القضاء التجاري / تقاعد خدمة مدنية معاش تقاعدي
رقم القضية ١٦٠٣/ ١/ ق لعام ١٤٢٠ هـ
رقم الحكم الابتدائي ٧ / د/ف / ١٣ لعام ١٤٢١ هـ
رقم حكم هيئة التدقيق ١٨٤ /ت /١ لعام ١٤٢١هـ
تاريخ الجلسة 16/9/١٤٢١هـ
الموضوعات
تقاعد , مدني , قاض , معاش تقاعدي , إنهاء الخدمة للانقطاع عن العمل , شرط صرف المعاش التقاعدي لمن أنهيت خدمته بأمر سام
مطالبة المدعي بإلزام المدعى عليها بصرف معاش تقاعدي له – قرر نظام التقاعد المدني استحقاق الموظف المنتهية خدمته بأمر سام معاشا تقاعديا متى بلغت خدمته المحسوبة خمس عشرة سنة على الأقل – الثابت إنهاء خدمة المدعي البالغة خمس عشرة عاما في السلك القضائي بموجب أمر ملكي وذلك لانقطاعه عن العمل، ما يعني استحقاق المدعي للمعاش التقاعدي – عدم وجاهة احتجاج المدعى عليها من أن صرف معاش تقاعدي لمن انتهت خدمته بسبب الانقطاع عن العمل يجعله في وضع أفضل من زميله الذي تنتهي خدمته بسبب الاستقالة؛ لكون المستقيل قد أفصح عن رغبته بطلب الاستقالة وهو يعلم بما يترتب على ذلك من استحقاقات تقاعدية له بخلاف من انقطع عن العمل فهو لا يرغب في الاستقالة ولكن انقطع لأسباب تختلف من شخص لاخر- أثر ذلك: إلزام المدعى عليها بصرف معاش تقاعدي للمدعي.
الأنظمة واللوائح
المادة (١٨) من نظام التقاعد المدني الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٤١) وتاريخ 29/7/١٣٩3هـ
الوقائع
تتلخص وقائع هذه القضية في أن المدعي (…) تقدم بدعوى ضد مصلحة معاشات التقاعد قيدت بوارد الديوان برقم (٦١٢٩/2) في 28/11/1٤٢٠١هـ ثم أحيلت إلى هذه الدائرة بتاريخ 20/12/١٤٢٠هـ حيث باشرت الدائرة نظرها بتحديد جلسة يوم الاثنين 26/1/1٤٢١هـ، وفيها حضر المدعي (…)- يحمل بطاقة الأحوال الصادرة من الرياض برقم (…) – كما حضر ممثل المدعى عليها مصلحة معاشات التقاعد (…) وبسؤال المدعي عن دعواه؟ قدم ملخصا لم يخرج عن لائحة دعواه والتي ضمنهاقوله: (إنني التحقت بالعمل الوظيفي بالسلك القضائي بتاريخ 11/10/١٤٠٢هـ ثم أحلت إلى التقاعد في3/9/١٤١٩هـ عن خدمة مدتها ست عشرة سنة وتسعة أشهر بالأمر الملكي رقم (أ/ ١٥٥) في 1/7/١٤٢٠هـ. وبعد إحالة أوراقي إلى المدعى عليها قررت لي مكافأة لمرة واحدة، وقد تظلمت من هذا الإجراء؛ حيث إنني استحق معاشا تقاعديا بموجب المادة (١٨) من نظام التقاعد المتضمنة أن من انتهت خدماته بموجب أمر سام وقد بلغت خدمته خمس عشرة سنة استحق معاشا تقاعديا، كما أنه يتم تعيين القاضي وإنهاء خدمته بأمر ملكي بناء على التوصية من مجلس القضاء الأعلى، وفي حالة إنهاء خدمته يترتب على هذا وجوب إعطاء القاضي راتبا تقاعديا، والقول بغير هذا