القضاء التجاري / تزوير
رقم القضية الابتدائية ١٢٠٤ /١٠/ ق لعام ١٤٣٦هـ
رقم قضية الاستئناف ٧٦٩/٢/إس لعام ١٤٣٧هـ
تاريخ الجلسة ١٤/٤/١٤٣٧هـ
الموضوعات
تزوير – محرر عرفي – خطاب تحويل راتب – استعمال – اصطناع – اشتراك في الجريمة – إقرار – الإقرار حجة قاصرة على المقر – عدم الاعتداد بقول متهم على آخر – شهادة – موانع قبول الشهادة – شهادة غير موصلة – توافر المصلحة من فعل الجريمة.
أقام فرع هيئة التحقيق والادعاء العام الدعوى بطلب معاقبة المتهمين لاشتراكهما في تزوير محرر عرفي (خطاب عدم ممانعة تحويل راتب) بالاصطناع وعن طريق الاتفاق والمساعدة بأن أمد المتهم الثاني المتهم الأول بالبيانات اللازمة والمبلغ المالي المتفق عليه ليقوم الأخير باصطناع كامل المحرر للمتهم الثاني والذي قام بدوره باستعمال المحرر المزور فيما زور من أجله – إنكار المتهم الأول التهمة المنسوبة إليه – إقرار المتهم الثاني باستعمال المحرر المزور، ودفعه بعدم علمه بتزويره، وقيام المتهم الأول بتزويده به – استناد جهة الادعاء في اتهام المتهم الأول على شهادة شاهد وقول المتهم الثاني – شهادة الشاهد غير موصلة ومتناقضة ولا تصل إلى إثبات التهمة على المتهم الأول – إقرار المتهم الثاني قاصر عليه وليس حجة على غيره، كما أن أقوال متهم على متهم لا يمكن أن تكون بينة ما لم يعضدها بينة قوية الأدلة المستند عليها غير كافية في حق المتهم الأول وهي كافية في حق المتهم الثاني لا سيما أنه صاحب مصلحة من ارتكاب الجريمة – أثر ذلك: أولا: عدم إدانة المتهم الأول بما نسب إليه. ثانيا: إدانة المتهم الثاني بما نسب إليه، ومعاقبته عن ذلك بالسجن والغرامة.
الوقائع
تتلخص وقائع هذه القضية في أنه ورد إلى المحكمة الإدارية بمكة المكرمة خطاب هيئة التحقيق والادعاء العام رقم (١٨٣٠٩) وتاريخ ٢/٣/١٤٣٦هـ المرفق به لائحة الدعوى العامة لعام ١٤٣٦هـ مع مشفوعاتها، وقد باشرت الدائرة النظر في القضية على النحو المثبت بمحضر الضبط، حيث حضر المدعي العام (…)، وادعى في مواجهة المدعى عليهما قائلا: تتهم هيئة التحقيق والادعاء العام كلا من: ١- (…) سعودي الجنسية، بموجب السجل المدني رقم (…). ٢-. (…) سعودي الجنسية بموجب السجل المدني رقم (…). فبتاريخ ٢٥/١/١٤٣٦ هـ ورد خطاب مدير شعبة التحريات والبحث الجنائي بالعاصمة المقدسة المبني على كتاب المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة مكة المكرمة رقم (٣٥١٢٤٣٤٠٢) في ١٦/١١/١٤٣٥هـ من قيام المدعى عليه الثاني المذكور أعلاه بتقديم خطاب لإدارة التعليم بمنطقة مكة المكرمة – عدم ممانعة تحويل راتب – برقم (٠٥٤٢٦٩) وتاريخ ٣/٦/١٤٣٥هـ مثبت فيه بيانات بنكية ورقم سجله المدني منسوب صدوره للبنك (…)، حيث وردت الإفادة من البنك (…) برقم (١٩٨٠) وتاريخ ٢٧/٦/١٤٣٥هـ بأن الخطاب – محل الاتهام – مزور ولم يصدر من البنك (…). وباستجواب المدعى عليه الثاني، أفاد أنه حصل على خطاب عدم ممانعة تحويل راتبه من المدعى عليه الأول الذي تعرف عليه عن طريق شخص يدعى (…) وتقابلوا جميعا فو مخطط بطحاء قريش عند محطة (…) وأخبر المدعى عليه الثاني المدعى عليه الأول بحقيقة الموضوع من وجود قرض لدى بنك (…) يقدر قيمته أربعمئة ألف ريال في ذلك الوقت، وطلب منه أن يحضر له خطاب عدم ممانعة تحويل راتبه من البنك (…) إلى بنك (…)، وأفاد أن المتهم الأول أخبره أنه سيحصل على هذا الخطاب من الرياض عن طريق الإدارة الإقليمية للبنك (…)، وذكر له أنه بعد أن يأخذ القرض الجديد يسدد القرض الذي لدى البنك (…)، وطلب المدعى عليه الأول منه ابتداء مقابل ذلك خمسة وعشرين ألف ريال نقدا، فأخبره عدم توفر المبلغ حاليا وحرر له شيك بمبلغ ثلاثين ألف ريال، وبعد يومين سلم الشيك لـ (…) مع أوراق البيانات البنكية، الآيبان وصورة من بطاقة الأحوال الشخصية، وبعدها قام (…) بتسليم الشيك وكافة الأوراق للمدعى عليه الأول، وبعد أسبوع استلم (…) من المدعى عليه الأول خطاب عدم الممانعة من إدارة تعليم منطقة مكة المكرمة. وبسؤاله عن سبب طلبه من المدعى عليه الأولى تحويل راتبه من البنك (…) إلى البنك (…) وخاصة أن بذمته قرض على البنك (…)؟ أفاد أن السبب هو سداد المديونية التي عليه في البنك (…) والاستفادة من المبلغ المتبقي الذي سيأتي من قرض بنك (…). وبسؤاله عن قيمة القرض بالتحديد ساعة اتفاقه مع المدعى عليه الأول؟ أفاد أن قيمته أربعمئة ألف ريال. وبسؤاله عن قيمة القرض حاليا حين الاستجواب؟ أفاد أنه ثلاثمئة ألف ريال وزيادة. وبسؤاله عن مقدار راتبه قبل خصم القسط؟ أفاد أن مقدار راتبه (18.927) ريالا. وبسؤاله عن قيمة راتبه بعد القسط؟ أفاد بأن مقداره (12.200) ريال. وبسؤاله عن أن قيمة القرض الذي عليه هو أربعمئة ألف ريال فكيف سيعطيه البنك (…) قرض بأعلى من القرض الذي عليه وخاصة أن راتبه قبل خصم القسط (18.200) ريال؟ أفاد أن المدعى عليه الأول أخبره بأن لديه معارف في بنك (…) يعطونه مبلغ أعلى من القرض الذي عليه ولم يحدد له كم المبلغ. وبسؤاله عما جاء في أقواله من أن المدعى عليه الأول ذكر له أنه إذا أخذ القرض الجديد يسدد به القرض القديم فكيف ستحصل على خطاب ممانعة بالتحويل ولم تسدد قيمة القرض لدى البنك (…) مما يدل على معرفتك بأن الخطاب مزور؟ أفاد أن المدعى عليه الأول أوهمه بأنه لديه القدرة على ذلك بعد أن عرض عليه عدة خطابات عبر جواله من عدة بنوك مشابه للخطاب الذى أعطاه إياه. وبسؤاله عن قيام المدعى عليه الأول بإبلاغه أنه سيقوم بتسديد القرض الذي عليه؟ أفاد بالنفي ولكنه أبلغه بقدرته على إحضار خطاب عدم ممانعة تحويل راتب. وبسؤاله عن كيفية قدرة المدعى عليه الأول بإحضار خطاب عدم ممانعة بتحويل الراتب وخاصة أنه لم يتم تسديد القرض من المدعى عليهما؟ أفاد أنه طلب من المدعى عليه الأول أن يحضر له خطاب عدم ممانعة بالتحويل ولكنه لا يعلم كيف سيحضر له وطريقة ذلك وخاصة أنه اشترط عليه أن يكون نظامي؛ مؤكدا أن لديه شاهد على ما جاء في أقواله، ويدعى (…) الذي حضر الاتفاق مع المدعى عليه الأول في بطحاء قريش، وقام بتسليم الشيك والأوراق المتعلقة بالبنك للمدعى عليه الأول، وأخذ خطاب عدم ممانعة بالتحويل من المتهم الأول وسلمه له بداخل ظرف مختوم منسوب للبنك (…). وأفاد أنه لم يقم بتحويل راتبه من البنك (…) إلى بنك آخر، مؤكدا أنه قام بتقديم خطاب عدم ممانعة تحويل الراتب إلى جهة عمله بعد أن زود المدعى عليه الأول بكافة بياناته، صورة بطاقة الأحوال ورقم الآيبان عن طريق (…) الذي قام بتسليمه للمدعى عليه الأول كونه زميله بالمدرسة. وبضبط شهادة المدعو (…)، أفاد أنه يعرف المدعى عليه الأول كونه زميلا له في نفس المدرسة، وأنه سبق وأن أخبره بمقدرته إحضار خطاب عدم ممانعة تحويل راتب حتى لو كان على الشخص مديونية، كما أفاد أنه تمت مقابله المدعى عليه الثاني – وهو زميل أخيه (…) في المدرسة – وتم الحديث بينهم عن البنوك والقروض، فقال له المدعى عليه الثاني أنه محتاج إلى قرض بالرغم من وجود قرض عليه يبلغ (300.000) ثلاثمئة ألف ريال تقريبا في بنك (…)، فأخبره أن لديه زميل وهو المدعى عليه الأول يحضر خطاب تحويل الراتب من أي بنك إلى بنك آخر حتى ولو كان هناك مديونية، فتم اللقاء بين المتهم الأول والثاني في حي بطحاء قريش عند محطة (…) وعرض المتهم الثاني على المتهم الأول الموضوع وحاجته لقرض آخر، فطلب المتهم الأول من المتهم الثانى بفتح حساب في بنك (…) وسيحضر له خطاب تحويل الراتب من بنك (…) إلى بنك (…) وسوف يساعده بالحصول على قرض من بنك (…) أعلى من القرض الذي عليه في البنك (…)، وبعدها قام المتهم الأول بإطلاعهم على عدة خطابات تحويل الراتب لأشخاص آخرين من عدة بنوك، وتم الاتفاق بينهم بأن يحضر المتهم الثاني ورقة الآيبان وصورة لبطاقة الأحوال الشخصية مقابل أن يحضر المتهم الأول خطاب تحويل راتب من بنك (…) إلى بنك (…) بشرط دفع مبلغ مالي مقداره (25.000) ألف ريال نقدي، فقال المتهم الثاني لا يوجد لدي هذا المبلغ وحرر شيك بمبلغ (30.000) ألف ريال يتم صرفه بعد استلام المبلغ من بنك (…) بشرط أن يسدد المديونية التي عليه في بنك (…) ويبقى مبلغ بسيط يستفيد منه الثاني، وبعد ذلك استلم الشاهد من المتهم الأول خطاب التحويل باسم المتهم الثاني من بنك (…) إلى بنك (…) في ظرف مختوم بأختام بنك (…) وسلم الظرف المختوم إلى المتهم الثاني، وبعدها استلم الشاهد من المتهم الثاني الشيك وتم تسليمه للمتهم الأول باسمه وبالقيمة المتفق عليها. وبمواجهة المتهم الأول بالشاهد أصر كل منهم على أقواله وفق ما جاء في محضر الاستجواب. وقد أسفر التحقيق عن اتهام كل من: 1- (…) ، 2- (…) سعوديي الجنسية بالآتي: 1- اشتركا في تزوير محرر عرفي (خطاب عدم ممانعة تحويل راتب رقم (٠٥٤٢٦٩) وتاريخ 3/6/1435هـ باسم المتهم الثاني منسوب صدوره للبنك…) بالاصطناع وعن طريق الاتفاق والمساعدة بأن المتهم الثاني أمد المتهم الأول بالبيانات اللازمة والمبلغ المالي المتفق عليه فقام الأخير باصطناع كامل المحرر بما يحويه من بيانات وتوقيع. ٢- المتهم الثاني استعمل المحرر المزور فيما زور من أجله وذلك بتقديمه لجهة عمله إدارة التعليم بمنطقة مكة المكرمة مع علمه التام بالتزوير. وذلك للأدلة والقرائن التالية: ١- ما جاء في شهادة الشاهد المنوه عنها أعلاه والمدونة في محضر الاستجواب من قيام المتهم الأول بتسليمه خطاب عدم ممانعة تحويل راتب يخص المتهم الثاني. ٢- ما جاء في محضر المواجهة بين الشاهد والمتهم الأول وإصرار الشاهد على أقواله من أن المتهم الأول قام بتسليمه خطاب عدم ممانعة تحويل راتب واستلم منه شيك بقيمة (30.000) ألف ريال سلمه إياه المتهم الثاني. ٣- ما جاء في إقرار المتهم الثاني من قيامه بتزويد المتهم الأول بكافة بياناته الشخصية والبنكية وتحرير شيك بقيمة ثلاثين ألف ريال لغرض إحضار خطاب عدم ممانعة تحويل راتبه من البنك (…) إلى البنك (…) وفق ما هو مدون في محضر الاستجواب المنوه عنه والمرفق. ٤- إقرار المتهم الثاني باستعمال المحرر – محل الاتهام – بتقديمه لجهة عمله المنوه عنه أعلاه المدون في محضر الاستجواب. ٥- تقديم المتهم الثاني لجهة عمله المحرر – محل الاتهام – رغم عدم تسديده للقرض الذي بذمته لدى البنك يدل على علمه بأنه مزور وغير صحيح إذ لا تتم الموافقة على تحويل راتب من بنك إلى بنك آخر إذا وجد على العميل بذمته قرض للبنك.٦- إنكار المتهم الثاني فقط للتنصل من المسؤولية الجنائية، ووقائع القضية تثبت علمه بأن المحرر – محل الاتهام – مزور، إذ إنه لا يتصور أن القرض الذي سيأخذه من البنك الآخر يغطي قيمة القرض الذي عليه مما يدل على سوء نيته. ٧ – إفادة البنك (…) بأن خطاب عدم ممانعة تحويل راتب – محل الاتهام – مزور، لفة (٦). ٨- ما هو ثابت بالاطلاع على المحرر – محل الاتهام – بأنه يحمل اسم المتهم الثاني ورقم سجله المدني. ثم طلب المدعي العام إثبات ما أسند إليهما وفقا للمواد (1 ، 2 ، 19 ، 21) من النظام الجزائي لجرائم التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /١١) في ١٨/٢/١٤٣٥هـ ومعاقبتهما عن ذلك طبقا للمادة (٩) من ذات النظام. وفي جلسة يوم الاثنين الموافق ٢١/٣/١٤٣٦هـ حضر المدعى عليهما أمام الدائرة وطلبا صورة من لائحة الدعوى ليتمكنا من الجواب عنها في الجلسة القادمة. وفي جلسة يوم الاثنين الموافق ١٨/٥/١٤٣٦ هـ قدم وكيل المدعى عليه الأول مذكرة مكونة من صفحتين، خالية من المستندات، ذكر أنها تمثل الجواب على لائحة الدعوى، وأنكر صحة الدعوى. كما قدم المتهم الثاني مذكرة مكونة من صفحتين، خالية من المستندات، ذكر أنها تمثل جوابه على لائحة الدعوى، كما أنكر صحة الدعوى، وأن من احضر الأوراق المزورة هو المتهم الأول. تسلم المدعي العام صورة منها وبسؤاله عما تسلم تمسك بما ورد في لائحة الدعوى. وفي جلسة يوم الاثنين الموافق ١٥/٧/١٤٣٦هـ وبعد دراسة الدائرة للقضية والتأمل فيها، سألت الدائرة المتهم الثاني عن كيفية استلام خطاب عدم الممانعة؟ فذكر أنه تسلمه عن طريق أخي زميله في العمل ويدعى (…). وبسؤاله عن المبلغ المدفوع؟ ذكر أنه لم يقم بتسليمه أي مبلغ وأن الخطاب تم تقديمه إلى إدارة التعليم ولم يتم التحويل بالراتب من البنك (…). فعقب المتهم الأول بعدم صحة ما ذكره المتهم الثاني من تسليم خطاب المدعو (…) من طرفه. ثم سألته الدائرة هل بينه وبين (…) أي عداوة؟ فأجاب بأنه ليس بينهما أي عداوة. ثم اكتفى الأطراف بما قدماه. وفي جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٩/٧/١٤٣٦هـ تبين عدم حضور المتهم الأول، وحضر أمام الدائرة المدعو (…)، وأفاد بأنه معلم في نفس المدرسة المتواجد فيها المدعى عليه الأول، وبسؤاله عما لديه من شهادة؟ شهد بالله العظيم أنه تسلم ظرف مختوم باسم البنك (…)، وذكر له أن فيه إخلاء طرف للمدعى عليه الثاني وتسلمه منه وقام بتسليمه للمدعى عليه الثاني، وذلك لكونه معه في نفس مقر العمل، وذكر بأن المدعى عليه الأول تقابل مع المدعى عليه الثاني في بطحاء قريش وبحضوره وأراه عددا من صور إخلاء الطرف الموجودة في جواله لأناس أخرين، كما أخبره بذلك المدعى عليه الثاني بذلك. هكذا شهد. وبعد عرض شهادة الشاهد على المدعي العام ووكيل المتهم الأول تمسك ممثل الادعاء بما ورد في لائحة الدعوى وطلب مهلة، وطلب وكيل المتهم الأول مهلة. ثم أفهمت الدائرة وكيل المتهم الأول بضرورة حضور المتهم الأول، ففهم ذلك. وفي جلسة يوم الخميس ٢٤/٨/١٤٣٦هـ قدم المتهم الأول مذكرة مكونة من صفحة واحدة طعن فيها في شهادة (…) وأنه شريك مع المتهم الثاني في مبلغ القرض ويدفع عن نفسه الضرر. وبسؤال الدائرة له هل لديه بينة على ما ذكر؟ فاستمهل إحضار البينة لذلك. وبعرض ذلك على المدعي تمسك بما ورد في لائحة الدعوى. وفي جلسة يوم الاثنين الموافق 2/11/1436هـ اكتفى المتهم الأول والمتهم الثاني بمذكراتهم المقدمة في الجلسة الماضية، وطلبوا جميعا الحكم بعدم إدانتهم بما نسب إليهم، وذكر المتهم الثاني بأنه لم يحصل على قرض من البنك ولم يقدم ورقة التحويل إلا لمرجعه لكونه يظن أنها صحيحة ولم يتم اتخاذ إجراء بخصوص الورقة محل الاتهام. فعقب المدعي العام بأن تحرير شيك بنكي من قبل المتهم الثاني لصالح المتهم الأول وتزويد المتهم الثاني للمتهم الأول بكافة المعلومات الشخصية والبنكية يعد قرينة قوية على تحقق القصد الجنائي لديهما. ثم سألت الدائرة المدعي العام عن بينته عن استلام المتهم الأول للشيك الذي بموجبه قام بتحرير الورقة المزورة محل الاتهام؟ فأجاب بأن البينة هي إقرار المتهم الثاني بتحرير الشيك وكذلك محضر المواجهة بين المتهم الأول وبين الشاهد في لائحة الدعوى، والمتضمن إصرار الشاهد على أقواله بأن المدعى عليه الأول قام بتسليم خطاب عدم ممانعة تحويل الراتب، واستلم منه شيك بمبلغ ثلاثين ألف ريال. وباطلاع الدائرة على شهادة الشاهد المتضمنة بأنه تسلم ظرف مختوم باسم البنك (…) وذكر له المتهم الأول بأن في داخل الظرف خطاب إخلاء طرف يخص المتهم الثاني وقام الشاهد بتسليمه للمتهم الثاني وذلك لأنهما يعملان في مكان واحد. وبعرض ذلك على المدعي العام تمسك بالحكم على المتهمين بما ورد في لائحة الدعوى العامة. وفي جلسة يوم الخميس الموافق ٩/١١/1٤٣٦هـ قرر الأطراف الاكتفاء، وطلبوا الفصل في القضية. وبناء عليه رفعت الجلسة للمداولة والنطق بالحكم.
الأسباب
وحيث إنه بناء على الدعوى والإجابة وبعد الاطلاع على أوراق القضية والتحقيقات المدونة بها أقوال المتهمين تبين أن جهة الادعاء قد نسبت إليهما ارتكابهما لجريمة الاشتراك في تزوير محرر عرفي وذلك على النحو الوارد تفصيلا في لائحة الدعوى العامة المتقدم ذكرها، وحيث إن المتهم الثاني قد أفاد أثناء التحقيق معه حول خطاب عدم الممانعة – محل الاتهام – أنه تحصل عليه من قبل المتهم الأول، وحيث إنه قد استند في ذلك على شهادة الشاهد (…) والتي تضمنت استلام الشاهد لخطاب عدم الممانعة من المتهم الأول وقد كان في ظرف مختوم ولم يشاهد محتواه إلا أنه لمعرفته بالمتهم الثاني والمتهم الأول فإن لديه علم بذلك، كما أنه استلم من المتهم الثاني شيكا بمبلغ ثلاثين ألف ريال سلمه للمتهم الأول، وحيث إن هذه الشهادة غير مقبولة؛ لعدم صدقها لأن الشاهد يؤكد في شهادته على أن المتهم الثاني أخبر المتهم الأول بأنه ليس لديه مبلغ ثلاثين ألف ريال للحصول على خطاب عدم الممانعة وأن المتهم الأول أخبره بإعطائه المبلغ المتفق عليه بعد حصول المتهم الأول على مبلغ التمويل الجديد، ومع ذلك فقد تناقضت شهادته في أنه سلم المتهم الثاني خطاب عدم الممانعة واستلم منه الشيك وسلمه للمتهم الأول، فكيف استطاع المتهم الثاني توفير المبلغ مع أنه ما لجأ إلى أخذ التمويل الجديد بتلك الطريقة إلا من أجل حاجته إلى مبلغ مالي إضافي، كما وأن عدم إحضار المتهم الثاني لصورة الشيك أو كشف من حساب بنكي يؤكد صرف المتهم الأول للمبلغ المتفق عليه للحصول على خطاب عدم الممانعة، كما وأن الشهادة جاءت غير واضحة حول الظرف المختوم والذي يذكر الشاهد بأن بداخله خطاب عدم الممانعة – محل الاتهام – مع أنه لم يشاهده فقد يكون بداخل ذلك الظرف خطابا آخر أو مبلغا من المال أو غير ذلك، وعليه فإن الدائرة لا تطمئن إلى شهادته وترى بأن جريمة الاشتراك غير متوفرة في حق المتهم الأول، كما وأن إقرار المتهم الثاني بتحرير الشيك لصالح المتهم الأول إقرار قاصر عليه وحجة عليه وليس حجة على غيره، كما وأن أقوال متهم على متهم لا يمكن أن تكون بينة في الاتهام ما لم يعضدها دليل أو قرينة، وقد تكون من باب النكاية والانتقام، وأما تزويد المتهم الثاني للمتهم الأول بكافة المعلومات البنكية فليست قرينة قوية على الإدانة فقد يكون ذلك لما بين المتهم الثاني والمتهم الأول من معرفة كونهما يعملان في مكان واحد، وقد يكون بينهما بيع أو شراء أو أي معاملة تتطلب تلك المعلومات، وعليه فإن الأدلة في الاشتراك في جريمة التزوير غير كافية في حق المتهم الأول وهي كافية في حق المتهم الثاني لكونه صاحب المصلحة في الحصول على التمويل الجديد وهو من قدم الخطاب المزور إلى جهة عمله، وحيث إن الدائرة قد اطلعت على إفادة البنك (…) والمتضمنة بأن خطاب عدم الممانعة المنسوب إليه هو مزور، وحيث إن المستفيد من ذلك هو المتهم الثاني، وقد اكتمل القصد الجنائي لديه بحصوله على ذلك الخطاب من جهة غير معروفة وهو رجل متعلم لا يخفى عليه ضرورة تسديده لمديونيته السابقة ومراجعته للبنك لإنهاء إجراءات الحصول على إخلاء الطرف أو عدم الممانعة في نقل المديونية إلى بنك جديد بعد الحصول على الضمانات المطلوبة في ذلك، وعليه فإن الدائرة تنتهي إلى ما ورد في منطوق حكمها وبه تقضي.
لذلك حكمت الدائرة بما يلي: أولا: عدم إدانة المتهم الأول (…) – سعودي الجنسية – بما هو منسوب إليه في هذه الدعوى من التزوير. ثانيا: إدانة المتهم الثاني (…) – سعودي الجنسية – بما هو منسوب إليه في هذه الدعوى من تزوير محرر عرف، ومعاقبته عن ذلك بالسجن لمدة عشرة أيام تحسب منها مدة إيقافه على ذمة القضية، وتغريمه مبلغ خمسة آلاف ريال.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محكمة الإستئناف
حكمت المحكمة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.