عدم إقامة الدعوى الأصلية

رقم القضية الابتدائية ٥١٦٣/1/ ق لعام ١٤٣٦ هـ

رقم قضية الاستئناف ١٥٠٩ / ق لعام ١٤٣٧ هـ

تاريخ الجلسة ٢٥/٣/١٤٣٧هـ

الموضوعات

اختصاص – اختصاص ولائي – تعويض – أعمال الضبطية الجنائية – مناط اختصاص المحكمة الجزائية بنظر طلبات التعويض عن الدعاوى الجزائية – اختصاص المحكمة الجزائية بنظر طلبات التعويض مرتبط باقامة الدعوى الأصلية – عدم إقامة الدعوى الأصلية – انتفاء اختصاص المحكمة الجزائية بنظر طلبات التعويض عن أعمال جهة الإدارة عدا ما استثناه المنظم – قرار هيئة التدقيق مجتمعة – نسخ القرار – مخالفة القرار للنظام.

مطالبة المدعي إلزام المدعى عليها تعويضه عن الضرر الذي أصابه نتيجة القبض عليه وتوقيفه خطأ- وفقا لنظام الإجراءات الجزائية طلب التعويض في حكم الطلب المتفرع عن الدعوى الأصلية، وتابع لها -اختصاص المحكمة الجزائية بنظر طلبات التعويض عن الدعاوى الجزائية أو الناشئة عنها مقيد بما تفرع عن الدعوى الأصلية المنظورة أمامها؛ لكونها قد حكمت في الأصل ومن ثم فهي الأقدر على نظر الملاءمة فيما تفرع عن الأصل – عدم اختصاص المحكمة الجزائية بنظر جميع طلبات المتهمين من قبل جهة الإدارة عدا ما حدده المنظم كون ذلك يستدعي الخوض في أعمال جهة الإدارة الخاضعة لرقابة القضاء الإداري – ثبوت عدم محاكمة المدعي في الدعوى الأصلية أمام المحكمة الجزائية – مؤدى ذلك: عدم اختصاص الدوائر الجزائية بنظر الدعوى. دون أن ينال من ذلك قرار هيئة التدقيق مجتمعة رقم (٨٧) لعام ١٤٣٢هـ القاضي بالعدول عن اختصاص ديوان المظالم بهيئة قضاء إداري بنظر الدعاوى المتعلقة بأعمال الضبط الجنائي إلغاء وتعويضا؛ إذ إن قرار هيئة التدقيق نسخ بصدور نظام الإجراءات الجزائية الجديد، بالإضافة إلى أن هيئة التدقيق غير مختصة بتأسيس الاختصاص المحدد بنظام الإجراءات الجزائية ونظام ديوان المظالم الذي نص صراحة باختصاص محاكمه بنظر دعاوى التعويض عن أعمال وقرارات جهة الإدارة – أثر ذلك: عدم اختصاص الدوائر الجزائية ولائيا بنظر الدعوى.

الأنظمة واللوائح

  • المواد (١٤٧ ،٢٠٤ ،٢٠٧ ،٢١٥) من نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٢) وتاريخ ٢٢/١/1٤٣٥هـ.

  • المادتان (18، 40) من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (١٩٠) وتاريخ ١٦/١١/١٤٠٩هـ.

  • المادة (١٣ /ج) من نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /٧٨) وتاريخ 19/9/1428هـ.

