بحث عن مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع

 تعرف المسؤولية عموما بأنها تشخيص لحالة الفرد الذي اقترف أمرا من الأمور  يستوجب التبعة والمؤاخذة، وتنقسم إلى قسمين: مسؤولية أخلاقية وأخرى قانونية، ويقصد بالأولى تلك التبعة التي تترتب عن مخالفة قواعد الأخلاق، أما الثانية فهي التي تترتب جراء مخالفة واجب من الواجبات الاجتماعية، وهي نوعان مسؤولية جنائية ومسؤولية مدنية.

 والمسؤولية الجنائية هي تحمل الشخص لتبعات أفعاله الجنائية المجرمة، أما المسؤولية المدنية فهي إلزام المسؤول بأداء تعويض للطرف المضرور في الأحوال التي تتوفر فيها شروطها.[1] وتنقسم هذه الأخيرة بدورها إلى مسؤولية عقدية[2] وأخرى تقصيرية،[3] وهذا الصنف الأخير ينشأ على عاتق الشخص بسبب ما صدر عنه من أفعال تسببت في الضرر للغير، كما قد ينشأ على عاتقه أيضا نتيجة الأضرار التي تحدثها حيوانات أو أشياء أخرى يتولى حراستها. وقد تترتب عليه أيضا من جراء الأضرار التي تحصل من فعل أشخاص آخرين يخضعون لرقابته وتوجيهه. وهذه  الأخيرة – أي المسؤولية عن فعل  الغير – هي التي نص عليها الفصل 85 من ق.ل.ع.

 وانطلاقا من هذا الفصل نجد أن المشرع المغربي قد ضمنه طوائف مختلفة ممن يسألون عن غيرهم. فتطرق لمسؤولية الأب والأم ولمسؤولية أرباب الحرف ومسؤولية مراقب ذوي العاهات العقلية، وأخيرا مسؤولية المتبوع عن فعل التابع.

 ولعل هذه الصورة الأخيرة (مسؤولية المتبوع عن فعل التابع) هي أهم صور المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير، إن لم تكن الصورة الحقيقية الوحيدة لها نظرا لشموليتها وعموميتها؛ إذ يمكن أن تترتب في شتى مجالات الحياة، فالدولة تكون مسؤولة عن فعل الموظف باعتباره تابعا لها، ورب العمل يسأل عن خطأ العامل، والطبيب عن خطأ ممرضته وغيرها من الصور العملية المتعددة.[4]

 غير أنه وبالرغم من أهمية هذا الفرع من المسؤولية وازدياد أهميته في الحياة العملية، إلا أن المشرع المغربي لم يفصل القول في العديد من أحكامه إن لم نقل كلها. تاركا المجال أمام القضاء لإعمال ما يوجده الفقه من ضوابط.

 ونحن بدورنا، لن يسعنا في دراسة هذا الموضوع إلا الاسترشاد بهذه الضوابط والاستنارة بعمل واجتهاد القضاء سواء الوطني أو المقارن طمعا في التوصل إلى الإجابة عن ما يثيره موضوع مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع من إشكالات وخاصة على مستوى تحديد أساسها وعوارضها وكذا على مستوى شروط وأثار تحققها في درجة ثانية.

 وتحقيقا لذلك فإننا سنعمد إلى طرح مجموعة من الإشكالات نسوقها كالآتي:

 ماهي شروط  تحقق مسؤولية المتبوع عن عمل التابع؟ وعلى أي أساس يمكن تأسيسها؟

ثم ما هي الآثار التي  تترتب على قيامها؟ وما هي أهم العوارض التي تلحق بها؟

 وحتى نتمكن من التطرق لكل هذه الإشكالات والوقوف على تفاصيل أحكامها وجزئياتها سنركن إلى منهج تحليلي نحلل من خلاله أقوال الفقه واجتهادات القضاء سدا لكل فراغ تشريعي أو قصور في النص خلال تنظيم الموضوع، مع التعريج بين الفينة والأخرى على ما يقره التشريع والقضاء المقارن في هذا الإطار وذلك بالاعتماد على تقسيم ثنائي كالآتي:

  • الفصل الأول : أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع وشروطها.

  • الفصل الثاني : آثار مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع وعوارضها.

 

الفصل الأول : أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع وشروطها

 إذا تم التسليم منذ القدم بمنطقية مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع، إلا أن الاتفاق على تأسيسها على أساس واحد كان من الصعوبة بمكان؛ حيث بزغت عدة نظريات لتفسير هذه المسؤولية وإقامتها على أساس صحيح فتم الأخذ في بداية الأمر بالمفهوم التقليدي للمسؤولية لتفسير هذا الأساس، ثم تطور في الوقت الحالي بعد تطور حالات المسؤولية عن أفعال التابعين الضارة وتعددها وتنوع ظروف نشأتها وتطبيقاتها القضائية وأخذ منحى جديد أفرز عدة نظريات ونقاشات فقهية.

وإذا كان هذا شأن أساس هذه المسؤولية، فإن تحديد نطاقها لم يعرف ذات المسار؛ حيث استقر الفقه على شروط محددة ترسم حدود هذه المسؤولية. فكان الاتفاق عاما من غير خلافات إلا فيما يرتبط ببعض الجزئيات دون الكليات التي كادت أن تصل إلى حد التسليم.

المبحث الأول: أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع

كما أسلفنا الذكر، فإن مسألة تحديد أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع لم يخلو من اختلافات فقهية ذهبت إلى حد القول بضرورة إلغاء بعد الآراء والأساسات كما هو الحال بالنسبة للأساس الذي تقوم عليه النظرية التقليدية (الخطأ المفترض)، الذي أظهر قصوره وعدم دقته، مما يتحتم معه البحث على نظريات جديدة لتؤسس هذه المسؤولية على أفكارها. كان أهمهما نظرية تحمل التبعة، ونظرية المسؤولية عن الغير.

المطلب الأول : الخطأ المفترض

 يقصد بتأسيس مسؤولية المتبوع على الخطأ المفترض أن التابع إذا ارتكب خطأ كان المتبوع مسؤولا عنه مسؤولية مفترضة، باعتبار كونه إما قد قصر في اختيار تابعه، أو قصر في الرقابة عليه، أو قصر في توجيهه.[5]

 وقد أخذ مجموعة من الفقهاء التقليدين[6]  في فرنسا بنظرية الخطأ المفترض؛ حيث يقرون بأن مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه مبنية على خطأ مفترض من جانب المتبوع. ويتمثل هذا الخطأ – كما قلنا آنفا- في كون المتبوع لم يحسن اختيار تابعه أو مراقبته أو توجيهه الأمر الذي حال بينه وبين إحكام الرقابة على تصرفاته.

 وباعتبار أن التابع هو مرتكب الخطأ فيتحتم معه مسألته مبدئيا عن خطائه إعمالا لقواعد مسؤولية الشخص عن فعله الشخصي، إلا أنه نظرا للصعوبة التي تعترض المضرور[7] في إثبات خطأ التابع، ولكون هذا الأخير قد يكون معسرا، فإنه غالبا ما يتم الرجوع على المتبوع درءا لكل هذه الإكراهات .

إلا أن ما يعاب على هذا الاتجاه هو كونه يفضي إلى بعض النتائج التي لا يصح التسليم بها:

  • لو كانت مسؤولية المتبوع مبنية على خطأ مفترض لسقطت مسؤوليته إذا كان غير مميز، ولا يتصور أن يكون غير المميز قد ارتكب خطأ، فكيف أن يتصور افتراض الخطأ في جانبه؛ حيث إن المتبوع ولو كان غير مميز فإنه يكون مسؤولا عن تابعه، وبالتالي فإن مسؤولية المتبوع لا يمكن أن تكون مبنية على الخطأ المفترض .

  • إن مسؤولية المتبوع لو كانت مبنية على خطأ مفترض افتراضا غير قابل لإثبات العكس لأمكن للمتبوع  نفي العلاقة السببية بين الضرر الذي تسبب فيه التابع والخطأ المفترض من جانبه، وذلك  بإثبات أن الضرر لا مفر منه و لو قام بواجبه في الاختيار والرقابة والتوجيه بما ينبغي من العناية. وهو ما لا يستطيعه؛ لعدم استطاعته التخلص من المسؤولية بإثبات أنه كان يستحيل عليه أن يمنع  العمل غير المشروع الذي سبب الضرر. وحتى لو أثبت ذلك ونفى علاقة السببية بين الضرر وخطائه المفترض. لبقي مع ذلك مسؤولا عن تابعه؛ مما يعتبر دليلا قاطعا على  أن مسؤولية المتبوع لا تقوم على خطأ مفترض، بل لا تقوم أصلا على خطأ؛ حيث إنه لو كانت كذلك لأمكن للمتبوع رفعها عنه بنفي العلاقة السببية. [8]

  • عجزت كذلك هذه النظرية عن تبرير وضع المتبوع الذي لم يقوم باختيار تابعه وإنما فرض عليه بقوة القانون أو الواقع. كما هو الشأن بالنسبة لعقود العمل الجماعية التي لم تعد تسمح للمتبوع باختيار تابعيه في معظم الحالات.

