القضاء التجاري / عقود مقاولات
القضية رقم: ١٣٧٤ /١ / ق لعام 14٢١ هـ
الحكم الابتدائي رقم: ٧ / د /تج / ٣ لعام ١٤٢٧هـ
حكم التدقيق رقم: ٨٦٦/ت / ٣ لعام ١٤٢٧هـ
تاريخ الجلسة: 14/11/١٤٢٧ هـ
الموضوعات
عقد تجاري , عقد مقاولة , مقاولة من الباطن , نطاق العقد , انعقاد العقد, الايجاب والقبول يحصل بكل ما يدل عليه, كتابة العقد وسببه لاثباته, عقد مقاولة أعمال كهرباء, التزامات عقدية ,الالتزام بتنفيذ الأعمال,الالتزام بدفع قيمة الأعمال المنفذة , الدعوى في مواجهة المصفي , الصفة في الدعوى , صفة المدعى عليه , الديون التي تدخل في التصفية , السلطة التقديرية للدائرة في طرف الإثبات, الإثبات يؤخذ فيه بالأمثل فالأمثل, الحكم باليمين والشاهد , حجية الصور , اليمين في جانب أقوى المتداعيين, تصحيح الخطأ المادي في الأحكام , التنفيذ على الحساب , المبالغ المستحقة قبل تنفيذ العمل على الحساب
الملخص
يذكر المدعي أنه تعاقد مع المدعى عليها مقاولة من الباطن باعتبارها مقاولا رئيسا على تنفيذ أعمال تخص مشروع كهرباء حائل، وأن المدعى عليها انسحبت من المشروع ولم تسدد قيمة الأعمال المنقذة من قبل مؤسسة المدعي، وقد دخلت الشركة المدعى عليها في طور التصفية؛ وبناء عليه يقيم دعواه في مواجهة المصفي بالمطالبة بباقي قيمة الأعمال المنفذة – دفع المصفي بأن المدعي لم يقدم وثيقة العقد وشروطه. ولم يقدم ما يثبت قيامه بتنفيذ الأعمال التي طالب بقيمتها في حال ثبت التعاقد – الثابت قيام المدعي والمدعى عليها بتوقع خطاب نية تعاقد، وتقديم المدعي لخطاب ضمان استلمت قيمته المدعى عليها، وقيامها بسداد المستخلص الأول عن الأعمال المنفذة من قبل المدعي- أثر ذلك ثبوت قيام العلاقة العقدية بتحقيق الإيجاب والقبول وحصول التراضي – الشركة المالكة نفذت المشروع على حساب المدعى عليها؛ إلا أن المستخلصات المطالب بقيمتها يتبين من تواريخها أن العمل المنفذ قد استحق قبل سحب المشروع – أثر ذلك أن المعني بدفع قيمة الأعمال هي المدعى عليها، ويستقر المبلغ في ذمتها – مؤدى ذلك: إلزام المدعى عليها بمبلغ المطالبة.
الوقائع
تتحصل وقائع هذه القضية حسبما يبين من أوراقها في أنه بتاريخ ٢٩/ ٨/ 1٤٢١ هـ تقدم إلى ديوان المظالم بالرياض وكيل….. صاحب مؤسسة….. للتجاره والمقاولات….. بطلب فتح باب المرافعة في القضية التي سبق أن شطبت بقرار الدائرة رقم (٨١/ د/ تج / ٣ لعام ١٤٢١هـ)؛ فقيد طلبه قضية بالرقم المشار إليه أعلاه، وأحيلت إلى هذه الدائرة بتاريخ 21/9/1٤٢١ هـ، وقد أورد فيها أن موكله تعاقد من الباطن مع شركة….. لتنفيذ مشروع كهرباء حائل المركزي، وباشرت مؤسسته التنفيذ إلى أن تركت المدعى عليها البلاد هربا من التزاماتها؛ فقام مؤسسة موكله بإكمال بقية الأعمال، وهي أعمال قليلة؛ إلى أن علم أن المدعى عليها دخلت في التصفية، وأن مصفيها هو مكتب…..