القضاء التجاري / ترقية موظف تقاعد خدمة مدنية
رقم القضية ١٣٥٧ /١ / ق لعام ١٤٢٤هـ
رقم الحكم الابتدائي ١٥ /د/ف/٩ لعام ١٤٢٤ هـ
رقم حكم هيئة التدقيق ١٠١ /ت /٥ لعام ١٤٢٦ هـ
تاريخ الجلسة 11/3/١٤٢٦هـ
الموضوعات
تقاعد , مدني , احتساب خدمة , إلزام باستلام أقساط تقاعدية , مخالفة ضوابط إعادة الإعارة بعد الترقية , الإعارة قبل مضي سنة على الترقية , تحصن القرار الإداري في مواجهة الجهة الإدارية السند النظامي لمبدأ تحصن القرارات الإدارية, شرط انعدم القرار , انتفاء انعدام القرار , الاستئناس بسوابق قضائية
مطالبة المدعي إلزام المدعى عليها باعتبار إعارته محل النزاع نظامية، واستلام الأقساط التقاعدية عنها – دفعت المدعى عليها بأن إعارة المدعي محل النزاع تمت بعد إعارته الأولى المنتهية للترقية، وقبل مضي سنة منها بالمخالفة للنظام – قرار إعارة المدعي تحصن بمضي المدة لعدم قيام المدعى عليها بالطعن عليه خلال المدد النظامية، وبالتالي فإن القرار اكتسب حصانة ترقى به إلى درجة القرار الصحيح فيجب إعماله وترتيب آثاره – مبدأ تحصن القرارات الإدارية ليس فكرة قضائية بل قاعدة نظامية واجبة التطبيق – عدم أحقية المدعى عليها في التمسك ببطلان قرار إعارة المدعي الصادر من جهة عمله؛ لأن ذلك فضلا عن كونه مساسا بمركز نظامي اكتسبه المدعي من القرار إلا أنه ينطوي على تسليط ولاية التعقيب على قرارات أصدرتها جهة أخرى دون سند نظامي انعدام القرار الإداري لا يكون إلا بتخلف أحد أركانه، أو تخلف أحد شروطه بناء على سوء نية أو غش أو تدليس، وهذا ما لا ينطبق على قرار إعارة المدعي محل النزاع – أثر ذلك: إلزام المدعى عليها بالاعتداد بإعارة المدعي محل المطالبة واستلام الأقساط التقاعدية عنها.
الأنظمة واللوائح
المادة (٣) من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (١٩٠) وتاريخ 16/11/1٤٠٩هـ.
قرار مجلس الخدمة المدنية رقم (١/ ٤٥٩) وتاريخ 9/11/١٤١٧هـ.
الوقائع
تتلخص حسبما يتضح من أوراق القضية وما دون في ضبوطها من أقوال طرفيها في تقدم (…) بدعوى ضد مصلحة معاشات التقاعد ذكر بها: أنه أعير للشركة (…) لمدة سنة اعتبارا من ٢٠/ ٧/ 14١٧هـ وصدر قرار الجهة التي يعمل بها – الحرس الوطني رقم (١٨٠٥) في 10/4/١٤١٨هـ بترقيته للمرتبة العاشرة، وبالتالي تم قطع إعارته وباشر العمل في الحرس الوطني بتاريخ ١٢/٥/14١٨هـ وفقا لنص المادة (٢٩ /٥) من اللائحة التنفيذية لنظام الخدمة المدنية ثم صدر قرار مدير عام الحرس الوطني للشؤون المالية والإدارية رقم (٢٧٩٣) في23/5/١٤١٨هـ بإعارته إلى الشركة (…) اعتبارا من 24/5/1٤١٨هـ، وقد رفضت مصلحة المعاشات التقاعد استلام الأقساط التقاعدية بحجة أن إعارته غير نظامية لمخالفتها لقرار مجلس الخدمة المدنية رقم (١/ ٤٥٩) وتاريخ 9/11/14١٧هـ وذكر أن مقطع النزاع يكمن في أن قرار