القضاء التجاري / الخلع فسخ نكاح
المفاتيح
فسخ نكاح , شرط في العقد , سكن الزوجة مع أهلها ,امتناعها من ذلك , طلب الزوج فسخ النكاح , شرط باطل , رد الدعوى , إلزام بإيجاد مسكن
السند
ما جاء في الشرح الكبير 2 /142: ” النوع الثاني من الشروط الفاسدة أن يشرط أنه لا مهر لها ولا نفقة.. فالشرط باطل ويصح النكاح.. فهذه الشروط كلها باطلة في نفسها لأنها تنافي مقتضاه، وتتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده فلم يصح، كما لو أسقط الشفيع شفعته قبل البيع. فأما العقد في نفسه فهو صحيح؛ لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد لا يشترط ذكره، ولا يضر الجهل به فلم يبطله“.
ما جاء في الإقناع 13 /112في معنى النفقة ” وهيل كفاية من يمونه خبزاً، وأدماً، وكسوةً، ومسكناً، وتوابعها“.
الملخص
أقام المدعي دعواه ضد زوجته المدعى عليها طالبا الحكم بفسخ نكاحها منه مقابل تنازلها عن مهرها المؤخر؛ لأنها رفضت الوفاء بالشرط الذي اشترطه عليها في العقد، وهو أن تسكن مع أهلها، وأصرت على طلب سكن مستقل، وبعرض الدعوى على المدعى عليها أقرت بصحتها، وطلبت إلزامه بسكن مستقل؛ لكونها لا ترغب في السكن عند أهلها؛ ونظراً لأن اشتراط المدعي على المدعى عليها أن تسكن عند أهلها فيه إسقاط لبعض النفقة فيكون شرطا باطلا؛ لذا فقد رد القاضي دعوى المدعي طلب الفسخ مقابل التنازل عن المؤخر، وألزمه بإيجاد سكن للزوجة صالح لمثيلاتها، وبه حكم، ثم صدق الحكم من محكمة الاستئناف.
الوقائع
الحمد لله وحده، وبعد، فلدي أنا … القاضي بالمحكمة العامة بمكة المكرمة، وبناء على المعاملة المحالة إلينا من فضيلة رئيس المحكمة العامة بمكة المكرمة برقم ……… وتاريخ ……… المقيدة بالمحكمة برقم ……… حضر … حامل السجل المدني ذي الرقم …، وادعى على الحاضرة معه المعرَّف بها من قبله… … الجنسية بموجب رخصة الإقامة ذات الرقم … قائلا في دعواه: إن هذه الحاضرة زوجتي تزوجتها بالعقد الصحيح الصادر من هذه المحكمة برقم ……… في ……… على مهر قدره خمسة آلاف ريال مسلمة، وعشرون ألف ريال مؤخرة ،واشترطت عليها أن تسكن مع أهلها في مكة، وفي حال رغبتي إسكانها في سكن مستقل فلي ذلك، واشترطت هي علي ألا أخرجها من مكة سواءً عند أهلها أو في سكن مستقل ،وأن أعطيها نفقة شهرية مقدارها سبعمئة ريال. اهـ، وأنجبت منها على فراش الزوجية بنتا اسمها .. مولودة في ……… وقد أسكنت المدعى عليها مع أهلها من حين دخولي بها، وأنشأت غرفة ودورة مياه في حوشهم آتي إليها فيها، وقد طلبت مني المدعى عليها سكنا مستقلا، وبما أني شرطت عليها في العقد أن تسكن مع أهلها فقد أفهمتها بذلك ،لكنها أصرت على طلبها؛ لذا أطلب فسخ نكاحي منها مقابل تنازلها عن مهرها المؤخر؛ لأنها خالفت الشرط المذكور، ولا أطالبها بشيء من المهر المسلم، هكذا ادعى، وبعرض ذلك على المدعى عليها قالت: ما ذكره المدعي من الزواج والمهر والبنت والشرط المذكور فصحيح إلا أنني وافقت عليه حين العقد؛ لأن زوجته الأولى لم تكن تعلم بزواجه مني؛ أما وقد علمت فإنني أطلب سكنا مستقلا، ولا أريد السكن مع أهلي، والغرفة التي بناها في حوشنا غرفة واحدة لا تصلح أن تكون سكناً، ولا أوافق على طلبه الفسخ، فأنا أريده ،وأطلب إلزامه بسكن مستقل