القضاء التجاري / تقاعد خدمة مدنية
رقم القضية ١٥٩١/ ١/ ق لعام ١٤٠٧هـ
رقم الحكم الابتدائي ٥/د/ف/٤ لعام ١٤٠٩ هـ
رقم حكم هيئة التدقيق ٣٤١/ت / ٣ لعام ١٤٠٩هـ
تاريخ الجلسة 23/11/١٤٠٩هـ
الموضوعات
تقاعد – مدني , إلغاء قرار الإحالة على التقاعد , انتفاء الإكراه على التقاعد,حجب الترقية وأثره في الإكراه المعنوي
مطالبة المدعي إلغاء قرار المدعى عليها وما نتج عنه من إحالته على التقاعد بدعوى أن المدعى عليها هي التي أكرهته على التقدم بطلب الإحالة على التقاعد حتى تتم ترقيته – الثابت تقدم المدعي بطلب الترقية والإحالة على التقاعد، وعدم وجود أي إشارة تدل على الإكراه من جانب المدعى عليها – الثابت وجود رغبة مسبقة لدى المدعي في طلب التقاعد، وعدم تقصير المدعى عليها في محاولة ترقية المدعي ، ولم يتبين أن ترقية المدعي إلى المرتبة العاشرة كانت مشروطة بالتقاعد – حجب الترقية أيا كانت وسيلته لا تمثل مظهرا من مظاهر الإكراه المعنوي على المدعي؛ لإمكانية حصوله على حقه بالطرق النظامية – أثر ذلك: رفض الدعوى.
الأنظمة واللوائح
المادة (٣٠/ب) من نظام الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/٤٩) وتاريخ. ١0/٧/١٣٩7هـ.
المادة (١٨) من نظام التقاعد المدني الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٤١) وتاريخ 7/7/١٣٩3هـ.
الوقائع
بتاريخ 3/12/١٤٠٧هـ تقدم المدعي باستدعاء إلى الديوان قيد قضية برقم (١٥٩١ / ١ / ق) لعام ٤٠٧ ١هـ، أوضح فيه أنه التحق بخدمة الحكومة في 21/4/١٣٨٧هـ وكان يشغل وظيفة مدنية بالمرتبة التاسعة بكلية الملك عبد العزيز الحربية، وقد تعمد قائد الكلية الإضرار به بتجميده بالمرتبة التاسعة قرابة ست سنوات دون ترقية مع أن المدة المقررة لاجتيازها أقل من أربع سنوات، وذلك لإجباره على ترك العمل، وقد شغرت المرتبة العاشرة بميزانية الكلية ملائمة لتخصصه وحان وقت ترقيته إلا أن قائد الكلية تجاهل أحقيته في الترقية وطلب من ديوان الخدمة المدنية نقل ملفه الإداري بالمرتبة العاشرة بالكلية على تلك الوظيفة الشاغرة، وبالتالي تشغر وظيفة المفتش الإداري وهي وظيفة إدارية لا يستطيع المدعي شغلها لكونها من غير الفئة الملائمة لتخصصه. ووافق ديوان الخدمة المدنية في ٢٠/٤/14٠٧هـ على نقل المفتش على الوظيفة وبذلك أضاع عليه قائد الكلية فرصة الترقية التي كان ينتظرها، ثم قام الكلية بأعمال تنويه ومخالطة بالكتابة لبعض المراجع للبحث عن شاغر لترقيته عليها وانتهت المعاملة بالحفظ لدى شؤون موظفي القوات البرية برقم (٤٥٣٩) في 16/3/١٤٠٧هـ وقد علم بذلك في ٢٣/٤/14٠٧هـ، كما عليها أن قرار نقل المتفش لم يصدر، وعليه حاول الاتصال بقائد الكلية وبناء على أوامره قابل ركن الإدارة بعد مفاهمته الهاتفية مع القائد وكانت خلاصة رأيهما أنه لا يمكن بأي حال ترقيته على الوظيفة الشاغرة لتنفيذ رغبتهم نقل المفتش الإداري عليها، وكان توجيه ركن الإدارة حسب توجيه القائد بأن الفرصة الأخيرة أمامه قبل فوات الأوان وصدور القرار بشغلها هو أن يتقدم بطلب ترقية وإحالة للتقاعد، وأن لا يتجاوز هذا الإجراء نهاية الشهر الذي هو نهاية السنة المالية وإلا فيشغل الشاغرة، وذلك رغم أن عمره لا يتجاوز خمسين عاما. وتصلبت قيادة الكلية لموقفها، واضطر مكرها حتى لا تضيع فرصة الترقية بالنزول لرغبتهم، وحرر طلبا موجها للقائد يتضمن طلب ترقيته وإحالته للتقاعد وأن يكون ذلك قبل نهاية السنة المالية التي حدودها وبعد ذلك قامت الكلية بعمل إجراءات الترشيح للترقية وتمت موافقة الديوان العام للخدمة المدنية على ذلك ولم يبق إلا صدور قرار الترقية، وعندئذ حاول جاهدا الدخول على القائد وأعلن له رغبته في الترقية وإعفائه من شرط التقاعد لظروفه العائلية الصعبة واستمراره بالخدمة إلا أنه رفض ذلك وعليه قدم إليه طلبا خطيا بذلك رفض القائد الشرح عليه، وعمد القائد ركن الإدارة بتوجيه قسم الصادر بحجز رقم لقرار الترقية وتأخير القرار، كما عمد شؤون الموظفين بالكلية بإعداد قرارين في آن واحد، الترقية والإحالة للتقاعد وفعلا تم ذلك وصدر القراران في وقت وأحد، والقصد من ذلك الحيلولة دون ترقيته إلا باحالته للتقاعد، وأضاف بأنه تقدم بعد ذلك لسمو الوزير متظلما من هذا الإجراء وذلك بتاريخ ٤/٥/14٠٧هـ، حيث كانت الإحالة الجبرية للتقاعد في ٣٠/٤/1٤٠٧هـ رغم عدم نظامية ذلك. وأحيل تظلمه لإدارة التفتيش العسكري وأخذت أقواله بدفتري ضبط القضايا رقم (1-2) بتاريخ 11/9/١٤٠٧هـ ورفع تقرير الإدارة لسمو الوزير وأشعر بمضمونه بتاريخ 4/11/14٠٧هـ بأن التفتيش لم يثبت عنصر الإكراه. كما أوضح بأن إدارة التفتيش قد تيقن لها بعد اطلاعها على إجابته أنه قد ظلم لكنها جحدته تعاطفا مع قائد الكلية بدليل أنها لم تستجوبه على ضوء ما ذكر بإجابته. وخلص المدعي من ذلك إلى القول بأنه يطعن على قرار إحالته للتقاعد وطلب النظر في قضيته على ضوء القواعد المتبعة. وبناء على طلب الديوان أفاد الفريق ركن قائد القوات البرية بخطابه رقم (3/9/٩٠٥ ) في 20/2/١٤٠٨هـ – المرفق به أوراق المعاملة الخاصة بالموضوع أفاد بأنه نظرا لمطالبة المذكور بالترقية إلى المرتبة العاشرة وتعذر ذلك لحد يتوفر الشاغر بالكلية فقد تقدم بتاريخ 1/2/14٠٦هـ مكررا طلب نقل خدماته إلى أحد فروع القوات المسلحة بالرياض مع ترقيته إلى المرتبة العاشرة، وتمت الكتابة بذلك برقم (3/9/٥٢٣) وتاريخ 1/6/14٠٦هـ إلى إدارة التخطيط والميزانية والمتابعة إلا أن الإدارة قد اعتذرت عن ذلك لعدم توفر الشاغر المناسب من أي فرع من أفرع القوات المسلحة، وتم عرض موضوعه على معالي رئيس هيئة الأركان العامة مرتين: الأولى برقم (3/9/١٥٣٥ ) في 2/4/١٤٠٦هـ. والثانية برقم (3/9/٣١٤٠) في 6/7/1٤٠٦هـ ولكن نظرا لعدم توفر الشاغر فقد أصدر معاليه توجيهاته بالأخذ بأحد الحلول الآتية: ١- إدراج اسم المذكور ضمن مستحقي الترقية للمرتبة العاشرة ليأخذ دوره حسب الأحقية وبموجب النظام. ٢- إحداث وظيفة مناسبة بميزانية الكلية لعام 1٤٠٧هـ. ولقد تم الأخذ بتوجيهات معاليه إلا أن الحظ لم يحالف المذكور في كلا الحالتين، وبعد ذلك تقدم المذكور إلى سمو الوزير طالبا الترقية مع الإحالة على التقاعد، وقد صدر التوجيه الكريم المرفق صورته إلى معالي رئيس هيئة الأركان العامة برقم (١/١/٢٩٤٧) وتاريخ 30/10/١٤٠٦هـ بدراسة وضع المذكور وإيجاد الحل المناسب له، وعلى ضوء ذلك صدر أمر معالي رئيس هيئة الأركان العامة إلى الجهة المختصة بإنفاذ ما جاء بمقتضى التوجيه الكريم. وبتاريخ 1/4/١٤٠٧هـ شغرت وظيفة مدير الشؤون المالية بالكلية ذات المرتبة العاشرة على أثر إحالة شاغلها إلى التقاعد بناء على رغبته وفي حدود معطيات النظام، فبادر المذكور بتقديم طلبه الخطي المرفق صورته مضمنا إياه رغبته فيما يلي: ١- ترقيته على المرتبة التي شغرت. ٢- إحالته على التقاعد بتاريخ ٣٠/ ٤/ 1٤٠٧هـ أي قبل صدور الميزانية. حاول قائد الكلية وركن إدارة الكلية بثنيه عن موضوع التقاعد بالذات إلا أنه أصر على ذلك مدعيا أنه يعلم أن الميزانية الجديدة تحمل في طياتها أشياء كثيرة وبما يفقد خلالها مزايا كثيرة فيما لو لم يتقاعد قبل صدورها. بناء على توفر الشاغر تمت ترقيته مع منحه علاوة إضافية أيضا وتحت إلحاح منه تمت إحالته إلى التقاعد وهذا كله موثق بالوثائق المرفقة عليه صورا منها خلافا لما يدعيه بأنها وضعت العراقيل أمام ترقيته. وتمت ترقيته بموجب القرار رقم (3/9/١٦٧٧) وتاريخ 28/4/١٤٠٧هـ المرفق صورته. وباشر عمله بالشؤون المالية والميزانية بالكلية اعتبارا من تاريخ 28/4/14٠٧هـ بموجب مذكرة مدير الشؤون المالية والميزانية المرفق صورتها خلافا ما يدعيه المذكور بأن مدير الشؤون المالية لم يسمح له بمباشرة عمله بعد ترقيته. كما صدر قرار إحالته إلى التقاعد برقم (3/9/١٦٨٠) في 29/4/١٤٠٧هـ المرفق صورته بناء على طلبه. وقد تقدم بطلبه المرفق صورته بدون تاريخ والذي يوضح فيه عدوله عن التقاعد، وذلك بعد صدور قرار إحالته على التقاعد وأحيل إلى ركن إدارة الكلية لإفهام المذكور بأن كل ما تم كان بناء على طلبه وبموجب النظام. ورد خطاب مدير عام مكتب سمو الوزير رقم (١/١/١/١٤٠٢) في 26/5/١٤٠٧هـ على أثر تقدمه باستدعاء لسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام حفظه الله والذي أفاد فيه أنه أحيل إلى التقاعد مكرها ويرجو مساعدته بإلغاء القرار. رفعت الإجابة إلى مدير مكتب سموه الكريم موضحا بها ملخص عن كامل موضوعه والذي بموجبه أحيل إلى الإدارة العامة للتفتيش المركزي وقد استجوب صاحب العلاقة من قبلهم ورفع لسموه بتقرير يتضمن نفي عنصر الإكراه على المذكور. وأنه مما سبق يتضح بأن نية طلب الإحالة على التقاعد لدى المذكور كانت في وقت سابق حتى شغور الوظيفة التي يدعي بأن الكلية قد وضعت العراقيل أمامه للترقية عليها وخاصة في طلبه لصاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام. أما بالنسبة لرأي ودفاع الوزارة في هذا الموضوع، فإنه يتفق مع ما اتخذ من إجراءات نظامية بهذا الخصوص، ومما تقدم يتضح بأنه لم يتخذ بحقه أي قرار تعسفي كما يدعي. وكانت القضية أحيلت إلى المستشار (…) بشرح معالي نائب رئيس الديوان المؤرخ في 1/1/14٠٨هـ فأصدر مذكرته رقم (٧١/ ٦٧) في 3/5/1408هـ رأى فيها أنه من الملائم إحالة القضية إلى إحدى الدوائر المختصة بالديوان لاستكمالها وتهيئتها ثم الفصل فيها على ضوء ما يسفر عنه استيفاء ما تقدم. ثم أحال صاحب المعالي رئيس الديوان القضية إلى هذه الدائرة، وقد عقد لها عدة جلسات ذكر المدعي خلالها ردا على الكلية المدعى عليها أن المقترحات لم تأت الا بامر سمو وزير الدفاع والطيران لرئيس هيئة الأركان المؤرخ في 30/10/١٤٠٦هـ ولم يحالف المدعي الحظ بسبب رفض رئيس اللجنة بالوزارة ترشيحه مع المستحقين باعتبار أنه تابع لميزانية الكلية، وأن القواعد النظامية تقضي – باستبعاده، أما الحل الثاني وهو إحداث وظيفة بالكلية، فإن الكلية لم تتبن الموضوع بجدية ولم تحاول حل مشكلته – حسب قوله – بالتنسيق المباشر مع المسؤولين… وأضاف بأنه لما شغرت الوظيفة المطلوبة بالمرتبة العاشرة – التي يريدها – أخفى المسؤولون شغور الوظيفة وأنه لم يبادر إلى الرفع بطلب الترقية والإحالة على التقاعد والوظيفة شغرت في ١/٤/14٠٧ هـ وأسباب إخفائها عنه – كما يقول – هو بقصد الإضرار به واستغلال السلطة وهضم لحقه لكونه الوحيد المستحق في الكلية… وأن الكلية كتبت للديوان العام للخدمة المدنية بنقل مفتش إداري على تلك المرتبة مع أن مرتبته التي هو عليها هي العاشرة ولا يترتب له على هذا الإجراء أي مزايا مالية… والقصد من ذلك هو شغل الشاغر الملائم للمدعي – حسب قوله وكتبت به الكلية للديوان في 9/4/١٤٠٧هـ وموافقته كانت في 20/4/١٤٠٧هـ بترشيح المفتش…، وذكر بأنه لما علم بذلك سلك كل الطرق والسبل للحصول على الترقية إلا أن المسؤولين بالكلية امتنعوا إلا بشرط تنفيذ ما سبق أن طلبه المدعي من سمو الوزير وهو الترقية والإحالة على التقاعد. وإلا فان ترشيح المفتش مازال موجودا وأنكر أن يكون طلب التقاعد من ذات نفسه، وأن قائد الكلية وركن إدارتها حاولا ثنيه عن التقاعد بالذات وقال بأن هذا ادعاء مختلق غير مفهوم ولا علاقة له بالميزانية ولا يعلم منها إلا ما يعلمه الناس بعد صدورها، وأنه لم يلح على القائد بطلب التقاعد وليس لدى المسؤولين بينة على إلحاحه حسب قوله – وأنه ليس لديهم سوى طلبه المشروط عليه من قبلهم. كما ذكر بأنه لم يباشر العمل كما تزعم الكلية، وإنما حجز رقم للقرار ولم ير بالعين في 28/4/1٤٠٧هـ، كما وجه مدير الشؤون المالية بإعداد المباشرة، وهو لم يباشر وأنه كان بتاريخ ٢٧/٤/14٠٧هـ هو المسؤول عن مكتب الكلية بمدينة الرياض، وأضاف بأنه تقدم بطلب لإعفائه من التقاعد قبل صدور القرار إلا أنه تم التحفظ عليه لدى القائد… وهذا كله بعيدا عن النظام خلافا لجواب ديوان الخدمة المدنية على الاستفسار رقم (٦٥) في نشرة الآراء والتعاميم السادسة الطبعة الأولى عام ١٤٠3هـ، وقال بأن ما ذكره في طلبه لسمو الوزير في أول رمضان عام ١٤٠٦هـ من طلب الترقية والإحالة على التقاعد – كان صحيحا بسبب – تجميده بالمرتبة… ووعد بوجود شاغر على ملاك الكلية في وقته، وعدماكتراث قائد الكلية بحل وضعه بأساليب جدية، فإنه رأى من الأصلح له أن تتم ترقيته على أحد الفروع وحتى لا يكون عائقا أمام منتظري الترقية، فيفسح المجال لهم بإخلاء وظيفتهم باعتباره دخيلا عليهم. وقد رد ممثل الكلية المدعى عليها بأن ما اتخذ بحق المذكور كان بموجب النظام، وأنه أحيط الديوان بموجب خطاب قائد القوات البرية رقم (3/9/٩٠٥) في 20/2/١٤٠٨هـ وخطابه هو – ممثل الكلية – المؤرخ في 6/6/14٠٨هـ وذكر بأن جميع ما ذكره المدعي بمذكرته الأخيرة شيء معاد ومكرر ويكتفي بما ذكره.