وأخيرا فما يجعل فكرة الخطأ المفترض مستبعدة كأساس لمسؤولية المتبوع في إطار التشريع المغربي هو أن المتبوع بإمكانه نفي المسؤولية بإثبات قيامه بواجب الرقابة والتوجيه لتجنب الفعل الضار. وهذا ما أكده المشرع المغربي من خلال الفقرة الثالثة من الفصل 85 من ق.ل.ع[9] ، عندما جعل قرينة المساءلة قرينة قاطعة غير  قابلة لإثبات العكس.[10]

ولعل قصور هذه النظرية هو الذي فتح المجال لبروز نظريات أخرى في هذا الشأن.

 المطلب الثاني : تحمل التبعة

بعد ظهور قصور نظرية الخطأ السالف ذكرها تحت ضغط ما وجه إليها من انتقادات، حاول جانب مهم من الفقه إيجاد أساس جديد لهذه المسؤولية، فظهرت نظرية تحمل التبعة محاولة سد النقص الذي يعتري أساس هذه المسؤولية.

و تبنى أصول هذه النظرية كل من الفقيهان “ساليل” و”جورسان”، وتمسك بها فقهاء معاصرون من بعدهم أمثال “ريبير” و”سافاتيه” و”كاربونيه”[11] ، الذين انطلقوا من فكرة أن الخطأ كمفهوم تقليدي غير قادر على حل مشكلات مسؤولية المتبوع باعتبار أن هذه الأخيرة  تستقل تماما عن فكرة الخطأ وتنتمي إلى نظام آخر يمثل بنية جديدة ذات أفق واسع.[12]

وتعتبر هذه النظرية تطبيقا من تطبيقات قاعدة ” الغنم بالغرم” ومعناها أن المتبوع باعتباره المستفيد من خدمات تابعية يتوجب عليه بالمقابل أن يتحمل تبعة المخاطر المحدثة من قبل هؤلاء الأتباع، إذا كان لها ارتباط بالمهام الوظيفية المسندة إليهم.[13]

لكن ما يؤخذ على هذا الرأي أنه لو كان ما يقر به صحيحا، وتحققت مسؤولية المتبوع التي تقوم على تحمل التبعة، ووفى المتبوع للمضرور بالتعويض المستحق، لما جاز للمتبوع الرجوع عن التابع [14] . حيث إن هذا  النوع  من الأحكام لا يتناسب مع مضمون نظرية تحمل التبعة؛ إذ إن المتبوع إنما يتحمل تبعة نشاط يستفيد منه.

ومن جانب  آخر فنظرية تحمل المخاطر لم يكتب لها النجاح أيضا، على اعتبار  أنها نشأت  في ميدان حوادث الشغل والذي يختلف اختلافا كبيرا عن الأضرار الناشئة من الحوادث المدنية الأخرى.[15]

 ومن هنا يتضح أن مبدأ تحمل التبعة لا يستقيم مع أحكام مسؤولية المتبوع، بما تقتضيه هذه المسؤولية من خطا يقع من التابع وبما ترتبه في العلاقة ما بين المتبوع والتابع من حق الرجوع.

المطلب الثالث: المسؤولية عن الغير

 ذهب جانب من الفقه[16] إلى القول بأن مسؤولية المتبوع لا تقوم على خطأ مفترض من جانبه ولا تنبني على أساس تحمل تبعة المخاطر، بل تعد مسؤولية عن الغير تقوم على عدة أسس من بينها:

  • أساس الضمان (نظرية الضمان) : يرى أنصار هذه النظرية أن المتبوع بمثابة ضامن لنتائج الأضرار التي يتسبب فيها أتباعه للغير، خصوصا في حالة إعسارهم أو عند امتناعهم عن أداء ما بذمتهم. فالضامن يحمل في طياته معنى الكفالة؛ أي أن المتبوع يكمل التابع في نشاطه[17] ، كما يحل محله في الأداء.[18]

 وقد مال الأستاذ “السنهوري” بدوره إلى فكرة الضمان؛ إذ إنه بعد أن عرض لنظريات مختلفة أضاف أن ” اعتبار مسؤولية المتبوع مسؤولية عن الغير يجعل المتبوع مسؤولا عن تابعه، ولا يستطيع التخلص من هذه المسؤولية ولو أثبت أنه كان يستحيل عليه أن يمنع العمل غير المشروع الذي سبب الضرر، فالتزامه التزام بتحقيق غاية لا التزام ببذل عناية. وهذا الاعتبار يجيز أيضا استبقاء مسؤولية المتبوع حتى ولو كان غير مميز  فمسؤوليته عن التابع ليس مصدرها الاتفاق. حتى يشترط التمييز، بل مصدرها القانون سواء كانت ضمانا أو نيابة أو حلولا”.[19]

  • أساس النيابة (نظرية النيابة أو التمثيل القانوني):  تأخذ هذه النظرية بفكرة اعتبار التابع نائبا عن المتبوع نيابة قانونية، لكونه يعمل لحسابه، وينفذ أوامره قياسا على إلزام النائب الأصيل بما يقوم به من تصرفات قانونية في حدود نيابته، فكذلك يلزم التابع المتبوع بما يقوم به من أعمال مادية في حدود تبعيته.[20]

  • أساس الحلول (نظرية الحلول) : تقر هذه النظرية بأن التابع يحل محل المتبوع، فأي خطأ مرتكب من جانب التابع فكأنما ارتكبه المتبوع في الحدود الوظيفية. أو بصيغة أخرى أن التابع امتداد لشخصية المتبوع . إلا أن ما يعاب على هذا الاتجاه هو أنه مازال يحتفظ بفكرة الخطأ في نطاق هذه المسؤولية.[21]

هذه النظريات كغيرها من النظريات الأخرى لم تسلم من الانتقاد، ومن ذلك مثلا الانتقادات التي تعرضت لها نظرية النيابة، بخصوص أن نطاق النيابة غالبا ما يتحدد في مجال التصرفات القانونية دون الوقائع المادية التي من شأنها الإضرار بالغير.[22]

    ومهما كان تعدد هذه النظريات  فإن التشريع المغربي من خلال الفصل 85 من ق.ل.ع يبدو أنه أخذ بنظرية الخطأ المفترض من جانب المتبوع ، وهو الرأي ذاته الذي أكده القضاء المغربي في أحد قراراته الصادرة عن المجلس الأعلى[23] الذي جاء فيه : “الفرق بين الفصل 85 والفصل 85 مكرر من قانون الالتزامات والعقود واضح حيث إن الفصل 85 مكرر يتكلم عن المسؤولية الناتجة عن خطأ المسؤول والذي لابد فيه من إثبات خطأ هذا الأخير، خلافا للفصل 85 الذي يتكلم عن المسؤولية المفترضة”[24].

 فالقانون المغربي إذن أخذ بفكرة الخطأ المفترض غير قابل لإثبات العكس كأساس لمسؤولية المتبوع عن أعمال التابع. وهي فكرة تبدو من حيث الجوهر أنها تهدف إلى ذات الغاية التي يهدف إليها أنصار النظريات الموضوعية الأخرى، إذ إنه سواء تم تأسيس هذه المسؤولية على فكرة الخطأ المفترض أو على فكرة تحمل التبعة أو على أساس المسؤولية عن الغير، فإن الهدف يبقى واحدا هو حماية حقوق المتضرر باعتباره الأولى بهذه الحماية من غيره.

المبحث الثاني: شروط مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع

 تقوم نظرية مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع على روابط جوهرية لابد من تحققها؛ إذ بدونها لا تثور مشكلة مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع، بقدر ما تثور مشكلة مسؤولية الشخص عن فعله الشخصي التي تعتبر القاعدة الأصل في مجال المسؤولية المدنية  التقصيرية.

 وتتلخص هذه الروابط في تحقق شروط ثلاثة هي: قيام علاقة التبعية بين المتبوع والتابع، ووقوع خطأ من التابع، وأخيرا صدور هذا الخطأ أثناء تأدية التابع لوظيفته أو بسببها.

 المطلب الأول: قيام علاقة التبعية

 يقصد بعلاقة التبعية أن يكون للمتبوع على التابع سلطة فعلية في الرقابة والتوجيه، هذه السلطة التي قد يكون مصدرها العقد فيكون للمتبوع بذلك كامل الحرية في اختيار التابع[25] ،أو يكون مصدرها القانون.

 وأيا كان مصدر هذه السلطة فإن علاقة التبعية تعتبر قائمة؛ إذ العبرة بتوافر السلطة للمتبوع في أن يصدر لتابعه من التعليمات ما يوجهه في عمله ولو كان توجيها عاما بشرط أن يكون في إطار عمل معين يقوم به التابع لحسابه، وليس فقط توجيها عاما في إطار عمل مطلق غير محدد.[26]

وامتلاك المتبوع لسلطة الرقابة والتوجيه كشرط لقيام علاقة التبعية لا يشترط فيها أن تنصب على الناحية الفنية بل يكفي فقط أن تكون من الناحية الإدارية للقول بوجودها.

 ونافلة القول أن علاقة التبعية تقوم بين المتبوع والتابع ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه متى كانت له سلطة في رقابته وتوجيهه، لذلك يعتد حتى بالتبعية العرضية التي تثار غالبا لما يكون التابع تابعا لمتبوعين؛ إذ يكون المسؤول هو الشخص المتبوع الذي ارتكب التابع الخطأ أثناء أو بمناسبة العمل عنده، وفي ذلك أقر المجلس الأعلى في أحد قراراته أنه: “عندما يكون العامل تابعا لشخصين مختلفين لكل منهما مكان عمله الخاص به، فإن الضرر الذي  يتسبب فيه هذا العامل للغير أثناء عمله لا يسأل عنه إلا رب العمل الذي وقع الضرر أثناء أو بمناسبة العمل عنده ولا تمتد هذه المسؤولية إلى رب العمل الآخر”. [27]

وفي قرار أخر أكد القضاء المغربي أنه:” إذا كان الفصل 85 من ق.ل.ع ينص على أن الشخص المسؤول عن الضرر الذي يحدثه الأشخاص الذين هم في عهدته، فلا يجوز تطبيق هذا الفصل على الدولة إلا إذا كانت هناك بين إدارة السجون و المعتقل الذي ضرب المدعي علاقة المخدوم بالمأمور .

وحيث إن إدارة السجون عندما تضع معتقلا تحت تصرف مقاولة تبقى محتفظة على سلطتها من ناحية اقتراح النظام دون العمل.

وحيث من ناحية أخرى أن المكتب الشريف للفوسفاط المستفيد من المعتقلين كان ملزما فقط بإصدار تعليمات إليهم أثناء عملهم من حيث طريقة إنجاز ما كلفوا به.

وإن المكتب الشريف للفوسفاط هو الذي كان مكلفا إذن بمراقبة العمال المعتقلين الموضوعين تحت عهدته و هو الذي كان مسؤولا أيضا عن هذا العمل وأن القضاة الأولين أخطأوا إذن عندما قضوا بأن الدولة هي الغير المسؤول عن الجرح الذي أصيب به أثناء مزاولته عمله لأن إدارة السجون لم ترتكب أي خطأ من جهة، ولأن رابطة المخدوم بمأموره لا توجد بينها و بين المعتقل من جهة أخرى .”[28]

وفي قرار آخر أكد المجلس الأعلى أن “الطبيب الجراح لا يكون مسؤولا عن أخطاء مساعديه في الفترة الموالية لإجراء العمليات الجراحية إلا إذا كان مرتبط بهؤلاء بمقتضى علاقة تبعية تمكنه من مراقبتهم وإعطاء الأوامر إليهم”.[29]

وبذلك يكون القضاء المغربي قد أقر بدوره ضرورة توافر عنصر التبعية لقيام هذا الصنف من المسؤولية، وذهب إلى أقصى الحدود بترتيب المسؤولية على الشخص الذي يقوم العامل بالعمل له  ما دام هذا العمل هو الذي سهل وقوع الفعل أو هيأ الفرصة لوقوعه بأي طريقة كانت.

وفي القضاء المقارن نجد أن القضاء المصري قد تبنى موقفا أكثر شمولا في إقرار علاقة التبعية حيث، قرر أن وجود علاقة تبعية بين الطبيب وإدارة المستشفى الذي عالج  فيه المريض ولو كانت علاقة تبعية أدبية كاف لتحميل المستشفى مسؤولية خطأ الطبيب”.[30]

المطلب الثاني: وقوع خطأ التابع

 يستنتج من نص الفقرة الثالثة من الفصل 85 من ق.ل.ع[31] أن الخطأ الذي يسأل عنه المتبوع هو الذي يرتكبه التابع أثناء تنفيذه للمهام المسندة إليه أو بمناسبتها، وبذلك فإن مساءلة المتبوع تتوقف أولا على صدور خطأ من التابع وذلك إمتثالا لمضمون الفقرة أعلاه وللقواعد العامة في المسؤولية التقصيرية التي تعد الخطأ الركن الأول لقيامها.

 وإذا كان الأصل في هذا الخطأ هو مساءلة التابع المرتكب للخطأ بصفة شخصية عملا بالمبدأ العام في المسؤولية التقصيرية الذي يجعل الشخص مسؤولا مسؤولية شخصية عن فعله الضار بالغير، فإنه واستثناءا من ذلك يكون المتبوع مسؤولا عن هذا الخطأ كلما تحققت شروط معينة. فيكون بذلك هذا الخطأ هو المحل الرئيس لهذه المسؤولية.

 أما عن شروط وطبيعة هذا الخطأ، فنرى أنه بالرجوع إلى الفصل 85 ق.ل.ع.   وخاصة في الفقرة الثالثة نجد المشرع المغربي قد امتنع عن جعل هذا الخطأ موصوفا بأي وصف أو مقيدا بقيد. مما يمكن معه القول بأن المتبوع يكون مسؤولا عن خطأ التابع أيا كانت طبيعته أي سواء كان خطأ ماديا أو معنويا، جسيما أو يسيرا مباشرا أو غير مباشر. وعلى العكس من ذلك فإن مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعه لا تقوم في مفهوم المشرعين المصري والفرنسي إلا أذا كان خطأ التابع خطأ بالمعنى الفني، حاصرا بذلك مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه في حالة ما إذا أساء هذا الأخير تنفيذ التعليمات الصادرة إليه من متبوعه.[32]

المطلب الثالث: صدور الخطأ أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها

 اتفقت جل التشريعات المدنية على أن مساءلة المتبوع على أساس ما ارتكبه تابعه من خطأ يتوقف بالضرورة على صدور هذا الخطأ أثناء تأدية الوظيفة الموكولة إليه أو بسببها. فهذا هو الضابط الذي يربط مسؤولية المتبوع بعمل التابع ويبررها.[33]

 والقاعدة هنا أن يصدر الخطأ من التابع بسبب هذه الوظيفة؛ حيث لا يكفي أن يقع بمناسبة الوظيفة بأن تكون هذه الأخيرة قد سهلت ارتكاب الخطأ أو ساعدت أو هيأت الفرصة لارتكابه، بل يجب أن تكون على الأقل علاقة سببية وثيقة بين الخطأ والوظيفة إذا لم يكن الخطأ قد وقع  في عمل من أعمال الوظيفة.

 وإذا كان الخطأ بمناسبة الوظيفة لا يجعل المتبوع مسؤولا عن عمل تابعه، فأولى بالخطأ الأجنبي عن الوظيفة أن له هذا الحكم.[34]

 وبالرجوع إلى الفصل 85 من ق.ل.ع نجده يقتصر على الخطأ المرتكب أثناء أداء العمل دون الأخطاء التي يرتكبها التابع بسبب تأدية العمل، بخلاف الفصل 174 مدني مصري الذي كان صريحا في إقرار مسؤولية المتبوع عن عمل التابع في حالة ارتكاب الخطأ أثناء تأدية الوظيفة وكذا ارتكابه بسببها.