إعاراته مخالف لقرار مجلس الخدمة المدنية المشار إليه إلا أنه لم يتم تعديله أو إلغاؤه عما قد اعتراه من عيب عند صدوره خلال المواعيد المحددة في المادة (الثانية) من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم ولم تطعن مصلحة معاشات التقاعد في ذلك القرار، وقد مضت مدة الطعن وبهذا تحصن قرار إعارته عن الطعن وأصبح كالقرارات الصحيحة منتجا لجميع آثاره، وانتهى إلى طلبه إلزام مصلحة معاشات التقاعد باستلام الأقساط التقاعدية. وقد أجاب ممثل المدعى عليها على الدعوى بأنه سبق وأن صدر القرار الإداري رقم (٨٣٣) وتاريخ 19/3/14١٦هـ من مدير عام الحرس الوطني بإعارة المذكور لمدة سنة للشركة (…) اعتبارا من 1/8/14١٦هـ، ثم صدر قرار آخر برقم (١٨٥٤) في ٢٠/ ٧/14١٧هـ بتمديد فترة إعارته لمدة سنة أخرى تبدأ من 8/1/14١٧ هـ ثم صدر القرار الإداري رقم (١٨٠٥) في ١٠/ ٤/ 14١٨ هـ بترقية المذكور للمرتبة العاشرة، وبالتالي تم قطع إعارته ومباشرته لوظيفته بالحرس الوطني اعتبارا من ١٢/ ٥/ 14١٨هـ وفقا لما نصت عليه المادة (٢٩/5) من اللوائح التنفيذية لنظام الخدمة المدنية (تنتهي الإعارة حتما بنجاح الموظف في المسابقة أو بترقية إلى مرتبة أعلى، وذلك في غير حالة الإعارة لمنظمة دولية) ثم صدر بعد ذلك قرار مدير عام الشؤون الإدارية والمالية رقم (٢٧٩٣) في 23/5/1٤١٨هـ بإعارة خدماته مرة أخرى للشركة (…) اعتبارا من 24/5/14١٨هـ. وحيث صدر قرارمجلس الخدمة المدنية رقم (1/٤٥٩) وتاريخ 9/11/1٤١٧هـ المبلغ بخطاب رئيس ديوان مجلس الوزراء رقم (7/٢٠٠) وتاريخ 8/1/14١٨هـ بأنه استثناء من حكم المادة (٢٩/5) من اللوائح التنفيذية لنظام الخدمة المدنية (على الموظف الذي تنتهي إعارته طبقا لحكم المادة المشار إليها أن يباشر مهام الوظيفة المرقى لها لمدة لا تقل عن سنة قبل إعارته مرة أخرى). وحيث إن من الثابت أن المذكور ترقى وباشر عمله في 12/5/١٤١٨هـ فإنه يتوجب مباشرته مهام الوظيفة المرقى لها لمدة سنة من هذا التاريخ وبعد مدة السنة هذه يمكن إعارته مرة أخرى، وهو ما لم يتحقق في حالة المذكور حيث أعير مرة أخرى قبل مضي مدة سنة من مباشرته لمهام الوظيفة المرقى لها وفي ذلك مخالفة لقرار مجلس الخدمة المدنية رقم (١/ ٤٥٩) في 9/11/1٤١٧هـ، وبالتالي عدم نظامية إعارته التي بدأت في 24/5/14١٨هـ، وهو ما أكد عليه ديوان الخدمة المدنية بخطابه رقم (٣٣٢٩٠) وتاريخ 8/8/1٤١٨هـ ،. وانتهى إلى طلبه رفض الدعوى؛ لعدم قيامها على سند من النظام. وقد أصدرت الدائرة حكمها رقم (٢٦/ د/ف /٩) لعام ١٤١٩هـ وأحيل لهيئة التدقيق، فأصدرت بشأنها حكمها رقم (١٤ /ت /٦) لعام ١٤١٩هـ بنقض الحكم وإعادته للدائرة. وحددت لنظرها جلسة 21/12/1٤٢٠هـ فلم يحضر المدعي، فأصدرت الدائرة حكمها رقم (٢١) لعام 1٤٢٠هـ بشطب الدعوى ثم أعاد المدعي رفعها مرة أخرى.
