القضاء التجاري / المكتبة القانونية تصفّح المكتبة
من بين إفرازات عصر المعلومات الذي نعيشه الآن، التطور الكبير الذي تشهده أنظمة المعلومات (الكمبيوتر) Informatique والإتصالات Télécommunication، وقد أدى دمج هذين النظامين إلى ظهور ما يسمى بشبكات الإتصالات أو المعلومات العالمية، وأبرزها شبكة الأنترنيت، وأهم استخدام لهذه الوسائـل الحديثــة للإتصــالات هو عمليــة نقــل وتبــادل المعلومـات إلكترونيــا échange de données informatisées، من دون اللجوء إلى العالم الحقيقي أو المادي، وقد تم استغلال ذلك كأداة للتعبير عن الإرادة وإبرام العقود وإجراء مختلف المعاملات التجارية، بين أشخاص متواجدين في أماكن متباعدة، ولم يقتصر على ذلك بل امتد حتى تنفيذ هذه العمليات، وهذا النمط الجديد من أنماط التعاقد والتجارة هو الذي اصطلح على تسميته فيما بعد بالعقود الإلكترونية أو التجارة الإلكترونية.
ونقتصر في موضوع هذه المذكرة على دراسة العقد الإلكتروني، الذي هو اهم وسيلة من وسائل التجارة الالكترونية اذ يتميز هذا العقد بخصائص لا تتوفر في العقود المبرمة بالوسائل التقليدية، كونه مبرم في بيئة افتراضية غير مادية وعبر شبكات الإتصالات العالمية التي لا تعترف بالحدود الجغرافية للدول، كما أنه غالبا ما يكون محررا على دعامات غير ورقية مخزنة داخل الأنظمة المعلوماتية.
وهذه الخصائص تثير الكثير من التساؤلات حول مدى إمكانية استيعاب القواعد الكلاسيكية المنظمة للعقد في القانون المدني لهذه الأنماط الجديدة في التعاقد، خاصة ما تعلق منها بإلابرام والتنفيذ والاثبات؟
حيث يثير العقد الإلكتروني من حيث انعقاده تساؤلات تتعلق بمدى اعتراف القانون المدني، وتحديدا القواعد المنظمة للانعقاد بهذه الآليات الجديدة للتعبير عن الإيجاب والقبول وبناء عناصر التعاقد، كون هذه الآليات لا تسمح ـ في الوقت الراهن ـ من توثق كل طرف من أطراف العقد، بمعنى التوثق من وجود وسلامة صفة المتعاقد الآخر، كما يثور التساؤل حول مدى انطباق وسائل التعبير عن الارادة فيه مع الوسائل التقليدية للتعبير عنها، وتثور أيضا مسألة تحديد مكان وزمان انعاقده، لما لهذه المسألة من أثر على معرفة القانون الواجب التطبيق عليه و كذا القضاء المختص بالنظر في المنازعات التي قد تطرح بشأنه.
أما فيما يخص تنفيذ المتعاقدين لالتزاماتهما، فإن هذا العقد يثير مشكلات التخلف عن التسليم أو تأخره أو تسليم محل تتخلف فيه المواصفات المتفق عليها، وهي مشكلات مشابهة لتلك الحاصلة في ميدان العقود التقليدية، أما دفع البدل أو الثمن فإنه يثير إشكالية وسائل الدفع التقنية، كالدفع بموجب بطاقات الإئتمان أو تزويد رقم البطاقة على الخط، وقد نشأ هذا المشكل في البيئة التقنية وهو وليد لها.
كما يثير هذا النوع من العقود مشكل حجية العقد الإلكتروني أو القوة القانونية الإلزامية لوسيلة التعاقد، وهذه يضمنها في العقود التقليدية توقيع الشخص على العقد المكتوب أو البينة الشخصية (الشهادة) في حالة العقود غير المكتوبة لمن شهد الوقائع المادية المتصلة بالتعاقد، إما في مجلس العقد أو فيما يتصل بتنفيذ الأطراف لالتزاماتهما بعد إبرام العقد، فكيف يتم التوقيع في هذه الحالة، وما مدى حجيتة إن تم بوسائل إلكترونية، ومدى قبوله كبينة في الإثبات، وما هي آليات تقديمه كبينة إن كان في شكل وثائق وملفات مخزنة في النظام.
لكل هذا الذي ذكرناه فإن معالجة هذه المسائل أصبح واجبا و لابد من البحث عن معالجة قانونية له محاولين في هذه الدراسة إجراء مقاربة بين هذه المشاكـل والنظريـة العامـة للعقـد، كما هي منظمة ـ اليوم ـ في القانون المدني، ومدى ملائمة هذه النصوص للعقد الإلكتروني، وذلك وفق الخطة التالية:
الفصل الأول: مفهوم العقد الإلكتروني وانعقاده
المبحث الأول: مفهوم العقد الإلكتروني.
المطلب الأول: تعريف العقد الإلكتروني.
الفرع الأول: التعريف الوارد في المواثيق الدولية.
الفرع الثاني: التعريف الوارد في القوانين المقارنة.
الفرع الثالث: تعريف الفقه للعقد الإلكتروني.
المطلب الثاني: خصائص العقد الإلكتروني ونطاق إبرامه.
الفرع الأول: خصائص العقد الإلكتروني.
الفرع الثاني: نطاق إبرام العقد الإلكتروني.
المبحث الثاني: إنعقاد العقد الإلكتروني
المطلب الأول: التعبير عن الإرادة في العقد الإلكتروني.
الفرع الأول: صور التعبير عن الإرادة في العقد الإلكتروني.
الفرع الثاني: مشروعية الوسائل الإلكترونية الحديثة في التعبير عن الإرادة.
المطلب الثاني: تطابق الإرادتين في العقد الإلكتروني.
الفرع الأول: عناصر تطابق الإرادتين في العقد الإلكتروني.
الفرع الثاني: زمان ومكان تطابق الإرادتين في العقد الإلكتروني.
الفصل الثاني: تنفيذ العقد الإلكتروني وإثباته.
المبحث الأول: تنفيذ العقد الإلكتروني.
المطلب الأول: إلتزام المتعاقد بتسليم السلعة أو بأداء الخدمة.
الفرع الأول: إلتزام المتعاقد بتسليم السلعة (الشيء).
الفرع الثاني: إلتزام المتعاقد بتقديم الخدمة.
المطلب الثاني: الإلتزام بالوفاء إلكترونيا.
الفرع الأول: خصائص الدفع الالكتروني.
الفرع الثاني: أنواع الدفع الالكتروني.
المبحث الثاني: إثبات العقد الإلكتروني.
المطلب الأول: الكتابة في الشكل الإلكتروني وحجيتها في الإثبات.
الفرع الأول: تحديد مفهوم الكتابة في الشكل الإلكتروني.
الفرع الثاني: القـوة الثبوتية للكتابة في الشكل الإلكتروني.
المطلب الثاني: التوقيع الإلكتروني.
الفرع الأول: تعريف التوقيع الإلكتروني.
الفرع الثاني: حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات.
الفصل الأول :
مفهــوم العقـــد الإلكتروني وانعقاده.
الفصل الأول:
مفهوم العقد الإلكتروني وانعقاده
سيخصص هذا الفصل لدراسة مفهوم العقد الإلكتروني الذي نبين فيه ماهيته، خصائصه وغير ذلك من المسائل التي قد تفيد في الإحاطة به ضمن المبحث الأول، أما في المبحث الثاني سيتم التطرق لدراسة مرحلة انعقاده.
المبحث الأول: مفهوم العقد الإلكتروني.
يشمل المفهوم التطرق إلى التعاريف المقترحة له من طرف المواثيق الدولية، والقوانين المقارنة والفقه، ثم تحديد الخصائص التي تميزه ونطاق تطبيقه.
المطلب الأول: تعريف العقد الإلكتروني.
ليس هناك تعريف موحد للعقد الإلكتروني، سيما لو أخذنا بعين الإعتبار تعدد الجهات والمحافل التي أوردت هذه التعاريف من جهة، ونوع التقنية التي تستعمل في إبرامه من جهة أخرى، وعليه سيتم عرض أهم التعاريف الواردة بشأنه في المواثيق الدولية أولا، ثم تلك التي جاءت بها القوانين المقارنة ثانيا، وأخيرا نشير إلى بعض التعاريف التي جاء بها الفقه.
الفرع الأول: التعريف الوارد في المواثيق الدولية.
نقتصر في هذه النقطة على التطرق إلى التعريف الذي جاء به القانون النموذجي للأمم المحتدة حول التجارة الإلكترونية، كونه أهم وثيقة دولية في هذا المجال، ثم التعريف الذي جاءت به المواثيق الأوربية.
أولا: التعريف الوارد في القانون النموذجي للأمم المتحدة حول التجارة الإلكترونية.
إكتفي القانون النموذجي للأمم المتحدة حول التجارة الإلكترونية (UNCITRAL أو CNUDCI)[1]، في المادة 2- ب بتعريف ” بتبادل البيانات الإلكترونية “L’échange de données informatisées” ، حيث نصت بأنه :” يراد بمصطلح تبادل البيانات الإلكترونية نقل المعلومات من حاسوب إلى حاسوب آخر باستخدام معيار متفق عليه لتكوين المعلومات”، ورأت اللجنة المعدة لهذا القانون[2] بأن هذا التعريف ينصرف إلى كل استعمالات المعلومات الإلكترونية، ويشمل بذلك إبرام العقود والأعمال التجارية المختلفة، وعليه فإن العقد الإلكتروني حسب هذا القانون هو العقد الذي يتم التعبير عن الإرادة فيه بين المتعاقدين باستخدام الوسائل المحددة في المادة 2- أ و2- ب وهي:
– نقل المعطيات من كمبيوتر إلى كمبيوتر آخر وفقا لنظام عرض موحد.
– نقل الرسائل الإلكترونية باستعمال قواعد عامة أو قواعد قياسية.
– النقل بالطريق الإلكتروني للنصوص باستخدام الأنترنيت، أو عن طريق استعمال تقنيات أخرى كالتلكس والفاكس.
وواضح مما سبق أن الأنترنيت حسب هذا القانون، ليست الوسيلة الوحيدة لتمام عملية التعاقد و التجارة الإلكترونية، بل تشاركها وسائل أخرى مثل جهازي التيلكس والفاكس.
ويرى أغلب الفقه أن القانون الموحد للتجارة الإلكترونية الصادر عن لجنة القانون التجاري الدولي للأمم المتحدة، لم يعرف العقد الالكتروني، لكنه عرف الوسائل المستخدمة في إبرامه، كما أن هذا القانون توسع في سرد وسائل إبرام هذه العقود، فبالإضافة على شبكة الأنترنيت هناك وسيلة الفاكس والتيلكس.
ثانيا: التعريف الوارد في الوثائق الأوربية.
نصت المادة 2 من التوجيه رقم 97-07 الصادر في 20 ماي 1997 الصادر عن البرلمان الاوربي والمتعلق بالتعاقد عن بعد وحماية المستهلكين في هذا مجال[3]، بأنه يقصد بالتعاقد عن بعد: ” كل عقد يتعلق بالبضائع أو الخدمات أبرم بين مورد ومستهلك في نطاق نظام بيع أو تقديم الخدمات عن بعد نظمه المورد الذي يستخدم لهذا العقد تقنية أو أكثر للإتصال عن بعد لإبرام العقد أو تنفيذه”، وعرفت تقنية الإتصال عن بعد في نفس النص بأنها: “كل وسيلة بدون وجود مادي ولحظي للمورد وللمستهلك يمكن أن تستخدم لإبرام العقد بين طرفيه”، فهذا التوجيه قد عرف العقود عن بعد التي تشمل في مفهومها العقود الإلكترونية.
الفرع الثاني: تعريف القوانين المقارنة للعقد الإلكتروني.
في غياب تعريف للعقد الإلكتروني في القانون الجزائري، ينبغي العودة إلى تلك التي جاءت بها القوانين المقارنة في هذا المجال، فقد عرفت المادة 2 من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني[4] العقد الإلكتروني على أنه: “الإتفاق الذي يتم انعقاده بوسائط إلكترونية، كليا أو جزئيا “.
وأضافت نفس المادة إلى ذلك تعريفا خاصا للوسائل الإلكترونية التي يبرم بواسطتها العقد على أنها: “أية تقنية لاستخدام وسائل كهربائية أو مغناطيسية أو ضوئية أو أية وسائل مشابهة في تبادل المعلومات وتخزينها”.
فالمشرع الأردني لم يكتف بتعريف العقد الإلكتروني، وإنما عرف إلى جانب ذلك الوسيلة التي يبرم بها، معتبرا أنه يكفي أن تتم مرحلة واحدة من مراحل إبرام العقد بالطريق الإلكتروني، ليعتبر العقد برمته إلكترونيا، كما جاء تعريفه للوسيلة الإلكترونية مفتوحا على ما ستسفر عليه تطورات التقنية مستقبلا.
وعرف قانون المبادلات والتجارة الإلكترونية التونسي[5] المبادلات الالكترونية في مادته 2 على أنها: ” المبادلات التي تتم باستعمال الوثائق الإلكترونية “، وعرف التجارة الإلكترونية بأنها: ” العمليات التجارية التي تتم عبر المبادلات الإلكترونية “.
من خلال هذين التعريفين يتضح أن المبادلات الإلكترونية التي تعني مبادلة سلع بمال أو خدمة بمال، لابد وأن تتم عن طريق وسيط إلكتروني، أو وثيقة إلكترونية، وبالتالي يخرج من نطاقها الوثائق المكتوبة، كالعقود وإقرارات الإستلام والفواتير وغيرها، فكل هذه الأمور تتم بطريقة إلكترونية، حيث يتفاوض المتعاقدان، ويصدر القبول والإيجاب اللازمين لإبرام العقد ويتم الإتفاق على الشروط التفصيلية لتنفيذه، وذلك بوسيلة إلكترونية أيا كانت هذه الوسيلة.
أما في فرنسا، فقد شكلت لجنة خاصة برئاسة وزير الإقتصاد من أجل تنظيم المسألة أين عرفت التجارة الإلكترونية بأنها: “مجموعة المعاملات الرقمية المرتبطة بأنشطة تجارية بين المشروعات ببعضها البعض وبين المشروعات والأفراد وبين المشروعات والإدارة” ، فهذا التعريف يشمل العقود التي تبرم بين المشروعات فيما بينها، كعلاقة شركة بأخرى وعلاقة المشروعات بالأفراد، وكذا العقود التجارية التي تكون الإدارة طرفا فيها، موسعا من دائرة الوسيلة التي تبرم بها، وجعلتها تشمل كل الوسائل الرقمية.
الفرع الثالث: التعريف الفقهي للعقد الإلكتروني.
لقد أورد الفقه عدة تعريفات للعقد الإلكتروني، فمنهم من عرفه بالاعتماد على إحدى وسائل إبرامه معتبرا أن ” العقد الإلكتروني هو العقد الذي يتم إبرامه عبر الأنترنيت” [6]، والملاحظ على هذا التعريف أنه حصر وسيلة إبرام العقد الإلكتروني في شبكة الأنترنيت متجاهلا الوسائل الأخرى لإبرامه مثل التيلكس والفاكس والمينيتل في فرنسا.
ومن هذه التعاريف أيضا القائل بأن العقد الإلكتروني هو: ” كل اتفاق يتلاقى فيه الإيجاب بالقبول على شبكة دولية مفتوحة للإتصال عن بعد، وذلك بوسيلة مسموعة مرئية، وذلك بفضل التفاعل بين الموجب والقابل” [7]، يلاحظ أن هذا التعريف اشترط وسيلة مسموعة مرئية لكي يعتبر العقد إلكترونيا، غير أنه يمكن إبرام العقود الإلكترونية بدون استعمال الوسائل المسموعة أو المرئية مثل التعاقد عبر البريد الإلكتروني، الذي يكون فيه التعبير عن الإرادة بواسطة الكتابة، ومع ذلك يعتبر عقدا إلكترونيا.
ومن التعاريف ما يكتفي بأن يكون العقد مبرما ولو جزئيا بوسيلة إلكترونية لاعتباره عقدا إلكترونيا، ومنه القائل: “بأن العقد الإلكتروني هو الاتفاق الذي يتم انعقاده بوسيلة إلكترونية كليا أو جزئيا أصالة أو نيابـة” [8]، وهذا ما سلكه المشرع الأردني.
ومن التعاريف ما شمل جميع الوسائل الإلكترونية لكنه اشترط لكي يعتبر العقد إلكترونيا أن تكتمل كافة عناصره عبر الوسيلة الإلكترونية حتى إتمامه ، معتبرا أنه: ” كل عقد يتم عن بعد باستعمال وسيلة إلكترونية وذلك حتى إتمام العقد” [9].
وهو نفس الاتجاه الذي سارت عليه اللجنة التي شكلت في مصر لتنظيم التجارة الإلكترونية، إذ عرفت عقود التجارة الإلكترونية بأنها: “تنفيذ بعض أو كل المعاملات التجارية في السلع والخدمات التي تتم بين مشروع تجاري وآخر أو بين مشروع ومستهلك، وذلك باستخدام تكنولوجيا المعلومـات والإتصال” [10].
ولذا فإننا نؤيد الفقه القائل بأنه يجب التركيز في تعريف العقد الإلكتروني على خصوصيته التي تتمثل بصفة أساسية في الطريقة التي ينعقد بها، من دون إغفال صفة هامة فيه باعتباره ينتمي إلى طائفة العقود التي تبرم عن بعد.
المطلب الثاني: خصائص العقد الإلكتروني ونطاق إبرامه.
يتم التطرق في هذا المطلب إلى أهم الخصائص التي يتميز بها العقد الالكتروني عن بقية العقود الأخرى في الفرع الأول، ثم التطرق إلى نطاق أو مجال إبرام هذا النوع من العقود في الفرع الثاني.
الفرع الأول: خصائص العقد الإلكتروني.
يتميز العقد الإلكتروني بأنه عقد مبرم بوسيلة إلكترونية، ويتم إبرامه بين متعاقدين متباعدين مكانا، كما يغلب عليه الطابع التجاري، وهي الخصائص التي سوف يتم التطرق إليها فيما يلي [11]:
أولا: العقد الإلكتروني هو عقد مبرم بوسيلة إلكترونية.
إن أهم خاصية يتميز بها العقد الإلكتروني عن غيره من العقود هي أنه عقد مبرم بوسيلة إلكترونية، فالوسيلة التي من خلالها يتم إبرام العقد هي التي تكسبه هذه الصفة، وتتمثل هذه الوسائل عادة في أنظمة الكمبيوتر المرتبطة بشبكات الإتصالات المختلفة( السلكية واللاسلكية) [12]، والملاحظ أنه لا يمكن حصر جميع هذه الوسائل في الوقت الحاضر نظرا لارتباطها مع التطور التكنولوجي غير أنه يمكن عرض أهمها فيما يلي:
1- التعاقد بوسائل الإتصال الحديثة:
هناك العديد من الوسائل الحديثة التي ظهرت في فترة زمنية قصيرة نسبيا، والتي تستخدم في إبرام العقود ومنها:
المينيتل MINITEL: يعد جهاز المينيتل من وسائل إبرام العقود، وهو جهاز قريب الشبه بجهاز الكمبيوتر الشخصي لكنه صغير الحجم نسبيا، يتكون من شاشة صغيرة ولوحة مفاتيح تشمل على حروف وأرقام قريبة الشبه بلوحة مفاتيح الكمبيوتر، وهو وسيلة اتصال مرئية ينقل الكتابة على الشاشة دون الصور،ويلزم لتشغيله أن يوصل بخط الهاتف[13].
التيلكس: هو جهاز لإرسال المعلومات عن طريق طباعتها وإرسالها مباشرة ولا يوجد فاصل زمني ملحوظ بين إرسال المعلومات واستقبالها، إلا إذا لم يكن هناك من يرد على المعلومات لحظة إرسالها[14].
الفاكس: هو عبارة عن جهاز استنساخ بالهاتف يمكن به نقل الرسائل والمستندات المخطوطة باليد والمطبوعة بكامل محتوياتها نقلا مطابقا لأصلها، فتظهر المستندات والرسائل على جهاز فاكس آخر لدى المستقبل، ويلاحظ أنه هناك فارق زمني للرد على المرسل[15] ..
الهاتف المرئي: لقد تطور الهاتف العادي وأدخلت عليه تعديلات، فظهر ما يعرف بالهاتف المرئي، الذي يمكن صاحبه من الكلام مع شخص ومشاهدته في نفس الوقت، ويعد هذا الجهاز من أكثر وسائل الإتصال الفورية فاعلية وانتشارا في العالم المتطور[16].
وقد كان من المفروض أن يستخدم هذا الجهاز في شبكة الأنترنيت بالنظر لسهولة استخدامه ورخس ثمنه، وتعذر ذلك نظرا لظهور بعض المصاعب التقنية، إلا أن هناك جيل آخر لهذا الجهاز، يفترض أنه سوف يوفر هذه الإمكانية [17].
2- التعاقد عن طريق شبكة الأنترنيت.
تعرف الأنترنيت بأنها: “شبكة هائلة من أجهزة الكمبيوتر المتصلة فيما بينها بواسطة خطوط الإتصال عبر العالم” [18].
وقد بدأ استخدام هذه شبكة الأنترنيت في المعامــلات التجارية سنة 1992 عنـدما ظهـرت (World Wide Web) ، أين كانت هذه المعاملات تجري في بدايتها عن طريق المراسلات عبر البريد الالكتروني، إلا أ ن الأمر تطور بعد ذلك فأصبح بالإمكان عرض السلع و الخدمات من خلال شبكة المواقع Web [19].
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يجب التفرقة بين التعاقد عبر الأنترنيت والتعاقد عبر شبكة الأنترانيت INTRANET و الإكسترانيتEXTRANET، فشبكة الأنترانيت هي “عبارة عن سلسلة من شبكات المعلومات يمتلكها مشروع مؤسسة واحدة، وهذه الشبكات قد تكون داخلية محدودة النطاق تتصل ببعضها البعض داخل نفس المكان، أو تكون شبكات واسعة النطاق تتصل ببعضها البعض بأماكن مختلفة، ويتم الربط بينها وبين شبكة الأنترنيت بواسطة جهاز كمبيوتر أو أكثر، يكون بمثابة المدخل الرئيسي لها على الأنترنيت”.
أما شبكة الإكسترانيت وهي “جزء من شبكة الأنترانيت الداخلية الخاصة بالمنشأة أو المشروع ولكن تم إمداده وإتاحة استخدامه لأشخاص خارج المنشأة وفروعها”[20].
ويتم استخدام عدة وسائل في التعاقد الإلكتروني عبر الأنترنيت أهمها:
الكمبيوتر: هو أوسع الأجهزة انتشارا واستخداما في التعاقد عبر الأنترنيت، ويعرف بأنه: “جهاز إلكتروني يستطيع أن يقوم بأداء العمليات الحسابية والمنطقية طبقا للتعليمات المعطاة بسرعة ودقة كبيرتين، وله القدرة على التعامل مع كم هائل من البيانات وكذلك تخزينها واسترجاعـها عنـد الحاجة إليها” [21].
التجهيزات الذكية: [22]INTELLIGENT EQUIPMENTS، هي عبارة عن أجهزة تحتوي على رقائق تمكن من عملية الدخول على الأنترنيت وتبادل عمليات الإتصال وإرسال واستقبال الإشارات، وهي تنتشر بشكل واسع في الأجهزة المنزلية كالثلاجات الذكية، اذ تستطيع هذه الأخيرة أن تقوم بإصدار أمر شراء المستلزمات الغذائية إلكترونيا عندما ينقص عددها أو وزنها بداخلها، بإرسال أمر الشراء إلكترونيا إلى احدى المتاجر الإفتراضية المتواجدة عبر شبكة الانترنيت فتتم العملية دون تدخل بشري[23].
الهاتف المحمول: ظهرت منذ فترة قصيرة نسبيا أجهزة نقالة بإمكانها الدخول على شبكة الأنترنيت وتعرف بخاصية WAP، وقد أدى استخدام الهواتف النقالة في مجال إبرام العقود والتجارة الإلكترونية بصفـة عامـة الى ظهور نمط جديد من التجارة عرفت بتجارة الهاتف المحمول او التجارة الخلوية، يرمز لها اختـــصارا بـ M-COMMERCE [24].
ثانيا: العقد الإلكتروني هو عقد مبرم عن بعد.
يتميز العقد الإلكتروني عن بقية العقود الأخرى أيضا، بأنه عقد ينتمي إلى طائفة العقود المبرمة عن بعد، ويقصد بالعقود المبرمة عن بعد تلك العقود التي تبرم بين طرفين يتواجدان في أماكن متباعدة، وهذا باستعمال وسيلة أو أكثر من وسائل الإتصال عن بعد[25].
فالسمة الأساسية لهذا النوع من العقود تتمثل في:
– عدم الحضور المادي المتعاصر لأطرافه في لحظة تبادل الرضا بينهم، فهو عقد مبرم بين طرفين لا يتواجدان وجها إلى وجه في لحظة التقاء إرادتيهما.
– بالإضافة الى أن إبرامه يتم عبر وسيلة أو أكثر من وسائل الإتصال عن بعد، وجدير بالذكر أن التوجيه الأوربي رقم 97-7 0المتعلق بحماية المستهلكين في مجال التعاقد عن بعد[26]، قد أعطى أمثلة لهذه الوسائل في الملحق المرفق به ، ونذكر منها المطبوعات الصحفية مع طلب الشراء، الراديو، وسائل الإتصال المرئية، الهاتف مع تدخل بشري أو بدون تدخل بشري، التلفزيون مع إظهـار الصـورة، الأنترنيـت، الرسائـل الإلكترونيـة، التلفزيون التفاعلي (télévision interactive) [27].
واعتبار العقد الإلكتروني من العقود المبرمة عن بعد يتطلب أن يتمتع ببعض القواعد الخاصة التي لا نجد لها مثيلا في العقود المبرمة بالطرق التقليدية، فالأمر يكون سهلا بالنسبة للعقود التي تبرم بالحضور المادي للأطراف الذي يسمح بضمان بعض المسائل القانونية أهمها:
– استطاعة كل من الطرفين التحقق من أهلية الآخر وصفته في التعاقد.
– التحقق من تلاقي الإرادتين، إذ تم ذلك بشكل متعاصر بحيث يتم صدور الإيجاب من أحدهما فيتبعه القبول من الطرف الآخر.
– التحقق من تاريخ التصرفات والمستندات.
– الإعداد المسبق لأدلة الإثبات.
– التحقق من مكان إبرام العقد.
– إعتماد مجموع هذه العناصر وذلك بتوقيع المتعاقدين [28].
أما تبادل التعبير عن الإرادة في العقود المبرمة عن بعد، فإنه يثير الشك بالنسبة للعناصر السابقة.
ويمكن القول هنا أن اعتبار العقد الإلكتروني ضمن طائفة العقود المبرمة عن بعد، لا يعني أنه دائما تعاقد بين غائبين، كون إن التباعد المكاني لا ينفي إمكانية توفر مجلس العقد، الذي يكون افتراضيا في مثل هذه العقود، كأن يكون العقد مبرم عبر الأنترنيت باستعمال وسيلة المحادثة والمشاهدة المباشرة.
ثالثا: يغلب على العقد الإلكتروني الطابع التجاري.
فالتجارة الإلكترونية E-COMMERCE [29]، هي المجال الذي يظهر فيه العقد الإلكتروني بصفة خاصة، كون العقد الالكتروني هو أهم وسيلة من وسائل هذه التجارة، وهذا ما جعل بعض الفقه يعبر بمصطلح التجارة الإلكترونية على العقود الالكترونية تجاوزا، ولا يقصد بالتجارة الالكترونية تلك التجارة في الأجهزة الإلكترونية، بل يقصد بها المعاملات والعلاقات التجارية التي تتم بين المتعاملين فيها من خلال استخدام أجهزة ووسائل إلكترونية مثل الأنترنيت، وعرفها البعض بأنها: ” مجموع المبادلات الإلكترونية المرتبطة بنشاطات تجارية والمتعلقة بالبضائع والخدمات بواسطة تحويل المعطيات عبر شبكة الأنترنيت والأنظمة التقنية الشبيهة ” [30].
ويلاحظ أن المشرع الجزائري لم يعرف العقود التجارية لكنه عرف العمل التجاري من خلال المواد 2، 3 و4 من القانون التجاري، فلا تكون التجارة الإلكترونية سوى ممارسة تلك الأعمال بواسطة الوسائل الإلكترونية[31].