الوقائع

تتحصل وقائع هذه القضية في أن المدعي قد أقام دعواه في لائحة دعوى عامة جاء فيها: كنت أعمل في مؤسسة (…) وفي عام 1٤٢٨ هـ ساءت علاقتي مع كفيلي ورغبت في نقل الكفالة وبعد ذلك التقيت بشخص ادعى أنه سينقل كفالتي، واتضح لي بعد مدة أن ذلك الشخص يعمل في تزوير العملة وأنه يريد استغلال خبراتي في مجال الدعاية والإعلان لتزوير العملة، وعندئذ قمت بالإبلاغ عنه في إدارة الأدلة الجنائية وفي المباحث العامة وبعد إبلاغي عنه طلب مني ضابط في المباحث مساعدتهم للقبض عليه وأعطاني خمسة آلاف مرقمة لأقوم بشراء عملة مزورة من المذكور ليتم القبض عليه متلبسا، وقد قمت بالدور المطلوب مني وقبض عليه متلبسا وبحوزته مئة ألف ريال مزورة، وكان ذلك بتاريخ ١٤/٢/١٤٢٨هـ، وبعد القبض عليه طلبت من الفرقة التي قامت بالقبض عليه بالذهاب معهم إلى مباحث عليشة لأخذ أقوالي، وعند وصولي للمباحث وضعوا الكلبشات بيدي وقدمي وغموا عيني وبقيت الكلبشات في يدي ورجلي لمدة أسبوعين ثم أخذوني للتصديق على أقوالي كشاهد في المحكمة، وبعد ذلك تم فك القيود ونقلت إلى السجن الجماعي في المباحث وبقيت عندهم أربعة أشهر، ثم نقلوني أنا ومن قمت بالإبلاغ عنهم إلى إمارة الرياض ومن ثم إلى سجن شرطة السويدي وبقيت في سجن شرطة السويدي ما يزيد عن شهر، ثم عرضت على المحقق في هيئة الرقابة والتحقيق الذي قال لي بالحرف الواحد أنت ليش مسجون؟ ثم أمر بإطلاق سراحي فورا وذلك بتاريخ ٢٥/٧/1٤٢٨هـ، وقد حدث أثناء السجن أنني منعت من الاتصال لمدة تزيد عن شهر رغم طلبي الاتصال بوالدتي المريضة والتي توفيت أثناء سجني وكانت تسأل عني وتدهورت صحتها بسبب غيابي عنها وعدم اتصالي بها، حيث إنني كنت قبل السجن أتصل بها كل يومين دون انقطاع، وقد شوهت سمعتي بين أهلي وأصدقائي وعشيرتي وأنا من صعيد مصر وكل من يعرف بموضوعي لا يصدقني عندما أقول إنني سجنت خمسة أشهر ظلما، وبعد خروجي من السجن رفعت ثلاث برقيات إلى وزارة الداخلية، ورفعت أربعة خطابات إلى إمارة الرياض، ورفعت ثلاثة خطابات إلى السفارة المصرية وأتابع كل خطاب وبرقية من جهة إلى أخرى من أربع إلى خمس ولكن دون جدوى، وبعد إلحاحي ومواصلة طلبي صدر من وزارة الخارجية السعودية إلى السفارة المصرية خطاب مفاده بأنني كنت مسجونا دون جريمة تذكر. كما أنني الآن لم أستطع الرجوع لكفيلي؛ لأن له علاقة بتلك العصابة وأخشى أن يدبر لي مكيدة بسبب ما قمت به من الإبلاغ عنهم، وأصبحت بدون إقامة وبدون نقل كفالة وليس معي الآن سوى جواز سفر أتنقل به، والكفيل بلغ عني بلاغ هروب. فضيلة القاضي إن ما وقع لي هو عين الظلم وكان الأجدر بوزارة الداخلية أن تشكرني وتسلم لي مكافأة وبدلا من ذلك يحل بي هذا العذاب وهذه الإهانات التي لا تليق حتى بمن كان مجرما فكيف بشخص برئ ومحسن وغيور على مصلحة هذا الوطن الذي أعده وطني الثاني. وفي سبيل نظر القضية حددت الدائرة لها جلسة هذا اليوم حيث حضر المدعي وقدم مذكرته مطالبا بالتعويض عن فترة السجن التي قضاها دون أن توجه له أي تهمة أو محاكمة. وبعد دراسة أوراق القضية تبين للدائرة أنه لم يحكم في قضية المدعي في أي دائرة جزائية بالديوان، مما قررت معه الدائرة رفع القضية للمداولة والحكم فيها.

