شهادة الابن لمصلحة أبيه

رقم القضية الابتدائية ٣١٦٠ /١٠/ ق لعام ١٤٣٦هـ
رقم قضية الاستئناف ١٢٦٣ /٢ /س لعام ١٤٣٧هـ
تاريخ الجلسة ١١/٤/١٤٣٧هـ
الموضوعات
اختلاس – موظف عام – مال عام – ذخائر – بيع ذخائر – إقرار – شهادة – موانع قبول الشهادة – شهادة الابن لمصلحة أبيه – شهادة غير موصلة – قرائن – مستند الأحكام القضائية – استفاضة – الأصل براءة المتهم – الغاية من الاختلاس – نية البيع – نية التملك – توافر نية التملك دون البيع – رد المبالغ المختلسة.

أقام فرع هيئة التحقيق والادعاء العام الدعوى ضد المتهمين لقيام المتهم الثاني حال كونه موظفا عاما (أمين مستودع) باختلاس ذخائر، ومن ثم تسليمها للمتهم الأول لبيعها – إنكار المتهم الأول لما نسب إليه من تهمة – إقرار المتهم الثاني بصحة الاتهام المنسوب إليه وإلى المتهم الأول؛ مستندا بذلك على شهادة الشاهد – شهادة الشاهد تفيد مشاهدة المتهم الثاني أثناء اختلاسه الذخائر دون تسليمها للمتهم الأول – عدم قبول شهادة ابن المتهم الثاني بثبوت التهمة على المتهم الأول لاحتمال دفع التهمة عن والده، ولكونها غير موصلة لعدم وضوحها- اشتهار المتهم الأول بتجارة الأسلحة غير كاف لإثبات التهمة – استناد الأحكام القضائية يكون على البينة لا على السماع – الأصل براءة المتهم – عدم ثبوت التهمة بحق المتهم الأول ثبوت التهمة بحق المتهم الثاني بموجب إقراره، وشهادة الشاهد، ومسؤوليته عن الذخيرة المختلسة كونه أمين المستودع، وبموجب الظروف الواقعة على المتهم التي تثبت توافر القصد الجنائى بحقه – المقصد من ارتكاب جريمة الاختلاس تحقيق نفع مادي لمرتكبها مع لزوم ثبوت ذلك بدليل – عدم تقديم جهة الادعاء ما يثبت وقوع مقصد ارتكاب جريمة الاختلاس بحق المتهم الثاني – ثبوت نية التملك بحق المتهم الثاني دون نية البيع – أثر ذلك: عدم إدانة المتهم الأول بما نسب إليه من ارتكاب جريمة الاختلاس، وإدانة المتهم الثاني بها دون إدانته بارتكاب جريمة بيعها، ومعاقبته عن ذلك بالسجن مع إلزامه بإعادة مبالغ الذخائر المختلسة.
الوقائع
تتلخص وقائع هذه القضية في أنه ورد إلى المحكمة الإدارية بمكة المكرمة خطاب هيئة التحقيق والادعاء العام رقم (٤٢٣٠٧) وتاريخ ١٩/٩/١٤٣٦هـ المرفق به لائحة الدعوى العامة لعام ١٤٣٦هـ مع مشفوعاتها، وقد باشرت الدائرة النظر في القضية على النحو المثبت بمحضر الضبط، حيث حضر المدعي العام (…)، والمدعى عليهما، وادعى المدعي العام في مواجهتهما قائلا: بصفتي مدعيا عاما في دائرة التحقيق والادعاء العام بمحافظة الطائف أدعي على المدعى عليهما حيث إنه بالاطلاع على الأوراق الواردة بخطاب مدير فرع المباحث الإدارية بالطائف رقم (٣٠٨٣) وتاريخ ٢٢/٧/١٤٣٦هـ المشتمل على خطاب قائد مجموعة الشرطة العسكرية الخاصة الثامنة بالطائف رقم (٥٤٢) في ٢١/٧/١٤٣٦هـ المتضمن الإشارة إلى خطابهم رقم (٤٨٣) وتاريخ ١١/٧/١٤٣٦هـ الموجه لسعادة قائد منطقة الطائف المتضمن وجود نقص في الذخيرة المسلمة للسرية الثالثة والتي كانت باستلام المدعى عليه الثاني، وتوصلت تحقيقات اللجنة في نتائجها المبدئية إلى قيام الثاني ببيع عدد (30.000) طلقة حية من مختلف الأنواع، كما اشتملت الأوراق على خطاب قائد مجموعة الشرطة العسكرية الخاصة الثامنة بالطائف رقم (٥٨٩٦) في ٢١/٧/١٤٣٦هـ المتضمن القبض على كل من المدعى عليه الأولى (…)، والمدعى عليه الثاني (…) الموقوف على ذمة قضية تحرير شيكات غير قابلة للصرف، حيث اعترف أمين مستودع الأسلحة المدعى عليه الثاني ببيع الذخيرة للأول، وقد تم التحقيق معهما من قبل مرجعهما عن طريق لجنة مشكلة وإحالة الأوراق لاستكمال إجراءاتها بحكم الاختصاص؛ وذلك للأدلة والقرائن التالية: ١- ما جاء بخطاب قائد مجموعة الشرطة العسكرية الخاصة الثامنة بالطائف المنوه عنه المرفق بالأوراق. ٢- ما جاء باعتراف الثاني المرفق بالأوراق. ٣- ما جاء في أقوال الأول المرفقة بالأوراق. ٤- ما جاء في شهادة الشاهد (…) المنوه عنها والمرفقة بالأوراق. ٥ – ما جاء بأقوال (…) المنوه عنها والمرفقة بالأوراق. 6- ما جاء بمحضر جرد الذخيرة المختلسة المرفق بالأوراق. ٧- ما جاء ببيانات الاستلام والتسليم لعهدة السرية الثالثة من قبل المتهم الثاني المرفقة بالأوراق. ٨- ما جاء في شرائح الاتصالات المنوه عنها والمرفقة بالأوراق. ٩- ما جاء بمحضري العرض والمواجهة المنوه عنهما. ١٠- ما جاء بالتقرير البحثي المنوه عنه والمرفق بالأوراق. ١١- ما جاء بالمحضر المنوه عنه والمرفق بالأوراق المتضمن رفض الأول الإفصاح عن الرقم السري للجوال. ١٢- ما جاء في إفادة المباحث الإدارية المتضمنة ثبوت صحة ما أفاد به الثاني وابنه (…) من وجود اتصالات مع الأول المنوه عنها والمرفقة. ١٣- ما جاء بخطاب المباحث الإدارية. وقد انتهى التحقيق معهما باتهامها: أولا: باختلاس المالى العام المتمثل في الذخيرة المقدرة بـ (29.290) طلقة من مستودع السرية الثالثة لمجموعة الشرطة العسكرية الخاصة الثامنة بالطائف والتصرف فيها. ثانيا: قيامهما ببيع الذخيرة المختلسة المقدرة بـ (29.290) طلقة. وبإحالة القضية إلى هذه الدائرة باشرت نظرها وفق ما هو مدون بمحضر ضبط الجلسات حيث حددت الدائرة جلسة يوم الاثنين الموافق ١٨/١٠/١٤٣٦هـ لنظرها، وفيها سألت الدائرة المتهم الأول (…) عن الاتهام المنسوب إليه؟ فذكر بأنه ينكر ما نسب إليه جملة وتفصيلا ويكتفي بما ورد في مذكرة الدفاع المقدمة، كما قدم طلبا لإطلاق سراحه بناء على عدم كفاية الأدلة في مواجهته وأنه يعول أسرته ووالدته وهم بأمس الحاجة إليه. ثم سألت الدائرة المتهم الثاني (…) عن الاتهام المنسوب إليه، فأقر بما نسب إليه جملة وتفصيلا. وقد سألته الدائرة عن علاقته بالمتهم الأول؟ فذكر بأنه يعمل معه بالسرية الثالثة بالجيش في محافظة الطائف، وكان يقوم بتصريف الذخائر المختلسة، وما يتحصل عليه من مبالغ يقوم المتهم الأول بإعطائه إياها لتسديد ديونه الخاصة، واستدل على ذلك بشهادة (…) المرفقة بأوراق القضية والمتضمنة بأن الشاهد (…) في أحد الأيام شاهد المتهم الثاني يحمل كيسا بلاستيكيا لونه أخضر وهو الكيس الخاص بالذخائر، وقد قال له الشاهد ما هذا الذي تحمله، واتضح بأنها ذخائر مأخوذة من مستودع السرية، وقد هدده الشاهد بأنه إذا لم يقم بإعادتها إلى مكانها فسيخبر قائد السرية، وقام المتهم الثاني بوضعها في سيارته من نوع النترا هونداي أحمر. وبمواجهة الشاهد الحاضر في هذه الجلسة بشهادته، ذكر بأنها صحيحة ويضيف بأنه لا يعلم عن مصير تلك الذخيرة التي وضعها المتهم الثاني في سيارته، وما شهد إلا بما علم. وبعرض ذلك على المدعي العام، اكتفى بما ورد في لائحة الدعوى العامة، وطلب الحكم على المتهمين وفق ما ورد بلائحة الدعوى العامة. وفي جلسة يوم الاثنين الموافق ٢/١١/1٤٣٦هـ تبين عدم حضور المتهم الثاني وسألت الدائرة الأول (…) عما يرغب في إضافته في هذه الجلسة، فذكر بأنه يكتفي بما ذكره في الجلسة السابقة، ويطلب الحكم بعدم إدانته بما نسب إليه في هذه القضية. وبعرض ذلك على المدعي العام اكتفى بما ورد في لائحة الدعوى العامة، وما يخص مذكرة المتهم الأول ليس فيها دليل يستحق الرد ويتمسك بالحكم على المتهمين بما ورد في لائحة الدعوى العامة في هذه القضية. وفي هذا اليوم وبعد دراسة الدائرة للقضية والتأمل فيها سألت أطراف الدعوى إن كان لديهم ما يودون إضافته؟ فقرر ممثل الادعاء والمدعى عليه الأول الاكتفاء بما سبق تقديمه، وقرر المدعى عليه الثاني الاكتفاء مع ذكره بأن لديه خدمة في السلك العسكري لمدة ثمان وعشرين سنة، وأنه كان مأمور عهدة، وأنه كان يضع المفتاح كما يذكر وقت الصلاة على مكتبه مدعيا بأن ذلك مبرر له لعدم معرفته بنقص العهدة. ثم سألت الدائرة ممثل الادعاء عن قيمة العهدة التي يطالب بإعادتها؟ فذكر بأنها وفق ما ورد في لائحة الدعوى، وأن مستنده في القيمة هو ما ورد في تقرير مرجع المدعى عليه. ثم رفعت الجلسة للمداولة وإصدار الحكم.