صالح لمثلي، هكذا أجابت. وبعرض ذلك على المدعي قال: المسلمون على شروطهم، وما دام أنني شرطت عليها أن تسكن عند أهلها فعليها أن تلتزم بهذا الشرط، وليس لها أن تطالبني بسكن مستقل، هكذا أجاب، ثم جرى الاطلاع على عقد النكاح وما ذكر فيه من المهر والشرط فوجدته طبق ما ذكر، كما جرى الاطلاع على محضر الصلح المرفق بخطابهم ذي الرقم ……… في ……… ، والمتضمن تعذر الصلح بين الطرفين؛ فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وبما أن المدعي قرر دخوله بالمدعى عليها، وأنه لم يوجد لها السكن الصالح لمثلها، وتمسك بما شرطه عليها في العقد ،وطلبت المدعى عليها إلزام المدعي بإيجاد السكن الصالح لمثلها، وبما أن ما شرطه المدعي على المدعى عليها أن تسكن عند أهلها شرط بإسقاط بعض النفقة، وهو شرط باطل .قال في الشرح الكبير ……… : النوع الثاني من الشروط الفاسدة أن يشرط أنه لا مهر لها ولا نفقة … فالشرط باطل ويصح النكاح إلى أن قال:فهذه الشروط كلها باطلة في نفسها؛ لأنها تنافي مقتضاه، وتتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده فلم يصح، كما لو أسقط الشفيع شفعته قبل البيع. فأما العقد في نفسه فهو صحيح؛ لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد لا يشترط ذكره، ولا يضر الجهل به فلم يبطله. اهـ؛ ولأن ما طلبته المدعى عليها من سكن مثلها حق لها؛ لأن النفقة يتجدد وجوبها كل يوم. ينظر: كشاف القناع13 /146، كما أن المهر يستقر بالدخول. ينظر: الشرح الكبير ……… لذا كله فقد رددت دعوى المدعي طلب الفسخ مقابل التنازل عن المؤخر، وألزمته بإيجاد سكن للزوجة صالح لمثيلاتها، وبه حكمت. وبعرض الحكم على المدعي قرر عدم القناعة، فقررت تسليمه نسخة من صك الحكم حالاً للاعتراض عليه في مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً، فإذا انقضت المدة ولم يقدم اعتراضه يسقط حقه في الاعتراض، ويكتسب الحكم القطعية، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. حرر في ……… .الحمد لله وحده، وبعد رفع كامل أوراق المعاملة والصك لمحكمة الاستئناف أعيدت بخطابهم ذي الرقم ……… في ……… المحال إلينا بشرح رئيس المحكمة ذي الرقم ……… /34 في ……… المرفق به قرار الملاحظة الصادر من الدائرة الثالثة للأحوال الشخصية والأوقاف والوصايا والقصار وبيوت المال برقم ……… في ……… المتضمن بعد المقدمة ما نصه: وبدراسة الصك وصورة ضبطه ولائحته الاعتراضية تقررت إعادتها لفضيلة حاكمها لملاحظة أن ما ذكره فضيلته بقوله: وبما أن ما شرطه المدعي على المدعى عليها أن تسكن عند أهلها شرط بإسقاط بعض النفقة. اهـ في غير محله، فليست السكنى من النفقة؛ ولهذا يذكر الفقهاء رحمهم الله عبارة السكنى والنفقة في عشرات المواضع فيعطفون إحدى الكلمتين على الأخرى، والعطف كما هو معلوم يقتضي المغايرة، والظاهر صحة شرط سكن المرأة عند أهلها، وعلى هذا فعلى فضيلته وفقه الله إعادة النظر في حكمه، ومحاولة إقناع المرأة بالصبر على ذلك، أو التنازل عن المؤخر مقابل الفراق، والله الموفق. اهـ؛ وإجابة عما ذكره أصحاب الفضيلة سددنا الله وإياهم أقول: أولاً/ عدم التسليم بأن السكنى ليست من النفقة، وأن عطف الفقهاء النفقةَ على السكنى أو العكس، يقتضي المغايرة، بل السكنى من النفقة، وأما عطف الفقهاء فهو من باب عطف البعض على الكل، وإلا فالنفقة تشمل الطعام، والكسوة، والمسكن. قال في الإقناع في معنى النفقة: ”وهي: كفاية من يمونه خبزاً، وأدماً، وكسوةً، ومسكناً، وتوابعها“. ينظر: الإقناع مع شرحه: 1/112 ط/وزارة العدل، ومثله في منتهى الإرادات مع شرحه:
5/649 ط/ مؤسسة الرسالة، ولا أعلم من كلام أهل العلم تفريقاً بين النفقة والسكنى إلا في مسألة المبتوتة إذا كانت حائلاً، فقال بعضهم: لا نفقة لها، ولها السكنى، روي ذلك عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما، وقال به الفقهاء السبعة، ومالك، والشافعي، وهو رواية عن أحمد. ينظر: التمهيد 11 :/382 ط/ الفاروق، والحاوي الكبير11 :/465 ط /دار الكتب العلمية، والإنصاف مع الشرح الكبير:٢٤ /٣1٢ ط/دار عالم الكتب. وسبب اختلافهم في هذه المسألة: اختلاف الرواية في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها. ينظر: التمهيد11 :/825، وبداية المجتهد:2 /19 ط/المكتبة العصرية؛ وعليه فلم يظهر لي أن ما تم نقله عن أهل العلم في تسبيب الحكم في غير محله. ثانياً/ على فرض التسليم بأنّ السكنى مغايرة للنفقة، فأيُّ فرقٍ بين اشتراط إسقاط النفقة أو شرط إسقاط السكنى؟ لذا كله لم يظهر لي ما يوجب الرجوع عما حكمت به، وقررت إعادة المعاملة لمحكمة الاستئناف ،وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد. ح ………
الاستئناف
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد، فلدي أنا … القاضي بالمحكمة العامة بمكة المكرمة والخلف لفضيلة الشيخ … حضر الطرفان، وقد وردتنا المعاملة من محكمة الاستئناف برقم ……… في ……… المتضمن قرار الدائرة الثالثة للأحوال الشخصية والأوقاف والوصايا والقصار وبيوت المال بمحكمة الاستئناف بمكة المكرمة برقم ……… في ……… المتضمن بعد المقدمة ما نصه: وبدراسة الصك وصورة ضبطه ولائحته الاعتراضية تقررت إعادتها لفضيلة حاكمها لملاحظة: أن على فضيلته أو خلفه عرض ما جاء في قرارنا السابق على المدعية ،فلعلها توافق على أحد الحلين المذكورين، وتنتهي المشكلة، والله الموفق. اهـ؛ عليه فقد جرى عرض ما جاء في القرار السابق لأصحاب الفضيلة على المدعى عليها، وبسؤالها: هل تقبل بالتنازل عن المؤخر مقابل الفراق؟ قالت: لا، لا أقبل، وأطلب حقي كاملاً، فجرى إقناعها بالصبر على ذلك، فقالت: لا، ليس لدي الاستعداد، وأطلب حقي الشرعي كاملاً؛ عليه فقد قررت رفع الجلسة، وإعادة المعاملة لمحكمة الاستئناف، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد، فقد جرى منا نحن قضاة الدائرة الثالثة للأحوال الشخصية والأوقاف والوصايا والقصار وبيوت المال بمحكمة الاستئناف في منطقة مكة المكرمة الاطلاع على المعاملة الواردة من فضيلة رئيس المحكمة العامة بمكة المكرمة برقم ……… وتاريخ ……… المرفق بها الصك الصادر من فضيلة الشيخ … برقم ……… وتاريخ ……… ، وما ألحقه خلفه فضيلته الشيخ … القاضي بالمحكمة العامة بمكة المكرمة، المتضمن دعوى … ضد المرأة … … الجنسية في قضية زوجية. وبدراسة الصك وصورة ضبطه اللائحة الاعتراضية تقررت الموافقة على الحكم بعد الإجراء الأخير، والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.