القضاء التجاري / عقود مقاولات
القضية رقم: ٤٨٢/ ١/ ق لعام ١٤١٧ هـ
الحكم الابتدائي رقم: ٢٠٩ / د /تج / ٣ لعام ١٤٢٥ هـ
حكم التدقيق رقم: ٣١٦/ت / ٣ لعام ١٤٢٧ هـ
تاريخ الجلسة: ١١/3/١٤٢٧ هـ
الموضوعات
عقد تجاري , عقد مقاولة , مقاولة من الباطن , تكون العقد وشروطه , انعقاد العقد , تكييف العلاقة التعاقدية , الايجاب والقبول, السكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان , تقرير خبرة , المفرط أولى بالخسارة, غرامة تأخير , فائدة ربوية, الغرامة تكون على التأخرف تنفيذ في الأعمال لا على التأخير في دفع قيمتها , المرء لا يصطنع الدليل لنفسه , حجز تحفضي
الملخص
طلب المدعية إلزام المدعى عليها بدفع مبلغ مالي ناشئ عن عقد مقاولة – دفع المدعى عليها بكون التعاقد كان على أعمال تتصل بعقد أجرة لا مقاولة – تبين قبول الطرفين لمسودة عقد، وعدم اعتراض المدعى عليها بعد ثبوت استلامها لها – السكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان – مباشرة المدعى عليها لأعمال مسودة العقد – تبين أن ما تضمنه المستند المرسل يتعلق بأعمال مقاولة من الباطن لتنفيذ أعمال صيانة – أثره تكيييف العلاقة بين الطرفين كونها متلاقية على عقد مقاولة – تضمن تقرير الخبرة استحقاق المدعية لجزء من مبلغ المطالبة – عدم تقديم المدعية ما يطعن على ما خلص له التقرير – تبين تضمن بعض البنود على غرامة مفروضة على التأخر في السداد – تقرير حرمة الربا – أثر جميع السابق: استحقاق المدعية لجزء من مبلغ المطالبة مؤدى ذلك: إلزام المدعى عليها بجزء من مبلغ المطالبة.
الوقائع
تتلخص وقائع هذه القضية حسبما يبين من أوراقها في تقدم المدعية بلائحة دعوى إلى رئيس الديوان بتاريخ ٢/ ٥/ 14١٧ هـ أوردت فيها أنها تطالب المدعى عليها مبلغا قدره ( ٣٤ / 11.906.961) أحد عشر مليونا وتسعمائة وستة آلاف وتسعمائة وواحد وستون ريالا وأربع وثلاثون هللة؛ وذلك قيمة مستحقاتها عن أعمال الصيانة الطبية -وتشمل أجور العمالة ومقاولي الباطن وقطع الغيار وخلافه- التي قامت بها طوال الأربعة أعوام الماضية كمقاول من الباطن لحساب الشركة المدعى عليها المقاول الرئيس لدى وزارة الصحة في المشروعات الآتية: مستشفى الأمير سعود بن جلوي بالأحساء، ومستشفى الجبيل الجديد، ومستشفى رابغ العام، ومستشفى شرورة العام، ومستشفى أضم العام، ومستشفى القنفذة العام، من عام (١٤١٣هـ) إلى عام (١٤١٦هـ)، وأضافت المدعية بأن المدعى عليها قد خالفت شروط الدفع الشهرية المتفق عليها؛ مما اضطرها إلى تحملها الكلفة البنكية، وذكرت بأن المدعى عليها قد تعهدت بالالتزام بالسداد إلا أنها تراجعت عن ذلك ورفضت مقابلة مندوبيها: وانتهت المدعية في دعواها إلى طلب إلزام المدعى عليها بدفع المبلغ المدعى به. وقد سجلت الدعوى قضية بالرقم المبين أعلاه، وأحيلت إلى هذه الدائرة بتاريخ ١٢/ ٥ / 14١٧ هـ، وفي جلسة ٨/ ٦/ 14١٧ هـ أجاب وكيل المدعى عليها على الدعوى بقوله: إن عمل المدعية عبارة عن استعانة موكلته ببعض فنييها الموجودين تحت كفالتها بعد أن عرضت المدعية خدماتهم، ووزارة الصحة لا تقبل دخول أي عامل إلى موقع العمل إلا إذا كان له صفة نظامية؛ الأمر الذي جعل موكلته تطلب اعتماد المدعية كمقاول من الباطن حتى يتسنى لها دخول الموقع، وقد وافقت الوزارة على اعتمادها كمقاول من الباطن وعمل فنييها، وتم الاتفاق معها على أن تدفع مستحقاتها بعد صرف المستخلصات من الوزارة، إلا أن العمال لم يكونوا على المستوى الفني المطلوب؛ مما أدى إلى حسم كثير من مستحقات موكلته لدى الوزارة بعد أن وجهت الوزارة العديد من الخطابات والإنذارات لموكلته تنبهها إلى خطورة الوضع؛ مما جعل المدعية تطلب من موكلته استخراج تأشيرات لاستقدام فنيين آخرين، وقد سددت موكلته للمدعية مبلغا قدره (٦٤/ 2.595.835) مليونان وخمسمائة وخمسة وتسعون ألفا وثمانمائة وخمسة وثلاثون ريالا وأربع وستون هللة، وذكر بأن المبلغ يغطي تقريبا جملة ما تستحقه المدعية من مبالغ، أما المبالغ التي تدعي بها المدعية فذكر أنها ناتجة عن حساباتهم الخاصة، ولا يوجد بين المدعية وموكلته أي عقود موقعة منهما، ثم طلب الحكم برد الدعوى. وقد عقب وكيل المدعية على إجابة المدعى عليها بمذكرة جاء فيها أن تكييف المدعى عليها للأعمال التي قامت بها المدعية بأنها مجرد استعانة ببعض الفنيين؛ لهو تكييف فاسد؛ الغرض منه طمس الحقيقة والتهرب من الالتزامات المترتبة عليها: لأن التعميدات الصادرة من المدعى عليها في هذا الشأن واضحة، ولا تحتمل التأويل حسب المراسلات الأولى المتبادلة بين الطرفين، والتي تحدد نطاق العمل، وإنهاء متطلبات أعمال الصيانة للأجهزة والمعدات الطبية في مستشفى الجبيل والهفوف، وموافقة المدعى عليها على أن تعمل المدعية معها كمقاول من الباطن بعد الحصول على موافقة وزارة الصحة، ثم قدم صورا من الخطابات المتبادلة بين الطرفين والتي تحدد نطاق الأعمال، ومنها توفير العمالة بالمواصفات المطلوبة