القضاء التجاري / اختصاص اداري
رقم القضية ٥٣٣/1 / ق لعام ١٤١٣هـ
رقم الحكم الابتدائي ٣٣/د/إ/٩ لعام ١٤١٣ هـ
رقم حكم هيئة التدقيق ١٧٠ /ت /١ لعام ١٤١٣هـ
تاريخ الجلسة 24/11/١٤١٣ هـ
الموضوعات
اختصاص ولائي- المنازعات التي تثور بين الوزارات والمصالح الحكومية فيما بينها – الأصل التاريخي لنشأة القضاء الإداري.
مطالبة المدعي (وزارة البرق والبريد والهاتف) بإلزام أمانة مدينة جدة بالتعويض عن الأضرار التي أصابتها جراء قيام الأمانة بهدم جزء من المباني الخاصة بأحد مشروعاتها – اختصاصات ديوان المظالم محددة وواضحة وبالتالي تقتصر ولايته القضائية بصفته هيئة قضاء إداري على المنازعات الإدارية التي تثور بين الأفراد وبين الجهات الإدارية، ومن ثم فلا تمتد تلك الولاية بطبيعتها لتشمل الفصل فيما اختلفت فيه الوزارات والمصالح الحكومية إذ إنها جميعها يضمها كيان إداري واحد وكيان مالي واحد وهي فروع لشخصية واحدة هي الدولة، وقد أسند النظام إلى رئيس مجلس الوزراء ولاية التوجيه والتنسيق والتعاون بين مختلف تلك الوزارات بما يضمن الوحدة في أعمال المجلس أثر ذلك: عدم الاختصاص الولائي للديوان بنظر الدعوى.
الأنظمة واللوائح
المادة (٥٨) من النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم (أ/ ٩٠) وتاريخ 27/8/1412هـ.
المادة (٨/ ٤٤) من نظام مجلس الوزراء الصادر بالمرسوم الملكي رقم (٣٨) وتاريخ 22/10/1377 هـ.
المادة (١٣/ب) من نظام حماية المرافق العامة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / ٦٢) وتاريخ 2/12/١٤٠٥ هـ.
الوقائع
تتلخص وقائع الدعوى – حسبما يظهر من أوراقها – بالقدر اللازم للحكم فيها بأنه في تاريخ1/3/ ١٤١٣ هـ ورد إلى فرع ديوان المظالم بجدة خطاب مدير عام المنطقة الغربية للاتصالات رقم (425/24/80) وتاريخ ٢٨/٢/14١٣ هـ وبرفقة لائحة دعوى مقامة من وزارة البرق والبريد والهاتف ضد أمانة مدينة جدة ذكرت فيها بأنه بتاريخ 6/2/1403هـ تم التعاقد بين وزارة البرق والبريد والهاتف ومؤسسة (…) العالمية لإنشاء مباني وإجراء تحسينات بموقع المحطات الساحلية بجدة وإقامة مركز مراقبة بقيمة إجمالية قدرها أربعة ملايين وسبعمائة وثمانية وأربعون ألفا وستمائة وسبعون ريالا في مدة أربعة عشر شهرا تبدأ من تاريخ تسليم الموقع الذي تم في 28/1/1403هـ وأن المقاول تم إيقافه مرة من قبل سلاح الحدود ثم من أمانة مدينة جدة ثم صدر أمر نهائي من أمانة مدينة جدة في 10/7/١٤٠٣ هـ بالإيقاف عن العمل وبتاريخ 17/8/1403هـ قامت أمانة مدينة جدة بهدم جزء من مباني المشروع عبارة عن أحد المباني في الموقع وخمس قواعد من المباني ثم تقدم المقاول إلى ديوان المظالم بالمطالبة بالتعويض عن ذلك فصدر حكم الديوان رقم (٢٧/ د / إ/٩) لعام ١٤١٢هـ القاضي أولا: بإلزام وزارة البرق والبريد والهاتف بتعويض المدعية مؤسسة (…) العالمية عن الأضرار التي لحقتها بمبلغ (٤٠٩٨٣٠٨٦) أربعمائة وتسعة آلاف وثمانمائة وثلاثين ريال وستة وثمانين هللة وثانيا: بإلزام المدعية بتكملة بناء المشروع محل العقد – وثالثا: برفض باقي طلبات المدعية المقدمة بجلسة 5/2/1412هـ وأضافت المدعية في لائحة دعواها بأن الدائرة التي أصدرت الحكم أكدت في أسباب حكمها على أن أمانة مدينة جدة قد أخطأت وخالفت النظام بهدمها للمنشآت التي أقامتها المدعية لحساب وزارة البرق والبريد والهاتف ويحق للوزارة مطالبتها والرجوع عليها بالتعويضات عن الضرر الذي لحقها وبعد أن تأييد حكم الدائرة بقرار هيئة التدقيق الدائرة الأولى برقم (١٣٠/ت /١) وتاريخ 22/8/1412هـ وأصبح الحكم نهائيا واجب النفاذ – وبعد أن ثبتت مخالفة أمانة مدينة جدة لنظام الطرق والمباني وقد أيد ذلك حكم الديوان ولتعسف الأمانة المدعى عليها في استعمالها لسلطتها وقامت بهدم مباني تتعلق بمشروع حيوي مهم يخدم المصلحة العامة – مما يعرضها إلى ما ترتبه المسؤولية التقصيرية من آثار طبقا لما أوضحه حكم الديوان في أسبابه الصفحة السادسة عشر منه – حيث رأت الدائرة أنه: (ولئن كانت أمانة مدينة جدة هي التي أخطأت وخالفت النظام بهدمها المنشآت التي أقامتها المدعية لحساب وزارة البرق والبريد والهاتف). ولما كانت علاقة السببية بين الخطأ الذي ارتكبته الأمانة والضرر الذي لحق بالوزارة قائمة إذ إنه لولا خطأ الأمانة لما ترتب هذا الضرر وبذلك تكون قد توافرت أركان المسؤولية التقصيرية – وانتهت المدعية إلى أنها تلتمس الحكم على أمانة مدينة جدة بتعويض الوزارة عن الأضرار التي لحقت بها والمتمثلة فيما لحقها من خسارة وما فاتها من كسب وما لحقها من خسارة تتمثل في مبلغ التعويض المحكوم به على الوزارة لصالح مؤسسة (…)وهو (409.830.86) ريالا وأما ما فاتها من كسب فيتمثل في الريع الضائع من وراء عدم تشغيل تلك المحطات مدة ثمان سنوات تقريبا على نحو ستقوم المدعية بتفصيله أثناء نظر الدعوى – فقيدت هذه اللائحة بقيد القضايا تحت رقم (٥٣٣/1/ق) لعام 1٤١٣ هـ ثم أحالها معالي نائب رئيس الديوان إلى الدائرة بشرحه على بطاقة الإحالة في ٩/ ٤/ 1٤١٣ هـ فباشرت الدائرة نظرها وحددت لذلك جلسة الأحد ٢٨/ ٥/ 14١٣ هـ وأبلغت الجهات المعنية والمدعية والمدعى عليها بخطاب الديوان رقم (١٥٤٢/2) وتاريخ 24/4/١٤١٣هـ وبجلسة الأحد ٢٨/ ٥/ 14١٣ هـ حضر عن المدعية كل من المهندس (…) والأستاذ (…) والأستاذ (…)- وطلبت منهم الدائرة ما يثبت ادعاؤهم باختصاص الديوان بنظر هذه الدعوى فطلبوا أجلا لذلك، وبجلسة 19/6/1413هـ قدم الحاضرون عن المدعية صورة من خطاب معالي نائب رئيس ديوان المظالم رقم (١١٤٠٣/1) وتاريخ 30/10/١٤١١هـ ومرفق به صورة من الحكم رقم (٨٦/ د / ج /١١) لعام ١٤١١هـ كدليل على اختصاص الديوان بنظر المنازعة. وبجلسة 19/7/١٤١٣ هـ قدم ممثل أمانة مدينة جدة المدعى عليها مذكرة دفاع أوضح فيها بأن المدعية قد أخطأت هي والمؤسسة التي تعاقدت معها (مؤسسة (…) حيث بدأت العمل قبل حصولها على الترخيص اللازم ولم يستثن النظام إلا الرسوم دون الترخيص، كما هو واضح من المادة (١٥٨) وكذلك المادة (٤٣) من نظام الطرق والمباني، وأضاف بأنه على افتراض التسليم بما انتهت إليه المدعية في لائحة دعواها فإنه كان يتعين عليها أن تبحث الموضوع مع مقام الوزارة بحثا إداريا ليتم تسويته بين الجهتين بعد تحديد الجهة المتسببة في البدء في ارتكاب الخطأ وما ترتب عليه من ضرر لأنه من المبادئ العامة أن المنازعات بين الجهات الحكومية لا تخضع للقضاء استنادا إلى مبدأ وحدة الذمة المالية المتمثلة في الخزينة العامة للدولة والتي تعتبر إيرادات ومصروفات الجهتين جزء لا يتجزأ من الخزينة العامة للدولة، ثم انتهت إلى طلب رفض الدعوى لعدم قيامها على سند صحيح من الواقع والنظام وبجلسة 18/8/١٤١٣هـ قدم ممثلو المدعية مذكرة أشاروا فيها إلى وقائع الدعوى وبينوا أسانيدهم المؤيدة لدعواهم وأنهم استندوا على ركيزتين- الأولى الركيزة النظامية وهي المواد (٢٠ / هـ – ٣٢ – ٣٤) من نظام الطرق والمباني – والركيزة الثانية القضائية وهي مستمدة من حكم الدائرة رقم (٢٧/ د / إ/٩) لعام ١٤١٢هـ والمؤيد من التدقيق برقم (١٣٠ / ت / ١) لعام ١٤١٢هـ والذي أفاد بخطأ الأمانة المدعى عليها ومخالفتها النظام بهدمها المنشآت التي أقامتها المدعية لحساب الوزارة – ثم أضافت المدعية بأنه لا مجال لاستبيان خطأ الوزارة في تحديد تاريخ بداية تنفيذ العقد وما تضمنته المادة (١٧) منه على ربطه بالحصول على الترخيص طالما ارتضيا شروط العقد كلا المتعاقدين وليس لمن ليس له مصلحة كأمانة مدينة جدة مثلا في التدخل في العقد- كما أن سبق للديوان الفصل في القضية التي كانت بين الطرفين، ثم أضافت المدعية أن ما تستند إليه المدعى عليها وتهدف إليه لتفنيد دعوى المدعية هو في الواقع لا صحة له ، ثم شرحت المدعية بعض الملابسات في موضوع الدعوى موضحة أنه تم البناء بعلم المدعى عليها والتنسيق بينهما بتبادل المكاتبات – ثم أضافت بأن المدعى عليها أنهت مذكرتها بافتراضها التسليم بالحق المطالب به في لائحة الدعوى وأنه كان على المدعية بحث الموضوع مع مقام الوزارة بحثا إداريا بحسب أنه منازعة بين جهتين حكوميتين ولا يخضع للقضاء والرد على ذلك أنه لا يضير المدعى عليها طرح الموضوع لعدالة القضاء فهو حق للجميع طالما أن ذلك من اختصاصه وكان الملتجئ ذو صفة وتتوفر فيه شروط المصلحة في الدعوى حسما للأمور وتحديد الجهة الخاطئة بموجب حكم قضائي صادر من محكمة الموضوع – كما أن دفع المدعى عليها جار بعد أوانه وبعد قبول الدعوى وقيدها ثم انتهت المدعية إلى طلب الحكم على أمانة مدينة جدة بتعويض الوزارة عن الأضرار التي لحقت بها والمتمثلة في مبلغ التعويض المقضى به على الوزارة لصالح مؤسسة (…) وقدره (409.830.86) ريالا فسلمت الدائرة صورة مما قدمته المدعية للحاضر عن المدعى عليها وبعد اطلاعه عليها قرر بأنها ترديد لما سبق وتمسك بما قدمه سابقا، ثم اطلعت الدائرة على الأوراق وأصدرت الحكم بعدم الاختصاص الولائي للديوان في نظر هذه الدعوى لما يلي من.
الأسباب
حيث إن الدعوى مقامة من وزارة البرق والبريد والهاتف ضد أمانة مدينة جدة بشأن المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أصابتها بسبب المدعى عليها. وحيث إنه يتعين على الدائرة قبل فصلها في موضوع الدعوى أن تستظهر إن كانت مختصة بنظرها أم أنها غير مختصة باعتبار ذلك من المسائل الأولية المتعلقة بالأصل العام للولاية القضائية التي تنظرها الدائرة من تلقاء نفسها. وحيث إن الاختصاصات التي نص عليها المادة الثامنة من نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/٥١) وتاريخ 17/7/1402 هـ جاءت من الشمول بحيث أصبح لديوان المظالم الاختصاص العام للفصل في المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها سواء كان مثارها قرارا أم عقدا أم واقعة (فقررت أ- ب ج- د) ثم جاءت الفقرة (ز) فلم تضف جديدا لاختصاص الديوان إلا أن الفقرة (٤) نصت على اختصاص الديوان بالدعاوى التي يوكل إليه النظر فيها بموجب نصوص نظامية خاصة ومن ثم فقد جاءت اختصاصات الديوان محددة وواضحة بحيث أصبح الديوان هو جهة القضاء الإداري على النحو الوارد النص عليه في المادة (الثامنة) وغيرها مما ورد بشأنه أنظمة خاصة وبالتالي تقتصر ولايته القضائية بصفته هيئة قضاء إداري على المنازعات الإدارية التي تثور بين الأفراد وبين الجهات الإدارية وقد أظهرت ذلك المذكرة الإيضاحية لنظام الديوان ومن ثم فلا تمتد تلك الولاية بطبيعتها لتشمل الفصل فيما اختلفت فيه الوزارات والمصالح الحكومية إذ إن أجهزة ومصالح الحكومة جميعها ينظمها كيان إداري واحد وكيان مالي واحد إذ هي فروع لشخصية واحدة هي الدولة وتستمد مواردها من الميزانية العامة للدولة وقد أسند نظام مجلس الوزراء إلى رئيس مجلس الوزراء ولاية التوجيه والتنسيق والتعاون بين مختلف تلك الوزارات بما يضمن الوحدة في أعمال المجلس بموجب نص المادتين (٨/ ٤٤) منه، والمادة (٥٨) من النظام الأساسي للحكم، ومن ثم ينظر المقام السامي في أية منازعة إدارية تثور بين مصالح الدولة بموجب ولايته الرئاسية على تلك الأجهزة ويتم حسمها على ضوء توجيهاته. وحيث إنه فضلا عما تقدم فإن الغرض من إنشاء ديوان المظالم كجهة قضاء إداري بحسب أصله التاريخي هو الفصل في المنازعات التي تثور بين الأفراد وجهات الإدارة بسبب جور عمال الدولة وتعسفهم في استعمال الحق وليس الفصل في المنازعات بين الجهات الإدارية التي تتساند وتتعاضد في سبيل المصلحة العامة وتخضع في جميع تصرفاتهم للأنظمة وتعليمات وتوجيهات ولي الأمر على وجه ينتفي قيام المطالبة بينهما ومن ثم لا يختص الديوان ولائيا بنظر تلك المطالبة المقدمة من وزارة البرق والبريد والهاتف ضد أمانة مدينة جدة ما لم يصدر نص خاص ينظم تلك الولاية ولا ينال من قناعة الدائرة ما تمسكت به المدعية من أن المادة (الثامنة) من نظام الديوان جاءت عامة دون تحديد نوعية خاصة من الدعاوى الواجب نظرها أمام الديوان والتي يجب أن يؤخذ على إطلاقه طالما لم يرد نص خاص بتخصيصه إذ إن ذلك مردود عليه بما تضمنته تلك المادة على سبيل الحصر، وبما تضمنته المذكرة الإيضاحية لنظام الديوان في البند الرابع منها من النص على أنه (قد يصدر قرارات مخالفة للنظم والتعليمات من المسؤولين في الجهة الإدارية التي تدير المرفق العام أو ينشأ نزاع بسبب تنفيذ العقود الإدارية التي تكون هي طرفا فيها، ولذلك كان لابد أن يعهد صراحة إلى ديوان المظالم بالفصل في المنازعات التي تثور بين الجهات الإدارية والأفراد) كما لا ينال من عدم اختصاص الديوان بنظر هذه المنازعة ما تمسكت به المدعية من سبق قبول الدعوى المقامة من بلدية الخبر ضد وزارة البرق والبريد والهاتف المقيدة بالديوان قضية برقم (96/3 /ق) لعام ١٤١٠هـ والتي انتهت بالحكم رقم(٨٦/د/ جـ / ١١) لعام ١٤١١هـ إذ إن الدائرة قد نظرتها بصفتها هيئة قضاء جزائي و مارستتلك الولاية بموجب نص خاص ورد في المادة (١٣/ب) من نظام حماية المرافق العامة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٦٢) وتاريخ 2/12/١٤٠٥ هـ إذ نصت أنه (يجوز التظلم من القرار الصادر بالتعويض أو الغرامة أمام ديوان المظالم خلال ستين يوما من تاريخ إبلاغ المخالف للقرار – وهذا النص الخاص يطبق في حالات التظلم من القرارات الجزائية لمخالفة نظام حماية المرافق العامة دون أن ينبسط على غيرها من المنازعات الإدارية التي لم ينظمها اختصاص الديوان مما نص عليه في المادة الثامنة من نظامه ومن ثم فلا محل لاستناد المدعية وتمسكها بهذا الحكم للقول بالاختصاص الولائي لديوان المظالم في نظر المنازعات التي تثور بين الجهات الحكومية ما لم يرد نص بذلك.
لذلك حكمت الدائرة: بعدم الاختصاص الولائي للديوان بنظر هذه الدعوى.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
هيئه التدقيق
حكمت الهيئة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.