القضاء التجاري / تزوير خيانة أمانة رشوة
رقم القضية الابتدائية ٩٤٤١ /١/ ق لعام ١٤٣٥هـ
رقم قضية الاستئناف ٧٢٢٨ / ق لعام ١٤٣٦هـ
تاريخ الجلسة ٢٠/١/١٤٣٧ هـ
الموضوعات
رشوة – توصية ووساطة – تبادل منافع – اشتراك في الجريمة – تزوير – محررات رسمية وعرفية – اختلاس – أجرة العلاج – سوء الاستعمال الإداري – استغلال النفوذ الوظيفي – اشتغال بالتجارة – سلطة المحكمة التقديرية في التكييف النظامي للجريمة – إقرار – القرائن الدالة على ثبوت الجريمة – مبدأ تداخل العقوبات – وقف تنفيذ العقوبة – دعوى – عدم جوازنظرها – سبق الفصل فيها – انقضاء الدعوى الجزائية – عفو ولي الأمر.
أقام فرع هيئة الرقابة والتحقيق الدعوى ضد المتهمين، لإخلال المتهم الأول (مدير مستشفى) بواجبات وظيفته بقبوله توصية ووساطة المتهم الثاني بتوظيف معارفه، ولاختلاسه بعض مبالغ العلاج بأجر، ولسوء استعماله الإداري بتعيينه أشخاصا أكثر مما هو معتمد، ولاستغلال نفوذه الوظيفي بتعيين زوجته وأبنائه، ولتزويره عددا من المحررات الرسمية والعرفية لتغطية اختلاساته وعدم مزاولة زوجته وأبنائه العمل، ولقيام المتهم الثاني بتقديم التوصية والوساطة للمتهم الأول، والاشتراك معه في سوء الاستعمال الإداري واستغلال النفوذ الوظيفي وتزوير المحررات الرسمية والعرفية واشتغاله بالتجارة – ثبوت وجود تعامل مالي بين المتهمين بقيام المتهم الثاني بتقسيط سيارات للمتهم الأول، وقيام المتهم الأول بتحرير كمبيالات له – إقرار المتهم الأول بإنجاز معاملات لأشخاص طرف المتهم الثاني، وتوظيفهم بالمخالفة للنظام، مقابل تساهل المتهم الثاني فيسداد الأقساط – تكييف الدائرة لوصف التهمة الأولى المنسوبة للمتهمين بالاشتراك في جريمة الرشوة نظرا لما يحصل عليه المتهم الأول من فائدة ومزية من المتهم الثاني مقابل إنجاز مصالحه – إدانة المتهم الأول بارتكاب جريمة الرشوة بموجب إقراره آنف الذكر – ثبوت ارتكاب المتهم الأول جريمة الاختلاس بموجب إقراره في التحقيقات واستلامه لتلك المبالغ، والقرار الصادر بمسؤوليته عن مبالغ العلاج بأجر، دون أن ينال من ذلك دفعه بعدم تعميم ذلك القرار، وعدم معرفة الموظفين بمسؤوليته عن مبالغ العلاج بأجر؛ إذ إن إفادة الموظفين المضبوطة في التحقيقات تفيد علمهم بذلك، إضافة إلى ثبوت توقيعه على سندات استلام المبالغ- ثبوت ارتكاب المتهم الأول جريمة تزوير المحررات الرسمية المنسوبة إليه بموجب إقراره بالتحقيقات، وإفادة أحد الموظفين بذلك – عدم تقديم جهة الادعاء ما يثبت قيام المتهم الأول بتزوير المحررات العرفية، خاصة مع إنكاره ذلك – ثبوت سبق محاكمة المتهم الثاني بجريمة الرشوة والتزوير خلال محاكمته بجريمة غسيل الأموال في المحكمة العامة، وبالتالي عدم جواز نظر دعوى محاكمة المتهم الثاني عن تلك الجرائم – وقوع واقعات تهمة سوء الاستعمال الإداري واستغلال النفوذ الوظيفي الموجهة للمتهمين، والاشتغال بالتجارة الموجهة للمتهم الثاني قبل صدور الأمر الملكي بالعفو عن سجناء الحق العام في القضايا التعزيرية، وشمول المتهمين بالعفو عن تلك التهم – أثر ذلك: إدانة المتهم الأول بجريمة الرشوة والاختلاس وتزوير المحررات الرسمية، ومعاقبته عن ذلك بسجنه وتغريمه مع وقف عقوبة السجن مراعاة لظروفه الصحية، وعدم إدانته بجريمة تزوير المحررات العرفية، وعدم جواز نظر دعوى اتهام المتهم الثاني بجريمة الرشوة والتزوير، وانقضاء دعوى اتهام المتهمين بجريمة سوء الاستعمال الإداري واستغلال النفوذ الوظيفي، واتهام الثاني بجريمة الاشتغال بالتجارة.
الأنظمة واللوائح
· المادة (١) من نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٣٦) وتاريخ 29/12/1412هـ.
· المادة (٥) من نظام مكافحة التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم (١١٤) وتاريخ ٢٦/١١/١٣٨٠هـ.
· المواد (٢٢، ١١٤ ،١٥٨ ،١٨٦) من نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٢) وتاريخ ٢٢/١/١٤٣٥هـ.
· المادة (2/7) من المرسوم الملكي رقم (٤٣) وتاريخ ٢٩/١١/١٣٧٧هـ بشأن عقوبة جريمة الاختلاس
الوقائع
تتحصل وقائع هذه القضية في أن فرع هيئة الرقابة والتحقيق أقام دعواه بموجب قرار الاتهام رقم (٩٥/ج) لعام ٤٣٥اهـ، وقد تضمن ما يلي: أولا: يتهم فرع هيئة الرقابة والتحقيق بمنطقة الرياض كلا من: ١- (…). (٥٤) سنة، متزوج، متعلم، مدير مستشفى المزاحمية سابقا، يسكن في الرياض، جوال رقم (…).٢-(…) (٤٣) سنة، سعودي، متزوج، متعلم، وكيل رقيب بالمباحث العامة سابقا، جوال رقم (…). لأنهم قبل تاريخ ٣/٥/١٤٣١هـ بدائرة محافظة المزاحمية ومدينة الرياض بمنطقة الرياض المتهم الأول: ١- حال كونه موظفا عاما يعمل مديرا لمستشفى المزاحمية أخل بواجبات وظيفته نتيجة قبوله توصية ووساطة المتهم الثاني الذي قدم له ملفات مئة شخص تقريبا لتوظيفهم في المستشفى، فقام بتوظيف (٣٥) شخصا نتيجة هذه التوصية والوساطة بالمخالفة للنظام؛ لتجاوزه المبلغ المحدد من وزارة المالية ووزارة الصحة، ولعدم وجود حاجة إليهم للعمل في المستشفى. ٢- حال كونه المشرف العام على الصندوق بمستشفى المزاحمية والمسؤول عن الدخل الخاص بالعلاج بأجر، اختلس مبلغا من المال قدره (168.604) ريالات عبارة عن مبالغ العلاج بأجر للفترة من ٢٦/١/١٤٣٥هـ حتى إعفائه من منصبه في شهر ربيع الأول من عام ١٤٢٩هـ التي قام باستلامها بنفسه ولم يودعها بحساب المستشفى في البنك. ٣- قام بسوء الاستعمال الإداري والعبث بالأنظمة والأوامر والتعليمات من خلال وجود اسم (١٨٦) موظفا إداريا بمسير الرواتب في المستشفى في حين أن الوظائف المعتمدة (٤٦) وظيفة فقط بزيادة مقادرها (١٤٠) موظفا قام بتعيينهم بالمخالفة للنظام، منهم (٤٤) موظفا لا تتطابق مؤهلاتهم مع الوفظيفة، و (٢٦) موظفا غير محددة مؤهلاتهم، و(٦١) موظفا تجاوزت رواتبهم الحد الأعلى لسقف الوظيفة، و (١٨) موظفا لم يباشروا في المواقع المكلفين بها ولا يعرف مكان عملهم، وتكليف موظفين بالعمل خارج المستشفى، وتسليم رواتب موظفين من حسابه الخاص، ودفع مبالغ مالية للمتهم الثاني من صندوق العلاج بأجر. ٤- استغل نفوذه الوظيفي كمدير لمستشفى المزاحمية بأن قام بتعيين زوجته وابنه وبنته وزوجة المتهم الثاني على وظائف في المستشفى دون وجود حاجة لهم ونقلهم للعمل خارج المستشفى، واستلام مبالغ رواتب بعض الموظفين نقدا وتسليمها للمتهم الثاني وتسليمه صورة عقد توظيف ليقوم بكتابة بيانات الموظفين الذين يرغب بتعيينهم بنفسه، وتعيين ثلاثة أشخاص في المستشفى دون علمهم للاستفادة من رواتبهم. ٥ – قام بتزوير محررات رسمية وعرفية هي السجلات ومسيرات الرواتب بالمستشفى بطريق إثبات وقائع كاذبة في صورة وقائع صحيحة، بأن تم إثبات ما يفيد مزاولة زوجته وبنته وابنه العمل في المستشفى بخلاف الحقيقة، وقيامه باستلام رواتبهم دون مباشرتهم العمل، وتزوير مجموعة من الفواتير لتغطية المبالغ التي حصل عليها بطريقة غير نظامية من السلفة المستديمة والحصول على مقابلها بغير وجه حق. المتهم الثاني: ١- قام بالتوصية والوساطة لدى موظف عام لدفعه للإخلال بواجبات وظيفته، بأن قدم للمتهم الأول ملفات مجموعة من الأشخاص وطلب منه توظيفهم، فقام الأخير بالاستجابة لهذه التوصية والوساطة وتوظيف (٣٥) شخصا بالمخالفة للنظام. ٢- اشترك مع المتهم الأول في استغلال النفوذ الوظيفي وسوء الاستعمال الإداري والعبث بالأنظمة والأوامر والتعليمات، بأن قام بتعيين زوجته بالمستشفى دون مباشرتها للعمل وتعيين موظفين آخرين على وظائف في المستشفى دون وجود حاجة لهم ونقلهم للعمل خارج المستشفى،واستلام رواتب بعض الموظفين الذين ساهم في توظفيهم نقدا من المتهم الأول على التفصيل الوارد في الفقرات السابقة. ٣- قام بتزوير محررات رسمية وعرفية بطريق إثبات وقائع كاذبة بصورة وقائع صحيحة هي تفويضات استلام الرواتب لبعض الموظفين الذين تم توظيفهم عن طريقه والكمبيالات التي قام بتوقيعها من قبل الأشخاص الذين قام بتوظيفهم في المستشفى باعتبارها قيمة سيارات بخلاف الحقيقة، واستعمالها مع علمه بتزويرها بتقديم الكمبيالات محتجا بصحتها لوزارة التجارة وصدور أحكام فيها، وتقديم التفويضات لإدارة المستشفى واستلام الرواتب نقدا. ٤- بصفته موظفا عاما يعمل برتبة وكيل رقيب بالمباحث العامة اشتغل بالتجارة من خلال قيامه بالمتاجرة بالسيارات بيعا وشراء. ثانيا: أدلة الاتهام: ١- ما جاء بأقوال المتهم الأول لدى الفرع وأمام لجنة التحقيق. ٢- ما جاء بأقوالى المتهم الثاني لدى الفرع وأمام لجنة التحقيق والمباحث الإدارية. ٣ – ما جاء بأقوال الموظفين بالمستشفى (…)،و(…)،و(…) و(…). ٤- إقرارات المتضررين من الكمبيالات المزورة (…)، و(…) و(…) و(…)و(…)و(…)، المرفق صورها بأوراق القضية لفة (٨٨-٩٤). ٥ – الدعوى المرفوعة من الثاني لمكتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية بالمطالبة بمبلغ الكمبيالة المزورة المرفق صور تحديد المواعيد فيها بأوراق القضية لفة (٩٨).٦- الشكوى المرفوعة لمعالي وزير الصحة المرفقة بأوراق القضية لفة (٢٩). ٧ – شكوى (…) المرفقة صورتها بأوراق القضية لفة (٢٨). ٨- القرارات الإدارية التي أصدرها المتهم الأول بصفته مديرا لمستشفى المزاحمية وتثبت مسؤوليته عن مبالغ العلاج بأجر والسلفة المستديمة وتسليم الرواتب للموظفين المرفقة صورها بأوراق القضية لفة (٧٩-٨١).٩ – سندات الاستلام التي تحمل توقيع المتهم الأول المثبتة استلامه مبالغ العلاج بأجر المرفقة صورها بأوراق القضية لفة (٣٣- ٦٢). -١٠ خطاب سعادة مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة الرياض رقم(91260/2/ع) وتاريخ ٢٥/٧/١٤٢٠هـ المرفق بأوراق القضية لفة (٧٧-٧٨). ١١- خطاب وكيل الوزارة للشؤون التنفيذية رقم (٣٦١٣٩/ ت2/13) وتاريخ ١٢/٥/١٤٢٩هـ المرفقة صورته بأوراق القضية لفة (٩٥ – ٩٧). ١٢-خطاب الشؤون الصحية بمنطقة الرياض رقم (٤١١١٥) وتاريخ ١٣/٤/١٤٢٩هـ المتضمن أن عمليات التوظيف تمت دون علم مدير برنامج التشغيل الذاتي ومدراء الإدارات المالية والفنية والموظفين المرفقة صورته بأوراق القضية لفة (٨٤). 13- صورة إقرار المتهم الأول بالتعاقد مع الموظفين من قبله شخصيا دون تدخل أي قسم من أقسام المستشفى المرفقة بأوراق القضية لفة (٨٢، ٨٣). ١٤- تقرير اللجنة المشكلة من وزارة الصحة للتحقيق في الواقعة المرفق بأوراق القضية لفة (٨٥- ٨٧). ١٥- تعميم معالي رئيس ديوان المراقبة العامة رقم (3/1/3/586) وتاريخ ٨/١/١٤٢٤هـ المتضمن اعتماد تكليف كافة العاملين بعقود التشغيل الذاتي في مواقعهم الأصلية. ١٦- التقرير المعد من قبل وزارة الصحة عن مشكلة مستشفى المزاحمية المرفق بأوراق القضية لفة (٢٣٠ – ٢٣٥) ملف رقم (١). ١٧- تقرير اللجنة المشكلة بتوجيه صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض المؤرخ في ١٣/١٠/١٤٢٩هـ المرفق بأوراق القضية لفة (١٢١-١٣٠) ملف رقم (٢). ثالثا: تطلب الهيئة معاقبتهما بموجب المواد (٨، ٩، ١٩ ،٢١) من النظام الجزائي لجرائم التزوير، والمادتين (٤، ١٠) من نظام مكافحة الرشوة، والمادة (الأولى) فقرة (١)، والمادة (الثانية) فقرة (١ ، ٥ ، ٧) من المرسوم الملكي رقم (٤٣) وتاريخ ٢٩/١١/١٣٧٧هـ. وفي سبيل نظر القضية عقدت الدائرة جلسة يوم الاثنين ٢٤/١/١٤٣٦ هـ وبالمناداة على طرفي القضية حضر ممثل الادعاء (…)، كما حضر المدعى عليهما وبمواجهتهما بما نسب إليهما في قرار الاتهام، طلبا إمهالهما لتقديم الجواب. وفي جلسة يوم الأربعاء ١٦/٣/١٤٣٦هـ حضر ممثل الادعاء (…)، كما حضر المدعى عليه الأول ووكيل المدعى عليه الثاني (…)، فسألت الدائرة المدعى عليه الأول عما استمهل من أجله؟ فقدم مذكرة تبين للدائرة بعد الاطلاع عليها أنها غير مفهرسة مع كثرة عدد صفحاتها، فأعادتها الدائرة له وطلبت منه فهرستها وإعادة تقديمها. ثم سألت الدائرة وكيل المدعى عليه الثاني عن موكله؟ فذكر أنه لم يتمكن من حضور الجلسة لظرف طارئ، وطلب إمهاله إلى جلسة أخرى. وفي جلسة يوم الأربعاء ٦/٥/١٤٣٦هـ حضر ممثل الادعاء (…)، كما حضر المدعى عليهما، وبطلب الجواب منهما عما ورد في قرار الاتهام، قدم كل منهما مذكرة وقررا أنها تمثل إجابتهما، وقد تضمنت مذكرة المدعى عليه الأول أنه تعرض لعملية نصب واحتيال من المدعى عليه الثاني توصل بها إلى الضغط على المدعى عليه الأول لتوظيف أشخاص في المستشفى، وقد جرى توظيف عدد من الموظفين بعضهم من طرف المدعى عليه الثاني وبعضهم ليسوا من طرفه، لكن توظيفهم جميعا تم وفق النظام، وقد كان لعدد من أولئك الموظفين تعامل مالي حرروا بموجبه كمبيالات بأقساط للمدعى عليه الثاني ولم يستطيعوا الوفاء بها، فقام المدعى عليه الثاني بملاحقتهم وحصل منهم على تفويضات قدمها للشؤون المالية بالمستشفى، واستطاع أن يستلم رواتب من لديه تفويض منه، فاعترض بعض أولئك الموظفون على تلك التفويضات لدى مدير الشؤون المالية فرفض تسليم رواتبهم للمدعى عليه الثاني وأحال موضوعهم للمدعى عليه الأول، وحلا للإشكال أصبح