تطبيق نظام البناء والتمليك B.O.T

الدورة التاسعة عشرة

إمارة الشارقة

دولة الإمارات العربية المتحدة

تطبيق نظام البناء والتمليك B.O.T

في تعمير الأوقاف والمرافق العامة

 

 

إعداد

د.أحمد محي الدين أحمد

مدير إدارة البحوث والتطوير – مجموعة البركة المصرفية

الأمين العام المساعد للشئون الاقتصادية – الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة

المقدمة

يلاحظ المتابع لحركة النشاط الاقتصادي المعاصر جهوداً كبيرة مبذولة من Hجل رفع كفاءة المشروعات التابعة للقطاع العام وما في حكمه وتقليل كلفة إدارتها وتجاوز الروتين الإداري ، وذلك بإعطاء القطاع الخاص دوراً مهماً في إدارة النشاط الاقتصادي خاصة في مجالات تمويل البنية التحتية من طرق وجسور وإنتاج وتوزيع الكهرباء …… الخ ولقد كان العنوان اللافت لهذه الحركة الإنمائية هو التوسع فيما عرف بمشروعات البناء والتشغيل ثم التحويل الـB.O.T ، هذا النموذج منح القطاع الخاص فرصة التعهد بالمشروعات العامة وتمويلها وإدارتها وفق رؤى حققت لها عوامل النجاح المطلوب.

كذلك ساد توجه جديد في مجال الأوقاف ركز على ضعف إدارة الأموال الوقفية وسوء استغلالها وضعف العائد منها وتقلص دورها الإنمائي والخدمي نتيجة الإدارة البيروقراطية ونتيجة قلة السيولة وقلة الإمكانيات اللازمة للتطوير ..

لكل تلك الأسباب كانت الدعوة إلى مناهج ورؤى معاصرة من أجل تنمية وتثمير ممتلكات الأوقاف ، ولقد رافق تلك الدعوة حركة اجتهاد متجدد في أحكام الأوقاف ورجوع إلى أضابير الثقافة والتاريخ والتراث في إنشاء وإدارة وتنمية الممتلكات الوقفية .

ولقد وجد البعض في مفهوم الـ B.O.T أحد النماذج المعاصرة الناجحة التي يمكن الاستفادة منها ومن آلياتها والخبرات التي وفرتها ، خاصة وانه توجد خصائص شبه بين أحكام الأوقاف و مفهوم الـ B.O.T  ، بل إن البحث في هذا المجال اكتشف أقوال وممارسات فعلية إسلامية سابقة في إطار مفهوم الـ B.O.T .

والشكر أجزله لمجمع الفقه الإسلامي الدولي لتنبهه إلى تملك الحيثيات واختياره موضوعاً يربط بين الأوقاف و الـ B.O.T .

لم أشأ أن اذكر أية معلومات تعريفية أو فقهية بشان الوقف فلقد جرى مداد كثير حوله واتضحت معظم جوانبه ، ولكن توسعت بقدر في شرح مفهوم الـ B.O.T ومزاياه واليته ومراحله بالقدر الذي يخدم غرض هذه الدراسة ، ثم تطرقت إلى معالم التكييف الشرعي لعمليات الـ B.O.T موضحاً بعض الملامح المشتركة والتجارب الإسلامية السابقة في هذا الإطار .

كما أشرت إلى بعض الفتاوى الشرعية التي صدرت  بشان الـ B.O.T .

الفصل الأول

 مفهوم نظام الـ B.O.T ومزاياه ومراحل إنشاء مشروع الـ B.O.T

والأطراف الرئيسية المشاركة

أولاً : مفهوم نظام الـ B.O.T :

يعتبر نظام عمليات البناء والتشغيل ثم التحويل الـ B.O.T أحد أهم صيغ العقود المستخدمة حالياً على مستوى العالم لإقامة وتمويل وتحويل مشروعات البنية الأساسية بواسطة القطاع الخاص ،حيث تعهد الدولة إلى إحدى شركات القطاع الخاص بموجب اتفاق بينهما تولى مهمة تصميم وبناء مرفق من مرافق البنية الأساسية مقابل منحها امتياز بإدارة وتشغيل هذا المرفق لفترة زمنية تكفى لاسترداد أصل التمويل بالإضافة إلى الأرباح المتوقعة من المشروع مع التزامها بنقل أصول ملكية المشروع إلى الدولة عند نهاية مدة الترخيص حسب الأوضاع والشروط الموضحة التي يتم التعاقد عليها([1])

ولقد جرى العرف على إطلاق مصطلحين أساسيين لهذا النظام وهما (B.O.T) Build-Operate-Transfer أي (البناء والتشغيل والتمليك).

ومصطلح (B.O.O.T) Build-Own-Operate-Transfer أي (البناء والتملك والتشغيل والتحويل )والفارق الأساسي بين المصطلحين هو أنه في عمليات الـ B.O.O.T تتملك الجهة الملتزمة المشروع ثم تنتقل ملكيتها مرة أخرى إلى الدولة.

ثانياً : مزايا أسلوب B.O.T

يحقق أسلوب B.O.T لتمويل مشــــاريع البنية التحتية مزايا متعددة  لجمـــيع  الأطراف الدولة والمؤسسات العامة ذات العلاقة والقطاع الخاص على السواء وأهم هذه المزايا هي :

  • يمَكَّن الدولة من تنفيذ كثير من مشاريع البنية التحتية والذي يعتبر متطلباً سابقاً لتحقيق معدلات النمو الاقتصادي المستهدفة للدولة نظراً لوجود التمويل الكافي للمشروع ووجود الضمانات الكافية من الشركات المنفذة للمشروع والتي تؤمن إكمال المشروع،وفي حالة وجود أية قصور فإن الحكومة سوف لا تتحمل مخاطر تأجيل أو فشل المشاريع الممولة([2]).

  • إن مشاركة القطاع الخاص في تصميم وبناء وتشغيل المرافق الأساسية سوف يؤدي إلى تنفيذ تلك المرافق بدرجة عالية من الكفاءة والتي تعنى تكلفة أقل وجودة مرتفعة وزمن أقل في التنفيذ مقارنة بأسلوب تمويل هذه المرافق بوسيلة القروض العامة .

  • حيث إن القطاع الخاص الذي يقوم بتمويل المشروع أو المشاريع بأسلوب O.T سوف يستوفى تكاليف المشروع و أرباحه من التدفقات النقدية للمشروع فإن الدولة وبالتالي دافعي الضرائب سوف لا يتحملون الأعباء التمويلية لتلك المشاريع ، وبالتالي تكون هناك عدالة في توزيع الأعباء المالية للمشاريع الممولة وذلك لأن المستفيد المباشر من المشروع هو الذي يقوم بدفع رسوم الاستخدام وبالتالي تحمل أعباء المشروع .

  • يساعد الدولة على توجيه مواردها العامة إلى القطاعات الاجتماعية والخدمية مثل قطاعي التعليم والصحة.

  • تشجيع وتفعيل استثمارات القطاع الخاص الأجنبي والمحلي و توفير العملة الأجنبية من خلال مشاركة القطاع الخاص الأجنبي في تمويل وتنفيذ تلك المشروعات.

  • توفير فرص عمل جديدة آخذاً في الاعتبار طول فترة إنشاء وتشغيل مثل هذه المشروعات.

  • جلب التكنولوجيا الحديثة والخبرة الفنية التي تحرص شركة المشروع على استخدامها لتحقيق الفاعلية والسرعة اللازمة لإنشاء المشروع.

  • رفع كفاءة التشغيل ورفع مستوى خدمات البنية الأساسية لما يتوفر للقطاع الخاص من إمكانيات مالية وفنية وإدارية حديثة.

  • تنشيط سوق المال نتيجة لجوء شركة المشروع إلى مصادر تمويل متعددة منها طرح أسهم وسندات.

  • و بالنسبة للقطاع الخاص فهناك عدة مزايا منها :-

  • أ‌- تحقيق العديد من العوائد المالية والفنية والاستثمارية.

  • ب‌- فتح مجالات جديدة لأنشطة القطاع الخاص.

    • سداد قروض المشاريع يتم بصورة أساسية من الإيرادات المستقبلية التي يدرها تشغيل المشروع.

  • توزيع المخاطر على الأطراف المنفذة للمشروع نتيجة وجود حزمة تعاقدية متعددة الأطراف وليس عقداً واحداً.

ثالثاً  : الأطراف الرئيسية في عمليات الـ B.O.T

تعتبر الأطراف التالية هي الأطراف الرئيسية المشاركة في دراسة وإقامة مشروعات  الـ B.O.T  وهي :

  • الحكومة المضيفة

هي الجهة مانحة الترخيص التي يخولها القانون الحق في منح ترخيص أو التزام للقطاع الخاص ببناء أو تطوير وتمويل مرفق من مرافق البنية الأساسية ، وهذه الجهة قد تكون سلطة تشريعية أو تنفيذية([3]).

وبالإضافة إلى الجهة المانحة نفسها هناك جهات متعاقدة لها علاقة بهذه العمليات في بعض مراحلها كمشتري الخدمة المنتجة والمؤجرين وموردي الطاقة والمادة الخام والجهات التمويلية وجهة الضمان الحكومي ([4])

ويقع على عاتق الحكومة المضيفة الأعباء التالية :

  • أ‌- تقوم الحكومة بالاستعانة بمستشارين في مختلف الحقول، فبنوك الاستثمار تقوم بتقديم الاستشارات حول هيكل التمويل الأمثل للمشروع كما تقوم بالترويج للمشروع، كما يقوم المستشارون القانونيون بإعداد اتفاقية الامتياز ودراسة الشروط والبنود المختلفة للعروض المقدمة من الشركات كما يقوم المستشارون الفنيون بدراسة التصاميم والمواصفات الفنية المقدمة من الشركات .

  • ب‌- تقوم الحكومة بتوقيع اتفاقية الامتياز مع الشركة الفائزة بالمشروع وإعداد خطاب يتضمن الموافقة الرسمية للشركة من السلطات المخولة ببدء المشروع وتمنح الشركة الصلاحيات اللازمة لتنفيذ المشروع كما تقدم الحكومة الضمانات التي نصت عليها اتفاقية الامتياز.