فيه إهدار لنص ذلك الأمر وهو أمر لا يجوز، ولو لم يكن قصد ولي الأمر من النص على الإحالة للتقاعد إعطاء القاضي الحق في الراتب التقاعدي لنص على قبول الاستقالة وإنهاء خدماته، وبالتالي فإن القول باستحقاق القاضي للمكافأة إذا لم يكمل المدة فيه مخالفة لولي الأمر، وقد أحاط ولي الأمر القضاة بحصانة خاصة ومبادئ تتضمن استقلاليتهم ومن ذلك مبدأ عدم قابلية عزل القضاة وعند وجود ما يستدعي إنهاء خدماتهم يكون ذلك بإحالتهم للتقاعد وهو ما صرح به الأمر الملكي، والمادة (٢) من نظام القضاء تنص على أن القضاة غير قابلين للعزل إلا في الحالات المبينة في هذا النظام، والمادة (٥١) منه تنص على أنه فيما عدا الملازم القضائي لا يكون عضو السلك القضائي قابلا للعزل ولكن يحال للتقاعد إذا بلغ السبعين على أنه إذا فقد أحد الأعضاء الثقة والاعتبار اللذين تتطلبهم الوظيفة يحال للتقاعد بأمر ملكي، ومن هذه النصوص من نظام القضاء يتضح أن القاضي لا يعزل وإنما يحال للتقاعد، ومفهوم الإحالة إلى التقاعد أن يخصص له راتب تقاعدي دون تحديد سنوات معينة). وخلص المدعي في دعواه إلى طلب إلزام المدعى عليها بصرف راتب تقاعدي له. وبعرض الدعوى على ممثل المدعى عليها أجاب بأنه يكتفي بجواب جهته المرسل إلى الديوان برقم (١٥٧٤) في 13/1/1٤٢١هـ والذي جاء فيه ما نصه: (نفيدكم أنه بالرجوع إلى ملف المدعي لدينا اتضح أن لفضيلة الشيخ خدمة بالسلك القضائي بدأت من 10/11/1٤٠٢هـ وانتهت لانقطاعه عن العمل اعتبارا من ٣/٩/14١٩هـ وذلك بموجب الأمر الملكي رقم (أ/ ١٥٥) وتاريخ 1/7/14٢٠هـ وقد بلغ مجموع خدمته ستة عشر عاما وتسعة أشهر وثلاثة وعشرين يوما، وتم تسوية استحقاقه بناء على المادة (٢٣) من نظام التقاعد المدني لعام ١٣٩٣ م بالمضبطة رقم (٤٨٨٠٧٩) فاستحق عنها مكافأة لمرة واحدة قدرها (٤٧٧.576) أربعمئة وسبعة وسبعون ألفا وخمسمئة وستة وسبعون ريالا. ونظرا إلى أن المدعي يطالب بمعاش تقاعدي عن خدماته استنادا إلى المادة (الثامنة عشرة) من نظام التقاعد المدني لعام ١٣٩٣ هـ فإننا نورد نص هذه المادة كاملا وهو ما يلي: (يستحق الموظف معاشا عند نهاية خدمته متى بلغت خدمته المحسوبة في التقاعد خمسا وعشرين سنة على الأقل، ويجوز للموظف أن يطلب الإحالة على التقاعد ويحصل على المعاش بعد انقضاء مدة خدمة محسوبة في التقاعد لا تقل عن عشرين سنة، وبشرط الموافقة على الإحالة من قبل الجهة المختصة التي تملك حق التعيين لمثله، ومع ذلك فإذا كان انتهاء الخدمة بسبب إلغاء الوظيفة أو الفصل بقرار من مجلس الوزراء أو بأمر سام – ما لم ينص على أن الفصل بسبب تأديبي- فيستحق الموظف معاشا متى بلغت خدمته