القضاء التجاري / تزوير
رقم القضية الابتدائية ٥٣٩٩/٢/ ق لعام ١٤٣٥ هـ
رقم قضية الاستئناف ٣٠٦/٢/إس لعام ١٤٣٧هـ
تاريخ الجلسة ٢٦/٢/١٤٣٧هـ
الموضوعات
تزوير – محرر رسمي – شهادة دراسية – استعمال – التكييف النظامي للجريمة – الاشتراك في الجريمة – مفهوم التزوير – حجية المحررات المنسوبة لأحد أشخاص القانون الدولي العام – توافر أركان الجريمة – القرائن الدالة على وقوع الجريمة – محضر ضبط – مبدأ تداخل العقوبات – وقف عقوبة السجن – مبررات وقف تنفيذ العقوبة.
أقام فرع هيئة التحقيق والادعاء العام الدعوى بطلب معاقبة المتهم لقيامه بالاشتراك في تضمين محرر (شهادة دراسية أجنبية) أختام وتواقيع مزورة واستعمالها- تكييف الدائرة التهمة المنسوبة للمتهم بأنها الاشتراك في التزوير المحرر بكامله بما عليه من تواقيع وأختام – التزوير هو كل تغيير للحقيقة وقع بسوء نية بقصد الاستعمال في ما يحميه النظام من المحررات أو الأختام أو العلامات أو الطوابع – المحرر – محل الاتهام – محرر منسوب لأحد الموظفين لدى شخص من أشخاص القانون الدولي العام بصفته الوظيفية وله حجية في المملكة – ثبوت عدم قيام المتهم بالدراسة في الجامعة المنسوب لها المحرر المزور، ومن ثم فإن وجود محرر يتضمن أنه درس في تلك الجامعة مع ثبوت خلاف ذلك يجعل الركن المادي لجريمة التزوير بحقه قائما – تناقض أقوال المتهم المذكورة بالتحقيقات عن ما ذكره أمام الدائرة، وعن ما قدمه من أسانيد- لدفاعه بعدم علمه بالتزوير؛ ما يجعل الركن المعنوي لجريمة التزوير بحقه قائما – ثبوت ارتكاب المتهم لجريمة استعمال المحرر المزور بموجب محضر الضبط – جريمتا التزوير والاستعمال المنسوبتين إلى المتهم مرتبطتان ببعضهما، ونظمهما غرض إجرامي واحد، ومن ثم فإنه يتم معاقبة المتهم بعقوبة واحدة – أثر ذلك: إدانة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه، وتعزيره عن ذلك بالسجن والغرامة، مع وقف عقوبة السجن بحقه مراعاة لظروفه الأسرية ولخلو سجله من الجرائم.
الأنظمة واللوائح
· المادة (٢١٤/٢) من نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٢) وتاريخ ٢٢/١/١٤٣٥هـ.
· المواد (1 ، 2 ، 8 ، 19 ، 21) من النظام الجزائي لجرائم التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /١١) وتاريخ ١٨/٢/1٤٣٥ هـ.
