تقصير الجهة في تنفيذ التعليمات النظامية

رقم القضية ١٣٩٢ /١ / ق لعام ١٤٢١هـ

رقم الحكم الابتدائي ٣ / د/ف /٣٩ لعام ١٤٢٢ هـ

رقم حكم هيئة التدقيق ٢٤٩ /ت /١ لعام ١٤٢٢ هـ

تاريخ الجلسة 24/10/١٤٢٢هـ

الموضوعات

تعويض عن سجن – تقصير الجهة في تنفيذ التعليمات النظامية – توافر أركان المسؤولية التقصيرية – مفهوم المخالفة – مفهوم الموافقة – سلطة الدائرة التقديرية في تقدير التعويض عن سجن غير نظامي.

مطالبة المدعي إلزام المدعى عليهما (إدارة الجوازات و إمارة منطقة عسير) تعويضه عن فترة سجنه – تبليغ إدارة الجوازات (بصفتها الجهة المعنية بالترحيل) بالأوامر الصادرة من وزير الداخلية بإعطاء المدعي جميع حقوقه وإبعاده عن البلاد، وكان يتعين عليها اتخاذ الوسائل النظامية لإبعاده تنفيذا للتعليمات، إلا أنها لم تقم بذلك مما أدى إلى بقاء المدعي طوال الفترة محل المطالبة بالحجز الخاص بها، وهو ما يدل على تقصيرها وهو ما يتوافر معه في حقها أركان المسؤولية التقصيرية الموجبة للتعويض طبقا لتقدير الدائرة بعد الاسترشاد بأجره الشهري – أثر ذلك: إلزام إدارة الجوازات بدفع مبلغ التعويض المستحق للمدعي تعويضا عن حجزه.

دعوى – شروط قبول الدعوى – الرفع على غير ذي صفة – التبعية الإدارية.

اقتصار دور المدعى عليها الثانية (الإمارة) في تبليغ الأوامر والتعليمات التي تردها من مقام وزارة الداخلية إلى الجوازات، وكذلك تقوم برفع مرئياتها إليها حول الموضوع نظرا للتبعية الإدارية في ذلك، ولم يكن بين هذه الأوامر ما يشير إلى توقيف المدعي أو حجزه – أثر ذلك: عدم قبول الدعوى ضد الإمارة؛ لإقامتها على غير ذي صفه

الأنظمة واللوائح

المادتان (٣٤ – 50 ) من نظام الإقامة المتوج بالتصديق الملكي العالي رقم (١٧-2 /25 / ١٣٣٧) وتاريخ 11/9/١٣٧١ هـ.

