القضاء التجاري / اختصاص اداري منازعات
رقم القضية ٤٨٨/1 / ق لعام ١٤٠٥هـ
رقم الحم الابتدائي ٦ /د/إ/ ٣ لعام ١٤٠٦ هـ
قرار هيئة تدقيق القضايا ١٤١ /ت / ٣ لعام ١٤٠٧هـ
تاريخ الجلسة 2/11/١٤٠٧هـ
الموضوعات
اختصاص ولائي- منازعات تأمينية – الاختصاص من النظام العام- تعلق القرارالإداري برابطة من الروابط الخاصة ينفي عنه وصف القرار الإداري- ضبط منطوق الحكم – النظر في الاختصاص يسبق النظر في مسائل القبول.
مطالبة المؤسسة المدعية بإلغاء قرار وكيل وزارة التجارة القاضي بإلزامها بسداد مبلغ مالي لمالك منجرة (…) وذلك بصفتها وكيلة شركة (…) للتأمين تنفيذا لعقد التأمين المبرم بين الشركة ومالك المنجرة- القرار – محل الإلغاء- يتصل من حيث موضوعه بأمر تولد من علاقة عقد التأمين التي كانت تربط الشركة والمواطن مالك المنجرة لذلك فإن المنازعة تدور حول مسألة من المسائل المتعلقة بروابط خاصة بين فرد وشركة خاصة، وعلى ضوء ذلك ينتفي عن المنازعة موضوع القضية المنظورة وصف المنازعة الإدارية التي تدخل في اختصاص ديوان المظالم – أثرذلك: عدم قبول الدعوى؛ لعدم اختصاص الديوان بنظرها – لم توافق هيئة التدقيق على ما انتهى إليه منطوق حكم الدائرة حيث أوضحت أن القضاء بعدم القبول يغاير القضاء بعدم الاختصاص، فعدم قبول الدعوى هو أمر يتعلق بعدم توافر أحد الشروط اللازمة لنظر الدعوى بمعنى أن الديوان مختص أصلا بنظر النزاع، في حين أن مسألة الاختصاص أمر يسبق الفصل في مسألة قبول الدعوى- أثر ذلك: عدم اختصاص الديوان بنظر الدعوى.
الوقائع
تخلص وقائع الدعوى فيما تقدم به مدير المؤسسة (…) الأهلية للتجارة وكلاء شركة (…) للتأمين المحدودة طالبا إلغاء القرار الصادر من وكيل وزارة التجارة رقم (82/11) وتاريخ 28/4/١٤٠٥هـ المتضمن إلزام الشركة بسداد مبلغ(٤٥١٠٠٠) أربعمائة إحدى وخمسين ألفا إلى (…) صاحب منجرة (…) وأوضحت مؤسسة دعواها قائلة أنه بتاريخ 9/11/١٩٨٠م وقعت الشركة مع (…) حسب صاح منجرة (…) بوليصة تأمين ضد الحريق برقم (٣٠١٠) وقد تضمنت المادة (١٠) من بوليصة التأمين أحقية الشركة في إلغاء العقد باختيارها في أي وقت عن طريق إخطار المؤمن، وعليها في هذه الحالة أن تدفع للمؤمن عليه عند طلبه الجزء النسبي من القسط عن المدة غير المنتهية، وبتاريخ 17/2/١٩٨١ م ألغت الشركة الاتفاقية طبقا للنص المشار إليه؛ نظرا لازدياد مخاطر التأمين على المتاجر بحكم تعرضها أكثر من غيرها لنشوب الحرائق ورفض إعادة التأمين على هذه المتاجر من قبل شركات إعادة التأمين لنفس هذا السبب وقد أعادت الشركة المدعية للمؤمن لها قيمة الأقساط وقدرها (٣١٥٧) ريال (ثلاثة آلاف ومائة وسبعة وخمسون ريالا) بالشيك رقم (١٩٢٦٧٤) بتاريخ ١٨/ ٣/١٩٨١ م على البنك (…) وبعد خمسة أشهر من إلغاء الاتفاقية شب حريق بالمنجرة وتمسك صاحبها بسريان الاتفاقية الملغاة والشكوى إلى وزارة التجارة بإلزام الشركة بدفع مبلغ (٤٥١٠٠٠) ريال قيمة التعويض عن أضرار الحريق وقد صدر قرار وكيل وزارة التجارة المنوه عنه سلفا بإلزام الشركة بدفع المبلغ المشار إليه. وذكرت المؤسسة المدعية في آخر دعواها بأن وزارة التجارة غير مختصة أصلا بنظر مثل هذا النزاع فلم يسند لها النظام اختصاص نظر المنازعات والفصل فيها حيث تقضي المادة (٢٦) من نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم (٢/ ٦٤) وتاريخ ١٤/ ٧/ ١٣٩٥هـ بأن تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا بما أستثنى بنظام وليس هناك نظام يعطي وزارة التجارة مثل هذا الاختصاص، ولما كانت المادة (٨) من نظام ديوان المظالم تقضي باختصاص الديوان بالفصل في الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن بالطعن في القرارات الإدارية متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص فإنها تطالب الحكم لها بإلغاء القرار الصادر من وكيل وزارة التجارة رقم (827/11) وتاريخ 28/4/١٤٠٥ هـ في حق الشركة لعدم الاختصاص. وبجلسة 29/10/ 1٤٠٥ هـ قدمت وزارة التجارة دفاعها بأنه لا خلاف على تجارية أعمال التأمين باعتبارها مقاولة أو تعهد على سبيل الاحتراف بالضمان ضد أخطار التلف أو الضرر أو غيرها مقابل بدل نقدي وما دام أن التأمين عمل تجاري فإن وزارة التجارة عبر أجهزتها ونظمها هي المختصة بحسم المنازعات الناشئة عنه وعن غيره من الأعمال التجارية الأخرى متى كان المدعى عليه تاجرا. وإذا كان هذا الاختصاص يدخل ضمن الاستثناء المنصوص عليه في المادة (٢٦) من نظام القضاء فإن ممارسة الوزارة له لا يعتبر تعديا وإنما هو تطبيق لمقتضيات الأنشطة التجارية سالفة الذكر من جهة ولرفض المحاكم الشرعية النظر في قضايا التأمين من جهة أخرى. ولأن قضايا التأمين تبدأ عادة على شكل شكاوى يتقدم بها المدعون إلى الإمارات ومكاتب الشرطة ضد شركة التأمين أو وكلائها وما كان من هذه الشكاوى يحال إلى المحاكم الشرعية يعاد للسبب السالف الذكر فقد صدرت عدة أوامر من سمو وزير الداخلية بالأرقام (٣٣٢٠) في 20/7/١٣٨٨هـ، (١١٠٩) في 12/11/١٣٨٨ هـ، (١١٦٦) في 5/4/١٣٩٠ هـ بأن تحال جميع قضايا التأمين إلى وزارة التجارة للبت فيها، وطلبت الوزارة في ختام دفاعها رد دعوى المدعي للأسباب المذكورة سلفا.
الأسباب
من حيث إن المؤسسة المدعية تتظلم من قرار وكيل وزارة التجارة فيما تضمنه بخطابه الموجه للمدعية رقم (827/11) وتاريخ 28/4/١٤٠٥ هـ القاضي بإلزامها بسداد مبلغ (٤٥١٠٠٠) ريال للمدعو (…) مالك منجرة (…) وذلك بصفتها وكيلة شركة ( …) للتأمين تنفيذا لعقد التأمين المبرم بين مالك المنجرة وبين تلك الشركة وعلى ذلك فإن القرار ينطوي على فصل في خلاف بين أحد الروابط الفردية الخاصة التي تثور بين الأفراد أو الهيئات الخاصة بعضهم مع بعض ومن لازم هذا الأمر بحث مدى اختصاص الديوان بنظر المنازعة المتعلقة بالطعن بالقرار المذكور. ويستمد الديوان اختصاص بفصل المنازعات بما أنيط به وفق المادة (الثامنة) من نظامه الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/٥١) وتاريخ 17/7/١٤٠٢ هـ وليس له أن يتجاوز هذا الاختصاص فيدخل فيه ما ليس منه حتى ولو اتفق الخصوم على التحاكم إليه للفصل في منازعتهم إذ إن قواعد الاختصاص مما يتعلق بالنظام العام ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها نفيا أو إثباتا. وفي الدعوى الماثلة لا يكون اختصاص الديوان إلا بعد تحديد طبيعة قرار وكيل وزارة التجارة المطعون عليه فيما إذا كان القرار بحسب طبيعته والمنازعة التي صدر بشأنها قرارا إداريا أو الأصل الذي صدر بشأنه القرار فيما إذا كانت تلك المنازعة تتعلق بعقد من العقود التي تكون الحكومة طرفا فيها والثابت أن العقد الذي صدر بشأنه القرار المطعون فيه، أبرم بين شركة (…) للتأمين المحدودة و(…) للتأمين على منجرة الثاني فهو ينظم علاقة بين فرد وشركة خاصة. ومن حيث إن نظام ديوان المظالم نص في مادته الأولى على أن الديوان هيئة قضاء إداري ونصت المادة الثامنة على اختصاصاته ففي الفقرة (ب) يختص الديوان بالفصل في الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن بالطعن في القرارات الإدارية ونصت الفقرة (د) منه على أنه يختص بالفصل في الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن في المنازعات المتعلقة بالعقود التي تكون الحكومة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة طرفا فيها فإن مناط اختصاص الديوان بهيئة قضاء إداري في المنازعات التي تسبغ عليها صفة المنازعات الإدارية من حيث اتصالها بقرار إداري يصدر في رابطة من الروابط العامة أو من حيث اتصالها بعقد من العقود التي تكون الحكومة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة طرفا فيها. وحيث إن القرار موضوع القضية المعروضة يتصل من حيث موضوعه بأمر تولد من علاقة عقد التأمين التي كانت تربط الشركة موكلة المدعية والمواطن مالك المنجرة، لذلك فإن المنازعة تدور حول مسألة من المسائل المتعلقة بروابط خاصة بين فرد وشركة خاصة وهي العلاقة التعاقدية التي انبثق عنها النزاع الماثل المتفرع من عقد التأمين وبالتالي صدر قرار وزارة التجارة القاضي بإلزام شركة التأمين موكلة المدعية بدفع مبلغ (٤٥١٠٠٠) ريال لصالح المواطن المذكور وطعن المدعية بعدم سلامته. ومن ثم على ضوء ما سبق ينتفي عن القرار أو التصرف الصادر من وزارة التجارة صفة القرار الإداري أو التصرف الإداري بحسبانه صدر في رابطة من الروابط الخاصة ولم يصدر في رابطة من الروابط العامة وبذلك ينتفي عن المنازعة موضوع القضية المنظورة وصف المنازعة الإدارية التي تدخل في اختصاص ديوان المظالم، الأمر الذي يتعين معه عدم قبول الدعوى الماثلة لعدم اختصاص الديوان بنظرها.
لذلك حكمت الدائرة: بعدم قبول هذه الدعوى المقامة من المؤسسة (…) الأهلية للتجارة بشأن الطعن في قرار وكيل وزارة التجارة رقم (827/11) وتاريخ ٢٨ / ٤/ ١٤٠٥ هـ لعدم اختصاص الديوان بنظرها.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هيئه التدقيق
حكمت الهيئة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء، وأضافت في أسبابها ما ملخصه: أنه من الأمور المسلم بها أن مجرد صدور القرار أو الإجراء من جهة إدارية لا يخلع عليه في كل الأحوال، وبحكم اللزوم وصف القرار الإداري بل يلزم حتى يتحقق له هذا الوصف آن يكون كذلك بحسب موضوعه وفحواه بأن يتعلق بمسألة أو رابطة عامة أو بحق عام، أما إذا تعلق القرار بمسألة أو رابطة من الروابط الخاصة أو بحق خاص فإنه لا يعد قرارا إداريا أيا كان مصدره، ومهما كان موقعه في مدارج السلم الإداري، ومن ثم انحسرت عن المنازعة بشأنه ولاية القضاء الإداري، ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه يتصل من حيث موضوعه بأمر تولد من علاقة عند التأمين الذي يربط الشركة موكلة المدعية والمواطن مالك المنجرة، والذي لم تكن الحكومة ولا أحد الأشخاص المعنوية العامة طرفا فيه، أي أن المنازعة بشأنه تدور حول رابطة من الروابط الخاصة بين فرد وشركة ينتفي عن هذه المنازعة صفة المنازعة الإدارية المتعلقة بعقد إداري أحد أطرافه الحكومة أو شخص معنوي عام، وعلى ذلك تنحسر ولاية ديوان المظالم على نظر تلك الدعوى، مما يتعين معه القضاء بعدم اختصاص ديوان المظالم ولائيا بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعة موضوع هذه القضية، كما أن ما أشارت إليه الدائرة في أسبابها أو في منطوقها بعدم قبول الدعوى لا يتفق والأسباب التي أوردتها في أسباب قرارها والتي توضح أن الديوان غير مختص ولائيا بنظر المنازعة، فكان يتعين عليها القضاء بعدم اختصاص الديوان ولائيا بنظر الدعوى إذ إن القضاء بعدم القبول يغاير القضاء بعدم الاختصاص، فعدم قبول الدعوى هو أمر يتعلق بعدم توافر أحد الشروط اللازمة لنظر الدعوى بمعنى أن الديوان مختص أصلا بنظر النزاع، في حين آن مسألة الاختصاص آمر يسبق الفصل في مسألة قبول الدعوى.