الوقائع
حصيلة وقائع الدعوى بما هو لازم للفصل فيها أن قرار الاتهام رقم (هـ م2/10/140671793) أودع لدى هذه المحكمة في ١٧/٩/1٤٣٥ هـ رفق خطاب المدعية المؤرخ ١٢/٩/١٤٣٥هـ، وقد تضمن القرار المشار إليه أنه تم القبض على المتهم المذكور في ٢٦/٧/١٤٣٥هـ إثر مراجعته لفرع وزارة الخارجية بمنطقة مكة المكرمة طالبا التصديق على شهادة جامعية عليها أختام وتواقيع منسوبة للسفارة السعودية في اليمن، وبفحصها صدر بشأنها التقرير الفني رقم (21/2/6/138) وتاريخ ٢٦/٧/١٤٣٥هـ من الإدارة القنصلية المتضمن أنه بمضاهاة الأختام والتواقيع المثبتة على الشهادة بالأختام والتواقيع الأصلية اتضح أن الختم مزور، والتاريخ في وسط الختم مكتوب غير واضح المعالم، والطابع الخاص بالتصديق مسحوب من معاملة أخرى، والختم الدائري ركيك وغير واضح المعالم ومائل إلى اليسار في غير موضعه الأصلي، وتوقيع الموظف المختص مزور وغير صحيح. وباستجواب المتهم نفى علاقته وعلمه بالتزوير، وذكر أنه درس بالجامعة عن طريق التعليم عن بعد، بعد أن سجل بواسطة مكتب (…) بسوريا، وبعد تخرجه قام المكتب بتصديق الشهادة وبعثها له إلى المملكة. عليه قررت المدعية توجيه الاتهام للمذكور بالاشتراك عن طريق الاتفاق والمساعدة بتضمين أختام وتواقيع مزورة منسوبة للسفارة السعودية في صنعاء واستعمالها وذلك بناء على عدد من الأدلة والقرائن، هي ما جاء في محضر الإدارة القنصلية المشار إليه، وما جاء في محضر القبض، وكذلك لم يقدم المتهم ما يثبت عدم علمه بالتزوير ولم يقدم الشهادة الأصلية، وطلبت الحكم عليه وفقا للمواد (4 ، 19 ، 21) من النظام الجزائي لجرائم التزوير. وبقيد قرار الاتهام قضية أحيلت إلى هذه الدائرة التي باشرت نظرها على النحو الموضح في أوراقها، وبمواجهة المتهم بالاتهام المنسوب إليه، أجاب بأن الشهادة – محل الاتهام – صحيحة وتخصه وعليها صورته وصادرة من جامعة صنعاء ولكنه لم يدرس بجامعة صنعاء ولم يحصل على الشهادة منها وإنما حصل عليها من أحد المكاتب في سوريا، وقد درس في كلية العلوم التطبيقية والاجتماعية فرع سوريا وأخبر من المكتب الذي درس لديه بأن الكلية لديها مشاكل قانونية ومالية، واستعدوا في حالة سحب التراخيص من الكلية بإعطائه شهادة معادلة لها، وبالفعل تم إرسال هذه الشهادة له عندما وصل إلى المملكة، واستلمها وعمل بموجبها وعرف فيما بعد أن الكلية المذكورة قد تم سحب التعريف منها وتم إغلاقها. وبعرض ما ذكر على ممثل الادعاء، اكتفى بما جاء في قرار الاتهام. كما اكتفى المتهم بما ذكر. وبسؤاله هل يستطيع أن يثبت أنه حصل على شهادته – محل الاتهام – من جامعة صنعاء؟ أجاب بأنه لا يستطيع ذلك، وأضاف أنه مقيم في المملكة ويعول والدته ويطلب النظر في موضوعه بعين العطف والرحمة. وبعد استيفاء جميع الإجراءات والاطلاع على أوراق الاستدلال والتحقيق، وإثر المداولة أصدرت الدائرة حكمها هذا مبنيا على الآتي.