لكن وبالرغم من أن المشرع المغربي قد حصر المسؤولية عن أخطاء التابع  في تلك التي تصدر عنه أثناء القيام بوظيفته مستبعدا بذلك فرضية ارتكابها بسبب هذه الوظيفة، فإن الناحية العملية بينت قيام بعض الأخطاء بسبب تأدية العمل[35]. لذلك ذهب الفقه إلى تأييد تحقق مسؤولية المتبوع عن الأخطاء التي يرتكبها التابع لا أثناء  تأدية وظيفته فحسب، بل أيضا عن الأخطاء التي يرتكبها بسبب الوظيفة .[36]

وإذا كان هذا هو طرح الفقه، فإن القضاء بدوره فطن إلى منطقية هذا الرأي وأيده في العديد من قراراته. فقد قضى في إحداها بأنه “يسأل المخدوم عن الفعل الضار الصادر عن أحد خدامه إذا كان الفعل قد ارتكب أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها؛ بحيث توجد بين الفعل والوظيفة علاقة سببية أو تبعية.[37]

وفي نقض مصري قررت المحكمة أنه” تتحقق مسؤولية المتبوع كلما كان فعل التابع قد وقع أثناء تأدية الوظيفة أو استغلالها أو مساعدتها على إتيان الفعل غير المشروع أو هيأت له الفرصة أن تكون هي السبب المباشر لهذا الخطأ أو ضرورية لا مكان وقوعه، ومتى تحقق ذلك تثبت مسؤولية المتبوع”[38]

 وإذا كان هذا هو شأن مسؤولية المتبوع عن عمل التابع إذا كان الفعل الضار في إطار التبعية التي تجمع بين الاثنين، فإن السؤال يطرح حول مدى مسؤولية المتبوع عن الضرر العمدي الذي اقترفه التابع إذا كان راجعا إلى الإساءة في أداء العمل من طرفه؟

 وفي هذا الإطار طرحت قضية أمام المجلس الأعلى للفصل في ما إذا كان الفعل الضار الذي يقترفه الأجير، ويرجع إلى الإساءة في أداء العمل من طرفه، يجعل المشغل المتبوع مسؤولا عن تعويض الضرر المتولد عنه، فذهب المجلس الأعلى إلى الإجابة على هذا التساؤل بالنفي بقوله: “لا يعتبر المشغل مسؤولا مدنيا عن الضرب العمدي الذي ارتكبه الأجير لكون ذلك مستقلا عن التبعية التي تربطه بمشغله وخارجا عن مهنته”[39].

وفي الأخير نشير إلى أن مسألة تقدير ما إذا كان الضرر أحدثه التابع مرتبطا بوظيفته أو بسببها، يدخل ضمن السلطة التقديرية لقاضي الموضوع فله أن يحمل المتبوع المسؤولية أو ينفيها عنه. من أجل ذلك ذهبت ابتدائية الدار البيضاء في الحكم الصادر عنها بتاريخ 01/03/1944[40] إلى مساءلة صاحب الفندق عن الأضرار التي تسبب فيها بعض خدمه أثناء فترة العمل بالفندق.

كانت تلكم إذن هي الأسس و الشروط التي ترتبط بمسؤولية المتبوع عن أعمال التابع، فما هي أثار قيام هذه المسؤولية ؟ وما هي عوارضها؟

الفصل الثاني: آثار قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع وعوارضها        

يترتب على تحقق جميع عناصر مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع  حق المتضرر في المطالبة بحقوقه المدنية، هذه المطالبة التي تتخذ أكثر من مجرى، حيث يحق له مقاضاة المتبوع وحده أو التابع وحده أو كلامها معا.

لكن وبالرغم من أن مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع تكون ثابتة في غالب الأحيان، فإن هذه المسؤولية قد تلحقها عوارض تجعل المتبوع في منأى عن أية مساءلة.

 المبحث الأول: آثار قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع

 يتمخض عن قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه الضارة رجوع أطراف هذه العلاقة على بعضهم البعض، هذا الرجوع الذي ينتظم في علاقات ثلاث ترسم منحى المطالبة بالحقوق المدنية.

 ومن أجل ذلك سنتناول رجوع المتضرر على المتبوع من جهة، ثم رجوعه على التابع من جهة أخرى، وفي الأخير رجوع المتبوع على التابع.

المطب الأول: رجوع المتضرر على المتبوع

سبقت الإشارة إلى أن مسؤولية المتبوع عما يتسبب فيه التابع من ضرر للغير مسؤولية مفترضة افتراضا لا يقبل معه إثبات العكس. وباعتبارها مسؤولية تبعية، لا تتوافر إلا بتوافر مسؤولية التابع؛ أي أنها تدور معها وجودا أو عدما.

 وإذ كان الأمر كذلك فإن للمضرور الحق في رفع دعواه على المتبوع مطالبا إياه بالتعويض عما أحدثه تابعه من ضرر له، كلما تحققت الشروط المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل 85 من ق.ل.ع .

ومساءلة المتبوع عن أفعال تابعه المضرة بالغير، لا يستوجب أن يكون هذا التابع ممثلا في الدعوى التي يرفعها المضرور لمطالبة المتبوع بتعويضه، ما دام قد ثبت خطأ التابع الموجب لمساءلة المتبوع.[41]

وقد أثبت الواقع العملي أن المضرور غالبا ما يتجه إلى الرجوع على المتبوع بدلا من التابع للمطالبة بالتعويض. ولعل ما يفسر ذلك أن المشرع المغربي ونظيره المقارن[42]،  قد جعله مسؤولا بقوة القانون وبقرينة قاطعة غير قابلة لإثبات العكس وذلك استنادا إلى ما ورد في الفقرة الثالثة من الفصل 85 من ق.ل.ع؛ حيث جعل مسؤوليته قائمة على الخطأ المفترض غير القابل لإثبات العكس، مما لا يستطيع معه دفع هذه المسؤولية، ولو أثبت أنه كان يستحيل عليه أن يمنع الفعل الذي سبب ضررا للغير[43]. فضلا عن أن المضرور قد يستند إلى ملاءة الذمة المالية للمتبوع لمطالبته بالتعويض حتى يكون في منأى عن تذرع التابع بعسره.

 وفي إطار هذه المطالبة يقع عبء إثبات الضرر على المضرور باعتبار أنه هو من يدعي تضرره وذلك طبقا للقاعدة الفقهية المشهورة القائلة ب” البينة على المدعي و اليمين على من أنكر”، وذلك بإثبات العلاقة السببية بين خطأ التابع والضرر الذي أصابه، ويكلف المتبوع بنفي هذه العلاقة إذا ادعى عدم تحققها. فإذا ادعى أحد زبناء مقاولة تضرره من فعل أجير يعمل بها، فإن على هذا الزبون إثبات العلاقة السببية بين فعل هذا الأجير و الضرر الذي لحق به كما أن على المشغل إثبات عدم قيام هذه العلاقة كلما ادعى ذلك.

 وفي التشريع المقارن واستنادا إلى مذكرة المشروع التمهيدي للمادة 174 من القانون المدني  المصري، فإن وسيلة المتبوع لدفع مسؤوليته تكمن في أمران : الأول أن يساعد التابع على نفي مسؤوليته هو وفق القواعد العامة فإذا أثبتت مسؤولية هذا التابع فلا يبقى أمام المتبوع إلا أن يثبت أن الفعل الضار  قد نشأ عن  سبب أجنبي لا دخل للتابع فيه. [44]

المطلب الثاني: رجوع المتضرر على التابع

 طبقا للفصل 77 من ق.ل.ع، فإن أي فعل ارتكبه الشخص عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح به القانون وأحدث بموجبه ضررا للغير، ألزم هذا الشخص بتعويض المضرور، إذا ثبت أن هذا الفعل هو السبب المباشر لحصول الضرر. وقياس على ذلك يحق للمضرور أن يرجع مباشرة على التابع لتعويض الضرر الذي أصابه.

 بيد أنه بسلوكه هذا  الطريق سيواجه بمجموعة من الصعوبات أبرزها أن المضرور يتوجب عليه بالأساس إثبات خطأ التابع وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي، وذلك استنادا للفصلين 77 و78 من ق.ل.ع ، و حتى في فرض نجاحه في الحصول على حكم بالتعويض فإنه  يمكن أن يواجه بإعسار [45] التابع[46] الشيء الذي قد يؤدي إلى عدم تحقيق الهدف المتوخى من الدعوى المرفوعة، والمتمثل في الحصول على التعويض.