ومنه يمكن القول بأن التجارة الإلكترونية لا تختلف عن التجارة التقليدية من حيث مضمونها ومحترفيها، أما وجه الخصوصية فيها فيتمثل في وسائل مباشرتها، وبصفة خاصة الطريقة التي تنعقد بها العقود ووسائل تنفيذها.
ويمتد مفهوم عقود التجارة الإلكترونية إلى ثلاثة أنواع من الأنشطة:
– عقود خدمات ربط ودخول الأنترنيت وما تتضمنه خدمات الربط ذات محتوى التقني، وهي عقود تتم بين القائمين على تقديم الخدمات على شبكة الانترنيت Internet-ISBs services providers والمستفيدين منها[32].
– التسليم أو التزويد التقني للخدمات أي عقود التجارة الإلكترونية التي يتم فيها تنفيذ عقود محلها تقديم خدمات عبر شبكات الإتصال، ومثالها عقود الإشتراك في قواعد المعلومات عبر شبكة الأنترنيت.
– استعمال الأنترنيت كواسطة أو وسيلة لتوزيع البضائع والخدمات المسلمة بطريقة غير تقنية (تسليم مادي عادي) حيث يتم إبرام العقد عبر شبكة الأنترنيت لكن تنفيذه يكون بالطرق العادية، ومثاله الشركة التي تقوم ببيع الآلات الإلكترومنزلية عبر شبكة الأنترنيت من خلال المتاجر الإفتراضية، أين يتم التعبير عن الإرادة عبر الشبكة ذاتها لكن تسليم الشيء يكون خارج الشبكة فتسليم الآلات هذه لا يمكن أن يتم داخل الشبكة.
أما من حيث أطرافها فيندرج في نطاقها العديد من الصور أبرزها العقود التجارية التي تشمل في علاقاتها جهات الأعمال فيما بينها أي من الأعمال إلى الأعمال ( business-to-business ) ويرمز لها اختصارا بـ ( B2B )، أما الصورة الثانية فهي تلك العلاقات التي تجمع الأعمــال بالزبـون (business-to-consumer ) ويرمز لها اختصارا بـ ( B2C ) [33].
الفرع الثاني: نطاق إبرام العقد الإلكتروني.
رأينا من خلال تعريف العقد الإلكتروني وبيان خصائصه بأن هذا النوع من التعاقد لم ينشئ عقودا جديدة ولم يحدث نظرية جديدة، بل هو وسيلة تكنولوجية جديدة لإنشاء العقود، وما دام الأمر كذلك فهل للمتعاقدين الحرية الكاملة في إبرام كافة العقود بالوسيلة الإلكترونية، أم أنهما مقيدان بإبرام أنواع محددة من العقود فقط ؟.
أولا: المبدأ في إبرام العقود الإلكترونية.
هو حرية الأطراف في التعاقد، وفي اختيار شكل التعبير عن إرادتهما، وهو الأصل الذي جاءت به المادة 59 من القانون المدني، فتكون بذلك العقود المبرمة إلكترونيا كغيرها من العقود التي تبرم بالطرق غير الإلكترونية التي لا تخضع لأي قيود، إذ يخول لأطرافها إبرام مختلف العقود الرضائية المسماة منها وغير المسماة بالوسائل الإلكترونية، طالما أنها ليست خارجة عن التعامل بطبيعتها أو بحكم القانون.
ثانيا: الإستثناء في إبرام العقود الإلكترونية.
غير أن القانون يستلزم في أحيان كثيرة شكلية معينة يجب استيفاؤها في انعقاد العقد، بجانب الشروط الموضوعية في تكوين العقد وصحته، على نحو يكون معه التعبير عن الإرادة في الشكل المطلوب غير منتج لأثره القانوني المتوخى إلا إذا توفرت هذه الشكلية، وهي ما يعبر عنها بالشكلية المباشرة، وأهم صورها هي:
1- اشتراط القانون قيام المتعاقد بفعل ما: ومثالها العقود العينية التي يشترط لانعقادها زيادة على ركن التراضي والمحل والسبب، تسليم الشيء المادي محل العقد، فلا يمكن إبرام هذه العقود بالوسائل الإلكترونية، كون تسليم الشيء المادي عبر هذه الوسائل لايمكن تصوره[34].
2- اشتراط القانون الكتابة لانعقاد العقد: فإذا كانت الكتابة متطلبة كـركن في العقـد ( سواء كانت عرفية أو رسمية ) فإن التساؤل يثور في هذا الصدد، حول ما إذا كان من الممكن استيفاء هذه الشكلية في العقود الإلكترونية أي مكتوبة على دعامات إلكترونية.
الواقع أنه بعد تعديل القانون المدني ولا سيما المادة 323 منه، المقابلة للمادة 1316 من القانون المدني الفرنسي[35]، أصبح تعريف الكتابة يتسع ليشمل بجانب الكتابة على الورق، الكتابة في الشكل الإلكتروني أي تلك المثبتة على دعامة إلكترونية، وقد أدى وجود هذا النص ضمن قواعد الإثبات إلى التساؤل عما إذا كانت الكتابة في الشكل الإلكتروني يمكن أن تكون بديلا عن الكتابة التقليدية، وبعبارة أخرى فإن التساؤل المطروح الآن هو ما إذا كانت الكتابة بمفهومها الحديث الموسع، بالنظر إلى وجود تعريفها ضمن القواعد المعالجة للإثبات، لا تزال قاصرة على الكتابة كوسيلة أو أداة للإثبات أو من الممكن أن يتسع نطاقها بحيث تشمل الكتابة كركن للإنعقاد أو لصحة التصرف؟
إن الفقه الفرنسي كان منقسما بين المفهومين المشار إليهما فيما تقدم إلى قسمين:
فقد ذهب فريق للقول إلى أن هذا النص الجديد يتسع نطاقه ليشمل أيضا الكتابة المتطلبة كركن لانعقاد العقد، ذلك ان عمومية تعريف الكتابة بمقتضى نص المادة 1316 يقتضي القول بأن الكتابة المقصودة بهذا النص لم تعد قاصرة على الكتابة كدليل إثبات، وإنما يشمل أيضا الكتابة المتطلبة لصحة التصرف أو التي تكون ركنا لانعقاد العقد، وبالتالي فالمادة 1316 بصياغتها الجديدة هي التي يجب الرجوع إليها في كل الحالات التي تثار فيها فكرة الكتابة، كونها النص الوحيد الذي تضمن تعريفا لها، وينتهي هذا الفقه من ذلك بأن الكتابة هي فكرة واحدة، فما دام القانون لا يفرض شكلا خاصا لهذه الكتابة كطلب الكتابة بخط اليد، فإن الكتابة المتطلبة لصحة التصرف تكون بالضرورة كتلك المتطلبة كأداة للإثبات، ويصح هذا المفهوم حتى في الحالة التي يشترط فيها القانون أن تكون هذه الكتابة موقعة، ففي هذه الحالة لا يوجد مانع يحول دون الكتابة في الشكل الإلكتروني، وأن يتخذ التوقيع كذلك الشكل الإلكتروني، كون المشرع الفرنسي أقر بالتوقيع الإلكتروني، وجعله مساويا في حجيته التوقيع الخطي في المادة 1320-4 المقابلة للمادة 327 فقرة 2 من القانون المدني الجزائري.
وفي مقابل هذا الرأي، ذهب فريق آخر من الفقه إلى القول بأن هذا التدخل التشريعي يجب أن يحصر مجال إعماله فيما ورد بشأنه، أي يجب أن يقتصر على مجال الإثبات، وحاول أنصار هذا الفقه الإستناد إلى ما ورد في الأعمال التحضيرية لمشروع القانون رقم 2000-230 المتعلق بإصلاح قانون الإثبات لتكنولوجيات المعلومات والتوقيع الإلكتروني، وبالتحديد إلى ما ذكره مقرر هذا المشروع من أن تعريف الكتابة الوارد بنص المادة 1316 :” لا يتعلق إلا بالكتابة كأداة للإثبات ويبقى دون أثر بالنسبة للكتابة المتطلبة لصحة التصرف “[36].
وفي الأخير حسم المشرع الفرنسي هذا الخلاف لصالح الرأي الأول، بإصداره لمرسومين بتاريخ 10 أوت 2005 [37]، الأول يعدل ويتمم المرسوم المتعلق بنظام المحضرين القضائيين، والثاني يعدل ويتمم المرسوم المتعلق بالعقود المحررة من قبل الموثقين، والذان سيدخلان حيز التنفيذ بداية من 01 فيفري 2006، اذ يكون بالإمكان إبرام العقود التي تتطلب الكتابة الرسمية كركن لانعقادها على دعامة إلكترونية، ويتم التوقيع على العقد من طرف المحضر أو الموثق بالطرق الإلكترونية، على أن يتم إنشاء نظام لمعالجة إرسال البيانات معتمد من قبل الغرف الوطنية لهذه المهن.
أما بالنسبة للتعديلات التي طرأت على القانون المدني بموجب القانون 05-10 في هذا المجال، فلم يتطور بشأنها النقاش بعد نظرا لحداثتها ونعتقد في هذا الشأن أنه لا يمكن القول بإمكانية إبرام القعود التي تطلب المشرع إخضاعها للكتابة الرسمية في ظل القانون المدني الجزائري إلكترونيا، كون هذه الأخيرة تشترط أن يشهد إبرامها الضابط العمومي وأن يوقعها ويختمها بيده، أما بالنسبة إلى العقود التي تتطلب الكتابة العرفية فهي تكاد تنعدم في القانون الجزائري.
وتجدر الإشارة في الأخير إلى أنه إذا اشترط القانون الكتابة الخطية كركن لانعقاد العقد، أو تطلب أن تكون بعض البيانات إلزامية يجب أن يتضمنها العقد مكتوبة بخط اليد، أو أن يكون التوقيع بخط اليد، فإن الكتابة في هذه الحالات لا يمكن أن تكون إلكترونية ولا يمكن بالتالي إبرام العقد بالوسيلة الإلكترونيـة [38].
المبحث الثاني: إنعقاد العقد الإلكتروني
لقد رأينا في المبحث السابق أن العقد الإلكتروني ما هو إلا عقد عادي ولكنه يختلف عنه في جزئية معينة هي وسيلة إبرامه، ويشترط لانعقاد العقد الالكتروني كغيره من العقود توافر التراضي بين طرفيه والمحل والسبب، ولا يبدو أن الفقه قد أوجد شيئا من الخصوصية بالنسبة لركني المحل والسبب في العقد الإلكتروني، ولذلك سوف نتناول ببعض التفصيل ركن التراضي.
ويتوقف وجود التراضي على تلاقي التعبير عن إرادتين متطابقتين لإبرام العقد، وهو يتوقف بدوره على صدور الإيجاب بالتعاقد من قبل الموجب الذي يقابله القبول من قبل من وجه إليه الإيجاب ، ومن ناحية أخرى على تلاقي هذا القبول بالإيجاب، فإن لم يتلاق التعبير عن الإرادة الذي تتوفر فيه مقومات الإيجاب بالتعبير عن الإرادة الذي تتوفر فيه مقومات القبول، فلن يتحقق التراضي ولـن ينعقد العقد، وسوف ينصب تركيزنا في هذا الموضوع على الجوانب الهامة التي يتميز فيها العقد الإلكتروني عن غيره من العقود المبرمة بالطرق التقليدية، بداية بدراسة صور التعبير عن الإرادة في العقد الإلكتروني وما يثيره من جدال حول قبول الوسائل الإلكترونية كأداة قانونية تسمح بالتعبير عن الإرادة وموقف القانون المدني من ذلك، ثم نتطرق إلى تطابق الإرادتين في العقد الإلكتروني.
المطلب الأول: التعبير عن الإرادة في العقد الإلكتروني.
الأصل الذي جاءت به المادة 60 من القانون المدني فيما يخص كيفية تعبير المتعاقدين عن إرادتيهما أن يتم باللفظ أو الكتابة أو بالإشارة المتداولة عرفا أو باتخاذ موقف لا يدع أي شك في دلالته على مقصود صاحبه، فحسب هذا النص يصح أن يكون التعبير عن الإرادة صريحا، كما يمكن أن يكون ضمنيا، سواء كان ذلك إيجابا من أحد المتعاقدين أو قبولا من المتعاقد الآخر [39].
ووضعت المادة 68 فقرة 2 منه، استثناء على هذه القاعدة بنصها على إمكانية أن يكون السكوت الملابس وسيلة للتعبير عن القبول [40].
إلا أن ظهور الوسائل الجديدة للتعبير عن الإرادة جعلت التساؤلات تطرح في الآونة الأخيرة حول مشروعيتها في إبرام العقود، وهذا ما يلزم التطرق أولا إلى الصور الجديدة للتعبير عن الإرادة، ثم دراسة مدى مشروعية هذه الوسائل في إبرام العقود ثانيا.
الفرع الأول: صور التعبير عن الإرادة في العقد الإلكتروني.
سيتم التطرق في هذا الفرع إلى صور الإرادة في العقود التي تبرم عن طريق الأنترنيت بالنظر لأهميتها وانتشارها الكبير أولا، ثم بعد ذلك إلى تبيان صور التعبير عن الإرادة بالوسائل الأخرى (التيلكس والفاكس ).
فقرة أولى: صور التعبير عن الإرادة في العقود المبرمة عن طريق الأنترنيت.
تنقسم هذه الصور إلى ثلاث فئات، هي التعبير عن الإرادة بواسطة البريد الإلكتروني، وعبر شبكة المواقع وأخيرا عبر المحادثة والمشاهدة.
أولا: التعبير عن الإرادة عبر البريد الإلكتروني E-mail.
لقد أصبح بالامكان استخدام تقنية البريد الإلكتروني من التعبير عن الإرادة، وتعرف خدمة البريد الإلكتروني بأنها استخدام شبكة الأنترنيت كمكتب للبريد، بحيث يستطيع مستخدم الأنترنيت بواسطتها إرسال الرسائل المعبرة عن إرادته في إبرام العقد إلى أي شخص له بريد إلكتروني، كما يمكن أيضا تلقي الرسائل المعبرة عن إرادة من أي مستخدم آخر للأنترنيت، ولا يستغرق إرسال الرسالة واستقبالها سوى بضعة ثواني، وتتم هذه الخدمة مجانا، و يشترط في الشخص الذي يريد التعاقد بهذه الوسيلة أن يكون لديه برنامج للبريد الإلكتروني يدرج ضمن البرامج التي يحتويها جهاز الكمبيوتر الخاص به، وأن يتبع بعض الخطوات اللازمة لكي يصبح متمتعا بهذه الخدمة، وتتم هذه العملية بكتابة عنوان المرسل إليه في الخانة المخصصة لذلك ثم كتابة موضوع الرسالة ثم الضغط على أمر الإرسال، وبذلك تكون الرسالة قد أدرجت تحت عنوان المرسل إليه على الشبكة، ولكي يتمكن هذا الأخير من مطالعتها فما عليه سوى استعمال برنامج بريده الإلكتروني، ويصدر أمرا بتحميل الرسالة على صندوق بريده الإلكتروني الوارد، وهنا سوف يجد جميع الرسائل التي وردت إليه في هذا الصندوق، ويسمح البرنامج المستخدم عادة بإيجاد قائمة بالرسائل تتضمن بيانا بالمرسلين مع التمييز بين الرسائل التي سبق مطالعتها وتلك التي لم يطلع عليها المرسل إليه بعد، ولقراءة أية رسالة ينبغي الضغط على موضوعها في القائمة المذكورة لتظهر للمرسل إليه على شاشة جهاز حاسوبه[41].
وبذلك يستطيع نظام البريد الإلكتروني التواصل بين شخصين تفصل بينهما آلاف الكيلومترات دون أن يلتقيا فعليا وشخصيا، كما يستطيع المرسل، إرسال تعبيره عن الإرادة في آن واحد إلى عشرات الأشخاص في دول مختلفة، وذلك باستخدام برنامج معين، وبهذه الصفات يكون البريد الإلكتروني، سوى اقتراب كبير من جهاز التيلكس، الذي يكون الإتصال فيه والردبواسطة الكتابة و في وقت متقارب جدا [42].
ثانيا: التعبير عن الإرادة عبر شبكة المواقع Web.
تعتبر خدمة الويب، أو ما يعرف بشبكة المعلومات العالمية هي الخدمة التي يمكن من خلالها زيارة مختلف المواقع على شبكة الأنترنيت، وتصفح ما فيها من صفحات من أجل الوصول إلى معلومات معينة ومن أجل إبرام عقد مع أحد التجار الذي يعرض منتوجاته عليها.
إن أهم المصطلحات التي تقابلنا هو web site ويقصد به كل مكان يمكن زيارته على شبكة المعلومات العالمية، التي تحتوي الملايين منها، لكل من هذه المواقع عنوان خاص يشار إليه بأحرف الإختصار الذي يقوم مقام العنوان العادي أو رقم الهاتف، وتتميز هذه العناوين بالثبات والإستمرارية على مدار الساعة، ولكي نتمكن من زيارة أحد هذه المواقع فما يكون علينا سوى تحرير هذا العنوان، للدخول على هذا الموقع، وبعد ذلك تظهر الصفحة الرئيسية للموقع، التي يمكن من خلالها الوصول إلى الصفحات الأخرى التي يتضمنها الموقع والتي يرغب الزائر في الحصول على معلومات منها أو التعاقد حول مختلف السلع والخدمات المعروضة عليها[43].
ويتم التعبير عن الإيجاب أو القبول في الموقع بالكتابة، وببعض الإشارات والرموز التي أصبحت متعارفا عليها عن طريق هذه الشبكة، فهناك إشارات تدل على الرضا (وجه مبتسم) وهناك إشارات تدل على الرفض (وجه غاضب) وهذه الإشارات لا تخرج عن معناها التقليدي سوى أنها إشارات صادرة عن جهاز كمبيوتر ولكنها تعبر عن إرادة الموجب له وليس عن إرادة الكمبيوتر لأنه أداة صماء، كما أن التعبير عن الإرادة عبر شبكة المواقع يمكن أن يمتد ليشمل المبادلة الفعلية الدالة على التراضي وذلك بأن يعرض الموجب له تقديم استشارة قانونية مثلا، فيقوم الموجب له بإعطاء رقم بطاقة الإئتمان العائدة له فيتم خصم قيمة الخدمة من رصيده فورا، فيتم نقل الأموال إلكترونيا بين المصارف بشرط وجود بطاقة للزبون ورقمه السري [44].
ثالثا: التعبير عن الإرادة عبر وسائل المحادثة والمشاهدة المباشرة.
الحديث عبر شبكة الأنترنيت يمكن أن يكون عبارة عن تبادل رسائل مقسمة على الشاشة حسب عدد الأشخاص، كما قد يتضمن تبادلا مباشرا للكلام، وقد يتطور حسب برنامج ووجود كاميرات فيديو، فيصبح حديثا بالمشاهدة الكاملة.
ونلاحظ هنا أن التعبير يمكن أن يكون بالكتابة أو الكلام المباشر أو بالإشارة أو بالمبادلة عن طريق بطاقات الإئتمان، وكما يكون تعبيرا صريحا أو يمكن أن يكون ضمنيا، ونلاحظ أنه يمكن أن نكون أمام مجلس عقد إفتراضي على أساس أن المتعاقدين يشاهدون ويسمعون بعضهم البعض مباشرة إلا إذا كان السكوت على الشاشة لفائدة من وجه إليه الإيجاب أو كان هناك تعامل سابق بين الطرفين إتصل الإيجاب بهذا التعامل، ويظهر ذلك خاصة في العلاقة التي تجمع البنوك مع زبائنها عبر شبكة الأنترنيت [45].
الفقرة الثانية: صور التعبير عن الإرادة في العقود التي تبرم بالوسائل الإلكترونية الأخرى.
نقتصر في هذه الدراسة على وسيلتين من الوسائل التعاقد الإلكتروني وهما التيلكس والفاكس.
أولا: التعبير عن الإرادة بواسطة التيلكس.
يعتبر التيلكس جهازا لإرسال المعلومات بطريقة طباعتها وإرسالها مباشرة، وعدم وجود فارق زمني بين المرسل والمستقبل إلا إذا تم الإرسال ولم يكن هناك من يرد في نفس الوقت، وبذلك يقترب من التعاقد عن طريق الأنترنيت في أنه يمكن أن يكون فوريا دون حاجة لمرور فاصل زمني بين الإيجاب والقبول، ويكون التعبير عن الإرادة عبر التيلكس بالكتابة، دون غيرها من وسائل الإتصال الفوري.
ثانيا: التعبير عن الإرادة بواسطة الفاكس.
هو عبارة عن جهاز استنساخ بالهاتف يمكن به نقل الرسائل والمستندات المخطوطة باليد والمطبوعة بكامل محتوياتها نقلا مطابقا لأصلها، فتظهر المستندات والرسائل على جهاز فاكس آخر لدى المستقبل، ويلاحظ هنا الفارق الزمني للرد على المرسل [46]، ويتميز هذا الجهاز بالسرعة وضمان وصول الرسائل والمستندات وسهولة الإستعمال.
ويمكن أن يكون التعاقد عبر الأنترنيت مطابقا للتعاقد عبر الفاكس إذا كان إرسال المستندات عن طريق جهاز الكمبيوتر، و يكمن الفرق بين الأنترنيت عن الفاكس في أن التعبير عن الإرادة يكون في الأول فوريا ومباشرا دون الحاجة إلى فاصل زمني بين الإيجاب والقبول، إضافة إلى أن التعبير عنها يكون بكل الوسائل الصريحة والضمنية، أما في الفاكس فلا يكون إلا بالكتابة ماعدا حــــالات وصل جهــــاز الهاتف
مع الفاكس بجهاز واحد، حيث يمكن التعبير في هذه الحالة الأخيرة بالكلام أو بالكتابة[47].
الفرع الثاني: مشروعية الوسائل الإلكترونية الحديثة في التعبير عن الإرادة.
إن استغلال وسائل تقنية المعلومات المذكورة للتعبير عن الإرادة في إبرام العقود و مختلف التصرفات القانونية بين شخصين غائبين مكانا، تثير العديد من التساؤلات حول مدى اعتراف القانون المدني بهذه الوسائل الجديدة للتعبير عن الإيجاب والقبول وبناء عناصر التعاقد [48]، الشيء الذي جعل الفقه ينقسم في الدول التي مازالت تعتمد نفس النظم التقليدية في التعبير عن الإرادة إلى رأيين أولهما يقر بمشروعية هذه الوسائل في التعبير عن الإرادة والثاني يرفض ذلك، وسيتم التعرض إلى هذين الرأيين فيما يلي :
الفقرة الأولى: القائلون بمشروعية الوسائل الإلكترونية للتعبير عن الإرادة.
يعتقد أصحاب هذا الرأي [49] أنه رغم أن القانون المدني لا يتضمن نصوصا صريحة بشأن التعبير عن الإرادة بالوسائل الإلكترونية الحديثة، فإن مشروعية التعاقد هذه يمكن استخلاصها من القواعد العامة الواردة في القانون المدني ومنها:
1- الأصل في التعاقد حرية التراضي وفقا لما يقتضيه مبدأ سلطان الإرادة [50] الذي كرسته المادة 60 من القانون المدني التي تعطي المتعاقدين الحرية الكاملة في اختيار الكيفية التي يعبران بها عن إرادتهما، ولا مانع من امتداد هذه الحرية للتعبير عن الإرادة بالوسائل الإلكترونية.
2- بما انه أصبح للكتابة في الشكل الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني مكانا ضمن قواعد الإثبات في القانون المدني، من خلال نصي المادتين 323 مكرر1 و327 فقرة 2، فالأولى أن تجد لها موقعا في انعقاد العقد.
3- نص المادة 64 من القانون المدني التي تقضي بأنه: ” إذا صدر الإيجاب في مجلس العقد لشخص حاضر دون تحديد أجل القبول فإن الموجب يتحلل من إيجابه إذا لم يصدر الإيجاب فورا، وكذلك إذا صدر الإيجاب من شخص إلى آخر بطريق الهاتف أو بأي طريق مماثل”، فاستنادا إلى هذه المادة فعبارة “بأي طريق مماثل” تشير إلى أية وسيلة تقترب فنيا من الهاتف، ولذا فإن النص يمتد ليشمل التعاقد بالوسائل الإلكترونية خاصة منها الأنترنيت كون الإتصال على هذه الشبكة يمكن أن يتحول إلى هاتف عادي عبر المحادثة الشفهية، وإن الطرق الإلكترونية الأخرى للتعبير عن الإرادة كالبريد الإلكتروني أو الفاكس تشبه أيضا الطرق التقليدية للتعاقد مثل المراسلة.
4- إضافة إلى ما سبق ، فإن الفقرة الأخيرة من المادة 60 التي تنص بأنه يجوز : “أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحا “.
تفتح هذه الفقرة المجال لأساليب التعاقد الإلكتروني، حيث أن قيام أي فرد بعرض موقع دائم وثابت له على شبكة الأنترنيت يعني أن يقصد اتخاذ مسلك وطريق يشير ويعلن فيه إلى الناس عن نية التعاقد عن طريق موقعه، وشبكة الأنترنيت تعرض على مدار الساعة عن الإعلانات ووسائل البيع والشراء والتقديم للوظائف والخدمات، وذلك إشارة صريحة باتخاذ مسلك مباشر لا لبس فيه على التعاقد[51].
الفقرة الثانية: الرافضون لمشروعية الوسائل الإلكترونية كأداة للتعبير عن الإرادة.
خلافا للرأي السابق المؤيد لمشروعية الوسائل الإلكترونية الحديثة للتعبير عن الإرادة، فإن هذا الإتجاه يرفض الإعتراف بمشروعية هذه الوسائل للتعبير عن الإرادة وتبريرا لموفقه يقدم الحجج التالية:
1- إن القانون المدني بأحكامه الحالية لا ينص صراحة على استعمال الوسائل الإلكترونية كأدوات للتعبير عن الإرادة ولا يجب تفسير نصوصه، خاصة منها المادة 64 فقرة 2 المتعلقة بالتعاقد عبر الهاتف أو أية وسيلة متشابهة تفسيرا واسعا يشمل الصور الإلكترونية الحديثة للتعبير عن الإرادة، فلو أراد المشرع اعتمادها لنص عليها صراحة كما فعلت التشريعات المقارنة.
2- إن استعمال الوسائل الإلكترونية للتعبير عن الإرادة لا يخلو من المخاطر، كون هذه الوسائل لا تسمح من توثق كل طرف من أطراف العلاقة العقدية من وجود وصفة الطرف الآخر بمعنى عدم توثق كل طرف من أن يخاطبه الشخص الذي رضا التعاقد معه فعلا، وهذا ناجم عن طبيعة هذه الوسائل التي يتميز التعاقد من خلالها بالإفتراضية واللامادية virtuel et dématérialisé ، فلا أحد يضمن لمستخدم شبكة الانترنيت بأن ما وصله من معلومات إنما جاءت من هذا الموقع، ولا أحد يضمن له أيضا حقيقة الموقع ووجوده على الشبكة، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار تنامي عمليات اختراق المواقع وإساءة استعمال أسماء الغير في الأنشطة الجرمية [52].
3- إعتداد القانون المدني في مادته 323 مكرر1 بالكتابة في الشكل الإلكتروني في الإثبات لا يعني أنه يقر بها كوسيلة للتعبير عن إرادة المتعاقدين، فهي خاصة فقط بالإثبات لا غير، فكتابة بنود عقد على دعامة إلكترونية وحفظ نسخة منه لا يعني بالضرورة أن المشرع قد أعطي الشرعية لهذه الوسائل للتعبير عن الإرادة.
رغم قوة حجج الرأي الأول الذي يؤيد قبول القانون المدني بصيغته الحالية للوسائل الإلكترونية كأدوات للتعبير عن الإرادة إستنادا للقواعد العامة لإبرام العقود خاصة منها مبدأ الرضائية، إلا أنه يبقى عدم الإعتراف الصريح لهذا القانون لشرعية هذا النمط للتعبير عن الإرادة من ناحية، وعدم تنظيمه بالشكل الكافي من ناحية أخرى، يتسبب في عدم حماية المتعاقدين حماية كافية من مخاطر التعاقد بهذه الوسائل، إضافة إلى إعاقة التجارة الإلكترونية في بلادنا.
ولتفادي ذلك حث القانون النموذجي للتجارة الإلكترونية “CNUDCI ” الدول الأعضاء للاعتراف الصريح في قوانينها على قبول الوسائل الإلكترونية ( رسائل البيانات ) في التعبير عن الإرادة وتنظيمها، إذ نصت المادة 11 منه على أنه: ” في سياق تكوين العقود، وما لم يتفق الطرفان على غير ذلك، يجوز استخدام رسائل البيانات عن العرض وقبول العرض.