  • قد ينص الاتفاق على قيام الحكومة بتقديم قروض للشركة صاحبة الامتياز فتقوم الدولة بتوقيع اتفاقية القرض.

  • قد يتضمن الاتفاق ضمان الحكومة حداً أدنى من المشتروات للخدمة فيتم الاتفاق على الظروف والحالات التي ينطبق عليها هذا الشرط.

    • متعهد المشروع

  • أ‌- متعهد المشروع هي المجموعة التي تكونت من المقاولين والشركات الهندسية والقانونية وشركات التشغيل إذ تقوم بتقديم عرضها للحكومة وتستعين في ذلك بخدمات استشارية قانونية كما تستعين بخدمات بنوك الاستثمار والتي تقوم بتقديم استشارات حول الهيكل التمويلي المقترح للشركة كما تقوم بتسويق حصص الملكية على المؤسسات المالية الدولية كما تقوم بتقديم وتسعير هذه الحصص.

  • ب‌- يقوم متعهدو المشروع بعد فوزهم بالمشروع بتكوين شركة مستقلة ذات شخصية اعتبارية تهدف إلى بناء وتشغيل المشروع وتكون مدتها مساوية لعمر الامتياز إذ  تنتهي هذه الشركة بتسليم المشروع للدولة في فترة نهاية الامتياز ويقوم الشركاء في المجموعة بتوقيع اتفاقية الشراكة وتأسيس هذه الشركة وتسجيلها .

    • شركة المشروع :

يشير اصطلاح شركة المشروع في العمل الدولي إلى الشركة التي تتولى عملية تحويل وبناء وتشغيل المرفق طوال مدة الترخيص . ويأخذ سيناريو تكوين هذه الشركة من الناحية العملية عدة مراحل . فالمرحلة الأولى هي الدخول في اتفاق تعاقدي بين عدة شركات للدخول في العطاء وتقديم عرض مشترك. وتبدأ المرحلة الثانية في حالة رسو العطاء عليهم، فمتى أرسى العطاء على أصحاب العرض المشترك يتم إبرام اتفاق تفصيلي لتحديد حقوق والتزامات المساهمين في شركة المشروع ، وتأتي المرحلة الأخيرة الممثلة في تكوين شركة المشروع واكتسابها الشخصية الاعتبارية المستقلة وباختصار فإن شركة المشروع تقوم بالمهام التالية:-

  • توقيع اتفاقية الامتياز مع الحكومة وهي التي تكون ملزمة بتنفيذ الالتزامات والضمانات المطلوبة من الحكومة، وهي المسؤولة عن تنفيذ المشروع وتشغيله أمام الحكومة ،كما تكون الجهة المستفيدة من الضمانات والامتيازات الممنوحة من الحكومة ، وقد تتضمن اتفاقية الامتياز مساهمة الحكومة في ملكية هذه الشركة وتقديم قروض لها ، وتقوم هذه الشركة بتسليم المشروع للحكومة بعد انقضاء فترة الامتياز بدون مقابل.

  • تقوم الشركة بالحصول على التمويل ببيع حصص من حقوق الملكية للمستثمرين وهؤلاء يشكلون الشركاء السلبيين في الشركة    Negative Investors أي لا يكون لهم الحق في إدارة الشركة وذلك بناء على عقد الشراكة.

  • تقوم الشركة كذلك بالحصول على التمويل بالاقتراض ولكن لا يحق للمقرض الرجوع إلى شركة المشروع لاستيفاء أصل وفوائد القرض في حالة فشل المشروع Non-Recourse ويسدد القرض من إيرادات المشروع لذلك تتضمن اتفاقية القرض بين الشركة والمقرض أن تودع إيرادات المشروع في حساب وسيط Escrow account ويكون للمقرض الأولوية في استيفاء المدفوعات المتفق عليها بعد دفع نفقات التشغيل، لذلك توقع الشركة اتفاقية القرض واتفاقية الحساب الوسيط مع وكالة محلية.

  • تستطيع الشركات العالمية العاملة خارج بلادها الحصول على ضمانات لقروضها من وكالات تشجيع الصادرات في بلادها، وذلك إذا استخدمت هذه القروض في استيراد سلع وخدمات من ذلك البلد، حيث أن معظم الشركاء في المشروع المنفذ هم شركات عالمية فيمكن لشركة المشروع الحصول على هذه الضمانات.

  • هـ- تقوم شركة المشروع بتوقيع اتفاق الإنشاء مع مجموع المقاولين ، كما تقوم بالاتفاق مع الموردين على المعدات اللازمة للمشروع ولتجنب تأثير تقلب الأسعار على تكلفة البناء وتكلفة المعدات يكون الاتفاق على مبلغ ثابت للمعدات وعلى اتفاق تسليم المفتاح بالنسبة للإنشاء.

  • تقوم شركة المشروع بالتعاقد مع شركة تشغيل وذلك لإدارة وصيانة المشروع وتحصيل رسوم الاستعمال أو ثمن السلعة أو الخدمة المقدمة وتوريد تلك الإيرادات في الحساب المتفق عليه والذي يكون تحت سيطرة شركة المشروع وغالباً تستقطع الشركة المشغلة تكلفة التشغيل قبل تسديد الإيرادات .

  • تقوم شركة المشروع بتغطية المخاطر المختلفة التي قد تتعرض لها وذلك بشراء بوليصة تأمين تغطي معظم المخاطر التي قد تتعرض لها([5]).

بالإضافة إلى تلك الأطراف الرئيسية هناك جهات أخرى متداخلة كالمقاول وهو الشركة أو مجموعة الشركات التي تستند إليها أعمال التشييد وبناء المرافق ويربطها بشركة المشروع عقد المقاولة الأساسي ويتخذ عادة شكل تسليم المفتاح وهناك ما أصطلح على تسميته بالمشغل operator وهي الشركة التي تتولى مسئولية التشغيل التجاري للمشروع وإدارته هذا بالإضافة إلى مجموعة المستشارين في مختلف التخصصات التمويلية والتشريعية والهندسية وشركات التأمين ومجموعة الموردين([6]) .

رابعاً  : مراحل إنشاء مشروع الـ B.O.T([7])

(1)    تقوم الدولة بتحديد مشاريع البنية التحتية التي ترغب في بنائها أو تحديثها وتدعو الشركات المختلفة لتنفيذها بأسلوب B.O.T ولتشجيع المنافسة قد تقوم الدولة بعمل دراسات الجدوى الاقتصادية لتلك المشاريع .

  • تقوم مجموعة أو عدة مجموعات يقودها في الغالب المقاول الرئيسي وتضم شركات هندسية واستشارية وقانونية وشركات تشغيل بتقديم عرضها أو عروضها ويتضمن العرض التصاميم الهندسية للمشروع والدراسات المالية والخطة التشغيلية والتسهيلات المطلوبة من الحكومة والضمانات التي يجب أن تقدمها الحكومة وخاصة فيما يتعلق بتحويل إيرادات المشروع للخارج وحماية الشركات من المخاطر السياسية المختلفة كما يتضمن العرض مدة الامتياز المطلوب للمشروع .

  • تقوم الحكومة بدراسة العرض أو العروض المقدمة ويتم تحليلها من قبل مكاتب متخصصة تقوم الدولة بتعيينهم ويتم بعد ذلك التفاوض بين الحكومة والمجموعة أو المجموعات على الشروط والمواصفات المحددة للمشروع ، وفي حالة الاتفاق يتم أخذ الموافقة الرسمية من قبل الجهات ذات الاختصاص في الدولة ويتم توقيع الاتفاق .

  • تقوم المجموعة الفائزة بالمشروع بتكوين شركة تضم المقاول الرئيسي والشركات الهندسية والاستشارية والقانونية وشركات التشغيل وقد تضم شريك محلي وتكون الشركة المتعهدة والمالكة للمشروع وغالبا ما يملك الشركاء نحو 10-30% من حقوق الملكية.

  • تحصل الشركة عن طريق بنك أو بنوك استثمارية على بقية التمويل اللازم للمشروع والذي يكون في شكل حصص ملكية للمستثمرين أو قروض غالبا ما تكون من المؤسسات المالية الدولية أو المنظمات الدولية ومعظم هذه القروض تكون قروض طويلة الأجل ويتم الحصول على القروض القصيرة الأجل من البنوك التجارية.

  • بعد الانتهاء من بناء وتنفيذ المشروع تقوم شركات التشغيل بإدارة وصيانة المشروع وتقوم شركات التشغيل بتحصيل إيرادات المشروع من المستخدمين له واستقطاع تكاليف الصيانة والإدارة وتحويل بقية الإيرادات للشركة التي تقوم بدفع التزاماتها المالية للمقرضين وتوزيع الباقي على المستثمرين والمساهمين في الشركة([8]).

ويجسد الشكل التالي إجمالاً ودون تفصيل المراحل الزمنية التي يمر بها تنفيذ مشروع الـ B.O.T:

الفصل الثاني

التكييف الشرعي لعمليات الـ B.O.T

بعد أن قدمنا شرحاً مبسطاً لعمليات البناء و التشغيل – التحويل B.O.T  سنحاول أن نثير أهم الإشكالات الشرعية التي تعترض تكييف عمليات الـ B.O.T وفق أي صيغة مقترحة.

والصيغ التي يتصور أن يتم تكييف الـ B.O.T  على أساسها هي :-

  • الاستصناع .

  • الإجارة

  • الإقطاع أو الامتياز.

أولاً :تكييف عقد الـ B.O.T  على أساس صيغة الاستصناع :

نشير فيما يلي إلى أهم خصائص وشروط و أحكام عقد الاستصناع ونحاول من بعد ذلك تنـزيلها  على عمليات الـ B.O.T   لنرى عناصر المقاربة  أو المفارقة فيها .

باختصار شديد فإن أهم خصائص وشروط عقد الاستصناع هي :

  • الصورة العامة للإستصناع أن يطلب شخص أو جهة من شخص أو جهة أخرى صنع شئ على أن تكون المواد من الصانع وذلك نظير ثمن معين مؤجلاً أو حاضراً أو مقسطاً .

  • أن يكون محل العقد معلوم الجنس والنوع والصفة والقدر و محدداً تحديداً واضحاً يمنع المنازعة .