؛ فاتصل على عنوان المكتب المذكور، وتم الاتفاق مع وكيل المدعى عليها….. على تسوية الخلاف، وتم عمل اتفاقية على أساس أن يدفع المصفي مبلغ (5.200.000) خمسة ملايين ومائتي ألف ريال، ولم يتم تنفيذ ذلك؛ وانتهى إلى طلبه إلزام المصفي ببيان ميزانية الشركة للسنوات الثلاث الأخيرة قبل التصفية، وإلزام المدعى عليها بدفع مبلغ (5.200.000)خمسة ملايين ومائتي ألف ريال. وفي تاريخ 1/12/1٤٢١ هـ تقدم المدعي وكالة بمذكرة أورد فيها أنه يطلب ضم هذه القضية إلى سابقتها، ويطلب الحكم له بمبلغ قدره (3.655.661) ثلاثة ملايين وستمائة وخمسة وخمسون ألفا وستمائة وواحد وستون ريالا، وبأتعاب المحاماة. وفي جلسة يوم 23/1/١٤٢٢ هـ أجاب مصفي الشركة المدعى عليها عما ورد في لائحة الدعوى – كما في محضر القضية- بعد أن قدم المدعي وكالة خطاب نية التعاقد مع ترجمته إلى العربية، بأن هذا هو خطاب نية التعاقد ولم يقدم مرفقاته، إضافة إلى أن المؤسسة العامة طالبت بحسميات على عيوب خفية وظاهرة في أعمال مؤسسة المدعي، وذلك في الدعوى المنظورة في الدائرة الإدارية الثالثة، ورأت الدائرة في ختام الجلسة مخاطبة المؤسسة العامة للإفادة عن هذا المشروع. وقد أجاب وكيل المدعى عليها على الدعوى بما يلي: أولا: أنه يطلب عدم قبول هذه الدعوى؛ لرفعها قبل أوانها؛ لعدم انتهاء إجراءات التصفية التي لابد منها قبل الوفاء بالدين. ثانيا: بالنسبة للموضوع فيجاب عنه بما يلي: أ- أن مؤسسة المدعي تطالب بمستحقات في ذمة الشركة المدعى عليها عن أعمال قامت بتنفيذها بموجب عقد مقاولة من الباطن، والحقيقة أن مؤسسة المدعي لم تبرم عقدا مع المدعى عليها، ولكن هناك خطاب نية، وحتى لو أثبت واقعة التعاقد فإنه لابد أن يثبت تنفيذ الأعمال وفقا للشروط والمواصفات والمواعيد المحددة. ب – إن ثمة قرائن تؤكد وجود علاقة مباشرة بين المدعي والمؤسسة العامة للكهرباء بمعزل عن المدعى عليها، وهذا يفسر إحجام المدعي عن تقديم محاضر التسليم الابتدائي والنهائي، إذ لو قدمها لتبين أنه قام بالتنفيذ باسمه ولحساب المؤسسة العامة للكهرباء، وأضاف أن موكلته قد نقذت (٧٠%) من الأعمال التي تعاقدت مع المؤسسة العامة للكهرباء على تنفيذها، وذلك قبل سحب المشروع بتاريخ ١٨/ ٣/ ١٩٨٥ م، كما ان اي مقاول يكون قد خلف المقاول الرئيس على المشروع سوف لن يقوم بأي عمل يسند إليه إلا بموجب تعميدات من قبل الجهة صاحبة المشروع مع تحمله لكافة التكاليف والتبعات، وأضاف أن المدعي بموجب خطابه رقم (١٣١) وتاريخ 23/7/١٤٠٥ هـ كان قد طالب الشركة المدعى عليها بدفع مبلغ (1.350.000) ريال تعويضا عن أجور عمال ومعدات معطلة بسبب عدم وجود مواد طوال الفترة من ٣١/ ١٢/ ١٩٨٤ م إلى ٢٧/ ٣/ ١٩٨٥ م، وهذا إقرار منه بأنها كانت متوقفة عن العمل، وصحة الإقرار لا تحتاج إلى سبب، كما لو أقر بشيء ثم ادعى الخطأ لم يقبل منه، خاصة وأن إقراره قد حصل أمام القضاء، ثم ذكر أن المدعي قد طالب بمبلغ (5.402.997) ريالا، ثم عدل المطالبة إلى (5.200.000)ريال، ثم إلى (6.445.200) ريال، ثم إلى (4.498.407) ريالا، ثم إلى (3.655.661) ريالا؛ مما يشكك في مصداقيته بشأن طلباته: وانتهى وكيل المدعى عليها إلى طلب رد الدعوى؛ مستندا في ذلك إلى أن مؤسسة المدعي لم تقدم وثيقة العقد وشروطه، وكذلك لم تقدم الدليل على قيامها بتنفيذ الأعمال التي تطالب بأقيامها. وفي جلسة 22/6/1٤٢٢ هـ قدم وكيل المدعي مذكرة جاء فيها أن تعديل موكله لمبلغ المطالبة لم يكن بسبب تفاوت الحق، وإنما لأن المدعي حصر دعواه في المستحقات دون التعويض، أما قول المصفي أن هذه الدعوى مرفوعة قبل