القضاء التجاري / عقود مقاولات
رقم القضية: 2253 / 1 / ق لعام 1411 هـ
رقم الحكم الابتدائي: 93 / د / تج / 2 لعام 1413 هـ
رقم حكم التدقيق: 37 / ت / 4 لعام 1414 هـ
تاريخ الجلسة: 16 / 2 / 1414 هـ
الموضوعات
عقد تجاري , عقد مقاولة أعمال تفجيرات صخرية , مقاولة من الباطن , مصادرة ضمان بنكي , التزامات عقدية , استلام الحقوق المالية , إبراء , إقرار قضائي أمام محكمة مختصة , الرجوع عن الإقرار
الملخص
مطالبة المدعي بصفته مقاولاً من الباطن المدعى عليه بصفته مقاولاً رئيساً لتنفيذ أعمال التفجيرات في مشروع طريق ظلم حلبان لصالح وزارة المواصلات بأن يدفع له قيمة الضمان البنكي الذي صادره على أساس أنه لا مبرر شرعي لمصادرته لقيامه بتنفيذ الأعمال المتعاقد عليها – دفع المدعى عليه بأحقيته في مصادرة الضمان البنكي لإخلال المدعي بالتزاماته العقدية وفق شرط العقد، وأن المدعي أقر في 2/9/1981م باستلامه كافة حقوقه وحقوق مؤسسته لدى المدعى عليه عن أعمال المشروع محل الدعوى، وأنه ليس له أي ادعاء أو مطالبة تجاه المدعى عليه، وإقراره أمام القاضي في المحكمة العامة بالرياض بذات الإقرار – ثبوت إقرار المدعي أمام الدائرة أنه استلم إشعار البنك بأن المدعى عليه سحب الضمان في 22/6/1980م، وإقرار المدعي في 2/9/1981م أنه استلم كافة حقوقه تجاه المدعى عليه مع إقراره أمام قاضي المحكمة العامة بذات الإقرار، وإبراء ذمة المدعى عليه من كامل حقوقه عن المشروع محل الدعوى – أثره: مؤاخذة المدعي بإقراره وعدم أحقيته فيما يطالب به – مؤدى ذلك: رفض الدعوى.
الوقائع
تتلخص وقائع هذه الدعوى بالقدر اللازم لإصدار حكم فيها حسبما يبين من الاطلاع على أوراقها أنه بتاريخ 26/12/1411هـ تقدم إلى الديوان ….. صاحب وكالة ….. التجارية بلائحة دعوى ضد مؤسسة ….. لصاحبها ….. حاصل ما جاء فيها: أنه تعاقد مع المدعى عليه بتاريخ 2/3/1399هـ لينفذ له أعمال التفجير لكافة القطع الصخرية في مشروع كان ينفذه لصالح وزارة المواصلات – مشروع طريق ظلم – حلبان – وكانت كمية التفجير المتعاقد عليها (1.600.000) متر مكعب بسعر (13) ريالاً للمتر المكعب، وفقاً لشروط العقد التي منها تقديم ضمان بنكي للمدعى عليه بنسبة (5%) خمسة بالمئة من قيمة العقد كضمان حسن تنفيذ، على ألَّا يعاد ذلك الضمان إلا بعد استلام وزارة المواصلات للمشروع، فقدم ذلك الضمان من المدعي برقم (…) في 27/3/1399هـ الموافق 24/2/1979م والصادر من ….. ، وقد قام المدعي بتنفيذ الأعمال المتعاقد عليها على الوجه الأكمل، وتسلمت الوزارة المشروع، وبالتالي أصبح مبلغ الضمان مستحقاً له، وقال المدعي: إنني اعتقدت أن المدعى عليه سيفرج عنه ليعيده البنك المشار إليه في حسابي تلقائياً، إلا أنه ورد لي كشف من البنك يفيد بأن المدعى عليه استلم مبلغ الضمان دون وجه حق بالمخالفة لشروطه ولشروط العقد المبرم معه، فإنني أطلب إلزام المدعى عليه بأن يدفع لي مبلغاً وقدره مليون وأربعون ألف ريال (1.040.000) ، قيمة ضمان حسن التنفيذ سالف البيان. وقد قيدت اللائحة ومرفقاتها في سجلات الديوان برقم (2253 / 1 / ق لعام 1411هـ)، وأحيلت إلى هذه الدائرة لنظرها بشرح نائب الرئيس في 26/12/1411هـ ، حيث باشرت الدائرة نظرها بدعوة أطرافها لحضور جلسة يوم الثلاثاء 15/4/1412هـ ، فحضر المدعي….. وحضر عن المدعى عليه وكيله …..