المحسوبة في التقاعد خمس عشرة سنة على الأقل، أما الموظف الذي تنتهي خدمته بسبب وفاته أو عجزه أو بلوغه سن التقاعد فيستحق معاشا مهما تكن مدة خدمته). فالمادة آنفة الذكر حددت حالات استحقاق المعاش على سبيل الحصر وهي كما يلي: الحالة الأولى: أن يكون لدى الموظف خدمة محسوبة لا تقل عن خمس وعشرين سنة. الحالة الثانية: أن يكون لدى الموظف خدمة محسوبة لا تقل عن عشرين سنة بشرط أن يطلب الإحالة على التقاعد وتوافق جهته التي تملك حق التعيين. الحالة الثالثة: إذا أنهيت خدمة الموظف إلغاء الوظيفة أو فصل بقرار من مجلس الوزراء أو بأمر سام ولم ينص بالقرار أو الأمر أن الفصل بسبب تأديبي وكان لديه خدمة لا تقل عن خمس عشرة سنة. الحالة الرابعة: إذا أنهيت خدمة الموظف بسبب الوفاة. الحالة الخامسة: إذا أنهيت خدمة الموظف بسبب عجزه عن العمل. الحالة السادسة: إذا أنهيت خدمة الموظف بسبب بلوغه سن التقاعد. والمدعي يدعي بانطباق الحالة الثالثة عليه حيث فصل بأمر ملكي ولديه خدمة تزيد عن خمس عشرة سنة، بينما ترى المصلحة عد انطباق هذه الحالة عليه لعدم توفر شروط وضوابط خضوعه لها؛ إذ إنه فصل بأمر ملكي وهو الأداة القانونية المعتادة لإنهاء خدمة القاضي لانقطاعه عن العمل وليس بأمر سام حسبما نصت عليه المادة (١٨) والمتمعن في هذه الحالة يدرك أنها تشمل الموظف الذي أنهيت خدمته بغير الطريق المعتاد ورغم إرادته. أما من أنهيت خدمته عن طريق جهته التي تملك حق التعيين لمثله وبإرادته سواء بالاستقالة أو بالانقطاع عن العمل فانه لا تشمله هذه الحالة – كحالة المدعي – إذ إن القاضي لا تنهى خدمته إلا بأمر ملكي حسبما نصت عليه المادة (٥١) والمادة (٨٦) من نظام القضاء، وما دام أن الأداة التي تنهي خدمة القاضي هي الأمر الملكي فلا يتصور استحقاقه للمعاش مهما كان سبب إنهاء خدمته، والقول بغير ذلك سيترتب عنه وضع من تنتهي خدمته بسبب الانقطاع عن العمل في منزلة أفضل من زميله الذي تنتهي خدمته بسبب الاستقالة. يضاف إلى ذلك إيجاد تعارض مع أحكام الإحالة على التقاعد المبكر الذي نظمها كل من نظامي القضاء والتقاعد؛ ذلك أن المادة (٨٥) من نظام القضاء نص على أسباب إنهاء خدمة عضو السلك القضائي ومنها الفقرة (ب) المتضمنة قبول طلب الإحالة على التقاعد طبقا لنظام التقاعد، ونظام التقاعد حدد الحد الأدنى لاستحقاق المعاش التقاعدي المبني على طلب الموظف بعشرين سنة على الأقل، والمدعي لديه خدمة محتسبة أقل من عشرين سنة. كما أن السبب المنشئ لإنهاء خدمات المذكور هو انقطاعه عن العمل، وقد نصت المادة (٦١) من نظام القضاء على أنه (لا يجوز للقاضي أن يتغيب عن مقر عمله ولا أن ينقطع عن عمله لسبب غير مفاجئ قبل أن يرخص له في ذلك كتابة فإذا أخل القاضي بهذا الواجب نبه إلى ذلك فإذا تكرر منه ذلك وجب رفع الأمر إلى مجلس القضاء الأعلى للنظر في أمر محاكمته تأديبيا) فالمادة آنفة الذكر أقرت مبدأ مساءلة القاضي تأديبيا بسبب الانقطاع عن العمل، والمدعي انقطع عن عمله مدة ليست باليسيرة؛ إذ إن انقطاعه كان بتاريخ 3/9/١٤١٩هـ ولم يصدر الأمر الملكي القاضي بإنهاء خدمته إلا بتاريخ 1/7/١٤٢٠هـ مما يستشف معه أن المدعي ليس لديه الرغبة في العمل، كما أنه ترك العمل بإرادته المنفردة دون موافقة من جهته وليس من المتصور تمييز من تنهى خدمته بسبب انقطاعه عن العمل على من سلك الطرق النظامية لإنهاء خدماته. وبالبناء على ما سبق فإن المصلحة تطلب رفض دعوى المدعي؛ لعدم قيامها على سند صحيح من النظام. وبعرض ذلك على المدعي طلب مهلة للرد. فجرى تأجيل نظر القضية إلى يوم الأحد 17/2/١٤٢١هـ. وبجلسة يوم الأحد 17/2/١٤٢١هـ حضر المدعي ولم يحضر ممثل المدعى عليها، وفي هذه الجلسة قدم المدعي مذكرة جوابية جاء فيها: (إشارة إلى خطاب مدير عام مصلحة معاشات التقاعد المكلف رقم 3/6/1/9/١٥٧٤هـ فإنني أوجز الرد فيما يلي: أولا: ورد في خطاب مدير عام المصلحة أن المصلحة ترى عدم انطباق الحالة الثالثة من المادة (١٨) من نظام التقاعد لعدم توفر شروط وضوابط خضوع موضوعي لها؛ إذ إن الفصل بأمر ملكي وليس بأمر سام. ويجاب على ذلك بما يلي: ١- أن المادة (١٨) من نظام التقاعد تنطبق على حالتي تماما؛ وذلك لأن الأمر الملكي بإحالتي على التقاعد إن لم يكن مثل الأمر السامي فهو أقوى منه. ٢- أن الأمر الملكي رقم (أ/ ١٥٥) في 1/7/1٤٢٠هـ نص صراحة على إحالتي على التقاعد من تاريخ انقطاعي على العمل ولا اجتهاد مع النص، وهذا الأمر واجب النفاذ والقول بغير ذلك مخالفة لولي الأمر وعدم تنفيذ ما صدر منه صراحة من توجيهات، وصرفها عن مدلولاتها الصريحة الواضحة بتأويلات لا أساس لها من الصحة وبعيدة عما يهدف إليه ولي الأمر وفقه الله. وما ورد في خطاب مدير عام المصلحة من أن إحالتي على التقاعد يؤدي إلى إيجاد تعارض مع أحكام الإحالة على التقاعد المبكر الذي نظمها كل من نظام التقاعد ونظام القضاء؛ أقول هذا غير صحيح والأمر الملكي ليس فيه تعارض مع أحكام الإحالة على التقاعد المبكر بالإضافة أنه نص في الأمر الملكي أنه صدر بعد الاطلاع على المادتين (٨5- ٨6) من نظام القضاء. هذا وإن إحالتي على التقاعد صادرة بأمر ملكي صريح واضح ولا يجوز للمصلحة الخروج عن منطوق هذا الأمر إلى مدلولات أخرى إلا بأمر ملكي صريح، هذا وعلما أن الأمر الملكي لم يرد فيه أن الانقطاع سبب في