  • أن يكون مما يجرى عليه التعامل بين الناس وهو أمر خاضع للعادة والعرف .

  • ذهب الصاحبان إلى أن ضرب الأجل وعدم ضربه في الاستصناع سيان فهو جائز مع الأجل مطلقاً ومع عدم الأجل .

  • بالنسبة للزوم والجواز فإن قدماء فقهاء المذهب الحنفي يرون أن عقد الاستصناع عقد جائز قبل الصنع  وبعد الفراغ منه قبل رؤية المستصنع،أما بعد رؤية المستصنع فالخيار له وحده وقيل بعد الرؤية يبقى الخيار لهما جميعاً وقيل بعدها لا خيار لهما جميعاً،إلا أن المتأخرين من فقهاء الأحناف يرون عقد الاستصناع عقد لازم في حق  الطرفين منذ انعقاده وسارت على ذلك مجلة الأحكام حيث تنص المادة 392 على أنه  ( إذا أنعقد الاستصناع فليس لأحد المتعاقدين الرجوع عنه) وفي حالة ما يجئ المصنوع  مخالفاً للمواصفات يكون للمستصنع الخيار ، وهو رأي المعاصرين من الفقهاء ([9]).

كانت تلك أهم خصائص وأحكام وشروط عقد الاستصناع وسوف نحاول فيما يلي تطبيقها على عمليات  الـ B.O.T لنرى إمكانية تكييفها على أساس  عقد الاستصناع ، وعليه فإذا ما  ذهبنا إلى تكييف عمليات الـ B.O.T على أساس أنها عقود إستصناع فذلك يعني التالي :-

  • الجهة الحكومية أو الإدارية هي المُستصنع .

  • الجهة صاحبة الامتياز هي الصانع .

  • محل العقد المصنع فلنفترض أنه طريق  يربط بين مدينتين .

  • ثمن الاستصناع هو المنفعة التي يحصل عليها الصانع بعد اكتمال الطريق والتي تؤهله للحصول على عائد من مستخدمي الطريق .

إذا ما حاولنا أن نطبق خصائص وشروط وأحكام عقد الاستصناع لا نجد مشكلة في توافق هذا الامتياز مع الصورة العامة  لعقد الاستصناع  حسب تعريف الفقهاء ، كما أن محل العقد وهو الطريق لا توجد إشكالية في تحديده تحديداً دقيقاً من حيث الطول والعرض و المسار وخصائصه الفنية  والمرافق التي يجب أن يشتمل عليها ، كذلك لا توجد إشكالات فيما  يختص بأجل المشروع والشروط التعاقدية من حيث النفاذ واللزوم و الاشتراطات  الخاصة بتنظيم استخدام الطريق وقيمة الرسوم وغيرها … الخ .

وبعد قراءة متعمقة لمختلف أنواع وأشكال عمليات الـ B.O.T وعقد الاستصناع وجدت أن  الإشكالات التي قد تعترض تكييف هذه العمليات على أساس أنها عقد استصناع تتعلق فقط بثمن الاستصناع:-

  • هل يصح أن يكون الثمن في عقد الاستصناع منفعة ؟

  • ألا يعتبر هذا الثمن بالكيفية التي أشرنا إليها في حكم الجهالة أو الغرر المفضى  إلى المنازعة .

(1) هل تصلح المنفعة ثمناً ؟

كما أشرنا سابقاً فإن ثمن الاستصناع سيكون المنفعة التي سوف تعود على الصانع بعد استكمال الطريق وحتى نهاية مدة الامتياز ، وقد يرى البعض أن ثمنه لابد أن يكون مبلغاً محدداً تحديداً قاطعاً وأن المنفعة لا تصح أن تكون محلاً للعقد .

اعتبر جمهور الفقهاء ( من غير الأحناف ) أن المنافع أموالاً لأن المقصود من الأشياء منافعها لا  ذواتها وهو الرأي الصحيح المعمول به في القانون وأعراف الناس ، والمقصود بالمنفعة هو الفائدة الناتجة من الأعيان كسكني الدار وركوب السيارة … الخ ([10]) يقول الزرقاء   ( حكم المنفعة يسوغ  لصاحبه أن يتصرف في المنفعة تصرف الملاك في أملاكهم ضمن حدود العقد الذي ملكه إياها ، فيحق له تمليك المنفعة التي استفاد ملكيتها ) ([11])  ويقبل ملك المنفعة التقيد بالزمان والمكان والصفة عند إنشائه ويورث عند  جمهور الفقهاء  ، وتكون أمانة في يد المالك لا يضمن إلا بالتعدي والتقصير و تنتهي  بانتهاء مدة الانتفاع  المحددة .

ولقد أجاز الفقهاء أن تكون المنفعة أجرة في الإجارة، جاء في المدونة ( فهل يجوز أن يشترى سكناي الذي اسكنه بسكني دار لي أخرى أو بخدمته أو عبد لي آخر) يجوز ذلك أم لا ؟ قال لا أرى بأساً ([12])

ولقد علق الشيخ تقي العثماني  على ذلك قائلاً : ( وقد يستشكل هذا بأن المنفعة التي صارت ثمناً في البيع أو أجرة في الإجارة موجودة عند العقد ، فلا يقاس عليها العقد المبحوث فيه ، حيث إن المنفعة التي جعلت ثمناً للاستصناع معدومة عند العقد . ويمكن أن يجاب عنه بأن قضية الاستصناع غير قضية البيع والإجارة ، فإن العين المبيعة في البيع والمنفعة المعينة المستأجرة في الإجارة موجودة عند العقد ، فيجب أن يكون العين أو المنفعة بدلهما موجوداً . أما الاستصناع فالمبيع فيه معدوم، وإنما أجيز العقد لمكان الحاجة والتعامل ، فلا باس إن كان بدله مثله في كونه معدوماً ، مثل أن يستصنع زيد خزانة من عمرو ، بأن يصنع له عمرو منضدة ، والظاهر أن العقد جائز ، مع كون كل من البدلين معدوماً عند العقد ، فإن كانت المنفعة التي جعلت بدلا للاستصناع سوف تحدث بصنعة الصانع نفسه ، فلا يضر كونه معدوماً بالطريق الأولى لأن وجود المنفعة التي هي الأجرة موقوف على إنجاز الصانع للمشروع ، وهذا الإنجاز نفسه هو المعقود عليه في الاستصناع ، ولا يستحق الصانع الثمن إلا بالإنجاز، ومتى حصل الإنجاز ، وجدت المنفعة التي هي الثمن ، فصار وجود الثمن لازماً لوجود المبيع فلا إشكال من جهة كون المنفعة معدومة عند العقد ([13]).

وبعد تأمل ودراسة كل ما أوردناه سابقاً فإني أرى أنه لا مانع من أن تكون منفعة العين محل الاستصناع  ( وهي الطريق ) في مثالنا المضروب هي ثمن الاستصناع ، وللصانع الحق وفق شروط العقد من التصرف في هذه المنفعة باستغلالها  وإدارتها أو بيعها أو تأجيرها لجهات أخرى .

 (2) تحديد ثمن الاستصناع بين المعلومية والجهالة:

نحن نعلم أنه من شروط صحة البيع أن يكون الثمن معلوماً وقت التعاقد – وهذا باتفاق – ولكن كيف تكون معلومية الثمن ؟

يرى فريق أن معلومية الثمن تكون بمعرفة مقداره كمّا . ويرى فريق ثانِ أن معلومية الثمن تكون بما يحصل به الرضا ، وتتقطع به المنازعة سواء حدد كّماً أو لم يحدد كذلك .

رأي الفريق الأول :

هذا الفريق يرى أن تحديد ثمن المبيع يجب أن يكون كمّاَ عند العقد ويعتمدون في ذلك على أراء كثير من متقدمي الفقهاء منها :

  • يقول السرخسي: ( وجهالة مقدار الثمن تمنع صحة العقود . فلو قال: أخذته منك بمثل ما أخذ به فلان من الثمن ، فإن كان ذلك معلوماً عندهما وقت العقد ، فهو جائز ، وإلا كان العقد فاسداً . وذلك لأنه يكشف الحال للمشترى إذا علم مقدار ما أخذ به فلان ورضاه به قبل ذلك لا يكون تاماً)([14]) .

  • وجاء في المادة 238 من مجلة الأحكام : ( يلزم أن يكون الثمن معلوماً علماً بقدره، وعلماً بوصفه ، فإذا كان الثمن مجهولاً فالبيع فاسد ، وإذا قال إنسان لآخر : بعتك بالثمن الذي شري به فلان فالبيع فاسد ) .

  • وقال الشيرازي : ( ولا يجوز البيع إلا بثمن معلوم القدر ، فإن باع بثمن مجهول كبيع السلعة برقمها ، وبيع السلعة بما باع به فلأن سلعته ، وهما لا يعلمان ذلك فالبيع باطل ، لأنه عوض في البيع ، فلم يجز مع الجهل بقدره كالمسلم فيه )([15]) .

  • ويرى ابن حزم : ( إنه لا يصح البيع بغير ثمن مسمى ، كمن باع بما يبلغ في السوق ، أو بما اشترى به فلان أو بالقيمة ، فهذا كله باطل لأنه بيع غرر وأكل للمال بالباطل ، لأنه لم يصح فيه التراضي ، ولا يكون التراضي إلا بمعلوم المقدار ، وقد يرضى لأنه يظن أنه يبلغ ثمناً ما ، فإن بلغ أكثر لم يرض المشترى ، وإن بلغ أقل لم يرض البائع ([16]).

  • وجاء في الخرشي : ( ومما يشترط في البيع عدم الجهل بالمثمون والثمن قدراً وكمية وكيفية وصفة ) ولكنه عاد وذكر أن ( من شروط الثمن أن يكون معلوماً للمتعاقدين علماً تاماً نافياً للجهالة الفاحشة المؤدية إلى النزاع ) ([17])

أراء الفريق الثاني :

يرى هذا الفريق الثاني أن تحديد الثمن إنما يكون بما يقع به التراضي وتنقطع به المنازعة، ولا يشترط أن يكون الثمن محدداً تحديداً كمياً ، ويستندون في رأيهم هذا إلى الآراء التالية :-

يقول ابن القيم: ( اختلف الفقهاء في جواز البيع بما ينقطع به السعر من غير تقرير الثمن وقت العقد ، فمنعه الأكثرون وجعلوا القبض به غير ناقل للملك وهو قبض فاسد . والرأي الآخر وهو الصواب المقطوع به وعمل الناس في كل عصر ومصر ، جواز البيع بما ينقطع به السعر .