الأسباب
حيث إن غاية ما يطالب به المدعي هو الحكم له بإلغاء قرار قائد كلية الملك عبد العزيز الحربية رقم (م /9/١٦٨٠) وتاريخ 29/4/١٤٠٧هـ وما نتج عنه من إحالة المدعي على التقاعد اعتبارا من ٣٠/ ٤/14٠٧هـ بدعوى أن المسؤولين بالكلية أكرهوه على التقدم بطلب الإحالة على التقاعد، فإن الفصل في هذا الطلب مما يختص به ديوان المظالم وفقا للمادة (٨/1/ب) من نظامه الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٥١) لعام 1٤٠٢هـ. وحيث نصت المادة (٣٠/ب) من نظام الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / ٤٩) لعام ١٣٩٧ هـ على أنه: ( مع مراعاة أسباب إنهاء الخدمة التي تنص عليها الأنظمة تنتهي خدمة الموظف لأحد الأسباب الآتية: طلب الإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن النظامية حسب نظام التقاعد). ونصت المادة (١٨/1) من نظام التقاعد المدني الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٤١) لعام ١٣٩٣ هـ – وتعديلاته – على استحقاق الموظف معاشا تقاعديا عند نهاية خدمته متى بلغت خدمته المحسوبة في التقاعد خمسا وعشرين سنة على الأقل…، والمدعي تقدم بطلب الترقية والإحالة على التقاعد بتاريخ ٢٣/٤/14٠٧هـ بعد أن أكمل ما يزيد على تسعة وعشرين عاما من الخدمة، وهو الذي طلب الإحالة على التقاعد حسبما يتضح من طلبه المشار إليه… إذ جاء فيه… أرجو التكرم بالآتي: ١ – الأمر باستكمال إجراءات ترقيتي على الوظيفة المناسبة لاختصاصي والموجودة في تشكيل الكلية. ٢ -بعد صدور قرار الترقية أرجو إحالتي للتقاعد حيث بلغت خدماتي متصلة تسعا وعشرين سنة وزيادة أيام كما أرجو أن تحدد الاحالة للمعاش في ٣٠/ ٤/ 1٤٠٧هـ حيث تسبق صدور الميزانية…..). ومن ذلك تبين أن الإحالة على التقاعد قد تمت بالطريقة النظامية (أما عن جانب الإكراه الذي ذكره المدعي، فإنه لم يتضح أو يبين للدائرة أن الموضوع منسوب بعنصر الإكراه، وليس هناك أية إشارة تدل على الإكراه من جانب الكلية المدعى عليها في حق المدعي ،كما أنه لم يتبين للدائرة أن ترقية المدعي إلى المرتبة العاشرة مشروطة بالتقاعد، بل الواضح من الأوراق أن المدعي كانت لديه رغبة مسبقة في طلب التقاعد إذ تقدم لصاحب السمو الملكي النائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران بالتماس يطلب فيه الترقية والإحالة على التقاعد بمجرد ترقيته والذي بناء عليه صدر أمر سموه إلى رئيس هيئة الأركان لدراسة حالته والحالات المشابهة والبحث عن سبيل لمساعدتهم، إما بترقيتهم على جهات أخرى أو العمل على إحداث وظائف لهم في وحداتهم…) . كما أن المدعي سبق أن تقدم إلى قائد الكلية المدعى عليها بطلب الترقية على المرتبة العاشرة في أي قطاع من قطاعات الجيش في منطقة الرياض… ورفع طلبه إلى إدارة التخطيط والميزانية والمتابعة للقوات المسلحة برقم 3/9/٥٢٣ في 1/2/١٤٠٦هـ يأمل البحث عن شاغر له بتلك المرتبة ودارت مخابرة بل مخابرات بين كلية الملك عبد العزيز الحربية والقوات البرية من جهة وبين قطاعات وزارة الدفاع والطيران الآخر بمنطقة الرياض – من جهة ثانية بشأن موضوع ترقية المدعي، وجرى التعميم على أفرع القوات المسلحة من قبل هيئة إدارة القوات المسلحة للبحث له عن وظيفة شاغرة بالمرتبة العاشرة. كل هذه الأمور تدل على أن الكلية المدعى عليها لم تقصر في محاولة ترقية المدعي لما قامت به من كتابات إلى الجهات العليا في الوزارات لإحداث وظيفة له بتشكيل الكلية أو بترقيته بأحد أفرع الوزارة بمنطقة الرياض حسب طلبه، ولم تضع العراقيل أمام ترقيته كما يدعي، بل العكس هو الصحيح الظاهر كما بينا آنفا، إلا أنه لم يحالفه الحظ في الترقية حتى تمت ترقيته الأخيرة التي يدعي بأنها مشروطة بالإحالة على التقاعد. وحيث إن عنصر الإكراه لم يتحقق وقوعه على المدعي ولم يظهر للدائرة وجود أي شائبة تشوب القرار المطعون فيه.
