مخاطر الاستثمار الأجنبي

اعتمدت الدول النامية منذ فترة بعيدة وحتى الان على الدول المتقدمة للنهوض بمستويات التنمية وزيادة معدلات النمو الاقتصادي فيها ، متخذة اشكال وصور عدة نتيجة النقص في مصادر التمويل المحلية لديها لدعم مشاريع التنمية ، مما زاد اعتمادها على مصادر التمويل الخارجية و منها الاستثمار الاجنبي المباشر باعتباره محركاً للنمو الاقتصادي الذي يساهم في زيادة القدرات الانتاجية للاقتصاد المحلي وايجاد فرص عمل وزيادة معدلات التشغيل وادخال التقنية ومد هذه الدول باساليب ادارية اكثر فاعلية ، وتعتبر هذه الخصائص السمة المميزة لهذا الاستثمار التي لا تتوفر لغيره من مصادر التمويل الاخرى.

وبالرغم من مكانة الاستثمار الاجنبي المباشر في تنمية اقتصاديات الدول المتقدمة والنامية ،وتسابق الدول العربية استقطاب روؤس الاموال الاجنبية بتحسين البيئة الاستثمارية وتشريع واستحداث القوانين الجاذبة للاستثمار وتعزيز تنافسية الاقتصاد والقطاعات لجذب عدد اكبر من المستثمرين ، الا ان الواقع هو ان الدول العربية لا زالت تعاني من انخفاض حجم التدفقات الاستثمارية الاجنبية المباشرة مقارنة بالدول الاخرى وذلك لوجود معوقات تواجهها وتؤدي الى تخفيضها في هذه الدول.

مشكلة البحث:

تتلخص مشكلة البحث بان الدول العربية تعاني من قصور في مواردها المحلية يجعلها غير قادرة على المضي قدماً في برامج التنمية الاقتصادية ، وعلى الرغم من انتهاج سياسات اقتصادية وقانونية من شانها زيادة تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر اليها ، الا ان ما زالت هنالك مخاطر ومعوقات يتعرض لها الاستثمار الاجنبي المباشر وبالتالي الحد من كمية روؤس الاموال الاجنبية التي تدخل الى هذه الدول .

اهمية البحث:

انطلاقاً من الاهمية التي يلعبها الاستثمار الاجنبي المباشر في تعويض النقص للمدخرات المحلية والاستثمار المحلي ونقل التكنولوجيا لتحقيق أقصى منفعة ممكنة ، إلا أن هنالك مخاطر ومعوقات لهذا النوع من الاستثمار وبالأخص في الدول العربية ، الامر الذي يقلص حجم هكذا نوع من الاستثمار .

هدف البحث:

يهدف البحث التعرف على اهمية الاستثمار الاجنبي المباشر والمزايا التي يوفرها في الدول التي تبحث عنه ، كذلك تشخيص العوامل التي تحد من تدفقه الى الدول العربية والكيفية التي تؤثر بها تلك العوامل على هذا النوع من الاستثمار.

فرضية البحث:

يستند البحث الى فرضية مفادها “ان هنالك مجموعة من المحددات او المتغيرات الاقتصادية ذات تاثير ايجابي ومعنوي في الاستثمار الاجنبي المباشر “.

منهج البحث:

اعتمد البحث على المنهج التجريبي وذلك لاختبار الفرضية التي جاء بها معتمدا على اسلوب الانحدار المتعدد للتوصل الى النتائج وتحليلها ، وتم اختيار عينة من الدول العربية وهي المغرب والاردن وتونس ومصر ، وذلك لتوفر البيانات الخاصة بمتغيرات البحث عن هذه الدول العربية منذ سنة 1980 ولغاية سنة 2001 ، وقد تم الحصول على البيانات من موقع صندوق النقد الدولي على شبكة الانترنت.

المبحث الاول : الاطار النظري للاستثمار الأجنبي المباشر :

ان المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية قامت بوضع عدة تعاريف للاستثمار الاجنبي المباشر، ومنها:

المنظمة الاقتصادية لدول جنوب شرق اسيا تعرفه بانه يعني كل نوع من انواع الموجود والمتضمن الاملاك المنقولة وغير المنقولة وغيرها من الممتلكات مثل الرهونات العقارية والخطوط الانتاجية والتعهدات، بالاضافة الى الاسهم والسندات ذات الفائدة للشركة فضلا عن الحقوق النقدية وحقوق الملكية الفكرية و امتياز الاعمال الخاص بالزراعة او استغلال المصادر الطبيعية(UNCTAD,1999,17).