، وحصر المدعي دعواه، فيما لم يخرج عمَّا سلف بيانه في لائحة الدعوى، فطلب المدعى عليه وكالة أجلاً لإعداد إجابته عن الدعوى. وفي جلسة الثلاثاء 29/4/1412هـ قدم المدعي صورة إشعار البنك بسحب المدعى عليه مبلغ الضمان رفق مذكرة إلحاقية موضحاً فيها أنه بتاريخ 22/6/1980م زوَّدته ….. بإشعار أفادت فيه أنها قيدت عليه مبلغاً قدره مليون وأربعون ألف ريال نظير الدفعة الكاملة للضمان رقم (…)، لأنها سددت القيمة للمدعى عليه بالشيك رقم (…)، إذ إن الضمان تم إلغاؤه، ونظراً لأن العقد بين المدعي والمدعى عليه لا يجيز صرف الضمان إلا بعد استلام الوزارة للمشروع، وحيث إن الوزارة قد استلمت المشروع دون ملاحظات تخص أعمال التفجير، فإن مبلغ الضمان يستحق للمدعي وليس للمدعى عليه، ولا يوجد أي سبب يجعل للمدعى عليه أي حق في مبلغ الضمان الذي استلمه. وفي جلسة الثلاثاء 22/8/1412هـ قدم وكيل المدعى عليه مذكرة جوابية سرد فيها ظروف تعاقد الطرفين، وأشار إلى أن مدة التنفيذ هي ستة أشهر من تاريخ التعاقد 2/3/1399هـ، وأن تباطؤ المدعي وتأخره في التنفيذ تسببا في سحب الضمان، تطبيقاً للمادة الخامسة من العقد (البند الثالث) الذي نصه: (على الطرف الثاني – المدعي – الالتزام بإنجاز العمل إنجازاً صحيحاً دون أخطاء، وفي حالة انسحابه من العمل، أو تأخره، أو تباطئه، أو توقفه لأي سبب من الأسباب، يكون من حق الطرف الأول – المدعى عليه – إلغاء العقد ومصادرة جميع التأمينات، والمبالغ المستحقة، وقيمة الأعمال المنجزة، أو الحسابات المودعة، ويقر الطرف الثاني بالتنازل عن تلك المبالغ لصالح الطرف الأول مقابل ما تسبب به الطرف الثاني من أضرار للطرف الأول، ولا يحق للطرف الثاني المطالبة بأي مبلغ ذكر، وللطرف الأول الخيار فيما ورد أعلاه. أهـ). ثم ساق وكيل المدعى عليه أدلته على تأخر المدعي في التنفيذ بقوله: إن الأعمال لم تنتهِ حتى تاريخ 30/6/1981م، حيث كتب المدعي تعهدين: الأول في 20/6/1981م، والثاني في 30/6/1981م ، يطلب فيهما المهلة لتنفيذ المطلوب منه، وعدم تأثر أي تعهد أو إقرار أو التزام سابق بما ورد في التعهد الأخير، وكل ذلك – حسب قول المدعى عليه – يوضح أن المدعي قد تأخر في التنفيذ، وأنه أقر بذلك، ثم أضاف أن المدعي قد سبق له أن أقام دعوى أمام المحكمة الكبرى بالرياض ضد المدعى عليه يطالب فيها مبالغ زاعماً أنها له على المدعى عليه، وقد صدر صك شرعي ممَّيز ضده في 24/8/1411هـ ، ورد فيه أن المدعي قد أقر إقراراً خطياً في 2/9/1981م باستلامه كافة حقوقه وحقوق مؤسسته لدى المدعى عليه عن أعمال مشروع حلبان وغيره، وليست له أي دعاوى أو مطالبة تجاه المدعى عليه أو مؤسسته بأي مبلغ كان، ومن ثَمَّ صرف النظر عن دعواه، لعدم أحقيته فيما يدعيه. وألحق المدعى عليه القول بأنه في جلسة 29/4/1412هـ قدم المدعي خطاباً أوضح فيه أنه قد استلم إشعار البنك بسحب الضمان في 22/6/1980م ، ومعنى ذلك أن الضمان صودر لصالح المدعى عليه تحت سمع وبصر المدعي، وقَبِل أن يحرر إقراره آنف الذكر في 2/9/1981م ، وبعد مرور ما يقارب السنة، وكان ذلك برضا المدعي واقتناعه، وللمعلومية فإن الإقرار المؤرخ في 2/9/1981م كان بعد استلام الوزارة للمشروع في 5/8/1981م. واستمر وكيل المدعى عليه في إيراد حججه وبراهينه فيما لا يخرج عمَّا سلف بيانه، مع التأكيد على إقرار المدعي بالاستلام لجميع مستحقاته، وأن الضمان صودر بناءً على شروطه، وعلى ما تم في واقع الحال، وأنه لم يقدم دعواه طوال اثني عشر عاماً خلت على الرغم من إقامته في مدينة الرياض، إلا أنه خطر في باله أن الحريق الذي وقع في مكتب المدعى عليه عام (1403هـ) قد أتلف المستندات والمخالصات، وبذلك يستطيع أن يحصل على ما يزعمه من مستحقات. وبتاريخ 29/12/1412هـ حضر الطرفان، وقدم المدعي مذكرة كان حاصلها التبرير لتأخير العمل، وأنه حصل لعدة عوامل خارجة عن إرادته، منها تأخر موافقة الجهات الأمنية على أعمال التفجير بإصدار التصاريح اللازمة لاستعمال المتفجرات، وإقامة المستودعات، وطريقة تحرك المتفجرات على الطرق، ووقت ذلك، ثم العطل الرسمية، وأخيراً أحداث الحرم الشريف في 1/1/1400هـ ، ووفاة جندي بالمشروع في 21/2/1400هـ ، وظروف أخرى ترتبط بنوعية عمل المتفجرات، والشركة….. ، وأسباب راجعة إلى المدعى عليه كتأخر تنظيف الموقع، وصرف المستحقات، ومصادرة ضمان السلفة. وأشار المدعي إلى أن المدعى عليه قد تواطأ مع البنك مصدر الضمان لسحبه والاستيلاء عليه، كما أشار إلى التعهدات الموقَّعة منه، وقال إنها لصالحه، وليست ضده، حيث إنه يلتزم بالإنجاز كلما كانت الظروف ممكنة، ولم توجد عوائق، علماً أنه قد طرأ بعد هذه التعهدات عوائق جديدة، وأنه أخطر المدعى عليها بها في حينها، أما فيما يتعلق بالمستحقات والمخالصات والضمان فقد ذكر المدعي أن المخالصة الموقَّعة في 2/9/1981م تتعلق بالمستحقات التي تحت يد المدعى عليه، ولا تشمل الضمان الذي كان تحت يد البنك، والذي لا يستطيع صرفه إلا بعد إخطاره، وهذا لم يحدث، فالمخالصة تشمل المستحقات ولا تتعلق بالضمانات، وما ذكره المدعى عليه من أن إشعاره بسحب الضمان تم في 22/6/1980م ، والمخالصة تمت في 2/9/1981م ، فهو غير صحيح، وقال: إن البنك لم يشعرني في التاريخ المحدد، لأن بيني وبينه خلافات تتعلق بتزوير البنك بعض المستندات التي رتبت عليَّ ديوناً أقمت بسببها دعوى لتسوية حقوقي لديه، وأنه أثناء المداعاة قدم صورة الإشعار، وأنني فور علمي بسحب الضمان أقمت هذه الدعوى، وبذلك يتضح أن المخالصة لم تشمل الضمان، وقدم المدعي رفق مذكرته صوراً من مستندات يقول إنها تثبت دعواه ضد البنك، وأضاف بقوله: إن المدعى عليه لم يخطرنا برغبته في سحب الضمان كما هو المتبع، وكما هي شروط الضمان، وأخذ يستغل سكوتنا كما لو كان تسليماً من جانبنا بالموافقة على مصادرته، والأصل العام في التعامل أن من يسعى في هدم ما تم على يديه فسعيه مردود عليه، فلا يصح أن يستفيد المدعى عليه من تدليسه علينا. وأنهى المدعي مذكرته بقوله: إن المدعى عليه قد مدد الضمان وصادره لنفس السبب الذي مددته له، وأن هذا لا محل له، وجاء مخالفاً لشروط التعاقد والضمان، وطلب الحكم له بطلباته. وبجلسة الأحد 1/4/1413هـ قدم وكيل المدعى عليه مذكرة تعقيبية حاصلها: أن الأسباب التي ساقها المدعي لتأخير العمل قد أخذت في الحسبان عند توقيع العقد، كما أن الظروف الأخرى كوفاة الجندي، وأحداث الحرم، قد وقعت بعد انتهاء مدة العقد، أما مسؤولية المدعى عليه، فإن تعهداته المحررة له تنفي ذلك، وتخلي مسؤوليته عن أي أسباب، أما ما يتعلق بالمستحقات والضمانات والمخالصات، فإنه زيادة على ما سبق بيانه في المذكرات السابقة، أضاف وكيل المدعى عليه بقوله: إن الضمان غير مشروط طبقاً لما دون فيه، والذي بموجبه يتعهد البنك تعهداً غير مشروط بأن يضع تحت تصرفنا مبلغاً قابلاً للدفع عند استلام إشعار خطي يصدر منا خلال مدة صلاحية الضمان، ويفيد وفقاً لتقديرنا المطلق بوجود تقصير في تنفيذ شروط العقد، أما خلافات المدعي مع البنك وتقصير البنك في حقه، فليس للمدعى عليه علاقة به، وطلب رد الدعوى، وقدم المدعى عليه بالوكالة صورة من خطاب مؤرخ في 1/6/1980م صادر من المدعي إلى المدعى عليه يفيد فيه ويؤكد أن مؤسسته ليس لها أي مطالب أو مرافعات ضد المدعى عليه، وأنه يخليها من تحمل أي مسؤولية سبق أن أشار إليها في مراسلاته السابقة، وأن جميع كتاباته بهذا الشأن تعتبر لاغية. وفي الجلسة ذاتها قرر كل من الطرفين اكتفاءهما بما قدماه، وبجلسة اليوم صدر الحكم.
الأسباب
حيث إنه باطلاع الدائرة على جميع ما قدمه أطراف الدعوى من مذكرات ومستندات تضمَّنت طلباتهما ودفوعهما، فإنه وأيَّاً كانت أسباب سحب الضمان من قبل المدعى عليه، وأيَّاً كانت دفوع المدعي لتفنيد تلك الأسباب، فإن المدعي قد أقر في مذكرته المقدمة إلى هذه الدائرة بتاريخ 29/4/1412هـ بتبلغه بإشعار البنك أن المدعى عليه قد سحب الضمان في 22/6/1980م، وكان قد أقر في 2/9/1981م بأنه استلم كافة حقوقه وحقوق مؤسسته لدى المدعى عليه عن أعمال مشروع حلبان وغيره، وليس له أي ادعاء أو مطالبة تجاه المدعي أو مؤسسته بأي مبلغ كان، مؤكداً ذلك الإقرار أمام فضيلة القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض، مما يعني أنه قد علم بسحب الضمان قبل كتابة الإقرار الأخير بمدة تجاوزت العام، وبالتالي فإنه لا يمكن أن يقبل إنكاره بعد ذلك الإقرار أيَّاً كانت دفوعه، إذ إن ادعاءه بأنه لم يعلم بإشعار البنك عن سحب الضمان إلا بعد رفع دعواه ضد البنك، فإنه فضلاً عن أنه ادعاء مرسل لا دليل عليه، إلا أنه مردود باعترافه وإقراره في مذكرته آنفة الذكر، ومردود بأنه يستحيل في العادة أن يستمر جهله وعدم علمه بسحب مبلغ يجاوز المليون ريال من حسابه البنكي منذ 22/6/1980م ، تاريخ تبلغه بإشعار البنك، حتى 8/7/1991م ، تاريخ رفع الدعوى أمام الديوان، على الرغم مما اعتادت عليه البنوك من تزويد عملائها بكشف حساب يبين حركة أرصدتهم كل فترة زمنية محددة، أو حتى بطلب من هؤلاء العملاء لتلك الكشوف لترتيب حساباتهم ومطابقتها مع حركة الرصيد لدى البنك، خاصة أن المدعي من الممتهنين للتجارة، وبناءً على ما تقرر شرعاً من مؤاخذة المقر بإقراره فيما إذا سلم من القوادح المعتبرة، فإن المدعي مؤاخذ بإقراره بعلمه بسحب الضمان في 22/6/1980م وبإقراره بخلو ذمة المدعى عليه من أي استحقاق له عليه في 2/9/1981م ، مما يتعين معه القضاء برد الدعوى.
ولهذه الأسباب حكمت الدائرة: برد دعوى ….. صاحب وكالة ….. للتجارة ضد ….. صاحب مؤسسة ….. وذلك لما هو موضح بالأسباب.
والله الموفِّق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هيئة التدقيق
حكمت الهيئة: بتأييد الحكم رقم (93 / د / تج / 2 لعام 1413هـ) الصادر في القضية رقم (2253 / 1 / ق لعام 1411هـ) فيما انتهى إليه من قضاء.
والله الموفِّق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.