الأسباب
حيث إن المدعية تستهدف إدانة المتهم بالاشتراك في تضمين محرر أختاما وتواقيع مزورة واستعمالها، وتطلب محاكمته وفق أحكام المواد (٤، ١٩ ، ٢١) من النظام الجزائي لجرائم التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/١١) وتاريخ ١٨/٢/١٤٣٥هـ. ومن حيث إنه بالاطلاع على المحرر الذي يحمل التواقيع والأختام محل الاتهام فإنه شهادة تحمل اسم المتهم وصورته الشخصية مثبت فيها تخرجه بدرجة البكالوريوس في هندسة الحاسوب في دور يونيو ٢٠٠٨ م وأن الشهادة صدرت بتاريخ ١٦/٣/٢٠٠٩ م ومنسوب صدورها لجامعة صنعاء باليمن وتحمل في ظهرها عددا من الأختام والتواقيع والطوابع، منها ختمان للسفارة السعودية (القسم القنصلي، والملحق الثقافي) باليمن. ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الختم والطابع والتوقيع المنسوبة للقنصلية والمثبتة على المحرر جميعها مزورة وفق ما تضمنه التقرير الفني للإدارة القنصلية بفرع وزارة الخارجية بمنطقة مكة المكرمة المؤرخ في ٢٦/٧/١٤٣٥هـ. ومن حيث إنه وإن دفع المتهم بصحة شهادته التي تحمل تلك الأختام والتواقيع والمنسوب صدورها عن جامعة صنعاء وبعدم علمه بوقوع التزوير، إلا أن الثابت من أقواله أمام الدائرة أنه لم يدرس أصلا في الجامعة المذكورة بل درس في جامعة أخرى، مما يكون معه التوصيف الصحيح لما هو منسوب إلى المتهم هو الاشتراك في التزوير المحرر بكامله بما عليه من تواقيع وأختام. ومن حيث إن التزوير – في حده النظامي الذي قررته المادة (١) من نظام التزوير هو كل تغيير للحقيقة وقع بسوء نية بقصد الاستعمال في ما يحميه النظام من المحررات أو الأختام أو العلامات أو الطوابع وذلك بإحدى الطرق المنصوص عليها في النظام، ومن تلك الطرق ما نص عليه النظام في مادته (٢/و) من تضمين المحرر واقعة غير صحيحة بجعلها تبدو واقعة صحيحة. ومن حيث إن الثابت كما تقدم أن المتهم لم يدرس بجامعة صنعاء فإن وجود محرر يتضمن أنه درس وتخرج فيها يجعل الركن المادي لجريمة التزوير قائما متحققا. ومن حيث إن ما دفع به المتهم من عدم علمه بالتزوير ومن أنه درس في كلية العلوم التطبيقية والاجتماعية التي طرأت عليها إشكالات انتهت بإغلاقها مما أدى إلى منحه على سبيل المعادلة أو البدل الشهادة محل الاتهام؛ فإنه قدم إثباتا لدفعه عددا من الصور الفوتوغرافية وبعض الأخبار الصحفية الإلكترونية، ومن ذلك ما أوردته صحيفة (…) بتاريخ الثلاثاء ٧/ يونيو / ٢٠١١ م من أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي باليمن أعلنت إغلاق جامعة العلوم التطبيقية والاجتماعية بصنعاء بعد مخالفتها لقانون الجامعات وأهابت بالطلاب الملتحقين بالجامعة الذين لم يكملوا دراستهم الجامعية بالانتقال إلى جامعات أخرى، وأن مصدرا بالجامعة ذكر لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن المصادقة على الوثائق الصادرة من الجامعة ستتم من قبل الوزارة حتى العام ٢٠١٠/٢٠٠٩ م فقط… إلخ، وكذلك تضمن المحتوى نفسه خبر لصحيفة (…) في عددها (٣٦٤٩) بتاريخ ١٢/٧/١٤٣٣هـ الموافق ١٤ / يونيو / ٢٠١١ م، فإن هذين الخبرين اللذين قدمهما المتهم نفسه صدرا في شهر ٦/٢٠١١م، ولا ريب أن إغلاق تلك الجامعة كان في تاريخ الإعلان أو تاريخ سابق عليه بقليل، فيما الشهادة – محل الاتهام – التي يزعم المتهم صدورها عن جامعة صنعاء