كما ان الامم المتحدة للتجارة والتنمية ترى بانه استثمار يتضمن علاقة بعيدة المدى وعاكسا منفعة دائمية ورقابة حقوق ملكية في اقتصاد معين (المستثمر الاجنبي المباشر او الشركة الام) لسيادة الشركة في اقتصاد غير اقتصاد المستثمر الاجنبي(شركة المستثمر الاجنبي او الفرع الاجنبي للشركة)(UNCTAD,2000,267).

أما منظمة التجارة العالمية فتؤكد بانه الاستثمار الذي يحصل عندما يقوم مستثمر في دولة ما (الدولة الام) بامتلاك موجود في دولة اخرى (الدولة المضيفة) مع وجود النية في ادارة ذلك الموجود المشار اليه (عبد الحسن والسامرائي،1،1998) .

كما يعرف الاستثمار الاجنبي المباشر بانه التملك الجزئي او المطلق للطرف الاجنبي لمشروع الاستثمار سواء اكان مشروعا للتسويق ام للبيع ام الانتاج ام اي نوع اخر من النشاط الانتاجي والخدمي ، وهنا يتم التميز بين شكلين من الاستثمار الاجنبي المباشر هما :

– الاستثمار الاجنبي المملوك بالكامل للمستثمر الاجنبي : وهو الشكل الاكثر تفضيلا من جانب الشركات متعددة الجنسية ، وذلك بسبب ما تتمتع به هذه الشركات من حرية كاملة في الارادة والاشراف على هذه المشاريع ، فضلا عن توقع تحقيق الارباح العالية من خلال هذا الاستثمار ، وكذلك امكانية

التغلب على القيود التجارية والجمركية المفروضة من الاقطار المضيفة على المستوردات.

– الاستثمار المشترك : الاستثمار يشمل على عمليات انتاجية وتسويقية تتم في قطر اجنبي ، ويكون احد اطراف الاستثمار شركة دولية تمارس حقا كافيا في الادارة والسيطرة دون ان تتمتع بالسيطرة الكاملة على تلك العمليات (ابو قحف،23،1989).

والاستثمار الاجنبي المباشر هو تدفق للموارد الاقتصادية للغير بهدف استخدامها خارج حدود الدولة صاحبة تلك الموارد ، اما اهم انواعه فهي المساعدات الدولية (القروض والهبات) والاستثمار المحفظي الذي يشمل شراء السندات الخاصة والعامة من الاسواق المالية، والاستثمار الاجنبي المباشر الذي هو مجموعة التدفقات الناشئة نتيجة انتقال رؤوس الاموال الاستثمارية الى الدول المضيفة لتعظيم الارباح وتحقيق المنافع المرجاة ، وبالمشاركة مع راس المال المحلي لاقامة المشاريع المختلفة في تلك الدول ، اما اهم اشكاله فقد ياخذ شكلا احاديا في ملكية المشروع لراس المال الاجنبي الخاص فقط او ياخذ شكلا ثنائيا تكون فيه ملكية المشروع موزعة بين راس المال الاجنبي الخاص وراس المال المحلي (الخاص والعام) ، اما الشكل الآخر فهو تدفقات الاستثمارات الاجنبية للشركات متعددة الجنسية الممتدة عبر العالمين المتقدم والنامي وهي تقود دفة التدفقات وتوجهها اينما تشاء (الكواز،2،2005).

وهنالك اسباب تدفع بالشركات للاستثمار خارج حدودها الوطنية ، والتي تمثل من جهة اخرى انواع الاستثمار الاجنبي المباشر(ESCWA,2000,5) وهي :

– استثمار يبحث عن موارد : هذا الشكل هو من اكثر انواع الاستثمار الاجنبي انتشارا في الدول النامية ، وقد اتخذ هذا الشكل اقدم الشركات الاجنبية ، ومن الامثلة على هذا الشكل الشركات المنقبة عن الثروات المعدنية كالنفط والكبريت والحديد والغاز وغيرها من المواد الخام.

– استثمار اجنبي يبحث عن الكفاءة: لا يتوقف التدفق الاستثماري الاجنبي المباشر الى بلد ما يحتوي على موارد اولية فحسب ، بل اصبح البحث عن الايدي العاملة الماهرة والكفوءة احد اهم دوافع الشركات الدولية للدخول الى اقتصاد معين ، ولعل من اهم الامثلة على ذلك التدفقات الاستثمارية المباشرة الى دول جنوب شرق اسيا التي لا توجد فيها المهارات الفنية والادارية فحسب وانما تكون رخيصة الكلفة ايضا.

– استثمار اجنبي يبحث عن الخدمات : يعد من اهم اشكال الاستثمار الاجنبي المباشر خاصة بعد تطبيق برامج الاصلاح الاقتصادي للكثير من الدول النامية ومنها العربية في السنوات الاخيرة ، اذ لم تعد اهمية قطاع الخدمات تتوقف على ما متوفر من خدمات الماء والكهرباء والطاقة والمواصلات ، بل امتدت لتشمل ايضا الخدمات المالية كالتامين والتمويل لبعض انشطة الاستثمار الاجنبي المباشر ، وفي هذا المجال تتنافس الدول في تحفيز الاستثمارات الاجنبية المباشرة لجذبها من خلال ما تقدمه في مجال الحوافز المالية العامة.

– استثمارات اجنبية تبحث عن سوق: يستهدف هذا النوع الدول النامية ذات الاسواق الواسعة ، كما يعد بديلا للعمليات التصديرية من قبل الدولة الام ، وتفضل هذا الشكل من الاستثمارات الدول التي تروم استبدال سياساتها تجاه الاستيرادات ، والتي تدعم عادة صادراتها صناعاتها المحلية بمعايير حمائية مقابل الاستثمارات الاجنبية المباشرة غير العادلة.

ان للاستثمار الاجنبي عدة فوائد للاقتصاد المستثمر فيه التي لا يمكن للاستثمار المحلي تحقيقها ، واهم الآثار التي يتركها الاستثمار الاجنبي المباشر على القطر المضيف ،هي :

– نقل التكنولوجيا :

على الرغم من وجود قنوات اخرى غير الاستثمارات الاجنبية يمكن للدول المضيفة جلب التقنيات الجديدة من خلالها مثل العقود الادارية والتراخيص والبحوث المنشورة والشراء المباشر، الا ان الاستثمارات الاجنبية تمثل اكثر الطرق جدوى في نقل التكنولوجيا ، وذلك لما يتميز به الاستثمار الاجنبي المباشر من ميزة الثبات عن الاستثمار المحفظي فضلا عن كونه يمثل عمليات انتاجية ورقابية وادارية(ESCWA,2000,7) ، وتتم عمليات نقل التقنية والمهارات الادارية من خلال قيام الشركات الاجنبية التي تستثمر في الدولة المضيفة بتدريب العمال والموظفين والمدراء والمهندسين الفنيين على التقنيات التي ستجلبها للعمال داخل هذه الدولة (Sloman and Sutcliffe ,1998,415) .

– التأثير في ميزان المدفوعات :

ان تدفق رؤوس الاموال الاجنبية وزيادتها في الدول المضيفة تترك تاثيرا ايجابيا على ميزان المدفوعات ، وذلك من خلال لجوء الشركات متعددة الجنسية الى بيع عملاتها الاجنبية للحصول على العملة الوطنية التي تحتاجها لتمويل مدفوعاتها المحلية، او محاولة التخفيف من شحة النقد الاجنبي في حالة توجيه الاستثمارات الاجنبية في القطاعات الانتاجية التي تؤدي الى احلال الاستيرادات ويساهم في سد جزء من حاجة السوق المحلية (الجميل،55،2001) ، وهذا يعني تحسين حالة ميزان المدفوعات عن طريق زيادة الصادرات وتخفيض الاستيرادات.

وقد تترك تدفقات رؤوس الاموال الاجنبية آثارا سلبية على موازين المدفوعات في الدول المضيفة حيث تصل رؤوس الاموال المستثمرة في هذه الدول الى مرحلة معينة من نموها بحيث يصبح مقدار ما تستنزفه من ارباح وفوائد من هذه الدول يفوق بكثير حجم ما يتدفق منها الى هذه الدول ، ولا شك ان توازن ميزان المدفوعات في الدول النامية التي تتميز بضخامة حجم رؤوس الاموال المستثمرة فيها يتطلب نموا سريعا في الصادرات ، ليس فقط اسرع من نمو اجمالي الناتج المحلي فحسب وانما ايضا اعلى من معدل نمو الاستيرادات فاذا لم يسهم راس المال الاجنبي وسياسات التنمية المطبقة في تحقيق هذا الشرط، فليس بالامكان ان يتغلب الاقتصاد القومي على ظاهرة العجز في ميزان المدفوعات في الاجل المتوسط والطويل (Domdr,1950,314) .