أوانها، فإن المصفي يخلط بين التصفية الاختيارية والتصفية الإجبارية؛ وذلك أن الشركة التي تتم تصفيتها اختياريا إذا جاوزت خسائرها ثلاثة أرباع رأسمالها يقوم الشركاء قبل إشهار قرارهم – وفقا للنظام – بحساب أصولها وحسومها؛ وعند التأكد من إمكانية سداد المستحقات فإنه يحق لهم إعلان تصفيتها اختياريا؛ وبالتالي يجب أن تتوفر لدى الشركة الأموال التي تغطي ديونها، أما إذا كان الأمر خلاف ذلك، وكانت الأصول لا تغطي الديون فإن على الشركاء أن يعلنوا إفلاس الشركة، وفي حالة التصفية الاختيارية يبقى الشركاء مسؤولين في أموالهم أمام الدائنين عن صحة قرارهم. وأما ما ذكره من عدم وجود عقد بين الطرفين، وأن خطاب النوايا لا يعتبر عقدا، فإن الشرع الحنيف لم يشترط شكلا خاصا وصورة معينة للعقود. كما أن مؤسسة المدعي سلمت المدعى عليها ضمان الدفعة المقدمة. واستلمت مبلغها، كما قامت المدعى عليها بسداد الفاتورة الأولى، وقدم المدعي البينة على ذلك، وذلك بإقرار المؤسسة العامة للكهرباء صاحبة المشروع وبالأعمال القائمة. وفي تاريخ 5/4/1٤٢٢ هـ ورد خطاب الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء المتضمن الإجابة عن استفسار الدائرة، والذي جاء فيه: أولا: أنه لم تقم المؤسسة العامة للكهرباء بسحب العمل من الشركة المدعى عليها -المقاول الرئيسي-. بل إن حقيقة الأمر هو أن المدعى عليها قامت بالمغادرة والانسحاب من الموقع تاركة المشروع دون استكمال. ثانيا: تم إصدار شهادة من إدارة المشاريع بالمؤسسة العامة للكهرباء لمؤسسة…..- المدعي- تفيد قيامها بتنفيذ الأعمال التي أوكلت إليها كمقاول من الباطن للشركة المدعى عليها؛ وذلك بناء على المستندات والوثائق المتوقرة لدى المؤسسة العامة للكهرباء، وهي كما يلي: ١ – اتفاق موقع بين كل من شركة….. -المدعى عليها- كمقاول رئيسي لعقد التوزيع مجموعة (ج) بمشروع حائل المركزي، وبين مؤسسة…..- المدعي – كمقاول من الباطن، وذلك في تاريخ ١٠/١٠/ 1٩٨٤- خطاب من شركه -….. – المدعى عليها – إلى معالي محافظ المؤسسة العامة للكهرباء في رجب (١٤٠٥هـ) الموافق مارس (١٩٨٥ م). تفيد فيه بأنه بناء على موافقة المؤسسة العامة للكهرباء على قبول مؤسسة…..- المدعي-كمقاول من الباطن فإن شركه …..- المدعى عليها- تطلب من المؤسسة العامة للكهرباء استقطاع مبلغ ثلاثة ملايين ريال قيمة المستخلص رقم (٢٠) المقدم منها؛ وذلك لحساب مؤسسة…..- المدعي- ٣٠ – خطاب محامى مؤسسة….. -المدعي- إلى معالي محافظ المؤسسة العامة للكهرباء بتاريخ 5/7/1٤٠٥ هـ، يفيد فيه بأن مؤسسة…. -المدعي- لم تستلم سوى قيمة المستخلص رقم (١) عن الأعمال التي نقذتها بمشروع حائل لشركة….. – المدعى عليها- في حين أن ما تم تنفيذه من أعمال يساوي (٩٧%) من قيمة الأعمال التي تضمنها العقد الموقع بينهما، ويطالب بتسوية حقوق موكله من مستحقات شركة …..- المدعى عليها- بعد انسحابها.٤- مستخلصات الأعمال المرسلة من مؤسسة…..- المدعي- إلى شركة …..- المدعى عليها- وتفاصيلها كالآتي: مستخلص رقم (١) بقيمة (491.940) ريالا بتاريخ 20/11/١٩٨٤ م، ومستخلص رقم (٢) بقيمة (607.349) ريالا بتاريخ 19/12/١٩٨٤ م، ومستخلص رقم (٣) بقيمة (1112.484) ريالا بتاريخ ٥/ ٢/ ١٩٨٥ م، ومستخلص رقم (٤) بقيمة (985.076) ريالا بتاريخ ٢١/ ٢/ ١٩٨٥ م، ومستخلص رقم (٥) بقيمة (1.301.585) ريالا بتاريخ ٢٠/ 3/ ١٩٨٥ ؛ ٥ – مطالبة مؤسسة…..