الأسباب

وبعد سماع دعوى المدعي، وبعد الاطلاع على أوراق القضية، ولما كان المدعي يهدف من دعواه في هذه القضية إلى تعويضه عن الضرر الذي أصابه نتيجة توقيفه من قبل المديرية العامة للمباحث الإدارية، ثم تحويله إلى جهة الادعاء التي قررت إطلاق سراحه. ولما كان البحث في اختصاص الدائرة بنظر الدعوى – ولو لم يدفع به أمامها – هو من المسائل الأولية والتي تتعلق بالنظام العام ويتعين التصدي لها قبل البحث والخوض فيها موضوعيا؛ لأن ذلك يدور مع ولاية المحكمة بنظرها وجودا أو عدما. ولما كان الاختصاص بالتعويض عن الضرر الذي أصاب المدعي ينعقد للمحاكم الجزائية التي تنظر الدعوى الأصلية بموجب نصوص نظامية استمدت هذه الدوائر ولايتها منها دون غيرها وحددت هذا الاختصاص في مسائل معينة لا يجوز تعديها أو التوسع فيها. ولما كان بصدور نظام الإجراءات الجزائية بالمرسوم الملكي رقم (م /٢) وتاريخ ٢٢/1/1٤٣٥ هـ قد نظم إجراءات التقاضي في المحاكم الجزائية وعقد الاختصاص لها – فيما يتعلق بالتعويض عن الضرر الذي أصاب المتهم ونسخ ما كان قبله، بحسب ما رآه المنظم من قدرة القاضي الجزائي على الفصل في التظلمات وتقدير ذلك كونه قد حكم في الأصل فهو أقدر على نظر الملاءمة فيما يتفرع عن الدعوى الأصلية، ولا يمكن للقاضي الجزائي أن يختص في نظر جميع تظلمات المتهمين باستثناء ما حدده المنظم؛ كون ذلك يستدعي منه الخوض في أعمال جهة الإدارة التي تخضع لرقابة القضاء الإداري دون سواه. ولما كانت المادة (١٤٧) من نظام الإجراءات الجزائية قد نصت على أنه: “لمن لحقه ضرر من الجريمة – ولوارثه من بعده – أن يطالب بحقه الخاص أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجزائية في أي حال كانت عليها الدعوى، حتى لو لم يقبل طلبه أثناء التحقيق”. ولما كانت المادة (٢١٥) من ذات النظام قد نصت على أنه: “إذا كان المحكوم عليه بعقوبة السجن قد أمضى مدة موقوفا بسبب القضية التي صدر الحكم فيها، وجب احتساب مدة التوقيف من مدة السجن المحكوم بها عند تنفيذها، ولكل من أصابه ضرر – نتيجة اتهامه كيدا أو نتيجة إطالة مدة سجنه أو توقيفه أكثر من المدة المقررة – الحق في طلب التعويض أمام المحكمة التي رفعت إليها الدعوى الأصلية”. فهنا المادتان من نظام الإجراءات الجزائية قد حصرت اختصاص المحكمة الجزائية التي تنظر الدعوى الأصلية في النظر في تظلمات المتضررين؛ ففي المادة (١٤٧) قد بينت تظلمات غير المتهمين ممن تضرروا من الجريمة وأن لهم المطالبة بحقهم الخاص أمام المحكمة الجزائية التي تنظر الدعوى الأصلية في مواجهة المتهم فيها، وفي المادة (٢١٥) قد بينت أن من اتهم كيدا أو من تمت إطالة مدة سجنه أكثر من المدة المقررة، وأكد علىحصر هذا الاختصاص للمحاكم الجزائية فيمن اتهم كيدا في المادة (٢٠٧) التي نصت على أنه: “كل حكم صادر بعدم الإدانة – بناء على طلب إعادة النظر – يجب أن يتضمن تعويضا معنويا وماديا للمحكوم عليه لما أصابه من ضرر، إذا طلب ذلك”. وإنه بالنظر إلى أحوال إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة التي نصت عليها المادة (٢٠٤) يتبين أن جميعها كانت بسبب اتهام المتضرر من الحكم كيدا، وحصول وقائع جديدة تبين هذا الكيد، والمقصود بالكيد هو الذي يظلم فيه المتهم بهتانا وزورا ولم يرتكب ما يدعو إلى توقيفه وتوجيه التهمة إليه. وبذلك فإن نظام الإجراءات الجزائية قد أسس اختصاص المحاكم الجزائية بالتعويض تبعا لموضوع الدعوى الأصلية؛ لأن طلب التعويض هنا في حكم الطلب المتفرع عن الدعوى الأصلية وتابع لها؛ في حدود ما حدده المنظم كما في المادتين السابقتين. ولا ينال من ذلك ما يثار من أن ذلك يتعارض مع ما قررته هيئة التدقيق مجتمعة بقرارها رقم (٨٧) لعام 1432هـ بشأن طلب العدول عن اختصاص الديوان بهيئة قضاء إداري بنظر الدعاوى المتعلقة بأعمال الضبط الجنائي إلغاء وتعويضا؛ إذ إن هذا القرار لا يصح أن يستند إليه في مواجهة نظام الإجراءات الجزائية الذي حدد فيه الاختصاص بصيغة صريحة وواضحة؛ كما أنه بصدور نظام الإجراءات الجزائية بتاريخ ٢٢/١/١٤٣٥هـ قد ألغى ما يتعارض معه من أحكام؛ بالإضافة إلى أن اختصاص هيئة التدقيق مجتمعة بصفة أصيلة هو تقرير المبادئ القضائية وترسيخها وذلك في حالة العدول عن اجتهاد سابق أقرته تلك الهيئة، أو أخذت به إحدى دوائر التدقيق، بالإضافة إلى تقرير سماع الدعوى بعد شطبها للمرة الثانية؛ كما نصت عليه المادتان (١٨، ٤٠ ) من قواعد المرافعات والإجراءات أمام الديوان الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (١٩٠) وتاريخ ١٦/١١/١٤٠٩هـ والتي ألغيت بصدور نظام المرافعات أمام ديوان المظالم عام 1٤٣٥ هـ، وليس من اختصاص هيئة التدقيق مجتمعة تأسيس الاختصاص بطلبات التعويض التي قررت ونظمت بصدور نظام الإجراءات الجزائية، وكذلك نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (٧٨) وتاريخ ١٩/٩/١٤٢٨هـ حيث نص في المادة (١٣/ج) منه على اختصاص المحاكم الإدارية بدعاوى التعويض التي يقدمها ذوو الشأن عن قرارات أو أعمال جهة الإدارة. وإذا تبين ذلك؛ فإنه لما كان المدعي يهدف من دعواه إلى إلزام المديرية العامة للمباحث الإدارية بوزارة الداخلية بتعويضه عن المدة التي ظل فيها موقوفا نتيجة القبض عليه من قبل الجهة المدعى عليها وبسبب أعمالها. ولما كان ذلك الطلب يخرج عن اختصاص الدائرة الذي قرره المنظم، ولا ولاية لها في ذلك؛ إذ إن الدائرة لم تحاكمه، كما أنه لم توجه له أي تهمة أمام أي دائرة جزائية بالديوان، وأن مراقبة أعمال جهة الإدارة المدعى عليها في القضية والخوض فيها يخرج عن اختصاص الدائرة، وأن ذلك من اختصاص الدوائر الإدارية؛ لذا فإن الدائرة تنتهي إلى عدم اختصاصها بنظر هذه الدعوى. لذلك حكمت الدائرة: بعدم اختصاص الدوائر الجزائية ولائيا بنظر طلب التعويض المقدم من (…) – مصري الجنسية – ضد المديرية العامة للمباحث الإدارية بوزارة الداخلية.

والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

محكمة الإستئناف

حكمت المحكمة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.

error: