هيئة كبار العلماء – النشوز

هيئة كبار العلماء

حكم النشوز والخلع

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله وصحبه وبعد:

فقد عرض على مجلس هيئة كبار العلماء فِي دورته الخامسة مسألة نشوز والخلع – وقد أعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثًا فِي الموضوع للمجلس وهذا نصه :

الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده ، محمد وعلى آله وصحبه وبعد:

فبناء على ما تقرر من أن تبحث مسألة النشوز والخلع فِي الدورة الخامسة ، وأن يدرج موضوعها فِي جدول أعمال تلك الدورة ، أعدت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بحثًا فِي ذلك مشتملاً على ما يأتي :

1 – معنى النشوز والخلع فِي اللغة وفي الاصطلاح الشرعي .

2 – الحكم فيما إذا كان النشوز من الزوج .

3 – الحكم فيما إذا كان النشوز من الزوجة .

4 – حكم أخذ العوض على الخلع عند تحقق النشوز أو توقعه .

5 – الحكم فيما إذا كان النشوز منهما جميعًا أو ادعاه كل واحد منهما على الآخر .

وختمت ذلك بخلاصة لما تضمنه البحث . . . وبالله التوفيق

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

حكم النشوز والخلع

النشوز فِي اللغة وفي عرف الفقهاء

قال ابن منظور : نشز : النشز ، والنشز : المتن المرتفع من الأرض ، وهو أيضًا ما ارتفع عن الوادي إلى الأرض ، وليس بالغليظ ، والجمع أنشاز ونشوز ، وقال بعضهم جمع النشز: نشوز ، وجمع النشز: أنشاز ونشاز ، مثل جبل وأجبال وجبال . والنشاز بالفتح كالنشز .

ونشز ينشز نشوزًا: أشرف على نشز من الأرض وهو ما ارتفع وظهر يقال: أقعد على ذلك النشاز وفي الحديث: “إنه كان إذا أوفى على نشز كبر” . أي ارتفع على رابية فِي سفر قال : وقد تسكن الشين ، ومنه الحديث فِي خاتم النبوة ” بضعة ناشزة ” أي قطعة لحم مرتفعة على الجسم ، ومنه الحديث ” أتاه رجل ناشز الجبهة ” أي مرتفعها ، ونشز الشيء ينشز نشوزًا: ارتفع . وتل ناشز : مرتفع . وجمعه نواشز . وقلب ناشز إذا ارتفع عن

مكانه من الرعب وأنشزت الشيء إذا رفعته عن مكانه ، ونشز فِي مجلسه ينشز وينشز بالكسر والضم : ارتفع قليلاً . وفي التنزيل العزيز   وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا   قالالفراء : قرأها الناس بكسر الشين وأهل الحجاز يرفعونها . قال وهما لغتان . قال أبو إسحاق معناه : إذا قيل انهضوا فانهضوا وقوموا كما قال تعالى   وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ  وقيل فِي قوله تعالى   وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا   أي قوموا إلى الصلاة أو قضاء حق أو شهادة فانشزوا . ونشز الرجل ينشز إذا كان قاعدًا فقام . وركب ناشز : ناتئ مرتفع . وعرق ناشز منتبر ناشز ، لا يزال يضرب من داء أو غيره وقوله : وأنشده ابن الأعرابي :

فسره فقال : ناشزة القصيرى أي ليست بضخمة الجنين مشرفة القصيرى بما عليها من اللحم وأنشز الشيء : رفعه عن مكانه . وإنشاز عظام الميت : رفعها إلى مواضعها وتركيب بعضها على بعض . وفي التنزيل العزيز :   وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا   أي نرفع بعضها على بعض قال الفراء : قرأ زيد بن ثابتننشزها بالزاي ، قال : والإنشاز نقلها إلى مواضعها ، قال وبالراء قرأها الكوفيون .

قال ثعلب : والمختار الزاي لأن الإنشاز تركيب العظام بعضها على بعض . . وفي الحديث   ” لا رضاع إلا ما أنشز العظم   أي رفعه وأعلاه وأكبر حجمه وهو من النشز المرتفع من الأرض .

قال أبو إسحاق النشوز يكون بين الزوجين . وهو كراهة كل واحد منهما صاحبه ، واشتقاقه من النشز ، وهو ما ارتفع من الأرض ، ونشزت المرأة بزوجها وعلى زوجها تنشز وتنشز نشوزًا وهي ناشز : ارتفعت عليه واستعصت عليه وأبغضته وخرجت عن طاعته وفركته . وقال :-

قال الله تعالى   وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ   نشوز المرأة استعصاؤها على زوجها ونشز هو عليها نشوزًا كذلك ، وضربها وجفاها وأضر بها ، وفي التنزيل العزيز :   وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا   وقد تكرر ذكر النشوز بين الزوجين فِي الحديث ، والنشوز كراهية كل واحد منهما صاحبه وسوء عشرته له . ورجل نشز : غليظ عيل ، قال الأعشى :

أي غلظ ذهب إلى تكبيره وتعظيمه فلذلك جعله أشيب . ونشز بالقوم فِي الخصومة نشوزًا : نهض بهم للخصومة .

ونشز بقرنه ينشز به نشوزًا : احتمله فصرعه . قال شمر : وهذا كأنه مقلوب  مثل جذب وجبذ ، ويقال للرجل إذا أسن ولم ينقص : إنه لنشز من الرجال ، وصم إذا انتهى سنه وقوته وشبابه . قال أبو عبيد : النشز والنشز الغليظ الشديد ودابة نشيزة إذا لم يكد يستقر الراكب عليها والسرج على ظهرها . ويقال للدابة إذا لم يكد يستقر السرج والراكب على ظهرها : إنها لنشزة . ا هـ  .

وقال أبو بكر أحمد بن علي الجصاص فِي تعريف النشوز :

وأصل النشوز : الترفع على الزوج بمخالفته . مأخوذ من نشز الأرض وهو الموضع المرتفع منها . ا هـ  . . وقال القرطبي : والنشوز : العصيان ، مأخوذ من النشز ، وهو ما ارتفع من الأرض . يقال : نشز الرجل ينشز وينشز إذا كان قاعدًا فنهض قائمًا ومنه قوله هز وجل   وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا   أي ارتفعوا وانهضوا إلى حرب أو أمر من أمور الله تعالى . فالمعنى : أي تخافون عصيانهن وتعاليهن عما أوجب الله عليهن من طاعة الأزواج .

قال أبو منصور اللغوي : النشوز كراهية كل واحد من الزوجين صاحبه ، يقال نشزت تنشز فهي ناشز بغير هاء . ونشصت تنشص وهي السيئة للعشرة . . قال ابن فارس ونشزت المرأة استعصت على بعلها ونشز بعلها عليها إذا ضربها وجفاها . قال ابن دريد نشزت المرأة ونشست ونشصت بمعنى واحد . ا هـ  وقال منصور البهوتي ( فصل فِي النشوز ) وهو كراهة كل من الزوجين صاحبه وسوء عشرته . يقال نشزت المرأة على زوجها فهي ناشزة وناشز ، ونشز عليها زوجها جفاها وأضر بها . قاله فِي المبدع وغيره ( وهو معصيتها إياه فيما يجب عليها ) مأخوذ من النشز وهو ما ارتفع من الأرض . فكأنها ارتفعت عما فرض الله عليها من المعاشرة بالمعروف . ويقال نشصت بالشين المعجمة والصاد المهملة . ا هـ المقصود  .