- المدعي- بتاريخ ٢٣/ ٧/ 1٤٠٥ هـ الموافق ١٣/ ٤/ ١٩٨٥ م الموجهة إلى مصفي شركة….. – المدعى عليها – تفيد بدفع مستحقاتها عن المستخلصات أرقام (١-٢ -٣ -٥) السالف ذكرها.٦- خطاب من مؤسسة….. – المدعي- إلى مدير عام المشاريع بالمؤسسة العامة للكهرباء بعد انسحاب شركة…..- المدعى عليها- في ٦/ ٧/ 1٤٠٥ هـ؛ بناء على طلب مدير المشاريع، مرفق به أسعار البنود المختلفة والمتفق عليها بين مؤسسة….. وشركة …… – المدعى عليها-؛ وذلك بغرض دراسة إمكانية قيام مؤسسة المدعي بتكملة أعمال العقد بعد انسحاب المدعى عليها. ٧ – اتفاقية موقعة بين مصفي الشركة المدعى عليها المحامي….. وبين مؤسسة المدعي بتاريخ 8/2/١٤٠٩ هـ، والتي يقر فيها مصفي الشركة المدعى عليها بأن المبالغ المستحقة لمؤسسة المدعي لدى الشركة المدعى عليها هي بمقدار (5.200.000) ريال. ثالثا: لم تكن المؤسسة العامة للكهرباء طرفا في الاتفاقية الموقعة مباشرة بين المقاول الرئيس المدعى عليها ومؤسسة المدعي، والمؤسسة العامة للكهرباء فقط اعتمدت قيام المقاول الرئيسي بإسناد جزء من الأعمال كمقاولة من الباطن لمؤسسة المدعي؛ وبالتالي يتم دفع مستحقات مقاول الباطن مباشرة بمعرفة المدعى عليها دون أي تدخل من المؤسسة. رابعا: قامت مؤسسة المدعي بتنفيذ الأعمال الموكلة إليها حسب الاتفاقية بينها وبين المقاول الرئيس – المدعى عليها – وذلك طبقا للشروط التعاقدية والمواصفات الفنية، ولكن ونظرا لانسحاب المقاول الرئيس، فلم تتمكن مؤسسة المدعي من استكمال كامل نطاق مقاولة الباطن، وحسب الشهادة الصادرة من إدارة المشاريع بالمؤسسة العامة للكهرباء فقد بلغت قيمة الأعمال المنفذة فعلا مبلغاوقدره (٠٦/4.498.409) ريال، وقد تم احتساب القيمة المذكورة على أساس الأسعار الإفرادية المتفق عليها بالاتفاقية الموقعة بين المقاول الرئيس ومؤسسة المدعي، علما بأن المؤسسة العامة للكهرباء لم تكن طرفا بالاتفاقية المذكورة، وأرفقت شركة الكهرباء بخطابها بعض المستندات المتعلقة ببعض فقرات الخطاب. وبعرض ذلك على الوكيلين الحاضرين طلب مصفي الشركة المدعى عليها مهلة للرد، وفي جلسة يوم 10/9/1٤٢٢ هـ قدم مذكرته ردا على ما تضمنه خطاب الشركة السعودية للكهرباء وذكر فيه: أولا: البند الأول من هذا الخطاب المتعلق بسحب العمل من المدعى عليها يخرج عن نطاق هذه الدعوى ويتعلق بالدعوى المرفوعة ضد الشركة المذكورة أمام المحكمة الكبرى بالرياض بعد أن أحيلت من ديوان المظالم. ثانيا: البند الثاني المتعلق بإصدار المؤسسة العامة للكهرباء شهادة تفيد تنفيذها الأعمال الموكلة إليها من شركة….. بناء على الوثائق المقدمة؛ فإن المرفقات المشار إليها تجحدها المدعى عليها؛ لكونها من صنع المدعي. ثالثا: أقرت المؤسسة العامة بأنها ليست طرفا في العقد محل الدعوى؛ وبالتالى فكيف ساغ لها أن تدخل في تفاصيل حقوق والتزامات لم تكن فيها، وكيف توصل علمها بقيمة الأعمال المنفذة في علاقة لم تكن طرفا فيها. وختم مذكرته بالقول إن الشركة السعودية للكهرباء تجمعها بالمدعى عليها خصومة قضائية بخصوص المشروع نفسه؛ وبالتالي فليست جهة محايدة وانتهى إلى طلبه رد الدعوى. وفي جلسة يوم 25/12/1٤٢٣ هـ طلبت الدائرة من المدعي تقديم محاضر التسليم الابتدائي والنهائي للمشروع بين موكله والمدعى عليها، وعما ذكره المصفي من تناقض المدعي فيما ذكره من أنه يطالب بتعويض عن توقف المشروع، وبين طلبه قيمة ما نقذه، وعن طريق احتساب المبلغ المطالب به: فأجاب في مذكرته المقدمة في جلسة 15/12/1٤٢٣ هـ بقوله: أولا: لايوجد محضر استلام ابتدائي ونهائي لدى موكله: إذ ليس لدى المقاول من الباطن أي ارتباط تعاقدي مع صاح العمل. ثانيا: فيما يتعلق برد وكيل المدعى عليها بأن موكله قد توقف عن العمل: فأن التزام موكله هو التزام بتنفيذ أعمال محددة، في حين أن التزام المقاول الرئيس هو التزام بتأمين جميع المواد اللازمة وتسليمها للمقاول من الباطن؛ إذ بدون تأمين تلك المواد لايستطيع المقاول من الباطن تنفيذ الأعمال الموكلة إليه بالمستوى المطلوب ولابد من الإشارة إلى أن بنود المواد التى يحتاجها المقاول من الباطن كثيرة جدا. وقد تتجاوز المائة بند. ثالثا: التعطيل كان جزئيا ولم يكن كليا. رابعا: سبق ان قام المدعي بتزويد الدائرة بشهادة المؤسسة العامة للكهرباء مع جداول الكميات، بالإضافة إلى أن جميع الأعمال التي نقذتها مؤسسة المدعي وسلمتها إلى المدعى عليها تمت تحت إشراف مهندسيها والمهندس المكلف من المؤسسة العامة للكهرباء في ذلك الحين، وأما المستحقات الخاصة بالمدعي فكانت تقدم إلى المقاول الرئيس لصرفها له. خامسا: جميع الأعمال الموكلة إلى المدعي قد أنجزت قبل تصفية المدعى عليها. سادسا: تمت المحاسبة ومعرفة إجمالي المبلغ المستحق للمدعي وفقا للمتعارف عليه، وعلى أساس تقديم المستخلصات والفواتير والمستندات المؤيدة لها، ويقوم المقاول الرئيس بالتدقيق عليها واعتمادها. ثم قدم وكيل المدعى عليها مذكرة في 13/1/1٤٢٤ هـ لا تخرج عن مضمون ما سبق أن أبداه سابقا. وفي جلسة يوم ١٥/ ١ / 1٤٢٤ هـ طلبت الدائرة من وكيل المدعي حصر مطالبته، فأجاب بأن موكله يطالب بمبلغ (3.655.661) ثلاثة ملايين وستمائة وخمسة وخمسين ألفا وستمائة وواحد وستين ريالا؛ وذلك بعد خصم قيمة الفاتورة الأولى من المبلغ الإجمالي الذي قدره بمبلغ (٠٦/4.498.409) أربعة ملايين وأربعمائة وثمانية وتسعين ألفا وأربعمائة وتسعة ريالات وست هللات، ثم قرر الطرفان اكتفاءهما بما قدماه؛ ومن ثم رفعت الجلسة للتأمل. وفي جلسة يوم الاثنين 2/9/1٤٢٤ هـ أصدرت الدائرة حكمها رقم (٨٩/ د/ تج / ٣ لعام ١٤٢٤هـ) بإلزام المدعى عليها شركة….. ممثلة فيمصفيها….. بأن تدفع للمدعي….. صاحب مؤسسة….. مبلغ (3.655.663) ريالا: فاعترض مصفي المدعى عليها، وتم رفع كامل أوراق القضية إلى هيئة التدقيق الثالثة التي نظرت القضية وأصدرت حكمها رقم (١٢/ت / ٣ لعام 1٤٢٥ هـ) بنقض حكم الدائرة آنف الذكر؛ بناء على ملاحظات سيرد ذكرها ومناقشتها في الأسباب. وفي تاريخ 3/4/1٤٢٦ هـ أعيدت القضية إلى هذه الدائرة التي فتحت فيها المرافعة لاستيفاء ما لاحظته الهيئة. وفي جلسة يوم 8/1/١٤٢٧ هـ أخذت الدائرة يمين المدعي على أنه قد نقذ العمل الموكول إليه من المدعى عليها، ولم يستلم شيئا من مستحقاته بالصيغة الواردة في ذلك.