– التأثير في النمو الاقتصادي :

ان الاستثمار الاجنبي يساهم في النمو الاقتصادي من طريقين، الاول ينشئ رصيدا اضافيا من راس المال للدول المضيفة ويضاف الى مدخرات هذه الدولة او احتياطي النقد الاجنبي، والثاني فانه يقدم المعرفة التقنية المطلوبة للاستكمال الناجح للمشروع الاستثماري وبالتالي يزيد من القدرة الاستيعابية للدولة المضيفة (Hammer,1973,9) .

– التأثير في سعر الصرف :

ان تدفقات رؤوس الاموال الاجنبية تترك تاثيرات سلبية في اداء السياسة النقدية خاصة في الدول النامية، من خلال تاثيرها على استقرار سعر الصرف ومعدل التضخم النقدي، فتدفق الاموال الى الداخل يؤدي الى تقييم عملة الدولة المضيفة بأكثر من قيمتها فتصبح اسعار الاستيرادات منخفضة واسعار الصادرات عالية مما يؤدي الى زيادة عجز الميزانية والبطالة وارتفاع معدل التضخم وانخفاض اسعار الصرف الحقيقية (الورد وعجلان،112،2001).

اما بخصوص الحوافز الممنوحة لجذب الاستثمار الاجنبي المباشر،نجد ان الحافز هو سياسة او جزء من سياسة تمنحه الدولة المضيفة لصالح المستثمر الاجنبي بهدف تحقيق منفعة اقتصادية واجتماعية تساوي على الاقل قيمة الحافز الممنوح، فمثلا قد تهدف الدولة المضيفة الى استقطاب استثمارات في مجال تقنية معينة او اتاحة الفرصة لاكبر عدد من العمالة، او الرغبة في توجيه الاستثمارات الاجنبية نحو نوع معين من الانشطة الاقتصادية، كذلك سعي الدولة لتنمية مناطق او اقاليم معينة فيها، و الحوافز الممنوحة للاستثمار الاجنبي تتخذ عدة اشكال ، منها :

– حوافز مالية عامة :

تمثل اكثر انواع الحوافز للاستثمار الاجنبي المباشر استعمالا خلال عقد التسعينات من القرن العشرين، ومن اكثر اشكال هذه الحوافز استعمالا الحوافز الممنوحة كتخفيضات (الاعفاءات والسماحات) على ضريبة الدخل، والسماح بتنزيل الخسائر من الربح المتحقق اثناء العطل، كذلك خصم النفقات الاخرى الخاصة من ضرائب الشركات، فضلا عن استثناء الاستيرادات والسلع الراسمالية والمواد الاولية والاحتياطية من الضرائب الكمركية وغيرها (UNCTAD,1996,18).

– الحوافز المالية :

تعد من اهم اشكال الحوافز الممنوحة في الدول النامية مقارنة بالدول الصناعية ، وتتضمن توفير التخصيصات المالية مباشرة للشركات، وذلك لتمويل الاستثمارات الاجنبية الجديدة او بعض العمليات او تحمل الكلف الراسمالية ، وتشمل المنح والاعانات والمشاركات الحكومية بالملكية كالتموين العام والمشاركة في الاستثمارات المتضمنة على خطر تجاري عالي ، التامين الحكومي بمعدلات مدعمة لتغطية بعض الاخطار مثل تقلبات سعر الصرف وخفض قيمة العملة والاخطار غير التجارية (UNCTAD,1996,27).

