القضاء التجاري / رشوة
رقم القضية الابتدائية ٢٨٠/١٠/ ق لعام ١٤٣٧ هـ
رقم قضية الاستئناف ١٥٣٠ /٢ /س لعام ١٤٣٧هـ
تاريخ الجلسة ٨/٥/١٤٣٧هـ
الموضوعات
رشوة – عرض مبلغ مالي – أداء الحج – الإقرار في التحقيقات – إكراه – شيوع محضر الواقعة – مدى حجية محضر الواقعة – تكييف الإقرار – مدى حجية الإقرار المجرد – الأصل براءة الذمة.
أقام فرع هيئة التحقيق والادعاء العام الدعوى بطلب معاقبة المتهمين لعرضهم مبالغ مالية على سبيل الرشوة لرجل أمن مقابل السماح لهم بالحج – استناد جهة الادعاء على محضر الواقعة محل الدعوى، ومحضر جرد المبالغ، وعلى إقرار المتهمين بالتحقيقات – إنكار المتهمين للتهمة المنسوبة إليهم، ودفعهم بتعرضهم للإكراه على الإقرار – عدم توضيح المحضرين المستند عليهما الشخص المتهم بعرض الرشوة، ما يثبت معه شيوعهما، إضافة إلى عدم صحة الاستناد عليهما لكونهما عين الدعوى – اعتبار إقرار المتهم في التحقيقات اعتراف غير قضائي – الإقرار خبر محتمل يتردد بين الصدق والكذب، وبالتالي عدم اعتباره حجة إلا إذا صاحبه دليل يرجح جانب الصدق على الكذب – عدم تقديم دليل يرجح الصدق على الكذب في الإقرار – الأصل براءة الذمة – الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين -أثر ذلك: عدم إدانة المتهمين بما نسب إليهم.
الوقائع
تتلخص وقائع هذه القضية في أنه ورد إلى المحكمة الإدارية بمكة المكرمة خطاب هيئة التحقيق والادعاء العام رقم (٥٥٣٥٥) وتاريخ ٢٥/١٢/١٤٣٦هـ المرفق به لائحة الاتهام لعام ١٤٣٦هـ مع مشفوعاتها، وقد باشرت الدائرة النظر في القضية على النحو المثبت بمحضر الضبط، حيث حضر المدعي العام (…) والمدعى عليهم المذكورة أسماؤهم أعلاه، وادعى في مواجهتهم قائلا: تتهم هيئة التحقيق والادعاء العام كلا من: ١- (…) مصري الجنسية، رخصة إقامة رقم (…)، (٢٥) سنة، أعزب. ٢- (…) مصري الجنسية، رخصة إقامة رقم (…)، (٢٨) سنة، عامل، أعزب. ٣- (…) يمني الجنسية، رخصة إقامة رقم (…)، (٢٨) سنة، متزوج. ٤- (…) يمني الجنسية، رخصة إقامة رقم (…)، (٢٩) سنة، عامل، أعزب. ٥ – (…) يمني الجنسية، رخصة إقامة رقم (…)، (٣٢) سنة، عامل، أعزب. حيث إنه بتاريخ ٨/١٢/١٤٣٦هـ ورد خطاب للدائرة طرفنا كتاب مدير فرع المباحث الإدارية بالطائف رقم (٤٩٠٥) المشتمل على محضر القبض المتضمن: أنه في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد الموافق ٧/١٢/1٤٣٦ هـ وأثناء عملهم بقسم التحقيق بمركز البهيتة الأمني وعند قيامهم بالتحقيق مع المدعى عليهم المذكورين أعلاه كل من المدعى عليه الثاني ورفقاه قاموا بدفع مبلغ ألف وتسعمئة وعشرين ريالا مقابل السماح لهم بالحج، وقد أرفق بالأوراق محضر الجرد للمبلغ المالي – مبلغ الرشوة – المعد من قبل الرقيب (…)، والجندي (…)، والعقيد (…)، والمتضمن أنه تم جرد المبلغ المضبوط وكان تفصيله على النحو الآتي: 1- عدد ثلاث ورقات فئة خمسمئة ريال مرقمة كالآتي (٨٩٣٧٧/٣٨٦). ( 937799/352)، (٧٤٧٤٤٥/ ٥٠٢) ٢- عدد ثماني ورقات فئة خمسون ريالا مرقمة كالآتي: (٥٠٧١٠٩/٣٥٠)، (٦٥٦١٤١/٣١٧)، (٤٢٧١١٢/ ٤٠٣)، (٧٧١٥٤٣ / ٣٣٠). (899670/340) ، (٣٨٥٢٠٧/٣٣٦)، (٨١٢٧١٠/ ٢٣٢ ) ، ( ٨٨٧٠ ٠٤/ ١٧٦ ).٣- عددأربع ورقات فئة خمسة ريالات مرقمة كالآتي: (١٤٣٨٨٨/٣٦٦)، (١١٣٠٠٣/ ٤٥٠)، (٢٥٠٦٤٧ /٤٥٠)، (٧٣٤١٧٢ / ٣٥٧). ورد خطاب المباحث الإدارية رقم (٤٩٤٢) وتاريخ ١٠/١٢/١٤٣٦هـ بالرد على خطابنا رقم (٥٣٦٨٧) وتاريخ ١٤٣٦/١٢/٨هـ المتضمن قيامهم بمخاطبة قائد مهام شرطة مخفر محافظة الطائف بخطابهم رقم (٤٩٢١) وتاريخ ٤٣٦/١٢/٩ ١هـ بشأن التأكد مما أفد به المدعى عليه الرابع، ودوره بالمشاركة مع زملائه بدفع المبلغ. فورد خطاب قائد مهام شرطة محافظة الطائف بخطابه رقم (١٤٦) وتاريخ ١٠/١٢/١٤٣٦هـ بأن المدعى عليه الرابع أقدم مع المتهمين الآخرين بعرض الرشوة بعد الاتفاق على المبلغ حيث اتفقوا جميعا على أن يدفع كل منهم ما يملكه من مبلغ وقاموا بالوقوف أمام المكتب لمنع المتواجدين من مشاهدتهم أثناء دفع المبلغ ولم يدفع المدعى عليه المذكور شيئا كونه لا يملك المبلغ. وقد تمت الكتابة للمباحث الإدارية لحجز المضبوطات مبلغ الرشوة بالأمر رقم (٥٣٦٨٢) في ٨/١٢/١٤٣٦هـ. وقد انتهى التحقيق إلى توجيه الاتهام للمدعى عليهم بعرض مبلغ مالي قدره (١٩٢٠) ألف وتسعمئة وعشرون ريالا على سبيل الرشوة لرجال الأمن لم تقبل منهم؛ وذلك للأدلة والقرائن التالية: ١- ما جاء في المحضر المعد في الواقعة المنوه عنه والمرفق بأوراق القضية لفة (٢).٢ – ما جاء في محضر الجرد المنوه عنه والمرفق بأوراق القضية لفة (١).٣- ما جاء في إقرارات المدعى عليهم المنوه عنها والمرفقة بأوراق القضية لفة (٣٤- ٤٤). 4- ما جاء في الإفادة المنوه عنها والمرفقة بأوراق القضية لفة (٥٢). وحيث إن ما أقدم عليه المدعى عليهم وهم بكامل أهليتهم المعتبرة شرعا فعل محرم شرعا ومجرم ومعاقب عليه نظاما بموجب المادة (٩) من نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٣٦) وتاريخ ٢٩/١٢/١٤١٢هـ لذا فإن الهيئة تطالب إثبات إدانتهم بما أسند إليهم والحكم عليهم بعقوبة السجن والغرامة أو بإحداهما المنصوص عليه في المادة (٩) من نظام مكافحة الرشوة، وبمصادرة مبلغ الرشوة وفقا للمادة (١٥) م نظام مكافحة الرشوة. وبإحالة القضية إلى هذه الدائرة باشرت النظر فيها وفق ما هو مدون بمحاضر الضبط حيث حددت الدائرة جلسة هذا اليوم، وفيها قرأ المدعي العام لائحة الدعوى على المدعى عليهم، وبطلب الجواب منهم، أجاب المدعى عليه الأول قائلا: أنكر ما ورد في لائحة الدعوى. وبسؤاله عما ورد في إقراره أمام جهة التحقيق؟ ذكر بأنه تعرض في التحقيقات الأولية للضرب والتبصيم على أمر لا يعلمه وخوفا من تكرار ذلك أقر بما نسب إليه. وأجاب المدعى عليه الثاني قائلا: أنكر ما ورد في لائحة الدعوى. وبسؤاله عما ورد في إقراره أمام جهة التحقيق؟ ذكر بأنه تعرض في التحقيقات الأولية للضرب والتبصيم على أمر لا يعلمه، وخوفا من تكرار ذلك أقر بما نسب إليه. وأجاب المدعى عليه الثالث قائلا: أنكر ما ورد في لائحة الدعوى. وبسؤاله عما ورد في إقراره أمام جهة التحقيق؟ ذكر بأنه تعرض في التحقيقات الأولية للضرب والتبصيم على أمر لا يعلمه، وخوفا من تكرار ذلك أقر بما نسب إليه. وأجاب المدعى عليه الرابع قائلا: أنكر ما ورد في لائحة الدعوى. وبسؤاله عما ورد في إقراره أمام جهة التحقيق؟ ذكر بأنه تعرض في التحقيقات الأولية للضربوالتبصيم على أمر لا يعلمه، وخوفا من تكرار ذلك أقر بما نسب إليه. وأجاب المدعى عليه الخامس قائلا: أنكر ما ورد في لائحة الدعوى. وبسؤاله عما ورد في إقراره أمام جهة التحقيق؟ ذكر بأنه تعرض في التحقيقات الأولية للضرب والتبصيم على أمر لا يعمله، وخوفا من تكرار ذلك أقر بما نسب إليه، وذكر بأنه كان بحوزته مبلغ أربعمئة وعشرين ريالا فقط وجهاز جوال، وأنه لم يدفع للعسكري أي مبلغ. وبعرض ذلك على المدعي العام، تمسك بما ورد في لائحة الدعوى. ثم قرر الأطراف الاكتفاء. ثم رفعت الجلسة للمداولة وإصدار الحكم.
الأسباب
وحيث إنه بناء على الدعوى والإجابة وبعد الاطلاع على أوراق القضية والتحقيقات المدونة بها أقوال المتهمين تبين أن جهة الادعاء قد نسبت إليهم ارتكابهم لجريمة عرض الرشوة وذلك على النحو الوارد تفصيلا لائحة الدعوى العامة المتقدم ذكرها، وحيث إن جهة الادعاء تهدف من دعواها طلب معاقبة المدعى عليهم وفقا للمادة (٩) من نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (٣٦/ م) وتاريخ 29/12/1412هـ، عليه فإن ذلك من اختصاص ديوان المظالم؛ بموجب نص المادة (الثامنة) من نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/٥١) وتاريخ١٧/٧/١٤٠٢هـ. كما أن هذه الدائرة مختصة نوعيا ومكانيا بنظرها؛ بموجب قرارات مجلس القضاء الإداري المنظمة لذلك. وأما عن موضوع الدعوى؛ فإنه بمواجهة المدعى عليهم بما نسب إليهم، دفعوا جميعا بالإنكار، وأما ما ورد في محضر إثبات الواقعة ومحضر جرد مبلغ الرشوة فإن ما تضمنه المحضرين ليس فيهما تحديد للشخص الذي عرض مبلغ الرشوة، وبالتالي فإن الاتهام بعرض الرشوة على المدعى عليهم جاء شائعا بينهم ولم يكن فيه تحديد الفعل والفاعل، وهو ما يؤكد على وجود شيوع في الاتهام، وهو ما يضعف الدعوى في مواجهة المدعى عليهم، كما أن المحضرين هما عين الدعوى في هذه القضية ولا يصح أن يكون دليلا يستدل بهما على صحة الدعوى في مواجهتهم. وأما إقرارهم فقد صدر خارج المحكمة التي تنظر الدعوى الجزائية، وإقرار المتهم على نفسه في التحقيق يعتبر اعترافا غير قضائي، كما أنه اعتراف جاء نقلا عن أقوال منسوبة إلى المدعى عليهم خارج مجلس القضاء، كما أن الإقرار خبر يتردد بين الصدق والكذب فهو خبر محتمل ولا يكون حجة إلا إذا صاحبه دليل معقول يرجح جانب الصدق على جانب الكذب، والدائرة لم تجد ما يرجح ذلك. وأما ما يخص الإفادة الصادرة من قائد مهام شرطة محافظة الطائف؛ فقد تضمنت دفع المدعى عليهم لمبلغ الرشوة دون تحديد من عرض المبلغ، وهي إفادة تضعف الدعوى في مواجهة المدعى عليهم لوجود شيوع الاتهام فيها. وحيث إن الدائرة لا تطمئن إلى ما ورد في أدلة الادعاء، ولما كان الأصل براءة الذمة، وأن الاحكام الجزائية إنما تبنى على غلبة الظن أو اليقين لا على الشك والتخمين، فإن الدائرة تنتهي إلى ما هو وارد في منطوق حكمها، وبه تقضي.
لذلك حكمت الدائرة: بعدم إدانة كل من (…) – مصري الجنسية -، و(…) – مصري الجنسية -، و(…) – يمني الجنسية -، و(…) – يمني الجنسية -، و(…) – يمني الجنسية – بما هو منسوب إليهم في هذه الدعوى من جريمة عرض الرشوة.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محكمة الإستئناف
حكمت المحكمة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.