الأسباب
حيث إن وكيل المدعي يطالب بإلزام مصفي شركة….. – المدعى عليها – بأن يدفع لموكله عن عمله مقاولا من الباطن لدى الشركة المذكورة في تنفيذ أعمال تخص مشروع كهرباء حائل المركزي التابع للمؤسسة العامة للكهرباء، والذي قدره بمبلغ (3.655.661) ثلاثة ملايين وستمائة وخمسة وخمسين ألفا وستمائة وواحد وستين ريالا بموجب المستخلصات (٢-٥). وحيث إن هذه الدعوى بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن؛ فإن هذا العمل عمل تجاري، والدعوى فيه تعتبر من الدعاوى التجارية ويختص الديوان بقضائه التجاري بنظرها. وحيث إن الشركة المدعى عليها قد دخلت طور التصفية، فإن المصفي المعين، والذي حضر جلسات هذه الدعوى هو صاحب الصفة في إدارة الشركة المصفاة والترافع عنها بموجب نظام الشركات المواد (٢١٩ -٣٢٦)، وتسمع الدعوى تجاهه. وحيث إن الثابت من الاطلاع على خطاب النية الموقع من الطرفين، وخطاب الضمان المقدم من المدعي، والذي أقر به الطرفان، وثبوت تنفيذ المدعي لبعض الأعمال واستلامه للمستخلص الأول المقابل للفاتورة الأولى، وعدم اعتراض المدعى عليها على شيء من ذلك رغم وجودها، وكونها هي المقاول الأصلي للمشروع؛ فهذه دلائل ظاهرة على قيام العلاقة العقدية والتي جوهرها حصول التراضي بين الطرفين والتقاء إرادتهما، والعقد المكتوب إنما هو مظهر خارجي لإثبات هذه العلاقة وليس شرطا لازما له، ومن المقرر فقها أن عقد المعاوضة يثبت إما بالإيجاب والقبول الصريحين، أو بالمعاطاة الدالة على حصول الإيجاب والقبول وإن لم يحصل تصريح بهما. وحيث إنه من الثابت من حكم الدائرة الإدارية الثانية رقم (٣ لعام ١٤٠٩هـ) في الدعوى المقامة من شركة…..- المدعى عليها- ضد المؤسسة العامة للكهرباء، أن المؤسسة العامة للكهرباء قد نقذت المشروع على حساب المدعى عليها، وذلك بعد انسحاب المدعى عليها من الموقع، والذي حدده المصفي – أي تاريخ سحب المشروع- في مذكرته المقدمة في جلسة 4/4/1٤٢٢ هـ في ١٨/ ٣/ ١٩٨٥ م، وأما الشركة السعودية للكهرباء – خلف المؤسسة العامة للكهرباء- فقد حددت تاريخ السحب في 6/7/1٤٠٥ هـ الموافق 27/3/١٩٨٥ م، وبعد الاطلاع على المستخلصات وتواريخها تبين أن العمل المنفذ المطالب بقيمته في هذه الدعوى استحق قبل سحب المشروع؛ وبذلك فإن المعني بدفع مقابله هو المقاول الرئيس؛ لأنه داخل في أعماله التي لم تسحب منه، بخلاف ما نفذ على حسابه؛ فإن المعنى بدفع ذلك المؤسسة العامة للكهرباء. وحيث ثبت للدائرة أن هذه الأعمال المطالب بقيمتها قد تمت قبل سحب المشروع من المدعى عليها؛ فبذلك يستقر المبلغ المذكور أنفا في ذمتها، وتكون ملزمة – ممثلة في مصفيها- بدفع هذا المبلغ المطالب به، وبصرف النظر عن استلام المدعى عليها لقيمة هذه الأعمال من مالكة المشروع من عدمه، فالدائرة لم تناقش ذلك؛ لأن علاقة المدعي ثابتة في مواجهة المدعى عليها فقط، والالتزامات العقدية تخص طرة تلك العلاقة، وقد نفذت مؤسسة المدعي هذه الأعمال، واستحقت ما يقابلها دون تأخير او تقصير من جانبها، أما ما أثاره المصفي من أن الشركة السعودية للكهرباء ليست جهة محايدة: فإن الدائرة تطمئن إلى إفادتها أكثر من اطمئنانها إلى أي خبير يمكن ندبه لحساب الكميات؛ وذلك لكون شهادة الشركة السعودية للكهرباء بهذه الأعمال المنفذة تعد إقرارا منها على نفسها بتنفيذ هذه الأعمال لصالحها؛ ومن ثم يمكن الرجوع عليها بقيمة هذه الأعمال، فلا تكون والحالة هذه محل تهمة في إفادتها؛ وبالتالي لا محل للطعن في شهادتها. وحيث ثبت من خطاب الشركة السعودية للكهرباء خلف المؤسسة العامة للكهرباء مالكة المشروع- أن مؤسسة المدعي قامت بتنفيذ أعمال المقاولة محل النزاع بقيمة قدرها (٠٦/4.498.409) أربعة ملايين وأربعمائة وثمانية وتسعون ألفا وأربعمائة وتسعة ريالات وست هللات، وذلك على أساس حساب الكميات المنقذة وضربها في سعر الوحدات المتفق عليها بين المتداعيين، وقد استلمت مؤسسة المدعي قيمة المستخلص الأول – حسب إقرارها – مخصوما منه (١٠%) وقدرها (442.746) أربعمائة واثنان وأربعون ألفا وسبعمائة وستة وأربعون ريالا، ومخصوما منه أيضا الدفعة المقدمة وقدرها (400.000) أربعمائة ألف ريال، ليصبح باقي المستحق قدره (3.655.663) ثلاثة ملايين وستمائة وخمسة وخمسون ألفا وستمائة وثلاثة وستون ريالا: (٠٦/ 4.498.409) – (424.746+400.000) = (3.655.663) ريالا؛ وهو ما يتعين الحكم به للمدعي. كما أن الدائرة قد أخذت يمين المدعي باعتباره أقوى الطرفين جانبا، ولتضم هذه اليمين إلى شهادة شركة الكهرباء؛ لتكون شهادة ويمين موجبة للحكم في الدعوى. أما ملاحظات الهيئة الموقرة فإن الدائرة تجيب عنها على النحو التالي: الملاحظة الأولى: وهي عدم وجود محاضر إنجاز الأعمال ومحاضر التسليم الابتدائية والنهائية، وأن ما عولت عليه الدائرة لإثبات العلاقة العقدية هو مجرد خطاب الشركة السعودية للكهرباء، وأنه لا يعدو أن يكون إقرارا على الغير، فإن الدائرة اعتمدت في إثبات العلاقة العقدية على ما بينته في الأسباب من وجود خطاب نية موقع من الطرفين بإقرارهما، وقيام مؤسسة المدعي بتنفيذ بعض الأعمال واستلامها لقيمتها، وأما عدم وجود محاضر إنجاز الأعمال ومحاضر التسليم الابتدائية والنهائية، فهذا الأمر قد بحث واستدل المصفي به على نفي العلاقة العقدية، وأجاب وكيل المدعى عليه بأن عدم وجودها كان بسبب المدعى عليها لا بسبب موكله بحسب ماورد في محضر يوم 12/11/١٤٢٣ هـ. ومحضر يوم 15/1/1٤٢٤ هـ، ومذكرة المدعي المؤرخة في 25/12/1٤٢٢ هـ، ومذكرات المصفي، والدائرة ترى أنه لا يمكن الاستدلال بعدم وجود هذه المحاضر على نفي العلاقة العقدية؛ إذ إن الشركة المدعى عليها لم تكن أمورها في الجملة تسير بشكل صحيح: حتى تستدل بمثل هذا، وتجعله بينة؛ فإنها تركت المشروع بعد ذلك فجأة، ومن الطبيعي أن لهذا الأمر مقدمات من أخطاء مالية وإدارية، ولا يبعد أن تكون هذه منها، ولو سارت أمورها بشكل صحيح وأنجزت المشروع لكان للاستدلال بهذا له وجه، كما أن إعداد هذه المحاضر وتوقيعها متوقف على إرادتها هي؛ فهي قادرة على إعدادها والتوقيع عليها أو الامتناع عن التوقيع، فكيف يستدل أحد الطرفين بتصرفه هو؟ وأما ما لاحظته الهيئة على خطاب الشركة السعودية للكهرباء وأنه إقرار على الغير؛ فإن هذا الخطاب قد أثبت مقدار الأعمال المنفذة، واستخرج مقدار المستحقات بناء على حساب الكميات المنقذة وضربها في سعر الوحدات، وهذا الخطاب ليس إقرارا بل هو شهادة موصلة، ولا شك أن باب الإثبات يؤخذ فيه بالأمثل فالأمثل، وليس هنالك طريقة أمثل من ذلك، فشهادة شركة الكهرباء تطمئن إليها الدائرة أكثر من اطمئنانها إلى خبرة تندبها أو شهادة أخرى تأخذ بها، وإضافة إلى ذلك فإن شركة الكهرباء غير متهمة في شهادتها؛ لأن شهادتها بتنفيذ هذه الأعمال إقرار على نفسها بتنفيذ هذه الأعمال لصالحها؛ ومن ثم يمكن الرجوع عليها بقيمة هذه الأعمال، ولا تلتفت