القضاء التجاري / الخلع لائحة اعتراضية
بسم الله الرحمن الرحيم
التاريخ: / /1441هـ
السادة أصحاب الفضيلة رئيس وأعضاء محكمة الاستئناف حفظهم الله
الْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه.. وبعد،
الموضوع: لائحة اعتراضية على الحكم الصادر بالصك رقم (………….) وتاريخ ………… في الدعوى المقيدة بمحكمة الأحوال الشخصية بمحافظة جدة برقم …………… وتاريخ 18/4/1440 ه
مقدمة من
………… سعودية الجنسية هوية وطنية رقم ………… ” معترضة ”
ضد
…………… الجنسية هوية وطنية رقم …………………… ” معترض ضده ”
منطوق الحكم وتاريخه
صدر الحكم بتاريخ ………. والقاضي منطوقة (برد دعوى المدعية في طلبها فسخ النكاح بلا عوض، وأفهمت وكيل المدعية بأنه لموكلته افتداء نفسها بالمهر – إن أرادت – وبذلك حكمت)
ولعدم قناعتنا بالحكم الصادر محل الاعتراض فإننا نتقدم باعتراضنا خلال القيد الزمني المحدد نظاما وفقا لما يلي ذلك من أسباب:
أسباب الاعتراض على الحكم
من الناحية الشكلية
حيث ينص نظام المرافعات الشرعية على أن فترة الاستئناف ثلاثون يوما من تاريخ التبليغ بالحكم وحيث تم صدور الحكم بتاريخ 5 / 4 / 1441 ه عليه فيكون الاعتراض مقبول من الناحية الشكلية لتقديمه في الموعد القانوني ووجود أسباب منطقية بنيت عليها الاعتراض.
من الناحية الموضوعية
أولا: مخالفة الحكم المعترض عليه لصحيح النظام والقواعد الفقهية.
-حيث أن الحكم المعترض عليه قد جاء مخالفا في أسبابه لصحيح النظام والقواعد الفقهية وذلك لما استند اليه من انكار المدعى عليه ضرب المدعية والمثبت بموجب التقرير الطبي الصادر من مستشفى الملك عبد العزيز والذي حوى في باطنه على الإصابات التي أحدثها المدعى عليه للمدعية وهي (كدمات على الزراع الأيمن والساعد الأيمن واحمرار أسفل العين اليمنى) ، وهى إصابات لا يمكن للمدعية ان تفتعلها بنفسها لشدة الإصابة وموضعها وتواجدها في أماكن حساسة من الجسم مثل العين وغير ذلك ، وهذا ما قد خفي على صاحب الفضيلة ناظر الدعوى عندما أسس حكمه على أن التقرير الطبي لم يثبت نسبة الضرب للمدعى عليه على الرغم من أن الضرب كان داخل منزل الزوجية كما ورد بالشكوى امام النيابة العامة وأن المدعية لم تقم بالخروج من منزل الزوجية الا بعد أن قام المدعى عليه بضربها كما هو مثبت بالتقرير و طردها من منزل الزوجية في وقت متأخر مخالفا بذلك قول الله تعالى ( وَلَا تُمۡسِكُوهُنَّ ضِرَارا لِّتَعۡتَدُواْۚ ) ، وقوله تعالى ( وعاشروهن بالمعروف ) ، وتحريم الاضرار بالزوجة يتعدى حكمه الى كل ضرر مادى أو معنوي وما جاء في أيضا في صحيح القواعد الفقهية .
-وجاء في حديـث معاويـة بـن حيـدة – رضـي الله عنـه – قـال: قلـت يـا رسـول الله مـا حـق زوجـة أحدنـا عليـه قـال: ” أن تطعمهـا إذا طعمـت، وتكسـوها إذا اكتســيت، ولا تضــرب الوجــه ولا تقبــح ولا تهجــر إلا في البيــت” رواه أحمـد وأبـو داود وصححـه ابـن حبـان وقـال الالباني: حسـن صحيـح
-وجاء في حديـث أبـي هريـرة قـال: قـال النبـي – صلـى الله عليـه وسـلم: (إذا قاتـل أحدكـم أخـاه فليجتنـب الوجـه) رواه مسـلم ، و قــول النــووي – رحمــه الله ، في شــرحه للحديــث الســابق” ( هذا تصريــح بالنهــي عــن ضــرب الوجــه؛ لأنه لطيــف يجمــع المحاسن وأعضــاؤه نفيســة لطيفــة وأكثــر الادراك بهــا، فقــد يبطلهــا ضــرب الوجـه وقـد ينقصهـا وقـد يشـوه الوجـه، والشـين فيـه فاحـش؛ لأنه بـارز ظاهـر لا يمكن سـتره، ومتـى ضربـه لا يسـلم مـن شين غالبـا، ويدخـل في النهــي إذا ضــرب زوجتــه أو ولــده أو عبــده ضــرب تأديــب فليجتنــب الوجــه) (16/165) .
-وما ورد في التقرير الطبي من إصابات واحمرار أسفل العين اليمنى وكدمات على الزراع الأيمن والساعد الأيمن، إصابات حدثت داخل منزل الزوجية ولا يصح اسناده لغير المدعى عليه لأنه لم يثبت العكس، ولم يقم الدليل على انه لم يقم بضرب المدعية واحداث ما بها من إصابات.
-وجاء الحكم المعترض عليه مخالفا لصحيح النظام والشرع من عدة أوجه:
1- غض الحكم المعترض عليه بصره عن التقرير الطبي وحجيته في الاثبات، فضلا عن احتوائه على إصابات ظاهرة لا يمكن أن تفتعلها المدعية بنفسها متناسيا دوره في الاثبات وحجيته على اثبات حالة العنف الاسري التي قام بها المدعى عليه، فضلا على أنها تعد من اهم القرائن التي تدين المُعنِّف في حالة وقوعها داخل منزل الزوجية وتعتبر حدوثها قرينة قوية على أن المدعى عليه هو من أحدثها بالمدعية، ووجود تقرير طبي يتُثبت معه وجود الضرر ومقداره عند تقديمها إلى القضاء.
-ويعتبر الاعتماد على القرائن في بناء الأحكام القضائية يتفق مع أحكام الشريعة ومقاصدها، وإلغاء القرائن وعدم الأخذ بها فتح لباب الشر والفساد، وترويع الآمنين في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم.
2- خالف أحكام المحكمة العليا حينما قضى برد الدعوى على الرغم من اصدار المحكمة العليا مبدأ قضائيا يتمثل في حق الزوجة فسخ النكاح، كرهاً لزوجها؛ بأن “للقاضي فسخ العقد للكره دون الحاجة لطلب الخلع، حيث إنه حسب قرار المحكمة العليا رقم (27/3/3) وتاريخ (1434/12/24)، يحق للزوجة طلب فسخ النكاح، كرهًا لزوجها، وعدم إطاقتها العيش معه، باعتباره سببا شرعيا، حين الخشية من عدم إقامة حدود الله -سبحانه-، وأداء الحقوق الزوجية بسبب ذلك، وفي ذلك أن الفسخ يأتي بحكم يصدر من القاضي لدى محكمة الأحوال الشخصية المختصة“.
3- مخالفة الحكم المعترض عليه لصحيح القواعد الفقهية وثبوت الضرر بموجب التقرير الطبي مخالفا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) وقوله تعالى: “ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن“، فضلا عن مخالفته للحكم السابق في الدعوى والذي قضي بفسخ نكاح المدعية للضرر وثبوته بالتقرير الطبي.
4– مخالفة الحكم المعترض عليه لقرار الحكمين في الحكم السابق بفسخ نكاح المدعية والذي انتهى قرارهما الى الرأي بفسخ نكاح المدعية دون عوض، وحيث انه يجوز للقاضي أن يفرق إذا أخبر الحكمان بما يقتضي التفريق لقول الله تعالى ” وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا “، وما انتهي اليه الحكمين من عدم القدرة على الإصلاح بين الزوجين وبيان أسباب ذلك في القرار الامر الذي أدى الى انتهاء قرارهم بالرأي بفسخ نكاح المدعية دون عوض جاء مخالفا لما قضى به صاحب الفضيلة ناظر الدعوى في الحكم المعترض عليه.
– فضلا عن ما قررته هيئة كبار العلماء في المملكة بقرارها رقم (26) في 21/8/1394 ه والذي تضمن ترتيبا اجرائيا لطريقة العمل داخل المحاكم في حالة الشقاق بين الزوجين والذي الزم القاضي بالأخذ برأي الحكمين في حالة اتفاقهما وجاء بباطن القرار ( ان للقاضي أن يحكم بما رآها الحكمان بعوض او بغير عوض فان لم يتفق الحكمان نظر القاضي في امرهما وفسخ النكاح حسبما يراه بعوض او بغير عوض ) ، وما حدث في تلك الدعوى ان صاحب الفضيلة ناظر الدعوى لم يأخذ برأي الحكمين على الرغم من انتهائهما في القرار بفشل العلاقة بين الزوجين وعدم القدرة على الإصلاح والرأي بفسخ نكاح المدعية دون عوض.
ثانيا: استحالة العشرة وعدم حصول المقصود الشرعي من النكاح.
-ولما كان حال المدعية مع المدعى عليه يظهر به سوء العشرة وقد استحكم الخلاف الناتج عنها وعدم استطاعة المدعية تحمل الحياة مع المدعى عليه، فإنها لذلك تكره الكفر في الإسلام وتخشى الا تقيم حدود الله، وعليه يكون الزامها بالحياة معه تحميلا إياها لما لا تطيق، وقال الله تعالى في كتابه العزيز (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) ، كما ان الله تعالى رفع الحرج عن الأمّة، ووضع به عنها الآصار والأغلال التي كانت على الأمم من قبلها، فجاءت تشريعاته وأحكامه ميسَّرةً لا شطط فيها ولا غلو، ولا إسراف ولا مجاوزة لحد القصد والاعتدال وإنَّ الأخذَ بما رخَّص الله لعبادِه وتفضَّلَ به عليهم، ليس لأجل ما فيها من رفعٍ للحرج وتيسير على الأمّة فحسب، بل لأنَّ الأخذَ بها أمرٌ محبوب عند الله تعالى ” إنَّ الله تعالى يحِبّ أن تؤتَى رخصه كما يكرَه أن تؤتَى معصيته” وقال تعالى” وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ “، كما ان ترك المدعية معلقة تعريضا لها للفتنة كما انه محرم لقوله تعالى ” فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ “ ، وقد حرم الله تعالى الاضرار لقوله ” وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ” وعليه فان تعذر الإمساك بالمعروف فيصار الى التسريح بإحسان لقوله تعالى ” فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ” ، وذلك من الرحمة بالنساء اللواتي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهن ” اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم ، أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم رزقهن ، وكسوتهن بالمعروف ” رواه مسلم ، وما يقوم به المدعى عليه من سوء عشرة للمدعية وضربها كما هو مثبت بالتقرير الطبي واهانتها وطردها من منزل الزوجية الامر الذي يدل على استحالة العشرة بينهما وعدم استطاعة العيش معه .
-ويتضح هنا أن الحكم المعترض عليه قد خالف صحيح النظام والقواعد الفقهية والشرعية وخالف قرارات المحكمة العليا فضلا عن استحالة العشرة بين الزوجين لعدم حصول المقصود الشرعي من النكاح الامر الذي يستوجب معه نقض الحكم المعترض عليه.
الطلبات:
نلتمس من فضيلتكم نقض الحكم المعترض عليه والقضاء مجددا بفسخ نكاح المدعية بلا عوض استنادا قرار المحكمة العليا والى التقرير الطبي وما ورد بصحيح النظام والقواعد الشرعية والفقهية وبناء على ما تم ذكره سلفا.
والله ولي التوفيق،
مقدم اللائحة /…………………….