وأعمال الصيانة الفنية للأجهزة الطبية وشراء وتوريد قطع الغيار، وأما المواعيد المتفق عليها لدفع مستحقات المدعية أو تسديد الفواتير فليست كما زعمت المدعى عليها بعد صرف المستخلصات من الوزارة، وإنما كان الاتفاق على أن يكون تسديدها شهريا أو ربع سنوي، كما جاء في المراسلات المتبادلة، وعندما تأخرت المدعى عليها عن السداد فرضت عليها المدعية غرامة شهرية بواقع (١%) بموجب الإشعارات وكشوفات الحساب الدورية، ولم تعترض على ذلك المدعى عليها، وعقب على ما ذكرته المدعى عليها من أن الفنيين التابعين للمدعية لم يكونوا على المستوى المطلوب.. إلخ؛ بأنه غير صحيح؛ لأن المدعى عليها ليست جهة التقييم المعتمدة في هذا الشأن، وإنما وزارة الصحة التي تقرر بعد دراسة الخبرات والمؤهلات المقدمة لها لاعتمادها أو رفض اعتمادها، ومن ضمن حوالي ثمانية وعشرين مهندسا وفنيا تحفظت الوزارة على شهادة واحدة فقط، كما أن المدعى عليها والوزارة لم تعترضا إلا على مهندس واحد طول مدة العقد، وأضاف بأن المرجع في تقييم أداء العمالة وإنجاز أعمالها هو تقرير الأداء الشهري الذي ترفعه إدارة المستشفى، ولم يقل أداء العمل عن جيد جدا أو جيد إلا في حالات محدودة طول مده العقد، كما عقب على ادعاء المدعى عليها بأن تدني مستوى الأداء قد أدى إلى حسم الكثير من مستحقاتها؛ بأنه ادعاء غير صحيح؛ لأن المدعية لم تبلغ رسميا خلال فترة عملها كمقاول من الباطن ببيان المستخلصات المدفوع من الوزارة للمدعى عليها؛ حتى تعرف ما إذا كانت قد تأخرت عن مواعيدها أم لا، أو بوجود حسميات عليها وأسباب هذه الحسميات حتى تناقشها في حينه؛ ولهذا فإنها لا تقبل الآن من المدعى عليها أي ادعاءات بهذا الشأن، وإذا وجد أي حسميات فإنها تتعلق بالمدعى عليها ولا تتحمل المدعية أي مسؤولية عنها؛ لأن عقدها مع المدعى عليها لا يرتبط بأي شرط من هذا النوع، وأسعار المدعية مقطوعة حسبما ورد في عرضها الذي اعتمدته المدعى عليها دون اعتراض منها، وأما تمسك المدعى عليها بعدم توقيع مشروع العقد المقدم لها للتوقيع؛ فإن ذلك لا ينفي وجود الاتفاق؛ حيث إن الثابت من المكاتبات المتبادلة التي وردت في المستندات من (١ إلى ١٥) أن إرادة الطرفين قد تطابقت تماما في شأن تحديد نوع الأعمال ونطاقها ومكانها وزمانها والأجر المتعين دفعه لقاء ذلك ومواعيد السداد، بالإضافة إلى التعميد الصريح من المدعى عليها للمدعية ببدء العمل والتنفيذ، وتعيينها مقاولا من الباطن؛ وعليه فإن القول بعدم توقيع العقود لا يؤثر في حقيقة قيام الاتفاق، والمدعى عليها هي التي حرمت نفسها حق التحفظ أو الاعتراض على شروط العقد المذكور بامتناعها عن توقيعه، رغم أن المدعية حددت لها مهلة أسبوع واحد للاطلاع، وأنذرتها في كتابها المرفق بأنها إذا لم تعترض على شروط العقد أو تبد أي اقتراح بشأنه خلال المهلة المذكورة فسيعتبر ذلك من جانبها قبولا وتسليما لصيغة العقد، وهو ما حدث فعلا عندما أقرت المدعى عليها باستلام كتاب موكلته الذي يحوي العقد المشار إليه، كما أن مواقف المدعى عليها تدل على موافقتها على مضمون العقد؛ بدليل أنها وبعد أن مددت الوزارة عقد المشروع رشحت المدعى عليها المدعية، وطلبت من المدعية الاستمرار في العمل معها أثناء مدة التمديد بنفس شروط العقد القديم، أو الموافقة على نقل كفالة العمالة الفنية لها، إلا أن المدعية رفضت الاستمرار مع المدعى عليها أو لحسابها أثناء فترة التمديد بنفس شروط العقد السابق، وليس أدل على نفاذ العقد من المستخلصات التي رفعتها إدارة الشؤون الصحية والمستشفيات طول مدة المشروعين، وجميعها تؤكد بأن المقاول من الباطن هو الشركة المدعية، وأنها قامت بإنجاز كافة أعمال الصيانة الطبية وتوريد متطلبات قطع الغيار، وأما ما ذكرته المدعى عليها من أن موكلته قد استلمت جملة ما تستحقه فهذا غير صحيح؛ لأن المقاولة لا تقتصر على توفير العمالة الفنية، وإنما كانت تشمل بالإضافة إلى ذلك توريد قطع الغيار وإجراء الصيانة وخلافه: وقد سلمت لموكلته مبلغ (٦٧/2.403.836) ريال، وهذا المبلغ لا يغطى مستحقات العمالة؛ لأنه ليس مجرد مرتبات للفنيين، بل وأيضا قيمة أعمال الصيانة التخصصية للأجهزة، وقد عقب وكيل المدعى عليها بمذكرة أورد فيها أن ما قدمته المدعية ما هو إلا عروض واقتراحات وإبداء رغبات لا ترقى إلى مستوى العقد الشرعي، وجميع الخطابات التي قدمتها المدعية تؤكد ذلك، وأما موافقة وزارة الصحة فهو أمر ضروري ليتمكن منسوبو المدعية من دخول الموقع، وليس لموافقة الوزارة أي دخل في مشروعية تعاقد المدعية مع المدعى عليها، وأما ادعاء المدعية بأنها لم تتسلم أي ملاحظة أو اعتراض يتعلق بالكفاءة أو المستوى الفني أو العلمي سواء من الوزارة أو من المدعى عليها فإنها بذلك تناقض نفسها؛ إذ إن الثابت من أقوالها ومن المرفق رقم (٢٣) المقدم منها أن نسبة الخصم على الموظفين عن شهر واحد وفي مستشفى واحد بلغت أكثر من (٢٣%) من إجمالي مستحقات الموظفين، وأما ما ذكرته من أن إرادة الطرفين قد التقتا على الأعمال المطلوبة والأجر الذي تعهدت به المدعى عليها؛ فهذا قول غير دقيق ولا يستقيم مع مقتضيات ضرورة توافر أركان وشروط صحة إبرام العقود، كما أن ما ذكرته من أنه لا يمكن اعتبار امتناع المدعى عليها عن التوقيع رفضا؛ لأنه ليس رفضا صريحا؛ فهذا غير صحح. لأن الامتناع عن التوقيع هو الرفض، كما أن ما ذكرته من أن المدعى عليها طلبت منها الاستمرار في العمل أثناء مدة التمديد بنفس شروط العقد القديم أو نقل كفالة العمانة؛ فهذا يؤكد ما ذكر سابقا من أن الاتفاق ليس مقاولة من الباطن، ولو كان ادعاء المدعية صحيحا لما طلبت منها المدعى عليها نقل كفالة تابعيها لها بعد اكتسابهم الخبرة الفنية، كما أن ما ذكرته من أنها لم تستلم إلا مبلغ (٦٧/2.403.836) ريال فهذا غير صحيح، وصحة المبلغ هو (2.595.836) ريالا، وأما ما ادعته من قيمة قطع الغيار؛ فعليها تقديم فواتير هذه القطع، وما يفيد أنها قامت بتركيبها؛ ثم انتهى إلى طلبه رد الدعوى. وفي جلسة 12/8/١٤١٧ هـ طلبت الشركة المدعية إيقاع الحجز التحفظي على مبلغ قدره (11.906.061) أحد عشر مليونا وتسعمائة وستة آلاف وواحد وستون ريالا من مستحقات المدعى عليها لدى وزارة الصحة، وقدمت ضمانا بنكيا صادرا من بنك….. برقم (…) وتاريخ ٧/ ٨/ 14١٧ هـ، تعهد فيه البنك بأن يدفع أية مبالغ يصدر بها حكم نهائي على المدعية تعويضا للمدعى عليها في حالة عدم ثبوت دعواها؛ على ألا يتجاوز الضمان مبلغ مليون ريال؛ فأصدرت الدائرة بناء على ذلك حكمها رقم (٤٢/د/تج/٢ لعام ١٤١٧هـ) بإيقاع الحجز التحفظي على المبلغ المذكور من مستحقات المدعى عليها لدى وزارة الصحة؛ وذلك بناء على أسبابه، وتم إبلاغ المدعى عليها ووزارة الصحة بهذا الحكم. وحيث تبين للدائرة بناء على ما تقدم أن الشركة المدعية نفذت أعمال الصيانة غير الطبية في مستشفى الهفوف والجبيل، إضافة إلى المستشفيات الأربعة الأخرى كمقاول من الباطن لصالح الشركة المدعى عليها، إلا أن بيان مقدار ما تدعيه المدعية من مبالغ وردت في فواتيرها المقدمة أثناء فترة العمل الممتدة لأكثر من ثلاث سنوات متعذر على الدائرة، إضافة إلى حساب الحسميات والغرامات وقيمة قطع الغيار؛ الأمر الذي يستدعي تكليف خبير محاسب للاطلاع على أوراق ومستندات المشروع المقدمة من الطرفين وإجراء المحاسبة بينهما. وحيث وافق الطرفان على اختيار وتكليف مكتب….. للقيام بهذه المهمة، كما اتفقا معه على مقدار أتعابه؛ لذا فقد أصدرت الدائرة قرارها رقم (٩٥/ د/ تج / ٣ لعام 1٤٢٠ هـ) بندب المكتب المذكور كخبير محاسبي يتولى مراجعة وتدقيق الحسابات والفواتير والمستخلصات التي يدعي بها كل طرف على الآخر، وذلك من بداية التعاقد بينهما وحتى نهايته، وبيان ما لكل طرف على الآخر حسبما تم الاتفاق عليه. وفي تاريخ ١٢/6/1٤٢١ هـ قدم المحاسب تقريره المبدئي للدائرة، وبعد الاطلاع عليه رأت الدائرة الكتابة إلى وزارة الصحة عن مقدار الحسميات على الأعمال التي نفذتها المدعية، وذلك على اقتراح المحاسب، كما طلبت من وكيل المدعية أن يقدم بينة موكلته على طلبها إلزام الشركة المدعى عليها بمبلغ (634.477) ستمائة وأربعة وثلاثين ألفا وأربعمائة وسبعة وسبعين ريالا قيمة المستهلكات، وطلبت من وكيل المدعى عليها بينة موكلته على طلبها إلزام المدعية بمبلغ (254.523) مائتين وأربعة وخمسين ألفا وخمسمائة وثلاثة وعشرين ريالا التي حسمتها من مستحقات المدعية. وفي يوم الأحد 3/1/1٤٢٢ هـ حضر وكيل المدعية….. ووكيل المدعى عليها…..، وقد طلب الحاضران من الدائرة مواصلة النظر في القضية من حيث انتهت إليه الدائرة بتشكيلها السابق؛ فأجيبا إلى طلبهما، ثم زودت الدائرة طرفي الدعوى بصورة من إجابة وزارة الصحة ومرفقاتها على خطاب الديوان رقم (٤٥٨٤) وتاريخ 1/7/١٤٢٢ هـ، ونظرا لكون الدائرة قد اطلعت على تقرير المحاسب المبدئي الذي سبق أن قدمه للدائرة بتاريخ 12/6/1٤٢١ هـ، ولاحظت عليه عدة ملاحظات؛ لذا فقد أعادته إليه بموجب المحضر المؤرخ في 18/1/1٤٢٣ هـ لاستكمالها، كما زودته بمرفقات خطاب وزارة الصحة رقم (٧١٣٠) وتاريخ 7/9/1423 هـ، والبالغ عددها أحد عشر ملفا إفرنجيا؛ وذلك في المحضر المؤرخ في 11/2/١٤٢٣ هـ. وبتاريخ 9/6/1٤٢٣ هـ قدم المحاسب المشار إليه سابقا تقريرا إلحاقيا ضمنه الإجابة على ملاحظات الدائرة، بالإضافة إلى تقرير خاص بالغرامات والحسميات المطبقة على العمالة ومقاولي الباطن وكذا قطع الغيار، وبعد اطلاع الدائرة على التقرير أعادته إليه مرة أخرى لاستيفاء ما لوحظ؛ عليه فقدم تقريره في ١٧/ ٤/ ١٤٢٤هـ؛ فلاحظت عليه الدائرة أنه لم يرفق المستندات التي تثبت حقيقة ما صرفته المدعية على بند المستهلكات، وطلبت منه إرفاقها. وفي تاريخ 9/7/١٤٢٤ هـ ورد إلى الدائرة خطاب المحاسب رقم (١٣٧) وتاريخ 9/9/٢٠٠٣ م، الذي ذكر فيه أنه من خلال مراجعته لكافة وثائق ومستندات القضية المحالة له من الدائرة ومن طرفي الدعوى لم يتضح له أي اعتراض أو