وتأسيسا على ذلك فإن القضاء المغربي أقر متابعة المتبوع بدلا من التابع، وذلك لتجنيب المضرور بعض الصعوبات التي قد تواجهه عند رفع دعوى التعويض على التابع، وهذا ما نلمسه في أحد قرارات محكمة الاستئناف بالرباط الذي جاء فيه “أن مسؤولية  المتبوع عن فعل التابع وجدت في الأصل لحماية الغير بسبب إعسار التابع مرتكب الجريمة أو شبه الجريمة وليست سببا لإعفاء هذا الأخير من تحمل نتائج هذه المسؤولية”[47].

المطلب الثالث: رجوع المتبوع على التابع

بالرغم من أن المشرع المغربي لم يتناول صراحة أحقية المتبوع في الرجوع على تابعه، فإن هذا السكوت لا يجب أن يفسر على أنه تصريح ضمني لعدم سواغية رجوع المتبوع على التابع؛ حيث إنه لاغرو في رجوع المتبوع على تابعه باعتبار أن هذا الأخير مجرد ضامن أو كفيل لنتائج الفعل الضار الذي ارتكبه التابع[48] .

 واستنادا لذلك يحق للمتبوع الرجوع على تابعه بكامل ما قام بأدائه من تعويض إلى المتضرر، لكونه مسؤولا عنه فقط وليس مسؤولا معه.[49]

 و في ذات الإطار تقضي المادة 170 من القانون المدني المصري بأنه ” للمسؤول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسؤولا عن تعويض الضرر، ويجيز هذا النص  للمتبوع أن يرجع على تابعه، في حدود ما قام بأدائه من تعويض لفائدة الطرف المضرور”.

 وقد يحدث ويكون الطرفين مشتركان في خطأ واحد، ويتحمل كل منهما بنصيبه من الخطأ. وكمثال على ذلك لو ارتكب التابع حادثا بالدراجة التي وضعها المتبوع تحت تصرفه، وكانت فراملها تالفة مما ساهم إلى حد كبير في وقوع الحادث فعندئد توزع  المسؤولية بينهما.

 ويتحدد حق الرجوع على التابع من طرف المتبوع في الحالات التي يكون فيها هذا الأخير قد تجاوز حدود الوظيفة المسندة إليه مثل استعارة  الأجير لسيارة المقاولة التي يعمل بها بدون إذن المشغل لقضاء أغراض شخصية و حدث أن الحق بها ضررا بالغير وفي ذلك قضت محكمة النقض الفرنسية أنه “نظرا لأنه يظهر من قرار محكمة الاستئناف، أنه لا يوجد بين الفعل الضار ووظائف يعقوب jacob بالمقاولة، أية رابطة سببية واقتران، وأن هذا التابع قد انجز فعلا ذا طابع شخصي محض و مستقل عن علاقة التبعية التي تربطه بالمشغل، على ذلك يكون القرار المذكور قد أساء تطبيق النص”[50].

أما في الحالة التي يكون فيها الخطأ مما تقتضيه طبيعة الوظيفة والمهنة، فإنه لا يحق للمتبوع الرجوع عليه[51]، كما أن المتبوع لا يسأل عن الضرر في الحالة التي يحصل فيها هذا الأخير بسبب أمر وظيفي من المتبوع.

 وفي ذات الإطار قضت محكمة النقض المصرية بأنه يستطيع المتبوع الرجوع على تابعه بالدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة 324 من القانون المدني المصري ،التي تقضي بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كله كان له الحق في الرجوع على المدين بقدر ما دفعه.[52]

 وجاء في قرار آخر “مسؤولية المتبوع من أعمال تابعه هي مسؤولية مقررة بحكم القانون لصالح المضرور وتقوم على فكرة الضمان القانوني بالمتبوع في حكم الكفيل المتضامن مصدرها القانون وليس العقد، وله حق الرجوع على تابعه لأنه مسؤول عنه  وليس مسؤولا معه”.[53]

 المبحث الثاني: عوارض مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع

 إن ارتكاب التابع لعمل ألحق  ضررا بالغير لا يجعل مسؤولية المتبوع قائمة قياما مطلقا، بل إن من شأن تحقق حالات معنية أن تدفع عنه مسؤوليته. وهي الحالات التي تضاف إلى القاعدة العامة في التخلص من هذه المسؤولية المتمثلة في أنه لا يسمح للمتبوع أن يتخلص من مسؤوليته إلا إذا أقام الدليل على أنه قام بواجب الرقابة والإشراف والتوجيه أو الضرر الذي لحق المضرور كان لسبب أجنبي لا يد للتابع فيه.

وبعيدا عن هذه العوارض المألوفة ارتأينا تناول بعض الحالات العملية التي يكون من شأن تحققها سقوط مسؤولية المتبوع، نذكر منها حالة التابع القاصر (المطلب الأول) ثم حالة التابع من حيث انعدام أهليته (المطلب الثاني) وأخيرا حالة التابع من حيث الإضراب (المطلب الثالث).

المطلب الأول: حالة التابع القاصر

 إن الإشكال الذي تطرحه حالة قصر التابع في إطار مسؤولية  المتبوع عن أعمال التابع، هو مدى انعكاس حالة نقص أهلية التابع على مسؤولية المتبوع عن أخطاء التابع، وهنا وبلا شك  فالمتبوع ليس مسؤولا عن فعل التابع القاصر عندما يكون هذا الفعل خارجا تماما عن نطاق  العمل  الوظيفي أو بمناسبته.[54]

 وإذا كان هذا الحكم من الحقائق التي سلم بها الفقه والقضاء منذ زمن بعيد عملا بنص الفصل 85 من ق.ل.ع  وتوسيعا في فهمه فإن الإشكال الذي يصادفنا هنا مدى إمكانية مساءلة المتبوع عن كل خطأ يرتكبه التابع القاصر؟

 ولمحاولة مناقشة هذا الإشكال نرى ضرورة التعرض لفرضيتين أساسيتين طمعا في الوصول إلى حكم يقيد المسألة:

  • افتراض مساءلة المتبوع عن كل خطأ يرتكبه التابع القاصر: إن تبني هذا الطرح يجعل موقف المتبوع مطابق لموقف متولي الرقابة وهو تطابق من الصعب تبنيه لما في ذلك من توسع في مسؤولية المتبوع[55] وتجاوز لإرادة المشرع الذي نظم كلا المسؤوليتين. فالأب مثلا باعتباره متولي الرقابة يمارس سلطة أوسع من السلطة التي يمارسها المتبوع؛ إذ إن سلطة المتبوع في الرقابة والتوجيه تتحدد في نطاق خاص ومحدود يتمثل في نطاق العمل الوظيفي الذي يضطلع به التابع.

ولما كان الاختلاف في النطاق فإن ذلك يستدعي تبعا لذلك اختلافا في كيفية ونتائج       إعمال أحكام المسؤولية  في كل من النطاقين عن الأخر.[56]

  • افتراض عدم مساءلة المتبوع عن كل خطا يرتكبه التابع القاصر: لما كان افتراض مساءلة المتبوع عن ما يرتكبه التابع القاصر يؤدي إلى نتائج من شأنها الخلط بين مسؤوليتين، مسؤولية متولي الرقابة و مسؤولية المتبوع ، فإن من شأن ذلك التشجيع على إقرار عدم مسؤولية المتبوع عن أخطا التابع القاصر خاصة مع وجود أحكام قضائية تؤكد ذلك من بينها الحكم الصادر عن محكمة “فانيس” الفرنسية الذي قضى “بعدم مسؤولية المتبوع عن خطأ تابعه القاصر الذي كان يقطن لدى متبوعه والمتمثل في وضع طابع بريد مستعمل على أحد الخطابات” [57].

وفي قرار أخر صادر عن محكمة النقض الفرنسية قضى بنقض حكم لمحكمة الاستئناف كان قد وضع مبدأ عاما يقرر مسؤولية صاحب العمل عن القاصر الذي يقيم لديه على وجه الدوام. وأسست محكمة الاستئناف هذه المسؤولية على أساس أن الالتزام بالرقابة الخاصة بالقاصر والذي يقع في الأصل على عاتق  والده انتقل إلى رب العمل، وأقرت بذلك مسؤولية المتبوع (رب العمل) عن أي فعل ضار يرتكبه القاصر. وقد أقامت محكمة النقض قرارها بنقض الحكم على أساس إنكار هذا التأصيل واعتباره مخالفا للقانون[58].

 وبذلك فإن مساءلة المتبوع عن أعمال التابع القاصر تبقى دون أساس خصوصا وأن إعمال مساءلته يؤدي إلى الخلط بين نظامين من المسؤولية نظمهما المشرع بشكل مستقل عن بعضهما البعض. ثم إن القضاء المغربي لن يسعه هنا إلا الذهاب مذهب القضاء الفرنسي اعتبارا للتبعية القانونية الواردة بينهما.