الوقائع

تتحصل وقائع هذه القضية في أن المدعي (…) تقدم إلى الديوان بدعواه المقيدة لدى الفرع برقم (٢٩٧) وتاريخ 22/8/1421هـ جاء فيها بأنه سجن لمدة سنة وسبعة أشهر بدون حكم شرعي وبدون قضية تستوجب ذلك، حيث إنه تم توقيفه في جوازات منطقة عسير تحت الدرج وفي الغرف المظلمة حتى وصل الأمر إلى تكبيل يديه بسلاسل حديدية وتعليقها على باب دورة المياه، وأنه إذا قامت لجنة بالتفتيش تم التحفظ عليه في إحدى الغرف البعيدة عن أعين المسؤولين، وإذا رأوا استنكاره الشديد لما يفعلونه بدون أي سبب قاموا بإخراجه للتنزه والتسوق مع أحد الجنود وحتى لا يثير لهم الضجيج وكثرة الأسئلة لما يفعلونه به، ولقد ادعت الإمارة والجوازات أن القضية بينه وبين كفيله الذي سجن في السجن العام في أبها وهذا غير صحيح لكنهم حتى يتخلوا عن المسؤولية، وبناء على ما رفعته الإمارة والجوازات بأن القضية بينه وبين كفيله صدر الأمر السامي من صاحب السمو الملكي الأمير (…) برقم (٤/ب /١٥٨٨٥) في 2/11/١٤١٩ هـ بإطلاقه وإطلاق كفيله وإحالتهما للشرع إذا كان هناك خلاف بينه وبين كفيله وليس هناك أي خلاف وتمت إحالتهما للشرع وتثبيت المبلغ بصك شرعي، علما بأن كفيله سجن لعدم تسليمه الجواز ليتم ترحيله من قبل الجوازات ، وذلك لعدم وجود قضية تدعو إلى ترحيله وكما نص عليه خطاب صاحب السمو الملكي الأمير (…) برقم (٣٧٥٣٨) في 20/5/١٤٢١ هـ بعدم ترحيله حتى يسدد المبلغ المثبت شرعا هذا إن وجدت قضية أمنية وإن لم يوجد فيتم تجديد إقامته وإبقائه مع كفيله، وفي الأصل ليس عليه أي قضية وأن السفارة المصرية تابعت موضوع سجنه هذه المدة ولم تلق تجاوبا من إمارة وجوازات منطقة عسير. وقد حددت الدائرة يوم الأحد الموافق 10/11/1421 هـ موعدا للنظر وقد بلغ به الأطراف والجهات ذات العلاقة، وحيث حضر في هذه الجلسة ممثل الإمارة لدى الديوان المستشار (…) وكذلك ممثل الجوازات أولا المقدم (…) بموجب خطاب مدير جوازات منطقة عسير رقم (١٨٠٩٩/1) في 5/11/1421هـ وأخيرا المستشار القانوني (…) بموجب خطاب مدير عام الجوازات رقم (ج/٦٠٥٢٢/3) وتاريخ 20/1/١٤٢٢ هـ وقد تتالت الجلسات وتبودلت فيها الدفوع على النحو المشار إليه في الضبط حيث تلخصت دفوع الجهتين المدعى عليها بما يلي: فأما دفوع جهة الجوازات فتلخصت في الآتي: أولا/ المذكور صدر بحقه أمر سمو وزير الداخلية رقم (١٦/ س/٢٠٥١) وتاريخ 20/11/1416هـ الموجهة لشرطة المنطقة بموجب خطاب صاحب السمو الملكي أمير منطقة عسير رقم (٣١٦٧/س) وتاريخ 29/11/1٤١٦هـ بترحيله وإبعاده عن البلاد، والتعليمات تقضي بأن لوزارة الداخلية الحق في إبعاد وترحيل أي مقيم عير مرغوب فيه دون ذكر الأسباب إذا تطلب أمن ومصلحة الوطن ذلك بموجب المادة (٣٣) من نظام الإقامة وهي جهة أمنية تنفيذية. ثانيا: بعد صدور الأمر قامت الجهات الأمنية بالبحث عنه ومتابعته ولم تعثر عليه فترة طويلة حسب ما هو موضح بالمكاتبات بين الإمارة والشرطة، وعند انتهاء إجراءات ترحيله رفض الكفيل تسليم جواز مكفوله وصدر بحقه أمر سمو وزير الداخلية رقم (١١ب / ٩٠٣٤) وتاريخ 3/8/1418هـ بإيقافه بالسجن العام وإفهامه بأن إطلاقه مرهون بتسليم جواز مكفوله، وتم العرض عليهم مرات عديدة لإمارة المنطقة ووزارة الداخلية وتصدر الأوامر بإبقائهم حتى يتم تسليم الجواز وجميع المكاتبات الصادرة بحقهم بين جميع الجهات الرسمية يشار فيها إلى عبارة سجناء عاجل جدا أو موقوفان لإشعار الجهات المسؤولة أنهما موقوفان وطلب التوجيه