الإحالة على التقاعد، وإنما ذكر أن الإحالة على التقاعد من تاريخ الانقطاع عن العمل وحددها به. هذا وأن القاضي حسبما نص النظام غير قابل للعزل إنما يحال للتقاعد، ومعنى الإحالة للتقاعد بالنسبة للموظف إنهاء خدماته أو علاقته الوظيفية مع استحقاق معاش تقاعدي وبدونه لا يسمى متقاعدا؛ لأن كلمة التقاعد مأخوذة في الأصل من (قعد) قعودا أي جلس من قيام، وتقاعد الموظف من العمل أي أحيل على المعاش. وإذا تأملنا نص المادة (١٨) تبين أنها تشمل حالة القاضي الذي تنهى خدماته بأمر ملكي؛ وذلك أن المقام السامي إذا أراد إصدار قرار إداري مكتوب يسلك واحدا من طريقين، الأول قرار يصدر من مجلس الوزراء باعتبار أن خادم الحرمين الشريفين (أيده الله) رئيس المجلس. الثاني أن يصدر القرار دون العرض على مجلس الوزراء باعتباره ملك الدولة ورئيس جميع السلطات القضائية والتنفيذية وليس هناك فرق نظاما بين القرار الصادر بهذه الصفة على الأوراق الرسمية لمجلس الوزراء أو الأوراق الرسمية للديوان الملكي. وعلى فرض أن هناك فرقا بين ما يصدر على أوراق مجلس الوزراء أو أوراق الديوان الملكي باعتبار أن الأول أمر سام والثاني أمر ملكي؛ فإن هذا الفارق شكلي؛ لأن مصدرهما واحد وهو ملك الدولة، بل إن الأمر السامي قد يكون أقل من الأمر الملكي. وقد نص النظام الأساسي للحكم في مادته (٥١) على تعيين وإنهاء خدمة القضاة بأمر ملكي وذلك بإحالته على التقاعد وذلك ضمانا للحق. هذا والأخذ بقول مصلحة معاشات التقاعد أن استحقاق المعاش لمن خدمته أكثر من خمس عشرة سنة بضرورة صدور قرار الفصل من مجلس الوزراء أو صدور أمر سام؛ فإنه لا يتصور أبدا استحقاق القاضي للمعاش لأن أداة إنهاء خدمته أمر ملكي وغفلوا أن الأمر الملكي أعلى درجة من قرار مجلس الوزراء أو من الأمر السامي؛ لأن الأمر الملكي يصدر من الملك، والأمر السامي من رئيس مجلس الوزراء، والأمر الملكي لا يعدل بقرار من مجلس الوزراء أو بأمر سام بل إن نظام مجلس الوزراء صدر بأمر ملكي، وكذلك النظام الأساسي للحكم. وإذا كانت مصلحة معاشات التقاعد تشترط لاستحقاق المعاش صدور أمر سام لقرار الفصل أو إنهاء الخدمة فإن القاضي لن يحظي بمعاش تقاعدي طالما خدمته أقل من خمس وعشرين سنة، وهي بهذا ارتكبت خطأين فأخذت بالقرار الأدنى الذي لا يمكن صدوره لإنهاء عمل القاضي وخالفت نصوص الأنظمة التي تنظم تعيين وإنهاء عمل القضاة، وهي المادة (٥١) من النظام الأساسي للحكم، وكذلك المصلحة خالفت المادة (٥١ – ٨٦) من نظام القضاة، وإذا أخذ برأي المصلحة فإن أمر القضاة يكون بيد الإدارة التنفيذية، وقد ضمن ولي الأمر القضاة بنص نظامي صريح بأن يتم إنهاء