وليس في كتاب الله وسنة رسوله ، ولا إجماع الأمة ولا قول صاحب ، ولا قياس صحيح ما يحرمه . وقد أجمعت الأمة على صحة النكاح بمهر المثل ، وأكثرهم يجوزون عقد الإجارة بأجر المثل كالنكاح والخباز ، والبيع بثمن المثل كبيع ماء الحمّام ، فغاية البيع بالسعر أن يكون بيعه بثمن المثل فيجوز)([18]).

ويرى الفريق الثاني أن تحديد الثمن يكون بما يقع به التراضي ويقطع المنازعة، لذا فهو تحديد يستوفي شروط الصحة ويعتبر البيع به صحيحاً ، يقول دكتور محمد يوسف موسى: ( إن المعرفة المشروطة في الثمن لا تتطلب أن يكون الثمن حين العقد معلوماً بأنه مبلغ كذا من النقود ، فهذه المعرفة ليست واجبة شرعاً حين العقد، ويكفى الثمن معروفاً على وجه ما به يقع التراضي ولا يقوم نزاع بين المتعاقدين )([19])

وأميل إلى ترجيح رأي الفريق الثاني استناداً على ما يلي :

  • لم اجد نصاً صريحاً يمنع من تحديد الثمن بالكيفية التي تمت الإشارة إليها .

  • حين قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينك بالباطل إلاّ أن تكون تجارة عن تراضِ منكم ) . فهم الفقهاء أن الرضا أساس كل العقود ، ولهذا شرطوا في البيع شروطاً لضمان تحقيق هذا الرضا ، ومنها أن يكون الثمن معلوماً . وطالما أن الاتفاق ابتداءً على أي ثمن كان رخصاً أم غلا يعد صحيحاً . فيكون مقصد الشارع من وراء النص على معلومية الثمن قد تحقق .

  • يكون الرضا بالثمن المحدد كما سبق تاماً طالما أن العاقد لم يكره عليه ولم تستغل حاجته ، خاصة إذا علمنا أن المعاملة موضوع العقد تتعلق بالمستقبل .

  • قد يرى البعض أن تحديد الثمن كمياً أحوط ويقع به الرضا وتقطع به المنازعة . هذا صحيح ولكن قد يكون للمتعاقدين من وراء تأجيل التحديد الكمي لأسعار السلع أغراض تجارية واقتصادية معينة . وطالما أنه يمكن تحقيق هذه الأغراض دون مانع شرعي ، فإن الأسلم أن تتاح الفرصة للمتعاقدين لتحقيق هذه الأغراض .

وفي نهاية هذا الجزء من البحث لا بد من الإشارة إلى قرار رقم 13/2 من ندوة البركة الثالثة عشرة للاقتصاد الإسلامي والتي ناقشت الأمر ونصه :

استصناع المشروعات مقابل استثمارها قبل التسليم B.O.T:

  • أ‌- التأكيد على الأهمية البالغة لصيغة استصناع المشروعات مقابل استثمارها قبل التسليم O.T بالنسبة للمؤسسات المالية الإسلامية ، نظراً لانتشارها،ولدورها البارز في تنمية المجتمعات الإسلامية ، ولصلتها بقطاع الخدمات وليس في هذه الطريقة جهالة أو غرر إذا طبقت فيها العقود المقترحة، لأن ثمن الاستصناع معلوم بالمبلغ المحدد، أو بالمنفعة المعلومة مهما كان إيراد استثمارها.

  • ب‌- يمكن أن تطبق طريقة الإنشاء للمشروعات نظير استثمارها قبل التسليم من خلال أحد العقود الشرعية التالية :

    • عقد استصناع تكون فيه منفعة استثمار المشروع مدة معينة هي ثمن الاستصناع وذلك بعد تمكين المستصنع من تسلمها ودخولها في ضمانه بالقبض الحكمي، والمنفعة تصلح أن تكون ثمناً أو عوضاً في عقود المعاوضات.

    • عقد استصناع بثمن معين مؤجل، مع إبرام المستصنع عقد تأجير إلى الصانع إجارة موصوفة في الذمة لمشروع يتم وصفه بصورة مطابقة للمشروع المصنوع ويتم دفع الأجرة من خلال استثمار الصانع (المستأجر) للمشروع بموجب عقد الإجارة ويمكن أن تجري المقاصة بين ثمن المشروع المصنوع والأجرة المستحقة للمستصنع (المؤجر) من الصانع (المستأجر).

    • عقد استصناع يحدد فيه الثمن بما يغطي تكاليف المشروع والعائد المستهدف للصانع ، مع توكيل المستصنع للصانع بإدارة المشروع وتشغيله حتى يستوفى الثمن المحدد في عقد الاستصناع وذلك بعد تمكين المستصنع من تسلمه ودخوله في ضمانه([20]).

ورأي بعض الفقهاء المشاركين في الندوة أن الأولى تحديد ثمن الاستصناع بمبلغ معين يغطي تكاليف المشروع وربح صاحب الامتياز ، مع تمكينه من استغلاله المدة التي يحصل بها على ذلك المبلغ .

ورد في معيار الاستصناع مادة 3/2/1 ما نصه : (يشترط أن يكون ثمن الاستصناع معلوماً عند ابرام العقد، ويجوز أن يكون نقوداً أو عيناً ، أو منفعة لمدة معينة ، سواءً كانت منفعة عين أخرى أو منفعة المصنوع نفسه ، وهذه الصورة الأخيرة تصلح للتكليف في حال منح الجهات الرسمية عقود امتياز نظر الانتفاع بالمشروع لمدة معينة ([21])  .

ثانــــياً:تكييف عمليات الـ B.O.T على أساس عقد الإجارة:

يذهب البعض إلى  تكييف عمليات الـ B.O.T  على أساس عقد الإجارة وذلك على النحو التالي :-

  • المؤجر : هو الدولة أو الجهة الإدارية مانحة الامتياز .

  • المستأجر:هو الجهة صاحبة الامتياز.

  • العين المؤجرة : هي الأرض التي يقام عليها المشروع وفي حال مثالنا السابق هي مساحة الأرض التي سوف يقام عليه الطريق

  • الأجرة مؤجلة وهي الطريق نفسه بعد إعادة تسليمه إلى الحكومة أو الجهة الإدارية مانحة الامتياز .

وكما نعلم جميعاً فإن الإجارة هي ( تمليك منافع شئ مباحة مدة معلومة بعوض ) ومن أهم خصائصها وشروطها وأحكامها التي تهمنا في هذا البحث ما يلي :-

  • أن يكون المعقود عليه وهو المنفعة معلوماً علماً يمنع المنازعة فإن كان مجهولاً جهالة مفضية إلى نزاع فلا تصح العقود لأن هذه الجهالة تمنع من التسليم والتسلم فلا يحصل المقصود من العقد .

  • بيان مدة الإيجار، وتصح الإجارة على أي مدة طالت أو قصرت .

  • أن يكون المعقود عليه مقدور الاستيفاء حقيقة وشرعاً .

  • ألا ينتفع الأجير بعمله فإن كان ينتفع به فلا تجز ، فلا تصح الإجارة على الطاعات لأن القائم بها عاملاً لنفسه ، كما لا يصح استئجار رجل ليطحن لآخر قفيزاً من حنطة بجزء من دقيقها أو ليعصر له قفيزاً من سمسم بجزء معلوم من دهنه لأن الأجير ينتفع بعمله من الطحين والعصر فيكون عاملاً لنفسه .

  • أن تكون الأجرة مالاً متقوماً معلوماً.

  • عقد الإجارة عقد لازم .

  • يجب على المستأجر أن يعتني بالعين المؤجرة اعتنائه بملكه، ولا يجوز له أن يحدث بها تغييراً بدون أذن مالكها.

  • لا بد في الإجارة من بيان ما تســــتأجر لـــه من الزراعــة والغرس والبناء وإلا كانت فاسدة ([22]) .

ففيما يتعلق بالأجرة فينطبق عليها ما ذكرناه سابقاً عند الحديث عن ثمن  عقد الاستصناع .

فالأجرة هي ما يلتزم به عوضاً عن المنفعة التي يمتلكها . وكل ما يصلح أن يكون ثمناً في البيع يصلح أن يكون أجرة في الإجارة ، وقال الجمهور : إنه يشترط في الأجرة ما يشترط في الثمن ويجب العلم بالأجر لقول النبي صلى الله عليه   وسلم :”من استأجر أجيراً فليعلمه أجره ” وإن كان الأجر مما يثبت ديناً في الذمة كالدراهم والدنانير والمكيلات والموزونات والمعدودات المتقاربة فلا بد من بيان جنسه ونوعه وصفته وقدره . ولو كان الأجر مجهولاً جهالة مفضية للنزاع  فسد العقد فإن استوفيت المنفعة وجب أجر المثل وهو ما يقدره أهل الخبرة .

ولقد جوز الجمهور أن تكون الأجرة منفعة من جنس المعقود عليه يقول الشيرازي : ويجوز إجارة المنافع من جنسها ومن غير جنسها ، لأن المنافع في الإجارة كالأعيان في البيع ثم الأعيان يجوز بيع بعضها ببعض فكذلك المنافع ويقول ابن رشد : أجاز مالك إجارة دار بسكنى دار أخرى  ([23]).

إلا أنه نثور هنا قضية أخرى حيث إن قيمة المشروع أو تكاليفه تكون معروفة عند اكتمال الطريق ويتم مراعاتها عند التفاوض المبدئي على التمويل ، ولكن و خلال سريان مدة الامتياز وحتى موعد تسليم الطريق يكون قد فقد جزءاً مهماً من قيمته بفعل الاستخدام ، وتكون بعض المرافق قد أهلكت جزئياً مما يجعل قيمة الأجرة مجهولة ، ويمكن تجاوز هذا الوضع باشتراط صيانة المستأجر للطريق صيانة كاملة وتسليمه بحالة جيدة عند نهاية فترة الامتياز .