حيالهما ولهم أكثر من قضية في أكثر من جهة في الإمارة والجوازات والشرطة والسجن العام وغيرها. ثالثا/ شكلت لهما أكثر من لجنة وقرارات تلك اللجان جميعها أثبتت أن جميع الإجراءات المتخذة بحقهم صحيحة وأن دعواه ضد بعضهم باطلة وإنما هي للتحايل وتضليل الجهات الرسمية لبقاء المكفول في البلاد وفترة طويلة دون تنفيذ الأمر الصادر بحقه بإبعاده وقد تم تأييد مرئيات اللجنة بموجب برقية صاحب السمو الملكي وزير الداخلية رقم (٨٠٩٣٩) وتاريخ 4- 5/12/1418هـ رابعا/ بتاريخ 2/11/١٤١٩ هـ صدر أمر سامي برقم  (٤ / ب / ١٥٨٨٥) بإطلاقه وإطلاق كفيله بالكفالة الحضورية القوية وإحالتها إلى الجهة المختصة في النزاع الحاصل بينهما ويعامل العامل بموجب الأنظمة والتعليمات بعد انتهاء قضيته، ولو أن هناك إجراء غير صحيح في توقيفهم طوال تلك الفترة لتضمن الأمر السامي طلب الإفادة عن المتسبب في توقيفهما مما يؤكد بأن جميع الجهات المسؤولة على علم بتوقيفهم ومعاملتهم، وأن جميع إجراءانهم صححة ونظرا لما بدر من المذكور من تحريض بعض السجناء بإدارة الترحيل واحتجاز سجناء آخرين وقفل أبواب السجن من الداخل صدر بحقه قرار شرعي يقضي بجلده وسجنه وبذلك ينطبق بحقه المادة (١٨) من نظام الإقامة؛ لكونه من غير المرغوب فيهم وذلك من صلاحية سمو أمير المنطقة، وقد صدر بحقه مؤخرا امر سموه رقم (٦٢٥٣) وتاريخ ١٠/٨/1٤٢١هـ القاضي بالقبض عليه وإبعاده، وأن توقيف المذكور خلال هذه المدة هو عمل احترازي يطلبه أمن البلاد وسلامتها، وبالتالي فإن توقيفه كان لدواعي أمنية وليس تنفيذا لقرارات إدارية أو جزائية أو على ذمة التحقيق في قضية ثبت عدم إدانته فيها حتى يخضع بالتالي إلى رقابة السلطة القضائية بديوان المظالم، وأن بقاء المذكور بالتوقيف خلال هذه المدة يعود لرفضه التعاون مع الجهات المختصة بتسليم جواز سفره حسبما ورد في لائحة الدعوى، فضلا عن أن إنهاء إقامة المذكور وعدم رغبة الجهات الأمنية بقاءه في البلاد، ويتطلب التحفظ عليه لحين إنهاء إجراءات ترحيله، وأن المذكور ليس له محل إقامة ثابت ومعروف نظرا لعدم تعاون الكفيل مع الجهات الأمنية، ونظرا لأن أمر إبعاد المدعي عن البلاد ما زال قائما ونظرا لكون الجوازات هي الجهة المختصة من بين أجهزة وزارة الداخلية بمراقبة ومتابعة والوافدين فقد تطلب الأمر التحفظ عليه بإدارة الترحيل بتمهيدات لإبعاده عن البلاد والجوازات بصفتها جهة تنفيذية تنفذ ما يرد إليها من تعليمات وأوامر مبلغة لها من مقام وزارة الداخلية أو من الحاكم الإداري، وبالتالي فإنه لا يمكن أن ينسب إليها أية مسؤولية تقصيرية تجاه الوافد المذكور، كما تؤكد الجوازات أن المتسبب في بقاء المذكور بالتوقيف خلال هذه المدة هو الكفيل نظرا لعدم مراجعته للجوازات ولعدم تعاونه مع الجهات الأمنية في عملية إبعاد المذكور عن البلاد أو كفالته لحين مغادرته البلاد إنفاذا للأمر الصادر بإبعاده، وطالبت الجهة في ختام مذكراتها رد دعوى المدعي لعدم قيامها على سند صحيح من النظام حتى يتسنى للجوازات تنفيذ أمر وزارة الداخلية القاضي بإبعاده بالتطبيق لأحكام المادة (٣٣) من نظام الإقامة، وقد أرفقت الجهة ما يؤيد دفاعها، وأما الجهة الأخرى وهي إمارة منطقة عسير فأجابت بأنه فيما يتعلق بالقضية والإجراءات المتخذة بحق المدعي فقد شكلت لجنة بموجب أمر منطقة عسير البرقي رقم (٥٢٣٣٢) في23/9/1418هـ المبني على أمر صاحب السمو الملكي وزير الداخلية رقم (١/ ب /١٠٧٤١) في 14/9/١٤١٨ هـ التي شكلت استجابة لطلب كفيل المدعي، ومن تقرير اللجنة يتضح كامل الملابسات والتحايل الذي ينتهجه الكفيل للإبقاء على مكفوله داخل البلاد بالرغم من صدور الأوامر بإبعاده من ذوي الصلاحية في ذلك، وقد رفعت مرئيات اللجنة لمقام الوزارة بخطاب صاحب السمو الملكي أمير المنطقة رقم (٥٣٠٠0) في6/10/1418 هـ وتأيدت مرئيات اللجنة بموجب برقية صاحب السمو الملكي وزير الداخلية رقم (٨٠٩٣٩) في 4- 5/12/1418هـ الذي يتضح منها التأكيد على إبعاد المدعي عن البلاد اتقاء لشره دون قبول تعلله. وقد صدر الأمر السامي رقم (٤/ب / ١٥٨٨٥) في ٢/١١/14١٩ هـ بإطلاق سراح المذكور وكفيله من السجن بالكفالة الحضورية القوية وإحالتهما إلى الجهة المختصة للفصل في النزاع الحاصل بينهما، وإذا كان العامل ارتكب ما يوجب إبعاده فيعمل وفقا للأنظمة والتعليمات وتم إطلاقه على أثر ذلك هو وكفيله، وأحيل الطرفان للشرع وصدر على ضوء الدعوى من كفيله واعتراف المكفول الصك الشرعي رقم (14/1/١٤٢١هـ) الذي يسقطه المبلغ المحكوم به كل شهر (٨٠٠) ريال مع أنه بأوراق المعاملة ما يؤكد أن هذه الدعوى وهذا الاعتراف بالمبلغ ليس سوى حيلة لإبقاء المدعي في البلاد أطول فترة ممكنة خلافا لما نصت عليه أوامر وزارة الداخلية التي عقد لها حق إبعاد أى أجنبي عن البلاد متى شاءت دون إبداء الأسباب وفق المادة (٣٣) من نظام الإقامة والتي نصت أوامرها بإبعاد المدعي عن البلاد بأكثر من أمر وزارة الداخلية وعدم تجديد إقامته والتي تحايل عليها كفيل المدعي وجدد إقامة مكفوله من الرياض بالرغم من إقراره بعدم تجديد إقامة مكفوله حسبما أوضح في تقرير اللجنة وملف القضية، وإن إمارة منطقة عسير مفوضة لتطبيق المادة (١٨) من نظام الإقامة، ونظرا لكون المدعي من غير المرغوب فيهم بصدور حكم شرعي بحقه بموجب القرار الشرعي رقم (٣٨٣٨) في 27/11/١٤١٨ هـ المتضمن تعزيره جلدا والاكتفاء بذلك طالما أنه سيرحل نظير إقدامه ورفيقه على تحريض الموقوفين على قفل الأبواب من الداخل وعلى الإضراب عن الطعام وعدم التجاوب مع المسؤولين وإقدامه على نزع أحد الأبواب من العنابر ووضعه على الباب المؤدي للعنبر الموجود بداخله المساجين وعددهم (٧٥) شخص وإقفاله تماما، وحيث لم يتجاوب إطلاقا حتى تم استدعاء فرقة الدفاع المدني لفتح الأبواب وشهادة السجناء عليه بذلك الموجودة بالقرار الشرعي والمرفقة بملف القضية هذا إضافة إلى إقدامه على المخالفة المشار إليها في العرض الذي أوضحته شرطة منطقة عسير ولكون الأمر السامي رقم (١٥٨٨٥) في ٢/١١/14١٩ هـ نص بعد الأمر بإطلاق المذكور وكفيله على أن العامل إذا ارتكب ما يوجب إبعاده من المملكة فيعامل وفقا للأنظمة والتعليمات وإنفاذا لذلك ولنص المادة (١٨) من نظام الإقامة فإن إبعاده عن البلاد يكون نظاميا ولا يمكن أن يكون ما يحتج به كفيله من وجود دين صوري عليه (أثبتت التحقيقات عدم سلامة منشئه) مانعا من موانع الإبعاد لتعارض المصلحة الخاصة مع المصلحة العامة التي هي أولى بالرعاية وبإمكان كفيله ملاحقته في بلده لاستيفاء حقه إذا أراد ذلك، وقد نص امر سمو وزير الداخلية رقم (٣٧٥٣٨) في 20/5/1421هـ على أنه إذا كان يعرف بأن لدى العامل ما يمكن التسديد منه فينفذ عليه وإلا فإن له مطالبته في بلاده بما شاء، وأن أمر إبعاد المذكور ورد لإمارة المنطقة بتسليم المذكور للجوازات لإبعاده وفق ما نص عليه توجيه صاحب السمو الملكي وزير الداخلية وأن إمارة منطقة عسير تابعة لمقام وزارة الداخلية وليس لها إلا تنفيذ ما يردها مما يؤكد أن دعوى المذكور رفعت على الإمارة على غير ذي صفة، ولهذا طلبت الإمارة من الدائرة الحكم برفض دعوى المدعي ضدها وقد أرفقت الجهة ما يؤيد دفاعها ضد دعوى المدعي. وقد رد المدعي على دفاع الجهتين ويتلخص في أنه لا ارتباط بين سجنه وسجن كفيله هذه المدة الطويلة بمطالبة كفيله له بدين في ذمته، وأنه لا يوجد مبرر شرعي ولا نظامى لترحيله وأن لكفيله في ذمته دينا يطلب عدم إبعاده حتى يستوفيه وإزاء رفضه لتسليم جواز سفره لإبعاد سجن هو أيضا ولا ذنب له حين يبقى في الحجز لأن كفيله رفض تسليم الجواز وأن كفيله لم يشكوه على أحد بل إنه تظلم من سجنه وأنه لم يحجز من أجل طلب كفيله بدين في ذمته بل تمهيدا لإبعاده عن البلاد، وليس هناك ما يوجب إبعاده عن البلاد وأن حجزه لاتقاء شره ليس صحيحا بل العكس كان منه خيرا، حيث إنه كان متعاون وقد كوفئ على كشف بعض القضايا من سمو الأمير (…) كما أنه كشف قضية مخدرات كان يحاول من ورائها أن يحمي أطفالا صغارا من الوقوع فيها فجرت عليه الويل والثبور وكذلك على كفيله الذى يسانده، وأن الدين لكفيله ثبت بموجب صك شرعي بتاريخ 25/1/1421هـ أي بعد إطلاقه من الحجز بأكثر من عام مما يدل عليه أن سجنه ليس من أجل الدين وأنه قابل سمو وزير الداخلية وأصدر أمره بتجديد إقامته بخطابه رقم (٨٦٦٠٤) وتاريخ 27/9/1417هـ ولم ينفذ أمر سموه وأنه ورد إلى إمارة منطقة عسير برقم (٢٩٥٧٩) في29/4/1418هـ وحفظ، وأن تجديد إقامته من الرياض كان بإجراء نظامي، وأما صدور حكم شرعي ضده بشأن ما حدث في قسم الترحيل فإن ذلك بناء على تلفيق تهمة ضده من إدارة الجوازات لم يرتكبها بدليل أنهم أحضروا شاهدين شهدا بأنهما سمعا من ينادي عليه من موظفي الجوازات يطلب منه فتح الباب وأن هذه الشهادة لا تدينه وأن الحجز الذي حجز فيه لا يتوفر منه أبسط ما يتوفر للسجناء من أكل وفرش وعناية صحية واجتماعية وثقافية ونظامية وإشراف وأنه حصل له تعذيب في السجن بوضع الكلبشة في يديه وتعليقه في دربزين الدرج وغير ذلك من الإهانات وأن الجوازات حاولت اتهامه بالجنون فأرسلوه إلى مستشفى الأمراض النفسية وتبين من أجل الحصول على تقرير طبي بأنه مصاب بمرض نفسي أو عقلي ولكن المستشفى رفض ذلك، وإزاء ما حدث له وما واجهه وما سيواجهه قرر التخلص من حياته باستعمال أدوية بكميات كبيرة وأسعف ونوم في مستشفى عسير بالعناية المركزة لمدة أسبوع ولولا لطف الله ثم صدور أمر سموولي العهد لبقي في السجن مدة أطول وأن الذي سبب بقاءه في الحجز هذه المدة الطويلة هي الإمارة وأن تبعية الإمارة لوزارة الداخلية لا خلاف فيها وأنه لم يصدر من الإمارة بإبعاده وإبقائه في حجز الترحيل كل هذه المدة، وأن الإمارة إذا كانت أعطت وزارة الداخلية أسبابا غير حقيقية عن أمر إبعاده وحجزه واستصدرت منها أمرا بالإبعاد فإن ذلك لا يغير من الحقيقة ، وأما قول ممثل الجوازات بأن توقيفه كان عملا احترازيا تتطلبها البلاد وسلامتها فإن أي مواطن مصري يسجن ويبعد لابد وأن تكون قد أبلغت ممثلية بلاده بما اتهم به وثبت عليه ليحصل على وثيقة رسمية بترحيله وأن أوامر وزارة الداخلية للأمارة والجوازات تقضي بأن لا يبق إذا لم يكن عليه قضية أمنية وقد عجزت الجهات الأمنية أن تثبت عليه قضية أمنية فأخلت سبيله وكان آخرها أمر سمو وزير الداخلية رقم (٣٧٥٣٨) في 20/5/١٤٢١ هـ وأن حجز الترحيل حجز مؤقت لا يتجاوز أياما، وطلب في آخر والجوازات بتعويضه عن فترة سجنه عن كل يوم ألف ريال.

الأسباب

وبعد سماع الدعوى والإجابة وبعد الاطلاع على أوراق القضية، وحيث إن مسألة الاختصاص مسألة أولية يجب بحثها بداءة ذي بدء، ولما كان المدعي يتظلم من سجنه ويطالب بالتعويض عن ذلك فهي داخلة في اختصاص الديوان بموجب المادة رقم (٨/ج)، ومن حيث الشكل فإن المدعي يتظلم من سجنه للفترة ما بين 10/7/١٤١٨هـ وحتى 12/11/١٤١٩هـ، وبما أنه تقدم للديوان في تاريخ 22/8/1421هـ فهو في المدة النظامية بقبول دعواه مما يتعين قبولها شكلا بموجب المادة الرابعة من نظام المرافعات، ومن حيث الموضوع فإنه لما كان المدعى عليها هما جهتان فإنه ينبغي تحديد مسؤولية كل واحدة من هاتين الجهتين تجاه المدعي، وحيث إنه من الثابت في الأوراق أن فترة التوقيف هي من 24/7/١٤١٨ هـ إلى 12/11/١٤١٩هـ، وحيث إن الجهة المعنية بالترحيل هي الجوازات، وحيث إن هذه الجهة قد بلغت بالأوامر الصادرة من وزير الداخلية ومنها الخطاب رقم (٩٠٣٤) وتاريخ ٣٠- 1/8/١٤١٨هـ الذي يقتضي بأن يعطى المدعي جميع حقوقه وإبعاده، ومؤدى ذلك أن تقوم الجوازات باتخاذ الوسائل النظامية لإبعاده والتدابير اللازمة التي تنص عليها التعليمات لتنفيذ ما يردها إلا أنها لم تقم بشيء من ذلك الأمر الذي أدى إلى بقاء المدعي طوال هذه الفترة في حجز الجوازات مما يدل على تقصيرها في هذا الجانب، ولا ينفي مسؤوليتها كون الكفيل امتنع عن تسليم جواز مكفوله إذ إن هناك من الطرق النظامية الأخرى التي لو قاموا بها لتوصلوا إلى المطلوب وهو إبعاده، ومن ذلك الرفع إلى الجهات المعنية لاستصدار وثيقة رسمية من سفارة البلاد الذي ينتمي إليه المدعي دون التوقف على الجواز الذي بحوزة كفيله، حيث إن عدم قيامها بذلك أدى إلى استمرار التوقف طوال هذه الفترة وبهذا فإنه قد توافر في حقها أركان المسؤولية التقصيرية وهي الخطأ في استمرار توقيفه مما أدى إلى الإضرار بالمدعي وهو بقائه في السجن هذه الفترة الطويلة وذلك بسبب تقصيرها في الأخذ بالوسائل المتبعة ي مثل هذه الحالة سيما وأن المدعي يقيم في البلاد بطريقة نظامية وله كفيل هو المسؤول عنه بموجب نظام الإقامة ولا ينطبق عليه عقوبة السجن المنصوص عليها في المادة (٥٠) من نظامه الإقامة حيث جاء فيها ما نصه (الداخل بالطرق غير المشروعة المنصوص عليها في المادتين (الثانية) و(الثالثة) من نظام الإقامة إذا لم يكن لاجئا سياسيا أو مضطر لسبب قهري كالهبوط الاضطراري بالطائرة يسجن إلى أن يجرى إبعاده عن البلاد) والمفهوم المخالف لهذه المادة أن الذي يقيم بطريقة مشروعة لا يسجن ، وأن من الواجب معاملة المدعي بموجب المادة رقم (٣٤) من نظام الإقامة التي تنص على أن (كل أجنبي يحرم حق الإقامة