الأسباب
يتبين من العرض السابق لوقائع القضية أن المدعي (…) يهدف من رفع دعواه إلى الحكم لصالحه بإلزام مصلحة معاشات التقاعد باعتبار إعارته لشركة (…) نظامية واستلام الأقساط التقاعدية. وحيث إن دعوى المدعي تدخل ضمن دعاوى الحقوق المقررة بنظم التقاعد المنصوص عليها بالمادة (الثامنة) من نظام ديوان المظالم لعام ١٤٠٢هـ؛ فإنه يتعين على الدائرة الحكم باختصاص ديوان المظالم ولائيا بنظر الدعوى. وحيث إن المدعي رفع دعواه خلال المدة المحددة بالمادة (الثانية) من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (١٩٠) وتاريخ 16/11/14٠٩هـ؛ لأنه لا زال على رأس العمل فإنه يتعين والحالة هذه قبول دعواه شكلا ونظر موضوعها. وحيث إن المادة (الثالثة) من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم نصت على أنه: (فيما لم يرد به نص خاص يجب في الدعوى المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة (الثامنة) من نظام ديوان المظالم ان يسبق رفعها إلى الديوان التظلم إلى الجهة الإدارية المختصة خلال ستين يوما من تاريخ العلم بهذا القرار ويتحقق العلم به بإبلاغ ذوي الشأن به أو بنشره في الجريدة الرسمية إذا تعذر الإبلاغ، وبالنسبة إلى القرارات الصادرة قبل نفاذ هذه اللائحة فتبدأ المدة المحددة للتظلم فيها من تاريخ نفاذها. وعلى الجهة الإدارية أن تبت في التظلم خلال تسعين يوما من تاريخ تقديمه وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببا ويعتبر مضي تسعين يوما على تاريخ تقديم التظلم دون البت فيه بمثابة صدور قرار برفضه. وترفع الدعوى إن لم تكن متعلقة بشؤون الخدمة المدنية إلى الديوان خلال ستين يوما من تاريخ العلم بالقرار الصادر بالرفض أو مضي التسعين يوما المذكورة دون البت فيه. أما إذا كانت الدعوى متعلقة بشؤون الخدمة المدنية فيتعين قبل رفعها إلى الديوان التظلم إلى الديوان العام للخدمة المدنية خلال ستين يوما من تاريخ العلم بالقرار الصادر برفض التظلم أو انقضاء مدة التسعين يوما المحددة للجهة الإدارية دون البت فيه، وعلى الديوان العام للخدمة المدنية أن يبت في التظلم خلال ستين يوما من تاريخ تقديمه. وإذا صدر قرار الديوان العام للخدمة المدنية برفض التظلم أو مضت المدة المحددة له دون البت فيه جاز رفع الدعوى إلى ديوان المظالم خلال تسعين يوما من تاريخ العلم بالقرار الصادر بالرفض أو انقضاء الستين يوما المذكورة دون البت في التظلم ويجب أن يكون قرار الديوان العام للخدمة المدنية برفض التظلم مسببا. وإذا صدر قرار الديوان العام للخدمة المدنية لصالح المتظلم ولم تقم الجهة الإدارية بتنفيذه خلال ثلاثين يوما من تاريخ إبلاغه جاز رفع الدعوى إلى ديوان المظالم خلال الستين يوما التالية لهذه المدة). وحيث إن مصلحة معاشات التقاعد قد علمت بقرار الحرس الوطني رقم (٢٧٩٣) وتاريخ 23/5/١٤١٨هـ المتضمن إعارة المدعي (للشركة السعودية للنقل الجماعي) وذلك قبل تاريخ 21/8/14١٨هـ حسبما