المطلب الثاني: حالة التابع من حيث انعدام أهليته

 يقصد بانعدام الأهلية هنا كون التابع فاقد لأهليته بسبب جنون يجعله في منأى عن إدراك واستيعاب ما يأتيه من أفعال. وإذا كان المشرع المغربي قد غض الطرف عن الإشارة إلى حالة التابع المجنون، فإنه وبالاستناد إلى التشريع والقضاء المقارن نجد أن لجنون  التابع أحكام تبين حكم مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع المجنون وتؤصل للحكم بما إذا كان المتبوع مسؤولا أو غير مسؤول .

ففي فرنسا وبعد تردد المواقف بين الأخذ بمسؤولية المتبوع عن أعمال التابع القاصر كل حسب تفسيره للنص التشريعي المنظم للمسألة واستقرائه لنية المشرع فيما يدخله عليه من تعديلات [59] ،استقر  الرأي على جدية الاتجاه الذي يقر بأنه إذا كان التابع في حالة جنون عند ارتكابه للفعل الضار فإنه يكون مسؤولا مسؤولية شخصية عن فعله عملا بحكم المادة 489 -2 مدني فرنسي  وللمضرور أن يقاضيه بصفته الشخصية. ولكن نظرا لجنونه تنتفي عنه المسؤولية، وإذا انتفت المسؤولية عن التابع انتفت معها تباعا عن المتبوع.

 أما في مصر فقد ذهب القضاء إلى الحكم بأن انتفاء مسؤولية التابع ينفيها عن المتبوع بطريقة التبعية؛ إذ إن هذه المسؤولية تستند على وقوع خطأ من التابع يستوجب مساءلته به وإذا انتفت مسؤولية التابع لجنونه، فإن مسؤولية المتبوع لا يكون لها أساس تقوم عليه. وبالتالي فإن الدعوى المرفوعة من المضرور ضد المتبوع لن يكون مآلها إلا عدم الاستجابة للطلب.

 وفي ذات المعنى ذهبت محكمة النقض المصرية إلى أنه “إذا انتفت مسؤولية التابع فإن مسؤولية المتبوع لا يكون لها من أساس تقوم عليه. وإذا كانت مسؤولية التابع لا تتحقق إلا بتوافر أركان المسؤولية الثلاثة وهي الخطأ بركنيه المادي والمعنوي، وهما  فعل التعدي  والضرر  وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر وكان الثابت من الأوراق أن التابع وقت اقترافه حادث القتل لم يكن مميزا  لإصابته  بمرض عقلي يجعله غير مدرك لأقواله وأفعاله مما ينتفى به الخطأ من جانبه لتخلف الركن المعنوي للخطأ وهو ما يستتبع انتفاء مسؤولية التابع وبالتالي انتفاء مسؤولية الوزارة المتبوعة”.[60]

 وإذا كان المشرع المغربي -كما أسلفنا الذكر- لم ينظم حالة جنون التابع ومدى انعكاسها على مسؤولية المتبوع بشكل صريح، فإنه وطبقا للقواعد العامة في المسؤولية التقصيرية التي تستوجب توافر الخطأ على ركنيه المادي (فعل التعدي) والمعنوي (التمييز والإدراك) طبقا للفصل  77 من ق.ل.ع الذي يستوجب لترتيب المسؤولية على الأفعال التي تصدر عن الإنسان من غير أن يسمح بها القانون أن تكون قد ارتكبت “عن بينة واختيار”. وكذلك طبقا للفصل 96 من ق.ل.ع[61] يمكن القول بأن انتفاء مسؤولية التابع المجنون تنتفي  معها بالتبعية مسؤولية المتبوع.[62]

المطلب الثالث: حالة التابع من حيث الإضراب

 إن الإضراب حق مضمون بمقتضى كل الدساتير (الفصل 29 من دستور 2011)  يكون للعامل (التابع) بمقتضاه التوقف عن العمل تعبيرا عن احتجاجه وطمعا في تسوية أوضاعه. وإذا كان الأمر كذلك فإنه يثير إشكالا حول ما إذا كان المتبوع مسؤولا عن الفعل الضار بالغير الذي يرتكبه التابع أثناء إضرابه عن العمل.

 ولتلمس جواب هذه الإشكالية حسبنا أن ننفتح على الاجتهاد القضائي وخاصة الفرنسي لمعرفة كلمة القضاء فيه؛ حيث إن محكمة النقض الفرنسية قضت سنة 1921 بعدم مسؤولية المتبوع عن الأفعال الضارة التي يأتيها تابعه أثناء الإضراب وتتلخص وقائع القضية موضوع القرار في أن أحد موظفي السكك الحديدية رفض أن يفتح الحاجز الذي أوكل بحراسته لرجال الشرطة وآنهال عليهم بالسب والقذف. وقد برر الموظف المشار إليه فعله بأنه لا يخضع إلا لتعليمات نقابته التي دعت إلى تفعيل الإضراب.

 وفي هذه الحيثيات قضت محكمة استئناف “أورليان” بمسؤولية إدارة السكك الحديدية باعتبارها متبوعا مسؤولا عن أخطاء تابعه رغم ارتكاب الفعل أثناء فترة الإضراب. وطعن في هذا الحكم بالنقض فقضت المحكمة العليا بنقض الحكم ورفض طلب  الحصول على التعويض ضد الشركة المتبوعة (السكك الحديدية) وكانت المحكمة قد عللت قراراها بأن حالة الإضراب تؤدي إلى إنهاء عقد العمل وبغير استمرار هذا العقد لا يتوافر وصف التابع ووصف المتبوع. ومفاد ذلك أن التابع حال إضرابه عن العمل يتوقف عن أن ينصب نفسه تابعا ويتوقف صاحب العمل عن أن يكون مسؤولا بصفته متبوعا.[63]

 وإذا كان هذه هو حال فرنسا إلى حدود سنة 1950 حيث صدر قانون 11 فبراير 1950 الذي لم يعد يعتبر الإضراب سببا من أسباب انتهاء عقد العمل. فإنه وفي ظل مدونة الشغل المغربية نجد المادة 32[64] يعتبر الإضراب سببب من أسباب توقف عقد الشغل، وهو الشيء ذاته الذي أكده القضاء المغربي في قرار صادر عن المجلس الأعلى جاء فيه” لما كان عقد العمل الرابط بين الطرفين قد توقف بسبب الإضراب الذي شارك فيه الأجير….”[65] .

وجاء أيضا في قرار لإستئنافية العيون:” …حيث إن ممارسة حق الإضراب لا تؤدي إلى إنهاء عقد العمل وإنما تعتبر من الأسباب المؤدية إلى توقفه و بالتالي تبقى حقوق وواجبات طرفي العقد سارية بعد إنتهاء أجل الإضراب ويبقى العقد مستمرا من جديد تماشيا مع ما نصت عليه المادة 32 من مدونة الشغل” [66].

وإذا أردنا الحديث عن هذا العنصر في إطار النص الخاص، فإن مشروع القانون التنظيمي للإضراب في المغرب وبحكم المادة 6 منه التي تنص على أن “الإضراب يوقف عقد الشغل ولا ينهيه…”[67] يكون الإضراب سببا من أسباب فقدان المتبوع المشغل لسلطته في التوجيه وإصدار الأوامر والتي تنتقل إلى النقابة المنتمي إليها العامل المضرب. وهو الانتقال الذي تنعدم معه علاقة التبعية وبالتالي سقوط مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه المضرب لاختلال شرط من شروط قيام مسؤولية المتبوع عن عمل التابع؛ أي أن توقف عقد الشغل بالإضراب تنتهي معه علاقة التبعية بين الأجير و المشغل، وبالتالي فإن أي عمل ضار بالغير ارتكابه الأجير خلال هذه المدة يسأل عنه شخصيا ولا مسؤولية للمشغل فيه.

خاتمة

تأسيسا على ما سبق يتضح جليا أن مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه تعد من أهم مظاهر المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير، ومن أجَل تطبيقاتها من الناحية العملية، كما أنها تتجاوز إلى حد كبير نطاق تطبيق قانون الشغل الذي يعتبر المجال الخصب لتطبيق أحكامها ولكن مع ذلك فالمشرع المغربي لم  يتناولها  إلا في حدود أقرب ما تكون بالضيقة، إذ خصها بفقرة واحدة من الفصل 85 من ق.ل.ع ، مما  ألزم الفقه  بتناولها في العديد من مؤلفاته، والقضاء بالتطرق لها في كثير من أحكامه وقراراته للإحاطة بمختلف الجوانب المهمة لهذا النوع من المسؤولية  التي قصر النص على تنظيمها.