وعند استخدام رسالة بيانات في تكوين عقد، لا يفقد ذلك العقد صحته أو قابليته للتنفيذ لمجرد استخدام رسالة بيانات لذلك الغرض”.
وأضافت المادة 12 على أنه: ” في العلاقة بين منشأ رسالة البيانات والمرسل إليه، لا يفقد التعبير عن الإرادة أو غيره من أوجه التعبير مفعوله او صحته أو قابليته للتنفيذ لمجرد انه على شكل رسالة بيانات”.
وتطبيقا لذلك فقد اعترفت التشريعات المتطورة صراحة بقبول رسالة البيانات للتعبير عن الإرادة ونظمتها لتضاف للصور التقليدية المعروفة [53].
المطلب الثاني: تطابق الإرادتين في العقد الإلكتروني.
لكي ينعقد العقد لابد أن يصدر إيجاب من أحد المتعاقدين يعقبه قبول من المتعاقد الآخر، ولابد أن يقترن الإيجاب بالقبول ويرتبط بهذه المسائل، مسألة مكان وزمان إقترانهما، والتي لها مكانتها الهامة والمتميزة في العقود المبرمة بالوسائل الإلكترونية، وهذا ما سيتم دراسته في هذا المطلب.
الفرع الأول: عناصر تطابق الإرادتين في العقد الإلكتروني.
يتم تطابق الإرادتين بصدور الإيجاب واقترانه بقبول موافق له صادر من المتعاقد الذي وجه له.
الفقرة الأولى: الإيجاب في العقد الإلكتروني.
يعرف الإيجاب بأنه العرض الذي يتقدم به الشخص ليعبر به ـ على وجه الجزم ـ عن إرادته في إبرام عقد معين، فينعقد هذا العقد بمجرد صدور القبول [54]، وحينئذ يكون التعبير عن الإرادة إيجابا متى توفر الشرطان الآتيان: – أن يكون التعبير دقيقا ومحددا.
– أن يكون باتا.
فإذا نظرنا إلى صور الإيجاب عبر شبكة الأنترنيت نجد أنه إما أن يكون إيجابا عبر البريد الإلكتروني، وإما إيجابا على صفحات الويب وإما إيجابا عن طريق المحادثة والمشاهدة.
أولا: الإيجاب عبر البريد الإلكتروني E-mail:
– الإيجاب عبر البريد الإلكتروني في حالة وجود فترة زمنية فاصلة بينه وبين القبول: ويكون في هذه الحالة موجها غالبا من شخص إلى آخر تحديدا فنكون امام حالة تنطبق مع حالة الإيجاب الصادر عبر الفاكس أو البريد العادي، فيكون الموجب بحاجة لفترة زمنية فاصلة لاستلام الإجابة، وبذلك يكون الإيجاب قائما غير ملزم إلا إذا تضمن إلزاما للموجب بالبقاء على إيجابه لفترة محددة ويمكن استخلاص هذه الفترة من طبيعة هذا الإيجاب والعرف، وهذا ما نصت عليه المادة 63 من القانون المدني[55]، فإذا كان إيجابا غير ملزم فإنه يمكن أن يتم به العقد متى كان باتا وجازما، كما يمكن أن يسقط في حالة رفضه عبر البريد الإلكتروني أو التعديل فيه أو تكراره، أو انقضاء المدة في حالة ما إذا كان ملزما، كما يمكن الرجوع عنه بنفس الوسيلة أو عبر اتصال هاتفي مثلا.
– الإيجاب عبر البريد الإلكتروني في حالة الإتصال بالكتابة مباشرة: في هذه الحالة يقترب الإيجاب كثيرا بالإيجاب عبر التلكس، الذي يوفر الإتصال المباشر في إيجابه وقبوله، حيث يمكن أن يرد القبول فور صدور الإيجاب، وهنا نكون أقرب إلى مجلس العقد، ولا نخرج من القاعدة الواردة في المادة 64 من القانون المدني التي تقضي بأن : ” إذا صدر الإيجاب في مجلس العقد لشخص حاضر دون تحديد اجل القبول فإن الموجب يتحلل من إيجابه إذا لم يصدر القبول فورا…….” ، ويكون تحلل الموجب من إيجابه في هذه الحالة بأي فعل أو قول يدل على الإعتراض الذي يبطل الإيجاب، ويمكن أن نتصور هنا أنه أثناء تبادل الإيجاب عبر البريد الإلكتروني يقوم الموجب له بإغلاق جهاز الكمبيوتر أو بإعطاء إشارة إلى انه انتقل إلى موقع غير موقع الموجب فيكون الموجب له قد قام بفعل قد دل على الإعتراض فأبطل الإيجاب [56].
ثانيا: الإيجاب عبر شبكة المواقع Web:
الإيجاب عبر شبكة المواقع لا يختلف كثيرا عن الإيجاب الصادر عبر الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية المخصصة بعرض السلع وتوصيلها إلى المنازل[57]، ويتميز بأنه إيجاب مستمر على مدار الساعة والأغلب أن يكون موجها إلى الجمهورعامة بالإعلان والإشهار لبيع السلع وتقديم الخدمات المتوفرة، وعادة ما يكون هذا الإيجاب محددا بزمن، أو معلقا على شرط عدم نفاذ السلعة، وهذا الشرط راجع لطبيعة هذا الإيجاب في حد ذاته ( كونه موجه إلى الجمهور وخاصة منهم المتواجدين على شبكة الأنترنيت)، لذلك فإن احتمال نفاذ هذه السلعة أمر وارد بالنظر إلى كثرة عدد الأفراد الموجه إليهم هذا الإيجاب بما قد يتسبب بورود طلبات على السلعة أو الخدمة التي تعرضها بما يفوق قدرة المنتج أو البائع على توريد السلعة مهما كان مقدور مخزونها لديه، مما قد يتطلب منه العمل أكثر ولمدة زمنية قد تطول من أجل الوفاء بإيجابه [58]، و يكون الإيجاب عبر شبكة الويب معلق على شرط عدم تغيير الأسعارفي أحيان أخرى، إذ يحتفظ الموجب بحقه في تعديل هذا الثمن تبعا لتغير الأسعار في السوق والبورصة.
ويطرح الإيجاب عبر شبكة المواقع مسألة التكييف القانوني للإعلان عبرة شبكة الـ Web ، إذ يرى جانب من الفقه إن هذه الإعلانات هي بمثابة دعوى للتعاقد وليست إيجابا حتى ولو كان الإعلان يحتوي على كل الشروط الجوهرية للعقد، إلا إذا تعلق الأمر بالإعلان عن السلع أو الخدمة يعتد فيه بشخص المتعاقد فنكون في حالة إيجاب.
ويستند هذا الرأي على اشتراط المواقع على شبكة الأنترنيت تأكيد الزبون قبوله للعقد عن طريق الضغط مرتين أو أكثر على الزر الخاص بالموافقة، المتواجد على لوحة مفاتيح، وذلك للتأكد من أن موافقة الزبون على العقد لم يأتي عن طريق الخطأ.
في حين يرى جانب آخر من الفقه، أن الإعلانات عن السلع والخدمات عبر الأنترنيت هي إيجاب غير ملزم، أي دعوى للتعاقد، إلا إذا نص الإعلان ذاته على خلاف ذلك [59].
ونؤيد الرأي الأول فيما ذهب إليه، في تكييف الإعلان على شبكة الأنترنيت على أن له مقومات الإيجاب إذا تضمن المسائل الجوهرية في التعاقد، وعدم تعرض التعبير لما ينفي نية الإرتباط بالتعاقد، اذ أن توجيه الإيجاب للجمهور لا يؤثر على تكييف الإعلان بأنه إيجاب، طالما أنه يحتمل أن يصدر قبولا من أي شخص فينعقد العقد، باستثناء العقود التي يكون فيها شخص المتعاقد معه محل اعتبار، مما يقتضي حتما تحفظا ضمنيا ينال بموجبه من قطعية الإيجاب، ومثال ذلك الإعلان عن تأجير محلات سكنية أو البحث عن مستخدمين، ففي مثل هذه الحالات يحتفظ من صدر منه التعبير لنفسه بحق الموافقة على من يتقدم إليه بناء على الدعوى التي وجهها.
ثالثا: الإيجاب عبر المحادثة أو المشاهدة المباشرة:
يستطيع المتعامل على شبكة الأنترنيت أن يرى المتصل معه على الشبكة وأن يتحدث معه، وذلك عن طريق كاميرا توصل بجهاز الكمبيوتر لدى الطرفين، فيتحول الكمبيوتر إلى هاتف تقليدي أو هاتف مرئي، فنكون في هذه الحالة أمام حضور افتراضي لطرفي العقد في مجلس عقد واحد Présence virtuelle simultanée، أو ما يسمى بمجلس عقد افتراضي، يقترب جدا من المجلس الحقيقي، فيكون الإيجاب صادر مباشرة بالكلام أو بالكتابة أو بالمشاهدة، وينطبق على هذا النوع من الإيجاب القواعد العامة في التعاقد بين حاضرين زمانا المنصوص عليها في المادة 64 من القانون المدني، فيكون الإيجاب غير ملزم ما لم يحصل القبول فورا، وللموجب حينئذ الحق في العدول، فإذا عدل الموجب عن إيجابه، يسقط الإيجاب ولا يتم العقد إطلاقا، وإذا صدر قبول بعد ذلك فلا يعتد به وإنما يعتبر إيجابا جديدا.
أما إذا لم يعدل الموجب عن إيجابه فإن الإيجاب لا يسقط، لكنه يصبح غير ملزم، وهو ما يسمى بالإيجاب القائم وغير الملزم، وفي هذه الحالة فإن صدور قبول قبل انفضاض مجلس العقد يؤدي إلى انعقاد العقد[60].
الفقرة الثانية: القبول في العقد الإلكتروني.
يعرف القبول بأنه الرد الإيجابي على الإيجاب من طرف الموجب له[61] أو هو التعبير عن إرادة من وجه إليه الإيجاب في إبرام العقد على أساس هذا الإيجاب [62].
والقبول هو العنصر الثاني في العقد، ويجب لكي ينتج القبول أثرا في انعقاد العقد أن يتطابق تماما مع الإيجاب في كل جوانبه، وإلا فإن العقد لا ينعقد، فإذا اختلف القبول عن الإيجاب اعتبر إيجابا جديدا وليس قبولا إلا في حالة الإتفاق الجزئي، الذي نصت عليه المادة 69 من القانون المدني والذي يكون منشئا للعقد إذا توافرت شروطه.
وعالجت في نفس الوقت المادة 68 من القانون المدني مسألة مدى اعتبار السكوت قبولا، وهي المسائل التي سوف نتناولها بما لها من خصوصية في العقد الإلكتروني.
أولا: الطرق الخاصة بالقبول في العقد الإلكتروني.
فتكون طرق القبول في العقود التي تبرم بالوسائل الإلكترونية بنفس طرق الإيجاب فيها المذكورة أعلاه، بحيث تكون صور القبول في العقود التي تبرم بواسطة التيلكس أو الفاكس أو بواسطة البريد الإلكتروني بالكتابة، وهي كتابة لا تختلف في جوهرها عن الكتابة العادية سوى في وسيلتها.
وتكون صور التعبير عن القبول في العقود التي تبرم بواسطة المشاهدة والمحادثة عبر الأنترنيت باللفظ او بالإشارة المتداولة عرفا. وهذا لا يمنع أن يتم القبول بطريق إلكتروني غير الطريق الذي صدر الإيجاب بواسطته، كأن يصدر الإيجاب بواسطة البريد الإلكتروني فيكون القبول بواسطة الفاكس أو العكس[63].
1- التعبير عن القبول على شبكة الويبWeb :
يثور المشكل خاصة بالنسبة إلى التعبير عن القبول في العقود التي تبرم عن طريق شبكة المواقع أو الويب Web، وبصفة خاصة مسألة مدى اعتبار ملامسة من وجه إليه الإيجاب لأيقونة “القبول” أي “Accepter” أو الضغط عليها مرة واحدة كافية للتعبير عن القبول تعبيرا صحيحا ومعتد به قانونا ؟ في الحقيقة، انقسم الفقه حول هذه المسألة إلى قسمين إذ يرى جانب منه أنه لا يوجد ما يحول من الناحية القانونية دون ذلك في كل الأحوال مادام الموجه له الإيجاب الخيار في الخروج من الموقع ورفض التعاقد، في حين يرى الجانب الآخر من الفقه أنه يجب لقبول هذا التعبير أن يثبت الموجب بأن موقعه قد أتاح الفرصة للمستخدم لقراءة شروط هذا العقد [64].
إلا أن القضاء الفرنسي لم يقتنع بصحة هذا القبول بواسطة اللمس أو الضغط clic على أيقونة القبول إلا إذا كان حاسما.
وذلك بأن تتضمن عبارات التعاقد رسالة القبـــول نهائيــا من أجـل تجنب أخــطاء اليــــد erreurs de manipulation أثناء العمل على الجهاز، مثل هل تؤكد القبول؟ والإجابة على ذلك بنعم أو بلا، بحيث يتم التعبير عن القبول بلمستين double clic، وليس بلمسة واحدة تأكيدا لتصميم من وجه الإيجاب إليه على قبوله، ويطلق الفقه على هذه اللمسة “باللمسة الأخيرة للقبول clic final d’acceptation” ، وبذلك يمكن القول بأن التعبير عن القبول قد تم عبر مرحلتين، وهو نمط جديد في التعبير عن القبول، ظهر مع ظهور العقود الالكترونية، وتكمن ايجابياته في تمكين المتعاقد من التفكير جيدا قبل تأكيد قبوله[65].
كما هناك أيضا العديد من التقنيات التي تسمح بتأكييد رغبة المتعاقد في القبول، ومن ذلك وجود بطاقة الطلبات أو ما يسمى بوثيقة الأمر بالشراء bon de commande يتعين على الموجه إليه الإيجاب تحريرها على الشاشة وهو بذلك يؤكد سلوكه الإيجابي في هذا الشأن أو تأكيد الأمر بالشراءconfirmation de la commande ، عن طريق ارساله من طرف الموجه اليه الايجاب الى موقع الموجب[66].
لكن الفقه أثار جدية مسألة القيمة القانونية لهذا التأكيد للقبول، فإما أن يكون القبول قد تم قبل التأكيد، فلا تكون له قيمة قانونية، وإما أن القبول لا يتم إلا بصدور التأكيد، فيكون هذا التأكيد هو القبول بعينه، بحيث لا تبدو الحاجة لمعاملته كشيء آخر بجوار القبول، ويرى الأستاذ أسامة أبو الحسن مجاهد أن الإجابة على هذا التساؤل تستخلص من خلال تفاصيل البرنامج المعلوماتي الذي يتم التعاقد من خلاله، والذي لن يخرج عن فرضيات ثلاثة:
الأولى: إذا كان هذا البرنامج لا يسمح بانعقاد العقد إلا إذا تم التأكيد بحيث لن يترتب على صدور القبول مجردا من التأكيد أي أثر وفي هذه الحالة نستطيع الجزم بأن القبول لا يتم إلا بعد صدور التأكيد.
الثانية: إذا كان البرنامج يسمح بانعقاد العقد دون أن يرد فيه التأكيد على الإطلاق، وهنا لا مفر من القول بأن القبول قد صدر بمجرد لمس أيقونة القبول.
الثالثة: وهي حالة وسط، بأن يتضمن البرنامج ضرورة التأكيد ولكن لا يمنع من انعقاد العقد بدونه، وهنا يمكن القول أن اللمسة هي قرينة على الإنعقاد، ولكنها قابلة لإثبات العكس، بمعنى أنه يمكن للموجب له أن يثبت أن هذه اللمسة صدرت منه خطأ فيعتبر عدم صدور التأكيد منه دليلا على أنه لم يقصد قبول التعاقد[67].
2- التعبير عن القبول في المعاملات الالكترونية المؤتمتة.
المعاملات الالكترونية المؤتمتة هي تلك المعاملات التي لا تقبل التدخل البشري فيها، إنما تتم عن طريق برامج الكترونية معدة مسبقا للقيام بمهمة معينة وهذه البرامج مزودة بمعلومات محددة، بما هومسند إليها بمجرد تلقي الأمر بذلك، ومثال ذلك قيام أحد الأشخاص بمخاطبة آخر عن طريق شبكة web من أجل شراء عدد معين من السيارات من أحد المعارض وكان هذا المعرض يتعامل عن طريق حاسوب آلي بحيث يرد على الزبائن بمجرد تلقي الطلب الخاص بنوع السيارة فيذكر السعر واللون وكيفية الاستلام، وفي حالة تحديد الزبون لطلبه، يقوم البرنامج بمخاطبته بقبول الشراء و إبرام عقد البيع، ومثاله أيضا رغبة أحد الأشخاص في حجز تذكرة سفر لدى إحدى شركات الطيران، فما عليه إلا أن يدخل إلى موقع الشركة على شبكة الانترنيت ويطالع مواعيد الرحلات و الأماكن الشاغرة ،حيث يطلب حجز مقعد في رحلة يحددها هو، ويطلب منه سداد القيمة، وبمجرد تمام تحويل القيمة عن طريق عملية الدفع الالكتروني تظهر له عبارة OK وبمجرد الضغط عليها يستطيع الحصول على صورة من تذكرة السفر عن طريق الحاسوب الشخصي الخاص به[68].
يتضح من خلال هذين المثالين أن التعبير عن القبول تم عن طريق الحاسوب الآلي المزود بمعلومات محددة وبرامج خاصة قادرة على إنجاز المعاملة بمجرد أن يطلب منها ذلك دون تدخل بشري، وبذلك يترتب على هذا القبول كافة الآثار القانونية المترتبة على القبول الصادر عن الأفراد بالطريقة التقليدية – دون تدخل وسائط الكترونية – اذ يكون التعاقد صحيحا ونافذا ومنتجا لأثاره القانونية على الرغم من عدم التدخل الشخصي أو المباشر للشخص الطبيعي في عملية إبرام العقد.
إن مرد ذلك يرجع إلى أن الشخص الطبيعي أو المعنوي الواجب عليه الإيجاب هو الذي يمتلك النظام الالكتروني الذي تم من خلاله التعبير عن قبوله من جهة وأنه هو الذي قام ببرمجة هذا النظام بشكل جعله يرسل الرسائل المعبرة عن قبول ذلك الشخص بحسب إرادته[69].
إلا أن الفقه يرى بأن سريان هذا التصرف في حق الموجب يفترض إثبات علمه بأن القبول صدر عن طريق النظام الالكتروني المؤتمت أو يفترض أنه كان يجب عليه أن يعلم بأن العقد أو المعاملة سوف تبرم بهذه الوسيلة[70].
3– مدى اعتبار التحميل عن بعد تعبيرا عن القبول Téléchargement.
يثور التساؤل حول اعتبار التحميل عن بعد Téléchargement [71] لأحد برامج الكمبيوتر صورة من صور القبول بحيث يترتب به انعقاد العقد، ومثاله العملي عرض إحدى الشركات على مستعمل الأنترنيت أن يتعاقد على الخط ( أي على الشبكة نفسها ) على أحد برامجها وتنبهه في نفس الوقت أنه إذا ضغط على أيقونة Accepter فإنه يعد قابلا لشروط استعمال البرنامج،ومن ضمن هذه الشروط أنه يجوز للشركة أن تعدل شروط العقد في أي وقت بناء على مجرد إخطار Notification، يحدث أثره فورا، مع ملاحظة أن هذا الإخطار يجوز أن يتم على نفس البرنامج، فهل ضغط مستعمل الأنترنيت على أيقونة القبول من طرف المستعمل يعني أنه عبرعلى نحو صحيح عن قبوله شروط استعمال هذه الخدمة والتعديلات اللاحقة لها والتي سوف تكون نافذة في حقه ؟ ففي مثل هذه الحالات يكون الضغط على أيقونة القبول وسيلة قانونية للتعبير عن القبول إذا اتضح منها إرادته الجازمة في التعاقد، أما مسألة عدم علمه المسبق ببعض الشروط العقدية فينبغي أن تواجه وفقا لما استقر عليه الأمر بشأن هذه المشكلة بصفـة عامة [72].
ثانيا: السكوت الملابس كوسيلة للتعبير عن القبول في العقود الإلكترونية.
تنص المادة 68 من القانون المدني على أنه:” إذا كانت طبيعة المعاملة، أو العرف التجاري، أو غير ذلك من الظروف، تدل على أن الموجب لم يكن لينتظر تصريحا بالقبول فإن العقد يعتبر قد تم، إذا لم يرفض الإيجاب في وقت مناسب.
ويعتبر السكوت في الرد قبولا، إذا اتصل الإيجاب بتعامل سابق بين المتعاملين، أو إذا كان الإيجاب لمصلحة من وجه إليه”.
وتعد هذه الحالة استثنائية بخصوص التعبير عن الإرادة، فالأصل هو أن يكون التعبير صريحا أو ضمنيا، ولا يعتبر الساكت معبرا عن إرادته إلا إذا اتصل الإيجاب بتعامل سابق بين المتعاقدين، أو كان الإيجاب في مصلحة من وجه إليه كما أشارت إلى ذلك المادة المذكورة، و نورد فيما يلي مدى ملائمة
مختلف الحالات التي يكون فيها السكوت تعبيرا عن القبول في العقود التي تبرم بالوسائل الالكترونية فيما يلي:
1-العرف:
في وقتنا هذا، لا يمكن للعرف أن يلعب دورا فعليا في التعاقد عبر الأنترنيت ، وذلك نظرا لحداثة هذا الشكل من أشكال التعاقد.
2- مصلحة من وجه إليه الإيجاب :
إذا تمخض الإيجاب لمصلحة من وجه إليه، فهي حالة تتضمن عملا من أعمال التبرع دون أي التزام على عاتق من وجه إليه الإيجاب، وهو تصرف غير مألوف على الأنترنيت كون أغلب العقود التي تبرم بهذا الشكل هي عقود تجارية.
3-التعامـل السابق:
أما التعامل السابق بين المتعاقدين هي الحالة التي تصادفنا كثيرا في التعاقد عبر الأنترنيت، ومثالها اعتياد الزبون على شراء بعض السلع من أحد المتاجر الإفتراضية، سواء بالبريد الإلكتروني أو عن طريق صفحات الويب، وهنا يمكن القول بأن هذه الحالة تعد من الحالات النموذجية للتعاقد السابق، وبالتالي يعد هنا السكوت في الرد قبولا.
لكن ورغم وجود العلاقة السابقة بين الطرفين لا يمكن اعتبار سكوت من وجه إليه الإيجاب بواسطة رسالة إلكترونية متضمنة عدم الرد خلال مدة زمنية معينة بمثابة قبول، بل يجب أن يقترن بهذا السكوت وهذا التعامل السابق ظرف آخر يرجح دلالة السكوت على قبول الزبون للتعاقد[73].
الفرع الثاني: زمان ومكان تطابق الإرادتين في العقد الإلكتروني.
إذا كان التعاقد بالوسائل الإلكترونية يميزه بصفة أساسية التباعد المكاني بين طرفيه، فإن التساؤل عن اللحظة التي يبرم فيها ومكان انعقاده يبدو سؤالا مشروعا، وبصفة خاصة لما للإجابة عليه من نتائج عملية هامة[74].
الفقرة الأولى: زمان انعقاد العقد الإلكتروني.
إن دراسة زمان انعقاد العقد الإلكتروني تقودنا أولا إلى إبراز أهمية تحديد هذا العنصر بصفة عامة، ثم التطرق إلى تكييف العلاقة العقدية التي تتم بالوسائل الإلكترونية من حيث أنها تعاقد بين حاضرين أو غائبين، ثم في الأخير إلى تحديد لحظة انعقاد العقد الإلكتروني وفقا للقواعد الواردة في القانون المدني.
أولا: أهمية تحديد زمان انعقاد العقد
تبدو أهمية تحديد زمان انعقاد العقد في ما يلي:
– إن القول بانعقاده في لحظة معينة يمنع على أي من طرفيه نقضه أو التحلل منه.
– حق الموجب في العدول عن إيجابه بعد انقضاء الأجل المحدد للقبول.
– سريان المواعيد من وقت تمام العقد، حسب ما تقضي به المادة 90 فقرة 2 من القانون المدني
التي تقضي بأنه: ” يجب أن ترفع الدعوى بذلك خلال سنة من تاريخ العقد و إلا كانت غير مقبولة”.
– سقوط الإيجاب في بعض الحالات بالوفاة أو فقدان الأهلية، فإذا توفي الموجب أو فقد أهليته قبل انعقاد العقد يسقط الإيجاب، أما إذا تم العقد قبل ذلك يكون صحيحا.
– إستحقاق المشتري الإنتفاع بالشيء وإيراده وكذلك تحمل تكاليفه من يوم تطابق الإرادتين أي انعقاد العقد طبقا للمادة 383 من القانون المدني.
– وتظهر أهميته أيضا بالنظر إلى ما يشترط في ممارسة بعض الدعاوى كالدعوي البوليصية، التي يشترط فيها أن يكون تاريخ العقد الذي يطعن فيه الدائن قد صدر من مدينه لاحقا على الحق الثابت له في ذمة المدين [75].
ثانيا: تكييف العقد الالكتروني فيما إذا كان تعاقد بين حاضرين أم غائبين.
يجب الإشارة أولا إلى أن هناك من الفقهاء من يعتد بمعيار الزمن للتمييز بين التعاقد بين الحاضرين والتعاقد بين الغائبين، ففي الحالة الأولى تنمحي الفترة الزمنية بين صدور القبول والعلم به، فالموجب يعلم بالقبول في الوقت الذي يصدر فيه.
أما في التعاقد بين الغائبين فإن هناك فترة زمنية ملحوظة تفصل بين وقت صدور القبول وعلم الموجب به
وهناك من الفقهاء من يرى أن معيار الزمن ليس مانعا ولا جامعا، فالزمن ليس هو العنصر الوحيد الذي يميز التعاقد بين الغائبين عن التعاقد بين الحاضرين، بل أن هناك ثلاثة عناصر مجتمعة، وهي عنصر الزمن وعنصر المكان وعنصر الإنشغال بشؤون العقد[76].
وإذا رجعنا إلى التعاقد الإلكتروني فإنه يجب التمييز بين الحالات التالية:
1- التعاقد عبر البريد الإلكتروني E-mail :
– حالة وجود فاصل زمني بين الإيجاب والقبول: في هذه الحالة لا شك أن التعاقد يكون بين غائبين، وهو الحكم الذي ينطبق كذلك على التعاقد عبر الفاكس.
– حالة ما إذا صدر الإيجاب والقبول في نفس الوقت، في هذه الحالة نقترب من التعاقد عبر الهاتف، وذلك لأن الإيجاب والقبول يكونان في نفس الزمن، فلابد من تطبيق أحكام التعاقد بين الحاضرين زمانا، وهذا الحكم ينطبق أيضا على التعاقد بواسطة التيلكس.
2-التعاقد عبر شبكة المواقع Web :
– إذا دخل الشخص إلى أحد المواقع على الشبكة وأرسل إيجابه وانتظر فترة من الزمن لتلقي القبول، فنكون أمام التعاقد بين غائبين.
– وإذا تلقى هذا الشخص الإيجاب فورا فنكون في هذه الحالة أمام التعاقد بين حاضرين.
3- التعاقد عبر المحادثة والمشاهدة المباشرة:
نكون أما مجلس عقد لإمكانية تبادل الإيجاب والقبول عبر المحادثة والمشاهدة المباشرة، وعليه يتم تطبيق أحكام التعاقد بين الحاضرين زمانا [77].
ثالثا: تحديد زمان إنعقاد العقد الإلكتروني.
أخذ المشرع الجزائري بنظرية العلم بالقبول في تحديد لحظة انعقاد العقد في المادة 67 من القانون المدني التي تنص على أنه: “يعتبر التعاقد بين الغائبين قد تم في المكان والزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك، ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان، وفي الزمان اللذين وصل إليه فيهما القبول “[78].
وهذا يقتضي أن يطلع الموجب على الرسالة المتضمنة للقبول، ويعتمد أصحاب هذه النظرية على تطابق أو توافق الإرادتين الذي يقتضي حتما أن يكون كل متعاقد على علم بإرادة المتعاقد الآخر، فالأخذ بهذه النظرية يؤجل الآثار المترتبة على القبول مما يوفر فرصا إضافية للموجب له للتراجع عن قبوله، ويعاب على هذه النظرية صعوبة إثبات العلم بالقبول، خاصة بالنسبة للتعاقدات التي تتم بالوسائل الإلكترونية [79].
وتطبيقا لهذه النظرية بشأن العقود المبرمة بالبريد الإلكتروني أو الفاكس، يمكن القول بأن العقد ينعقد في هذه الحالة في اللحظة التي يعلم فيها الموجب بالقبول أي بقيامه بفتح صندوق بريده الإلكتروني، والإطلاع على رسالة القابل، أي تحققه من قبول الأخير بالإيجاب المعروض عليه، أو في حالة وصول الرسالة إلى جهاز الفاكس المرسل إليه والإطلاع عليها من قبل الموجب في حالة التعاقد عبر الفاكس [80].
إن تكريس نظرية العلم بالقبول من طرف المشرع جعل البعض من الفقه يعتقد أن اعتبار التعاقد الإلكتروني تعاقد بين حاضرين حكما أو بين غائبين ليس له أي تأثير من الناحية العملية على مكان وزمان انعقاد العقد، طالما ان المشرع اعتمد مذهب العلم بالقبول.
لكننا نخالف هذا الرأي كون القاعدة التي جاءت بها المادة 67 من القانون المدني قرينة بسيطة يمكن
للموجب أن يثبت أنه لم يعلم بالقبول إلا في وقت لاحق، كما أن لهذه القاعدة صبغة تكميلية، الأمر الذي يسمح للمتعاقدين أن يتفقا على مخالفتها، كأن يتفقا على أن يتم العقد وقت صدور القبول مثلا [81].
الفقرة الثانية: مكان انعقاد العقد الإلكتروني.
إن تحديد مكان انعقاد العقد له أهمية خاصة، من حيث تحديد القانون الواجب التطبيق بشأنه والقضاء المختص بنظر منازعاته، وتزداد هذه الأهمية خاصة إذا تعلق الأمر بالعقود الإلكترونية التي تبرم عبر شبكات الإتصال ومنها الأنترنيت، نظرا للطابع غير المادي والعالمي الذي تتميز بها هذه الوسائل في التعاقد، مما يجعل القواعد التي تحكم هذه المسألة في القانون المدني محل تساؤل عند الكثير من الفقهاء حول إمكانية تطبيقها على هذه العقود، لذا ستتم دراسة مكان انعقاد العقد الإلكتروني في النقطتين التاليتين:
أولا: تحديد مكان انعقاد العقد الإلكتروني.
تنص المادة 67 من القانون المدني على أنه: “يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم في المكان وفي الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك.
ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان، وفي الزمان اللذين وصل فيهما إليه القبول”.
إن هذا النص وضع قاعدة عامة تفيد بأن مكان إبرام العقد الذي يبرم بين غائبين هو المكان الذي يعلم فيه الموجب بالقبول، إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك أو نص القانون على غير ذلك.
إن تطبيق هذه النظرية بالنسبة للعقود التقليدية التي تتم بين غائبين بواسطة تبادل الوثائق والخطابات المكتوبة يبدو سهلا نظرا للطبيعة المادية لوسيلة تبادل التراضي بين المتعاقدين، في حين أن تطبيقها على العقود الإلكترونية يثير الكثير من التساؤلات، كون محاولة تركيز هذا العقد في دولة معينة أمرا صعب التحقيق، نظرا للطبيعة الدولية لشبكة الأنترنيت بوصفها متصلة بجميع الدول في آن واحد، من جهة، وعن الطبيعة غير المادية لهذه الوسيلة في التعاقد، لاحتوائها على عدد هائل من المواقع الإفتراضية من جهة أخرى.[82]
بالإضافة إلى عدم اتفاق هذه النظرية مع جميع صور القبول، فقد رأينا أن القبول قد لا يتم صراحة وإنما يستنتج من سلوكيات الموجه إليه الإيجاب، وذلك في حالة السكوت الملابس الذي يمكن أن يعتبر قبولا في العقود الإلكترونية، كما لو قام الموجه إليه الإيجاب بالأعمال التي تنفذ العقد مباشرة دون إعلان لإرادته في هذا الشأن، ومن هنا لا يتحقق اتصال القبول بإرادة الموجب.
فقد يصدر الايجاب من محل إقامة الموجب أو من حيث توجد مشروعاته التي بها نظامه المعلوماتي الذي من خلاله يقيم اتصالاته وتعاقداته، كما يمكن أن تصدر من أي مكان توجد به وسيلة الإتصال [83].
ثانيا: القانون الواجب التطبيق على العقود الإلكترونية.
نصت المادة 18 المعدلة من القانون المدني على أنه: “يسري على الإلتزامات التعاقدية القانون المختار من المتعاقدين إذا كانت له صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد.
وفي حالة عدم إمكان ذلك، يطبق قانون الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة، وفي حالة عدم ذلك يطبق قانون محل إبرام العقد.
غير أنه يسري على العقود المتعلقة بالعقار قانون موقعه”.
يتضح من خلال هذه المادة أن المشرع قد بنى قاعدة الإسناد الخاصة بالعقود الدولية على ثلاثة ضوابط، أحدهـا أساسي وهو قانون إرادة المتعاقدين، وآخران احتياطيان، وهما قانون الموطن المشترك والجنسية المشتركة وقانون محل إبرام العقد [84].
واشترط في قانون الإرادة أن تكون له صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد، فلم يترك بالتالي لطرفي العقد الحرية الكاملة لاختيار القانون الواجب التطبيق على عقدهما، والسبب في هذا التقدير القانوني هو ضرورة إقامة توازن بين إطلاق حرية المتعاقدين في اختيار القانون الذي يحكم العقد من ناحية، وضرورة خضوع هذه الرابطة العقدية للأحكام الآمرة للدولة القريبة للعقد واختصاص قضائها الوطني، منعا للغش وحماية للطرف الضعيف في العقد، الذي يكون عادة المستهلك، وبذلك تتفق آراء الفقهاء مع رغبة المشرع في حمايته، خاصة في العقود التي تبرم بالطرق الإلكترونية [85].
واختيار للقانون الواجب التطبيق يمكن أن يتم من طرف المتعاقدين على شبكة الويب Web، كما يمكن أن يتم من خلال الرسائل المتبادلة بالبريد الإلكتروني بعد الإتفاق على البنود العقدية الأخرى، ومن ثمة فإن مشاكل قانون الإرادة المتعارف عليها في العقود التقليدية تطرح نفسها هنا أيضا بما يتفق مع طبيعة شبكة الأنترنيت، فالعلاقة التي اشترطتها المادة 18 من القانون المدني بين قانون الإرادة والعقد قد تتمثل في مكان إبرام العقد أو في مكان تنفيذه، ولكن هذين المعيارين لا يعبران في جميع الأحوال عن علاقة جدية بالعقد في التعاقد الذي يبرم من خلال الأنترنيت، الذي يفترض اتصال العقد بجميع الدول نظرا لاتصال الأنترنيت بها في آن واحد، نتيجة انفتاح هذه الشبكة على العالم كله، فالأنترنيت نفسه هو وسط غير مادي يتم فيه إبرام العقد من دون أن يكون مركزا في إقليم دولة معينة، لأنه فضاء إلكتروني مستقل غير خاضع لدولة بعينها، بحيث يمكن القول بتطبيق قانونها، كما أن مكان تنفيذ العقد لا يخلو من الصعوبة، خاصة بالنسبة للعقود التي
تبرم وتنفذ على شبكة الأنترنيت دون حاجة للرجوع إلى الفضاء المادي الخارجي، ومن هنا لا يوجــــد
إقليم دولة معينة يتم فيه تنفيذ العقد، بل نحن إزاء بيئة غير مادية يتم تنفيذ العقد من خلالها [86]، وهذا مادفع
الفقه إلى التساؤل عما إذا كانت الأنترنيت منطقة بلا قانون، مشبهين إياها بالمحيط الذي ليس له حدود ولا مناطق جغرافية ولا تملكه دولة بعينها، فمستعمل الأنترنيت يتجول في فضاء وطني وفي فضاء دولي في آن واحد، إذ يستطيع زيارة مواقع في كل أنحاء العالم لا تخضع لسيادة أية دولة.
ويرى جانب من الفقه عكس ذلك إذ يعتقد أن شبكة الأنترنيت منطقة خاضعة لعدد هائل من القوانين ومن الأنظمة القضائية، وذلك لتعذر خضوعها لقانون واحد، ذلك أن القانون لم يكن غائبا أبدا عن الشبكات ولا يمكن أن يغيب عنها، ووجود القانون الذي ينظم الأنترنيت هو أمر بديهي، وذلك طالما أنه يوجد أفراد خلف الأدوات يجب أن يتفق سلوكهم عبر الشبكة مع القانون.
وينفي رأي ثالث بشدة مشكلة الفراغ القانوني بالنسبة لشبكة الأنترنيت ضاربا أمثلة للعديد من التشريعات التي يمكن أن تخضع إليها في فرنسا، وللأجهزة الحكومية التي يمكن أن تتدخل بشأن الأنترنيت، وهي ذات الأجهزة المنوط بها تنفيذ هذه التشريعات، وهو ما ذهب إليه مجلس الدولة الفرنسي.
ومن الأمثلة التي أعطاها الفقه لارتباط العقد بقانون دولة معينة، العقود الإلكترونية التي يتم فيها عرض السلعة أو الخدمة عن طريق البريد الإلكتروني، فالعرض يتم استقباله في دولة من وجه إليه، متى كان هذا الأخير قد دخل إلى موقع البريد المعلن به عرض السلعة أو الخدمة، ويتصور حصول هذا الفرض حين يقوم مورد السلعة أو الخدمة بإرسال رسالة إلكترونية ذات طبيعة دعائية لذات بلد الموجه إليه الإيجاب، أو يصمم صفحة إعلانية توجه تحديدا إلى البلد الذي يقيم فيه من وجه إليه الإيجاب، ويعد ذلك النوع من العقود وثيق الصلة بقانون دولة محل الإقامة العادية لمن وجه إليه الإيجاب إذا كان الموجب قد قام بالأعمال الضرورية واللازمة لإبرام العقد في هذه الدولة، كأن يسجل طلبه على شبكة الأنترنيت أو يقبل إيجاب البائع عن طريق البريد الإلكتروني، ففي هذا المثال تعد أفعال القبول الصادرة ممن وجه إليه الإيجاب ذات علاقة بقانون الدولة محل إقامته العادية [87]، وبالتالي يمكن اتفاق المتعاقدين على تطبيقه.
لكن رغم ارتباط قانون الإرادة بدولة محددة تبقى الإشكالية تطرح حول مدى صحة هذا الشرط على ضوء حقيقة مفادها أن المستخدم قد لا يكون قد قرأ شروط العقد وعليه فإنه بالتأكيد لم يناقشه، وربما يقع هذا العقد وفق بعض النظم القانونية ضمن مفهوم عقد الإذعان، إضافة إلى أن هناك العديد من النظم القانونية لا تتضمن حتى الآن تشريعات منظمة لمسائل تقنية المعلومات مما يزيد الصعوبة حول قانون الإرادة والإختصاص القضائي [88].
مما يجعل القاضي السلطة الوحيدة التي تبت في مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق والقضاء المختص، في حالة غياب الإرتباط بين قانون الإرادة والعقد، وذلك باللجوء إلى الجنسية المشتركة للمتعاقدين أو موطنهما المشترك [89].
الفصل الثـاني :
تنفيـذ العقد الإلكتروني وإثباتـــه.
الفصل الثاني:
تنفيذ العقد الإلكتروني وإثباته.
يرتب العقد الإلكتروني كغيره من العقود الأخرى التزامات على عاتق كل متعاقد في مواجهة المتعاقد الآخر.
وتثير هذه الإلتزامات مسألتين، الأولى تتعلق بكيفية تنفيذ طرفي العقد الإلكتروني لالتزاماتهما، والثانية خاصة بإثبات العقد الإلكتروني في حالة ما إذا ثار نزاع حول تنفيذ لهذه الإلتزامات، لذا ستتم دراسة كل مسألة في مبحث خاص بها:
المبحث الأول: تنفيذ العقد الإلكتروني.
تنقسم العقود الإلكترونية من حيث كيفية تنفيذها إلى نوعين، منها ما يبرم عبر الأنترنيت وينفذ خارجها، حيث يشمل هذا النوع العقود التي يكون محلها الأشياء المادية التي يقتضي تسليمها في بيئة مادية، والنوع الآخر من هذه العقود ما يبرم وينفذ عبر شبكات الإتصال ذاتها، حيث يشمل العقود التي يكون محلها الأشياء غير المادية وتقديم الخدمات، ومنها عقود الإشتراك في الأنترنيت وعقود الإشتراك في بنوك المعلومات وعقود الإعلانات وغيرها.
وغالبا ما يتم دفع مقابل السلعة أو الخدمة عبر هذه الشبكات أيضا، لذلك سوف يقتصر حديثنا في هذا المبحث على دراسة التزام المعلن على شبكة الأنترنيت بتسليم السلعة أو أداء الخدمة، والتزام المتعاقد معه بدفع الثمن المقابل لها إلكترونيا، فيما يلي:
المطلب الأول: إلتزام المتعاقد بتسليم السلعة أو بأداء الخدمة.
قد يكون محل التزام المتعاقد على شبكة الأنترنيت تسليم سلعة ما وقد يلتزم بأداء خدمة، وسوف نتناول كلا الإلتزامين في الفرعين التاليين:
الفرع الأول: إلتزام المتعاقد بتسليم السلعة.
تنص المادة 167 من القانون المدني على أن: ” الإلتزام بنقل حق عيني يتضمن الإلتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى التسليم”، ويصدق هذا النص على كل العقود الناقلة لحق عيني، كعقد البيع مثلا[90]، ونظرا لأن الإلتزام بالتسليم يتفرع عن الإلتزام بنقل الملكية، فإن تبعة الهلاك مرتبطة بالتسليم وليس بانتقال الملكية، فالبائع في عقد البيع هو الذي يتحمل تبعة الهلاك الذي يحدث قبل التسليم ولو كانت الملكية قد انتقلت فعلا إلى المشتري، والمشتري هو الذي يتحمل تبعة الهلاك الذي يحدث بعد التسليم ولو لم تكن الملكية قد انقلت إليه فعلا من البائع، ومرد ذلك هو أن الإلتزام بالتسليم هو التزام بتحقيق نتيجة وليس فقط الإلتزام ببذل عناية، فما لم يتم التسليم فعلا لا يكون البائع قد نفذ التزامه [91].
في موضوع التسليم، تنص المادة 364 من القانون المدني على أنه: “يلتزم البائع بتسليم الشيء المبيع للمشتري في الحالة التي كان عليها وقت البيع” وحسب هذه المادة فإن موضوع التسليم هو الشيء المبيع، والذي قد يكون سلعة ذات كيان مادي محسوس كالمعدات والأجهزة الكهربائية، وقد تكون أشياء ذات كيانات معنوية أو اعتبارية ليس لها وجود مادي ملموس، مثل برامج الكمبيوتر وقواعد البيانات أو القطع الموسيقية وغيرها، فيمكن في هذه الحالة أن يكون التسليم بالوسائل الإلكترونية، بحيث يمكن نقل هذه البيانات أو المعلومات إلكترونيا إلى المتعاقد بدون اللجوء إلى الطرق التقليدية في التسليم [92].
وفيما يتعلق بحالة المبيع، ينبغي أن يتم تسليم المبيع على الحالة التي كان عليها وقت البيع، فإذا كانت السلعة ذات كيان مادي وكان المبيع شيئا معينا بالذات ينبغي أن يتم تسليمه بذاته، أما إذا كان المبيع معينا بنوعه فيرجع لاتفاق المتعاقدين على درجة جودة الشيء، فإن لم يتفقا ولم يكن من الممكن استخلاص ذلك من العرف أو من ظرف آخر إلتزم البائع بتسليم صنف متوسط الجودة.
اما إذا كانت السلعة ذات كيان معنوي كالمعلومات مثلا، فيشترط فيها أن تكون حديثة وشاملة بحيث يحرص المتعاقد على إضافة كل جديد من المعلومات التي تتعلق بالمجال الذي يهتم به المتعاقد الذي من أجله أقدم على إبرام العقد، من جهة، كما عليه أن يغطي تماما مجال محل العقد.
فالعقد الذي يكون محله تقديم معلومات خاصة بتطورات قيمة الأسهم في البورصة، يلتزم بموجبه المورد بأن يقدم كل المعلومات المتعلقة بهذا المجال وفق آخر التطورات المسجلة.
أما فيما يتعلق بمقدار المبيع، فقد عالج المشرع حالة نقص المبيع أو الزيادة فيه في المادة 365 من القانون المدني التي تنص على أنه: “إذا عين في عقد البيع مقدار المبيع كان البائع مسؤولا عما نقص منه بحسب ما يقضي به العرف، غير انه لا يجوز للمشتري أن يطلب فسخ العقد لنقص في البيع إلا إذا أثبت أن النقص يبلغ من الأهمية درجة لو كان يعلمها المشتري لما أتم البيع.
وبالعكس إذا تبين أن قدر الشيء المبيع يزيد على ما ذكر بالعقد، وكان الثمن مقدرا بحسب الوحدة وجب على المشتري إذا كان المبيع غير قابل للتقسيم أن يدفع ثمنا زائدا إلا إذا كانت الزيادة فاحشة، وفي هذه الحالة يجوز له أن يطلب فسخ العقد، كل هذا ما لم يوجد اتفاق يخالفه”.
أما عن كيفية التسليم في العقود الإلكترونية فيتم بوضع المبيع تحت تصرف المتعاقد بحيث يتمكن من حيازته والإنتفاع به دون عائق ولو لم يتسلمه تسليما ماديا، ما دام البائع قد أخبره بأنه مستعد لتسليمه، وغالبا ما يتم ذلك عبر البريد، ومن المتصور هنا أن تحدث بعض الصعوبات التي قد تتسبب في تأخر التسليم.
الملاحظ بالنسبة للعقود المبرمة عن طريق الأنترنيت أن تسليم الأشياء ذات الطابع المعنوي يتم بقيام البائع بتمكين المشتري من تحميل برامج الكمبيوتر محل العقد مثلا على القرص الصلب الخاص به أو قيامه بعرض الفيلم الذي يريد المتعاقد مشاهدته على شبكة الأنترنيت، بحيث يتمكن هذا الأخير من مشاهدته[93].
أما زمان التسليم، فقد ترك القانون الحرية للمتعاقدين في تحديد زمان التسليم، فقد يكون ذلك فور إبرام العقد أو بعد إبرامه في أجل معين أو في آجال متتالية، فإذا لم يوجد اتفاق على زمان التسليم، فيجب أن يتم التسليم فور الإنتهاء من إبرام العقد، ويمكن أن يتأخر التسليم بعض الوقت بحسب ما يقضي به العرف وطبيعة المبيع [94].
وبخصوص مكان التسليم ، فقد نصت المادة 368 من القانون المدني على أنه: ” إذا وجب تصدير المبيع إلى المشتري فلا يتم التسليم إلا إذا وصل إليه ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك”، فطبقا لهذا النص فإن التسليم يتم حيث يوجد موطن البائع طبقا للقواعد العامة، ويترتب على ذلك أن تبعة الهلاك أثناء الطريق تكون على البائع وليس على المشتري لأن التسليم لم يتم بعد [95]، ويمكن أن يتم التسليم بالنسبة للعقود التي يكون محلها شيئا معنويا في صندوق البريد الإلكتروني، كمن يشتري كتابا أو مقالا أو قطعة موسيقية ويتم الإتفاق على أن التسليم يكون عن طريق تحميلها أو إرسالها في شكل إلكتروني.
وتكون نفقات تسليم المبيع على البائع في الأصل إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك.
فإذا أخل البائع بالتزامه بتسليم المبيع وفقا لما اتفق عليه، يجوز للمشتري أن يطلب فسخ البيع مع التعويض عن الضرر الذي لحقه جراء ذلك، كما يستطيع أن يطالب البائع بالتنفيذ العيني[96]،والذي يثير بدوره صعوبات كبيرة كون المتعاقدين عادة ما تفصل بينهما مسافات بعيدة.
الفرع الثاني: إلتزام المتعاقد بتقديم الخدمة.
هناك العديد من الخدمات التي تقدم على شبكة الأنترنيت ومن ذلك على سبيل المثال تقديم الإستشارات القانونية من قبل المحامين، أو الإشتراك في بنوك المعلومات، ويلاحظ أن هذا الإلتزام غالبا ما يكون مستمرا لفترة من الزمن، فعقد الإشتراك مثلا في قواعد المعلومات عبر شبكة الأنترنيت لا يمكن تنفيذه في لحظة واحدة بل يكون تنفيذه متتابع على فترات زمنية مستمرة [97]، وتتطلب مثل هذه العقود تعاون الزبون والمورد قصد الإستعلام لتلقي النصائح الفنية التي تمكنه من الحصول على أفضل خدمة يحتاج إليها، ومثال ذلك أن ينصح المتعاقد الزبون بشراء المعدات اللازمة لإجراء عملية البحث في بنك المعلومات التي تسهل حدوث الإتصال والتفاعل بينه وبين بنك المعلومات، ومن الأمثلة أيضا إعداد الزبون فنيا عن طريق بث دورات تعليمية من خلال شبكة الأنترنيت.
وكقاعدة عامة فإن إلتزام المورد بأداء خدمة هو التزام بتحقيق نتيجة ما لم يتضح من نصوص العقد وطبيعة الإلتزام أن الأمر يتعلق ببذل عناية، لذا لا يستطيع المورد التخلص من المسؤولية إلا بإثبات السبب الأجنبي المتمثل في القوة القاهرة، أو خطأ الغير أو خطأ المضرور.
ويجب كما سبق القول، أن يلتزم مورد الخدمة بتوريد معلومات صحيحة شاملة مع التزامه بالحفاظ على سرية مطالب الزبون بشأن الخدمات الموردة له [98].
المطلب الثاني: الإلتزام بالوفاء إلكترونيا.
يترتب عن التزام المنتج أو المورد بتسليم السلعة أو بتقديم الخدمة، إلتزام المشتري أو الزبون بأداء ثمن مقابل السلعة أو مقابل الخدمة، وتكون وسائل الدفع التي يعتمد عليها هذا الأخير سائلة كالنقود الورقية أو المعدنية أو التي تحل محلها من وسائل أخرى كالشيكات، غير أن الطابع المادي لهذه الوسائل لا يصلح لتسهيل التعامل الذي يتم في بيئة غير مادية كالعقود الالكترونية التي تتم في شبكة الأنترنيت أين تزول المعاملات الورقية، ومن هنا كان لابد من البحث من وسيلة سداد تتفق مع طبيعة التجارة الالكترونية التي تتم عبر الأنترنيت، ومن هنا ظهر ما يسمى بأنظمة الدفع والسداد الالكتروني[99]، وسوف تتم دراسة هذا النمط الجديد في الوفاء من خلال فرعين، يخصص الأول لدراسة خصائص الدفع الالكتروني أما الثاني فيخصص لدراسة طرق الدفع الالكتروني:
الفرع الأول: خصائص الدفع الالكتروني:
يتميز الدفع الالكتروني بعدة خصائص من حيث طبيعتة، ومن حيث الجهة التي تقوم على خدمة الدفع الالكتروني، ومن حيث وسائل الأمان الفنية، وسيتم التطرق إلى هذه الخصائص عبر الفقرات التالية:
الفقرة الأولى: من حيث طبيعته
يتميز الدفع الالكتروني بأنه من بين وسائل الوفاء التي تتم عن بعد،ويكون ذلك بإعطاء أمر الدفع عبر شبكة الأنترنيت وفقا لمعطيات الكترونية تسمح بالاتصال المباشر بين طرفي العقد، وبهذه الصفة يعتبر الدفع الالكتروني وسيلة فعالة لتنفيذ الالتزام بالوفاء في العقود الالكترونية التي تقتضي تباعد أطراف العقد، أين يغيب التقائهم المادي على مائدة مفاوضات واحدة[100].
الفقرة الثانية: من حيث الجهة التي تقوم على خدمة الدفع الالكتروني
إن وجود نظام دفع الالكتروني لتسوية المعاملات التي تتم عبر شبكة الأنترنيت يستلزم توافر شروط قانونية و فنية تتمثل فيما يلي:
– توفير بيئة تشريعية ملائمة تقر وتنظم أحكام الدفع الالكتروني( في القانون التجاري و المصرفي)
– توفير نظام مصرفي لإتمام عمليات الدفع وتسهيلها، ويتوقف ذلك على توفير الأجهزة التي تقوم بإدارة مثل هذه العمليات.
– توفير الإمكانيات الفنية والتقنية لتسهيل هذه العمليات[101].
وبتوافر هذه الشروط يصبح بامكان المتعاقد أن يوفي بالتزاماته عن بعد من دون اللجوء إلى الوسائل المادية، وقد كانت أنظمة الدفع الالكتروني في بدايتها تعتمد على اتصال المتعاقد بحسابه لدى البنك، عن طريق موقعه على شبكة الأنترنيت إذ يمكنه الدخول إليه وإجراء ما تتيحه له الخدمة، إلا أن هذا النمط تطور مع شيوع الأنترنيت إذ أمكن للزبون الدخول من خلال الاشتراك العام عبر الأنترنيت، عن طريق فكرة الخدمة المالية عن بعد أو ما يسمى بالبنوك الالكترونية[102] التي تعرف بأنها ” تلك الأنظمة التي تتيح للزبون الوصول إلى حسابه و أية معلومات يريدها، والحصول على مختلف الخدمات والمنتجات المصرفية من خلال شبكة المعلومات تربط بها جهات الحاسوب الخاص به أو أية وسيلة أخرى ” فالبنوك الالكترونية بمعناها الحديث ليست مجرد فرع لبنك قائم يقدم خدمات مالية وحسب، بل هي مواقع مالية تجارية شاملة لها وجود على الخط والشبكة، و يلاحظ أن الشبكة التي يتم من خلالها الدفع الالكتروني يمكن أن يكون الاتصال بها مقتصرا على أطراف العقد Mono-fournisseur وهنا يفترض تواجد معاملات وعلاقات تجارية ومالية سلفا بين الأطراف، غير أن هذه الطريقة تستلزم عدم قصر إدارة الدفع الالكتروني عن طريق البنوك، بل كذلك عن طريق المؤسسات الخاصة الأخرى التي يتم إنشائها لهذا الغرض أو من خلال شبكة عامة حيث يتم التعامل بين أشخاص لا تربطهم رابطة من قبل Multi-fournisseur وتتم هذه الشبكة سواء كانت الجهة التي تقوم بإدارة الدفع الالكتروني خاصة أو عامة[103].
الفقرة الثالثة: من حيث وسائل الأمان الفنية
بما أن الدفع الالكتروني يتم من خلال فضاء معلوماتي مفتوح، فان فرصة السطو على رقم البطاقة أثناء الدفع الالكتروني تكون قائمة ، وهذا الخطر متواجد عند الدفع الالكتروني بغير الانترنيت وأكثر حدوثا على شبكة الانترنيت باعتبارها فضاء مفتوح لكل الأشخاص من كل البلدان، ويكون ذلك باختراق البيانات المتواجدة في الشبكة واستخدامها إضرارا بصاحب البطاقة، ومن أجل تفادي هذا الخطر، فان الدفع الالكتروني يكون مصحوبا بوسائل أمان فنية من شأنها أن تحدد المدين الذي يقوم بالدفع والدائن الذي يستفيد منه، فيتم بطريقة مشفرة باستعمال برنامج معد لهذا الغرض بحيث لا يظهر الرقم البنكي على شبكة الويب Web ، كما يتم عمل أرشيف للمبالغ التي يتم السحب عليها، مما يسهل الرجوع إليه، ولتفادي تداول البيانات على الشبكة تم ابتكار نظام للوفاء يقوم على فكرة الأجهزة الوسيطة بإدارة عمليات الدفع لحساب المتعاقدين، وذلك بتسوية الديون و الحقوق الناشئة عن التصرفات المختلفة التي تبرم بينهما.
وهذا من شأنه توفير الثقة بين أطراف التعامل ويضمن فعاليتها الأكيدة كوسيلة من وسائل الدفع التي تيسر التجارة الالكترونية[104].
الفرع الثاني: أنواع الدفع الالكتروني
يمكن للمتعاقد من خلال شبكة الانترنيت أن يقوم بالوفاء بمقابل ما قد تلقاه من المورد مستخدما اما الطرق التقليدية للوفاء في العقود التي تتم بين غائبين، أو طرق الوفاء المباشرة وذلك من خلال شبكة اتصال
لاسلكية متحدة عبر الكمبيوتر Télématique [105]، وهذا ما يعرف بالدفع الالكتروني، ولهذا الأخير عدة طرق أهمها:
الفقرة الأولى: الدفع عن طريق التحويل الالكتروني
هذه الطريقة تتم بتحويل مبلغ معين من حساب المدين الى حساب الدائنTélé-virement ، دون اللجوء الى استعمال بطاقات الدفع فالعملية تتم بطريقة مباشرة عبر الشبكة الالكترونية، حيث أن أمر الدفع تملكه الجهة التي تقوم على ادارة عملية الدفع الالكتروني، ومن أمثلتها استعمال الوسائط الإلكترونية المصرفية، التي يستطيع بموجبها الزبون أن يطلب من البنك تحويل مبلغ من المال إلى رصيد البائع مقابل الخدمة أو السلعة التي اشتراها عبر الأنترنيت، حيث يتم الإتصال بالبنك بواسطة الهاتف( الهاتف المصرفي)[106].
الفقرة الثانية: الدفع بالبطاقات المصرفية Télépaiement par carte
تعرف البطاقة المصرفية بأنها “عبارة عن بطاقات بلاستيكية (Plastic money) ممغنطة تصدرها البنوك لصالح زبائنها بدلا من حمل النقود، و يستطيع حاملها أن يحصل على ما يحتاجه من سلع وخدمات دون أن يضطر إلى الوفاء بثمنها فورا نقدا أو بشيكات”[107] ، فبامكانه إرسال رقم البطاقة البنكية عن طريق البريد الالكتروني أو من خلال فاكس أو إرسال البيانات المتعلقة بحسابه البنكي مما يمكن المورد من اقتطاع الثمن من حساب العميل. البنكية في بعض
غير أن هذه الوسائل لا تخلوا من المخاطر تتمثل خاصة في تسليم رقم البطاقة على الشبكة دون تشفير أو اتخاذ الاحتياطيات التي تضمن سريته، وأهم هذه البطاقات ما يلي:
1- بطاقات الوفاء carte de payement.
تخول هذه البطاقة لحاملها سداد مقابل مشترياته من سلع وخدمات، حيث يتم تحويل ذلك المقابل من حسابه إلى حساب التاجر، ولا تعد هذه البطاقات ائتمانية إنما تحمل تعهدا من البنك مصدر البطاقة بتسوية الدين بين حامل البطاقة والتاجر، وإن كان هناك رصيد دائن لحامل البطاقة[108].
2- بطاقة الائتمان Carte de crédit.
تخول هذه البطاقة لحاملها الحق في الحصول على تسهيل إئتماني من مصدر هذه البطاقة لحاملها، حيث يقدمها للتاجر ويحصل بموجبها على السلع والخدمات، تسدد قيمتها من الجهة مصدرة البطاقة، ويجب على حاملها سداد القيمة للجهة المصدرة خلال الأجل المتفق عليه، وبذلك تمنح حاملها أجلا حقيقيا وهو ذلك الأجل الذي اتفق على السداد خلاله مع الجهة مصدرة البطاقة.
والجهات المصدرة لهذه البطاقة تحصل على الفوائد مقابل توفير اعتماد لحاملها، ولذلك هذه البطاقات أداة إئتمان حقيقية، فضلا عن كونها أداة للوفاء.
غيرا أن البنوك لا تمنح هذه البطاقة إلا بعد التأكد من ملاءة الزبون أو الحصول منه على ضمانات عينية أو شخصية كافية [109].
3- بطاقات الشيكات chèque garante card.
تصدر البنوك هذا النوع من البطاقات لزبائنها من حاملي الشيكات ويضمن البنك بمقتضى هذه البطاقات الوفاء في حدود معينة بقيمة الشيك الذي يصدره حاملها، وعليه يتعين على حامل البطاقة عند سحب الشيك لأحد التجار من إبراز البطاقة وتدوين رقمها على ظهر الشيك وعلى التاجر أن يتحقق من طبيعة والبيانات المدونة على البطاقة مع البيانات المدونة على الشيك[110].
الفقرة الثالثة: الدفع بالنقود الالكترونية Monnaie électronique
يصطلح على تسميتهـا أيضـا بالنقــود الرقميــة أو الرمزيــة أو النقــــود القيميــــة ( Cybermonnaie – E-mony) وتعرف بأنها ” سلسلة الأرقام التي تعبر عن قيم معينة تصدرها البنوك التقليدية أو البنوك الافتراضية لمودعيها ويحصل هؤلاء عليها في صورة نبضات bits كهرومغناطيسية على بطاقة ذكية أو على الهاردرايف ويستخدمها هؤلاء لتسوية معاملاتهم التي تتم عن طريقه “[111]، ولقد تم ابتكار هذه الطريقة في الوفاء نتيجة للعيوب التي ظهرت على طريقة الدفع بواسطة البطاقات المصرفية، وترتكز هذه التقنية على تجميع وحدات قيمية في أداة مستقلة عن الحسابات المصرفية، وتتمثل في فكرتي حافظة النقود الالكترونية porte monnaie électronique ( PME) و حافظة النقود الافتراضيـة porte monnaie virtuel (PMV) ، اذ يتم شحنهما مسبقا بوحدات لها قيمة مالية عن طريق البنك، ويتم تسجيل هذا الرصيد المالي في بطاقة خاصة في حالة حافظة النقود الالكترونية أو على القرص الصلب لجهاز الحاسوب الخاص بمستعمل الشبكة في حالة النقود الافتراضية[112]، وبهذه الطريقة يستطيع الزبون أن يشتري أية سلعة أو خدمة على شبكة الانترنيت عن طريق إصدار أمر إلى الكمبيوتر الخاص به بدفع قيمة مشترياته بالنقود الإلكترونية المسجلة على القرص الصلب للكمبيوتر الخاص به، وذلك دون أن يعلم البائع أو البنك شخصية الزبون، وبمجرد إصدار الأمر للكمبيوتر بدفع ثمن المشتريات بالنقود الإلكترونية للبائع يتم نقل العملات الإلكترونية من خلال البنك المصدر لها ويقوم بتحميلها على الكمبيوتر الخاص بالبائع، ويستطيع البائع بعد ذلك أن يحول النقود الإلكترونية التي أضيفت إلى حسابه إلى نقود حقيقية عن طريق البنك.
المبحث الثاني: إثبات العقد الإلكتروني.
إن التطور التقني لوسائل الإتصال الحديثة وتقنيات المعلومات أتاح التعامل بنوع جديد من الدعامات، وخلق نوعا جديدا من الكتابة والتوقيع اللذين أصبحا يتمان إلكترونيا، حيث يتم تبادل رسائل البيانات وإبرام العقود عبر شبكات اتصالات، وتحميلها على دعامات غير ورقية داخل أجهزة الكمبيوتر وخارجها مصحوبة بتوقيع إلكتروني لصاحب الرسالة عن طريق التشفير، مما جعل الكتابة الخطية بصورتها التقليدية ليست هي الوسيلة الوحيد في الإثبات بل أصبح يعتد أيضا بالكتابات التي تكون على دعامات غير ورقية مادامت هذه التقنيات تسمح بحفظ الكتابة وقراءتها، وهذا ما كرسه المشرع الجزائري من خلال تعديل قواعد الإثبات المنصوص عليها في القانون المدني، من خلال القانون رقم 05-10.
المطلب الأول: الكتابة في الشكل الإلكتروني وحجيتها في الإثبات.
نتطرق في هذا المطلب إلى تحديد مفهوم الكتبة في الشكل الإلكتروني ثم دراسة القوة الثبوتية لهذه الكتابة.
الفرع الأول: تحديد مفهوم الكتابة في الشكل الإلكتروني.
نتعرض أولا إلى التعريف الجديد للكتابة الذي جاء به القانون المدني ثم نتطرق ثانيا إلى خصائص هذا التعريف.
الفقرة الأولى: تعريف الكتابة
لقد أورد المشرع في المادة 323 مكرر من القانون المدني تعريفا للكتابة بالنص على أنها: ” ينتج الإثبات بالكتابة من تسلسل حروف وأوصاف وأرقام وأية علامات أو رموز ذات معنى مفهوم مهما كانت الوسيلة التي تتضمنها، وكذا طرق إرسالها” [113].
فالمقصود بالكتابة في الشكل الإلكتروني حسب هذا النص[114]، ذلك التسلسل في الحروف أو الأوصاف أو الأرقام أو أية علامات أو رموز ذات معنى مفهوم، المكتوبة على دعامة إلكترونية ومهما كانت طرق إرسالها، ومثال ذلك تلك المعلومات والبيانات التي تحتويها الأقراص الصلبة أو المرنة، أو تلك التي يتم كتابتها بواسطة الكمبيوتر وإرسالها أو نشرها على شبكة الأنترنيت.
الملاحظ أن نص المادة 323 مكرر من القانون المدني، يعتبر أول نص عرف من خلاله المشرع الكتابة التي يمكن استعمالها كوسيلة إثبات للتصرفات القانونية بصفة عامة، والتصرفات الإلكترونية بصفة خاصة، وذلك لتفادي الجدل الذي قد يثور حول الإعتراف بالكتابة الإلكترونية كدليل إثبات، كون الكتابة بمفهومها ” التقليدي ” كان مرتبطا بشكل وثيق بالدعامة المادية أو الورقة، إلى درجة عدم إمكانية الفصل بينهما، وبالتالي لم يكن القانون يعترف بالكتابة المدونة على دعامة إلكترونية إفتراضية، والتي لا تترك أثرا ماديا مدونا له نفس الأثر المكتوب على الورق في الإثبات.
الفقرة الثانية: خصائص التعريف الجديد للكتابة.
– إن مفهوم الكتابة الذي جاءت به المادة 323 مكرر قابل للتوسع، ذلك أن صياغتها بالنص على أنـه ” يتنتج الاثبات بالكتابة من تسلسل حروف أو أرقام أوأية علامات أو رموز ذات معنى مفهوم مهما كانت الوسيلة التي تتضمنها” يفهم منه أن المشرع يعتد لإثبات التصرفات القانونية بأية دعامة كانت عليها الكتابة سواء كانت على الورق أو على القرص المضغوط أو على القرص المرن، ويتسع المفهوم إلى كل الدعائم التي يمكن أن تفرز عنها التطورات التكنولوجية في المستقبل، وهذا المبدأ الذي أخذ به المشرع الجزائري في عدم التفرقة بين الدعامات الالكترونية سماه الفقيه Caprioli بـ:« Principe de neutralité technique et de non discrimination à l’encontre d’un support ou d’un média »[115].
– ويعتد المشرع أيضا في مفهوم الكتابة بأية وسيلة من وسائل نقلها، فيشمل بذلك تعريف الكتابة في الشكل الإلكتروني التي تكون منقولة عن طريق اليد، والتي تكون منقولة على شبكات الإتصال المختلفة.
– إشتراط المشرع أن تكون هذه الكتابة مفهومة signification intelligible وبالتالي يجب أن تكون هذه الأحرف أو الأشكال أو الإشارات أو الرموز أو الأرقام لها دلالة قابلة للإدراك وللقراءة، والمقصود بذلك أنه لو كان هذا التتابع للعلامات أو الرموز، وبمعنى آخر هذا المحتوى المعلوماتي للكتابة المعبر عنها في الشكل الإلكتروني مشفرا بحيث لا يمكن إدراك معاينته من قبل الإنسان بل من قبل الحاسوب فقط فإن هذه الكتابة لا تصح لتكون دليل إثبات، لأنه لا يمكن للقاضي إدراك محتواها في حالة النزاع[116].
من خلال هذه الخصائص يتضح أن هذا المفهوم الجديد للكتابة كما يقول الأستاذ كمال العياري ” أدخلت مسحة من التطور على مفهوم الكتابة مما آل إلى التخلي عن التعريف التقليدي المرتكز على المفهوم الورقي والمادي، فالإعتراف بالكتابة في الشكل الالكتروني قد أدى في الحقيقة إلى تقويض ثنائية المحتوى والوعــــاء (contenu – support)، التي كانت تشكل إحدى أهم خصائص الكتابة التقليدية، ولكن الفصل بين مضمون الكتابة والشكل الذي ترد فيه يثير مسألة الثقة في هذا النوع من الكتابة، ويصيب قيمتها القانونية بالنقصان” [117]، فالكتابة في الشكل الإلكتروني على خلاف الكتابة التقليدية معرضة للتبديل وللتحوير اللاحق مما يمس قوتها الثبوتية، الشيء الذي جعل المشرع يحيطها بعدة ضمانات نتطرق اليها ضمن الفرع الثاني المخصص للقوة الثبوتية للكتابة في الشكل الالكتروني.
الفرع الثاني: القـوة الثبوتية للكتابة في الشكل الإلكتروني.
نصت المادة 323 مكرر 1 من القانون المدني على أنه: “يعتبر الإثبات بالكتابة في الشكل الإلكتروني كالإثبات بالكتابة على الورق، بشرط إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها أن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها”.
لقد أسس المشرع من خلال هذا النص مبدأ التعادل الوظيفي L’équivalent fonctionnel [118]بين الكتابة في الشكل الإلكتروني والكتابة على الدعامة الورقية.
غير أنه لم يأخذ به على إطلاقه بل قيده بشرطين هما:
– إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي صدرت عنه هذه الكتابة.
– أن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها.
وفي هذا الفرع سنتناول بالدراسة المبدأ الذي جاء به المشرع الجزائري ضمن الفقرة الأولى، والشروط المقيدة له في الفقرة الثانية؛
الفقرة الأولى: مبدأ التعادل الوظيفي بين الكتابة في الشكل الإلكتروني والكتابة على الورق.
لقد اعترفت المادة 323 مكرر 1 من القانون المدني بالكتابة الإلكترونية في إثبات التصرفات والعقود من جهة، وجعلتها معادلة في حجيتها للوثيقة المخطوطة على دعامة ورقية، أي لهما نفس الأثر والفعالية من حيث حجية وصحة الإثبات، لكن السؤال الذي يطرح في هذا الصدد حول نوع الكتابة التي يمكن أن تعادل في حجيتها الكتابة في الشكل الإلكتروني؟، وبعنى آخر هل يمكن إثبات التصرفات والعقود التي يتطلب القانون في إثباتها الكتابة الرسمية بالكتابة في الشكل الإلكتروني؟.
إن موقع المادة 323 مكرر من القانون المدني المقابلة لنص المادة 1316-1 من القانون المدني الفرنسي المتعلقة بتعريف الكتابة الواردة ضمن الباب المخصص بإثبات الإلتزام وتحديدا في الفصل الأول الخاص بالإثبات بالكتابة قد أثار جدلا فقهيا، خاصة في فرنسا عما إذا كانت الكتابة في صورتها الحديثة في الشكل الإلكتروني، تعادل في حجيتها حجية الكتابة الرسمية، وبالتالي يمكن من خلالها إثبات عكس التصرفات والعقود المثبتة بكتابة رسمية.
فقد انقسم الفقه حول هذه المسألة إلى فريقين، ذهب جانب منه في تفسير أحكام هذه المادة إلى أن نطاقها يتسع ليشمل الكتابة التي تكون في الشكل الرسمي، نظرا لعمومية تعريف الكتابة الواردة بنص المـادة 1316 من القانون المدني الفرنسي، المقابلة للمادة 323 مكرر من القانون المدني، وموقعها ضمن قواعد الإثبات في مقدمة الفصل الخاص بالإثبات بالكتابة من جهة أخرى، وبالتالي بإمكانها معادلة الكتابة الرسمية في الإثـبـات [119].
بينما ذهب الفريق الثاني للقول بأن هذا التدخل التشريعي يجب أن يحصر مجال إعماله في العقود العرفية، وبالتالي فإن الكتابة التي تكون في الشكل الإلكتروني لا يمكن لها أن تكون إلا عرفية، كون المشرع أراد حماية رضا المتعاقدين لما اشترط إثبات بعض العقود بالكتابة الرسمية التي يشترط لصحتها حضور الضابط العمومي وتوقيعها، وهذا الأخير هو الذي يمنحها رسميتها، والذي لا يمكن حضوره إذا ما تعلق الأمر بالكتابة في الشكل الإلكتروني [120].
وإننا نميل إلى الرأي الثاني في عدم قابلية إثبات التصرفات والعقود التي يشترط فيها المشرع لإثباتها الكتابة الرسمية، كون المادة 324 من القانون المدني تشترط حضور الضابط العمومي والحضور المادي لأطراف العقد أمامه لصحته[121]، ويقول في هذا الشأن الأستاذ العياري ” في الحقيقة يعود هذا الإحتراز إلى أن المشرع مازال محتفظا ببعض الخشية إزاء هذه المعاملات ولا يروم ضمن منظومة لم تستكمل بعد فترة التجربة” [122]، وتطبيقا لذلك فإن الأحكام المتعلقة بالكتابة العرفية هي التي تطبق على الكتابة التي تكون في الشكل الإلكتروني، لذا يمكن إثبات العقود والتصرفات القانونية التي تفوق قيمتها مائة ألف دينار بالكتابة المبرمة في الشكل الإلكتروني، تطبيقا لنص المادة 333 من القانون المدني من جهة، ولا يمكن معارضة الكتابة في الشكل الإلكتروني بشهادة الشهود تطبيقا من جهة أخرى، غير أن اليمين الحاسمة قد تقوض الدليل الثابت بالكتابة في الشكل العرفي.
الفقرة الثانية: شروط قبول الكتابة في الشكل الإلكتروني كدليل إثبات.
وضع المشرع شرطين لقبول الكتابة في الشكل الالكتروني للإثبات، وهما، امكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها، وأن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها، وسبب وضع المشرع لهذين الشرطين [123] يرجع الى طبيعة المحيط الذي تتم فيه المعاملات الإلكترونية كونه محيط إفتراضي وليس محسوس virtuel et dématérialisé، مما يفرض عوائق ناتجة عن طبيعة المحيط نفسه وهي:
– صعوبة التعرف على هوية الطرف الآخر في العلاقات العقدية.
– اصطدام استخراج الكتابة في الشكل الإلكتروني من ذاكرة الحامل ببعض العوائق التقنية.
– امكانية تعرض الكتابة الإلكترونية للتغيير من دون أن يترك هذا التبديل أثرا محسوسا.
وسنتطرق للشرطين المذكورين أعلاه فيما يلي:
أولا: إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها.
إن التعاقد الإلكتروني، لاسيما الذي يتم عن طريق الأنترنيت يثير مسألة هامة تتعلق بإمكانية تأكد المتعاقد من هوية المتعاقد معه، أي توثقه من أن الشخص الذي يخاطبه هو فعلا ذلك الذي قدم له إسمه وعنوان بريده الإلكتروني، وغير ذلك من المعلومات، وقد يمتد هذا الإشكال في حالة المنازعة حول حجية هذا العقد، فما الذي يضمن للقاضي أن الوثيقة الإلكترونية المقدمة له كدليل إثبات صادرة أو متعلقة بذلك الشخص أو ذاك، وتعد هذه الإشكاليات من بين أهم الإشكاليات التي تواجه العقود الالكترونية.
في هذا المجال حاول المختصين إيجاد بعض الحلول التقنية لهذه الإشكالية باستعمال وسائل تعريف الشخصية عبر كلمة السر أو الأرقام السرية، و كذا وسائل التشفير أو ما يعرف بوسيلة المفتاح العام والمفتاح الخاص، ووسائل التعريف البيولوجية للمستخدم، كبصمات الأصابع المنقولة رقميا أو تناظريا وسمات الصوت أو حدقات العين أو غيرها.
وهي وسائل أريد منها ضمان تأكيد الإتصال من جهة وإثبات هوية الشخص الذي أصدر الوثيقة الإلكترونية من جهة أخرى، لكن تأكد بعد تجربتها أن لكل منها ثغرات أمنية ولذلك تعد غير كافية.
وهذا ما استدعى اللجوء إلى فكرة الشخص الوسيط بالعلاقة العقدية أو ما يسمى سلطات الموثوقية Autorités de certification أو Prestataire de service de certification électronique وهي عبارة عن شركات ناشطة في ميدان خدمات التقنية تقدم شهادات تتضمن تأكيدا بأن الطلب أو الجواب قد صدر من الموقع المعني وتحدد تاريخ صدور الطلب أو الجواب، وحتى تضمن هذه الجهات تأكيد شخصية المخاطب، تستعمل تقنيات التعرف على الشخص بدءا بكلمة السر وانتهاء بتقنيات التشفير[124].
وقد أخذت معظم التشريعات التي اعترفت بحجية الكتابة في الشكل الإلكتروني في الإثبات بهذه الوسيلة للتأكد من هوية الشخص الذي صدر منه الإيجاب او القبول، ومنها القانون الفرنسي الذي أنشأ ما يسمى بهيئة خدمات التصديق prestataire de service de certification ، وكذلك القانون التونسي الذي أنشأ ما يسمى بجهات المصادقة وسماها الوكالة الوطنية للمصادقة الإلكترونية [125].
وبالرجوع إلى القانون الجزائري، نجده لم يحدد إلى يومنا هذا كيفيات تطبيق هذا الشرط المقرر بالمادة 323 مكرر من القانون المدني المتعلق بكيفيات التأكد من هوية الشخص الذي صدرت منه الكتابة في الشكل الإلكتروني أو الوثيقة الإلكترونية، وفي انتظار صدور المرسوم التنفيذي الذي يحدد كيفيات تطبيق هذه المادة، فإن تطبيقها يبقى معلقا، كونه يصعب على القاضي التثبت من هوية من صدرت عنه الكتابة، لذا يبقى إنشاء مثل هذه الهيئات أفضل حل لهذا المشكل في الوقت الحاضر [126].
ثانيا: أن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها.
مع تطور التقنيات الإلكترونية وتحركها المستمر أصبح من الصعب ضمان الوجود المستمر للوسائط الإلكترونية اللازمة لقراءة السند الإلكتروني المنظم منذ مدة وفقا لتقنيات قديمة، كما أن السندات الإلكترونية هي عمليا معرضة للتلف بعد مدة، حتى ولو حفظت في شروط ملائمة وهنا وجه الإختلاف بين السند المادى والسند الإلكتروني، فالأول يمكن إعادة إنشاؤه من الأصل عند تغيب الورقة، بينما التغيب يمحي السند الإلكتروني كليا، فمشكلة الحفظ تساوى فيها السند الإلكتروني والسند الرسمي، ولذلك أوجب المشرع ضرورة حفظ الوثيقة الإلكترونية من أجل الحفاظ على حقوق الأفراد الذين يتعاملون بها أو من كان لهم حقوق ثابتة بها.
ويمكن حفظ الوثيقة الإلكترونية على حامل إلكتروني، ويسمى الوسيط أيضا، وهو وسيلة قابلة لتخزين وحفظ واسترجاع المعلومات بطريقة إلكترونية كأن تحفظ في ذاكرة الحاسب الآلي نفسه في أسطواناته الصلبة Disques Durs أو على الموقع في شبكة الأنترنيت أو على شبكة داخلية تخص صاحب الشأن، وقد تتمثل في قرص مدمج CD-ROM أو قرص مرن Disquette informatique، أو قرص فيديو رقمي DVD .
وفي كل الأحوال يجب أن يكون الحامل الإلكتروني من الوسائط المتاحة حاليا أو التي يكشف عنها العلم مستقبلا، فنص المادة 323 مكرر يحتمل توسيع مجال الدعائم الإلكترونية ووسائط جديدة تعد بمثابة الحامل الإلكتروني، كما سبقت الإشارة إلى ذلك عند تعريف الكتابة في الشكل الإلكتروني.
ويتعين حسب الفقه أن يتوافر في الحامل الإلكتروني الذي تحفظ عليه الوثيقة الإلكترونية خصائص معينة تتعلق بهذه الرسالة أو الوثيقة وهي:
– إمكانية الإطلاع على الوثيقة الإلكترونية طيلة مدة صلاحيتها وذلك أن هذه الوثيقة تماما كالوثيقة المكتوبة، لها فترة صلاحية، وطالما فقدت هذه الصلاحية يكون من المتعذر استرجاع البيانات المدونة بها والإستفادة منها، وهذا ما يقتضي أن يكون للحامل صفة القابلية للاستمرار support durable [127].
– حفظ الوثيقة الإلكترونية في شكلها النهائي طوال مدة صلاحيتها، بحيث يمكن الرجوع دائما لهذا الشكل النهائي عند الحاجة إليها.
– يتعين كذلك حفظ المعلومات المتعلقة بالجهة التي صدرت عنها الوثيقة الإلكترونية سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا، وكذلك الجهة المرسلة إليها.
– حفظ المعلومات المتعلقة بتاريخ ومكان إرسال الوثيقة واستقبالها، وذلك لأن هذه المعلومات ترتب آثارا قانونية في حق طرفي الرسالة أو الوثيقة متى تعلقت بعقد من العقود الإلكترونية، إذ يمكن عن طريق هذه البيانات تحديد مكان وزمان انعقاد العقد، وما إذا كان طرفا العقد قد جمعهما مجلس عقد واحد أم لا، والتوصل إلى معلومات تتعلق بسداد الثمن أو الأجرة وكيفية ذلك ومكانه، ولاشك أن كل هذه الأمور من العناصر الجوهرية في التعاقد بالطريق الإلكتروني، لأن الهدف النهائي هو الحفاظ على حقوق الأطراف وحقوق كل من له علاقة بهذه الوثيقة.
وفي القانون المقارن نلاحظ أن المشرع التونسي قد فرض التزامات إضافية تتعلق بحفظ الوثيقة الإلكترونية وهي:
– التزام المرسل بحفظ الوثيقة الإلكترونية في ذات الشكل الذي أرسلها به، حتى تكون حجة عليه متى تعلق حق للغير بهذه الوثيقة، فإذا ادعى خلاف ذلك، كانت الصورة المسلمة إليه، حجة عليه وحجة للطرف الآخر الذي يتمسك ضده بهذه الوثيقة الإلكترونية[128].
ونشير في الأخير إلى أن تخزين أدلة الإثبات في الآلات و عبر المواقع المؤقتة التي يمكن أن لا تتمتع بصفة الدوام والاستقرار جعل الفقيه Caprioli يقترح إنشاء جهات ثالثة تضمن سلامة الوثائق الالكترونية من التبديد والتحريف أو يسمى بـ” Tiers Archiveur أو Service d’archivage ” ، فتخزين المعلومات في الكومبيوتر الخاص بأحد المتعاقدين يمكن أن يعرضها للتبديل أو التحريف كون هذا الجهاز يخضع لإرادة و إشراف وتوجيهات مستعمليه ، وإذا كان هذا الكمبيوتر يؤدي مهمته تنفيذا للتعليمات ولإيعاز الشخص الذي يخزنها فإنه يقال بأن هذه المعلومات التي سوف تقدم كدليل إثبات يمكن أن تكون من صنع هذا المستعمل، فهي إذن صادرة عنه وبالتالي لا يجوز له أن يحتج بها كدليل إثبات، تطبيقا لمبدأ عدم جواز إصطناع الشخص دليلا لنفسه، ومن هنا تظهر القيمة القانونية لوجود الوسيط لحفظ هذه الوثائق[129].
الفقرة الثالثة: التنازع بين الكتابة في الشكل الإلكتروني والكتابة على الورق في الإثبات.
لم تكن تثار مسألة تنازع أدلة الإثبات قبل تعديل القانون المدني بموجب الأمر 05-10 ، الذي اعترف بموجبه المشرع بحجية الكتابة في الشكل الإلكتروني في إثبات العقود والتصرفات القانونية التي توازي في قيمتها القانونية حجية الكتابة الورقية، وذلك لسبب بسيط هو أن قانون الإثبات لم يكن يعترف قبل هذا التاريخ إلا بالكتابة التي تكون على دعامة ورقية أو مادية، كما أشرنا إليه أعلاه.
وبالتالي لم يكن من الممكن تصور حدوث تنازع بين أدلة الإثبات الكتابية فيما بينها، فلكل منها قوتها الثبوتية ودرجتها المحددة قانونا، فكانت المحررات الرسمية الأقوى ثم الكتابة العرفية المعدة للإثبات فالمحررات العرفية غير المعدة للإثبات.
لكن وبظهور الوسائط التقنية الجديدة التي تختلف في طبيعتها عن الوثائق الكتابية، وتوازيها في نفس الوقت في قوتها الثبوتية أصبح من الممكن حدوث التنازع فيما بينها، وبات الأمر ضروريا بالنسبة للمشرع الفصل في هذا التنازع ، فلو وقع نزاع حول تنفيذ عقد أو تصرف قانوني ما سواء كان مبرما بطريقة تقليدية وتمسك أحد الأطراف بالوثيقة الورقية بينما تمسك الآخر بالوثيقة الإلكترونية المعدة للإثبات، فأي الدليلين يرجح القاضي ؟
لم يتطرق المشرع لمسألة تنازع أدلة الإثبات عندما قام بتعديل القانون المدني وأدخل الكتابة في الشكل الإلكتروني كدليل إثبات، وهذا عكس القانون الفرنسي الذي عالج هذه النقطة بمناسبة تعديله للقانون المدني بموجب القانون 230-2000 المؤرخ في 13 مارس 2000 المتعلق بإصلاح قانون الإثبات لتكنولوجيات المعلومات والتوقيع الإلكتروني، وتحديدا في المادة 1316-2 التي تنص على انه: “عندما لا ينص القانون على قواعد مخالفة أو عندما لا يكون هناك اتفاق متكافئ في إثبات الإلتزامات والحقوق بين الأطراف يبت القاضي في النزاعات القائمة حول الإثبات بالكتابة عبر تحديد السند الأكثر مصداقية، أيا كانت دعامته، وذلك عن طريق استخدام كافة الطرق المتوفرة لديه”[130].