خلاف حول عرض أسعار المستهلكات المقدم من المدعية وفواتيرها المرفوعة للمدعى عليها أثناء سير المشروع؛ ثم انتهى في خطابه المشار إليه إلى أحقية المدعية فيما تطالب به عن بند المستهلكات، دون أن يقدم ما طلب منه، وهي الفواتير التي تثبت أن المدعية قد صرفتها على بند المستهلكات، فأعادت عليه مرة أخرى وطلبت تلك الفواتير؛ فورد خطابه المقيد بسجلات الديوان بتاريخ ١٨/7/1٤٢٤ هـ، والذي ذكر فيه أنه كتب لوكيل المدعية بخطابه رقم (٣٩٥/ ٢) وتاريخ 15/9/٢٠٠٢ م وطلب منه تزويده بما يثبت صرف موكلته على بند المستهلكات من فواتير وخلافه. وأنه قد أجابه بخطابه رقم (٤٣) وتاريخ ١٨/ ٧/ 1٤٢٤ هـ بقوله: (إن طلبكم صورة من التعميدات وفواتير الموردين للمستهلكات الآن وبعد انتهاء المشروع بسبع سنوات تقريبا لهو من باب التعجيز، ويقصد منه الإصرار على معاملة المستهلكات كقطع الغيار؛ وذلك يتعارض مع التفاهم الذي تم بين المدعية والمدعى عليها حسب الخطابات المتبادلة اللاحقة للعقد الموقع بينهما، وهي ذوات الأرقام (١٧٦) و (٣٤٥٨) و (١٠٦٤). ومع عقد وزارة الصحة الموقع مع المدعى عليها ومع تعليمات الوزارة للمدعى عليها، وبحسب الخطاب رقم (٦٤٣٦). وبخلاف العادة التي تجري عليها الأمور في حالة تأمين مستهلكات الصيانة وعند الاتفاق على قيمة مقطوعة للمستهلكات، ومقابل سدادها بأقساط زمنية متساوية، كما ورد في عقد الوزارة مع المدعى عليها وحسب تعليمات المدعى عليها للمدعية). وفي تاريخ ٢٧/ ٧/ 1٤٢٤ هـ ورد إلى الدائرة خطاب وكيل المدعية رقم (٤٩٥) وتاريخ ١٩/ ٥/ 1٤٢٤ هـ أورد فيه أنه أرفق للدائرة ما سبق أن أرفقته له موكلته بخطابها رقم (٣٥) وتاريخ ١٩ / ٥/ 1٤٢٤هـ من مستندات بشأن المستهلكات لاطلاع الدائرة؛ إلا أن الدائرة وبعد اطلاعها عليها تبين لها أنها مجرد صور ضوثية، فضلا عن أن معظمها صادر عن المدعية. وفي جلسة يوم الثلاثاء 18/8/1٤٢٤ هـ حضر وكيل المدعية….. كما حضر وكيل المدعى عليها…..، وقد ذكر هذا الأخير أنه بالنسبة للمستهلكات فإنه لم ترد في المستخلصات الشهرية حتى يمكن تعويض المدعية عنها أو صرفها لها، كما أن المدعية لم ترفع عنها أي شيء يتعلق بها لوزارة الصحة عندما كانت تخصم مستحقاتها مباشرة عن طريق الوزارة من المقاول الرئيس، هذا فضلا عن أنه ليس هناك أي فواتير أو مستندات معتمدة من قبل موكلته، مع أن هناك اتفاقا بين الطرفين على اعتماد الفواتير للمستهلكات كل ثلاثة أشهر- إن وجدت-، وذكر أن المحاسب قد نص على ذلك في الصفحة الرابعة من تقريره، وأضاف أنه بالنسبة لبند الحسميات التي قدرها بمبلغ (714.630) ريالا الموقعة من وزارة الصحة على موكلته، والتي لا تعترف بها المدعية؛ فإنها بسبب المدعية بدليل بيان الوزارة المذكور في صفحة (١٦) من تقرير المحاسب، وذكر بأن هذا البيان يتعارض مع ما أورده التقرير في الصفحة المذكورة؛ حيث لم ينسب هذه الحسميات لأي من طرفي الدعوى، وأن بيان وزارة الصحة قد حسم ذلك. وبعرض ذلك على وكيل المدعية عقب عليه بمذكرته المؤرخة في 4/9/١٤٢٤ هـ التي أورد فيها أن المحاسب تجاهل حقيقة هامة بالنسبة للغرامات، وهي أن أساسها ومصدرها شروط والتزامات عقود المدعى عليها مع الوزارة، وليس شروط ومواصفات عقد المدعية مع المدعى عليها التي لا تتضمن أي نص بخصوص هذه الغرامات؛ وبالتالي لا يمكن مطالبة المدعية بتحمل الآثار المترتبة على التزامات غيرها التي لا تعرفها ولم تناقشها أو تتفق عليها: وبالتالي لا تقبل موكلته بتلك الغرامات التي ذكرها المحاسب المنتدب في تقريره، ثم أورد وكيل المدعية أقوالا لم تخرج في الجملة عما سبق أن أورده في مذكراته السابقة. وفي جلسة يوم الاثنين 6/11/1٤٢٤هـ أكد الطرفان اكتفاءهما بما سبق أن ذكراه وقدماه في جلسات المرافعة، وأنه ليس لديهما شيء سواه، وفي جلسة يوم الاثنين 13/11/1٤٢٤ هـ أصدرت الدائرة حكمها رقم (١١٥/د/تج/٣ لعام 1٤٢٤ هـ) المتضمن في البند (أولا) من منطوقه إلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعية مبلغ (١٤/8.736.199) ريال، وفي البند (ثانيا) الإفراج عن الضمان البنكي رقم (…) وتاريخ ١٤١٧/٨/٧اهـ الصادر من البنك….. بمبلغ(1.000.000) ريال لصالح المدعية. وفي البند (ثائثا) الإفراج عن مبلغ (٨٦/ 3.170.761) ريال من مستحقات المدعى عليها المحتجزة لدى وزارة الصحة، وصرف المتبقى منها للمدعية، ورفض ما عدا ذلك من طلبات الطرفين، فاعترض طرفا الدعوى على ذلك حسبما جاء في لائحتي اعتراضهما، ولم تر فيهما الدائرة ما يستوجب العدول عما حكمت به فتم رفع الأوراق إلى هيئة تدقيق القضايا – الدائرة الثالثة- التي نظرها وأصدرت بشأنها حكمها رقم (٢٠٥/ت /٣ لعام 1٤٢٥ هـ) بنقض الحكم المشار إليه؛ وذلك بناء على الملاحظات التي سيرد ذكرها والإجابة عنها في أسباب الحكم. وبتاريخ 21/6/1٤٢٥ هـ أعيدت القضية إلى هذه الدائرة بناء على الملاحظات الواردة في حكم الهيئة، وبعد النظر في تلك الملاحظات أصدرت الدائرة حكمها التالي.