وقت استحقاق الأُجرة:

القضية الأخرى التي تتطلب بعض النقاش هي مسألة وقت استحقاق الأجرة، حيث يرى  الشيخ العثماني أن تأخير تسليم الطريق وهو الأجر أمر يخالف أحكام الإجارة حيث يقول:-

( أما النوع الأول الذي يبتنى على أساس إجارة الأرض ، فقد لا ينطبق على القواعد الفقهية الشرعية في صورته المعروفة . وذلك لأنه مبني على أساس أن الدولة أجرت أرضها للجهة  الصانعة إلى مدة معلومة ، والأجرة المؤجلة هي تسليم نفس المشروع بعد انتهاء المدة . وهذا لا يصلح شرعاً ، لأننا لو أسسّنا العقد على أساس إجارة الأرض فإن الإجارة تبتدئ منذ أول يوم تسلم فيه الأرض إلى الجهة الصانعة . والمقرر شرعاً أن الإجارة عقد متجدد بمعنى أن كل يوم ينسب إليه جزء من الأجرة المتفق عليها ، ولو كانت الإجارة لمدة طويلة . فمثلاً لو أجر زيد أرضه إلى عمرو لمدة سنة بمبلغ ستة وثلاثين ألف ريال (36000) فإن هذه الأجرة تقسم على عدد أيام السنة ، فيستحق زيد مائة ريال مقابل كل يوم ، فلو انفسخت الإجارة قبل سنة لسبب من الأسباب ، فإن المؤجر يستحق الأجر مقابل الأيام الماضية . فلو كانت الإجارة انفسخت بعد شهرين مثلاً، فإن المستأجر يدفع إلى المؤجر ستة آلاف ريال لما مضى من الأيام . فظهر بهذا أن الأجرة في إجارة الأرض لا بدّ أن تكون قابلة للانقسام على عدد أيام الإجارة ، ليمكن التصفية بالشكل المذكور عند انفساخ الإجارة قبل انتهاء المدة . ولكن الأجرة في هذا العقد نفس المشروع الذي سوف ينشئه المستأجر في مدة ربما تطول . ولا يصلح ذلك المشروع للانقسام على عدد أيام الإجارة ، فلو انفسخت الإجارة قبل اكتمال المشروع ، لا يمكن التصفية بتجزئته على عدد الأيام الماضية، فإنه يمكن أن تكون الأيام الماضية ربع مدة الإجارة ، والجزء المكتمل ثمنه ، أو بالعكس ، كما يمكن أن تنفسخ الإجرة قبل أن يبرز جزء من أجزاء المشروع ، فظهر أن المشروع المقترح لا يصلح أن يكون أجرة في إجارة الأرض .

فلا سبيل إلى تخريج هذا العقد على أساس الإجارة إلا بأن تحدّد أجرة الأرض بنقود معلومة ، ولكن يجوز عند انتهاء مدة الإجارة أن يتراضى الطرفان بتسليم المشروع إلى المؤجر على أساس التقويم ، وبما أنه لا يجوز في هذه الصورة اشتراط سابق لتسليم المشروع عند انتهاء المدة بدلا من النقود فإن هذه الصيغة لا تنفع من حيث كونها عقدا باتاً يلتزم به الفريقان بالمقصود من العملية )([24]).

إذن نجد أنه من المهم الإجابة على السؤال التالي متى تجب الأجرة وتملك حيث يقرر الفقهاء أن الأجرة تجب وتملك على النحو التالي :-

أحدها : بأن يشترط تعجيلها في نفس العقد .

ثانيها : بتعجيلها من غير شرط ، لأن تأخير التزام المستأجر بالأجرة ثبت حقاً له فيملك إبطاله بالتعجيل ، كما لو كان عليه دين مؤجل فعجله .

ثالثها : باستيفاء المعقود عليه وهو المنافع شيئاً فشيئاً ، أو بالتمكين من الاستيفاء بتسليم العين المؤجرة إلى المستأجر ، وتسليم المفتاح أيضاً ، لأن المستأجر يملك حينئذ المعوض، فيملك المؤجر العوض في مقابلته تحقيقاً للمعاوضة المطلقة وتسوية بين العاقدين في حكم العقد .

وإذا تم الاتفاق بين العاقدين على أن الأجرة لا تجب إلا بعد انقضاء مدة الإجارة فهو جائز ، إذ أنه يكون تأجيلاً للأجرة بمنزلة تأجيل الثمن .

وأما إذا لم يشترط في العقد شئ فلأبي حنيفة قولان : متقدم ومتأخر ، فأما قوله المتقدم وهو قول زفر : فهو أن الأجرة لا تجب إلا في آخر مدة الإجارة ، لأن منافع المدة أو المسافة من حيث إنها معقود عليها شئ واحد ، فما لم يستوفها كلها لا يجب شئ من بدلها ، وأما قول أبي حنيفة المتأخر وهو المشهور الذي استقر عليه ، وقول الصاحبين : فهو أن الأجرة تجب حالاً فحالاً ، كلما مضى يوم يسلم المستأجر أجرته : لأن الأجرة تملك على حسب ملك المنافع ، وملك المنافع يحدث شيئاً فشيئاً على مر الزمان ، فتملك الأجرة شيئاً فشيئاً بحسب ما يقابلها.

وبما أن هذه القاعدة توجب تسليم الأجرة ساعة فساعة ، وهو أمر متعذر ، فتقدر الأجرة باليوم أو بالمرحلة استحساناً .

وأما بالنسبة لتأجيل الأجرة وتعجيلها عند الشافعية والحنابلة : فقد قرروا أنه إذا كانت الإجارة إجارة ذمة فيشترط فيها تسليم الأجرة في مجلس العقد ، لأنها بمثابة رأس المال في عقد السلم كأن يقول المستأجر : أسلمت إليك عشر ليرات في جمل صفته كذا يحمل لي متاعي إلى جهة كذا ، أو يقول : استأجرت منك بكذا .. الخ ، لأن تأخير الأجرة حينئذ من باب بيع الدين بالدين .

وإن كانت الإجارة إجارة عين : فإن كانت الأجرة فيها معينة مثل : استأجرتك لتخدمني سنة بهذا الجمل ، فإنه لا يصح تأجيلها ، وإن كانت الأجرة في الذمة كأن يقول: بجمل صفته كذا ، فيجوز تأجيلها وتعجيلها وفي حالة الإطلاق يجب تعجيلها ، كما في عقد البيع يصح بثمن حال أو مؤجل .([25])

جاء في معيار الإجارة مادة 5/2/2 ويجوز أن تدفع الأجرة بعد إبرام العقد دفعة واحدة أو على دفعات خلال مدة تساوى أو تزيد أو تقل عن مدة الإجارة ([26])

كما جاء في المعيار 22- عقود الامتياز ، ما نصه ( إذا كان المشروع منشأ على أرض مستأجرة للدولة والأجرة تسليم المشروع إليها بعد مدة معينة فإنها إجارة للأرض والأجرة هي المشروع نفسه المسلم في الأجل المتفق عليه ([27]) .

إذن وبشكل عام فإنه يمكن القول بصحة أن تكون الأجرة مؤجلة وهي تسليم نفس المشروع بعد انتهاء المدة وهذا التخريج في الإطار العام ولا بد من النظر في كل عقد على حدة والتوفيق في محتوى بنوده لتحديد التكييف الصحيح له .

ثالثا: تكييف عمليات الـ B.O.T على أساس الإقطاع أو الامتياز:

يرى البعض أنه يمكن تكييف عمليات الـ B.O.T على أساس  (الإقطاع) .

والإقطاع في المفهوم الإسلامي هو جعل ولي الأمر رقبة الأرض لشخص من الأشخاص فيصبح مالكها ومشغلها وهو طريقة لتوزيع الأراضي الموات أو نحوها بين الأشخاص أو الهيئات القادرة على استثمارها وبعث النشاط والحياة فيها([28])

وينقسم الاقطاع إلى إقطاع تمليك وهو بجميع أنواعه  إقطاع الموات التي لم يدخلها إعمار ولم يملكها أحد ولم تتعلق بها مصلحة الجماعة ، والنوع الثاني هو إقطاع الاستغلال وهي على الأرض مثل أن يقطع الإمام جزءاً من الأرض التي يجوز اقطاعها لرجل ليشغلها من غير تأبيد أو تمليك وهو ما قال فيه الماوردي  ( فهذا النوع من العامر لا يجوز إقطاع رقبته لأنه صار باصطفائه لبيت المال ملكاً لكافة المسلمين فجرى على رقبته حكم الوقوف المؤبدة والسلطان فيه بالخيار على وجه النظر في الأصلح بين أن يستغله لبيت المال كما فعل عمر رضى الله عنه وبين أن يتخير له من ذوى المكنة والعمل من يقوم بعمارة رقبته بخراج يوضع عليه مقدر بوفور الاستغلال ونقصه ، كما فعل عثمان رضى الله عنه ، ويكون الخراج أجرة تصرف في وجوه المصالح.

فعلم بذلك أن إقطاع الاستغلال للأرض مما كان العمل به جارياً في صدر الإسلام.

الثاني : وهو ما يتعلق بما يخرج من الأرض وذلك ما يقطعه الإمام من الخراج ويدفعه للأجناد بقدر كفايتهم وحاجتهم وذلك لأن لهم أرزاقاً محددة ومقدرة لحبسهم أنفسهم للجهاد في سبيل الله . ([29])

والنوع الثالث : هو إقطاع الارفاق وهو اقطاع المعادن الباطنة وهي التي لا يتوصل إليها إلا بالعمل فللإمام أن يقطع منها رجلاً بالمقدار الذي يستطيع معه العمل فيما اقطع وإقطاعها إقطاع إرفاق لا إقطاع تمليك ، و من إقطاع الإرفاق إقطاع  الشوارع والأسواق والرحاب التي ليست ملكاً لأحد .

ومن المقرر شرعاً أنه يجوز للإمام أن يقطع موات  الأرض لمن يملكه بالأحياء لما روى عن أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع وائل بن حجر بحضرموت ، يقول وهبة الزحيلي :-

أما إقطاع الموات : فيجوز باتفاق المذاهب للإمام إقطاع موات لمن يحييه ، فيؤدي إلى عمارة البلاد ، لأنه صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث العقيق ، وأقطع وائل بن حجر أرضاً ، وأقطع أبو بكر وعمر وعثمان وجمعاً من الصحابة .

فإن أقطع الإمام أرضاً لشخص ، ملكها عند المالكية وإن لم يعمرها بشيء فله بيعها وهبتها، وتورث عنه . وليس هو من الأحياء ، بل هو تمليك مجرد .

ولا يملك الموات بالإقطاع عند الجمهور ( غير المالكية ) ،لأنه لو ملكه ما جاز استرجاعه ، بل يصير المقطع كالمتحجر الشارع في الإحياء ، فيكون أحق به إذا أحياه في خلال مدة ، أقصاها عند الحنفية ثلاث سنين ، لقول عمر : ( ليس لمحتجر بعد ثلاث سنين حق ).

ولا ينبغي للإمام أن يقطع من الموات إلا ما قدر المقطع على إحيائه : لأن في إقطاع أكثر من هذا القدر تضييقاً على الناس في حق مشترك بينهم ، مما لافائدة فيه ، فيدخل به الضرر على المسلمين .

فإن أقطع الإمام أحداً أكثر من القدر الذي يمكن إحياؤه ، ثم تبين عجزه عن عمارته أو إحيائه استرجعه الإمام منه ، كما استرجع عمر من بلال بن الحارث ما عجز عن عمارته  من العقيق الذي أقطعه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا هو المراد بالمصلحة التي يجوز الإقطاع لأجلها : لأن الحكم يدور مع علته .

وللإمام عند الحنابلة إقطاع غير الموات تمليكاً ، وانتفاعاً للمصلحة . ويجوز الإقطاع من مال الخراج ، كما يجوز من مال الجزية .

وقال المالكية : لا يقطع الإمام معمور أرض العنوة كأرض مصر والشام والعراق ، أي الصالحة لزرع الحب ملكاً ، لأنها وقف عندهم ، بل يقطعها إمتاعاً وانتفاعاً . وأما ما لا يصلح لزرع الحب ، وان صلح لغرس الشجر ، وليس من العقار ، فإنه من الموات ، يقطعه ملكاً وانتفاعاً([30]) .

هذا التكييف يصطدم برأي البعض بأن عقد الإقطاع ليس من عقود المعاوضات وإن رأينا خلال الشرح المبسط أن للإمام أن يفرض على المنتفع أجرة في شكل خراج أو نحوه ، كذلك فإن أحكام الإقطاع تعطى ولي الأمر سلطة إنهاء الامتياز في أي وقت من طرف واحد، وهذا المسالة يمكن تجاوزها من خلال بنود الاتفاقية .

عقود امتياز الإنشاء :

لقد شرح المعيار الشرعي رقم 22 الخاص بعقود الامتياز بدقة تعريف امتياز الإنشاء والتكييف الشرعي بما يتطابق مع ما ذكرناه بخصوص آلية عمل الـ B.O.T ، وفيما يأتي نصه : –

6/1/1 تعريف امتياز الإنشاء :

عقد امتياز الإنشاء هو عقد بين الدولة وطرف آخر لإقامة مشروع يتعلق غالباً بالمرافق العامة يتم إنشاؤه بمواصفات معينة.

6/1/2 صورة امتياز الإنشاء :

  • أن ينشئ الحاصل على الامتياز مشروعاً بمواصفات معينة على أرض للدولة يكون مملوكاً لها، وتكون منافعه مملوكة لصاحب الامتياز مدة معينة تعود بعدها للدولة.

  • أن ينشئ الحاصل على الامتياز مشروعاً بمواصفات معينة يكون ملكاً له ولكن على أرض للدولة وينتفع به مدة معينة ثم يملّك إنشاءات المشروع إلى الدولة.

  • أن ينشئ الحاصل على الامتياز مشروعاً بمواصفات معينة على أرض للدولة وتكون إنشاءات المشروع أيضاً ملكاً لها، ويشتركان في إيرادات المشروع حسب الاتفاق، وذلك طوال مدة محددة يتم بعدها تمليك المشروع إلى الحاصل على الامتياز.

6/2/1 وفي الحالات الثلاث ( المشار إليها في 6/1/2) يترتب على الامتياز منح الحاصل عليه الحق في تحصيل الرسوم أو الأجور عن تقديم خدمات المشروع للجمهور.

6/2 التكييف الشرعي لعقود امتياز الإنشاء :

يختلف التكييف الشرعي لعقود امتياز الإنشاء بحسب ما يأتي :

6/2/1 إذا كان التزام الحاصل على امتياز الإنشاء شاملاً للعمل الإنشائي وتقديم المواد، فالعقد استصناع ، وهذه هي الصورة الغالبة، وثمنه انتفاع صاحب الامتياز بالمشروع لمدة محددة قبل تسليمه للدولة.

6/2/2 إذا كان المشروع منشأ على أرض مستأجرة للدولة والأجرة تسليم المشروع إليها بعد مدة معينة فإنها إجارة للأرض والأجرة هي المشروع نفسه المسلم في الأجل المتفق عليه.

6/3 التكييف الشرعي للمقابل عن عملية الإنشاء :

6/3/1 في الحالة التي يتم فيها تحديد ثمن إقامة المشروع باستغلاله فالعقد من قبيل الاستصناع بثمن يمثل في الانتفاع بالمصنوع مدة معلومة قبل تسليمه المستصنع.

6/3/2 في الحالة التي يتم فيها تحديد ثمن إقامة المشروع بمبلغ مالي محدد، يترك المشروع في حيازة صاحب الامتياز مدة محددة على سبيل التوثق لحقه في الحصول على الثمن من عوض منافع المشروع ، مع حقه في المقاصة بين الثمن وعوض المنافع، فإذا حصل على الثمن قبل نهاية المدة رد المشروع لمالكه وإن لم يحصل على الثمن في هذه المدة بقى حق التوثق حتى يستوفي  الثمن([31]).

الفصل الثالث

الخصائص المشتركة بين الوقف و الـ B.O.T ونماذج من عقود وتصرفات شرعية تشابه نموذج الـ B.O.T

اولاً: الخصائص المشتركة بين الوقف والـ B.O.T:

هناك عناصر أو صفات مشتركة بين الوقف والـ B.O.T تتمثل في الآتي :

  1. الاستمرارية والتأييد :

كما هو معلوم فان جمهور الفقهاء وأبو يوسف ومحمد بن الحسن يقولون بان مقتضى عقد الوقف الدوام والاستمرار ، وهذا من ضمن الأسباب التي منحته الشخصية الاعتبارية من حيث الحقوق والالتزامات ، واهم نتيجة تطبيقية لهذه الخاصية هي أن أول مصرف من مصارف غلة الوقف شرعاً هو الإنفاق على عمارته أو صيانته حتى يستمر في تقديم الخدمات أو في توليد الدخل مستقبلاً ، وهذه الأولوية يجب الالتزام بها سواء اشترطها الواقف أو لم يشترطها([32]).

فإذا ما نظرنا إلى الـ B.O.T نجد أن معظم إن لم يكن كل مشروعاتها عبارة عن مشروعات طويلة الأجل تستمر لسنوات طويلة تدر عائداً للمولين ثم لا بد أن تسلم بعد ذلك مصانة تماماً وقابلة للاستمرار وجريان الدخل المتوقع منها لصالح المستفيدين بما يشبه التأييد والدوام .

  1. الحاجة إلى السيولة :

إن إحدى الخصائص البارزة في الأموال الوقفية هي أنها قليلة السيولة لان أكثرها عبارة عن عقارات بينما يتطلب استثمار أي مشروع منتج عناصر وعوامل الإنتاج من رأس المال والعمل والمواد الخام والنفقات الجارية الأخرى ، وحتى استثمار عقار معين عن طريق الإيجار وهي ابسط صورة فانه يتطلب أعمالاً تستلزم إنفاقاً نقدياً من صيانة ومتابعة المستأجرين ومصروفات التعاقد معهم ، وتعظم الحاجة إلى السيولة كلما تعقد شكل الاستثمار كان يراد استثمار الأراضي الوقفية عقارية أم زراعية للبناء فوقها أو لزراعتها إذن فلا مناص من لجؤ الأوقاف إلى الأطراف الممولة لتغطية الحاجة إلى السيولة .

كذلك الحال في مشروعات الـ B,O,T بكل أشكالها وأنواعها فكما اشرنا سابقاً فإنها تأتي لتغطية جانب النقص في قدرة الأطراف المعنية على تمويل إنشاء وصيانة المرافق الأساسية حيث أن القطاع الخاص محلياً أو أجنبيا سوف يتكفل بتمويل التمويل ويستوفي تكلفته وأرباحه لاحقاً من التدفقات النقدية للمشروع .

  1. الحاجة إلى الإدارة المتخصصة ذات الكفاءة :

إذا أرادت الأوقاف ان تدخل في أي مشروع استثماري ستجد نفسها تفتقر الى عنصر الإدارة أي إلى عنصر تشغيل المشروعات والإشراف عليها من اجل تنفيذ المشروعات بكفاءة وهذا ما دعى المهتمين بأمر تطوير الأوقاف إلى تصميم عدة نماذج لإدارة واستثمار ممتلكات الأوقاف بعيداً عن الإدارة البيروقراطية للحكومات .

وهو نفس السيناريو الذي دعا للمناداة بتخصيص المشروعات وإدارتها بعيداً عن الإشـــراف البيروقراطي عن طريق اســــتحداث نظام الـ B.O.T ، ولقد برع القائمون على أمر الـ B.O.T في إقامة نموذج إداري متميز يمكن للأوقاف أن تستفيد منه عن طريق شبكة إشرافية تتدرج من  متعهد المشروع وشركة المشروع إلى المقاول والمشغل Operator وهي الشركة التي تتولى مسئولية التشغيل التجاري للمشروع وإدارته بالإضافة إلى الاستشاريين في مجالات التمويل والتشريع والهندسة والتامين …… الخ .

تلك كانت باختصار أهم الخصائص المشتركة بين الوقف والـB,O,T أو لنقل أهم الخصائص في أسلوب الـ B.O.T التي تصلح كمتطلبات تتكفل باستثمار الأموال الوقفية بشكل معاصر وذي كفاءة عالية .

ثانياً : نماذج من عقود وتصرفات شرعية تشابه نموذج الـ B.O.T

حفل التاريخ الإســــلامي ببعض التطبيقات التي تتشـــابه في ملامحها العامة مع فكرة الـ B.O.T وقبل التعرض لهذه النماذج أود أن أشير إلى آراء فقهية صدرت قبل القرن الخامس الهجري تشير بصراحة ووضوح إلى عقد الـ B.O.T وهذه هي بعض النصوص.

  • المذهب المالكي : ( قال ابن القاسم في رجل قال لرجل أعني عرصتك هذه أبنيها بعشرة دنانير أو بما دخل فيها على أن أسكنها في كل سنة بدينار حتى أوفي ما غرمت فيها واصلحت ، قال : إن سمى عدة ما يبنيها به وما يكون عليه في كل سنة فذلك جائز ، وإن لم يسم فلا خير فيه) ([33]).

  • كما جاء في فقه السلف : (حدثنا أبوبكر قال : حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عون قال : كان محمد يكره أن يستأجر العرصة، فيبني فيها من أجرها) ([34]).

  • الفقه الشافعي : ( ولو أن رجلاً أكترى من رجل أرضاً بيضاً ليزرعها شجراً قائماً على أن له الشجر وأرضه ، كان في الشجر ثمر بالغ أو غض أو لم يكن فيه، كان هذا كراء جائزاً كما يكون بيعاً جائزاً. قال الربيع : يريد أن لصاحب الأرض البيضاء الشجر وأرض الشجر ) ([35]).

أما التطبيقات التي وددت الإشارة إليها فهي :

  • حق الحكر ([36])

الحكر، هو الاستحكار لأرض الوقف العاطلة، وهو عقد إجارة يقصد به استبقاء الأرض مقررة للبناء أو الغراس أو لأحدهما لمدة مديدة تعقد بإذن القاضي ويدفع فيها المحتكر لجانب الوقف مبلغاً معجلاً من المال يقارب قيمة الأرض، ويرتب مبلغاً ضئيلاً آخراً يستوفى سنوياً لجهة الوقف من المستحكر أو ممن ينتقل إليه هذا الحق، على أن يكون للمستحكر حق الغرس أو البناء وسائر حقوق الانتفاع ، وحقه هذا قابل للبيع والشراء وينتقل إلى ورثته بالموت.

وهناك أدلة تاريخية على أن الحكر كان معروفاً منذ منتصف القرن الثالث الهجري، وتوجد عناصر شبه أساسية بين الحكر والبوت كما توجد اختلافات تفصيلية لا تمس جوهر التشابه :-

  • إن فترة العقدين فترة طويلة من الزمن

  • يتنازل الوقف خلالها عن حق الانتفاع بمقابل معجل وآخر مؤجل، كذلك في الـ O.T تتنازل الجهة مانحة الامتياز عن حق الانتفاع لمدة طويلة بمقابل مؤجل.

  • هناك عائد دوري قليل دائم وعائد فوري عاجل للوقت مقابل عائد كبير في المستقبل للجهة مانحة الامتياز في الـ O.T.

إذن فالخصائص العامة لمقر الحكر لها وجه شبه بخصائص عمليات الـ B.O.T ويمكن الاستئناس بها في تطبيق نموذج الـ B.O.T  في استثمار وتطوير أموال الأوقاف.

  • عقد الإجارتين :-

وهي تشبه في الفكرة والخصائص طريقة عقد الحكر، والفرق بينهما أن البناء والشجر في الحكر ملك المستأجر لأنهما أنشئا بماله الخاص بعد أن دفع إلى جانب الوقف ما يقارب قيمة الأرض المحتكرة باسم الأجرة المعجلة ، أما في عقد الإجارتين فإن البناء والأرض ملك للوقف لأن عقدهما إنما يرد على عقار مبني مستوهن يجدد ويعمر بالأجرة المعجلة نفسها التي استحقها الوقف.

فإذا ما توسعنا في هذا الاتجاه وقلنا إنه يرد على الأرض الخالية أو العقار المتهالك معاً خاصة وأن قيمتهما الاقتصادية متقاربة فإن عقد الإجارتين يصير هو نفسه عقد الـ B.O.T بتخريجه على أساس عقد الإجارة إذا تصبح المنشأة في ملك الوقف أو الجهة مانحة الاعتماد بعد فترة زمنية محددة.

  • المرصد ([37]):

        وهو أن بإذن القاضي أو الناظر لمستأجر الوقف بالبناء في أرض الوقف ليكون ما ينفقه في البناء والتشييد ديناً على الوقف يستوفيه من أجرة الوقف بالتقسيط، ويكون البناء ملكاً للوقف على أن يكون لصاحبه حق القرار في عقار الوقف ويورث عنه ، وحق التنازل عنه لآخر يأخذ دينه عنه ويحل محله في العقار بإذن القاضي أو المتولى([38]).

        يقول د. حسن الأمين : هذا النوع من وجوه الاستثمار للأوقاف معمول به بكثرة في السودان، ولقد قام به شخصياً بوصفه قاضياً حيث قام بالتعاقد مع أحد المقاولين ليقوم ببناء متاجر ومنزل لإمام المسجد على وقف المسجد على أن يكون له حق القرار على المتاجر بأجرة المثل التي تبدأ بعد اكتمال التشييد.

        ولا يخفى هنا التشابه الكبير بين خصائص هذا العقد مع نموذج الـ B.O.T.

وعليه فإن تلك التجارب وهي الحكر وعقد الاجارتين والمرصد توضح أن التاريخ الإسلامي قد سبق في تبنى فكرة الـ B.O.T في إطارها العام وخصائصها التمويلية، واعطانا نماذج يمكن البناء عليها في الفتوى وفي تطوير الأوقاف وفي التوسع في مفهوم الأوقاف ليتعدى الأوقاف إلى سائر المرافق.

الخاتمة

من واقع ما أوردناه في هذه الورقة المختصرة وصلنا إلى قناعة مفادها أنه يمكن استخدام الـ B.O.T في تمويل مشروعات الأوقاف بمختلف أنواعها وأشكالها، فإذا أفترضنا أن الوقف يمتلك أرضاً فضاء فيمكن أن تعقد الجهة متولية الوقف عقداً وفق ترتيبات الـ B.O.T بأن تقوم جهة ما بتقدم عرض لبناء قطعة الأرض لأي غرض تجاري حسب دراسة جدوى المشروع، وتتكفل تلك الجهة بكل الأعباء التمويلية اللازمة مقابل منحها حق استغلال هذا المشروع لفترة زمنية متفق عليها تكون كافية لاسترداد أصل التمويل والأرباح المتوقعة ثم تنتهي فترة الامتياز الممنوحة لتلك الجهة يقوم بعدها بتسليم المشروع مصان ومتجدد وقابل لإدرار وتوليد الدخل إلى الجهة متولية الوقف لتنفق من ذلك الدخل على مختلف أغراض الوقف.

بالطبع هناك الكثير من التفاصيل الفنية والقانونية والتمويلية …الخ تعرضنا لها بالتفصيل وهي لا تمثل أية إشكالات من النواحي الفقهية.

أما التخريج الفقهي لهذه العلاقة فكما أشرنا فيمكن أن تبنى على أساس الاستصناع أو الإجارة أو عقود الامتياز ولقد سقنا المؤيدات الفقهية في أمهات المراجع الفقهية والفتاوى والتطبيقات المستجدة ، أكثر من ذلك أشرنا إلى أن الفقه الإسلامي سبق وبقرون الاتجاه المعاصر لتطبيق مفهوم الـ B.O.T، اشرنا كذلك إلى بعض التطبيقات التي تحمل ملامح نموذج الـB.O.T.

كل ذلك جعلنا نصل إلى رأي يؤكد على أن الأوقاف مع المحافظة على أحكامها الفقهية المتفق عليها خاصة عدم صحة تمليكها لأي طرف متعاقد معه يمكنها الاستفادة مما يوفره أسلوب الـ B.O.T من قدرات تمويلية وإدارية وفنية وسجل نجاحات عملية في مختلف البيئات خدمت الأغراض التجارية والاجتماعية والخيرية.

والأمر كذلك أكثر مرونة من الناحية الفقهية في تمويل المرافق العامة غير الوقفية كمصادر المياه والكهرباء والطرق والجسور إذ يمكن تمليكها ثم استعادة ملكيتها وفق الصيغ الاستثمارية المشار إليها.

المراجع

  • ابن حزم، المحلى .

  • ابن القيم – اعلام الموقعين .

  • د. أحمد محي الدين أحمد ، تمويل الاستثمارات التي تنفذ وفقاً لنظام الـ O.T ورقة عمل مقدمة لمؤتمر الاستثمار في السودان وفقاً لنظام الـ B.O.T، الخرطوم 2003م .

  • البنك الإسلامي للتنمية والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، آلية تمويل المشروعات الحكومية واتجاهات المستقبل.

  • الشيخ تقي العثماني ، عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية من الناحية الشرعية

  • تقرير البنك الدولي : الدراسات الاقتصادية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

  • د. جابر نصار ، عقود البوت O.T والتطور الحديث لعقد الالتزام دار النهضة العربية 2002م .

  • جيهان حسن سيد أحمد ، عقود الـ O.T.

  • خالد الدغيثر – أسلوب O.T سلاح المنافسة الجديدة في صناعة البناء والتشغيل.

  • خدمة استشارات الاستثمار الأجنبي ، البنك الدولي 2000.

  • الخرشي على مختصر خليل ، دار الفكر.

  • الزرقاء ، المدخل الفقهي .

  • السرخسي ، المبسوط، دار المعرفة

  • سعود الثبيتي ، الاستصناع تعريفه، حكمه ، تكييفه ، شروطه.

  • الشيرازي ، المهذب.