الأسباب
وحيث إنه بناء على الدعوى والإجابة وبعد الاطلاع على أوراق القضية والتحقيقات المدونة بها أقوال المتهم تبين أن جهة الادعاء قد نسبت إليهما ارتكابهما لجريمة اختلاس المالى العام وذلك على النحو الوارد تفصيلا يؤ لائحة الدعوى العامة المتقدم ذكرها، وحيث إن المدعى عليه الأول (…) هو أحد الأفراد الذين يعملون تحت رئاسة المتهم الثاني، وحيث إن نتائج التحقيقات في اللجنة المشكلة للتحقيق في وجود نقص في الذخيرة المسلمة للسرية الثالثة، وقد انتهت إلى قيام المتهم الثاني ببيع عدد ثلاثين ألف طلقة حية، وأن المتهم الأول هو المستلم لتلك الذخائر، وحيث إن المتهم الثاني قد أفاد في التحقيقات بأن المدعى عليه الأول شريك له في ذلك، وحيث إن الدائرة قد اطلعت على أدلة الادعاء في اتهام المتهم الثاني للأول بأنه شريك، فظهر بأن الادعاء يستدل بشهادة وكيل الرقيب (…) وقد سمعت الدائرة شهادته فاتضح لها بأن الشاهد يؤكد على رؤيته للمتهم الثاني وهو يحمل الذخائر ويضعها في سيارته ولم يشاهد معه المدعى عليه الأول وقت حمل الذخائر وهي شهادة تؤكد الأدلة في حق المتهم الثاني فقط لكونها منصبة حول مشاهدة الشاهد للمتهم الثاني وهو يختلس الذخائر محل الاتهام، وأما ما ورد في شهادة ابن المتهم الثاني ضد المدعى عليه الأول فهي شهادة غير مقبولة لكون الشاهد من أقارب المتهم الثاني وقد تكون من باب دفع التهمة عن والده، كما وأنها غير موصلة؛ لعدم وضوحها، وكون الشاهد يؤكد على وجود علاقة بين المدعى عليه الأول وبين والده من خلال تسليمه لبعض الأغراض للمدعى عليه الأول والتي لم يذكرها الشاهد في شهادته. وما أشارت إليه التحريات من أن المدعى عليه الأول معروف بأنه يتاجر في الأسلحة لا يكفي لإشراكه في هذا الاتهام، فالقضاء لا يحكم بالسماع، فالبينة وإلا فالأصل البراءة، وعليه فإن الدائرة تنتهي في حق المدعى عليه الأول بما هو وارد في منطوق حكمها وبه تقضي. وحيث إن المتهم الثاني قد أقر بما نسب إليه وإقراره وليد إرادة حرة أمام الدائرة وأمام جهات التحقيق وأكد ذلك الإقرار شهادة وكيل الرقيب (…)، كما وأن قرينة توقيف المتهم الثاني بسبب تحرير شيكات غير قابلة للصرف تؤكد بأن لديه مطالبات مالية أراد بيع الذخائر محل الاتهام لتسديد تلك المطالبات المالية مما يعني أنه صاحب المصلحة في ذلك وأن القصد الجنائي قد تحقق لديه، كما وأن المتهم الثاني هو المستلم لتلك الذخيرة وهو أمين عليها وقد انتهى مرجعه إلى قيامه بذلك الأمر الذي تنتهي معه الدائرة إلى إدانته باختلاس الذخائر محل الاتهام. أما ما يخص بيع تلك الذخائر؛ فإن الدائرة لم تقف على دليل مادي يؤكد ذلك من شهادة أو غيرها من طرق الإثبات، فقد يكون المتهم الثاني استعملها في غير البيع، ولم يثبت لدى الدائرة أن المدعى عليه الأول كان يقوم ببيعها كما يذكره المتهم الثاني، وإن كانت جريمة الاختلاس من الجرائم التي يقصد من ارتكابها تحقيق نفع مادي للمختلس إلا أنه لابد من ظهور ذلك عليه وخروجه من حيازة الدولة إلى حيازته بنية التملك والتصرف فيه تصرف المالك، وقد ثبت أن المتهم الثاني أخرج الذخائر محل الاتهام ولم يثبت أنه باعها، إلا أن نية تملكه قد تحققت لديه الأمر الذي تنتهي معه الدائرة إلى ما هو وارد في منطوق حكمها، وبه تقضي.
لذلك حكمت الدائرة بما يلي: أولا: عدم إدانة المتهم الأول (…) – سعودي الجنسية – بما نسب إليه من جريمة المشاركة في الاختلاس وبيع الذخيرة. ثانيا: إدانة المتهم الثاني (…) – سعودي الجنسية – بما نسب إليه من جريمة الاختلاس، ومعاقبته عن ذلك بالسجن لمدة سنة تحسب منها مدة إيقافه على ذمة هذه القضية. ثالثا: إلزام المتهم الثاني (…) – سعودي الجنسية – بإعادة المبالغ المختلسة وقدرها واحد وثمانون ألفا وأربعمائة وتسعون ريالا. رابعا: عدم إدانة المتهم الثاني (…) – سعودي الجنسية – بما نسب إليه من جريمة بيع الذخيرة المختلسة.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محكمة الإستئناف
حكمت المحكمة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.