وهنالك عدة مخاطر تواجه اتخاذ قرار الاستثمار الاجنبي وتؤثر في اهداف الشركات الاجنبية المستثمرة واهما:

1- حجم السوق في الدولة المضيفة :

لا يشجع السوق الصغير على الاستثمار الا اذا كان قريبا من المواد الخام او من اسواق اخرى كبيرة ، ويساعد حجم السوق الشركات التي تنتج المنتجات القابلة للمتاجرة بتحقيق اقتصاديات الحجم ، وعادة ما يعبر عن حجم السوق بمتغير الناتج المحلي الاجمالي (Sun,2002,16)، وان حجم الاقتصاد هو محدد ملحوظ لتدفق الاستثمار الاجنبي المباشر لاقتصاديات الدول النامية والمتطورة ، ومع ذلك فان حجم السوق يمكن ان يكون اقل تاثيرا او غير مهم اذا تم استخدام الاستثمار الاجنبي المباشر للدولة المضيفة كقاعدة انتاج فقط لتصدير انتاجها بصورة اكثر تنافسية لاسواق اخرى (Hara and Razafimahefa, 2003,4) .

2- النمو الاقتصادي :

ان النمو السريع للناتج المحلي في الدولة المضيفة يحفز تدفق الاستثمار الاجنبي المباشر لانه يوجد مستوى عالي من متطلبات راس المال، ويحدث فجوة في موارد الدولة المضيفة وبالتالي فانها ستطلب استثمارا من خلال عرض شروط تفضيلية للاستثمار الاجنبي المباشر (United Nation,2001,2) .

3- التضخم :

إن معدلات التضخم العالية تعكس حالة عدم استقرار في السياسة الاقتصادية على مستوى الاقتصاد ككل ، مما يخلق بيئة استثمارية غير مؤكدة ، وبذلك فان التضخم لا يشجع الاستثمار الاجنبي المباشر الجديد لان الكلف النسبية للانتاج في الاقتصاد ستزداد بالمقابل ، ويؤدي انخفاض مستوى الاسعار الى انكماش النشاطات الاقتصادية وبالتالي فان الانكماش يقود في النهاية الى افلاس الشركات ويقوم المستثمرون المحليون ببيع موجوداتهم الى المستثمرين الاجانب باسعار منخفضة وقد ينتج عن ذلك توسع في تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر (Hara and Razafimahefa,2003,5).

4- سعر الصرف :

ان اسعار الصرف الحقيقية هي اسعار البضائع الاجنبية بالعملة المحلية ، وهذا ما يساوي اسعار الصرف الاسمية مضروبة بسعر البضائع المستوردة بالعملة الاجنبية ، والتي يتم تقسيمها على سعر البضائع المحلية بالعملة الوطنية ، وهذا ما يشير الى مستوى التنافسية في البضائع المحلية مقارنة بالبضائع الاجنبية فعندما ترتفع اسعار الصرف الحقيقية تنخفض قيمة العملة المحلية وتصبح المنتجات المحلية ارخص نسبيا في الاسواق الخارجية ،وهذا يؤدي الى زيادة الطلب عليها وبالتالي ارتفاع قيمة الصادرات التي اصبحت ارخص في الاسواق الاجنبية وتخفيض استيراداتها التي اصبحت اغلى في الاسواق المحلية وهذا يحفز الاستثمار الاجنبي المباشر ، وبالعكس عندما تنخفض اسعار الصرف الحقيقة فان العملة المحلية ترتفع قيمتها وتصبح المنتجات المحلية اغلى في الاسواق الاجنبية وهذا يؤدي الى انخفاض الطلب عليها، وبالتالي انخفاض قيمة الصادرات التي اصبحت اغلى في الاسواق الاجنبية وزيادة استيراداتها التي اصبحت ارخص في الاسواق المحلية مما يؤدي الى انخفاض الطلب على الاستثمار الاجنبي المباشر (باشا ،386،1990).

5- البنية التحتية :

تشمل البنية التحتية الطاقة والطرق والتعليم والصحة ، وقد تبين ان البنية التحتية المتطورة وقوة العمل المدربة بشكل كفء تعد عناصر اساسية لجذب المستثمرين الاجانب (Sun,2002,19).

6- سعر الفائدة :

ان النظرية الاقتصادية تؤكد وجود العلاقة العكسية بين سعر الفائدة الحقيقي والطلب الاستثماري ، اذ يوجد لكل مستوى من هذا الطلب قيمة محددة للكفاية الحدية للاستثمار تتفق معه ، وبمجرد معرفة سعر الفائدة الذي لابد ان تدفعه الشركة للحصول على الاموال اللازمة يمكننا معرفة مستوى الطلب الاستثماري الذي يتحقق عنده التعادل بين الكفاية الحدية للاستثمار وسعر الفائدة (باشا،197،1989).

7- الحجم النسبي للصادرات :

يعد من محددات تدفق الاستثمار الاجنبي المباشر وبشكل اساسي في قطاع التصنيع او الخدمات وذلك لان الاستثمار الاجنبي المباشر يتجه الى القطاع الذي يكون فيه العائد الحدي اعلى مقارنة بسائر القطاعات الاخرى (Mallampally and Sauvant,1999,3) .

8- الاستقرار السياسي :

ان عدم الاستقرار السياسي وحدوث الانقلابات السياسية والاغتيالات واعمال الشغب والنزاعات المسلحة تؤدي الى ممارسة تاثير سلبي على قرارات الاستثمار للشركات الاجنبية ، وتخفض من قيمة موجودات المستثمر الاجنبي ، وعلى عكس ذلك كلما كان المناخ السياسي للدولة اكثر استقرارا ادى الى جذب الشركات الاجنبية الاستثمارية في تلك الدولة (Sun,2002,12).

9- الادخار المحلي :

ان تحقيق تنمية سليمة في الدول النامية يعتمد على توافر الموارد المحلية القادرة على تمويل كل مستلزمات عملية التنمية فيها، اي بامكانها تعويض النقص في مدخراتها المحلية من خلال الاستعانة براس المال الاجنبي لسد هذه الفجوة ، اذ ان ارتفاع معدل الادخارات يؤدي الى زيادة معدل الاستثمارات المحلية والتي تؤدي الى زيادة حجم الانتاج و معدلات نمو الناتج القومي الاجمالي وبالتالي زيادة الاستثمارات الاجنبية (Ram,1980,24).

المبحث الثاني :تحليل نتائج اثر المخاطر او المحددات في الاستثمار الاجنبي المباشر

يتناول هذا المبحث اختبار الفرضية التي جاء بها البحث ، وذلك من خلال تبيان اثر المتغيرات المستقلة (المخاطر او المحددات) على المتغير المعتمد ، وقد تم تحديد المتغير المعتمد بالاستثمار الاجنبي المباشر ، اما المتغيرات المستقلة فهي كالتالي :

– X1 : نسبة ميزان الحساب الجاري الى الناتج المحلي الاجمالي.

– X2 : نسبة الانفاق الحكومي الى الناتج المحلي الاجمالي.

– X3 : نسبة الصادرات الى الناتج المحلي الاجمالي.

– X4 : الناتج المحلي الاجمالي.

– X5 : نسبة الادخار الى الناتج المحلي الاجمالي.

– X6 : نسبة التضخم الى الناتج المحلي الاجمالي.

يبين الجدول (1) ادناه تاثير المتغيرات المستقلة على المتغير المعتمد للمدة 1980- 2001 ،ولكافة دول العينة وهذا ما اتيح من بيانات متوفرة عن هذه المتغيرات ، علما ان قيمة t الجدولية 1.72، وقيمة F الجدولية 2.575، عند مستوى معنوية 0.05 ، اما n فتساوي 21 :

الجدول (1)

نتائج التقدير لاثر المخاطر في الاستثمار الاجنبي المباشر لعينة من الدول العربية للمدة (2001-1980)

تشير نتائج التقدير المثبتة في الجدول (1) اعلاه، ان نسبة ميزان الحساب الجاري X1 كانت ذات تاثير معنوي موجب عند مستوى معنوية 0.05 لكل من المغرب ومصر ، وهذا يعني ان هذه الدولتين قد حققتا فائضا في موازين مدفوعاتها ، وهذا يثبث الفرضية القائلة ان المحددات ذات تاثير ايجابي ومعنوي في الاستثمار الاجنبي المباشر ، وبالنسبة لتونس فقد كان التاثير معنوي وسالب وهذا ينفي الفرضية التي جاء بها البحث ، اما في بقية دول العينة فكان التاثير غير معنوي .

اما بالنسبة للانفاق الحكومي X2 في تونس فقد كان معنوي وسالب التاثير في الاستثمار الاجنبي وذلك يدل على ان زيادة هذا الانفاق يؤدي الى انخفاض تدفق هذا الاستثمار ، اما بالنسبة للمغرب فقد كان تاثيره ايجابي ومعنوي ، وهذا يعني ان الانفاق الحكومي غير قادر على سد متطلبات الدولة ويتم والاستعانة بالاستثمارات الاجنبية ، وذلك يدعم فرضية البحث

اما بخصوص نسبة الصادرات الى الناتج المحلي الاجمالي X3 فقد كان غير معنوي التاثير لجميع دول العينة وهذا يدل على عدم وجود علاقة تاثير معنوي لهذا المتغير على الاستثمار الاجنبي ويدل على ان هذا الاستثمار لم يؤدي الى زيادة الصادرات لتلك الدول.

كذلك تشير النتائج ان اثر الناتج المحلي الاجمالي X4 كان ايجابي ومعنوي التاثير في الاستثمار الاجنبي المباشر لكل من الاردن وتونس وهذا يدل على وجود العلاقة بين المتغيرين ، ويؤكد بانه كلما ارتفع الناتج المحلي الاجمالي كلما ادى الى جذب اكبر للاستثمار الاجنبي المباشر ، وهذا يثبت الفرضية التي جاء بها البحث، كما ظهر الاثر في بقية الدول موجبا الا انه غير معنوي.

اما نسبة الادخارالى الناتج المحلي الاجماليX5 فقد كانت ذات تاثير سالب ومعنوي بالنسبة للاردن وذلك لاعتمادها على الاستثمارات الاجنبية لتمويل التنمية الامر الذي جعلها تتلكأ في تعبئة المدخرات المحلية مما ادى الى ظهور العلاقة العكسية بين المتغيرين ،وهذا ينفي الفرضية، وفي بقية الدول كان سالب وغير معنوي التاثير.

تشير الناتئج الخاصة بالتضخم X6 الى انه غير معنوي في جميع دول العينة ، الا انه ذو تاثير سالب في بعض منها ، فكلما ارتفع معدل التضخم انخفض تدفق الاستثمار الاجنبي المباشر ، وموجب في البعض الاخر منها .

الاستنتاجات والتوصيات

تم التوصل الى مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات ، وهي كالتالي:

أولا : الاستنتاجات:

1- ان للاستثمار الاجنبي المباشر مكانة خاصة لتطوير اقتصاديات الدول المتقدمة والنامية ومنها العربية ، وذلك عن طريق رفع الانتاجية وتشغيل الايدي العاملة وادخال التكنولوجيا الحديثة اليها.

2- تبين ان توفير بيئة جيدة ستؤدي جذب الاستثمار الاجنبي المباشر والاعتماد عليه كونه احد اهم مصادر التمويل بالنسبة للدول عينة البحث التي تعاني من نقص في مدخراتها المحلية.

3- اتضح من نتائج التقدير لاثر المحددات في الاستثمار الاجنبي المباشر،ان نسبة ميزان الحساب الجاري الى الناتج المحلي الاجمالي كانت ذات تاثير معنوي وموجب في الاستثمار الاجنبي المباشر.

4- تشير النتائج ايضا الى ان زيادة الناتج المحلي الاجمالي تؤدي الى زيادة الاستثمار الاجنبي المباشر لتلك الدول.

5- يتضح ان الادخار في الدول العربية لا يفي بمتطلبات التنمية فيها ، وان انخفاض الادخار المحلي ادى الى وجود التاثير السالب له في الاستثمار الاجنبي المباشر ، اي انه كلما انخفضت الادخارات المحلية في الدول العربية عينة البحث كلما ارتفعت تدفقات الاستثمار الاجنبي اليها.

6- كان هنالك تاثير سالب للتضخم في الاستثمار الاجنبي المباشر في بعض دول العينة ، وكان موجب في البعض الاخر الا انه لم يكن معنوي.

ثانيا : التوصيات:

1- ضرورة تعديل السياسات الاقتصادية للدول وسن القوانين والتشريعات وتطوير البنى التحتية لجذب الاستثمار الاجنبي المباشر اليها.

2- الاستفادة من امتيازات الاستثمار الاجنبي المباشر ومنها ، نقل التكنولوجيا والمهارات الحديثة في الانتاج ، وضرورة توجيه الاموال الى القطاعات الانتاجية المحركة للنمو الاقتصادي .

3- ضرورة تخفيض المحددات اوالمخاطر للاستثمار الاجنبي المباشر ومعرفة اتجاه وتاثير كل محدد وبما يؤدي الى جذب الاستثمارات الاجنبية.

د.سعد محمود الكواز