وما يمكن ملاحظته حول هذا الحل التشريعي الذي اعتمده المشرع الفرنسي أنه:
– أعطى للقاضي سلطتين، الأولى صلاحية البت بالنزاعات القائمة حول وسائل الإثبات وتحديد السند الأكثر مصداقية، والثانية هي سلطة تقديرية واسعة في عملية التحديد، فهو الذي يرجح واسطة إثبات دون أخرى، بمعزل عن الدعامة ورقية كانت أو إلكترونية، وذلك باستخدام الطرق المتوفرة لديه[131].
– إمكانية وضع اتفاقات بين المتعاقدين تخالف قواعد الإثبات الموجهة للقاضي، وبالتالي الإعتراف بأن هذه القواعد يمكن الإتفاق على خلافها [132].
وهذه القواعد التي جاء بها القانون الفرنسي يمكن الإستعانة بها في الجزائر كونها لا تخرج عن القواعد العامة المتعلقة بالإثبات، فالقاضي الجزائري في غياب النص الذي يفصل في تنازع أدلة الإثبات بإمكانه استعمال سلطته التقديرية لترجيح أحد الأدلة على غيرها، كما في حالة ما إذا عرض عليه محرران عرفيان ورقيان، إلا إذا اتفق طرفا العقد على ترجيح إحدى الوثائق على الأخرى، كأن يتفقا على ترجيح وثيقة إلكترونية على الوثيقة الخطية، وهذا الإتفاق جائز لأن قواعد الإثبات الموضوعية ليست من النظام العام [133]، وفي هذا يقول الأستاذ يحي بكوش: ” تبقى القواعد الموضوعية الخاصة يالإثبات التي تمس بالحقوق الخاصة خاضعة لإرادة الخصوم يتصرفون فيها طبقا لرغباتهم” [134].
وفي واقع الأمر فإنه يصعب على القاضي ترجيح الوثيقة الإلكترونية على الوثيقة الورقية لسببين:
أولهما نفسي، فالقاضي الذي تعود على الوسائل الورقية والتوقيع باليد في إثبات العقود والتصرفات، سيكون منحازا عفويا إلى الوسيلة التي تعودها، فيكون في الأمر قرينة هي ترجيح المستند الورقي حتى إثبات العكس، وقد يصعب أخذ القاضي به للسبب نفسه.
ثانيهما واقعي، هو أن معرفة القاضي متصلة بالقانون وليس بالآلة أو بالتقنية، وهي متميزة وفي غاية الدقة في هذا المجال المتطور، مما سيلغي واقع التوازن الوظيفي بين الوسائل الإلكترونية والتقليدية في الإثبات، التي أقرها المشرع في المادة 323 مكرر 1 من القانون المدني [135].
المطلب الثاني: التوقيع الإلكتروني.
لا تعد الكتابة سواء كانت في الشكل الإلكتروني أو على دعامة مادية دليلا كاملا في الإثبات إلا إذا كانت موقعة، فالتوقيع هو العنصر الثاني من عناصر الدليل الكتابي المعد أصلا للإثبات، وهو شرط أساسي لصحة الوثيقة سواء كانت إلكترونية أو ورقية.
لذا نص المشرع في المادة 327 فقرة 2 من القانون المدني على أنه: ” يعتبر العقد العرفي صادرا ممن كتبه أو وقعه أو وضع عليه بصمة أصبعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه، أما ورثته أو خلفه فلا يطلب منهم الإنكار ويكفي أن يحلفوا يمينا بأنهم لا يعلمون أن الخط أو الإمضاء أو البصمة هو لمن تلقوا منه هذا الحق.
ويعتد بالتوقيع الإلكتروني وفق الشروط المذكورة في المادة 323 مكرر 1 أعلاه”.
وبذلك يكون المشرع قد اعترف صراحة بالتوقيع الإلكتروني استكمالا باعترافه بحجية الكتابة في الشكل الإلكتروني، وذلك تماشيا مع إفرازات عهد المعلومات الذي أدخل وسائل حديثة في إبرام العقود والتوقيع عليها إلكترونيا.
وسوف يتم التطرق في هذا المطلب إلى تحديد مفهوم التوقيع الالكتروني في فرع أول، ثم دراسة حجيته في الإثبات ضمن الفرع الثاني.
الفرع الأول: تحديد مفهوم التوقيع الإلكتروني.
في هذا الفرع، نتطرق إلى تعريف التوقيع الإلكتروني وبيان الخصائص التي تميزه عن التوقيع العادي ثم بيان أنواعه في النقاط التالية:
الفقرة الأولى: تعريف التوقيع الإلكتروني.
لم يعرف المشرع التوقيع الإلكتروني، غير أنه بالرجوع إلى التعريفات التي تم اعتمادها من قبل القوانين المقارنة والفقه ، والتي نجدها اهتمت إما بالوسائل التي يتم بها التوقيع وإما بالوظائف والأدوار التي
يضطلع بها التوقيع، ومنها من يجمع بين الوظائف والأدوار في نفس الوقت.
فلجنة التجارة الدولية التابعة للأمم المتحدة عرفته بأنه ” مجموعــة أرقام تمثل توقيعا على رسالة معينة “، يتحقق هذا التوقيع من خلال اتباع بعض الإجراءات الحسابية المرتبطة بمفتاح رقمي خاص بالشخص المرسل، ومن ثمة فإنه بالضغط على هذه الأرقام الخاصة بمستخدم الأنترنيت، يتكون التوقيع الإلكتروني، ويمكن أن يتم تحديد هذه الأرقام الخاصة من خلال اتفاقيات جماعية لمستخدمي الأنترنيت في المعاملات التجارية أو من خلال عقد مبرم بين الطرفين يحدد الرقم السري الخاص بكليهما، بحيث أن اقتران الرسالة المرسلة بهذه الأرقام، يستطيع الشخص أن يحدد شخصية المتعاقد الذي أرسل الرسالة، وهذا يعني إمكانية تعدد التوقيع الإلكتروني، بتعدد المعاملات التي يقوم بها الشخص [136].
وعرفه المشرع الفرنسي في المادة 1316-4 من القانون المدني بأنه: “التوقيع الضروري لإكمال التصرف القانوني، والتعريف بهوية صاحبه، والمعبر عن رضا الأطراف بالإلتزامات الناشئه عنه” [137].
كما أوردت التعليمة الأوربية المؤرخة في 13 ديسمبر 1999 في المادة 2 منه تعريفا للتوقيع الإلكتروني بأنه عبارة عن : “معلومات أو معطيات في شكل إلكتروني، ترتبط أو تتصل منطقيا بمعطيات إلكترونية أخرى وتستخدم كوسيلة لإقرارها” [138].
ومن التعاريف التي اقترحها الفقهاء التعريف القائل بأن التوقيع الإلكتروني هو: “اتباع مجموعة من الإجراءات أو الوسائل التقنية التي يتاح استخدامها عن طريق الرمز أو الأرقام أو الشفرات ، بقصد إخراج علامة مميزة لصاحب الرسالة التي نقلت إلكترونيا” [139].
الفقرة الثانية: خصائص التوقيع الإلكتروني.
كما هو واضح من خلال هذه التعاريف فإن التوقيع الإلكتروني يتميز عن التوقيع التقليدي من خلال خصائصه التي نوردها فيما يلي:
– إن التوقيع الإلكتروني، وعلى العكس من التوقيع الكتابي لا يقتصر على الإمضاء أو بصمة الأصابع بل يشمل صورا لا يمكن حصرها منها الحروف والأرقام والصور والرموز والإشارات وحتى الأصوات، كل ذلك بشرط أن يكون لها طابع فردي، يسمح بتمييز الشخص صاحب التوقيع وتحديد هويته، وإظهار رغبته في إقرار العمل القانوني والرضا بمضمونه، فالتوقيع الإلكتروني على رسالة ما أو وثيقـة
هو عبارة عن بيانات متجزئة من الرسالة ذاتها (جزء صغير من البيانات) يجرى تشفيره[140] وإرساله مع الرسالة، بحيث يتم التوثق من صحة صدور الرسالة من الشخص عند فك التشفير، وانطباق محتوى التوقيع على الرسالة [141].
– إن التوقيع الإلكتروني يتميز بأنه لا يتم عبر وسيط مادي، أي دعامة ورقية، بحيث تذيل به الكتابة، كما هو الحال بالنسبة للتوقيع الكتابي، وإنما يتم كليا أو جزئيا عبر وسيط إلكتروني من خلال أجهزة الكمبيوتر، أو عبر الأنترنيت، بحيث يكون بإمكان أطراف العقد الإتصال ببعضهم البعض والإطلاع على وثائق العقد، والتفاوض بشأن شروطه وإفراغ هذا العقد في محررات إلكترونية، وأخيرا التوقيع عليها إلكترونيا[142].
– لزوم تدخل طرف ثالث Tiers de confiance الذي يقوم بدور الوسيط بين أطراف العقد، حيث استلزمت ضرورة الأمن القانوني وجوب استخدام تقنية آمنة في التوقيع الإلكتروني تسمح بالتعرف على شخصية الموقع [143]، وسوف يتم تفصيل هذه الخاصية عند معالجة حجية التوقيع الإلكتروني.
الفقرة الثالثة: أنواع التواقيع الإلكترونية.
للتوقيع الإلكتروني صورتان شائعتان إحداهما التوقيع الرقمي وآخر بيومتري.
أولا: التوقيع الرقمي La signature numérique.
يطلق عليه أيضا إسم التوقيع الكودي Key based signature، تقوم هذه التقنية بتزويد الوثيقة الإلكترونية بتوقيع مشفر يمكنه تحديد الشخص الذي قام بتوقيعها والوقت الذي قام فيه بتوقيعها، ومعلومات أخرى خاصة بصاحب التوقيع.
ثم يسجل التوقيع الرقمي بشكل رسمي عند جهات تعرف بسلطات التوثيق Autorités de certification [144]،ويتم هذا التوقيع بوجود مفتاحان، مفتاح العام وهو معروف للكافة،ومفتاح خاص يتوفر فقط لدى الشخص الذي أنشاه ويمكن بهذه الطريقة لأي شخص يملك المفتاح العام أن يرسل الرسائل المشفرة، ولكن لا يستطيع أن يفك شفرة الرسالة الا الشخص الذي لديه المفتاح الخاص، ويستخدم هذا النظام خاصة في التعاملات البنكية وأوضح مثال على ذلك بطاقة الإئتمان التي تتضمن رقما سريا لا يعرفه إلا الزبون، الذي يدخل بطاقته في آلة السحب، عندما يطلب الإستعلام عن حسابه أو يبدي رغبته في صرف جزء من رصيده.
ويمكن تلخيص مزايا هذا التوقيع في الآتي:
أنه يؤدي إلى إقرار المعلومات التي يتضمنها السند أو التي يهدف إليها صاحب التوقيع.
– يسمح بإبرام العقود عن بعد، وذلك دون حضور المتعاقدين جسديا في ذات المكان، الأمر الذي يساعد في ضمان وتنمية التجارة الإلكترونية.
– هو وسيلة مأمونة لتحديد هوية الشخص الذي قام بالتوقيع.
أما أكبر سلبية من سلبيات التوقيع الرقمي فتتمثل في أن احتمال تعرض الرقم السري أو الكودي للسرقة أو الضياع أو التقليد، مما يجعل صاحبه ملزما بسرية رقمه، وفي حالة تسرب الرقم للآخرين فيعد هو المسؤول عن الآثار المترتبة على ذلك طالما أنه لم يراعي قواعد الحيطة والحذر، إلا إذا قام بالإبلاغ عن سرقته أو فقدانه إلى سلطات التوثيق أو البنك.
ثانيا: التوقيع البيومتري Signature biométriques.
يعتمد التوقيع البيومتري على تحديد نمط خاص تتحرك به يد الشخص الموقع أثناء التوقيع، إذ يتم توصيل قلم إلكتروني بجهاز كمبيوتر، ويقوم الشخص بالتوقيع باستخدام هذا القلم الذي يسجل حركات يد الشخص أثناء التوقيع كسمة مميزة له اخذا في الاعتبار بأن لكل شخص سلوك معين أثناء التوقيع [145].
ويتم التحقق من صحة هذا التوقيع، عن طريق قيام نفس البرنامج، الذي تم التوقيع بواسطته، بفك رموز الشفرة البيومترية، ومقارنة المعلومات مع التوقيع المخزن، ثم إرسالها إلى برنامج كمبيوتر الذي يعطي الإشارة فيما إن كان التوقيع صحيحا أم لا [146].
الفرع الثاني: حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات.
نص المشرع في المادة 327 فقرة 2 على أنه: ” يعتد بالتوقيع الإلكتروني وفقا للشروط المذكورة في المادة 323 مكرر 1 أعلاه “، ويكون بذلك المشرع قد سوى في الحجية بين التوقيع التقليدي والتوقيع الإلكتروني، وهو ما يسمى بالتعادل الوظيفي بين التوقيع التقليدي والتوقيع الإلكتروني، أي أن التوقيع الالكتروني يمكن أن يقوم بذات الوظائف التي يقوم بها التوقيع الخطي من حيث تحديد هوية صاحبه و إقراره بمضمون التعامل الذي استخدم هذا التوقيع في إنجازه[147].
في نفس الوقت أحال المشرع على الشروط المنصوص عليها في المادة 323 مكرر 1 للإعتداد بهذا التوقيع وهي:
– إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدره.
– أن يكون معدا ومحفوظا في ظروف تضمن سلامته.
فكما سبقت الإشارة إليه أعلاه فإنه يصعب تحقق هذين الشرطين إلا بوجود جهات وسيطة تصادق على صحة هذا التوقيع، وضمان أن صدوره كان من الشخص المنسوب إليه، وتأكيد أنه لم يحدث أي تحريف أو تعديل فيه.
وفي غياب نص تنظيمي للمسألة، تظل مشكلة تحديد الشخص الذي يصدر عنه هذا التوقيع قائمة في كيفية تعيين المتعاقد حتى مع وجود التوقيع الإلكتروني، وفي هذا الصدد تظهر أهمية تحديد هذا التوقيع من خلال شخص آخر يسمى بهيئة الإقرار Autorité certificatrice، والتي تقدم خدمة التصديق prestataire de service de certification، أو الغير الموثق Tiers certificateur ou Authentificateur، وهذا يعني ضرورة إنشاء هذه الوظيفة بالنسبة للمعاملات التي تتم من خلال شبكة الأنترنيت، وهذه الجهة الموثقة أو هذا الشخص المصدق يجب أن يقدم وثيقة إلى مستخدم الأنترنيت في إبرام العقود تتضمن اسمه، عنوانه، وإذا كان شخص معنوي يتم تحديد سلطاته، ورقمه السري، وهذه الشهادة تحمل التوقيع الإلكتروني للجهة الصادرة عنها، وهذا من شأنه أن يؤكد العلاقة بين الشخص والرسالة الإلكترونية الصادرة عنه، وإن بث الرسالة مقترنة بهذه الإجراءات المكونة للتوقيع الإلكتروني يؤكد نسبتها لشخص محدد من جهة، وأنه لم يحدث تلاعب أو تحريف أوتعديل في الرسالة من جهة أخرى، وهذا من شأنه إضفاء نوع من الثقة في التعامل الذي يتم من خلال شبكة الأنترنيت، إذ يضمن للمستقبل سلامة المعلومات المرسلة من الطرف الآخر كما صدرت عنه تماما دون تحريف ناتج عن تدخل شخص آخر على الشبكة، وفي سبيل إضفاء الثقة على هذه الوسيلة يجب على هذه الهيئة أن تخلق لديها نظاما رقميا خاصا بالتوقيع الإلكتروني بما يمنع الخلط بين مستخدمي الأنترنيت وكذلك خلق أرشيف إلكتروني، يتضمن التوقيعات الإلكترونية الصادرة عنها [148].
هذا وقد أبدت أغلب التشريعات التي اعترفت بالتوقيع الإلكتروني في إثبات التصرفات القانونية مجموعة من الضوابط الصارمة، وتدخلت الدولة في هذا الخصوص بإنشاء هيئة عامة يناط بها مهمة التوثيق بما يؤدي إلى نوع من التنظيم الرسمي لاستخدام الأنترنيت في المعاملات التجارية وإبرام العقود بصفة عامة، وبالتالي إضفاء نوع من الثقة على التعامل الذي يتم عبر شبكة الأنترنيت [149].
أما في الجزائر، وبسبب غياب إطار منظم لهذه الوظيفة، فلأطراف العقد الحرية في اختيار النظام الإلكتروني الذي يضمن للإمضاء موثوقيته، وذلك بإنشاء الجهة الموثقة باتفاق مستخدمي الأنترنيت في تعاملاتهم، ومن ثمة تكون هذه الهيئة خاصة.
وبذلك نكون قد حاولنا في هذه المذكرة المقاربة بين قواعد النظرية العامة للعقد، وبين ما يثيره العقد الإلكتروني من خصوصيات من حيث إبرامه وتنفيذه وإثباته، فقد تناولنا من خلال هذه النظرة للعقود الإلكترونية في البداية تحديد مفهوم هذا العقد بتعريفه أولا، استنادا لما جاء في النصوص القانونية الدولية والوطنية المقارنة والفقه، مع تحديد الخصوصية فيه، وتبيان نطاق ابرامه ثم دراسة كيفية انعقاده وتنفيذه واثباته، وتوصلنا الى مايلي:
فيما يخص الإنعقاد، فرغم غياب نصوص صريحة ضمن قواعد القانون المدني تتعلق بمدى مشروعية التعاقد بالوسائل الإلكترونية، غير أن مبدأ الرضائية في التعاقد، يعطى للطرفين الحرية الكاملة لاختيار الطريقة التي يعبران فيها عن إرادتيهما، وبالتالي لا يوجد ما يحول دون إمكانية استعمال الوسائل المقررة في النظرية العامة للعقد من أجل التعاقد إلكترونيا، إلا أن عدم تنظيم المشرع للوسائل الإلكترونية في التعبير عن الإرادة يثير الكثير من الصعاب، بالنظر إلى المخاطر المتعلقة بالثقة التي توفر للمتعاقدين خاصة تلك التي قد يتعرض اليها المستهلك الذي أولاه المشرع بحماية خاصة، لذلك نقترح النص صراحة في القانون المدني على الاعتراف الصريح برسالة البيانات في التعبير عن الارادة وتنظيمها كما فعلت ذلك التشريعات المقارنة ووضع قواعد صريحة من شانها توفير حماية خاصة للمستهلك في العقود الالكترونية التي يبرمها.
واذا أتينا الى طرق التعبير عن الإرادة بالوسائل الالكترونية، فإنها لا تخرج عن احتمالات ثلاثة فإما أن يكون هذا التعبير بالكتابة، وإما أن يكون بالإشارة، وإما أن يكون بالكلام، بالنظر إلى الوسيلة المستعملة في التعاقد.
وبالنسبة للقبول في العقد الإلكتروني، فإننا توصلنا الى أنه يجب تأكيد الموجه اليه الايجاب لقبوله وذلك عن طريق الضغط على أيقونة القبول مرتين أو ارساله وثيقة الأمر بالشراء الى الموجب وذلك لتفادي الشك في التعبير عن ارادة الموجه اليه الايجاب وأخطاء اليد، أما مسألة الحالة الإستثنائية التي يعد فيها السكوت قبولا، لاحظنا أنه لا يمكن التمسك لا بالعرف ولا بالمصلحة المحضة لمن وجه إليه الإيجاب لتأسيس السكوت الملابس، بينما يمكن ذلك إذا تعلق الأمر بوجود المعاملة السابقة.
وانتقالنا بعدها إلى تطبيق نظرية العلم بالقبول المكرسة من طرف المشرع لتحديد زمان و مكان انعقاد العقد الإلكتروني، واستنتجنا أنه توجد حالات تخضع لأحكام التعاقد بين الحاضرين حكما، وحالات أخرى لا يمكن تكييف العقد إلا باعتباره بين غائبين، وبالتالي تطبيق القواعد المنظمة لكل حالة.
ويمكن القول في هذا الصدد، أن العقد الالكتروني وضع نموذجا جديدا لمجلس العقد ذلك أنه يمكن أن يكون افتراضيا، وذلك اذا تم التعاقد بتكنولوجية المحادثة والمشاهدة المباشرة عبر الأنترنيت.
أما فيما يخص تحديد مكان إبرام العقد الإلكتروني، فاستنتج أن هناك صعوبة كبيرة في تحديده بسبب الطبيعة اللامادية والعالمية لوسيلة إبرام العقد الإلكتروني، والتي تجعل من الصعوبة بمكان تحديد القانون الواجب التطبيق والجهة القضائية المختصة في نظره، أي أن قواعد القانون الدولي الخاص عاجزة على مواكبة هذه الطبيعة.
و في الفصل الثاني، فتمت دراسة مرحلة تنفيذ العقد الإلكتروني وإثباته، فالتنفيذ إما يكون بالرجوع إلى العالم المادي فتطبق عليه الأحكام العامة التي تحكم مختلف العقود، ذلك أن محل أغلب العقود يكون فعل أو أداء، ولذا أمكن تطبيق القواعد العامة التي تحكم التسليم المادي إذا تعلق الأمر بأداء شيء، بينما أداء الخدمة فيثير بعض الخصائص بسبب إمكانية تنفيذ هذا النوع من الإلتزام داخل الشبكة نفسها.
و تزداد الأهمية الى وضع بناء قانوني لادارة البنوك في الجزائر يتيح لها التعامل مع تحديات الدفع الإلكتروني الذي يتطلب جاهزية تتفق مع مخاطره التقنية والقانونية.
وبشأن الإثبات، فإنه على الرغم من أن المشرع قد نص صراحة على مبدأ التعادل الوظيفي بين الكتابة في الشكل الالكتروني من جهة، والتوقيع الالكتروني من جهة أخرى، إلا أن هناك الكثير من النقائص تعتري هاته النصوص، أهمها المتعلقة بشروط قبول هذه الكتابة والتوقيع كوسيلة للإثبات، وهو شرط التأكد من شخصية من صدر منه الكتابة أو التوقيع، وهذا نظرا لغياب الجهة التي تؤكد ذلك، أو ما يسمى بالجهات الوسيطة، وغياب نص ينظم المنازعة بين أدلة الإثبات الورقية وأدلة الإثبات التي تكون على دعامة إلكترونية.
وفي الأخير يمكن القول أن العقد الالكتروني بكل ملابساته القانونية التي تطرقنا اليها في هذه المذكرة قد كشف بالفعل عن قصور القواعد القانونية الكلاسيكية الحالية في نظرية العقد على حلها، وهذا ما لا يكاد يختلف عليه الباحثون في مجال قانون التجارة الالكترونية، وذلك ما يستدعي الى سن اما قانون مستقل ينضم المعاملات الالكترونية أو تعديل قواعد القانون المدني كي لا تتصادم مع التقنية الحديثة.
قائمة المراجع المستعملة
المراجع باللغة العربية:
الكتابات القانونية العامة:
1- د/ أعراب بلقاسم، القانون الدولي الخاص الجزائري، تنازع القوانين، دار هومة، طبعة 2002.
2- د/ علي فيلالي، الإلتزامات، النظرية العامة للعقد، مطبعة الكاهنة، 1997.
3- أ/ لحلو غنيمة، محاضرات في القانون المدني، ألقيت على طلبة الدفعة الرابعة عشر بالمعهد الوطني للقضاء، السنة الأولى، السنة الأكاديمية 2003-2004.
4- أ/ يحي بكوش، أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي، دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة، الطبعة الثانية، المؤسسة الوطنية للكتاب.
الكتب القانونية المتخصصة:
1- د/أسامة أبو الحسن مجاهد، التعاقد عبر الأنترنيت،دار الكتب القانونية، مصر، طبعة 2002.
2- أ/محمد أمين الرومي، التعاقد الإلكتروني عبر الأنترنيت، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، الطبعة1، 2004.
3- د/ عبد الفتاح بيومي حجازي، النظام القانوني لحماية التجارة الإلكترونية، الكتاب الأول نظام التجارة الإلكترونية وحمايتها مدنيا، دار الفكر الجامعي، 2002.
4- د/ عبد الفتاح بيومي الحجازي، مقدمة في التجارة الإلكترونية العربية، الكتاب الثاني، النظام القانوني للتجارة الإلكترونية التونسي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، طبعة 2003.
5- د/ عبد الفتاح بيومي الحجازي، مقدمة في التجارة الإلكترونية العربية، الكتاب الثاني، النظام القانوني للتجارة الإلكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، طبعة 2003.
6- د/محمد فاروق الأباصيري، عقد الإشتراك في قواعد المعلومات عبر شبكة الأنترنيت، دراسة تطبيقية لعقود التجارة الإلكترونية الدولية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، طبعة 2002.
7- د/ محمد حسن قاسم، التعاقد عن بعد، قراءة تحليلية في التجربة الفرنسية مع إشارة لقواعد القانون الأوربي، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، مصر، طبعة 2005.
[1] صدر هذا القانون في 12 جوان 1996 عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، وتم إقراره بناء على التوصية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 51-162 في 16 ديسمبر 1996، يتكون هذا القانون من 17 مادة قابلة للزيادة في المستقبل، وهذه المواد مقسمة إلى بابين، الباب الأول يعالج موضوع التجارة الإلكترونية بصفة عامة في المواد من 1 إلى 10، أما الباب الثاني فمكون من فصل وحيد متعلق بعقود نقل البضائع والمستندات في المادتين 16 و17 منه، ويلحق بهذا القنون ملحق داخلي يوجه خطابا للدول الأعضاء بكيفية إدماجه ضمن تشريعاتها الداخلية.
ويتضمن هذا القانون نوعين من القواعد، قواعد آمرة تتعلق بالتطبيق العام للقانون، وأخرى تكميلية لا تطبق على المستخدمين إلا في حالة عدم وجود اتفاق يخالفها، وتكمن مزاياه في توحيد القواعد القانونية المعمول بها في مجال التجارة الإلكترونية ، كما يساعد الدول والأشخاص المتعاملين في هذه التجارة الأخذ بأحكامه، كما أن يسري أن التجارة الإلكترونية والدولية على حد السواء. ويلاحظ على هذا القانون أخذه بمفهوم واسع للتجارة الإلكترونية، ولم يهتم بالتفاصيل الفنية المستخدمة فيها، ويعد بذلك عملا تشريعيا صادرا عن الجمعية العامة للأمم المتحدة،
من أجل الإطلاع على القانون النموذجي للتجارة الإلكترونية وملاحقه المفسرة له، راجع www.uncitral.org..
د/ عبد الفتاح بيومي حجازي، النظام القانوني لحماية التجارة الإلكترونية، الكتاب الأول نظام التجارة الإلكترونية وحمايتها مدنيا، دار الفكر الجامعي، 2002، ص 23، 24، 165، 166 و167.
د/ نصر الدين مروك، الحماية الجنائية للتجارة الإلكترونية، موسوعة دار الفكر القانوني، العدد الثالث، دار الهلال للخدمات الإعلامية، ص136 وما بعدها.
[2] يقصد باللجة لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي
[3] Directive n°97-07 CE du 20 Mai 1997, JO CE 04/06/1997 N°144,P19.
[4] أنظر قانون المعاملات الإلكترونية الأردني رقم 85 لسنة 2000 المؤرخ في 11 ديسمبر 2001
[5] أنظر قانون المبادلات والتجارة الإلكترونية التونسي، الصادر في 11 أوت 2000، للاشارة فان تونس تعتبر أول دولة عربية أصدرت قانونا يتعلق بالمبادلات والتجارة الإلكترونية.
[6] د / عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص47.
[7] Une convention par laquelle une offre et une acceptation se rencontrent sur un réseau de télécommunication international ouvert selon un mode audio-visuel, grâce à l’interactivité entre l’offrant et l’acceptant”.
Beaure D’Agère (Guillaume), Breese (prière) et Thuiler (Stéphanie), paiement numérique sur Internet, Etat de l’art, aspect juridiques et impact sur les métiers,Thomson Publishing, 1997, P76.