 ومن خلال هذه الدراسة نستنتج كذلك بعض النتائج نوردها كالآتي:

  • إن مسؤولية المتبوع لا تحقق جادة العدالة، فأين هي مسؤولية المتبوع إذا كان الفقه و القضاء يعطيه الحق بالرجوع على تابعه لاسترداد ما دفعه للمضرور، وبالتالي فإن المسؤولية الكاملة تكون على عاتق التابع الذي غالبًا ما يكون فقيرًا أو في وضع مالي ضعيف.

  • إن حدود مسؤولية المتبوع ستكون أوسع نطاقًا لو أسست المسؤولية التقصيرية على الضرر أكثر مما عليه الحال لما تم تأسيسها على الخطأ، إذ في الحالة الأولى سيسأل المتبوع عن تابعه سواء كان هذا التابع مميزًا أم غير مميز، أما في الحالة الثانية، فإن المتبوع لا يسأل إلا عن تابعه المميز.

 كما نود أن نقترح بعض المقترحات التي تبدوا لنا و الله أعلم أنها جدية تستحق إدراجها في هذا المقام وهي:

  • تعديل النص المنظم لمسؤولية المتبوع عن أعمال التابع بشكل يكون معه المتبوع مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بفعله الضار، متى كان واقعًا منه ليس فقط في حال تأدية الوظيفة بل بسببها أيضا.

  • تنظيم حق المضرور في الحصول على حقه بشكل صريح، وذلك بإعطاءه الحق في الخيار بالرجوع على التابع أو على المتبوع أو على كليهما. لكن من الأحسن – في نظرنا – جعل مسؤولية المتبوع مسؤولية احتياطية بتقييد المضرور بالرجوع أولا على التابع وإذا تعّذر الحصول على التعويض منه، حينئذٍ يرجع على المتبوع. وذلك إحتراما لمبدأ مساءلة الشخص عن فعله الشخصي و عدم التوسع فيما استثني منه.

وفي ظل كل ما تقدم يحق لنا أن نتساءل عن ما مدى منطقية  ومشروعية مساءلة المتبوع عن فعل لا يد له فيه؟

لائحة المراجع

  • حسن عامر، عبد الرحيم عامر”المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية”، دار المعارف،الطبعة الثانية 1979 .

  • سعيد الفكهاني، عبد العزيز توفيق، حسين جعفر،”التعليق على قانون الالتزامات والعقود المغربي في ضوء الفقه والقضاء” الجزء الأول، مطبعة الدار العربية للموسوعات،طبعة 1986.

  • سهير منتصر، “مسؤولية المتبوع من أعمال التابع أساسها ونطاقها”، دار النهضة العربية، دون ذكر تاريخ الطبعة .

  • سيد أمين، “المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير في الفقه الإسلامي المقارن”، دون ذكر اسم المطبعة وتاريخ الطبعة .

  • عبد الرزاق أحمد السنهوري، “الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الأول، مصادر الالتزام” دون ذكر الطبعة و المطبعة.

  • عبد العزيز توفيق ،”التعليق على قانون الالتزامات و العقود بقضاء المجلس الأعلى و محاكم النقض العربية لغاية 1998″ الجزء الأول الالتزامات، المكتبة القانونية ، الطبعة الأولى1999.

  • عبد القادر العرعاري، “مصادر الالتزامات الكتاب الثاني المسؤولية المدنية”، مطبعة دار الأمان، الطبعة الثانية 2005.

  • عبد الكريم شهبون، “الشافي في شرح قانون الالتزامات والعقود المغربي الكتاب الأول الالتزامات بوجه عام “الجزء الأول مصادر الالتزام”، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى .

  • عبد اللطيف الشرقاني، ” الوجيز في الالتزامات الناشئة عن الجرم وشبه الجرم” دون ذكر اسم المطبعة، الطبعة الأولى2001 .

  • عمر وعيسى الفقي، “المسؤولية المدنية (دعوى التعويض) “،مطبعة المكتب الجامعي الحديث، الطبعة الأولى 2002.

  • مأمون الكزيري، ” نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي” الجزء الأول، دون ذكر الطبعة والمطبعة.

  • محمد أحمد عابدين، “التعويض بين المسؤولية العقدية والتقصيرية”، مطبعة دار المطبوعات الجامعية، طبعة 1980.

  • محمد البوشواري،”المسؤولية المدنية ، العقدية والتقصيرية” مطبعة أشرف ،الطبعة الثانية2008.

  • محمد جوهر،”سياقة السيارة بدون ترخيص بين قانون التأمين و قانون السؤولية” مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الاولى 1991 .

  • محمد سعيد بناني “قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل ” الجزء الثاني، المجلد الأول، مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 2007 .

[1]  – محمد البوشواري،”المسؤولية المدنية ، العقدية والتقصيرية” ،مطبعة أشرف  ،الطبعة الثانية 2008 ، ص 8.

[2]  – يراد بالمسؤولية العقدية ذلك الآثر الذي يترتب عن العقد من جراء الاخلال بالتزام ناشيء عنه .

[3]  – ويقصد بالمسؤولية التقصيرية ذلك الفعل الضار الذي يصدر عن الشخص عن عمد (الجريمة) ،أو عن غير عمد (شبه الجريمة) فيسبب ضرر للغير يترتب عليه التزامه بإصلاحه عن طريق التعويض.

[4]  – عبد الكريم شهبون، “الشافي في شرح قانون الالتزامات والعقود المغربي  الكتاب الأول الالتزامات بوجه عام ،الجزء الأول مصادر الالتزام”، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 1999 ،ص 439.

[5]  – محمد أحمد عابدين”التعويض بين المسؤولية العقدية والتقصيرية”، مطبعة دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية ،طبعة 1980، ص98.

[6]  – “ديمولومب” و”بودري” و”بارد” و”كانتبوري”.

[7]  – عبد القادر العرعاري،” مصادر الالتزامات ،الكتاب الثاني  ،المسؤولية المدنية”، مطبعة دار الأمان، الرباط، الطبعة الثانية 2005، ص 152.

[8]  – سعيد الفكهاني، عبد العزيز توفيق، حسين جعفر،”التعليق على قانون الالتزامات والعقود المغربي في ضوء الفقه والقضاء ” الجزء الأول، مطبعة الدار العربية للموسوعات،طبعة 1980 ، ص 312.

[9]   – تنص الفقرة 3 من الفصل 85 من ق.ل.ع على أنه”المخدومون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم ومأمورهم في أداء الوظائف التي شغلوهم فيها”.

 -[10] عبد القادر العرعاري، م.س، ص 153.

[11]  – عبد القادر العرعاري، م.س ،ص153.

[12]  –  سهير منتصر،” مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع أساسها ونطاقها”، دار النهضة العربية، دون ذكر تاريخ الطبعة ، ص 20.

[13]  –  ومن هنا فإن المتبوع الذي يحصل على نتاج هذا النشاط عليه أن يتحمل النتائج  السيئة لذلك النشاط بذات القدر الذي يجني فيه النتائج الحسنة والمفيدة له.

[14]  – سعيد الفكهاني، عبد العزيز توفيق ، حسين جعفر، م.س، ص 312.

[15]  – من ذلك أن المضرور له الحق في أن يرفع دعواه مباشرة على الشخص الذي صدر منه الضرر وإذا رفعت دعوى التعويض ضد المتبوع فإن هذا الأخير يحق له الرجوع  على  تابعه الذي تسبب في وقوع الفعل الضار وهو حكم لا يتناسب مع مضمون نظرية التحمل بالمخاطر.

[16]  – “بوريس سطارك” ، “بيرتراند”، وعبد الرزاق السنهوري وغيرهم من الفقهاء.

[17]  – محمد أحمد عابدين، م.س، ص 99.

[18] – عبد القادر العرعاري، م.س، ص 154.

[19]  – عبد الرزاق أحمد السنهوري “الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الأول مصادر الإلتزام”، دون ذكر الطبعة والمطبعة ، ص889.

[20]  – سعيد الفكهاني، عبد العزيز توفيق، حسن جعفر، م.س، ص 313.

[21]  –  سيد أمين، “المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير في الفقه الإسلامي المقارن”، دون ذكر اسم المطبعة وتاريخ الطبعة، ص147.