يسلم المدعى عليه الثاني رواتب بعض الذين ليس لديهم اعتراض على التفويض ويتم التسليم في مكتب المدعى عليه الأول بحضور مدير شؤون الموظفين ومدير الشؤون المالية، وبعد أن ثارت الشكوك حول المدعى عليه الثاني توقف المدعى عليه الأول نهائيا عن التعامل معه ورفض جميع التفويضات التي يحضرها، فقام المدعى عليه الثاني باستخدام أحد الكمبيالات التي زورها ضد المدعى عليه الأول واستصدر حكما غيابيا من وزارة التجارة وطالبه بتسديده وتسبب في سجنه، ثم اتخذ المدعى عليه الأول قرارا نظاميا لحفظ المصلحة العامة وحماية نفسه ومساعديه من الابتزاز والاستغلال، فلجأ أولا إلى تطبيق المادة (الخامسة والخمسين) من نظام العمل التي تنص على أنه: “يحق لصاحب العمل التعاقد على ما يسمى بالوظائف المؤقتة لمدة ثلاثة أشهر على أن يتم إنهاء خدمة الموظف في نهاية العقد” فقام بإشعار أولئك الموظفين بعدم الرغبة في تجديد عقودهم نظرا لوجود تعاملات مشبوهة بينهم وبين المدعى عليه الثاني، وكان على وشك مخاطبة المديرية لإبلاغ الجهات المختصة بما حدث لكن بادر مجموعة من المتضررين من استلام رواتبهم بتقديم شكوى لوزير الصحة، فحضرت اللجنة قبل أن يقوم المدعى عليه الأول بمخاطبة المديرية، وأشار المدعى عليه الأول إلى عدم وجود ضوابط أو نظام واضح لبرنامج التشغيل الذاتي، وطلب التحقيق ومساءلة المسؤولين في الوزارة الذين وضعوا ذلك البرنامج بدون ضوابط، كما أشار إلى وجود موظفين في إدارة الشؤون الإدارية والمالية بالمستشفى وفي الوزارة عموما لم تبذل هيئة الرقابة والتحقيق جهدها في كشف دورهم فيما حصل من توظيف واختلاس لمبالغ العلاج بأجر، ويطلب تطبيق المادة (العشرين) من نظام الإجراءات الجزائية بحقهم. ثم رد المدعى عليه الأول عن التهم الموجهة إليه، فأنكرها جميعها، وذكر أنه لم يصدر منه أي فعل مخالف للنظام، وأن زوجته وابنه وبنته قد حصل توظيفهم وفق النظام وباشروا أعمالهم تحت إشراف المدير الطبي بالمستشفى. وأما مذكرة المدعى عليه الثاني فقد تضمنت أن ما تضمنه قرار الاتهام من وقائع وأفعال سبق أن صدر بشأنها حكم نهائي من المحكمة العامة بالرياض برقم (١/ ٣٠٠/ ١٣) وتاريخ ١/١/١٤٣٠هـ وأرفق بمذكرته صورة من الحكم، وطلب صرف النظر عن الدعوى بناء على المادة رقم (١٨٦) من نظام الإجراءات الجزائية. وبطلب جواب ممثل الادعاء عما قدمه المدعى عليهما، أجاب أنه فيما يتعلق بمذكرة المدعى عليه الأول فإنه يطلب مهلة لتقديم الجواب عنها، وأما مذكرة المدعى عليه الثاني فإن موضوع الحكم الآخر الذي أشار إليه مختلف. ثم أفهمت الدائرة المدعى عليه الثاني أن المذكرة المقدمة منه لم تتضمن جوابا موضوعيا عن الاتهام وأدلته. وفي جلسة يوم الأربعاء ٢٦/٦/١٤٣٦هـ حضر ممثل الادعاء (…)، كما حضر المدعى عليهما ووكيل المدعى عليه الثاني (…)، وقدم المدعى عليه الثاني مذكرة وأفاد بأن فيها جوابا موضوعيا عن الدعوى، وقد تضمنت إنكاره لجميع التهم وأدلة الاتهام. وبطلب الجواب عنها من ممثل الادعاء طلب مهلة لتقديم الجواب. وبسؤاله عما استمهل من أجله في الجلسة الماضية؟ قرر أنه يطلب مهلة إضافية ليتمكن من الإجابة عن المذكرتين جميعا. وفي جلسة يوم الأربعاء ٢٤/٧/١٤٣٦هـ حضر ممثل الادعاء (…)، كما حضر المدعى عليهما، فسألت الدائرة ممثل الادعاء عما استمهل من أجله؟ فقرر أنه يكتفي بأوراق القضية؛ لأن المذكرتين لم تتضمنا جديدا. وفي جلسة يوم الأربعاء ١٦/٨/١٤٣٦هـ حضر ممثل الادعاء (…)، كما حضر المدعى عليهما ووكيل المدعى عليه الثاني (…)، فقدم ممثل الادعاء خطابا موجها من معالي رئيس هيئة الرقابة والتحقيق إلى سمو أمير منطقة الرياض برقم (١٣٩١٥) وتاريخ ٢٤/١٠/١٤٣٥هـ يتضمن وجود شبهة فساد تتطلب التحقيق مع عدة أشخاص وردت أسماؤهم في مذكرة الدفاع التي قدمها المدعى عليه الأول لجهة التحقيق، فجرى إرفاقه بأوراق القضية،” سألت الدائرة المدعى عليه الأول إذا كان ينكر استلامه مبالغ العلاج بأجر فما سبب توقيعه على سندات استلام مبالغه؟ فأجاب قائلا: “توقيعي على تلك السندات بينت في دفاعي أن ليست كل التوقيعات صادرة مني بل بعضها، وأما عبارة (تم استلام المبلغ) فقد أضيفت على توقيعي وليست بخط يدي، وأما سبب توقيعي على بعض تلك السندات فهو اعتماد مني بأن المبلغ دخل في الصندوق”. ثم سألت الدائرة ممثل الادعاء عن المحررات العرفية التي يتهم المدعى عليه الأول بتزويرها في التهمة الخامسة حسب قرار الاتهام حيث لم ترفق بأوراق القضية؟ فأجاب بأنه يوجد لها صور في القضية، وأحال فيها إلى تقرير اللجنة المشكلة للتحقيق في القضية. فنبهته الدائرة أنها تمهله لتقديمها أو استخراجها من طرد القضية إن كانت موجودة كما يذكر. ثم أفهمت الدائرة طرفي القضية بأنها قررت تعديل وصف تهمة المدعى عليهما الأولى بالاشتراك في جريمة الإخلال بواجبات الوظيفة نتيجة للرجاء والوساطة، إلى الاشتراك في جريمة الرشوة بما يحصل عليه الأول من فائدة ومزية من المدعى عليه الثاني مقابل إنجاز معاملات الأشخاص الذين أحضر المدعى عليه الثاني بياناتهم، وبعرض ذلك على الطرفين تمسك ممثل الادعاء بطلبه الوارد في قرار الاتهام، وأما المدعى عليه الأول فأنكر هذه التهمة وأحال في تفصيل إجابته عنها إلى تفصيل إجابته عن التهمة الأولى الواردة في مذكرته المقدمة بجلسة ٦/٥/١٤٣٦هـ، وأضاف مذكرة قدمها في تلك الجلسة، وبالاطلاع عليها تبين أنها لم تأت بجديد، وبعرضها على ممثل الادعاء استمهل للإجابة عنها، وأما المدعى عليه الثاني فاستمهل لتقديم إجابته عن التهمة المعدلة، واستعد وكيل المدعى عليه الثاني بتقديم نسخة مصدقة من حكم المحكمة العامة الذي قدمه في جلسة ٦/٥/١٤٣٦هـ، وفي جلسة يوم الأربعاء ٣٠/٨/١٤٣٦هـ حضر ممثل الادعاء (…)، كما حضر المدعى عليه الأول ووكيل المدعى عليه الثاني (…)، وقدم وكيل المدعى عليه الثاني نسخة من الحكم الصادر ضد المدعى عليه الثاني من المحكمة العامة في الرياض مصادقا عليها في اللفة الثالثة عشرة منه بتوقيع القاضي (…) وختم المكتب القضائي رقم ثلاثة عشر، كما قدم مذكرة أضاف فيها إنكار تهمة الرشوة وعدم انطباقها على الواقعة وعدم وجود دليل عليها، وأما استدلال جهة الادعاء بأقوال المدعى عليه الثاني في التحقيقات؛ فذكر أن الإقرار المعتد به يجب أن يكون أمام القضاء وأثناء سير الدعوى وفق المادة (١٠٨) من نظام المرافعات الشرعية. وبعرض ما تقدم على ممثل الادعاء وسؤاله عما أمهلته الدائرة لأجله؟ أجاب بأن مبالغ العلاج بأجر استلمها المدعى عليه الأول بموجب اللفات (٣٣-٦٦) من الطرد المرفق بأوراق القضية واستلامها له مخالف للنظام، وذكر أنه دفع مبالغها في فواتير شراء أجهزة للمستشفى واتضح أنها مزورة لأنه لا يوجد أجهزة دخلت للمستشفى حسب أقواله في نفس الموضع. وبالنسبة لصور الفواتير؛ فقدتم الإشارة إليها وإرفاقها بأحد التقريرين لفة (٨٧) ولفة (٢٨٥). وبالنسبة لمذكرة المدعى عليه الثاني المقدمة في هذه الجلسة؛ فقد ذكر أنه حسب المادة (١٠٨) من نظام المرافعات الشرعية أن الإقرار لا يكون إلا في حالتين أمام القضاء أو أثناء سير الدعوى، وهذا لا ينطبق على أقواله في هذه القضية حسب المادة (١٠١) من نظام الإجراءات الجزائية، وأن اعتراف المدعى عليه الثاني ثابت في مذكراته المقدمة أثناء التحقيق، وإن الهيئة تطلب ضمن طلباتها إدانة المدعى عليهما بالرشوة أيا كان مسماها. وبعرض ذلك على المدعى عليه الأول ووكيل المدعى عليه الثاني، ذكر وكيل المدعى عليه الثاني أنه يكتفي بما قدمه سابقا. فيما ذكر المدعى عليه الأول أنه يطلب مهلة أسبوع للإجابة عما ذكره ممثل الادعاء بشأن فواتير شراء أجهزة طبية للمستشفى. وفي جلسة هذا اليوم الأربعاء ٧/٩/١٤٣٦هـ حضر ممثل الادعاء (…)، كما حضر المدعى عليهما، وقدم المدعى عليه الأول مذكرة أضاف فيها أنه لا صحة لما ذكرته جهة الادعاء من استلامه مبالغ العلاج بأجر، وأكد أنه لم يستلم أي مبلغ منها، وعلى جهة الادعاء إثبات ما تدعيه. وأشار إلى وجود تناقض حسب رأيه في تقرير اللجنة من قبلالوزارةبخصوص مبالغ العلاج بأجر، وختم المدعى عليه الأول مذكرته باستنكار ما ذكره ممثل الادعاء من وجود فواتير مزورة ووجود تزوير في أوراق السلفة المستديمة وتمسكه في هذا الشأن بما ورد في خطاب مديرية الشؤون الصحية الموجهة للإمارة المتضمن ما نصه: “نفيد سعادتكم بأنه لا يوجد أي ملاحظات أو مخالفات على سندات استلام وصرف السلفة المستديمة”. وأردف المدعى عليه الأول أنه يعاني من ظروف صحية أبرزها التهاب القولون العصبي وإجراء عملية استئصال جزء من الأمعاء الدقيقة بسبب إصابته بغرغرينا ولا زال يخضع للعلاج بسببها وتستلزم متابعة طبية مستمرة. وقدم تقارير طبية ذكر أنها تثبت ما بينه من ظروف صحية. فجرى ضمها إلى أوراق القضية، وبعرض ذلك على ممثل الادعاء، ذكر أن ما قدمه المدعى عليه الأول ليس فيه جديد ويكتفي بشأنه بردوده السابقة. ثم قرر الأطراف جميعا الاكتفاء بما قدموه. وبذلك أقفل المحضر ورفعت الجلسة للمداولة.