خدمة القاضي بإحالته على التقاعد بأمر ملكي دون ضرورة لذكر السبب وإذا أورد فلا حجة للغير به. وعودا على بدء فإنه في جميع الأحوال يستحيل نظاما أن يصدر أي أمر يتعلق بتعيين القضاة أو إنهاء خدمتهم – مطبوعات مجلس الوزراء؛ لأن النظام الأساسي للحكم قسم السلطات في الدولة إلى ثلاث: الأولى السلطة القضائية: وتتمثل في وزارة العدل وديوان المظالم، وهذه السلطات تتبع خادم الحرمين الشريفين أيده الله مباشرة فيما يتعلق بالشؤون القضائية فكل ما يتعلق بذلك يصدر من الديوان الملكي. والثانية التنظيمية: وتتمثل في خادم الحرمين الشريفين ملك الدولة ومجلس الشورى ومجلس الوزراء فيما يتعلق بالجوانب التنظيمية. والثالثة السلطة التنفيذية: وهي كل الوزارات والمصالح الحكومية الداخلية تحت مظلة مجلس الوزراء. فيما أن الأمر الملكي هو أعلى سلطة في الدولة لأنه الأداة النظامية المهمة في الدولة، بها صدر نظام الحكم أعلى نظام مقتنى في الدولة، وبها يرعى خادم الحرمين الشريفين المصالح العليا للدولة والشعب، وبما أن النظام يمنع صدور أمر يتعلق بتعيين القضاة أو إنهاء خدماتهم بأوامر سامية تحت مظلة مجلس الوزراء؛ فإن القول بغير ذلك التفسير يعني تعطيل حكم النظام في حق فئة حرص ولي الأمر حفظه الله على إبراز هويتهم الشرعية ومنحهم المميزات والحقوق التي لهم، وحرمان القضاة من ميزة قررها النظام لجميع الموظفين بحجة أن الأمر الملكي ليس أمرا ساميا، وهذا فيه إجحاف بحقهم. وقد يعترض على ذلك أن الأمر الملكي هو الأداة النظامية إلا أن هذا الاعتراض يزول إذا علم أن القضاة ليس لتعيينهم أو إنهاء خدماتهم – غير ما ذكر سابقا – إلا هذه الأداة والمرسوم الملكي الذي يتضمن نصوص أنظمة تشتمل على قواعد آمرة فيما يتعلق بالسن النظامية للإحالة على التقاعد، بل قد يستفاد من نص المادة (١٨) على قرار مجلس الوزراء والأمر السامي أنها قصدت بالأمر الملكي القضاة ومن في حكمهم ممن لا يخضعون نظاما لمجلس الوزراء. هذا أما الاعتراض بما نصت عليه المادة (٦١) من نظام القضاة؛ فهذا مع أنه بعيد عن تفسير المادة (١٨) ولا علاقة بها فإن هذا الأمر متروك لجهة القضاء وحدها، وليس للجهات الإدارية التدخل في شؤون القضاة). وحيث إن ممثل المدعى عليها لم يحضر قررت الدائرة تأجيل نظر القضية على أن يبلغ المدعي بذلك كتابة. وفي يوم الاثنين 18/2/1٤٢١هـ حضر ممثل المدعى عليها (…) وجرى تسليمه نسخة من المذكرة التي قدمها المدعي في جلسة 17/2/١٤٢١هـ، وطلب مهلة للرد. فأجابته الدائرة لطلبه. وبجلسة اليوم حضر طرفا الدعوى وقرر اكتفاءهما بما سبق. وبذا اختتمت المرافعة، ثم أصدرت الدائرة حكمها الآتي.
الأسباب
حيث إن المدعي يهدف من دعواه إلى إلزام المدعى عليها بصرف راتب تقاعدي له، وحيث إن المدعى عليها أجابت عن الدعوى كما سلف بيانه. وحيث إن المادة (٨/1/أ) من نظام ديوان المظالم لعام ١٤٠٢هـ تنص ان يختص ديوان المظالم بالنظر في الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية والتقاعد؛ فإن الديوان يكون مختصا بنظر هذه الدعوى. وحيث إن المادة الثانية من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم الصادرة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (١٩٠ ) وتاريخ 16/11/1٤٠٩هـ نصت على أن تكون المطالبة خلال خمس سنوات من نشوء الحق المدعى به، وهو في حق المدعي من تاريخ 3/9/١٤١٩هـ تاريخ إحالته للتقاعد؛ الأمر الذي تكون معه الدعوى مقبولة من حيث الشكل. أما من حيث الموضوع؛ فإنه باطلاع الدائرة على أوراق القضية ودراستها وتأمل ما جاء في الدعوى والإجابة بان للدائرة أن المدعي التحق بالخدمة المدنية بالسلك القضائي بتاريخ 10/11/١٤٠٢هـ ثم صدر الأمر الملكي رقم (٢٥/ ١٥٥) في 1/7/1٤٢٠هـ بإحالة المدعي (…) على التقاعد اعتبارا من تاريخ انقطاعه عن العمل، وبلغ مجموع خدمته ستة عشر عاما وتسعة أشهر وثلاثة وعشرين يوما. وحيث إن المادة (١٨) من نظام التقاعد المدني لعام ١٣٩٣هـ نصت على أنه: (يستحق الموظف معاشا عند نهاية خدمته متى بلغت خدمته المحسوبة في التقاعد (خمسا وعشرين سنة) على الأقل ويجوز للموظف أن يطلب الإحالة على التقاعد ويحصل على المعاش بعد انقضاء مدة محسوبة في التقاعد لا تقل عن عشرين سنة، ويشترط الموافقة على الإحالة من قبل الجهة المختصة التي تملك حق التعيين لمثله، ومع ذلك فإذا كان انتهاء الخدمة بسبب إلغاء الوظيفة أو الفصل بقرار مجلس الوزراء أو بأمر سام – ما لم ينص على أن الفصل بسبب تأديبي – فيستحق الموظف معاشا متى بلغت خدمته المحسوبة في التقاعد (خمس عشرة سنة) على الأقل، أما الموظف الذي تنتهي خدماته بسبب وفاته أو عجزه أو بلوغه سن التقاعد فيستحق معاشا مهما تكن مدة خدمته). وحيث إن المدعي بلغت خدمته أكثر من خمس عشرة سنة، وأحيل على التقاعد بالأمر الملكي المشار إليه أعلاه فإن المادة المذكورة آنفا تطبق عليه ويعامل بموجبها، وقد قررت المادة أنه إذا كان انتهاء الخدمة بأمر سام فيستحق الموظف معاشا تقاعديا متى بلغت خدمته المحسوبة خمس عشرة سنة على الأقل، وهذا نص صريح وواضح في استحقاق المدعي للمعاش التقاعدي عن خدمته المدنية. أما ما ذكرته المدعى عليها بأن المدعي فصل بأمر ملكي وهو الأداة القانونية المعتادة لإنهاء خدمة القاضي لانقطاعه عن العمل وليس بأمر سام… إلخ فلا وجه للتفريق بين الأمر الملكي والأمر السامي فالتفريق بينهما كلام لا يعتد به، كما أن ما ذكرته المدعى عليها من أنه يترتب على صرف معاش تقاعدي لمن انتهت خدمته بسبب الانقطاع عن العمل أن يكون في وضع أفضل من زميله الذي تنتهي الاستقالة؛ فإن الدائرة لا تسلم بذلك حيث إن المستقيل قد أفصح عن رغبته بطلب الاستقالة وهو يعرف ما يترتب على ذلك من استحقاقاته التقاعدية بخلاف من انقطع عن العمل فهو لا يرغب في الاستقالة بل لأسباب تختلف من شخص لاخر والكلام في هذا يخص القضاة؛ حيث إن لهم الأنظمة الإدارية الخاصة التي يعاملون بموجبها؛ الأمر الذي تنتهي معه الدائرة إلى أحقية المدعي في دعواه وقيامها على أساس سليم من الأنظمة.
لذلك حكمت الدائرة: بإلزام المدعى عليها مصلحة معاشات التقاعد بصرف معاش تقاعدي للمدعي (…) عن خدمته المدنية من 10/11/١٤٠٢ هـ إلى 19/3/141٩هـ؛ وفقا لما هو مبين بالأسباب.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هيئه التدقيق
حكمت الهيئة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.