هو ظاهر من خطاب المصلحة رقم (٢٦٩٨٥) وتاريخ ٢١/٨/14١٨ هـ ومع ذلك لم تطعن في ذلك القرار أمام القضاء بدعوى أصلية أو دفع فرعي وقد مضت المدد المحددة بالمادة (الثالثة) من قواعد المرافعات والإجراءات، وبالتالي اكتسب قرار إعارة المدعي حصانة ترقى به إلى درجة القرار الصحيح فيجب إعماله وترتيب آثاره عليه ووجوب احترامه. ويضاف إلى ذلك أيضا أنه من المستقر في النظام الإداري وقضائه أن القرار الإداري متى صدر ممن يملك حق إصداره نظاما، فإنه يفترض فيه الصحة والسلامة ويظل منتجا لآثاره إلى أن يحكم بإلغائه قضاء أو يسحب من قبل الجهة التي أصدرته أو ينتهي نهاية طبيعية بانتهاء مدته أو بانقضاء محله أو استنفاذ آثاره ويظل القرار منتجا لآثاره ولو كان مشوبا بعيب يبطله، كما أنه من المعلوم أن حق الإدارة في تصحيح قراراتها الباطلة مندوب إليه بموجب القواعد الشرعية والنظامية سواء تعلقت بالشكل أو بالموضوع، وثمة قاعدة أخرى مكملة ومتممة للأصول المتقدمة، وهي أنه إذا كان القرار الإداري يعد سببا أو مناسبة لصدور قرار آخر على مقتضاه تصدره جهة أخرى فعلى تلك الجهة الأخيرة أن تنزل على مقتضى القرار (الأول) ولو كان باطلا بحسبانه سببا أو مناسبة لقرارها طالما لم يرد نص صريح يقضي بغير ذلك كعدم الاعتداد به أو عدم ترتيب آثار معينة عليه كعدم الاستحقاق في المعاش أو غير ذلك؛ إذ القول بغير ذلك يؤدي إلى نتيجة غير مقبولة وهي تمكين جهة من تصحيح قرار لم تكن مختصة أصلا بإصداره نظاما، فحسبها أن تعمل مقتضاه وتلتزم بآثاره إلى أن يقضي بإلغائه قضاء أو أن تسحبه الجهة التي أصدرته إن كان السحب جائزا. وبتطبيق الأصول المتقدمة على الواقعة موضوع المنازعة الراهنة؛ فالبادئ من الأوراق أنه على فرض أن قرار إعارة المدعي غير نظامي إلا أن الجهة التي أصدرت ذلك القرار لم تستعمل الرخصة المخولة لها نظاما بسحبه بل أبقت عليه وظل قائما ساري المفعول منتجا لآثاره النظامية، وللغرض المقصود منه إلى أن انتهى ذلك القرار نهاية طبيعية بانتهاء الإعارة، وبالتالي فإن النظر في مثل وضع المدعي إنما يكون إلى الحالة الواقعية لقرار الإعارة، ويظل المدعي متمتعا بهذا المركز النظامي في مواجهة الجهات الإدارية الأخرى، ومنها مصلحة معاشات التقاعد التي عليها إعمال مقتضاه وفقا لأحكام نظام التقاعد ولا يحق لها التمسك ببطلانه أو الالتفات عنه؛ لأن ذلك فضلا عن كونه مساسا بمركز نظامي اكتسبه المدعي من قرار الإعارة فإنه ينطوي على تسليط جهة ولاية التعقيب على قرارات أصدرتها جهة أخرى دون سند نظامي، والقول بغير هذا النظر يؤدي إلى نتائج غير مقبولة نظاما هي تمكين مصلحة معاشات التقاعد من بحث مدى صحة كافة القرارات المتعلقة بالمراكز النظامية للموظفين سواء من حيث الشكل أو الموضوع من إعارة وترقية ومنح علاوات حتى قرارات إنهاء الخدمة أو انتهائها بحسبان تلك القرارات جميعا منتجة لآثارها في استحقاق المعاش التقاعدي سواء بالنسبة لمدة الخدمة أو بالنسبة للراتب الذي تحسب عليه الاستقطاعات، وكذلك الراتب التقاعدي ذاته. أما بالنسبة لما ذكرته هيئة التدقيق الموقرة من أن مبدأ تحصن القرارات الإدارية التي أقامت عليه الدائرة قضاءها ليس له سند من النظام سوى ما ساقته من أسباب إنشائية لا تعضدها نصوص نظامية صريحة وواضحة تحول دون تصحيح الأوضاع الخاطئة؛ فالدائرة ترى أن هذا القول فيه نظر لأن الدائرة لم تورد في حكمها أي عبارة إنشائية، أما سند تحصن القرارات الإدارية فهو نص المادة (الثالثة) من قواعد المرافعات والإجراءات أمام الديوان الذي تم إيراد نصه في حكم الدائرة، والقول بغير هذا فيه مصادرة لنص تلك المادة. وأما قول الهيئة الموقرة (أن ما جاء بقواعد المرافعات والإجراءات أمام الديوان من تحديد مواعيد معينة للطعن على القرارات الإدارية ليس له مسوغ نظامي مقبول لأن النصوص التي تضمنت ذلك صريحة في إعمال آثارها بالنسبة لذوي الشأن من الأفراد دون جهات الإدارة، وخلاصة القول في هذا الصدد أن إقرار مبدأ تحصن القرارات الإدارية المخالفة للأنظمة بمضي المدة وما يقتضيه ذلك من خطر المساس بالمراكز النظامية والحقوق التي تترتب عليه لا بد من أن تستند إلى نص نظامي صريح يقرره أو إلى قاعدة قضائية ثابتة ومستقرة تقضي به، وكل من هذين الأمرين تخلو منه النصوص النظامية والقواعد القضائية المستقرة التي تكون هيكل النظام القضائي في المملكة في وضعه الراهن…)؛ فهذا القول فيه نظر لأن الدائرة ترى أن نص المادة (الثالثة) من قواعد المرافعات والإجراءات هو السند النظامي لتحصن القرارات الإدارية في مواجهة ذوي الشأن، والمدعى عليها لا شك أنها من ذوي الشأن فتدخل ضمن من يشملهم النص، وقد أكد هذا التفسير حكم هيئة التدقيق رقم (١٠١/ ت / ١) لعام 14١٣هـ حيث ورد به ما نصه: (… كما أن اعتراض المدعى عليها – مصلحة معاشات التقاعد – على قرار إعادة التعيين بخطابها إلى جهة عمل المدعي ليس هو المقصود بالمادة (الثالثة) من قواعد المرافعات والإجراءات التي توجب على ذوي الشأن التظلم إلى الجهة مصدرة القرار خلال المواعيد المحددة، وإذا لم- للتظلم صراحة أو ضمنا وجب على ذوي الشأن رفع الدعوى أمام الديوان خلال المواعيد المنصوص عليها بهذه المادة، وإن تقاعس ذوو الشأن عن رفع الدعوى في الميعاد فانه لا يجدر بهم التذرع بالاعتراض أمام الجهة الإدارية مصدرة القرار…). أما قول هيئة التدقيق الموقرة (… والقول بتحصن القرار لعدم طعن المصلحة عليه على الوجه الذي ذهبت إليه الدائرة قول يقتضي الأخذ به إهمال النصوص النظامية وعدم إعمالها والتفريق بين المتماثلين مع ما في تلك القرارات – المقول بتحصنها – من مخالفات جسيمة لا يسوغ تصحيحها…)؛ فالدائرة ترى أنها ملزمة بتطبيق ما يصدره ولي الأمر من أنظمة ولوائح وسبق ان بينت ان نص المادة (الثالثة) من قواعد المرافعات والإجراءات أمام الديوان هو المستند النظامي لتحصن القرارات الإدارية، وقد أعملت الدائرة ذلك النص وليس في إعمال ذلك النص وما تضمنه من إقرار مبدأ تحصن القرارات أي إهمال لنصوص نظامية وتفريق بين متماثلين؛ لأن من حق ذوي الشأن الطعن في القرارات الإدارية وعلى القضاء إلغاء تلك القرارات إذا تبين له مخالفتها للنظام وذلك مشروط بأن يقدم الطعن خلال المدد المحددة بالمادة (الثالثة) من قواعد المرافعات والإجراءات، أما إذا لم يقدم له الطعن خلال تلك المواعيد فيجب عليه عدم قبول الدعوى لتحصن القرار الإداري، فلا يكون هناك والحال ما ذكر أي إهمال لنص نظامي أو تفريق بين متماثلين، والقول بغير هذا فيه مصادرة لنص المادة (الثالثة). وأما قول الهيئة الموقرة أن المدعى عليها قد دفعت بعدم نظامية هذا القرار خلال المواعيد النظامية؛ فهذا القول فيه نظر لأن الطعن في القرارات الإدارية يجب أن يكون بطلب صريح سواء بدعوى أصلية أو دفع فرعي إلا أنه لا يتضح من الأوراق أن هناك طلبا صريحا؛ لأن رد المصلحة انصب على طلبها رفض دعوى المدعي ولم تتعرض من قريب أو بعيد إلى طلب إلغاء القرار الإداري المتضمن إعارة المدعي. وعلى فرض صحة قول هيئة التدقيق الموقرة؛ فالمدعى عليها لم تتبع الطريق المحدد بموجب المادة (الثالثة)؛ إذ لم تتظلم إلى الديوان العام للخدمة المدنية بعد تظلمها أمام الحرس الوطني، وقد مضت المدد المحددة بتلك المادة وتحصن قرار إعادة المدعي. أما قول هيئة التدقيق الموقرة (أن البين من استقراء نص قرار مجلس الخدمة المدنية رقم (1/٤٥٩) وتاريخ 9/11/14١٧هـ أنه من النصوص الآمرة التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، وبالتالي فإن القرارات الصادرة بالمخالفة لهذا القرار تكون مخالفتها مخالفة جسيمة تنحدر بالقرار الإداري إلى درجة الانعدام والتي لا تكتسب أية حصانه تعصمها من السحب أو الإلغاء، ولا يتقيد الطعن عليه بالإلغاء بالمواعيد المقررة للطعن على القرارات المخالفة للنظام…)؛ فالدائرة ترى أن انعدام القرار الإداري لا يكون إلا إذا تخلف أحد أركان القرار الإداري، وهي الجهة مصدرة القرار والعمل النظامي والإرادة المنفردة أو كانت المخالفة لشروط صحة القرار الإداري مبنية على سوء نية أو غش أو تدليس، وهذا لم يحدث، أما مجرد مخالفة نص كقرار مجلس الخدمة المدنية؛ فهذه المخالفة لا تعدم القرار، ويؤكد هذا نص المادة الثامنة من نظام الديوان؛ حيث نصت علي اختصاص الديوان (بنظر الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن بالطعن في القرارات الإدارية متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة النظم واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة…) وقيدت ولاية الديوان بنظر تلك الدعاوى بما ورد في المادة (الثالثة) من قواعد المرافعات والإجراءات، فالقرار الذي يشتمل على مخالفة للنظم أو اللوائح… يلغى من قبل القاضي المختص متى رفع له الطعن خلال المواعيد المحددة بالمادة (الثالثة) المشار إليها، أما إذا مضت تلك المدد فإن القرار يتحصن. أما بالنسبة لقول هيئة التدقيق الموقرة (أنه مما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن الهيئة ترى عدم الإسراف في الأخذ بفكرة تحصن القرارات الإدارية بشأن القرارات التي لها صلة بمعاشات التقاعد إذ إنها فكرة استثنائية لجأ إليها القضاء الإداري لمعالجة بعض الأمور الوظيفية فبالتالي لا يجوز التوسع في الأخذ بها…)؛ فهذا القول فيه نظر لأن مبدأ تحصن القرارات الإدارية في المملكة الأن ليس فكرة قضائية بل قاعدة نظامية واجبة التطبيق قررتها المادة (الثالثة) من قواعد المرافعات والإجراءات، وقد جعل القضاء في المملكة هذه المادة سندا لذلك المبدأ وردده في أحكام كثيرة منها: الحكم رقم (٤ /د /ف / ٩) لعام ١٤١٨هـ، والحكم رقم (١٩/ د /ف /٩) لعام 1٤١٨هـ، والحكم رقم (٣٤/ د / ف /٩) لعام ١٤١٨هـ. وقد أصبح هذا المبدأ من أهم المبادئ في الديوان بعد صدور قرار هيئة التدقيق مجتمعة رقم (٩) لعام 1٤٢٣هـ الذي أكد هذا المبدأ. وأما بالنسبة لقول هيئة التدقيق الموقرة: ( أن المصلحة بحكم الاختصاصات النظامية المخول لها القيام بها ليست ملزمة ولا مسؤولة بمتابعة وملاحقة القرارات الإدارية المخالفة للأنظمة واللوائح والطعن عليها قضاء خلال المواعيد المقررة لذلك والتي تصدرها الجهات الإدارية بكافة قطاعات الدولة بشأن تعيين أو ترقية أو إعارة أو إنهاء خدمة منسوبيها إذ إن دور المصلحة إنما ينحصر في إجراء التسوية اللازمة وتحديد الوضع التقاعدي للموظف عند إحالته للتقاعد في ضوء ما تقضي به الأنظمة واللوائح في هذا الشأن فتعمل من مدد خدمة الموظف ما يتفق وهذه الأنظمة، وتطرح وتستبعد المدد المخالفة لهذه الأنظمة…)؛ فهذا القول فيه نظر لأنه لم يتضح للدائرة من خلال البحث في النظم والمبادئ القضائية ودراسة أوراق الدعوى السند النظامي لقول الهيئة الموقرة، وبالتالي فما ذهبت إليه الهيئة الموقرة مخالف لصريح نص القاعدة الثالثة من قواعد المرافعات والإجراءات؛ لأن المصلحة من ذوي الشأن الذين – عليهم تلك القاعدة كما سبق بيانه، ومخالف لما استقر عليه قضاء الديوان في هذا الشأن في أحكام كثيرة، بل إن المقدمة التي بني عليها هذا القول تؤكد القول بوجوب إعمال المصلحة لتلك القرارات مهما شابها من عيوب. وحيث استقر قضاء الديوان إعمالا للقاعدة الثالثة من قواعد المرافعات والإجراءات أمام الديوان على وجوب قيام المصلحة بالطعن في القرارات الإدارية متى رأت مخالفتها للنظام وذلك بعد التظلم أمام الجهات التي حددتها تلك القاعدة، والدائرة لا يسعها إلا تطبيق ما ورد بنص النظام مستنيرة في ذلك بما استقرت عليه أحكام الديوان؛ الأمر الذي يتعين عليها معه الإصرار على ما ورد بحكمها السابق.
لذلك حكمت الدائرة: بإلزام مصلحة معاشات التقاعد باعتبار إعادة إعارة المدعي (…) خلال الفترة من 23/5/١٤١٨هـ حتى 23/5/١٤١٩هـ نظامية واستلام الأقساط التقاعدية المستحقة عنها.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هيئه التدقيق
حكمت الهيئة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.