الأسباب
بعد سماع الدعوى والإجابة عنها، وبعد دراسة أوراق القضية ومستنداتها، ولما كانت جهة الادعاء خلصت في دعواها إلى اتهام المدعى عليه الأول (…) بتهم الإخلال بواجبات الوظيفة نتيجة لقبول توصية ووساطة المدعى عليه الثاني، والاختلاس من مبالغ العلاج بأجر، وسوء الاستعمال الإداري، واستغلال نفوذ الوظيفة، وتزوير محررات رسمية وعرفية، واتهام المدعى عليه الثاني (…) بتهم التوصية والوساطة لدى المدعى عليه الأول، والاشتراك معه في سوء الاستعمال الإداري واستغلال نفوذ الوظيفة، وتزوير محررات رسمية وعرفية، إضافة إلى اتهامه بالاشتغال بالتجارة، ولما كانت الدائرة بموجب المادة رقم (١٥٨) من نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (ح /٢) وتاريخ ٢٢/١/١٤٣٥هـ قد عدلت وصف التهمة الأولى الموجهة إلى كل من المدعى عليهما إلى اتهامهما بالاشتراك في جريمة الرشوة بما يحصل عليه الأول من فائدة رمزية من المدعى عليه الثاني مقابل إنجاز معاملات الأشخاص الذين أحضر المدعى عليه الثاني بياناتهم. فبالنسبة لاتهام المدعى عليه الأول بالرشوة؛ فبما أنه أقر في التحقيقات وأمام الدائرة بأنه بصفته مدير مستشفى المزاحمية أنجز معاملات عدد من الأشخاص الذين أحضر المدعى عليه الثاني بياناتهم وطلب توظيفهم، وذلك بأن وظف خمسة وثلاثين منهم، ومن ضمنهم زوجة المدعى عليه الثاني، فذكر في التحقيقات أنه وظفها في المستشفى مدة شهرين بدون أن يدري عن مؤهلاتهم وأنها لم تباشر العمل وأنه وظفها بسبب وجود الوفورات لديه وبسبب ضغط المدعى عليه الثاني، وأن عددا من أولئك الذين وظفهم كان توظيفهم مخالفا للنظام، وبما أنه ثبت من أوراق القضية وأقوال المدعى عليهما أن بينهما تعامل مالي بأن اشترى الأول من الثاني سيارات بالتقسيط وحرر الأول كمبيالات بتلك الأقساط لصالح الثاني، وبما أن المدعى عليه الأول أقر في التحقيقات بأن توظيفه بعض الأشخاص الذين طلب المدعى عليه الثاني توظيفهم كان بسبب مصلحة القرض الذي استفاد منه الأول من الثاني والتساهل في الأقساط الناتجة عنه، مما تطمئن معه الدائرة إلى إدانة المدعى عليه الأول بجريمة الرشوة التي تحققت بوصفه مرتشيا بموجب المادة (الأولى) من نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/٣٦) وتاريخ ١٢/١٢/١٤٢٩هـ بأن قبل فائدة مالية من المدعى عليه الأول تتمثل في مصلحة إقراضه والتساهل في سداده مقابل توظيف الأشخاص الذين أحضر المدعى عليه الثاني أوراقهم وطلب توظيفهم. وأما بالنسبة لاتهام المدعى عليه الأول بالاختلاس من مبالغ العالج بأجر؛ فبما أنه أقر في التحقيقات بذلك الاختلاس، وبما أن منصبه بصفته مدير المستشفى يسهل له ذلك الاختلاس، وبما أنه في التحقيقات سمعت إفادة كل من موظفي المستشفى (…)، و(…)، و(…)، فذكروا أن المدعى عليه الأول كان يستلم مبالغ العلاج بأجر، وأضاف (…) أن المدعى عليه الأول كان يأخذ من مبالغ العلاج بأجر، وبما أنه ضبط في مكتب المدعى عليه الأول قرارات تفيد بإشرافه ومسؤوليته ومباشرته لعدة أمور منها الدخل الخاص بالعلاج بأجر، وإذ لم ينكر المدعى عليه الأول إصداره تلك القرارات وإنما دفع بأنها لم تعمم ولم تقيد في الاتصالات الإدارية، وهذا مردود بعلم موظفي المستشفى الذين سمعت إفادتهم في التحقيقات بتلك القرارات، وبما أن الدائرة اطلعت على صور سندات استلام مبالغ العلاج بأجر وعليها توقيع المدعى عليه الأول الذي أقر في التحقيقات وأمام الدائرة بصحة توقيعه على بعضها وإنما أنكر كتابته عبارة تفيد باستلام المبالغ، وإذ إنه وبالنظر إلى الأدلة والقرائن السابقة لم يظهر للدائرة حاجة إلى توقيعه على تلك السندات – سيما وليس للتوقيع حقل أصلا في تلك السندات – إلا دخول المبالغ في عهدته، مما تنتهي معه الدائرة إلى إدانة المدعى عليه الأول بجريمة الاختلاس من مبالغ العلاج بأجر بموجب المادة رقم (٢/ ٧) من المرسوم الملكي رقم (م / ٤٣) لعام ١٣٧٧ هـ وأما بالنسبة لاتهام المدعى عليه الأول بتزوير محررات رسمية هي السجلات ومسيرات الرواتب بالمستشفى بطريق إثبات وقائع كاذبة في صورة وقائع صحيحة، بأن تم إثبات ما يفيد مزاولة زوجته وابنته وابنه العمل في المستشفى بخلاف الحقيقة وقيامه باستلام رواتبهم دون مباشرتهم العمل؛ فبما أن المدعى عليه أقر في كافة مراحل التحقيق بصحة هذه التهمة، وقد تأيد إقراره ذلك بإفادة الموظف بالمستشفى (…) بذات مضمون التهمة، وإذ بذلك قوي جانب التهمة فكان عبء تقديم دليل نفيها على المدعى عليه الأول ولم يقدم ما ينفيها ولا ما يثبت مباشرة أفراد أسرته المذكورين العمل، فإن الدائرة تنتهي إلى إدانته بجريمة تزوير المحررات الرسمية محل التهمة بموجب المادة (الخامسة) من نظام مكافحة التزوير الذي حصلت الجريمة في وقت سريان العمل به الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / ١١٤) وتاريخ ٢٦/١١/١٣٨٠هـ وإذ انتهت الدائرة إلى إدانة المدعى عليه الأول بجرائم الرشوة والاختلاس وتزوير المحررات الرسمية فإنها تعاقبه بموجب المادة (الأولى) من نظام مكافحة الرشوة، وبموجب المادة رقم (2/7) من المرسوم الملكي رقم (م / ٤٢) لعام ١٣٧٧هـ، وبموجب المادة (الخامسة) من نظام مكافحة التزوير، آخذة بمبدأ تداخل العقوبات، ولكن نظرا لما يعانيه المدعى عليه الأول من امراض يحتاج لأجلها إلى علاج ومتابعة طبية مستمرة، وما قدمه من تقارير طبية لإثبات ذلك، واكتفاء بماعاناه من جراء هذه القضية من إيقاف وغيره، فإن الدائرة تنتهي إلى وقف تنفيذ عقوبة السجن بناء على المادة رقم (١١٤/٢) من نظام الإجراءات الجزائية. وأما بالنسبة لاتهام المدعى عليه الأولى بتزوير محررات عرفية هي مجموعة من الفواتير لتغطية المبالغ التي حصل عليها بطريقة غير نظامية من السلفة المستديمة والحصول على مقابلها بغير وجه حق، فبما أنه أنكر هذه التهمة أمام الدائرة، وبما أن الدائرة لم تعثر على شيء من تلك الفواتير ضمن أوراق القضية، وبما أنه لم يثبت وجود فساد إداري ومالي بشأن مبالغ السلفة المستديمة؛ وذلك استنادا إلى خطاب مدير الشؤون الصحية بمنطقة الرياض الموجه إلى وكيل إمارة منطقة الرياض رقم (٩١٣٦٠) وتاريخ ٢٥/٧/١٤٣٠هـ الذي تضمن في فقرته الخامسة أنه: (بخصوص تحديد المبالغ المستلمة كسلف مستديمة من مستشفى المزاحمية للمتهم الأول عند تولية إدارة المستشفى وسندات استلامها وأوجه صرفها، فنفيد سعادتكم أن نظام السلف مقيد باشتراطات صارمة من قبل وزارة المالية ولا يمكن منح السلفة الجديدة من قبل وزارة المالية إلا بعد تقديم مستندات رسمية تفيد سداد السلفة السابقة، وعلى ذلك نفيد سعادتكم بعدم وجود أي ملاحظات أو مخالفات بهذا الخصوص). ولذلك لم تخلص تقارير وزارة الصحة ولا قرار الاتهام إلى اتهام المدعى عليه الأول بأي اختلاس أو تبديد أو تفريط في مبالغ السلفة المستديمة؛ مما ينفي مصلحة المدعى عليه الأول من تزوير تلك الفواتير، وبناء عليه فإن الدائرة تنتهي إلى عدم إدانة المدعى عليه الأول بتزوير المحررات العرفية محل هذه التهمة. وأما اتهام المدعى عليه الثاني بجريمة الرشوة بوصفه راشيا وتزوير المحررات الرسمية والعرفية على الوجه السالف في سياق التهم؛ فقد دفع المدعى عليه الثاني بشأنها بأنه سبقت محاكمته، وقدم لإثبات ذلك نسخة مصدقة من الصك رقم (1/300/13) وتاريخ ١/١/١٤٣٠هـ الصادر من المحكمة العامة بالرياض، وباطلاع الدائرة عليها تبين أنه صدر حكم نهائي ضد المدعى عليه الثاني في ذات وقائع تهمتي الرشوة والتزوير محل هذه القضية، إذ ورد في الصفحة السادسة منه السطر الثاني عشر فما بعد ما نصه: “فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وبما أن المدعى عليه أقر تحقيقا باكتساب أموال نظير السعي في توظيف بعض الرجال والنساء في مستشفى المزاحمية وأنه قام بتمويه مصدرها حيث وضع الإقرارات بها على سندات أمر تخص تقسيط السيارات، وبما أن اكتساب هذه الأموال يعتبر من طريق غير