[8] أ/ أحمد خالد العجولي، التعاقد عن طريق الأنترنيت، دراسة مقارنة ، المكتبة القانونية، عمان ، الأردن، طبعة 2002، ص 123.
[9] د/ عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص49.
[10] د / عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص46.
[11] في الحقيقة هناك خصائص أخرى للعقد الإلكتروني، ومنها أن نصوصه وبنوده تكون في الغالب محررة في وثقة إلكترونية، كما يتم التوقيع عليه بطريق إلكترونية، ويكون الوفاء بالإلتزامات التي يرتبها إلكترونيا في الغالب أيضا.، وهي الخصائص التي سوف تتم دراستها بالتفصيل في الفصل الثاني من هذه المذكرة، المخصص لتنفيذ العقد الإلكتروني وإثباته.
[12] وقد أشار قانون الأنستيرال إلى هذه الوسائل عند تعريف رسالة البيانات، في المادة 2-أ من: ” ……بوسائل إلكترونية أو ضوئية أو بوسائل مشابهة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر تبادل البيانات الإلكترونية أو البريد الإلكتروني، أو البرق أو التيلكس، أو النسخ البرقي”، وعليه فإن هذا النص أشار إلى بعض تقنيات الإبلاغ الأقل تطورا مثل النسخ البرقي أو التيلكس، وتقنيات الإبلاغ الأكثر حداثة ومنها التبادل الإلكتروني للبيانات، البريد الإلكتروني، ليترك المجال بذلك مفتوحا على ما سوف يسفر عليه التطور من تقنيات أخرى في تبليغ رسالة البيانات.
راجع www.uncitral.org.
كما أن المشرع الأردني أشار بدوره إلى تعريف الوسائل الإلكترونية التي تتم بها المعاملات الإلكترونية في المادة 2 منه والتي تنص على انه: “ويشمل مفهوم الوسائل الإلكترونية تقنية استخدام الوسائل الكهربائية أو المغناطيسية أو الضوئية أو الإلكترومغناطيسية أو أية وسائل مشابهة في تبادل المعلومات وتخزينها”.
راجع أ/ يونس عرب، المرجع السابق www.arablaw.org..
[13] ظهر هذا الجهاز في فرنسا في منتصف الثمانينيات وكان ظهور خدماته نتيجة تعاون بين الهيئة العامة للإتصالات السلكية واللاسلكية التابعة لوزارة البرق والبريد والهاتف وبين متعهدي الخدمات.لمزيد من التفصيل راجع، أ/محمد أمين الرومي، التعاقد الإلكتروني عبر الأنترنيت، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، الطبعة1، 2004، ص 14.
[14] أ/ أحمد خالد العجولي، التعاقد عن طريق الأنترنيت، دراسة مقارنة، المكتبة القانونية، عمان، الأردن، طبعة 2002، ص 49 و50.
[15] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 50.
[16] أ/ محمد امين الرومي، المرجع السابق، ص 17.
[17] أ/محمد أمين الرومي، المرجع السابق، ص 17.
[18] د/أسامة أبو الحسن مجاهد، التعاقد عبر الأنترنيت،دار الكتب القانونية، مصر، طبعة 2002، ص 5 و6.
[19] ويرمز لها اختصارا بـ WWW، وهي أحد فروع شبكة الأنترنيت، لكنها اكتسبت جاذبية خاصة جعلتها تتفوق على شبكة الأنترنيت ذاتها في وقت قصير حتى أصبحت هي الجزء الرئيسي المكون لشبكة الأنترنيت وهذا راجع إلى مميزاتها التي تعتمد على أسلوب الوصف والصور الملونة، وعلى طرق البحث السهلة والسريعة التي تقوم على مجرد الإشارة إلى الموقع المراد الدخول إليه، ، وكانت شبكة الانترنيت قبل ذلك تفتقر للأدوار الترويجية والإعلامية وتسديد مقابل السلع و الخدمات محل العقد المعروضة عليها إلا أنه تم تطوير وسائل فعالة لتسديد قيمة السلع بالاتصال المباشر بالكمبيوتر عبر الشبكة ذاتها، وقد ظهرت أولى المواقع التجارية على شبكة الأنترنيت سنة 1993، الا أن تجارة التجزئة لم تبدأ فيها الا في سنة 1996.
أ/ محمد امين الرومي، المرجع السابق، ص 21 وما يليها.
[20]أ/ محمد امين الرومي، المرجع السابق، ص 26 و27.
[21]أ/ محمد امين الرومي، المرجع السابق، ص 45.
[22] أ/ محمد امين الرومي، المرجع السابق، ص 45.
[23] ويطلق على هذه المعاملات إسم المعاملات الإلكترونية المؤتمتة ويقصد بها تلك المعاملات التي يتم إبرامها أو تنفيذها بشكل كلي أو جزئي بواسطة وسائل أو سجلات إلكترونية، والتي لا تكون فيها هذه الأعمال أو السجلات خاضعة لأية متابعة أو مراجعة من قبل شخص طبيعي كما هو الحال بالنسبة لإنشاء وتنفيذ العقود العادية، بحيث تتم عن طريق برنامج آلي أو نظام الحساب الآلي يسمى بالوسيط الإلكتروني المؤتمت.
د/ عبد الفتاح بيومي الحجازي، مقدمة في التجارة الإلكترونية العربية، الكتاب الثاني، النظام القانوني للتجارة الإلكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، طبعة 2003، ص 88 و89.
[24] تدخل التجارة الخلوية ضمن مفهوم الأعمال الخلوية اللاسلكية التي هي عبارة عن ّ توظيف وسائط الاتصال اللاسلكية – الهاتف الخلوي بشكل خاص – في الأنشطة التجارية المختلفة بين مؤسسات االأعمال والزبائن و بين مؤسسات الأعمال فيما بينها بالاعتماد أساسا على تبادل البيانات بالوسائل الخلوية ّ، ويعتبر الهاتف أهم وسيلة لاسلكية في إبرام العقود في الوقت الحاضر إذ يتيح هذا الأخير نقل وتبادل البيانات ودخول مختلف المواقع التجارية على شبكة الانترنيت بفضل بروتوكولات اتصالية ملائمة مثل wapو بلوتوث Bluetooth وغيرهما لمزيد من التفصيل راجع:
أ/ محمد امين الرومي، المرجع السابق، ص 46 و47.
أ/ يونس عرب، البنوك الخلوية، التجارة الخلوية، المعطيات الخلوية، ثورة جديدة تنبئ بانطلاق عصر ما بعد المعلومات.www.arablaw.org
Voir aussi, Thibault Verbiest, commerce électronique par téléphone mobil (m-commerce): un cadre juridique mal défini,
Thibault Verbiest, commerce électronique par téléphone mobile et protection de l’utilisateur en droit belge,
www.droit-technologie.org, 17 janvier 2005.
Thibault Verbiest, responsabilité des opérateur de réseau,le point sur la jurisprudence www.droit-technologie.org, 17 Avril 2005.
[25] عرفت المادة 121-16 الجديدة من تقنين الإستهلاك الفرنسي التعاقد عن بعد بأنه: “…كل بيع لمال أو أداء لخدمة يبرم دون الحضور المادي المتعاصر للأطراف بين مستهلك ومهني، واللذين يستخدمان لإبرام هذا العقد، على سبيل الحصر، وسيلة أو أكثر من وسائل الإتصال عن بعد”.
L’article L. 121-16 du code de la consommation stipule que: “les disposition de la présente section s’appliquent à tout vente d’un bien ou toute fourniture d’une prestation de service conclue, sans la présence physique simultanée des parties, entre un consommateur et un professionnel qui, pour la conclusion de ce contrat, utilisent exclusivement une ou plusieurs techniques de communication à distance”.
Ordonnance n° 2001-741 du 23 Août 2001, portant transposition de directives communautaires et adaptation au droit communautaire en matière de droit de la consommation, JO.,25/08/2001. www.journal-officiel.gouv.fr
[26] Directive n° 97-7 CE du 20mai 1997. P06
[27] د/ محمد حسن قاسم، التعاقد عن بعد، قراءة تحليلية في التجربة الفرنسية مع إشارة لقواعد القانون الأوربي، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، مصر، طبعة 2005، ص18 وما بعدها.
[28] د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 41 و42.
[29] تمثل التجارة الإلكترونية واحدة من موضوعي ما يعرف بالإقتصاد الرقمي القائم على حقيقتين، التجارة الإلكترونية وتقنية المعلومات، أ/يونس عرب، التجارة الإلكترونية E-COMMERCE، www.arablaw.org ..
[30] Rapport présenté par Mr Francis Lorentz au nom de la mission sur le commerce électronique définit le commerce électronique comme “l’ensemble des échanges électronique liés aux activités commerciales : flux d’information et transactions concernant des produits ou des services. Ainsi appréhendé, il s’étend au relations entre les entreprises, entre les entreprises et les administrations, entres les entreprises et les particulier et prend appui sur toutes les formes de numérisation possibles; Internet,minitel, téléphone, télévision ” www.finances.gouv.fr.
[31] في الحقيقة لا توجد عقود تجارية بالمعنى المقصود من هذا الاصطلاح ، ذلك أن العقود التي ينظمها القانون المدني هي نفسها العقود التجارية بشرط أن يكون محلها عملا تجاريا أو يبرمها تاجر وتتعلق بشؤون تجارته، ومن ثمة فانه لا توجد نظرية مستقلة تحكم العقود التجارية تختلف عن تلك التي تحكم العقود المدنية. ويعد العقد تجاريا لأسباب وظروف خارجية لا علاقة لها بمضمون العقد وجوهره، ومن هذه الأسباب ما يتعلق بطبيعة محل العقد أو بصفة من يبرم العقد. وفي ذلك يرى الفقيه ريبير أنه لا توجد عقود تجارية بالمعنى المفهوم من هذا الاصطلاح ، و إنما العقد المسمى قد يكون عقدا تجاريا أو مدنيا حسب ما إن كان الشخص الذي ابرمه تاجرا أم غير تاجر، وحسب الهدف المطلوب من إبرام العقد.
راجع فيما تقدم، د/ عبد الفتاح بيومي حجازي، مقدمة في التجارة الالكترونية العربية، الكتاب الثاني، النظام القانوني للتجارة الالكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، طبعة 2003، ص 273 .
[32] ومن أهم عقود التجارة الإلكترونية المتعلقة بخدمات ربط ودخول الأنترنيت يذكر Dr Michel Vivant ما يلي:
Contrat d’accès technique au réseau (contrat d’accès عقد الدخول إلى الشبكة et contrat d’hébergement عقد الإيواء المعلوماتي), L’installation commerciale sur le réseau ( le contrat tendant à la conception d’un cite marchand ou d’une boutique virtuelle عقد إنشاء المتجر الافتراضي, le contrat tendant à la mise sur pied d’une galerie marchande virtuelle), le contrat de hot line. Dr Michel Vivant, Op.cit.
[33] وبذلك المعنى فإن التجارة الالكترونية تختلف عن الأعمال الإلكترونية E-BUSINESS، التي تعتبر أوسع نطاقا وأشمل من الأولى، حيث تمتد هذه الأخيرة الى سائر الأنشطة الإدارية والإنتاجية والخدماتية والمالية ولا تتعلق فقط بعلاقة البائع بالزبون، إذ تمتد لعلاقة المنشأة بوكلائها وموظفيها وعملائها، كما تمتد إلى أنماط أداء العمل وتقييمه والرقابة عليه، وضمن مفهوم الأعمال الإلكترونية يوجد المصنع الإلكتروني المؤتمت، والبنك الإلكتروني، وشركة التأمين الإلكتروني، والخدمات الحكومية المؤتمتة. أ/يونس عرب، التجارة الإلكترونية E-COMMERCE، www.arablaw.org .
[34] د/ علي فيلالي، الإلتزامات، النظرية العامة للعقد، مطبعة الكاهنة، 1997، ص 56.
[35] Loi n° 2000-230, portent adaptation du droit de la preuve aux technologie de l’information et relative à la signature électronique, JO, 14/03/2000,P.2968 . www.journal-officiel.gouv.fr
[36] لمزيد من التفصيل راجع، د/محمد حسن قاسم، المرجع السابق،ص 103 وما بعدها.
Voir aussi, rapport fait au nom de la commission des lois constitutionnelles, des la législation et de l’administration générale de la république sur le projet de loi, adopté par le SENAT portant adaptation du droit de la preuve aux technologies de l’information relatif à la signature électronique, par M. Christian Paul.
[37] Décret n° 2005-972 modifiant le décret n° 56-222 relatif au statut des huissiers de justice.
Décret n° 2005-973 modifiant le décret n° 71-941 relatif aux actes établis par les notaires.
Voir article” Enfin une réglementation des actes authentiques électroniques “, rédigé par Marlene Trezeguet, www.CEjem.com, 26/10/2005.
[38] د/محمد حسن قاسم، المرجع السابق، ص 107.
[39] يرى الفقه أنه لا ترتب التفرقة بين التعبير الصريح وبين التعبير الضمني عن الإرادة أية نتيجة قانونية.
لأكثر تفصيل راجع د/ علي فيلالي، المرجع السابق، ص84.
أ/ لحلو غنيمة، محاضرات في القانون المدني، ألقيت على طلبة الدفعة الرابعة عشر بالمعهد الوطني للقضاء، السنة الأولى، السنة الأكاديمية 2003-2004.
[40] راجع المادة 68 من القانون المدني.
[41] أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 8 و9.
[42] كما أن قانون الأونيستيرال تنـاول تعريفا يقترب فيه من مفهوم التعبير عن الإرادة عبر البريد الإلكتروني، حيث نصت الفقرة 2 فقرة “ب” أن التبادل والتعبير الإلكتروني يشمل أية وسيلة إبلاغ إلكترونية مثل إرسال البيانات من كمبيوتر إلى كمبيوتر آخر في شكل قياسي واحد عبر البريد الإلكتروني.
[43] د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق ص9.
[44] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 47.
[45] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 48.
[46] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 49.
[47] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 49.
وقد نصت المادة 2 من قانون الأونسيترال الفقرة “أ” على أنه: “يراد بمصطلح رسالة بيانات المعلومات التي يمكن إنشاؤها أو إرسالها أو استلامها أو تخزينها بوسائل إلكترونية أو ضوئية أو بوسائل مشابهة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر تبادل البيانات الإلكترونية، أو البريد الإلكتروني، أو البرق ، أو التيلكس أو النسخ البرقي”، فهذه المادة قد نصت صراحة الى إمكانية نقل رسائل البيانات بواسطة التلكس والفاكس.
[48] المحامي، يونس عرب، حجية الإثبات بالمستخرجات الإلكترونية في القضايا المصرفية، الجزء 1، مسائل وتحديات الإثبات الإلكتروني في المسائل المدنية والتجارية والمصرفية، مقال منشور على موقع www.arablaw.org.
[49] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص.20 وما يليها.
[50] د/ علي فيلالي، المرجع السابق، ص81.
[51] أ/ احمد خالد العجولي، المرجع السابق،ص 22.
[52] رغم أن هذه المشاكل تم إيجاد حلول تقنية وقانونية لها تتعلق خاصة بضمان تأكيد الإتصال وإثبات صحة صدور المعلومات من النظام التقني الصادرة عنه، وهذا ما أدى إلى اللجوء إلى الوسيط في العلاقة العقدية الذي يؤكد وجود أطراف العلاقة.
ولمزيد من التفصيل راجع المحامي يونس عرب، التجارة الإلكترونية، مقال منشور على الموقع www.arablaw.org.
[53] ومن بينها القانون التونسي المتعلق بالمبادلات بالتجارة الإلكترونية في المادة 5 منه التي تنص: “تطبق أحكام هذا القانون على المعاملات اللتي يتفق أطرافها على تنفيذ معاملاتهم بوسائل إلكترونية ما لم يرد فيه نص صريح يقضي بغير ذلك.
لمقاصد هذه المادة لا يعتبر اتفاق بين أطراف معينة على إجراء معاملات محددة بوسائل إلكترونية ملزما لإجراء معاملات أخرى بهذه الوسائل”.
وكان آخر نص سن في هذا المجال هو التعديل الذي شهده القانون المدني الفرنسي بالأمر الرئاسي رقم 2005/674 الصادر في 16 جوان 2005 حيث تنص المادة 1369-1
” La voie électronique peut être utilisée pour mettre à disposition des conditions contractuelles ou des informations sur des biens ou services”.
وتنص المادة 1369-2 على أنه
” Les informations qui sont demandées en vue de la conclusion d’un contrat ou celles qui sont adressées au cours de son exécution peuvent être transmises par courrier électronique si leur destinataire a accepté l’usage de ce moyen”.
إن هذه المواد ربطت التعبير عن الإرادة بالطرق الإلكترونية باتفاق طرفي العقد على استعمالها، فإن لم يتفق على ذلك لا تقوم العلاقة التعاقدية اصلا.
[54] د/ علي فيلالي، المرجع السابق، ص91.
[55] تنص المادة 63 من القانون المدني على أنه: “إذا عين أجل للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى انقضاء هذا الأجل ّ.
وقد يستخلص الأجل من ظروف الحال، أو من طبيعة المعاملة.
[56] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 72.
[57] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 73.
[58] ولذلك حرصت العقود المتداولة في العمل على تنظيم مسألة تنظيم نفاذ المخزون فنصت الشروط العامة للمركز التجاري Infonie على بعض الالتزامات في حالة عدم توافر السلعة فورد بها: “إننا ملتزمون، في الحالة التي لا تتوفر فيها بعض القطع أن نقدم لكم قطعا بديلا تتوفر بها ذات المميزات والصفات وبجودة مماثلة او بجودة أعلى، وبسعر مساو أو أكثر أو بأن نرد لكم ما دفعتموه، وعلى أية حال، فسوف نوافيكم برسالة إلكترونية توضح ما إذا كانت السلعة متوفرة، فلا تنسوا مراجعة بريدكم الإلكتروني بانتظام”.
كما واجه عقد Apple store هذه المسألة فورد به أنه: “إذا لم نتمكن من تلبية طلبك خلال 30 يوما من تاريخ الدفع، فسوف نخطرك بذلك ويكون لك حينئذ الخيار في العدول عن طلبك واسترداد ما دفعته، فإذا اخترت أن يظل طلبك ساريا، فيجوز لك كلما مرت 10 أيام العدول عن الطلب واسترداد ما دفعته “
كما حرصت الفقرة 5 من البند 4 من العقد النموذجي الفرنسي للتجارة الإلكترونية بين التجار والمستهلكين الصادر عن غرفة التجارة والصناعة لباريس بالنص على ضرورة مدى توفر السلعة أو الخدمة.
لمزيد من التفصيل راجع د/ أسامة ابو الحسن مجاهد، التعاقد عبر الأنترنيت، دار الكتب القانونية، مصر، طبعة 2002، ص 72 و73.
Michel Vivant, les contrats du commerce électronique, Litec librairie de le cour de cassation, Paris; 1999.
[59] وهو ما أخذ به قانون أونستيرال في المادة…” تمثل رسالة البيانات إيجابا إذا تضمن إيجابا مرسل إلى شخص واحد أو أشخاص محددين ماداموا معروفين على نحو كاف، وكانت تشير إلى نية مرسل الإيجاب أن يلتزم في حالة القبول، ولا يعتبر إيجابا الرسالة المتاحة إلكترونيا بوجه عام ما لم يشر إلى غير ذلك”.
[60] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 74.
[61] د/ على فيلالي، المرجع السابق، ص 96.
[62] د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 79.
[63] وقد يتم القبول بغير وسيل إلكترونية أصلا كأن يتم بواسطة المراسلة التقليدية رغم أن الإيجاب كان بوسيلة إلكترونية، فنكون أمام حالة ما يسمى بالعقد المبرم جزئيا بوسيلة إلكترونية.
[64] لمزيد من المعلومات راجع أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق.
أ/يونس عرب، التقاضي في بيئة الأنترنيت، المركز العربي للقانون والتقنية العالية، المركز العربي للملكية الفكرية وتسوية المنازعات، عمان، الأردن، www.arablaw.org
[65] Murielle cahin, le consentement sur internet, www.droit- intic.com , 18/03/2004.
[66] قد اشترطت عدة قوانين إرسال وثيقة الأمر بالشراء من قبل المتعاقد لتأكيده عن القبول ومنها التوجيه الأوروبي رقم 2000-31 المتعلق بالتجارة الالكترونية في مادته 11 -01 التي اشترطت إرسال إشعار بالوصول يحتوي على جميع المعلومات الواردة في العقد عبر الجهات الموثقية باستعمال الطريق الالكتروني ومن ذلك أيضا ما ورد بالبند 7 من العقد النموذجي الفرنسي للتجارة الإلكترونية بشأن القبول من ضرورة وجوب تأكيد الأمر بالشراء كما ورد بالتعليق على ذات البند، “أن القبول وتأكيد الأمر بالشراء يجب أن يتحققا بمجموعة من الأوامر على صفحات الشاشة المتعاقبة بحيث تتضمن هذه الأوامر صراحة ارتباط المستهلك على وجه جازم”.
” Le consommateur doit recevoir par écrit ou sur un autre support durable à sa disposition et auquel il a accès, confirmation de l’ensemble des élément constitutifs du contrat une confirmation par voie de courrier électronique (E-mail) est proposée; en tant qu’elle est la mieux adaptée au commerce électronique. Le commerçant doit transmettre ces éléments lors de l’exécution du contrat et au plus tard à la livraison…… ” Voir, Michel Vivant, Op cit, annexe 1°
[67] د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 86.
[68] د/عبد الفتاح بيومي حجازي المرجع سابق، ص232 .
[69]يأخذ التعاقد عن طريق الوسائل الالكترونية المؤتمتة شكلين:
تعاقد بين وسيط الكتروني وشخص طبعي وذلك بالأصالة عن نفسه أو بوصفه الممثل القانوني لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة.
تعاقد مابين وسيط الكتروني مؤتمت، ووسيط الكتروني مؤتمت آخر وواضح أن كليهما منسوب إلى شخص طبيعي أو اعتباري يتملك ذلك النظام.
د/عبد الفتاح بيومي حجازي المرجع سابق، ص233 .
[70] أنظر قانون CNUDCI المادة 13 فقرة 02 ب: في العلاقة بين المنشئ و المرسل إليه، تعتبر رسالة البيانات أنها صادرة عن المنشأ إذا أرسلت من نظام معلومات مبرمج على يد المنشئ أو نيابة عنه للعمل تلقائيا.
[71] يقصد بهذا المصطلح نقل أحد البرامج أو بعض المعلومات إلى الكمبيوتر الخاص بالزبون عن طريق شبكة الأنترنيت بحيث يحصل الزبون على هذا البرنامج أو هذه المعلومات دون حاجة إلى استعمال الوسيلة لوضع البرنامج على جهاز الكمبيوتر عن طريق القرص المرن disquette أو القرص المضغوط Compacte disque، وواضح أن هذه الصورة تمثل الصورة المثلى لإبرام العقد ( عقد بيع البرامج والمعلومات) وتنفيذه على الشبكة دون اللجوء إلى العالم الحقيقي خارج الشبكة.
د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 88 و89
[72] ويسمى هذا النوع من التعاقد باتفاقيات الرخص التي ترافق البرامج،وهي على شكلين، الأول، رخص تظهر على الشاشة أثناء عملية تنزيل البرنامج على الجهاز، وعادة لا يقرأها المستخدم، بل يكتفي بمجرد الضغط ( أنا أقبل j’accepte )، وهي العقد الالكتروني الذي يجد وجوده في واجهة أي برنامج ويسبق عملية التنزيـــل ( installation )، أما الصورة الثانية هي التي يطلق عليها اسم رخصة فض العبوة التي تكون مع حزمة البرامج المعروضة للبيع في محلات بيع البرمجيات وتظهر عادة تحت الغلاف البلاستيكي على الحزمة وغالبا ما تبدأ بعبارة ( بمجرد فض هذه العبوة، فانك توافق على الشروط الواردة في الرخصة)
لأكثر تفاصيل حول هذا النوع من العقود، راجع، أ/ يونس عرب العقود الالكترونية – أنظمة الدفع والسداد الالكتروني، www.arablaw.org
[73] د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 87.
[74] أخذ المشرع بنظرية الوحدة « Théorie Moniste » أو التلازم بين مكان انعقاد العقد وزمان هذا الانعقاد في المادة 67 منه.
د/ محمد حسن قاسم، المرجع السابق، ص 91 .
75 د/علي فيلالي، المرجع السابق،ص 103 و104.
[76] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 89
[77] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 90.
[78] هناك العديد من المذاهب المتبعة لتحديد وقت انعقاد العقد بين الغائبين ومنها:
مذهب إعلان القبول théorie de déclaration: العبرة وفق هذه النظرية في تحديد وقت انعقاد العقد، بلحظة إعلان القبول من قبل من وجه إليه الإيجاب، أو باللحظة التي يتخذ فيها الأخير قرار قبول الإيجاب، وإعمالا لهذه النظرية بشأن تطبيقاتها الحديثة على العقد الإلكتروني يمكن القول بأن لحظة إعلان القبول الذي تعتمدها هذه النظرية هي اللحظة التي يحرر فيها من وجه إليه الإيجاب رسالة إلكترونية تعبر عن قبوله للإيجاب، أو هي اللحظة التي يضغط فيها على الأيقونة المخصصة للقبول، أما بشأن العقود التي تبرم عبر البريد الإلكتروني فهي اللحظة التي يعلن فيها القابل إرادته بالقبول حتى قبل قيامه بالضغط على زر الإرسال.
مذهب تصدير القبول: théorie de l’expédition، وفق هذه النظرية تتأخر اللحظة التي ينعقد فيها العقد إلى الوقت الذي يقوم فيه القابل بتصدير قبوله، أي بإرساله إلى الموجب بحيث لا يمكن أن يسترده، كأن يقوم بإرسال القبول عن طريق الفاكس أم التيلكس أو عن طريق قيامه بالضغط على زر الكمبيوتر لإرسال قبوله إلى الموجب.
مذهب تسلم القبولthéorie de réception، مقتضى هذه النظرية أن العقد ينعقد عندما يصل القبول إلى الموجب وتسلمه له، والعقد يعتبر تاما في هذه اللحظة حتى ولو لم يعلم به الموجب، فيكون فيها العقد المبرم عبر البريد الإلكتروني منعقدا في لحظة وصول الرسالة أو دخولها إلى صندوق البريد الإلكتروني لجهاز الكمبيوتر الخاص بالموجب ولو لم يقم الأخير بفتح صندوق بريده الإلكتروني، فالعبرة بتسلم القبول.
د/ محمد حسن قاسم، المرجع السابق، ص78 وما بعدها.
[79] د/علي فيلالي، المرجع السابق، ص 106.
[80] أما القانون النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية (الأونسيترال) فقد نظم مسألة تحديد زمن وصول الرسالة الإلكترونية في المادة 15 منه التي تنص: “1- ما لم يتفق المنشئ والمرسل إليه على خلاف ذلك يقع إرسال رسالة البيانات عندما تدخل الرسالة نظام المعلومات لا يخضع لسيطرة المنشئ، وسيطرة الشخص الذي أرسل رسالة البيانات نيابة عن المنشئ.
2- ما لم يتفق المنشئ والمرسل إليه على غير ذلك، يتحدد وقت استلام رسالة البيانات على النحو التالي:
أ) إذا كان المرسل إليه قد عين نظام معلومات لغرض استلام رسائل البيانات، يقع الإستلام:
– وقت دخول رسالة البيانات نظام المعلومات المعين، أو
– وقت استرجاع المرسل إليه لرسالة البيانات، إذا أرسلت رسالة البيانات إلى نظام معلومات تابع للمرسل إليه ولكن ليس هو النظام الذي تم تعيينه.
ب) إذا لم يعين المرسل إله نظام معلومات، يقع الإستلام عندما تدخل رسالة البيانات نظام معلومات تابع للمرسل إليه.
3- تنطبق الفقرة 2 ولو كان المكان الذي يوجد فيه نظام المعلومات مختلفا عن المكان الذي يعتبر أن رسالة البيانات قد استلمت فيه بموجب الفقرة 4…..”.
وقد عالج التعديل الأخير للقانون المدني الفرنسي هذه المسألة عندما نص في المادة 1369-9 بأنه :
“hors les cas prévus aux articles 1316-1 et 1316-2 la remise d’un écrit sous forme électronique est effective lorsque le destinataire après avoir pu en prendre connaissance, en a accusé réception, si une disposition prévoit que l’écrit doit être lu au destinataire, le remise d’un écrit électronique à l’intéressé dans les conditions prévues au premier alinéa vaut lecture”.
Voir ordonnance n° 2005-674 du 16 juin 2005 relative à l’accomplissement de certaines formalités contractuelles par voix électronique www.journal-officiel.gouv.fr.
و يجب عدم الخلط في هذا الصدد بين تحديد زمان ومكان انعقاد العقد وعملية تحديد زمان ومكان وصول الرسالة الإلكترونية، فالمسألة الأولى هي مسألة قانونية تتعلق بعملية تبادل التراضي بشقيه، الإيجاب والقبول، والمسألة الثانية فنية لا تأثير لها من الناحية القانونية المتعلقة بزمان ومكان الانعقاد القانوني للعقد.
د/محمد فاروق الأباصيري، عقد الإشتراك في قواعد المعلومات عبر شبكة الأنترنيت، دراسة تطبيقية لعقود التجارة الإلكترونية الدولية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، طبعة 2002، ص 63.
[81] د/ علي فيلالي، المرجع السابق، ص 106، 107.
[82] أ/ يونس عرب، منازعات التجارة الإلكترونية الإختصاص والقانون الواجب التطبيق وطرق التقاضي البديلة www.arablaw.org.
[83] د/ فاروق محمد أحمد الأباصيري، المرجع السابق، ص 62 وما بعدها.
[84] د/ أعراب بلقاسم، القانون الدولي الخاص الجزائري، تنازع القوانين، دار هومة، طبعة 2002، ص302 وما بعدها.
[85] عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 168 وما بعدها
[86] Voir préface de Francis Lorentz, au livre de Michel Vivant, Les contrats du commerce électronique, Litec, 1999.
د/ فاروق محمد أحمد الأباصيري، نفس المرجع، ص 114.
و د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص20 و21.
[87] عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 171.
[88] أ/يونس عرب، التقاضي في بيئة الأنترنيت، المركز العربي للقانون والتقنية العالية، المركز العربي للملكية الفكرية وتسوية المنازعات، عمان، الأردن، www.arablaw.org
[89] تجدر الإشارة في هذا الصدد بأن المنهج التقليدي لتنازع القوانين لم يعد ينسجم مع المعاملات التي تتم عبر الأنترنيت في طبيعة غير مادية وعالمية، فأغلب العلاقات العقدية التي تبرم بواسطة الأنترنيت هي علاقات تجمع بين أطراف تختلف جنسياتهم وأماكن إقامتهم وتتعلق أيضا بمواقع لا يعلم مكانها ولا مكان الجهة التي تديرها، ولا موقع الخادم الخاص بها، مما يجعل من الصعب حصر هذه العلاقة في إقليم دولة معينة ومنطقة جغرافية محددة، الشيء الذي جعل فكرة الحدود الجغرافية تزول، ولم تعد الدولة قادرة على صد أو رفض ما يبث إليها من وراء الحدود، الأمر الذي أدى إلى إفلات هذه العلاقات من الخضوع إلى منهج الإسناد ومن يقود إليه من تطبيق القوانين الوطنية.
الشيء الذي أدى بالفقه إلى القول بإلزامية البحث عن قواعد موضوعية تحكم المجتمع الجديد الذي نشأ بفضل شبكة الأنترنيت، حيث بدأت الجهود تبذل في هذا الإطار من قبل المنظمات العالمية والإقليمية لإيجاد حلول لهذه المشاكل بالبحث عن قانون ذي طبيعة عالمية بعيدا عن القانون الدولي الخاص، من جهة، ومحاولة إيجاد وسائل جديدة فعالة لفض منازعات التجارة الإلكترونية، خاصة ما تعلق منها بالقانون الواجب التطبيق والإختصاص القضائي، نذكر منها التحكيم، الوساطة، المفاوضات، لتتجاوز بذلك المشاكل التي قد تطرحها القوانين الوطنية في هذا المجال، خاصة منها القوانين التي لم تنظم المعاملات الإلكترونية من جهة أخرى.
ويشار في الأخير إلى أن أحدث تطور علمي في حقل فض المنازعات وهو العمل على حل المنازعات المتصلة بتقنية المعلومات والأنترنيت بشكل إلكتروني وعلى شبكة الأنترنيت نفسها صمن ما يعرف بالتسوية الإلكترونية أو المحاكم الإلكترونية.
لمزيد من التفصيل، راجع
أ/يونس عرب، التقاضي في بيئة الأنترنيت، المركز العربي للقانون والتقنية العالية، المركز العربي للملكية الفكرية وتسوية المنازعات، عمان، الأردن، www.arablaw.org.
أ/يونس عرب، منازعات التجارة الإلكترونية، الإختصاص والقانون الواجب التطبيق وطرق التقاضي البديلة، المركز العربي للقانون والتقنية العالية،
د/ د/ فاروق محمد أحمد الأباصيري، المرجع السابق، ص 107 وما بعدها.
[90] ولا ينطبق هذا الحكم على نقل الحقوق العينية العقارية التي يشترط القانون فيها الشكل الرسمي لانعقاد العقد، وهذا ما لا يمكن تحقيقه في العقود المبرمة بالوسائل الإلكترونية، كما رأينا ذلك في المبحث الأول من الفصل الأول أعلاه.
[91] د/ محمد أمين الرومي، المرجع السابق، ص118.
[92] تكون معظم هذه الأشياء خاضعة لحماية خاصة في القوانين المتعلقة بالملكية الفكرية والصناعية والأدبية، وتجدر الاشارة في هذا الصددالى أن مسألة الملكية الفكرية هي واحدة من تحديات التجارة الالكترونية وتظهر هذه المشاكل خاصة في العقود الالكترونية الخاصة برخص المنتجات المباعة و المخزنة داخل النظم التقنية ، كجزء من المبيع، وتثور ايضا مشكلة رخص الملكية الفكرية المغلفة مع المبيع، وكذلك حقوق الملكية الفكرية في ميدان النشر الالكتروني خاصة مع تزايد الاستلاء على التصاميم التي يستخدمها موقع ما، وحقوق الملكية الفغكرية على أسماء المواقع، وعلى ملكية المواقع نفسها، وحقوق الملكية الفكرية بالنسبة للعلامات التجارية للسلع والأسماء التجارية، وكذلك حقوق االمؤلفين على محتوى البرمجيات التقنية التي تنزل على الخط أو تسوق عبر مواقع التجارة الالكترونية، ان كل هذه المشاكل استلزمت مراجعة شاملة للقواعد القانونية الخاصة بالملكية الفكرية وربطها بالأنشطة التجارية الدولية في ميدان البضائع والخدمات.
لمزيد من التفصيل، أنظر، المحامي يونس عرب، التجارة الالكترونية،www.arablaw.org
[93] نص العقد النموذجي على ضرورة تحديد كيفية التسليم في الفقرة السابعة من البند الرابع منه وإذا ما كان سيتم عن طريق البريد أو بواسطة وسيلة نقل أو على الخط أو الشبكة نفسها
Caractéristiques essentielles des bien et services offerts: – Mode de livraison: livraison d’un bien par envoi postal ou via un moyen de transport, livraison d’un bien ou service en ligne en temps réel ou non”.
Voir Michel Vivant, Op. cit, annexe 1 contrat type de commerce électronique commerçant- consommateur (chambre de commerce et d’industrie de Paris)
د/أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 103.
[94] كما ورد في البند 11 من العقد النموذجي ضرورة تحديد تاريخ التسليم ويقترح أن يتم مثلا خلال 30 يوما، وإلا جاز إنهاء العقد ورد المبالغ المدفوعة.
Livraison: – date limite de livraison;
– livraison dans les 30 jours, à peine de résiliation du contrat et du remboursement des sommes versées, sachant que la livraison peut aussi être effectuée en ligne, en temps réel ou non, pour les produits de type logiciel ou base de données”.
Voir Michel Vivant, Op. cit, annexe 1 contrat type de commerce électronique commerçant- consommateur (chambre de commerce et d’industrie de Paris)
د/أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 103.
[95] لذا فقد حرصت العقود المتداولة على تنظيم هذه المسألة فنص البند 12 عقد Infonie على أن: ” يتم تسليم السلع في موطنك أو في أي عنوان آخر تختاره في الإقليم الفرنسي وتذكره في طلبك، ولن تتحمل أية نفقات من أجل التسليم بخلاف نفقات التصدير المذكورة سالفا”.
د/أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص101 و102.
[96] نص العقد النموذجي الفرنسي للتجارة الإلكترونية في الفقرة 8 من البند 4 منه على ضرورة تحديد ضمانات وخدمات ما بعد البيع كما كرر ذلك في البند 12 بعنوان الضمانات وخدمة ما بعد البيع، وذلك بالنص على ضرورة تحديد كيفية تقديم خدمة ما بعد البيع، وذكر الضمانات التجارية والقانونية والإتفاقية تحديدا.
Garanties et services après-vente: -modalités de services après-vente et mention précise des garanties commerciales légales et contractuelles”.
Voir Michel Vivant, Op.cit, annexe 1 contrat type de commerce électronique commerçant- consommateur (chambre de commerce et d’industrie de Paris)
أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 107 و108.
[97] د/فاروق محمد أحمد الأباصيري، المرجع السابق، ص87 وما يليها.
[98] د/ محمد أمين الرومي، المرجع السابق، ص 125.
[99] د/ فاروق محمد أحمد الأباصيري، المرجع السابق، ص97 و98.
[100] د/ فاروق محمد أحمد الأباصيري، المرجع السابق، ص 100.
[101] تشير الإحصائيات في الجزائر أن 80% من التعاملات التجارية تتم نقدا وهذا راجع على تخوف البنوك من نظام الدفع الإلكتروني، إذ أن أقل من 250 ألف شخص من بين 10 ملايين مالك لحساب يملك بطاقة للدفع فقط، وهو عدد قليل بالمقارنة مع الدول المجاورة، في حين وصلت فيه الدول المتقدمة إلى تخفيض نسبة استعمال النقد إلى 20 بالمائة وهي نسبة في انخفاض مستمر.
راجع تعليق على مداخلة الدكتور يايسي فريد في الملتقى المنظم بمركز تطوير التكنولوجيات الحديثة بالتعاون مع الشركة الكندية لمحطات الدفع الالكتروني المباشر- الجزائر في 14/12/2005 ، جريدة الخبر الصادرة يوم 15 ديسمبر 2005، ص 6.
[102] استخدم تعبير البنوك الالكترونية ( Electronic Banque) أو بنوك الانترنيت كتعبير متطور وشامل للمفاهيم التي ظهرت مع مطلع التسعينات كمفهوم الخدمات المالية عن بعد أو البنوك الالكترونية عن بعد أو البنوك المنزلية أو البنوك على الخط.
لمزيد من التفصيل، أنظر المحامي، يونس عرب، أنظمة الدفع و السداد الالكتروني www.arablaw.org
[103]د/ فاروق محمد أحمد الأباصيري، المرجع السابق، ص 101.
[104] د/ فاروق محمد أحمد الأباصيري، المرجع السابق، ص 102.
[105] أشار العقد النموذجي الفرنسي للتجارة الالكترونية في بنده العاشر بعنوان الوفاء إلى جواز الوفاء بطرق ثلاثة: فإما أن يتم الوفاء فورا ببطاقة مصرفيــــة Paiement immédiat par carte bancaire، وإما أن يتم الوفاء فورا بواسطة حافظة نقود الكترونية Paiement par porte-monnaie électronique rechargeable، وإما أن يؤجل الوفاء لحين التسليم Paiement différé à livraison.
Voir, Miche Vivant,Op,cit
[106]وهناك خدمة ظهرت حديثا وهي شراء السلع والخدمات وإضافة ثمنها على فاتورة الهاتف النقال.
د/محمد أمين الرومي، المرجع السابق، ص 142.
م / يونس عرب، البنوك الخلوية، التجارة الخلوية، المعطيات الخلوية، ثورة جديدة تنبئ بانطلاق عصر ما بعد المعلومات.www.arablaw.org
Voir aussi, Thibault Verbiest, commerce électronique par téléphone mobil (m-commerce): un cadre juridique mal défini,
[107] د/محمد أمين الرومي، المرجع السابق، ص 130.
[108] ويتم ذلك بطريقتين، إحداهما مباشرة والأخرى غير مباشرة.
ففي الطريقة غير المباشرة يقدم الزبون بطاقته التي تحتوي على بياناته وبيانات البنك المصدر لها إلى التاجر الذي يدون بيانات مفصلة عن المشتري وبطاقته، ويوقع الأخير على فاتورة من عدة نسخ ترسل نسخة منها إلى البنك الخاص بالزبون أو الجهة المصدرة للبطاقة لسداد قيمة المشتريات، ثم الرجوع على حامل البطاقة بعد ذلك.أما الطريقة المباشرة فتتم بقيام الزبون بتسليم بطاقته إلى مورد السلعة أو الخدمة الذي يمررها على جهاز للتأكد من وجود رصيد كاف لهذا الزبون في البنك الخاص به، ولا يتم ذلك إلا بعد إدخال رقمه السري في الجهاز، فإن قام الزبون بهذه العملية فيكون قد فوض البنك تحويل المبلغ من حسابه إلى حساب التاجر عند طريق عمليات حسابية بين بنك كل منهما، وتعد هذه البطاقات ضمانا وافيا للتجار للحصول على مستحقاتهم سواء عن طريق الدفع المباشر أو المؤجل، ومن أمثلة بطاقات الوفاء في فرنسا بطريقة الدفع غير المباشر بطاقة La carte bleue.
ولمزيد من التفصيل أنظر د/ عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 113 و114.
يرى الأستاذ جمال جودي أن استعمال هذه البطاقة يعتبر وفاء عن بعد لفائدة تاجر انطلاقا من جهاز آلي نهائي متصل بشبكة.
” L’utilisation de la carte de payement: c’est un paiement à distance émis à l’ordre d’un commerçant à partir d’un terminal connecté à un réseau”.
L’Internet ou le défi au paiement sécurisé, Extrait gazette du palais, juillet 2004, 124° année, N° 182 à 183 remis par Dr Djamel Djoudi aux élèves Magistrat de deuxième année à l’Ecole supérieure de la Magistrature, Alger; juin 2005. P05.
[109] ذهب جانب من فقهاء القانون المدني إلى أن هذه البطاقة تشبه ذات النظم القانونية التي تحكم حوالة الدين أو الحق، أو تلك التي تحكم الإشتراط لمصلحة الغير، وهي نوع من الكفالة أو الوكالة، وانتهى هذا الرأي إلى أنها ليست نظاما من هذه الأنظمة لكن لها الطبيعة الخاصة بها والتي يجب البحث عليها وتأهيلها في ضوء النصوص المتاحة والتشريعات المقترحة.
ومن أمثلة هذه البطاقات carte passe chez carrefour, Visa, Master card, Access .
لمزيد من المعلومات راجع د/ عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 114 و 115.
و د/محمد أمين الرومي، المرجع السابق، ص 138 و139.
[110] وبذلك تختلف عن الشيك الإلكتروني أو الشيك الافتراضي Chèque virtuel،الذي هو عبارة ” عن بيانات يرسلها المشتري إلى البائع عن طريق البريد الإلكتروني المؤمن، تتضمن البيانات التي يحتويها الشيك البنكي من تحديد مبلغ الشيك واسم المستفيد واسم من أصدر الشيك وتوقيع مصدره “، ويعتمد هذا النوع من الشيكات على وجود وسيط بين المتعاملين ( ويطلق عليه جهة التخليص )، ويتم استخدام هذا الشيك في عمليات الوفاء بأن يقوم كل من البائع والمشتري بفتح حساب لدى بنك محدد، ويقوم المشتري بتحرير الشيك الإلكتروني وتوقيعه إلكترونيا، وبهذه العملية يندمج التوقيع في الشيك ويصبح كل منهما شيئا واحدا لا يمكن الفصل بينهما. Voir, Dr Djamel Djoudi, Op,cit P06.
[111] د/ فاروق محمد أحمد الأباصيري، المرجع السابق، ص 105.
وفي هذا الإطار يقول الأستاذ جمال جودي ما يلي:
« cette monnaie, encore controversée repose en fait sur un mécanisme de prépaiement. Il ne s’agit pas d’unités monétaires liquides et fongibles mais d’un substitut électronique des pièces et billets, stocké sur un support électronique tel qu’une carte à puce ou une mémoire d’ordinateur. Mais quel qu’en soit le support de stockage’ la monnaie électronique n’est pas constituée des signes monétaires’ scripturaux ou fiduciaires’ en contrepartie desquels on l’émet. En réalité’ il s’agit d’unités de conversion qui circulent de
compte à compte’ selon le schéma d’une opération carte en monnaie scripturale »
Voir, Dr Djamel Djoudi, Op,cit,P07.
[112] رغم ما تقدمه فكرة النقود الالكترونية أو الافتراضية من تيسير للتجارة عبر الانترنيت، فان هذه التقنية لا تخلو من المخاطر، فمن ناحية فان حائز هذه النقود الالكترونية ليس في مأمن من حادث فني يترتب عليه مسح ذاكرة جهازه وهنا سوف يفقد كل نقوده التي بحافظة النقود الالكترونية دون رجعة، ومن ناحية أخرى فانه في حالة إفلاس من أصدر هذه النقود الالكترونية، فان العميل يتعرض لخطر عدم استرداد قيمة الوحدات التي لم يستعملها بعد، كما يتعرض التاجر لخطر عدم استيفاء الوحدات التي حولها له العميل.
د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص100 و101.
[113] استعمل المشرع في تعريف الكتابة عبارة “أيا كانت الوسيلة التي تتضمنها” والصحيح هو “أيا كانت الدعامة التي تتضمنها” حسب الترجمة الفرنسية للنص:quels que soient leur support…. ،
[114] واستعمل المشرع أيضا مصطلح الكتابة في الشكل الالكتروني وليس الكتابة الالكترونية، كون شكل الكتابة هو الذي تغير وليس طبيعتها.
في هذا الشأن يقول الأستاذ Eric Caprioli :
” Nous préférons également l’expression écrit sous forme électronique à celle d’écrit électronique car ce ne sont que les formes de l’écrit qui changent et non sa nature, s’il peut exister plusieurs formes de preuve littérale, les écrits, à condition qu’ils remplissent les exigences fixées par le législateur sont de même nature et d’une force probante équivalente”.
Voir Eric Caprioli, le juge et la preuve électronique, réflexion sur le projet de loi portant adaptation de la preuve aux technologies de l’information et relatif à la signature électronique, www.caprioli-avocats.com.
[115] وهو نفس المبدأ الذي كرسه قانون الأمم المتحدة للتجارة الالكترونية CNUCDCI في مادته 09 ، والقانون المدني الفرنسي في مادته 1316.
، المرجع، السابق. Eric Caprioli
، المرجع، السابق. Eric Caprioli [116]
[117] القاضي، كمال العياري، التطور العلمي وقانون الإثبات، ورقة عمل مقدمة في الندوة العالمية حول الإثبات باستعمال وسائل المعلوماتية والتكنولوجية الحديثة، بالمركز العربي للبحوث القانونية والقضائية، 6-8 يناير 2003، بيروت، لبنان.
[118] وهو نفس المبدأ الذي كرسه القانون النموذجي للتجارة الإلكترونية في المادة السادسة منه التي تنص: “عندما يشترط أن تكون المعلومات مكتوبة، تستوفي رسالة البيانات ذلك الشرط إذا تيسر الإطلاع على البيانات الواردة فيها على نحو يتيح استخدامها بالرجوع إليها لاحقا”
أنظر المادة 1316-1 من القانون المدني الفرنسي التي تقابل المادة 323 مكرر 1 من القانون المدني، والمادة 7 من قانون المعاملات والتجارة الإلكترونية الأردني.
[119] د/ محمد حسن قاسم، المرجع السابق، ص107.
[120] Eric Caprioli, Op.cit.
[121] وقد حسم الأمر في فرنسا في ما يخص هذه الاشكالية بصدور المرسومين الذين يسمحان بابرام العقود التي تتطلب الكتابة الرسمية في الشكل الالكتروني
Décret n° 2005-972 modifiant le décret n° 56-222 relatif au statut des huissiers de justice.
Décret n° 2005-973 modifiant le décret n° 71-941 relatif aux actes établis par les notaires.
Marlene Trezeguet, Op cit.
[122] القاضي، كمال العياري،المرجع السابق.
[123] وهو نفس المبدأ والشروط التي أخذت بها معظم التشريعات التي اعترفت صراحة بالإثبات بالكتابة في الشكل الإلكتروني.
[124] أ / يونس عرب ، حجية الإثبات بالمستخرجات الالكترونية www.arablaw.org
[125] عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، 128 وما يليها.
Décret n° 2001-272 du 30 Mars 2001 pris pour l’application de l’article 1316-4 du code civil et relatif à la signature électronique, JO n° 77 du 31 Mars 2001 page 2070. www.journal-officiel.gouv.fr.
المادة 08 وما بعدها من قانون المبادلات والتجارة الالكترونية التونسي
[126] رغم ما يمكن أن يعتري ذلك من نقائص، فإذا تمكن الشخص من سرقة المفتاح السري الخاص بشخص آخر فإنه يستطيع سرقة هويته فينتحل شخصيته في إبرام العقود، فتكون الكتابة أو الوثيقة الإلكترونية المحتج بها أمام القضاء صادرة باسم صاحب المفتاح، ولذلك يرى الأستاذ Caprioli، بأن مصطلـــــح identification de la personne dont l’écrit émane الوارد في المادة 1316-2 من القانون المدني الفرنسي المقابلة للمادة 323 مكرر1 من القانون المدني يقصد بها في الحقيقة l’imputabilité à l’auteur.
لمزيد من التفصيل راجع: Eric Caprioli, Op cit
[127] لذلك فقد استثنى التوجيه الأوروبي رقم 97-07 المتعلق بحماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد مواقع الانترنيت من الدعامات القابلة للاستمرار كونها دعامة تفتقر إلى هذه الخاصية فيما عدا تلك التي تستجيب للمعايير المبينة بشأن تعريف الدعامة التي لها قابلية للاستمرار وهو التعريف الذي جاءت به المادة 02 من هذا التوجيه بقولها ” كل أداة تسمح للمستهلك بتخزين المعلومات التي توجه إليه شخصيا على نحو يمكن معه الرجوع إليها بسهولة مستقبلا خلال فترة زمنية تتلاءم مع الأغراض التي من اجلها تم توجيه هذه المعلومات ، وتسمح بإعادة نسخ هذه المعلومات نسخة مطابقة لتلك التي تم تخزينها.
د/ محمد حسن قاسم ، مرجع سابق، ص 48،49 .
[128] د/ عبد الفتاح بيومي حجازي ، مرجع السابق ص 149.
[129] وأكد القانون النموذجي للتجارة الالكترونيةCNUDCI في مادته 03 امكانية اللجوء الى شخص ثالث كوسيلة لاضفاء الجدية على الوثيقة الالكترونية، الا أنه أشار الى بعض الشروط التي يجب توافرها عند حفظ الوثيقة الالكترونيةوهي:
– تيسر الاطلاع على المعلومات الواردة فيها على نحو يتيح الجوع اليها لاحقا
– الاحتفاظ برسالة البيانات بالشكل الذي أنشأت أو أرسلت أو استلمت به أو بشكل يمكن اثبات أنه يمثل بدقة المعلومات التي أنشأت أو أـرسلت أو أستلمت.
– الاحتفاظ بالمعلومات ، ان وجدت، التي تمكن من استبانة رسالة البيانات وجهة وصولها وتاريخ ووقت استلامها ووصولها
Eric Caprioli, Op cit.
وكذلك، د/ سامي بديع منصور، الإثبات الإلكتروني في القانون اللبناني معاناة قاض، الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية والاقتصادية، أعمال المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق بيروت العربية، الجزء الأول، الجديد في التقنيات المصرفية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، طبعة 2004، ص343.
[130] L’article 1316-2 stipule que.”Lorsque la loi n’a pas fixé d’autres principes et à défaut de convention valable entre les parties, le juge règle les conflits de preuve littérales en déterminant par tous moyens le titre le plus vraisemblable quel qu’en soit le support”.
[131] Eric Caprioli, Op cit.
[132] د/ سامي بديع منصور، مرجع سابق، ص 360 وما بعدها.
[133] يوجد في الحقيقة إتجاهان، يرى أحدهما أن قواعد الإثبات الموضوعية من النظام العام، وبالتالي يمنع كل اتفاق يحصل بين المتخاصمين حولها، كونها مرتبطة بوظيفة الدولة وإقامة العدالة،في حين يفرق الإتجاه الثاني، بين قواعد الإثبات الموضوعية وبين الإجراءات الخاصة بالإثبات، فيجيزون اٌتفاقات حول الأولى، باعتبارها حقوق ترجع إلى الخصوم، وأن من حقهم التنازل عنها، ومن جهة أخرى يمنعون الإتفاق حول الثانية ويصنفونها ضمن قواعد النظام العام ولذلك يمنعون الإتفاق على إجراءات الإثبات وغلى شروط قبول قواعد الإثبات، والشكليات المقررة في ذلك، وقيمة تلك القواعد والحجج التي ينبغي أن تعطى لها
راجع، أ/ يحي بكوش، أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي، دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة، الطبعة الثانية، المؤسسة الوطنية للكتاب، ص52 وما يليها.
[134] راجع، أ/ يحي بكوش، المرجع السابق، ص 53.
[135] د/ سامي بديع منصور، المرجع السابق، ص 367.
و أنظر أيضا في نقس المجال Eric Caprioli, Op Cit.
[136] د/ فاروق محمد أحمد الأباصيري، المرجع السابق، ص 82.
[137]L’article 1316-4 du code civil français stipule que: ” la signature nécessaire à la perfection d’un acte juridique identifie celui qui l’appose, elle manifeste le consentement des parties aux obligations qui découlent de cet acte”.
راجع أ/ محمد بودالي، التوقيع الإلكتروني، مجلة الإدارة، العدد رقم 2، لسنة 2003، ص 55.
[138] “une donnée sous forme électronique qui est jointe ou liée logiquement à d’autre données électroniques et qui serre de méthode d’authentification”
أ/ محمد بودالي، نفس المرجع السابق، ص 55.
[139] د/ عبد الفتح بيومي الحجازي، المرجع السابق، ص 72.
[140] ويرتبط التوقيع الإلكتروني بالتشفير ارتباطا عضويا فالتشفير هو عملية لتغيير البيانات بحيث لا يمكن قراءتها إلا من قبل الشخص المستخدم وحده باستخدام مفتاح فك التشفير.
والطريقة الشائعة للتشفير تتمثل في وجود مفتاحين، المفتاح العام وهو معروف للعامة، ومفتاح خاص يتوفر فقط لدى الشخص الذي أنشأه، ويمكن بهذه الطريقة لأي شخص يملك المفتاح العام أن يرسل الرسالة المشفرة، ولكن لا يستطيع أن يفك شفرتها إلا الشخص الذي لديه المفتاح الخاص.
ويجب في هذا الصدد عدم الخلط بين التوقيع الإلكتروني وبين تشفير الرسالة الإلكترونية chiffrement du message، فصحيح أن كليهما يقوم على عملية حسابية يتم من خلالها تشفير مضمون التوقيع أو الرسالة، ولكن هناك فرق وهو أن تشفير الرسالة يشملها بأكملها، في حين أن التشفير في التوقيع الإلكتروني يقتصر فقط على التوقيع دون بقية الرسالة، بحيث أنه يمكن أن يكون مرتبطا برسالة غير مشفرة.
Voir Eric Caprioli, Op cit.
وأيضا فاروق محمد الأباصيري، المرجع السابق، ص 82 و83.
[141] د/يونس عرب، المرجع السابق.
[142] أ/ محمد بودالي، المرجع السابق، ص 57.
[143] راجع بأكثر تفصيل، أ/ محمد بودالي، المرجع السابق، ص 57.
وEric Caprioli, Op cit.
[144] د/ يونس عرب، المرجع السابق.
[145] د/يونس عرب، المرجع السابق.
[146] د/ عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 99.
[147] د/سامي بديع منصور، المرجع السابق،ص 365.
[148] د/ فاروق محمد أحمد الأباصيري، المرجع السابق، ص 83 وما يليها.
و Eric Caprioli, Op Cit.
[149] وفي هذا الإطار أصدر المشرع الفرنسي مرسوما تنظيميا يحدد كيفيا تطبيق المادة 1316-4 من القانون المدني الذي أنشأ هيئة التوثيق، ونظم هذه المهنة بشكل دقيق، وأحاط بالجوانب التقنية للتوقيع الإلكتروني.
Décret n° 2001-272 du 30 Mars 2001 pris pour l’application de l’article 1316-4 du code civil et relatif à la signature électronique, JO n° 77 du 31 Mars 2001 page 2070. www.journal-officiel.gouv.fr.