كان تاريخ إصدارها في شهر ٢/٢٠٠٩ م أي قبل أكثر من سنتين من إغلاق الجامعة التي يزعم أنه درس فيها؛ فضلا عن أن تخرجه كان بتاريخ ٦/ ٢٠٠٨ م أي قبل نحو ثلاث سنوات من الإغلاق، كما أن إعلان الوزارة اليمنية تضمن أنها ستصادق على الوثائق التي صدرت من جامعة العلوم التطبيقية والاجتماعية حتى العام الدراسي ٢٠٠٩/ ٢٠١٠ م وهذا يقتضي أن تلك الجامعة ظلت تصدر وثائق بعد التاريخ المحدد لتخرج المتهم لمدة سنتين تقريبا، ثم إن المتهم لم يشر من قريب ولا من بعيد إلى جامعة العلوم التطبيقية والاجتماعية في أقواله أمام جهتي الضبط والتحقيق، بل زعم أثناء استجوابه – خلافا لقوله أثناء المحاكمة – أنه تخرج من جامعة صنعاء نفسها بعد أن درس فيها مدة أربع سنوات؛ الأمر الذي تجد الدائرة من أجله أن المتهم قد دلس وناقض أدلة دفاعه مما تستيقن معه قيام الركن المعنوي لاشتراك المتهم بطريق الاتفاق والمساعدة في جريمة صنع المحرر محل الاتهام، وهو محرر منسوب لأحد الموظفين لدى شخص من أشخاص القانون الدولي العام بصفته الوظيفية وله حجية في المملكة. ومن حيث إن الثابت من جواب المتهم أنه عمل بموجب الشهادة محل الاتهام، والثابت أيضا من محضر قوات الأمن الدبلوماسي رقم (٢١١/٢ع) أن المتهم قدم الشهادة لفرع وزارة الخارجية محتجا بصحتها وطلب تصديقها مما يثبت معه أيضا ارتكاب المتهم لجريمة استعمال المحرر وهو يعلم أنه مزور. وتأسيسا على ما سلف تقضي الدائرة بإدانته بارتكاب الجريمتين المذكورتين. وحيث قد انتظم الجريمتين مشروع جرمي واحد باتحاد الغرض منهما وارتباطهما ارتباطا لا يقبل التجزئة؛ فإن الدائرة تخلص إلى معاقبة المتهم عنهما بعقوبة واحدة استنادا للمادة (٨) من نظام التزوير التي نصت على أن: “من زور محررا منسوبا إلى جهة عامة أو أحد موظفيها بصفته الوظيفية أو إلى أحد أشخاص القانون الدولي العام أو أحد موظفيه بصفته الوظيفية إذا كان للمحرر حجية في المملكة يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسمئة ألف ريال”، وما نصت عليه مادته (١٩) من أنه: “يعاقب بالعقوبة نفسها المقررة لجريمة التزوير المنصوص عليها في هذا النظام كل من استعمل أيا مما نص على تجريمه في هذا النظام مع علمه بتزويره… ” وما نصت عليه مادته (٢١) من أن: ” من اشترك بطريق الاتفاق أو التحريض أو المساعدة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام يعاقب بالعقوبة نفسها المقررة لتلك الجريمة”. ومن حيث إن الدائرة وهي تأخذ في الحسبان باعث المحكوم عليه على ارتكاب الجريمة وهو استقدام زوجة له ولم يظهر له من الأوراق تسجيل سوابق جنائية عليه ولظروف إعالته لوالدته فإن الدائرة تنتهي لوقف تنفيذ عقوبة السجن بحقه؛ استنادا لما نص عليه نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٢) وتاريخ ٢٢/١/١٤٣٥ هـ في مادته (٢١٤/2).
لذلك حكمت الدائرة بما يلي: أولا: إدانة (…) – سوري الجنسية – بجريمتي التزوير والاستعمال المنسوبتين إليه في هذه الدعوى، وتعزيره عن ذلك بسجنه مدة سنة تحسب من تاريخ توقيفه على ذمة هذه القضية، وتغريمه مبلغ (١٠٠٠) ألف ريال. ثانيا: وقف تنفيذ عقوبة السجن فقط عن المحكوم عليه.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محكمة الإستئناف
حكمت المحكمة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.