لذلك حكمت الدائرة: برفض طعن المدعي في قرار قائد كلية الملك عبد العزيز الحربية رقم 3/9/١٦٨٠ في 29/4/١٤٠٧هـ لعدم توافر عنصر الإكراه في إحالته على التقاعد.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هيئه التدقيق
حكمت الهيئة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء، وأضافت في أسبابها: أنه من المستقر عليه أن الإكراه من العيوب التي تشوب الإرادة فتفسدها، وتعدم كافة الآثار النظامية لما صدر عنها، وأنه يستوي في ذلك الإكراه المادي الذي يتمثل في استخدام أساليب مادية للضغط على الإرادة، كالتهديد بقتل من تصدر عنه الارادة أو تعذيبه هو أو أي إنسان عزيز عليه، والإكراه المعنوي أو الأدبي الذي يتمثل في الضغط على الإرادة باستخدام وسائل أو اعتبارات معنوية أو أدبية، كالتهديد بإفشاء أسرار أو جلب فضائح يحرص صاحب الإرادة على إخفائها أو تجنبها. وتطبيق هذا المعيار والتعريف للاكراه بنوعيه على واقعة هذه الدعوى فإنه يتعين بداءة استبعاد الإكراه في صورته العادية لخلو أوراق الدعوى وحتى ادعاءات المدعي من أي مظاهر لهذا النوع من الإكراه، ويقتصر البحث من ثم على مدى توافر الإكراه المعنوي أو الأدبي في إرادة المدعي حين تقدمه لطلب الاحالة إلى التقاعد في 23/4/١٤٠٧هـ. وترى الهيئة أن حجب الترقية إلى المرتبة العاشرة أيا كانت وسيلة هذا الحجب لا تمثل مظهرا من مظاهر الإكراه على المدعي؛ لأنه يمكن حصول المدعي على حقه في الترقية بالأساليب النظامية بالتظلم إلى الجهات التي عينها النظام، سواء منها الجهات الرئاسية أو الهيئات القضائية، كما أن بإمكانه الحيلولة دون شغل الوظيفة الشاغرة بالتظلم من هذا الإجراء إلى الجهات المعنية، وحتى لو تأخر حصول المدعي عمدا على حقه في الترقية بإخفاء الحقائق أو بإساءة استعمال السلطة، فانه يمكن تعويضه عما يصيبه من ضرر مادي أو أدبي بسبب تأخير حصوله على الترقية. ويبين من مراجعة أوراق الدعوى أن كلية الملك عبد العزيز الحربية قد بذلت عديدا من المحاولات لإيجاد مرتبة بميزانيتها ليرقى عليها المدعي، وكذلك لنقله إلى جهة أخرى يوجد بميزانيتها مرتبة شاغرة يمكن ترقيته عليها. كما تبين أن للمدعي نية مسبقة في طلب الاحالة إلى التقاعد، بدليل ما جاء في خطاب سمو وزير الدفاع والطيران رقم (١/١ /١ / ٢٩٤٧) وتاريخ 30/10/١٤٠٦ هـ الموجه إلى رئيس هيئة الأركان العامة من أنه قدم طلبا للترقية والإحالة إلى التقاعد بمجرد ترقيته تأسيا على أن راتبه التقاعدي سوف يزاد بواقع (٥٠٠) ريال (يراجع في ذلك المستند رقم (٣) من ملف الدعوى) فإذا لوحظ أن هذا الطلب قدم قبل أن يقدم المدعي طلبه بالترقية والإحالة إلى التقاعد في23/4/١٤٠٧ هـ أي بحوالي ستة أشهر. فإن ذلك ينفي دون شك أي مظهر أو شاهد على وقوع المدعي تحت إكراه معنوي حين تقدمه بطلب الاحالة إلى التقاعد.