مشروع لوجهين، الأول: أن مدير المستشفى إنما وظف هؤلاء الذين سعى المدعى عليه في توظيفهم محاباة للمدعى عليه لكون مدير المستشفى مدينا له. والثاني: أن أخذ المقابل على الشفاعة لا يجوز لحديث أبي أمامة عن النبي –صلي الله عليه وسلم-قال: (من شفع لأخيه فأهدا له هدية عليها فقبلها فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا) أخرجه أبو داود، وبما أن اكتساب الأموال من مصدر غير مشروع وتمويه مصدرها يعتبر جريمة غسل أموال… فقد ثبت لدي ارتكاب المدعى عليه لجريمة غسل الأموال وحكمت عليه تعزيرا..”، وبذلك يتضح ان جريمتي الرشوة والتزوير داخلتان في مكونات جريمة غسل الأموال التي سبق محاكمة المدعى عليه الثاني عنها بغض النظر عن تكييف جهات الادعاء وتوصيفها لتلك الوقائع وتفصيلها إلى عدة جرائم؛ وذلك لأن نص نظام الإجراءات الجزائية في المادة رقم (١٨٦) كالتالي: “متى صدر حكم في موضوع الدعوى الجزائية بالإدانة أو عدم الإدانة بالنسبة إلى متهم معين، فإنه لا يجوز بعد ذلك أن ترفع دعوى جزائية أخرى ضد هذا المتهم عن الأفعال والوقائع نفسها التي صدر بشأنها الحكم، وإذا رفعت دعوى جزائية أخرى فيتمسك بالحكم السابق في أي حالة كانت عليها الدعوى الأخيرة”، إذ أناط المنظم الأمر باتحاد الأفعال والوقائع لا بتوصيفها، وإذ ثبت للدائرة أنه سبق محاكمة المدعى عليه الثاني عن ذات الوقائع والأفعال فإن الدائرة تنتهي إلى عدم جواز نظر الدعوى بشأن اتهام المدعى عليه الثاني بجريمتي الرشوة والتزوير. وأما بالنسبة لاتهام المدعى عليه الأول باستغلال نفوذه الوظيفي وسوء الاستعمال الإداري، واتهام المدعى عليه الثاني بالاشتراك في استغلال نفوذ الوظيفة وسوء الاستعمال الإداري وبالاشتغال بالتجارة، فلما ثبت من قرار الاتهام وبقية أوراق القضية أن الأفعال التي نشأت عنها هذه التهم قد وقعت قبل صدور الأمر الملكي رقم (أ/١٠١) وتاريخ ٩/٤/١٤٣٦هـ بالعفو عن السجناء للحق العام في القضايا التعزيرية، وأوكل إلى وزير الداخلية إصدار قواعد العفو، وكانت قواعد العفو قد صدرت من وزير الداخلية وعممت برقم (٣٦٦٧٨) وتاريخ ١٠/٤/1٤٣٦هـ، وتضمنت في فقرتها (ثانيا) ما نصه: “الموقوفون والمطلق سراحهم بالكفالة في القضايا غير الكبيرة… فهؤلاء يتم إنهاء قضاياهم وفق القاعدة (أولا) وحسب نص المادة (٢٢/٢) من نظام الإجراءات الجزائية ولائحته التنفيذية”. كما أشارت القاعدة السادسة منه إلى الرجوع في تفسير التعميم إلى مصدره. وإذا كانت المادة (الثانية والعشرون) من نظام الإجراءات الجزائية قد تضمنت ما نصه: “تنقضي الدعوى الجزائية العامة في الحالات الآتية:…٢- عفو ولي الأمر فيما يدخله العفو”. وبما أن تهم استغلال النفوذ الوظيفي وإساءة الاستعمال الإداري والاشتغال بالتجارة غير مدرجة في القرار الوزاري رقم (٢٠٠٠) وتاريخ ١٠/٦/١٤٣٥هـ المتضمن بيان الجرائم الكبيرة، فإن هذه التهم تكون مشمولة بالعفو الملكي المشار إليه، مما تنتهي معه الدائرة بشأنها إلى الحكم بانقضاء الدعوى. لذلك حكمت الدائرة بما يلي: أولا: إدانة المتهم الأول (…) – سعودي الجنسية بموجب الهوية الوطنية رقم (…) – بجرائم الرشوة والاختلاس وتزوير المحررات الرسمية المنسوبة إليه، ومعاقبته عن ذلك بسجنه ثلاث سنوات وتغريمه خمسة آلاف ريال مع وقف تنفيذ عقوبة السجن، وعدم إدانته بجريمة تزوير المحررات العرفية المنسوبة إليه. ثانيا: عدم جواز نظر الدعوى بشأن اتهام المتهم الثاني (…) – سعودي الجنسية بموجب السجل المدني رقم (…) – بجريمتي الرشوة والتزوير. ثالثا: انقضاء الدعوى بشأن اتهام المتهم الأول (…) باستغلال نفوذه الوظيفي وسوء الاستعمال الإداري، واتهام المتهم الثاني بالاشتراك في استغلال نفوذ الوظيفة وسوء الاستعمال الإداري وبالاشتغال بالتجارة.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محكمة الإستئناف
حكمت المحكمة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.