  • صندوق النقد العربي ، جهود ومعوقات التخصيص في الدول العربية 1995.

  • عبدالرحيم الساعاتي ، غازي فلمبان ، الشراكة الناجحة لبناء البنية التحتية في الدول النامية .

  • عبدالرحيم الساعاتي ، خصخصة إدارة وبناء وتشغيل البنية التحتية في السعودية

  • عبدالستار أبو غدة ، الإجارة

  • عبدالله المصلح ، الملكية الخاصة في الشريعة الإسلامية .

  • عماد الجمل ، الجوانب الهندسية والفنية لمشروعات O.T بحث مقدم إلى مؤتمر الاستثمار في السودان وفق عقود الـ B.O.T ، الخرطوم 2003م.

  • الغرفة التجارية الصناعية جدة ، مقومات وشروط إنشاء شركات استثمار كبرى لإقامة وتمويل المشاريع الحكومية وفق صيغة الـ O.T ندوة عقود الإنماء للبناء والتمويل والتشغيل .

  • قرارات وتوصيات ندوات البركة للاقتصاد الإسلامي

  • الكاساني ، بدائع الصنائع .

  • الماوردي ، الأحكام السلطانية.

  • محمد يوسف موسى ، البيوع والعمليات المعاصرة.

  • مقومات وشروط إنشاء شركات استثمارية كبرى لإقامة وتمويل المشاريع الحكومية وفق صيغة O.T.

  • هاني صلاح سري الدين ، دراسة تحليلية لنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية الـ O.O.T دار النهضة العربية

  • هنري عزام (مشاركة القطاع الخاص في تمويل مشاريع البينة الأساسية بدول الخليج) ، ( قطاع الإنشاءات في السعودية – دور أكبر للقطاع الخاص ) .

  • وقائع ندوة الاستثمار في المشاريع الحكومية بعقود الإنماء البناء للبناء والتشغيل والتمويل – الحرس الوطني السعودية أبريل 2002م .

  • وقائع ندوة التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص في تمويل المشروعات الاقتصادية – جامعة الملك عبدالعزيز – مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي 1999.

  • وهبة الزحيلي ، الفقه الإسلامي وادلته .

  • F.C تمويل المشروعات في الدول النامية 1999م.

  • المعايير الشرعية 1428هـ – 2007م

  • الوسائل الحديثة للتمويل والاستثمار للوقف – بحث د. أنس الزرقاء ندوة 16 إدارة وتنمية ممتلكات الأوقاف – البنك الإسلامي للتنمية .

  • نظرية الالتزام ، د. أنس الزرقاء.

  • مجلة الأحكام العدلية.

([1])      أنظر- الغرفة التجارية الصناعية جدة، مقومات وشروط إنشاء شركات استثمار كبرى لإقامة وتمويل المشاريع الحكومية وفق صيغة الـ B.O.T، ندوة عقود الإنماء للبناء والتمويل والتشغيل ص 31.

راجع كذلك :

  • د. هاني صلاح سر الدين ، التنظيم القانوني والتعاقدي لمشروعات الـ O.T ، المرجع السابق، ص44.

  • جيهان حسن سيد أحمد ، عقود الـ O.T ص19.

  • عماد الجمل، الجوانب الهندسية والفنية لمشروعات O.T، مؤتمر الاستثمار في السودان وفق عقود الـB.O.T الخرطوم2003،ص3.

([2])   عبد الرحيم الساعاتي ، خصخصة إدارة وبناء وتشغيل البنية التحتية في السعودية ، ندوة التعاون بين الحكومة والقطاع الأهلي في تمويل المشروعات الأساسية ، ص 9.

([3])    للتفصيل راجع د. جابر نصار، عقود البوت B.O.T والتطور الحديث لعقد الالتزام دار النهضة العربية.

([4])    د. هاني صلاح سر الدين ، التنظيم القانوني والتعاقدي لمشروعات الـ B.O.T ، المرجع السابق، ص107.

([5])    ندوة عقود الإنماء للبناء والتشغيل والتمويل، B.O.T تنظيم الحرس الوطني للقطاع الغربي السعودية ص 15وما بعدها.

([6])    دراسة تحليلية لنظام الـ B.O.O.T المرجع السابق ص 141-145.

([7])   لتفصيل أوفى راجع في هذا الشأن :

  • هاني صلاح سري الدين ، المرجع السابق ص 75-87.

  • مقومات وشروط إنشاء شركات استثمار كبرى لإقامة وتمويل المشاريع الحكومية وفق صيغة O.T المرجع السابق ص (10).

  • عبدالرحيم الساعاتي وغازي سليمان الشراكة الناجحة لبناء البنية التحتية في الدول النامية ،ص 10 وما بعدها.

  • عماد الجمل ، الجوانب الهندسية والتقنية لمشروعات O.T ، المرجع السابق ص 7.

  • د. أحمد محي الدين ،تمويل الاستثمارات التي تنفذ وفقاً لنظام الـ O.T ورقة عمل مقدمة لمؤتمر الاستثمار في السودان وفقاً لنظام الـ B.O.T، ص7،8.

  • UNIDO, UNIDO B.O.T GUIDELINES 1996 p21

([8]) مقومات وشروط إنشاء شركات استثمار كبرى لإقامة وتمويل المشاريع الحكومية وفق صيغة B.O.T ص 10 .

[9]) )   انظر سعود الثبيتي الاستصناع تعريفه ، حكمه ، تكييفه ، شروطه بحث غير منشور ، ص34.

  • وهبة الزحيلي ، الفقه الإسلامي وأدلته ، درا الفكر ج 4 ص 633.

  • الكاساني – بدائع الصنائع – ج 5 ص 2-4.

[10])) وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته ، ج 4 ، دار الفكر ص 42.

[11])) الزرقاء ، المدخل الفقهي العام، دار الفكر ج 1 ، ص 286.

[12]))  المدونة الكبرى ج 3 ص 266 .

[13]) ) الشيخ تقي العثماني ، عقود البناء والتشغيل ونقل المليكة ، بحث غير منشور ، ص 6

[14]) ) السرخسي ، المسوط ج 3 ، دار المعرفة ، ص 6،7.

[15]) ) الشيرازي ، المهذب ، ج 1

[16]) ) ابن حزم ، المحلى ج 9، ص23.

[17]) ) الخرشي على مختصر خليل – دار الفكر ج 5 23،69 وما بعدها .

[18]) ) ابن القيم – أعلام الموقعين ج 2 ، ص 5.

[19]) ) محمد يوسف موسى ،البيوع والعمليات المعاصرة  ، ص 185.

[20]) ) قرارات وتوصيات ندوات البركة للاقتصاد الإسلامي ، ص 398،399.

[21]) ) المعايير الشرعية – هيئة المحاسبة والمراجعة ، ص 178.

[22]) ) انظر ، وهبة الزحيلي ، الفقه الإسلامي وأدلته ج 4 ، ص 734وما بعدها ؛ عبد الستار أبو غدة ، الإجارة ، ص 23 وما بعدها .

[23]) ) عبد الستار أبو غدة ، الإجارة ، ص33 ، 34.

[24]) ) الشيخ تقي العثماني ، عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية من الناحية الشرعية ، المرجع السابق ص 4.

[25]) ) الكاساني .  بدائع الصنائع ج 4 ، ص 201 ؛ بداية المجتهد ج 2 ، ص 26 ؛ المغنى لابن قدامة ج 5 ص 406 ؛  نهاية  المحتاج ، ج 2، ص 334 ، نقلا عن وهبة الزحيلي ؛ المرجع السابق ص 760-762؛  أنظر عبد الستار أبو غدة . الإجارة المرجع السابق ص 42،43.

[26])) المعايير الشرعية ، ص 138.

([27])  المرجع السابق ، ص 178.

[28])) عبدالله المصلح الملكية الخاصة في الشريعة الإسلامية ، مطبوعات الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية ، ص 123.

[29]) ) الماوردي – الأحكام السلطانية ص 193.

[30]) ) وهبة الزحيلي ، الفقه الإسلامي وأدلته ج 5 ص 576،577.

([31])  المعايير الشرعية – هيئة المحاسبة، ص 256.

([32])  انظر انس الزرقاء : الوسائل الحديثة للتمويل والاستثمار للوقف وقائع ندوة 16 إدارة وتنمية ممتلكات الأوقاف – البنك الاسلامي للتنمية – المعهد الاسلامي للتدريب والبحوث ، ص 184

(1)   المنتجات والأدوات المالية في الفقه الإسلامي – المعهد الإسلامي للبحوث  (696) الإجارة بالبناء B.O.T  ص 349 ( لم ينشر)؛ أنظر كتاب البيان والتحصيل لأبي الوليد ابن رشد القرطبي ، ص 461، الجزء الثامن، كتاب الجعل والإجارة.

(2)   المنتجات والأدوات المالية في الفقه الإسلامي – المعهد الإسلامي للبحوث  (142) المستأجر يعمر العقار من الإيجار ( لم ينشر) ؛ أنظر كتاب المصنف لأبي بكر بن عبدالله أبن أبي شيبة ، ص 747، الجزء السابع، باب في الرجل يستأجر الدار وغيرها.

(3)   المنتجات والأدوات المالية في الفقه الإسلامي – المعهد الإسلامي للبحوث  (1099) استئجار الأرض بما يزرع فيها (في معنى البناء والتشغيل ونقل الملكية ( لم ينشر)؛ أنظر ، الأم ، الجزء الرابع ، ص 22 ، باب كراء الأرض البيضاء.ثص

(4)    أنظر حاشية ابن عابدين ج (4) ص (391) ؛ مصطفى الزرقاء ، نظرية الالتزام ، ص 48-49؛ مصطفى الزرقاء ، المدخل لنظرية الخزانة العامة في الفقه الإسلامي ؛ الوقف في الفقه الإسلامي ، حسن عبدالله الأمين، المرجع السابق ص 134 ؛ مصطفى  الزرقاء المرجع السابق ص 193.

(1)   أنظر حسن عبدالله الأمين ، المرجع السابق ص 134-135

(2)    أنظر : الزرقاء نظرية الالتزام ص 51 ؛ شرح مجلة الأحكام العدلية رستم باز ص 247-248.