[22]  – عبد القادر العرعاري ،م.س، ص 154.

[23]  – نثير الانتباه  هنا إلى أن المجلس الأعلى قد تغيرت تسميته بموجب قانون رقم 11/58، الصادر بتنفيذ الظهير 25/10/11 المغير بموجب ظهير27/9/1957 بشأن المجلس الأعلى، جريدة رسمية عدد5989 مكرربتاريخ26/10/2011 إلى تسمية محكمة النقض. لذلك فإن استعملنا لأحد المصطلحين دون الآخر سيان للدلالة على الآخر.

[24] – قرار المجلس الأعلى ملف مدني عدد 3261/90 صادر بتاريخ 16/1/96 منشور بمجلة  الإشعاع، عدد 15، ص128.

[25]  – تجدر الإشارة هنا إلى أنه لا يلزم في العلاقة التي تربط المتبوع بالتابع أن تكون ثابتة بمقتضى عقد رسمي مكتوب بل يكفي أن يكون هناك اتفاق شفوي جرى العرف على تداوله كما هو الشأن بالنسبة للتبعية في إطار علاقة العمال الموسميين أو خدم المنازل بمشغلهم، كما  لا يلزم أن تكون علاقة مأجورة .

[26]  – سعيد الفكهاني، عبد العزيز توفيق ، حسين جعفر، م.س، ص310.

وفي هذا السياق  نذكر أن هذا ما يميز المتبوع عن الأب ومعلم الحرفة إذ الأب له الرقابة على ولده ولكن في عمل معين. ومعلم الحرفة له الرقابة والتوجيه على المتعلم في عمل معين ولكن لا يقوم المتعلم بهذا العمل لحساب معلمه بل للتدرب على العمل.

[27]  –  قرار المجلس الأعلى رقم 758 الصادر بتاريخ 1976/12/15 في الملف المدني عدد 41799، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 28 ،السنة السادسة دجنبر 1981، ص 29.

[28] – قرار استئنافية الرباط رقم 4182 صادر بتاريخ 29/03/1950 .ذكره عبد العزيز توفيق ، م، س،ص78 .

[29] –  قرار المجلس الاعلى صادر بتاريخ 12/02/1963. منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى ، القسم المدني المجلد الثاني، ص75.

[30]  – نقض مدني مصري صادر بتاريخ 1936/6/22 أورده، محمد أحمد عابدين، م.س، ص105  .

[31]  –  جاء في الفقرة الثالثة من الفصل 85 من ق.ل.ع : ” المخدومون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم ومأمورهم في أداء الوظائف التي شغلوهم فيها” .

[32]  – سهير منتصر ، م.س ، ص 49.

[33]  – حسين جعفر، سعيد الفكهاني؛ عبد العزيزتوفيق، م.س،ص311.

[34]  – عبد الرزاق أحمد السنهوري ،م.س،ص 871.

[35]  – محمد سعيد بناني “قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل ” الجزء الثاني، المجلد الأول مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 2007، ص 434.

[36]  – مأمون الكزيري، ” نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي” الجزء الأول، دون ذكر الطبعة والمطبعة، ص461.

[37]  – قرار المجلس الأعلى رقم 73 صادر بتاريخ 18 مارس 1975 في الملف الاجتماعي عدد 45965، منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 126 السنة 16 يوليوز 1977، ص 149.

[38] – نقض مصري جلسة 1/6/1971. أورده عبد العزيز توفيق ،”التعليق على قانون الالتزامات و العقود بقضاء المجلس الأعلى و محاكم النقض العربية لغاية 1998″ الجزء الأول الالتزامات، المكتبة القانونية ، الطبعة الأولى 1999، ص 95.

[39]  – قرار الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى رقم 9502 بتاريخ 24 أكتوبر 1985 في الملف الجنائي عدد 71706 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 49 ص51.

[40]  – محكمة الدرجة الأولى بالدار البيضاء، مجلة المحاكم  المغربية عدد 51 ص81.

[41]  – حسن عامر، عبد الرحيم عامر”المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية” ،دار المعارف،الطبعة الثانية 1979 ، ص667.

[42]  – كالتشريع المصري مثلا .

[43]  – عمر وعيسى الفقي، “المسؤولية المدنية (دعوى التعويض) “،مطبعة المكتب  الجامعي الحديث، الطبعة الأولى 2002، ص 102.

[44]  – عمر وعيسى الفقي ،م،س،ص 102.

[45]  –  الإعسار هو حالة قانونية تنشأ من زيادة ديون المدين المستحقة الأداء على أمواله،أو هو زيادة ديون المدين جميعها الحالة والمؤجلة على قيمة أمواله.

[46]  – عبد القادر العرعاري ، م.س ، ص156.

[47]  – قرار منشور  في مجلة المحاكم المغربية عدد12  -1921، ص 27.

[48]  – عبد القادر العرعاري ، م.س ، ص157.

[49]  – حسين عامر، عبد الرحيم عامر،م.س ، ص 668.

[50] – قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ فاتح يوليوز 1954، ذكره محمد جوهر،”سياقة السيارة بدون ترخيص بين قانون التأمين و قانون السؤولية” مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الاولى 1991،ص48.

[51]  – عبد القادر العرعاري ، م.س ، ص157.

[52]   – قرار رقم 871 لسنة 37 ق- قاعدة رقم 176 ، ذكره سعيد الفكهاني، توفيق عبد العزيز،حسين، جعفر ، م.س،ص321.

[53]  – طعن مصري رقم 757 تاريخ 8/5/1978 ذكره عبد العزيز توفيق،م ، س، ص 95.

[54]   – عبد اللطيف الشرقاني، ” الوجيز في الالتزامات الناشئة عن الجرم وشبه الجرم” دون ذكر اسم المطبعة، الطبعة الأولى 2001 ،ص 25.

[55]   –  سهير منتصر، م.س، ص 100.

[56]  – مع ذلك فإن بعض الاحكام المحتشمة في فرنسا ذهبت إلى تقريب بين مفاهيم المسؤولين في شأن التابع القاصر، على أساس أن المتبوع يتمتع بنوع من التفويض في شأن السلطة الأبوية أنظر حكم محكمة ديجون الصادر في  7 أبريل 1870 ،ذكره سهير منتصر ، م،س/ ص،100.

[57]  – حكم محكمة Vannes صادر في 7 فبراير سنة 1931، ذكره سهير منتصر، ص 101.

[58]  – نقض مدني فرنسي  17 فبراير 1952 منشور بمجموعة  دالوز 1951-410.

[59]  – للمزيد من التوضيح راجع سهير منتصر. م.س، ص 103 وما بعدها .

[60]  – نقض مدني صادر في 12/05/1923 منشور بمجموعة  أفكار النقض، ص14 أورده سهير منتصر،م.س، ص 115.

[61]  –  ينص  الفصل 96 من ق.ل.ع. على أن : “القاصر عديم التمييز لا يسأل مدنيا عن الضرر الحاصل بفعله، ويطبق نفس الحكم على فاقد العقل بالنسبة إلى الأفعال الحاصلة في حالة جنونه…”.

[62]  – ولعل هذا في اعتقادنا هو الفرق بين حالة جنون التابع وحالة جنون الشخص الذي يتولى متولي الرقابة رقابته (سواء كانت الرقابة قانونية أو  اتفاقية )، حيث إن المضرور لا يكون له حق الرجوع على المتبوع في الحالة الأولى  بينما يكون له ذلك الرجوع على متولي الرقابة. ومرد ذلك أن المتبوع لا يتمتع  حقيقة بأي  من صلاحيات متول الرقابة، إذ إن الأب مثلا يتمتع بمكنات السلطة الابوية الحقيقية القائمة على صلة الدم في حين أن سلطة المتبوع هي سلطة إدارية مستمدة من علاقة الوظيفة وقاصرة على مقتضياته ولوازمها فقط.

[63]  –  سهير منتصر، م.س، ص 116.

[64] – تنص المادة 32 من قانون الشغل على أنه: “يتوقف عقد الشغل مؤقتا أثناء :…….

[65] – قرار المجلس الاعلى عدد 211 بتاريخ11/03/2003، في الملف الإجتماعي عدد 458/2002، منشور بقضاء المجلس الأعلى عدد62، ص235.

[66] -قرارمحكمة الإستئناف بالعيون رقم44/09/2010 صادر بتاريخ 1/06/ 2011 غير منشور.

[67] – مشروع قانون الإضراب الذي تم طرحه في ظل الحكومة المغربية الجديدة لسنة 2012.