الدائرة إلى ما ذكره المصفي من أن الشركة السعودية للكهرباء متهمة في شهادتها؛ لوجود عداوة بينها وبين المدعى عليها. فالدائرة لا ترى أن هذه عداوة مانعة من قبول الشهادة؛ إذ ليست شركة الكهرباء ندا ونظيرا للمدعى عليها؛ لتكون في موضع عداوة مع مقاول أخطأ في التنفيذ. وأما الملاحظة الثالثة: بشأن النظر فيما اشتمل عليه حكم الدائرة الإدارية الثانية رقم (٣/ 1٤٠٩ هـ)، فإن الدائرة ترفق هذا الحكم بملف القضية، ولم تجد فيه ما يغير شيئا مما قضت به. وأما الملاحظة الرابعة: فإن الخطأ المادي في المبلغ المحكوم به قد جرى تصحيحه حسبما نبهت إليه الهيئة الموقرة. وأما الملاحظة الخامسة: وهي وجود اتفاق بين الطرفين لم تناقشه الدائرة، فإن هذه الاتفاقية هي مجرد صورة، ولم يقدم المدعي أصلها، وقد أنكرها المدعى عليه وكالة، ولم يرتض وكيل المدعي يمين المدعى عليها على نفيها؛ وبالتالي فإن هذه الاتفاقية لم تثبت. أما بالنسبة للملاحظة السادسة وهي أن المدعي في مذكرته رقم (١٢٦) وتاريخ 15/6/١٤١٩ هـ قد ذكر بأن علاقة المدعي مع المؤسسة العامة للكهرباء وليست مع المدعى عليها، وأن الهيئة لم تطلع على هذه المذكرة التي هي من ضمن القضية المشطوبة التي لم ترفع إلى الهيئة؛ فإن هذه المذكرة قد قدمت من وكيل المدعي إجابة على استفسارات من الدائرة، والتي كانت على النحو التالي: ١ – هل هناك تعاقد بين مؤسسة….. – المدعي- وشركة….. -المدعى عليها-؟ وكانت إجابته بإختصار أنه تم التعاقد بينهما بموجب خطاب النية، وتنفيذها لتلك الأعمال الموكولة إليها ٢ – هل قامت مؤسسة….. – المدعي- بتنفيذ ما عليها من التزامات بموجب هذا العقد؟ فأجاب وكيل المدعي: بأن مؤسسة موكله قامت بتنفيذ التزاماتها العقدية بعد أن تم تعميدها من قبل مالكة المشروع المؤسسة العامة للكهرباء، ولا يقبل عقلا أن تقر مالكة المشروع للمدعي بدون سند نظامي. ومن الواضح للدائرة أن الدائرة بتشكيلها السابق قد استفسرت في السؤال الأولى عن وجود العلاقة العقدية، فأجاب وكيل المدعي بوجودها. واستفسرت في السؤال الثاني عن مدى تنفيذها للأعمال؛ فكان جوابه أن مؤسسة المدعي نقذت الأعمال حسب تعميد مالكة المشروع وقبولها لهذه الأعمال، فلا يمكن القول بأن وكيل المدعي يقر بأنه لا علاقة عقدية بين المتداعيين، وأن التعميد حصل من مالكة المشروع؛ وذلك من سياق الكلام السابق واللاحق لهذه الجملة، كما أنه لا معنى لبحث من عمد المدعي بهذه الأعمال ما دام أن الدائرة قد استبان لها قيام العلاقة العقدية بين الطرفين؛ فإن قيام العلاقة العقدية أبلغ معنى من مجرد التعميد؛ فإن التعميد هو مجرد الأذن للمقاول بالتنفيذ، والعقد أبلغ منه في كونه يحدد الثمن والمثمن والتزامات الطرفين، وحيث إن الدائرة قد أجابت عن ملاحظات الهيئة الموقرة بما ترى أنه كاف لاستجلاء الحقيقة وإصدار الحكم، فلما تقدم من الأسباب حكمت الدائرة: بإلزام المدعى عليها….. ممثلة في مصفيها….. بأن تدفع للمدعي….. صاحب مؤسسة….. للتجارة والمقاولات مبلغ (3.655.663) ثلاثة ملايين وستمائة وخمسة وخمسين ألفا وستمائة وثلاثة وستين ريالا؛ لما هو مبين في الأسباب، والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هيئة التدقيق
حكمت الهيئة: بتأييد الحكم رقم (٧/ د/ تج / ٣ لعام ١٤٢٧هـ) والصادر في القضية رقم (١٣٧٤ /١ /ق لعام ١٤٢١هـ)، فيما انتهى إليه من قضاء.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.