ويكلف بمغادرتها فلوزارة الداخلية أن تمهله المدة التي تراها كافية لقطع علاقته من البلاد إن وجدت على أن يكون خلال هذه المدة تحت المراقبة) والمفهوم الموافق لهذه المادة أنه لا يسجن ولا يوقف وإنما يكون تحت المراقبة، وإذا كان الأجنبي  له كفيل فإنه من السهل مراقبته حتى انتهاء وضعه من البلاد دون اللجوء إلى توقيفه، ولم يوجد بين الأوراق ما يشير إلى أنها قامت بإخلاء مسؤوليتها أو أنها اتخذت شيئا من الوسائل النظامية لرحيل المدعي. وأما جهة الإمارة فإنه بالاطلاع على الأوراق فإن الدائرة ترى أن دور الإمارة يتمثل في تبليغ الأوامر والتعليمات التي تردها من مقام وزارة الداخلية إلى الجوازات وكذلك تقوم برفع مرئياتها إليها حول الموضوع نظرا للتبعية الإدارية في ذلك ولم يكن بين هذه الأوامر ما يشير إلى توقيف المدعي او حجزه بل إنها تنص على إبعاده، وهذه الأوامر لو قامت جهة الجوازات بتنفيذ عمليات الإبعاد وذلك باتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك لما مكث المدعي هذه المدة في الحجز ، وحيث إن المدعي يطالب بالتعويض عن سجنه، وحيث إنه من الثابت في الأوراق أن فترة التوقيف هي ما بين ٢٤/٧/14١٨ هـ – 12/11/1419هـ تبلغ أربعمائة واثنين وستين يوما وذلك حسب ما أفاد به ممثل الجوازات في مذكرته التي قدمها في جلسة يوم الأحد الموافق19/2/1422هـ وما أشارت إليه الأوراق، وحيث إن الدائرة بصدد تقدير التعويض الذي يستحقه المدعي فإنها تأخذ في الحسبان حال المدعي وما يقوم به من أعمال، وحيث إنه يعمل بمهنة دهان موبيليا بأجر شهري قدره ألف وخمسمائة ريال مع ثلاثمائة ريال إعاشة وسكن أي أن المجموع ألف وثمانمائة ريال بمعدل ستين ريال يوميا في وقت الدوام، وحيث إنه من المعروف وحسب نظام العمل والعمال بأن العمل لمدة ثمان ساعات فإن المدعي في هذه الحالة يستحق عن الساعات اليومية التي قضاها في الحجز عن كل ساعة سبعة ريالات ونصف ريال، وحيث إن هذا الحجز يعتبر حاجزا لحريته الأمر الذي يفوت عليه مصالحه ويزيد من معاناته فإن الدائرة تقضي بأن المدعي يستحق عن كل يوم مائة وعشرين ريال أي أن مجموع المبلغ الذي يستحقه المدعي ثلاثمائة ريال.

لذلك حكمت الدائرة: بما يلي: أولا: إلزام جوازات منطقة عسير بدفع مبلغ وقدره مائة وثمانية وثلاثون ألفا وستمائة وستون ريالا يوميا للفترة من 24/7/1418 هـ حتى تاريخ 12/11/١٤١٩ هـ. ثانيا: عدم قبول دعوى المدعي ضد/ إمارة منطقة عسير؛ لإقامتها على غير صفة؛ لما هو مبين بالأسباب.

والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هيئه التدقيق

حكمت الهيئة بتأييد الحكم فيما انتهى إليه من قضاء.

error: