القضاء التجاري / تصفّح المكتبة
الأستجواب كوسيلة من وسائل رقابة السلطة التشريعية علي السلطة التنفيذية والحالات التي يترتب عليه سحب الثقة من أحد الوزراء والحالات التي يترتب عليه سحب الثقة من الوزارة كاملة
أولاً: الأستجواب كوسيلة من وسائل رقابة السلطة التشريعية علي السلطة التنفيذية:
الفصل بين السلطات الثلاث المعروفة وهي (التشريعية والتنفيذية والقضائية) ليس معناه إقامة سياج يفصل فصلاً نهائي بين سلطات الحكم، ويحول دون مباشرة أي منها لوظيفتها بحجة المساس بالأخرى، ومن ثم فإن المقصود بالفصل بين السلطات أن يكون بين السلطات الثلاث تعاون، وأن يكون لكل منها رقابةً على الأخرى في نطاق اختصاصها، بحيث يكون نظام الحكم قائماً على مبدأ أن السلطة تحد السلطة.
والغرض من الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ليس أن تقف كل من هاتين السلطتين أمام الأخرى موقف الخصومة، بل الغرض منها هو تحقيق التوازن والتعاون بينهما بما يكفل تطبيق قواعد القانون الدستوري، ومن أجل ذلك تقرر القواعد الدستورية عادة في النظم البرلمانية للسلطة التشريعية حقوقاً معينة تمارسها في مواجهة الحكومة وتحقق باستعمالها رقابتها الفعالة على أعمال السلطة التنفيذية وتصرفاتها، وفي مقابل هذه الحقوق التي يضعها المشرع الدستوري تحت تصرف السلطة التشريعية، جعل الدستور للسلطة التنفيذية أيضاً وسائلها التي تستطيع بواسطتها أن تؤثر في عمل البرلمان وفي وجوده أحياناً، والتي يتحقق بها إيجاد التوازن بين السلطتين، إذ لا يصح أن يكون البرلمان صاحب حق في السيطرة على السلطة التنفيذية دون أن يكون لهذه السلطة الأخيرة وسائل معادلة للدفاع عن نفسها.
وتتمثل مظاهر رقابة السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية في الإجراءات و الوسائل التي يملكها أعضاء البرلمان تجاه الحكومة، وأهم هذه الوسائل الحق في استجواب أحد الوزراء أو رئيس الحكومة لمحاسبتهم في الأمور التي تدخل في اختصاصاتهم ويمثل الاستجواب أهم الوسائل التي يمارس بها البرلمان مهمته الرقابية على أعمال الحكومة إذ أنه يحمل في طياته معنى الاتهام والمحاسبة لأعمالها وقد يؤدي إلى طرح الثقة بالحكومة كلها أو بأحد أعضائها وهو ما يعرف بالمسئولية الوزارية السياسية، ويعتبر الاستجواب أخطر وسيلة أعطاها النظام البرلماني للسلطة التشريعية لتراقب بها السلطة التنفيذية.
ثانياً: الحالات التي يترتب عليه سحب الثقة من أحد الوزراء والحالات التي يترتب عليه سحب الثقة من الوزارة كاملة:
تعتبر المسؤولية الوزارية الأثر الدستوري الذي يرتبه الاستجواب، لأنه وسيلة اتهامية للحكومة، حيث لا يتصور أن تسحب الثقة من الحكومة، دون أن يسبق ذلك اتهاما صريحا من قبل مجلس النواب للوزارة أو أحد من الوزراء بالتقصير ومناقشة ذلك الأتهام، فالقرار بحجب الثقة هو في حقيقة الأمر حكم على الحكومة بعدم الصالحية السياسية، والمسؤولية الوزارية السياسية تتخذ صورتين هما:
في هذا النوع من المسؤولية ينسب الخطأ أو التقصيرإلى الحكومة (الوزراء) كلها، ولهذا فإن صدور قرار بعدم الثقة إثر مسؤولية من هذا النوع يؤدي إلى استقالة الوزارة كلها، وهذا الوضع الطبيعي يتفق مع دور مجلس الوزراء في النظام البرلماني.
فالمبدأ العام هو أن الحكومة مسؤولة مسؤولية مشتركة أمام مجلس النواب، وهذا المبدأ يلزم كل وزير أن يدافع عن السياسة العامة التي تقررها الحكومة، وليس له حق معارضتها أمام المجلس، لأن له الحق أن يقدم استقالته.
ظهرت المسؤولية الفردية مع ظهور المسؤولية المشتركة التضامنية، ويتعلق هذا النوع من المسؤولية بكل وزير على حدة أو مسؤولية وزراء معينين، بمعنى أن ينسب تصرف معين إلى وزير بعينه أو إلى عدد من وزراء محددين بحيث لايجوز إعتبار الوزارة كلها مسؤلة عنه، وهذا لايحدث عادة إلا في الحالات التي يستقل الوزير بالتصرف فيها، فإذا لم يتضامن رئيس الوزراء مع الوزير أو الوزراء المسؤولين، وإذا لم يعتبر البرلمان أن الفعل المنسوب إلى الوزير مما يمس سياسة الوزارة، فإنه يجب على الوزير تقديم استقالته، كنتيجة لسحب الثقة منه، دون أن يمس ذلك بقية أعضاء الوزارة أي مع بقاء الوزارة قائمة.