بها إلا بعد ثلاثة أشهر من تاريخ استلامه، وانتهى إلى طلب رد دعوى المدعي؛ لعدم صحتها. مع احتفاظ موكلته بحقها في مطالبة المدعي بأجرة المثل لشغله حيزا من مساحات الشركة طوال هذه الفترة، وقد تسلم المدعي نسخة منها، وقرر الاكتفاء بما سبق وأن قدمه من دفوع ومذكرات.
الأسباب
وحيث إن المدعي يطلب الحكم بإلزام المدعى عليها بدفع مبلغ (120.554) مائة وعشرين ألفا وخمسمائة وأربعة وخمسين ريالا، على النحو الوارد تفصيله في لائحة الدعوى؛ تأسيسا على مخالفة المدعى عليها للمواصفات المتفق عليها بخصوص البضاعة التي قامت بتوريدها إليه، وحيث إن المدعى عليها تدفع بأن البضاعة التي وردتها للمدعي هي مطابقة للمواصفات المتفق عليها، وأن المدعي قام باستلامها، وتطلب بناء على ذلك رد الدعوى، وحيث إن الثابت من أوراق القضية أن المدعي أصدر خطاب تعميده للمدعى عليها، والمؤرخ في 24/3/1423هـ والمتضمن طلب توريد البضاعة دون أن يشترط قبول الجهة المستفيدة، أو حتى الإشارة إلى ما بينه وبين إدارة مدينة الملك خالد العسكرية من اتفاق بخصوص العرض المقدم له ومواصفاته، وحيث إن المدعى عليها وردت كامل البضاعة على دفعتين، وقام المدعي باستلامها والتوقيع على الاستلام، كما يتضح ذلك من طلبات تسليم البضاعة المرفق صورها بأوراق القضية، ودفع قيمتها؛ مما يتبين معه والحال كذلك عدم صحة ما ذكره المدعي من مخالفة المدعى عليها للمواصفات المتفق عليها للبضاعة التي تم توريدها، حيث لو كانت البضاعة غير مطابقة للمواصفات لرفضها المدعي؛ ولما قام باستلامها، وإنما أعادها فورا للمدعى عليها، ثم إنه على فرض كون البضاعة الموردة كانت مخالفة للمواصفات المتفق عليها، فإن من المقرر فقها أنه إذا وجد من المشتري بعد علمه بالعيب ما يدل على الرضا به من قول أو تصرف، كإجارة وإعارة وعرض للبيع ونحو ذلك؛ سقط خياره، قال الكاساني: (كل تصرف يوجد من المشتري في المشترى بعد العلم بالعيب يدل على الرضا بالعيب يسقط الخيار) بدائع الصنائع (٥/ ٢٨٢)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه في خيار الرد بالعيب: (فإذا ظهر ما يدل على الرضا من قول أو فعل سقط خياره بالاتفاق ) مجموع الفتاوى (9/٣٦٦). والثابت أن المدعي استلم البضاعة بعد أن شاهدها ووقع على الاستلام، ولم يعترض عليها في حينه، بل قام بإرسالها إلى الجهة المستفيدة، وهي إدارة مدينة الملك خالد العسكرية للتشغيل والصيانة، وهذا يدل على موافقته على مواصفات البضاعة الموردة ورضاه بها؛ مما يسقط معه والحال كذلك الخيار في حقه؛ إذ لو كانت البضاعة غير مطابقة للمواصفات المتفق عليها لاعترض المدعي على ذلك في حينه ولقام بإعادتها فورا، أما ما قدمه المدعي من مستند بخصوص إرجاع الجهة التي تعاقد معها، وهي إدارة مدينة الملك خالد العسكرية لعدد (١٢) ماسورة، وهو الخطاب المؤرخ في ١٣/٤/1٤٢3 هـ ؛ فهو مردود عليه من عدة وجوه: الوجه الأول: أن تعاقد المدعي مع المدعى عليها تم دون اشتراط قبول الجهة المستفيدة للبضاعة الموردة، أو حتى الإشارة إلى تعاقد المدعي مع الجهة المستفيدة وهي مدينة الملك خالد العسكرية؛ وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يمكن إلزام المدعى عليها بعدم قبول الجهة المستفيدة للبضاعة؛ وذلك لاستقلال العقدين والتعامل بين الطرفين كل على حده. الوجه الثاني: أنه بتأمل هذا الخطاب يتبين أنه ورد فيه إرجاع (١٢) ماسورة؛ لأنها بدون فلنجات، وليس لعدم تثبيت الفلنجات بالمواسير وتلحيمها بها. الوجه الثائث: أن تاريخ الخطاب في 13/4/1423 هـ، والمواسير التي قامت الجهة المستفيدة بإرجاعها هي (١٢) ماسورة، وهي جزء من البضاعة محل الدعوى، وتمثل الدفعة الأولى التي سلمتها المدعى عليها للمدعي بتاريخ 1/4/١٤٢٢ هـ الموافق 11/6/٢٠٠٢ م؛ فقام المدعي بتوريدها إلى الجهة المستفيدة قبل باقي البضاعة، مما أدى إلى رفضها؛ يدل على ذلك تطابق هذه الكمية مع كمية الدفعة الأولى: وبالتالي فلا يصح احتجاج المدعي بهذا المستند؛ لاختلاف البيانات الواردة فيه عما يريد إثباته. الوجه الرابع: أن هذا الخطاب أعطى المدعي مهلة شهر من تاريخه: لاستلام بضاعته وتوريد البضاعة الصحيحة، ولو صح ما ذكره المدعي من مخالفة البضاعة الموردة للمواصفات لقام فورا بإعادتها للمدعى عليها لاستبدالها، وهو ما تقاعس عنه دون إبداء مبرر؛ الأمر الذي تخلص معه الدائرة بناء على ذلك، وعلى الأسباب الواردة بحكم الدائرة رقم (١٤/ د/تج / ٥ لعام 1٤٢٥هـ)، ولكل ما تقدم إلى رد دعوى المدعي وإلزامه باستلام بضاعته الموجودة ف مستودعات المدعى عليها: لذلك حكمت الدائرة بما يلي: أولا: رد دعوى المدعي….. صاحب مؤسسة….. للتجاره…..، ضد المدعى عليها شركة….. ثانيا: إلزام المدعي باستلام بضاعته الموجودة في مستودعات المدعى عليها؛ لما هو مبين بالأسباب. والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هيئة التدقيق
حكمت الهيئة: بتأييد الحكم رقم (١٠ / د/تج /ه لعام ١٤٢٧هـ) والصادر في القضية رقم (٢٩٤ /١ /ق لعام ١٤٢٤هـ) فيما انتهى إليه من قضاء.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.