الأسباب
حيث إن المدعية تطلب في دعواها الماثلة إلزام المدعى عليها بأن تدفع لها مبلغ (٣٤/11.906.961) ريال، حسبما أورده وكيلها في لائحة دعواه والمذكرات اللاحقة لها، والذي يمثل باقي مستحقاتها عن الأعمال التي نقذتها من الباطن لصائح وزارة الصحة في مستشفيات كل من (آضم – القنفدة- شرورة- رابغ- الجبيل – الهفوف). وحيث إن المدعى عليها تطعن في تكييف المدعية للعلاقة التي بينهما، والتي ترى المدعية أنها عقد مقاولة بينما تكيفها المدعى عليها على أنها علاقة تأجير عماله من المدعية للمدعى عليها.. إلخ؛ فإنه قد اتضح للدائرة من المكاتبات المتبادلة بين الطرفين أن المدعى عليها قد مكنت المدعية من العمل قبل أن تتفق معها اتفاقا حاسما للنزاع، فهي قد خاطبت المدعية بخطابيها المؤرخين في 21/2/١٩٩٢م و 1/4/١٩٩٢ م طالبة منها تقديم عرضها عن أعمال الصيانة الطبية لمستشفى الجبيل الجديد ومستشفى الأمير سعود بن جلوي في الهفوف؛ فقدمت المدعية عرضها المؤرخ في 9/10/1٤١٢ هـ كايجاب منها؛ إلا أن المدعى عليها لم توافق عليه: فعرضت من جانبها إيجابا جديدا بخطابها المؤرخ في 13/4/١٩٩٢ م، فلم توافق عليه المدعية، وقامت من جانبها بإعداد مسودة عقد أرفقته بخطابها المؤرخ في 22/12/١٤١٢ هـ، وطلبت من المدعى عليها التوقيع عليها وإعادتها إليها، ثم ذيلت ذلك الخطاب بما نصه: (نرفق لكم مقترح للعقد المذكور للتوقيع عليه وإعادته إلينا، مع العلم بأنه ما لم يصلنا اعتراضكم على هذه الصياغة سيعتبر ذلك بمثابة قبول للعقد المرفق)، ثم أرسلت المدعى عليها خطابها المؤرخ في 27/1/1٤١٣ هـ للمدعية تبلغها فيه بموافقة وزارة الصحة على قبولها للعمل كمقاول من الباطن لتنفيذ أعمال الصيانة لمستشفى الجبيل ومستشفى الامير سعود بن جلوي بالأحساء وحيث لم يظهر من أوراق القضية ما يثبت اعتراض المدعى عليها على مسودة العقد المقترحة من جانب المدعية بشأن المستشفيين المذكورين أعلاه؛ لذا فإنها تعتبر ملزمة لها: وذلك بناء على القاعدة الشرعية (السكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان). وأما بالنسبة للمستشفيات الأربعة وهي: (آضم ورابغ والقنفذة وشرورة)؛ فإنه قد اتضح من أوراق القضية أن المدعية قدمت عرضها بخطابها رقم (٩٣٩) وتاريخ ٢٤ / ١٢ / 14١٣ هـ؛ فكان ذلك إيجابا منها لاقاه قبول مجمل من المدعى عليها بموجب خطابها رقم (٣٠٣) وتاريخ 5/10/١٩٩٢ م، والذي انتهت في بنده السادس إلى ما نصه: (يعتبر ذلك تعميدا لكم للبدء في تنفيذ العمل حسب التواريخ المحددة لكل مستشفى، مع موافاتنا بمسودة العقد التفصيلي لإكمال اللازم)، والذي بناء عليه أعدت مسودة العقد المقترحة من جانب المدعية وأرسلت نسخة منها للمدعى عليها رفق خطابها رقم (١٠٧١) وتاريخ 4/6/14١٣هـ وذلك للتوقيع عليها، إلا أن المدعى عليها قد التزمت جانب الصمت، وعندما ألحت عليها المدعية بوجوب توقيعها، وأرسلت لها نسخة أخرى رفق خطابها المؤرخ في ١/ ٧/ 1٤١٤هـ، أجابت المدعى عليها على ذلك الخطاب بخطابها رقم (٥٦١) وتاريخ 22/12/١٩٩٣ م، والذي أوردت فيه ما نصه: (نفيدكم بأنه قد تم استلامنا لخطابكم رقم (٢٢٣٤) وتاريخ 15/12/١٩٩٣ م، وذلك يوم 21/12/١٩٩٣ م بالبريد الممتاز، والمرفق به عقد الصيانة الطبية للمستشفيات الأربعة، وأنه جاري عمل التعديلات على العقد المعد من قبلكم وسنوافيكم بالمسودة فور الانتهاء)، إلا أنه ومع ذلك لم توقع المدعى عليها على مسودة العقد المقدمة لها من المدعية، ولم تقترح أي مسودة من جانبها حتى انتهت المدعية من تنفيذ ما ورد في بنود مسودة عقدها المشار إليه سابقا؛ مما يعتبر والحالة هذه أن مسودة ذلك العقد المقترح من جانب المدعية بشأن المستشفيات الأربعة المذكورة آنفا ملزمة للمدعى عليها، وليس لها التنصل منها أو مما ورد فيها من شروط؛ وذلك بناء على ما ذكر سابقا من أن القاعدة الشرعية تقضي بان: (السكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان)، هذا فضلا عن أن المدعى عليها قد مكنت المدعية من العمل قبل أن توقع معها أي عقد، وكان المفترض فيها أن لا تمكنها من العمل حتى تتفق معها اتفاقا جليا يحسم أي منازعات قد تثور مستقبلا، ولكن طاما أنها قد فرطت وأهملت في ذلك، بل والتزمت جانب الصمت بشأن ما اقترحته المدعية؛ فإنها تكون أولى بتحمل ما ينجم عن ذلك من حقوق والتزامات تجاه المدعية؛ وذلك على اعتبار أن المفرط أولى بالخسارة. وأما عن مطالبة المدعية بمبلغ (6.269.070) ريالا عن تكلفة العمالة ومقاولي الباطن؛ فإن المحاسب قد أورد في الفقرة (د) من صفحة (١٥) من تقريره بأنه قد تم الاتفاق بين طرفي الدعوى على أن تكلفة العمالة ومقاولي الباطن هي مبلغ (6.121.314) ريالا قبل إجراء الحسومات التي أوقعتها الوزارة على المدعى عليها عن ذلك البند، كما أورد في صفحة (٥) من ملحق التقرير المقدم للدائرة بتاريخ 9/6/1٤٢٣ هـ بأن الحسومات الواجب حسمها من مستحقات المدعية هي مبلغ (٨٦/455.765) ريال؛ وبناء عليه فإن ما تستحقه المدعية عن هذا البند هو (6.121.314 – ٦٨/455.765 =١٤/ 5.665.548 ريال)، ولا ينال من ذلك ما أثارته المدعية من أنه لا علاقة لها بتلك الحسميات.. إلخ؛ ذلك أن المحاسب قد أوضح في ملحق التقرير آنف الذكر أن المبلغ المحسوم على المدعية إنما يمثل نصيبها من أصل الحسميات التي أوقعتها الوزارة على المدعى عليها والبالغ قدرها (2.263.920) ريالا، وأنه بفحصه مستندات الطرفين تبين له أن المبلغ المحسوم على المدعية يمثل نصيبها من أعمالها التي باشرتها في المشروع محل الدعوى، والتي تتعلق بالعمالة ومقاولي الباطن وكذلك بند قطع الغيار؛ وذلك على اعتبار أن هذه الأعمال من مسؤوليتها؛ وبالتالي تتحمل ما ينجم عنها من تقصير ومنها الحسميات الماثلة. وأما عن مطالبة المدعية بمبلغ (4.928.525) ريالا عن تكلفة بند أتعاب المشتريات وقطع الغيار.. إلخ؛ فإن المحاسب قد أثبت في البند (رابعا) من صفحة (١٩) من تقريره أن قيمة مشتريات قطع الغيار هي مبلغ (4.928.525) ريالا، ثم أورد خلاف الطرفين على نسبة أتعاب مشتريات قطع الغيار البالغة (١٥%)، والتي ذكر في البند (٣/3) من صفحة (٢٠) من تقريره أن قيمتها تبلغ (739.278) ريالا، وأن المدعى عليها قد أقرت للمدعية بأتعاب المشتريات عن كل من (مستشفى اضم والقنفذة وشرورة ورابغ): وذلك بموجب خطابها رقم (٤٣٣) وتاريخ 25/11/١٩٩٢ م، وتمسكت بأحقيتها بأتعاب المشتريات عن كل من (مستشفى الجبيل، ومستشفى الامير سعود بن جلوي بالإحساء)، وقامت بحسم مبلغ (193.316) ريالا؛ وبالتالي يكون نتيجة ما أقرت به المدعى عليها للمدعية عن بند أتعاب المشتريات بموجب خطابها أنف الذكر وما أورده المحاسب في الصفحة (٢٠) من تقريره هي: (739.278 – 193.316 =545.962 ريالا)، وهو ما تستحقه المدعية عن تكلفة بند أتعاب المشتريات؛ وذلك بناء على أنه لم ينص العقد الخاص بالمستشفيين المذكورين أنفا على استحقاق المدعية لتلك الأتعاب؛ وبالتالي ليس لها حق المطالبة بها؛ مما تنتهي معه الدائرة إلى ان مجموع ما تستحقه المدعية عن بند أتعاب المشتريات وقطع الغيار هو (5.474.487) ريالا. وأما عن مطالبة المدعية بمبلغ (634.477) ريالا عن بند المستهلكات؛ فإن العقد الخاص بـ (مستشفى الأمير سعود بن جلوي بالأحساء. ومستشفى الجبيل) قد نص في الفقرة (ج) منه على أن: (يلتزم الطرف الأول -المدعية- بتأمين قطع الغيار والمواد المستهلكة على حساب الطرف الثاني -المدعى عليها – الذي يقوم بتسديدها وفقا لتعميدات وزارة الصحة وفواتير الطرف الأول أو الشركات الموردة، علما بأن المخصصات المرصودة لهذا الغرض هي (500.000)ريال للعام الواحد لكل مستشفى)، كما ، نصت الفقرة (ج) من عقد المستشفيات الأربعة (رابغ وشرورة وآضم والقنفذة) على أن: (يلتزم الطرف الأول -المدعية- بتأمين قطع الغيار والمواد المستهلكة على حساب الطرف الثاني – المدعى عليها – الذي يقوم بتسديدها وفقا لتعميدات وزارة الصحة وفواتير الطرف الأول أو الشركة الموردة، علما بأن مخصصات قطع الغيار تبلغ (1.500.000) ريال لثلاثة أعوام للمستشفى الواحد)، وبما أن المحاسب المنتدب قد أبدى رأيه باستحقاق المدعية لما تطالب به في هذا الشأن دون أن يرفق المستندات التي يثبت صرف المدعية على بند المستهلكات، والتي نص عليها العقد في الفقرتين المشار أعلاه، وعندما لاحظت عليه ذلك الدائرة، ونم رجوعه إلى وكيل المدعية، لم يستطع الأخير تقديم ما يثبت ذلك، وإنما اعتبر ذلك تعجيزا لمضي فترة طويلة -على حد تعبيره-على تنفيذ المشروع. وبما أنه لا يجوز بناء الحكم إلا على البينة، وهو ما عجزت المدعية عن إثباتها؛ لذا فإن الدائرة تنتهي إلى رفض هذه المطالبة. وأما عن مطالبة المدعية بمبلغ (4.789.701) ريال عن غرامات التأخير عن سداد مستحقاتها بنسبة (١%).. إلخ؛ فإن الثابت من الفقرة (ج) من عقد المستشفيات الأربعة سابقة الذكر أنها قد نصت على أن: (يتولى الطرف الثاني -المدعى عليها – الدفع لتكاليف العمالة والصيانة المتخصصة إضافة إلى فواتير قطع الغيار والمواد المستهلكة وغيره للطرف الأول -المدعية- في نهاية كل شهر هجري، وأي تأخير لذلك يتحمل المصاريف البنكية والبالغة (١%) في الشهر للمبلغ المتأخر)، كما نصت على ما ذكر أنفا الفقرة (ج) من عقد المستشفيين المشار إليهما سابقا؛ مما يتضح معه أن طرفي الدعوى قد اتفقا على أمور ربوية محرمة؛ وذلك على أساس أن غرامة التأخير لا تكون إلا على تنفيذ الأعمال وليس على التأخير في دفع قيمتها؛ إذ إن ذلك هو الربا بعينه، وقد نص الحديث الشريف عن النبي- صلى الله عليه وسلم -أنه قال: “المسلمون على شروطهم، إلا شزطا حرم حلالا، أو أحل حراما”: وبناء عليه فإن الدائرة تنتهي إلى بطلان ذلك الشرط؛ وبالتالي رفض هذا الطلب. وحيث إنه بالنسبة لمطالبة المدعى عليها تحميل المدعية مبلغ (254.529) ريالى عن رسوم مكالمات هاتفية واستخراج إقامات واستئجار سكن وخلافه، والتي تدعي المدعى عليها أنها تخص عمالة المدعية.. إلخ؛ فإن المحاسب قد أورد في الصفحة (٢٨) من تقريره أنه تمت مراجعة الكشف والمستندات المرفقة به، وتبين أنها عبارة عن سندات صرف من الشركة المدعى عليها، وعند مطابقتها مع المبالغ المذكورة وجدها مطابقة، إلا أنه قد ذكر بأنه لم يتضح له ما إذا كانت هذه المستندات تخص المشاريع محل الخلاف أم لا: لعدم توفر ما يثبت ذللك، والدائرة ترى أنه بما أن المدعى عليها تستطيع إثبات أنها تخص عمالة المدعية، وفي المشاريع محل هذه الدعوى؛ فإنه لا يمكن الحكم لها بما تطالب به في هذه الجزئية، وحتى على فرض ثبوتها فإن الفقرة (ج) من عقد المستشفيين، وكذلك الفقرة (ج) من عقد المستشفيات الأربعة المشار إليها سابقا قد نصتا صراحة على أن: (يتولى الطرف الثاني- المدعى عليها- الدفع لتكاليف العمالة…)، والتكاليف هنا مطلقة تشمل المرتبات والسكن واستخراج الاقامات وخلاف ذلك؛ ومما يؤيد هذا التفسير أن المدعى عليها لم تثر هذه الجزئية أو تطالب بها أثناء فترة تنفيذ العقد، وإنما أثارتها بعد إقامة هذه الدعوى؛ مما يعتبر قرينة على قناعتها بأنها هي المسؤولة عن ذلك؛ وإلا لأثارت هذا الادعاء في حينه، وليس بعد نشأة النزاع بينهما، هذا فضلا عن أن ما قدمته في هذا الشأن هو من صنعها. والقاعدة في ذلك أن المرء لا يصطنع الدليل لنفسه؛ مما تنتهي معه الدائرة إلى رفض طلب المدعى عليها في هذا الشأن، أما بقية مطالبات المدعى عليها والتي أشار إليها المحاسب في الصفحة (3٠) من تقريره فقد تمت مناقشتها عند الفصل في طلبات المدعية ولا داعي لتكرارها، وحيث يتضح مما سبق تفصيله ومناقشته أن المدعية تستحق على المدعى عليها ما يلي: ١ – مبلغ (١٤/5.665.548) ريال عن بند تكلفة العمالة ومقاولي الباطن. ٢ – مبلغ (5.474.487) ريالا عن بند تكلفة أتعاب المشتريات وقطع الغيار؛ ليصبح مجموع ما تستحقه المدعية عما تطالب به في هذه القضية هو مبلغ (14/11.140.035) ريال، وبحسم ما اتفق الطرفان على أنه قد سدد للمدعية، وهو مبلغ (2.403.836) ريالا؛ يكون الباقي لها من جملة ما تستحقه هو (١٤/ 8.736.199) ريال؛ وهوما تنتهي الدائرة إلى الحكم به للمدعية. وأما عن الضمان البنكي الصادر من الإدارة الإقليمية لبنك….. بالمنطقة الغربية برقم (…) وتاريخ 7/8/١٤١٧ هـ بمبلغ قدره (1.000.000) مليون ريال؛ بناء على طلب المدعية؛ لتقديمه للدائرة كضمان لأي أضرار قد تلحق المدعى عليها بسببالحجز على مستحقاتها لدى وزارة الصحة.. إلخ؛ فإنه لم يعد هناك مبرر لبقائه: مما تنتهي معه الدائرة إلى الإفراج عنه. وحيث إنه بالنسبة للحكم الصادر من هذه الدائرة برقم (٤٢/ د / تج / ٣ لعام 14١٧ هـ) والمتضمن إيقاع الحجز الاحتياطي على مبلغ (11.906.961) أحد عشر مليونا وتسعمائة وستة آلاف وتسعمائة وواحد وستين ريالا من مستحقات المدعى عليها لدى وزارة الصحة؛ فإنه وبناء على ما انتهت إليه الدائرة بشأن مستحقات المدعية الثابتة في ذمة المدعى عليها والبالغ قدرها (١٤/8.736.199) ريال؛ فإنها تقضي بصرف ذلك المبلغ للمدعية محسوما من مستحقات المدعى عليها لدى الوزارة المشار إليها أعلاه، والإفراج عن مبلغ (٨٦/3.170.761.761) ريالى لصالح المدعى عليها، ولا ينال مما انتهت إليه الدائرة ما لاحظته هيئة التدقيق الموقرة -وفقها الله- في البند (١) من ملاحظاتها على حكم الدائرة المشار إليه سابقا بشأن مسودتي العقد اللتين أعدتهما المدعية، واعتبار الدائرة لهما بمثابة العقدين، ومناقشة طلبات المدعية بناء عليها، وما رأته الهيئة من أن ذلك في غير محله؛ على اعتبار أن الوصف الذي يصدق عليهما أنهما مجرد اقتراحات وآراء لا ترقى إلى درجة العقد.. إلخ؛ ذلك أن الدائرة ترى أن الإيجاب والقبول في تولي المدعية لمقاولة الباطن محل العقد قد تم بين طرفي الدعوى؛ بدليل سعي المدعى عليها لوزارة الصحة لقبول المدعية كمقاول من الباطن، وتسليمها موقع المشروع، وتمكينها من العمل، كل ذلك يدل على تلاقي الإيجاب والقبول، وإلا نا حدث شيء من ذلك، أما مسودتي العقدين المشار إليهما سابقا فإنهما قد تضمنتا شروط العقدين، والتي اعتبرتهما الدائرة ملزمتين للمدعى عليها، ليس بناء على انقضاء مهلة الأسبوع التي حددتها المدعية، وإنما بناء على السكوت المطلق للمدعى عليها بعد استلامها لتلك المسودتين؛ إذ لو كان لديها اعتراض لأبدته وقت تنفيذ المدعية لأعمال المشروع لقدرتها على ذلك، ولعدم وجود المانع أو العذر الشرعي. والذي لم تبد أو تدع به في أي مرحلة من مراحل الدعوى، وحيث إن مما يؤيد ما ذهبت إليه الدائرة ما يلي: ١ – أنه عندما مددت الوزارة عقد المشروع ورشحت المدعى عليها المدعية، وطلبت منها الاستمرار في العمل معها خلال مدة التمديد بنفس شروط العقد القديم، أو الموافقة على نقل كفالة العمالة الفنية، ولم تنكر المدعى عليها ذلك، وإنما ادعت أن ذلك يؤكد أن الاتفاق ليس مقاولة، وأنه لو كان العقد مقاولة لما طلبت من المدعية نقل كفالة العمالة على ما تدعيه. ٢ – ما نص عليه في المستخلصات التي رفعتها إدارة الشؤون الصحية والمستشفيات طول مدة تنفيذ المشروعين، وجميعها تدل على أن مقاول الباطن هو المدعية، وعندما أثار ذلك وكيل المدعية سكت عنه وكيل المدعى عليها ولم يعقب عليه.٣ – ما أورده صاحب كتاب (درر الحكام في شرح مجلة الأحكام ١ /٦٦)، من أن القاعدة كما وردت (لا ينسب لساكت قول، لكن السكوت في معرض الحاجة بيان)، وأن الجزء الأول من تلك القاعدة هو الأصل، والجزء الثاني استثناء منها في مواضع تدعو الضرورة إليه، ومن هذه الضرورة السكوت لدى الحاجة إلى البيان؛ بما يدل على أن كون السكوت بيانا لحال المتكلم، أي الذي شأنه التكلم في الحادثة، لا أنه المتكلم بالفعل، ثم ذكر أمثلة للجزء الثاني (المستثنى) ومنها: أنه إذا كان عند رجل راع يرعى له غنمه، وقالى له: إني لا أرعى غنمك بمائة قرش أجرة سنوية، بل أريد مائتين، فسكت صاحب الغنم، وبقي الراعي يرعى؛ فيكون صاحب المال قد قبل استئجار الراعي بمائتي قرش، ويلزمه دفع المائتين، وهو ما أخذت به معظم النظم العربية عند وجود تعامل بين الطرفين؛ مما تنتهي معه الدائرة إلى حجية الشروط الواردة في مسودتي العقدين في حق المدعى عليها، والتي لا يجوز لها التنصل مما ورد فيها من حقوق والتزامات. وأما عن ملاحظة الهيئة الموقرة وفقها الله – الواردة في البند (٢) من ملاحظاتها وهي أنه جاء في الصفحة (١٥) من تقرير المحاسب….. أن هناك بعض الفترات لم يقدم عنها شهادات إنجاز من قبل وزارة الصحة عن عمالة المدعية ومقاولي الباطن.. إلخ: فإن الدائرة لا تسلم بتلك الملاحظة؛ لكون القضاء مبني على الظاهر، والذي ظهر للدائرة من عدم تقديم شهادات الإنجاز عدم تنفيذ العمل، ومن يدعي خلاف ذلك فعليه الإثبات، ولم تقدم المدعية ما يخالف ذلك، هذا فضلا عن أنها لم تعترض على ذلك في لائحة اعتراضها على حكم الدائرة الصادر في هذا الشأن. وأما عن ملاحظة الهيئة الموقرة – وفقها الله – في البند (٣) بشأن عدم الحكم للمدعية بما تطالب به بشأن بند المستهلكات البالغ قيمته (634.477) ريالا، وأن ذلك محل نظر على اعتبار أن المدعى عليها لم تنكر من حيث المبدأ عدم صحة المطالبة بالنسبة لمستشفى كل من الجبيل والأحساء.. إلخ؛ فإن الدائرة لا تسلم بتلك الملاحظة، وذلك أنه مع عدم إنكار المدعى عليها مبدأ المطالبة، إلا أنها اشترطت على المدعية أن تقدم لها الفواتير في نهاية كل ثلاثة أشهر للاعتماد والصرف، وقد أشار المحاسب إلى ذلك في الصفحة (٢٢) من تقريره، وطالما أن النص الشرعي يقضي بأن: (المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرام حلالا)؛ فإن الذي ظهر للدائرة أن المدعية لم تتقيد بشرط تقديم الفواتير حسبما اشترطته المدعى عليها، بل فرطت بالاحتفاظ بمستنداتها بالرغم من أنها قد انتهت من تنفيذ أعمالها في عام (١٤١٦هـ)، وأقامت دعواها في عام (1٤١٧ هـ) وكان المفترض فيها أن تحافظ على تلك المستندات، لاسيما وأنها بصدد دعوى أقامتها أمام القضاء؛ لذا فإن ادعائها بأن المطالبة بالمستندات بعد مضي هذه المدة تعجيز على حد تعبيرها – هي حجة لا وجه لها إذ المفرط أولى بالخسارة. وأما عن ملاحظة الهيئة الموقرة – وفقها الله – في البند (٤) بشأن عدم حكم الدائرة للمدعى عليها بمبلغ (254.529) ريالا عن رسوم المكالمات الهاتفية واستخراج الإقامات، وما ذكرته الهيئة من أن الدائرة قد ارتكنت في حكمها على ما أسمته بالعقدين.. إلخ؛ فإن الإجابة عن الملاحظة الواردة في البند (١) تشمل الإجابة عن تلك الملاحظة، هذا فضلا عن أن المدعى عليها لم تقدم ما يثبت أنها خاصة بعمالة المدعية، ولم يتضح للخبير المنتدب شيء من ذلك. وأما عن ملاحظة الهيئة الموقرة وفقها الله- في البند (٥) من ملاحظاتها، وهي أن الفقرة (ثالثا) من منطوق الحكم قد اكتنفها غموض في فهم جملة (وصرف المتبقي منها).. إلخ؛ فإن هذه الملاحظة لها وجاهتها، وسيتم تلافيها في منطوق الحكم. وحيث لم تر الدائرة فيما لاحظته الهيئة الموقرة -وفقها الله- ما يدعو للعدول عما سبق أن حكمت به؛ لذا وبعد الدراسة والمداولة والتأمل حكمت الدائرة بما يلي: أولا: إلزام المدعى عليها شركة….. بأن تدفع للمدعية شركة….. مبلغ (١٤/8.736.199) ثمانية ملايين وسبعمائة وستة وثلاثين ألفا ومائة وتسعة وتسعين ريالا وأربع عشر هللة، وأن يحسم ذلك من مستحقات المدعى عليها المحتجزة لدى وزارة الصحة، ويصرف للمدعية. ثانيا: الإفراج عن المبلغ المتبقي من مستحقات المدعى عليها المحتجز لدى وزارة الصحة ومقداره (٨٦/3.170.761) ثلاثة ملايين ومائة وسبعين ألفا وسبعمائة وواحد وستين ريالا وست وثمانين هللة. ثالثا: الإفراج عن الضمان البنكي رقم (…) وتاريخ 7/8/١٤١٧ هـ الصادر من البنك….. بمبلغ ميلون (1000.000) ريال، ورفض ما عدا ذلك من طلبات الطرفين؛ لما هو مبين بالأسباب. والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
هيئة التدقيق
حكمت الهيئة: بتأييد الحكم رقم (٢٠٩/ د/ تج / ٣ لعام ١٤٢٥هـ) والصادر في القضية رقم (٤٨٢/1/ق لعام ١٤١٧هـ)، فيما انتهى إليه من قضاء.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.